شهانة ذوق
08-11-2011, 08:45 PM
وصل الخنزير الضخم الى الغابة ، كان يعيش في مكان يطل على هذه الغابة... وكان ينظر الى السماء فيراها أكثر زرقة، والى الارض اكثر خضرة، والى الماء فيراه عذبا زلالا كل شيء في هذه الغابة أروع ... الاكل وفير والنوم مريح والطقس بديع... وصل الخنزير الضخم واستقيلة أهل الغابه بفتور عادي، فلا الدب امتعض، ولا الحصان صهل ، ولا الثور رفس، ولا الطيور هاجت، ولا الدجاجات ماجت، حتى الحمار ظل ساكتا يراقب ولا يفكر. ولكن الاسد أرسل في طلبه حالا، وسألة عن سبب مجيئه، وعن ولائه، فأجاب الخنزير أنة يود العيش في هذه الغابه . لما سمعه عن عدل مليكها ، وأمن أرضها ، وأنه لا يدين بالولاء الا للاسد العظيم ، وها هو الدليل ... وقدم الدليل على للاسد بأن أهداه مجموعة كلاب ضخمة!!
وابتدأت الخنازير الأخرى ترد الغابة تباعا لعلة أرسل في طلبها واحدة بعد الأخرى ، كانت الخنازير من طرف خفي لا يحس بها أحد ، ثم تتوزع في أطراف الغابة تيتكين تحت شجرة أو قرب صخرة أو تنام طول النهار في مغادرة خفية ولا تخرج الا في الليل الاظلم.
وفي يوم من الايام استيقظت الحمامات مبكرة ، وأخذت تطير في سماء الغابة ... كانت تطير أفواجا وتدور لتعود الى مكان انطلاقها ، ثم تعود لتطير وتدور .. وفجأة وقع نظر احدى الحمامات على منظر غريب عجيب لم تره من قبل ... رأت الخنازير وقد اجتمعت في مكان واحد وقد بدا عليها الجد والاهتمام !!
كانت الخنازير مجتمعة لامر هام... فقد تصل اليوم أو الغد دفعة جديدة من الخازير ، وعليهم ان يدبروا أمر مسكنها ومأكلها دون أن يحس بها أحد.
عادت الحمامات الى أوكارها، ولكن تلك الحمامة لم تستطع النوم ولا الهدوء... فلقد أقلقها منظر الخنازير، فعادت بهدوء وعلى انفراد تستطلع الخبر ...
وقفت الحمامة على الشجرة وأخذت تراقب ما يجري، ولما رأت عشرات الخنازير ترد من ذلك المكان وتختبىء في الاماكن المعدة لها، انطلقت مسرعة الى الحصان، وأخبرتة بالامر الخطير... ودون تردد أنطلق الاثنان يطلبان اجتماع الحيوانات مع الملك...
في عرين الاسد عقدت الحيوانات اجتماعا سريغا مع الملك... وكانت الحمامة على رأس المجتمعين.
قال الحصان: سيضيق علينا المكان... قال الحمار: سيقل علينا الاكل... قال الدب: سيضايقون اولادي... قالت الحمامة... الماء لن يكفي... الخنازير تتزايد... ستقوى علينا ولكن الاسد أنهى الاجتماع بشكل حاسم وفوري وقال: لا تهتموا... لا تخافوا... سأحل المشكلة حالا... وفكر قليلا ثم قال بصوت عال وقوي: اعقدوا لي اجتماها منفردا مع الخنزير... لأفهم الامر... ولن يعصي الخنزير لي أمرا
ركض الحمار... وطار النسر عاليا ليخبر الخنزير عن موعد الاجتماع ومكانه. جلس الاسد في مكانه ، ودخل الخنزير وضربت الحراسة على المنطقة بأسرها ... فلا أحد يقترب ولا أحد يستمع ، انقضت ساعة وساعتان ، والحصان والدب والنسر وحتى الحمار واقفون بالباب ينتظرون نتيجة الاجتماع !!
