المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إقتصاديات الاسرة المسلمة



أهــل الحـديث
17-12-2011, 08:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



إقتصاديات الاسرة المسلمة

الاسرة نواة المجتمع ، إذا صلحت صلح المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع ، وكذلك إذا عاشت برفاه اقتصادي عاش المجتمع كذلك ، وكل مايصيبها ينعكس على المجتمع ، واقتصاد المنزل يشمل النفقات على الاكل والسكن والشرب والطعام والتعليم وإدارة المنزل ، ودخل الاسرة وادخارها ، ويهدف اقتصاد المنزل الاسلامي الذي يتقيد بقواعد الاسلام والحلال والحرام إلى تربية أفراد الأسرة تربية إسلامية وغرس المبادئ والقيم الإسلامية السمحة في أذهان وعقول الناشئة .

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

ويرتبط الاقتصاد المنزلي بالاقتصاد الوطني الذي هو جزئية منه فإذا ما كانت الاسرة تقوم على سياسة التوسع في الانفاق أكثر من دخلها أثر ذلك عليها وعلى اقتصاد المجتمع بشكل عام ، والاسرة التي تساهم من خلال اتباع طرق تصنيع الأطعمة وحفظها والتصنيع البيتي لملابس الأسرة والذي يعمل بدوره على تقليل المنفق على الملابس، زاد دخلها ودخل المجتمع بشكل عام ، ودراية الفرد باقتصاديات الأسرة ومواردها البشرية والمالية والتخطيط السليم للإنفاق يؤثّر بدوره على الاقتصاد الوطني ، والاقتصاد المنزلي الجيد هو القائم على الانتفاع بالمواد المتاحة إلى أقصى حد ممكن وبطريقة سليمة ، والأسرة التي تهتم بتخطيط أسلوب حياتها ، وفق إمكاناتها وتتبع نظام الإنفاق السليم القائم على توزيع الدخل قدر الإمكان على أبواب الإنفاق تحقق أهدافها.



وإذا أردنا للاقتصاد المنزلي النجاح وتحقيق غاياته وأهدافه لابد من اتباع المقومات التالية :



1: إيمان أفراد الاسرة بأن المال مال الله ، وأنهم مستخلفون فيه ، يقول سبحانه وتعالى " آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ "[i] ، والايمان بأن الله فَضَّل بعض الناس على بعض في الرزق، يقول تعالى " وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ "[ii]



2: ترتيب أولويات الإنفاق في حدود الدخل ، فيكون الاهتمام بالضروريات ثم الكماليات مع الوضع في الحسابات الادخار للضرورة وما يستجد مما لايمكن توقعه، فقد يحتاج البيت لهذا الفائض بعد ذلك، وخاصة في حالات الشدة والضيق ، والتقليل من شراء الكماليات والاكتفاء بالضروريات ، وهذا مرتبط بالنهج الاستهلاكي الذي يسود المجتمع ، فهنالك مجتمعات مستهلكة للكماليات أكثر من الضروريات ، فمثلا نجد شابا يحمل هاتفا نقالا من أغلى الانواع وليس معه ثمن أجرة الباص أو المواصلات ، أو عائلة مكونة من ثمانية أشخاص لديهم في المنزل هواتف خلوية مشحونة بتكلفة تقدر بمبلغ وقدره وليس لديها ثمنا للخبز .



3: تلعب ربة المنزل دوراً مهماً في إقتصاديات المنزل من خلال إدارتها الحكيمة لشؤون المنزل وتدبير مصروفاته وصحة أفراده ، وصولا إلى تحقيق الرفاه والسعادة لأفراد الاسرة كون الناحية المادية من حيث تقدير دخل الأسرة وتنظيم ميزانيتها، وتوفير جميع حاجات ومتطلبات الأسرة ، كتأمين الملبس والمسكن المريح عنصر مهم في الراحة والاستقرار ، وربة المنزل الواعية هي التي توزع ميزانية الأسرة على الأبواب اللازمة للإنفاق ، لذا ينبغي وضع ميزانية محكمة للأسرة، تضبط النفقات وتحدد الإيرادات وأوجه الصرف، مع المراقبة الدقيقة لهذه الميزانية.



4: ويجب التأكيد على أهمية التخطيط وفوائده في اقتصاديات الاسرة من حيث توفير الجهد والوقت والمال عند القيام بزيارة تسوقية للمولات ، فمثلا إذ خطط الزوج أو الزوجة وسجل الحاجيات التي يرغب في شرائها وذهب الى المحل التجاري فإنه يذهب الى مكان وجود هذه السلع ويشتريها بجهد أقل ووقت أقل ، أما إذا لم يخطط أو تخطط وذهبوا الى المحل التجاري فتبدأ من بداية المحل وتتوقف عند كل سلعة فتقضي الوقت الطويل وتبذل الجهد الكثير وربما تشتري سلعا لم تكن على قائمتها وليست من الضرورة بمكان مما يزيد الانفاق في ميزانية الاسرة ، لذلك يعتبر التخطيط هو الخطوة الأولى في العملية الإدارية والخطة هي تصور لبعض الأعمال المستقبلية، وهي مرحلة تسبق أي عمل من الأعمال ، وغياب التخطيط مدخل للمشاكل والارباك للاسرة ، وكذلك تستطيع العائلة أن تجتمع وتبين الايرادات وما هو المطلوب في هذا الشهر وتناقش السلع والخدمات المطروحة للشراء والمفاضلة بينها وترحيل ما يمكن ترحيله الى الشهر القادم .



