المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عدالة الصحابة رضوان الله عليهم



أهــل الحـديث
20-12-2011, 07:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإيمان للهدى، ونكث في قلوب أهل الطغيان فلا تعي الحكمة أبدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلها أحدا، فردا صمداً، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ما أعظمه عبدا وسيدا، وأكرمه أصلا ومحتدا، وأطهره مضجعا ومولدا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه بيوت الندى، وليوث العدا، صلاة وسلاما دائمين من اليوم الى أن يبعث الناس غدا، وبعد:
يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه فاعرفوا لهم حقهم وفضلهم فقد كانوا على الهدى المستقيم".
وكمحاولة لمعرفة حق أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم وتقيدرهم حق قدرهم كان بحثي هذا في جانب مهم من ذلكم ألا وهو عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين،وجعلته بعنوان:


" عدالة الصحابة رضي الله عنهم"


وقبل أن أدخل في صلب الموضوع لا بأس من إطلالة يسيرة على تعريف شقي العنوان وهما : العدالة الصحابة.
تعريف العدالة- الصحابة:
* اما العدالة فقد تعددت تعاريف الإئمة لها ،قال السيوطي رحمه الله: "العدالة حدها الأصحاب بأنها ملكة أي: هيئة راسخة في النفس تمنع من اقتراف كبيرة أو صغيرة دالة على الخسة أو مباح يخل بالمروءة

قال الخطيب البغدادي رحمه الله في تعريف من اتصف بالعدالة: "العدل هو من عرف بأداء فرائضه ولزوم ما أمر به وتوقي ما نهى عنه، وتجنب الفواحش المسقطة وتحري الحق والواجب في أفعاله ومعاملته والتوقي في لفظه مما يثلم الدين والمروءة "
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "المراد بالعدل من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة، والمراد بالتقوى: اجتناب الأعمال السيئة من شرك أو فسق أو بدعة"
ولم تتحقق العدالة في أحد تحققها في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجميعهم رضي الله عنهم عدول تحققت فيهم صفة العدالة ومن صدر منه ما على خلاف ذلك كالوقوع في معصية فسرعان مايحصل منه التوجه الى الله تعالى بالتوبة النصوح الماحية التي تحقق رجوعه وتغسل حوبته فرضي الله عنهم أجمعين.

* واما تعريف الصحابة فقد قال الحافظ ابن حجر رجمه الله : الصحابي هو مَن لَقِيَ النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، ومات على الإسلام، ولو تَخَلَّلتْ رِدَّةٌفي الأصح .
ثم قال :والمرادُ باللِّقاءِ ما هُو أعمُّ مِن المُجالَسَةِ والمُماشاةِ ووصولِ أَحدِهِما إِلى الآخَرِ، وإِنْ لم يكالِمْهُ، ويَدْخُل فيهِ رؤيةُ أحدِهما الآخَرَ، سواءٌ كانَ ذلك بنفْسِهِ أم بغيرِهِ.
والتعبير باللُّقيِّ أَولى مِن قولِ بعضِهم: الصحابيُّ مَنْ رأَى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه يُخْرِج ابنَ أُمِّ مكتومٍ، ونحوَه مِن العُمْيان، وهُمْ صحابةٌ بلا تردُّدٍ.اهـ

والطريق إلى معرفة كون الشخص صحابيّاً،أمور أربعة قد أشار إليها الحافظ ابن حجر وغيره من الإئمة رحمهم الله وهي كالتالي:
1 : أن يثبت بطريق التواتر أنه صحابي. ، كالخلفاء الراشدين الأربعة.
2 : ان بستفض ذلك ويشتهر. كضمام بن ثعلبة، عُكَّاشة بن مِحْصن.
3 : أن يُرْوى عن أحد من الصحابة أن فلاناً له صحبة مثلاً، وكذا عن آحاد التابعين، بناء على قبول التزكية من واحد، وهو الراجح

4 : أن يقول هو عن نفسه إنه صحابي ، وذلك بشرطين: ثبوت العدالة _ ثبوت المعاصرة
وتعتبر المعاصرة بمضي مائة سنة من وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، لقوله في آخر عمره لأصحابه كما في حديث ابن عمررضي اله عنهما عند البخاري ومسلم: "أَرَأَيْتَكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ فَإِنَّ رَأْسَ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْهَا لا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِمَّنْ هُوَ اليَوْمَ عَلَيها أَحَدٌ".
وزاد مسلم من حديث جابر أن ذلك كان قبل موته صلى الله عليه وسلم بشهر، ولفظه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر: "أُقْسِمُ بِاللَّهِ مَا عَلَى الأَرْضِ مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ اليَومَ يَأْتِي عَلَيْهَا مِائَةُ سَنَةٍ وهِيَ حَيَّةٌ يَومئِذٍ".

ولهذه النكتة لم يصدّق الأئمة أحداً ادعى الصحبة بعد الغاية المذكورة، وقد ادعاها جماعة فكُذّبوا، وكان آخرهم رَتَن الهندي..".(ينظرفي الإصابة :1/9) وغيرها...
ثم إن الصحابة رضوان الله عليهم طبقات كما دل على ذلك قوله تعالىﭽ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊﰋ ﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﰐ ﭼالحديد: ١٠وهذا باعتبار سبقهم إلى الإسلام والهجرة وشهودهم المشاهد الفاضلة,أما من حيث اشتراكهم في شرف الصحبة, فإنهم طبقة واحدة رضي الله عنهم أجمعين ،والمشهور مما ذكره العلماء في عد طبقاتهم ما ذهب اليه الحاكم رحمه الله حيث جعلهم اثنتي عشرة طبقةوهم كالتالي:
1 _ قوم تقدم إسلامهم بمكة كالخلفاء الأربعة.
2- الصحابة الذين أسلموا قبل تشاور أهل مكة في دار الندوة.
3- مهاجرة الحبشة.
4- أصحاب العقبة الأولى.
5- أصحاب العقبة الثانية وأكثرهم من الأنصار.
6- أول المهاجرين الذين وصلوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- بقباء قبل أن يدخل المدينة.
7- أهل بدر.
8- الذين هاجروا بين بدر والحديبية.
9- أهل بيعة الرضوان في الحديبية.
10- من هاجر بين الحديبية وفتح مكة كخالد بن الوليد وعمرو بن العاص.
11- مسلمة الفتح الذين أسلموا في فتح مكة.
12- صبيان وأطفال رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح وفي حجة الوداع وغيرهما.

