المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلسلة صحيح السيرة لِلْشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق الْحُوَيْنِي حفظه الله



أهــل الحـديث
23-12-2011, 04:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم


سلسلة السيرة الصحيحة للشيخ أبي إسحاق الحويني حفظه الله


الدرس[1]

إنَّ الحمد لله نحمده َ وَنَسْتَعِيْنُ بِهِ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوْذُ بِاللَّهِ تَعَالَىْ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِىَ الْلَّهُ تَعَالَىْ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِىَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَا الَلّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ، (آل عمران: 102)﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾( النساء:1).
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾(الأحزاب: 70،71 )
أَمَّا بَعْــــدُ .........
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيْثِ كِتَابُ الْلَّهِ تَعَالَي وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّيْ الْلَّهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَسَلَّمَ ، وَشَرِّ الْأُمُورَ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدَعِهِ وَكُلْ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِيْ الْنَّارِ الْلَّهُمَّ صَلّىِ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِ مُحَمِّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَىَ إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَىَ آَلِ إِبْرَاهِيْمَ فِيْ الْعَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ ، وَبَارِكْ عَلَىَ مُحَمَّدٍ وَعَلَىَ آَلِ مُحَمِّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَىَ إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَىَ آَلِ إِبْرَاهِيْمَ فِيْ الْعَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ
وأقول أيضًا صحيح، لأن السيرة النبوية شأنها شأن الأشياء التي نقلت إلينا عن طريق الأسانيد، ودخل فيها كثير من الأشياء التي تحتاج إلى تمحيص، فدخول الأحاديث الضعيفة، أو الأحداث التي لا أصل لها في السيرة النبوية، كدخول الأحاديث الضعيفة في وسط الأحاديث النبوية، فمثلا اشتهر بين الناس أن النبي عليه الصلاة والسلام لما ذهب ودخل الغار أن فيه شجرة نبتت، وفيه حمامتين باضوا فعلا هذا موجود بالأسانيد بالسيرة ولكن غير صحيح.
لم يصح إسناد لحكاية الحمامتين ولا لحكاية الشجرة التي نبتت مع أنها مشتهرة جدًا ويتداولها الواعظون والكتاب إذا تناولوا هجرة النبي r، إلى غير ذلك من الأحداث التي نريد أن نجليها حتى نقف على حقيقة انتشار الدعوة الإسلامية ولما نجحت الدعوة الإسلامية في حياة النبي r.
فإذا علمنا ذلك زال كثير من التخبط الذي يعيش فيه الشباب الذين يتناسون حقيقة انتشار الدعوة الإسلامية، فيريد على حد قول بعضهم: نريد أن نبدأ من حيث انتهى النبي r، وهذا قول شنيع لو تدبره قائله؛ لأنه قد يؤول به إلى الكفر، هذا القول قد يؤل به إلى الكفر لكنه يقول ذلك جهلا منه؛ لأن معنى أن يبدأ من حيث انتهى كأن الرسالة ما تمت، فهو سيكمل المسيرة فكأن المسألة ممتدة لا نهاية لها، ولم تتم وهذا خطأ لو علمه قائله ما تكلم به.
إنما حياة النبي r منذ أن بعثه الله U حتى التحق بالرفيق الأعلى حياة يمكن أن تبدأ في كل عصر، يعني لو عاش الإنسان في بيئة جاهلة، أو لو عاش في بيئة كافرة، كأن يعيش مثلا في دولة من دول الكفر التي تمارس أشياء أفظع مما كان يمارسه أهل الجاهلية الحضارة الحديثة يفعلون أشياء العرب الجاهليون كانوا يأنفون أن تتردى بهم الحال إلى مثل ما تردى به أولئك الذين يتشدقون بالمدنية، فلم تكن مثلا تجد في العرب اللواط، اللواط هذا وهو أن يأتي الرجل الرجل، هذا ما كنت تراه في العرب لما جبلوا عليه من الأنفة والعز.