وبعد مدة خرج الاسد ليعلن عن اتفاقية مع الخنزير ، قال: لقد تفهمت المشكلة كلها ... وطلبت من الخنزير ألا يضايقكم أبدا ... ومنعا للازعاج سأفرد له قطعة من الارض يرتع فيها فلا يضايقكم ولا تضايقونه ... وقد طلبت منه أيضا أن لا يحضر مزيدا من الخنازير بعد اليوم أيدا ، وقد اتفقنا على ذلك ...وعلا صوت الحيوانات بالرضى والحبور ... فصفقت الحمامات بأجنحتها ... وصهل الحصان صهيلا عاليا ... ونهق الحمار فتردد نهيقه في أرجاء الغابة ... وضرب الدب الارض بقدمية فرحا بموقف ملك الغابة وعظيمها ...
ولكن الاسد أشار الى الحيوانات بالسكوت وقال : ولكننا اتفقنا على موضوع بسيط أخر ، وهو ريش الحمامة!! ونظر الاسد الى الحمامة نظرة أرعدت فرائصها ، وأهتزلها ريشها ، وألتفتت فرأت الخنزير ينظر اليها هو الاخر نظرة أزعجتها ، بل أخافتها ... فطارت من مكانها ثم عادت فحطت ، وهي تقول في تفسها ... وماذا في ريشي حتى يدخل محضر أجتماع الاسد والخنزير ؟ ما لهم وريشي ... ماذا سيفعلون به يا ترى ؟؟..
قال الاسد مستطردا : نعم ، ريش الحمامة ، يضايقنا نحن معشر سكان الغابة .. تطير به عاليا في الصباح الباكر ، فتزعجنا في منامنا وصحونا وتكشف أسرارنا ... وقد أرتأينا لمصلحتكم جميعا ... سكان الغابة أن ننتف ريشها .. وازدادات دقات قلب الحمامة عنفا واضطرابا .. كيف ينتف ربشها ؟ ماذا فعلت به ؟ من أزعجت به ؟؟ ولمصلحة من من سكان الغابة ينتف ؟؟ ونظرت الى باقي الحيوانات نظرت الى الحمامات رفيقاتها ، نظرت الى الحصان والنسر والدب والحمار .. كانت كأنها تطلب منهم النجدة والعون . وألتفت نظرات الحيوانات المندهشة المستغربة ، كيف يرضون بنتف ريشها ..؟ كيف يهون عليهم ذلك ؟ وهل يصدق أحد أنه لمصلحة سكان الغابة حقا يقوم الاسد بتطبيق هذا القرار الجائر ؟ ماذا قال الخنزير ليقنع عظيم الغابة بالحكم على الحمامة المسكينة ؟..
صهل الحصان وحاول أن يتكلم ، أن يعترض ، ولكن الاسد أشار بيدة معلنا انتهاء الاجتماع ، وفض الجلسة ، مشيرا الى حراسه الكلاب لتنفيذ القرار !!
وبعيدا عن عرين الاسد اجتمع الحصان مع رفاقة للتشاور ، قال الحصان : لا نرضى ... لا نقبل ... كيف نقبل ؟... كيف نرضى ان تخسر الحمامة ريشها ؟... ولمصلحة من ؟... وهل هو جزاؤها لأنها نبهتنا للخطر ؟... لا بد أن نرفض ... وبهدوء وروية كان الحمار يفكر ... وكانت أذناه ترتفعان وتنخفضان وهو يفكر ... ثم حك رأسه وقال : ولكن يا صديقي ، ألا ترى أنة في سبيل الجماعة يضحي الفرد ؟... اذا ضحت الحمامة بريشها اليوم ضمنا المستقبل .. فلا خنازير جديدة ترد أرضنا ، ولا نقص في الطعام ولا في الشراب ... ألا ترى القيود التي فرضت على الخنازير بسببها ؟... نعم التضحية واجبة .. وعلى الحمامة أن تضحي في سبيل سعادة الجميع .