5: أهمية مشاركة جميع أفراد الاسرة في صياغة اقتصاديات الاسرة وإدارة شؤونها، وخاصة في مرحلة مناقشة المشكلات المتوقعة والرغبات المطلوبة والمفاضلة بين الأهداف المطروحة على ضوء الموارد المتاحة ، وتكمن أهمية المشاركة في تحقيق الرفاه والاستقرار الاقتصادي للاسرة ، إضافة إلى تقوية الروابط الأسرية، وصياغة شخصيات فردية ذات مسؤولية عالية وذات تخطيط وتفكير سديد.



6: يسهم الاقتصاد المنزلي في صناعة دراسة السوق وصولا الى الاسهام في مسيرة التنمية بشكل أكثر إيجابية، وسبيله في ذلك هو رفع مستوى الكفاية الإنتاجية عن طريق الاستفادة من عناصر الإنتاج المتاحة ، إذ يعد السوق بمثابة المقياس الفعلي لتحديد مدى كفاءة العملية الإنتاجية ، فدراسة السوق بغية التعرف على نوع المنتج المناسب لفئات المستهلكين تُعد مدخلاً علمياً لازماً لاتخاذ القرارات السليمة المتعلقة بالإنتاج والاستثمار، وحيث إن تفهم سلوك المستهلك الذي يؤثر على نوع حاجاته ورغباته، يُعد نقطة البدء في أي تخطيط اقتصادي ، فإن الحاجة ماسة لإجراء البحوث والدراسات الهادفة للتعرّف على احتياجات ومطالب المستهلكين، من أجل تقديم السلعة والخدمة المطلوبة في الوقت والمكان المناسبين، وبالسعر والجودة العالية.



7: عملية الشراء ليست بالسهولة التي يتوقعها البعض وإنما تحتاج إلى تفكير ودراية، وتعتمد على عناصر أخرى مثل كمية النقود المرصودة للشراء ، ونوعية وأشكال السلع المراد شراؤها ، والأماكن والاسواق التي ترغب بشراء الحاجيات منها ، والتفكير في تخزين هذه السلع ومدى ملائمتها للتخزين ، فهذه قرارات تؤثّر على أفراد الأسرة ، لذا لا بد من التفكير العميق والخبرة والمقارنة بين الأثمان والأنواع ، ليكون قرار الشراء صائباً حكيماً ، لذلك كأن أول ما ينبغي مراعاته عند عملية الشراء هو شراء الكميات اللازمة فقط وعدم الشراء أكثر من الحاجة ، تجنبا لتلف ما يزيد عن الحاجة ، والشراء من المحلات النظيفة التي تتبع التعليمات الصحية في العرض والتغليف والبيع.



8: تلعب تربية الطفل على التعامل مع المال دورا مهما في المشاركة باقتصاديات المنزل ، فالطفل الذي جبل على حب التملك يرغب في تملك النقود ، ولكن هنا يأتي دور الوالد والوالدة في تعليم وتربية الابن على الاسراف أو التوفير والتحكم في كمية النقود التي تعطى لهم حسب احتياجاتهم ومتوافقة مع سن الطفل ، وتعطى له بانتظام، مع مراقبة سلوكه في التعامل مع النقود ، كي لايتعود على نمط معيشي معين لا يستطيع أن يواصله في المستقبل ، ولا يكون سببا في إفساد الطفل ودفعه الى السلوكيات الخاطئة ، وحتى يتكوّن لديه نمط جيد فـي ادراك قيمة النقود والتعامل معها ، ويجـب منح الطفل الفرصة للمشاركة في التسوق الخاص بحاجياته ، ليدرك أن السلع المختلفة لها أسعار مختلفة ، وأن السلعة الواحدة قد تكون لها أسعار متباينة ، علماً بأن كثيراً من الأطفال تعاملوا بالشراء منذ نعومة أظفارهم عند شراء هدية لصديق ، أو شراء سلعة نفدت من البيت من المتجر القريب أو شراء الحلوى من المدرسة ، ويجب التأكيد على أهمية القدوة السليمة للأطفال في مجال البيع والشراء ، مما يساعد على سرعة التعلّم وغرس العادات والقيم واتجاهات الاستهلاك ومفاهيم ترشيد الاستهلاك وحُسن التعامل مع النقود.



