المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشيخ عماد عفت إليك كلمة محب



أهــل الحـديث
20-12-2011, 11:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



كلمة محب عن الشهيد العابد عماد عفت

الحمد لله المحيي المميت، يجتبي إليه من يشاء ويصطفي، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وعلى آله الطاهرين وصحابته أجمعين.
أما بعد؛ فإنه وإنْ تصدعت القلوب، وجرت بالدمع المآقي والدروب، فلا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد انكسر قلبي، وتهدمت أركاني، وارتجف لساني، وناشدت رجلي الوقوف، فأبت إلا الجثو.
حزنٌ مُذهِل، وهمٌّ مُشغِل، وعقلٌ ذاهب، ودمعٌ لا يرقأ.
حبيبنا الشهيد عماد:


سَأبْكيك مَا فَاضتْ دُمُوع فَإِنْ تَغِضْ فَحَسْبُكَ مِنِّي ما تُجِنُّ الْجَوانِحُ



فَما أنَا مِنْ رُزْءٍ وَإنْ جَلَّ جَازِعٌ وَلاَ بِسُرُورٍ بَعْدَ مَوْتِكَ فَارحُ



لَئِنْ حَسُنَتْ فيكَ الْمَرَاثِي وَذِكْرُهَا لَقَدْ حَسُنَتْ مِنْ قَبْلُ فِيكَ الْمَدَائحُ

إخوتي، سأشهد بما رأيتُ، وأحكي ما علمتُ:
كنت إذا قرأت سيرة عالم أو عابد من سلفنا الصالح حاولت أن أتمثله أمام عيني: ملامح وجهه، وهيئة لباسه، ومشيته وجلوسه ... ومنذ اثنين وعشرين عاما دخلت أحد المساجد فوقعت عيناي على الشيخ عماد ـ رحمه الله ـ وهو يصلي، فلم أستطع أن أصرف نظري عنه لحسن سمته وخشوع صلاته، وإخباته وتذلله وتمسكنه بين يدي رب العالمين، فتعجبت جدا، وليس عجبي مما رأيت، ولكنه من توافق رؤيتي للشيخ عماد ـ رحمه الله ـ مع الصورة الذهنية التي رسمتها للإمام العابد محمد بن واسع.
الله أكبر، إنه هو، محمد بن واسع، كأنه من الخشوع ثكلى، لقد تعلق قلبي به، وأيقنت أن مراقبة سمته وهديه ستعينني على طاعة الله وعبادته، وكيف لا وقد قال جعفر بن سليمان: ( كنت إذا وجدت من قلبي قسوة غدوت فنظرت إلى وجه محمد بن واسع)
رأيت الشيخ عماد ـ رحمه الله ـ دائم الابتهال والتضرع، لا يفتر لسانه عن ذكر الله، يكلم ربه في الصلاة بالقرآن.
وكلما رأيته أو سمعت صوته الخاشع ازداد تعلقي به، وكنت أبلغ من العمر حينئذ سبعة عشر عاما، فرأيت رؤيا فرحت بها فرحا شديدا؛ لأنها جمعتني به، وهي:
أنه كان يمشي مسرعا وأنا أمسك بقميصه وأمشي مسرعا مثله ولا أفلته، ثم توقف وتوضأ وتوضأت، ثم أسرع في مشيته وأنا أتشبث بقميصه وأسرع مثله وأقول له: (مش هسيبك).
فذهبت إليه وقصصت عليه الرؤيا فنظر إليَّ وتبسم، ولم يزد على ذلك، وكنت كلما ذكَّرته بهذه الرؤيا تبسم.
ولا أدري ما تأويلها؟ أتعاجلني المنية سريعا بعده؟ أم أنني سأسير على دربه وأخطو خطوه في العمل الصالح؟ لا أدري؟!!! والله المستعان
إخوتي، إن أخي وحبيبي عماد:



سَهْلُ الْفِنَاءِ إذَا حَلَلْتَ بِبَابِهِ طَلْقُ الْيَدَيْنِ مُؤَدَّبُ الْخُدَّامِ



وَإذا رَأيْتَ صَديقَه وَشَقيقَهُ لَمْ تَدْرِ أيُّهُما ذَوُو الأَرْحامِ

ما أجمل أعواما قضيناه في رحاب الأزهر! أمام شيخنا فضيلة مفتي الديار المصرية علي جمعة، أعواما أجلس عن يساره أمام الشيخ مباشرة، وإذا تأخرت يترك مكاني فارغا من أجلي، ويحضر كتبي (تشنيف المسامع) و (وتمهيد الإسنوي) و (أشباه السيوطي)، فهو متواضع سمح هين لين، كأنني أراه في الدرس فهما حذقا لبقا، لا يلحن في كلامه ولا أفعاله، والله حسيبه ولا أزكيه على الله.
ولما سافرت إلى الإمارات تعاهد أمي بالاتصال هاتفيا ليطمئن على أحوالها، ولا تمر مناسبة أو عيد إلا ويهنئها ويسأل عن أحوالها.
وكثيرا ما كان يتصل بي هاتفيا أو عبر البريد الإلكتروني ليستشيرني في مسألة فقهية أو في أمر من أمور العمل، وأنا أصغر منه سنا ومقاما، وأقل منه فهما وعلما.
لقد تزاحمت العبرات والآهات الآن ولم أستطيع أن أسرد كل ما أعلمه من مواقفه النبيلة، ومناقبه الشريفة. وسأفعل إن شاء الله.
فأسأل الله تعالى يدخله جنته ويرحمه رحمة واسعة، وأن يشفعه فينا ويرحمنا به وبشفاعة الشهداء والصالحين.


وكتب/ د.عادل فتحي رياض (عادل القاري)