قال الدب : هذا قرار جائر ظالم فرضه الاسد ... وأنا لا أاوافق عليه . وبينما كانت الحيوانات تتكلم ، كان الكلب يختزن في عقلة ما يقال ... وهنا قال في سره ما هذا الكلام أيها الدب العزيز ؟! الاسد ظالم وقراره جائر !
واستطرد الدب قائلا : وكيف ستدبر الحمامة طعامها وشرابها ، وتربية أطفالها ؟... قال الحمار بسرعة :
نحن نحضر لهم الاكل ، وبعد قليل ينمو الصغار وينمو ريشهم . انها التضحية يا عزيزتي ... التضحية ألا تفهمها؟..
لم تصل الحيوانات الى قرار يجمع عليه الجميع ، وأنقص الاجتماع وقام الكلب من فوره وأطبق على الحمامة ينتزع ريشها الجميل ... ومع حسرات الحصان ورفض الدب وسرور الحمار ، نزلت دموع الحمامة ساخنة حارة على وجهها حزنا على ريشها الضائع ... ومضت الايام ونسي الجميع مشكلة الحمامة : كان الدب أكثر الحيوانات وفاء لها ... فكان يحضر لها الطعام والشراب ، ويسرد عليها قصص الغابة ، وكانت أجمل القصص وأمتعتها قصة الحمار .
فقد كان الحمار في مكان اخر ... مكان لم يعهده من قبل ... ولم يحلم به من قبل ... مكان رفيع المستوى أنساة أمر الحمامة والخنزير ، وأمر بياناته الحماسية السابقة بالوقوف مع الحمامة في محنتها ... لقد كان الحمار في ضيافة الاسد ... يستمتع بالشمس والهواء ، ويتفعفل بالتراب وقتما يشاء ... الاكل وفير ، والماء نمير ... والكلاب تحييه صباح مساء ...
فلقد أنعم الاسد عليه بقلب "الحمار المفكر "!...
وفي يوم من الايام وبينما الدب يتجول في الغابة ، اذ به يرى أمرا غريبا رأى كلابا صغيرا سوداء ذات أسنان حادة ، تتبع الخنزير أينما تحرك ... تنظر بأعينها الثاقبة يمينا ويسارا .. فزع الدب لما رأى ، وأوجس من الامر خيفة ، فركض الى اصدقائه يخبرهم ويستطلع رأيهم ، قال الدب : يا جماعة ... لم يعد الامر سهلا ، كان الخنزير واحدا فأصبح خنازير ، كان مسكينا فأصبح قويا ... يمشي وحوله الكلاب الضغيرة لحمايته . وأنا أرى أن نبطش به وبكلابه اليوم ... وحالا ...
نظر الدب الى مخالبة القوية .. ورفع يديه وقدميه في الهواء ، ثم كشر عن أنيابه واسنانه .. قال الحصان وهو يصهل صهيلا عاليا ، ويرفس التراب بقدميه الخلفيتين ، ثم يرفع أقدامه الامامية عاليا : نعم ... نبطش به اليوم ... ونظر الحمار الى اسنان الدب ومخالبه ، والى اقدام الحصان وحوافره ، فأعجب بها أيما اعجاب ، ثم ثم نظر الى أجنحة النسر ، فسر بها وأخذ ينهق نهيقا عاليا وهو يرفس بأقدامه رفسات قوية عنيفة . ولكنة توقف فجأة وتسمر في مكانه ... وأخذت أذناه تتحركان في عصبية ثم حك رأسه وقال لقد فكرت ... وأنا الحمار المفكر ... فكرت يا أصدقائي أن قرارنا سليم وأن علينا فعلا ان نقضي على الخنزير ، ولكنني أرى وأقترح أن نذهب الى الاسد أولا نخبره بعزمنا وقرارنا ، فلعل عنده الرأي الافضل .