وإن كانت هذه الأنفة كانت تؤدي إلى كثير من البلايا والمصائب لكنها الحقيقة رفعت العرب إلى منزلة عظيمة، وكان هذا أحد الأسباب التي شرفها الله U بأن أنزل عليها خاتمة الرسالات النبوية، فترى هنا في الحضارة هذه: لو أن رجلا مثلا ذهب إلى بلد من بلاد الكفر، كيف يمكن له أن يدعو الناس إلى الإسلام؟
لابد أن يبدأ كما بدأ النبي r، أن يبدأ بتعليمهم التوحيد، وهذا هو أس الأمر ثم بعد أن يجد منهم جلدًا وبدءوا يتجاوبون معه، يمكن أن يفرض عليهم شيئا، وهذا صريح جلي في حديث إرسال معاذ كما في الصحيحين قال: «أنك تأتي قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه: أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم وإياك وكرائم أموالهم واتقي دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب».
فأنت تنظر وهؤلاء قوم أهل كتاب، بخلاف الجاهلية الأولى الجاهلية الأولى كانوا على دين إبراهيم u، العرب القدماء كانوا على دين إبراهيم u، ولم يكن يعرف في جزيرة العرب آنذاك لا اليهودية ولا النصرانية، لم تكن تُعرف في جزيرة العرب، وإنما كانت موجودة في أطراف اليمن آنذاك وبدءوا دخول الجزيرة العربية بعد ذلك، فكان العرب على دين إبراهيم u، حتى جاء عمرو بن لحي لعنه الله.
أول من بحر البحيرة وسيب السوائب ووضع الأصنام في مكة، عمرو بن لحي لعنه الله وكان رجلا مشهورًا عندهم بصلة الرحم ومشهورا بعتق الرقاب وبالصدقة وكانوا يعتبرونه من كبار العلماء والأولياء، حتى رحل عمرو بن لحي هذا إلى الشام، والشام هي مهد الرسالات السماوية، فلما ذهب إلى الشام وجدهم يعبدون الأصنام فاستحسن ذلك جدًا، ولأن هذه مهد الرسالات فتصور أن هذا من القربات التي يمكن أن ينقلها إلى جزيرة العرب، فهو أول من غير دين إبراهيم u في جزيرة العرب: عمرو بن لحي لعنه الله فاصطحب معه من الشام هُبل،ووضعه في جوف الكعبة وصار بعد ذلك مناة، ثم جاءوا بعد ذلك باللات، ثم جاءوا بعد ذلك بالعزى، وصارت هذه هي الأصنام الرئيسية بالنسبة لأهل مكة.
جزاء عمر بن لحي:فأول من غير دين إبراهيم وغير جزيرة العرب وأدخل الأصنام فيها هو عمرو بن لحي، فما كان جزاءه وعاقبته، قال النبي r كما في صحيح البخاري «لقد رأيت عمرو بن لحي يجر قُصبه في النار» القُصب: الأمعاء، «يجر قُصبه في النار فهو أول من بدل دين إبراهيم وبحر البحيرة وسيب السوائب».
المراد بالبحيرة: ذبيحة يذبحونها لطواغيتهم، وكذلك بالنسبة للسوائب إذا ولدت الناقة عشرة بطون إناث فإنهم يسيبونها لألهتهم فلا يركبونها ولا يستخدمونها ولا ترد من حمى، وكذلك المراد بالوصيلة والحام:، الوصيلة إذا ولدت الناقة أنثيين وراء بعضهم، فوصلت أنثى بأنثى فهذه لا يركبونها وينذرونها لألهتهم وكذلك الحام و هو الفحل من البقر أو من الجاموس، إذا ولدت فحلا فينذرونه لألهتهم فلا يُركب ولا يُرد من مرعى ولا يستطيع أحد أن يناله بأذى.
لذلك قال الله U: ﴿مَا جَعَلَ اللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾ [المائدة: 103]، ويقولون أن هذا مما أمرهم الله U به لألهتهم،.
تلبية الجاهليين :لم يقتصر الأمر على ذلك بل بنو بيوتًا تشبه الكعبة وجعلوا لها سدنة، وكانوا يطوفون بها يقولون: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إلا شريكا ملكته وما ملك،مثل هذا،فهذا كان تلبية الجاهليين حول هذه الأشياء التي صنعوها تشبه الكعبة إذن لو أردنا أن نلقي ضوء على الجزيرة العربية قبل دخول الإسلام لأن هذا مهم جدًا، حتى تعرف كيف غير الإسلام هؤلاء الأجلاف، الحرب بين الأوس والخزرج ظلت أربعين سنة لأجل خلاف تافه بينهم، أربعين سنة مات فيه ألوف مؤلفة لما تنظر إلى الأوس والخزرج بعد أن دخلا في الإسلام لا تتصور أن هؤلاء هم الذين تقاتلوا قبل ذلك، كيف تحول هذا العربي الجاهلي بالإسلام وصار إنسانًا يقود الناس ولا يُقاد بعد إن كان جلفًا غبيًا لا يعرف شيئا ولا يهتدي إلى شيء.
فالحاصل بالنسبة للديانات الموجودة كان عبادة الأصنام وقلنا أن عمرو بن لحي هو الذي بدل دين إبراهيم، وأن اليهودية والنصرانية لم يكن لها وجود يؤثر في جزيرة العرب آنذاك،.