9: يتوقف على ربة المنزل الواعية المسلمة أن تكون أول من يحافظ على ميزانية الأسرة، وتحاول الاقتصاد في المصروفات والاعتدال في النفقات وفق مادعت إليه الآيات القرآنية الكريمة والسنة النبوية الشريفة ، والمستهلك الرشيد هو المستهلك الذي يراعي مبدأ الرشد والعقلانية والاعتدال في أكله ومشربه وملبسه ومنزله وسيارته وأثاثه، واستخدامه للكهرباء والمياه، حماية لنفسه ولأسرته ولمستقبلهما ، وهو الذي يراعي قرارات الشراء والاستهلاك ، بحيث تكون في الوقت المناسب وللحاجة المطلوبة ومن المكان المناسب وبالسعر المناسب وبالجودة المطلوبة وبالقدر اللازم والحجم المناسب والنوعية المطلوبة ، عندها يمكن أن يتحقق الرشد الاقتصادي والعقلانية الحكيمة ، ولا يقع فريسة للتلاعب والاستغلال، والانسياق خلف الإسراف والتبذير، ولا تتعرض سلعه وبضائعه للكساد والتلف والفساد.



10: أهمية وضرورة تقيد أفراد الاسرة بالميزانية التي وضعت ، فلا تتجاوز بنودها حتي لا تكون حياة الأسرة فوضي غير مرتبة ، وبشيء بسيط من الدقة والانضباط ستحقق العائلة النجاح والسعادة .



11: ضرورة تكليف أحد أفراد الاسرة تكون مهمته مراقبة المصروفات ومتابعة الإيرادات للأسرة ، وألا تكون المسألة عائمة وضائعة .



12: أهمية التوثيق والكتابة فلا بد من كتابة كل دخل الأسرة من الإيرادات ، وكتابة ما يصرفه الزوجان يوما بيوم من مطعم ومشروب ومصروفات أخرى ، ولا مانع من استعمال دفتراً خاصاً للحسابات الأسرية ولكن ليس بطريقة محاسبة الشركات والمؤسسات .



13: الادخار هو صمام الأمان لكل أسرة ، والادخار هو العاصم بعد الله عز وجل في كثير من الأزمات ، والسبيل لتلبية أي طلب جديد ، ورفع مستوى دخل الأسرة المادي الذي لن يتم إلا من خلال الادخار ومحاولة استثمار هذا المال المدخر بصورة ما ، والاستعداد لأية حالة غير عادية أو غير متوقعة ، كسفر ونـحوه ، أو قدوم مولود جديد .



15: الحرص على الميزانية من خلال ترشيد الاستهلاك وذلك بمراعاة التوقيت المناسب لشراء السلع ؛ فهناك بعض المواسم التي تقل فيها أسعار السلع ، وعدم طبخ كميات كبيرة من الطعام تزيد عن الحاجة، وعدم الإكثار من الأصناف المطهية في الوجبة الواحـدة ، والاستفادة من بواقي الأطعمة، بدلا من التخلص منها ، وأخذ الحيطة والحذر عند تقشير الخضار والفواكه ، وعند إعداد المائدة يوضع عليها طعام قدر الحاجة فقط ، واستعمال الأدوات المنزلية غير القابلة للكسر أثناء العمل في المطبخ ، ويقتصر استعمال الأدوات ذات القيمة على المناسبات ، واستغلال الأشغال اليدوية ، مثل: الخياطة والتفصيل والتطريز ، والإسراع بإصلاح التلف أو القطع في أجزاء الملابس عند حدوثه حتى لا تفسد كلها، كذلك يجب تثبيت الأزرار عند اختلالها؛ حتى توفر ثمن إعادة شرائها ، ومراعاة الطرق الصحيحة في الغسل والكي والتجفيف؛ لأنها تحافظ على الملابس لأطول فترة ممكنة ، واستخدام ملابس الطفل الكبير لأخيه الأصغر منه ؛ توفيرا لثمن الملابس الجديدة ، شريطة عدم إحساس الطفل الصغير بأن ذلك من قبيل التفرقة في المعاملة بين الإخوة مما يسبب الغيرة والعداوة بين الأشقاء ، وترشيد الاستهلاك في الماء والكهرباء والغاز .



16: يتوقع من ميزانية الاسرة المسلمة أن تكون على قدر لأنها تتقيد بالشريعة الاسلامية فلا يوجد في سلة مشتريات الاسرة المسلمة المحرمات كالخمور والدخان وما هو محرم أو يؤدي الى حرام ، إضافة لخلو الميزانية من الاقتراض بالربا مما يجعل رب الاسرة المسلمة يقتصد ويركز على الضروريات دون الكماليات حتى لايضطر الى الوقوع في الربا والحرام .

حقوق النشر محفوظة لموقع "المركز العربي للدراسات والأبحاث"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر

[i] - سورة الحديد الآية رقم 7

[ii] - سورة النحل الآية رقم 71


منقول

http://arabicenter.net/ar/news.php?action=view&id=1539