قال الكلب وقد سره كلام الحمار .. نعم الرأي رأيك يا صديقي ... نعم نذهب الى الاسد حالا ... وبين اعتراض الدب وامتعاض الحصان، وتحت تأثير الحاح الحمار ، وأنطلق الجميع مع النسر الى عرين الاسد نظر الاسد مليا في وجوه الحضور ثم قال : أنا أحلها ... أرسلوا الى الخنزير ، وأخبروه أنني أريد في اجتماع هام وعلى الفور...
وأنطلق النسر يخبر الخنزير بموعد الاجتماع ومكانه وفرضت الحراسة على المكان ، وانتظرت الحيوانات بباب العرين ، ساعة ثم أخرى ، ثم أخرى ... كان الاجتماع على انفرادا .. ولم يسمح لأحد بدخول العرين اللهم الا الكلب .. فوقف الجميع ينتظرون بفارغ الصبر .
بعد مدة خرج الاسد وكبير الخنازير ... كان الارتياح باديا على وجهيهما ... حيا الاسد قطيع الحيوانات وقال : أبشروا أبناء هذه الغابة ، فلقد كان اجتماعي مثمرا ومفيدا لكم جميعا ... وها أنا أرعى مصالحكم وأحقن دماءكم جميعا ... لقد اتفقت مع كبير الخنازير على عدم التعرض لكم اطلاقا ... وسيمنع كلابه الصغيرة هذه من التجول بينكم ، ولن تروها بعد اليوم أبدا ، فهي فقط لحماية نسائه وأطفاله ... انه ضعيف ، أحس بقوتكم فأراد الدفاع عن نفسه ... أنتم تخيفونه وترعبونه!
ونظر الاسد الى الدب نظرة قوية عميقة ... ونظر الى أسنانه ومخالبه وقال : أنتم على حق بالتخوف من كلابه ، وهو سيحصرها في مكانها قرب بيته وأطفاله ، ولكنكم أنتم السبب في ذلك ، أنتم الذين أخفتموه ...
تابعوا معى أطفالى الأحباء بقية القصة
وابتدأت الخنازير الأخرى ترد الغابة تباعا لعلة أرسل في طلبها واحدة بعد الأخرى ، كانت الخنازير من طرف خفي لا يحس بها أحد ، ثم تتوزع في أطراف الغابة تيتكين تحت شجرة أو قرب صخرة أو تنام طول النهار في مغادرة خفية ولا تخرج الا في الليل الاظلم.
وفي يوم من الايام استيقظت الحمامات مبكرة ، وأخذت تطير في سماء الغابة ... كانت تطير أفواجا وتدور لتعود الى مكان انطلاقها ، ثم تعود لتطير وتدور .. وفجأة وقع نظر احدى الحمامات على منظر غريب عجيب لم تره من قبل ... رأت الخنازير وقد اجتمعت في مكان واحد وقد بدا عليها الجد والاهتمام !!
كانت الخنازير مجتمعة لامر هام... فقد تصل اليوم أو الغد دفعة جديدة من الخازير ، وعليهم ان يدبروا أمر مسكنها ومأكلها دون أن يحس بها أحد.
عادت الحمامات الى أوكارها، ولكن تلك الحمامة لم تستطع النوم ولا الهدوء... فلقد أقلقها منظر الخنازير، فعادت بهدوء وعلى انفراد تستطلع الخبر ...
وقفت الحمامة على الشجرة وأخذت تراقب ما يجري، ولما رأت عشرات الخنازير ترد من ذلك المكان وتختبىء في الاماكن المعدة لها، انطلقت مسرعة الى الحصان، وأخبرتة بالامر الخطير... ودون تردد أنطلق الاثنان يطلبان اجتماع الحيوانات مع الملك...
في عرين الاسد عقدت الحيوانات اجتماعا سريغا مع الملك... وكانت الحمامة على رأس المجتمعين.