(ينظرفي معرفة علوم الحديث للحاكم: 22-24).



عدالة الصحابة ثابتة بالكتاب والسنةوالإجماع:
لقد اختص الله سبحانه وتعالى الصحابة رضي الله عنهم بخصيصة ليست لطبقة من الناس غير طبقتهم، وهي أنهم لا يُسأل عن عدالة أحد منهم، فهم جميعهم عدول ثبتت عدالتهم بأقوى ما تثبت به عدالة أحد، فقد ثبتت بالكتاب والسنةوالإجماع:
*أما الكتاب فإن الله تعالى أثنى على أصحاب نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأخبر أنه رضي عنهم ورضوا عنه، وذكرهم في آيات من كتابه، ﭧ ﭨ ﭿ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭾالتوبة: ١٠٠،
و ﭧ ﭨ ‏‏ ﭿ ﭑ ﭒ ﭓﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﭾالفتح: ٢٩
و ﭧ‏ ﭨ ﭿ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﭾالفتح: ـ ١٨
* وأما السنة فقد قال صلى الله عليه وسلم ‏:‏ "‏لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده، لو أن أحدكم أنفق مثل أحُدٍ ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نَصِيفه‏".‏
وفي صحيح مسلم من حديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبن النجوم أتى السماء ما توعد. وأنا أمنة لأصحابي. فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون. وأصحابي أمنة لأمتي. فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون".
وفيه أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال "يأتي على الناس زمان. يغزو فئام من الناس. فيقال لهم: فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس. فيقال لهم: فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم. ثم يغزو فئام من الناس. فيقال لهم: هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم. فيفتح لهم".
وقال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة‏)‏‏.‏
وكان أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه آخر الخلفاء الراشدين المهديين ـ
* وأما الإجماع فقد قال ابن حجر العسقلاني: "اتفق أهل السنة على أن جميع الصحابة عدول، ولم يخالف في ذلك إلا شرذمة من المبتدعة". انظر الإصابة في تمييز الصحابة 1/9.
وقال الخطيب البغدادي: "عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم، وإخباره عن طهارتهم، واختياره لهم في نص القرآن، فمن ذلك قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} انظر الكفاية في علم الرواية ص93.

وقال ابن كثير: «والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة لما أثنى الله عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم، وما بذلوه من الأموال والأرواح بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغبة فيما عند الله، من الثواب الجزيل، والجزاء الجميل»الباعث الحثيث ص154
وقد اتفق أهل السنة والجماعة على ما تواتر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال‏:‏ خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، ثم عمر ـ رضي الله عنهما‏.‏ واتفق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة عثمان بعد عمر ـ رضي الله عنهما ـ
فظهر بهذا اتفاق العلماء المعنيين بنقد الرجال والنظر في أحوالهم على عدالة الصحابة، وأنه لا يسأل عن عدالتهم ولم يخالف في ذلك أحد ممن يعتد بقوله: بل لم يخالف في ذلك إلا متهم في دينه من أهل البدع والزندقة.

لاينتقص الصحابة إلا زنديق:

لقد ذكر العلماء قديماً أن الطعن في أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علامة أهل البدع والزنادقة، الذين يريدون إبطال الشريعة بجرح رواتها.
قال أبو زرعة: "إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم أولى، وهم زنادقة" (رواه الخطيب في الكفاية ص49).
وروى مسلم في مقدمة صحيحه عن علي بن شقيق قال :سمعت عبد الله بن المبارك يقول على رءوس الناس :"دعوا حديث عمروا بن ثابت فإنه كان يسب السلف" (مقدمة مسلم :1/16) وعمروا بن ثابت هذا هو ابن هرمز البكري.
وقال يحيى بن معين في تليد بن سليمان المحاربي :"كذاب كان يشتم عثمان بن عفان وكل من شتم عثمان أو طلحة أوأحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دجالٌ لا يكتب عنه ،وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" (تهذيب التهذيب :1/509)
وقال أبو العرب المغربيُ:"من لم يحب الصحابة فليس بثقة ولا كرامة". (هدي الساري :389)
وروى ابن بطة رحمه الله في كتابه (الشرح والإبانة ص:169 ) عن علي رضي الله عنه قال :"تفترق هذه الأمة على نيف وسبعين فرقة شرها فرقة تنتحل حبنا وتخالف أمرنا".
وقبل هذا كله جاء النهي الصريح من سيد البشرية صلى الله عليه وسلم عن سب أصحابه رضوان الله عليهم حيث قال: "‏لا تسبوا أصحابي..." وقال في شأن أبي بكر الصديق رضي الله عنه :"فهل أنتم تاركوا لي صاحبي".
فاللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربنا إلى حبك ، ووفقنا اللهم لحب نبيك صلى الله عليه وسلم وحب أصحابه الكرام ،واحشرنا معهم يا ذ الجلال والإكرام ،ﭽ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭼ

وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.