قال الحصان: سيضيق علينا المكان... قال الحمار: سيقل علينا الاكل... قال الدب: سيضايقون اولادي... قالت الحمامة... الماء لن يكفي... الخنازير تتزايد... ستقوى علينا ولكن الاسد أنهى الاجتماع بشكل حاسم وفوري وقال: لا تهتموا... لا تخافوا... سأحل المشكلة حالا... وفكر قليلا ثم قال بصوت عال وقوي: اعقدوا لي اجتماها منفردا مع الخنزير... لأفهم الامر... ولن يعصي الخنزير لي أمرا
ركض الحمار... وطار النسر عاليا ليخبر الخنزير عن موعد الاجتماع ومكانه. جلس الاسد في مكانه ، ودخل الخنزير وضربت الحراسة على المنطقة بأسرها ... فلا أحد يقترب ولا أحد يستمع ، انقضت ساعة وساعتان ، والحصان والدب والنسر وحتى الحمار واقفون بالباب ينتظرون نتيجة الاجتماع !!
وبعد مدة خرج الاسد ليعلن عن اتفاقية مع الخنزير ، قال: لقد تفهمت المشكلة كلها ... وطلبت من الخنزير ألا يضايقكم أبدا ... ومنعا للازعاج سأفرد له قطعة من الارض يرتع فيها فلا يضايقكم ولا تضايقونه ... وقد طلبت منه أيضا أن لا يحضر مزيدا من الخنازير بعد اليوم أيدا ، وقد اتفقنا على ذلك ...وعلا صوت الحيوانات بالرضى والحبور ... فصفقت الحمامات بأجنحتها ... وصهل الحصان صهيلا عاليا ... ونهق الحمار فتردد نهيقه في أرجاء الغابة ... وضرب الدب الارض بقدمية فرحا بموقف ملك الغابة وعظيمها ...
ولكن الاسد أشار الى الحيوانات بالسكوت وقال : ولكننا اتفقنا على موضوع بسيط أخر ، وهو ريش الحمامة!! ونظر الاسد الى الحمامة نظرة أرعدت فرائصها ، وأهتزلها ريشها ، وألتفتت فرأت الخنزير ينظر اليها هو الاخر نظرة أزعجتها ، بل أخافتها ... فطارت من مكانها ثم عادت فحطت ، وهي تقول في تفسها ... وماذا في ريشي حتى يدخل محضر أجتماع الاسد والخنزير ؟ ما لهم وريشي ... ماذا سيفعلون به يا ترى ؟؟..
قال الاسد مستطردا : نعم ، ريش الحمامة ، يضايقنا نحن معشر سكان الغابة .. تطير به عاليا في الصباح الباكر ، فتزعجنا في منامنا وصحونا وتكشف أسرارنا ... وقد أرتأينا لمصلحتكم جميعا ... سكان الغابة أن ننتف ريشها .. وازدادات دقات قلب الحمامة عنفا واضطرابا .. كيف ينتف ربشها ؟ ماذا فعلت به ؟ من أزعجت به ؟؟ ولمصلحة من من سكان الغابة ينتف ؟؟ ونظرت الى باقي الحيوانات نظرت الى الحمامات رفيقاتها ، نظرت الى الحصان والنسر والدب والحمار .. كانت كأنها تطلب منهم النجدة والعون . وألتفت نظرات الحيوانات المندهشة المستغربة ، كيف يرضون بنتف ريشها ..؟ كيف يهون عليهم ذلك ؟ وهل يصدق أحد أنه لمصلحة سكان الغابة حقا يقوم الاسد بتطبيق هذا القرار الجائر ؟ ماذا قال الخنزير ليقنع عظيم الغابة بالحكم على الحمامة المسكينة ؟..
صهل الحصان وحاول أن يتكلم ، أن يعترض ، ولكن الاسد أشار بيدة معلنا انتهاء الاجتماع ، وفض الجلسة ، مشيرا الى حراسه الكلاب لتنفيذ القرار !!
وبعيدا عن عرين الاسد اجتمع الحصان مع رفاقة للتشاور ، قال الحصان : لا نرضى ... لا نقبل ... كيف نقبل ؟... كيف نرضى ان تخسر الحمامة ريشها ؟... ولمصلحة من ؟... وهل هو جزاؤها لأنها نبهتنا للخطر ؟... لا بد أن نرفض ... وبهدوء وروية كان الحمار يفكر ... وكانت أذناه ترتفعان وتنخفضان وهو يفكر ... ثم حك رأسه وقال : ولكن يا صديقي ، ألا ترى أنة في سبيل الجماعة يضحي الفرد ؟... اذا ضحت الحمامة بريشها اليوم ضمنا المستقبل .. فلا خنازير جديدة ترد أرضنا ، ولا نقص في الطعام ولا في الشراب ... ألا ترى القيود التي فرضت على الخنازير بسببها ؟... نعم التضحية واجبة .. وعلى الحمامة أن تضحي في سبيل سعادة الجميع .
قال الدب : هذا قرار جائر ظالم فرضه الاسد ... وأنا لا أاوافق عليه . وبينما كانت الحيوانات تتكلم ، كان الكلب يختزن في عقلة ما يقال ... وهنا قال في سره ما هذا الكلام أيها الدب العزيز ؟! الاسد ظالم وقراره جائر !
واستطرد الدب قائلا : وكيف ستدبر الحمامة طعامها وشرابها ، وتربية أطفالها ؟... قال الحمار بسرعة :
نحن نحضر لهم الاكل ، وبعد قليل ينمو الصغار وينمو ريشهم . انها التضحية يا عزيزتي ... التضحية ألا تفهمها؟..
لم تصل الحيوانات الى قرار يجمع عليه الجميع ، وأنقص الاجتماع وقام الكلب من فوره وأطبق على الحمامة ينتزع ريشها الجميل ... ومع حسرات الحصان ورفض الدب وسرور الحمار ، نزلت دموع الحمامة ساخنة حارة على وجهها حزنا على ريشها الضائع ... ومضت الايام ونسي الجميع مشكلة الحمامة : كان الدب أكثر الحيوانات وفاء لها ... فكان يحضر لها الطعام والشراب ، ويسرد عليها قصص الغابة ، وكانت أجمل القصص وأمتعتها قصة الحمار .
فقد كان الحمار في مكان اخر ... مكان لم يعهده من قبل ... ولم يحلم به من قبل ... مكان رفيع المستوى أنساة أمر الحمامة والخنزير ، وأمر بياناته الحماسية السابقة بالوقوف مع الحمامة في محنتها ... لقد كان الحمار في ضيافة الاسد ... يستمتع بالشمس والهواء ، ويتفعفل بالتراب وقتما يشاء ... الاكل وفير ، والماء نمير ... والكلاب تحييه صباح مساء ...
فلقد أنعم الاسد عليه بقلب "الحمار المفكر "!...
وفي يوم من الايام وبينما الدب يتجول في الغابة ، اذ به يرى أمرا غريبا رأى كلابا صغيرا سوداء ذات أسنان حادة ، تتبع الخنزير أينما تحرك ... تنظر بأعينها الثاقبة يمينا ويسارا .. فزع الدب لما رأى ، وأوجس من الامر خيفة ، فركض الى اصدقائه يخبرهم ويستطلع رأيهم ، قال الدب : يا جماعة ... لم يعد الامر سهلا ، كان الخنزير واحدا فأصبح خنازير ، كان مسكينا فأصبح قويا ... يمشي وحوله الكلاب الضغيرة لحمايته . وأنا أرى أن نبطش به وبكلابه اليوم ... وحالا ...
نظر الدب الى مخالبة القوية .. ورفع يديه وقدميه في الهواء ، ثم كشر عن أنيابه واسنانه .. قال الحصان وهو يصهل صهيلا عاليا ، ويرفس التراب بقدميه الخلفيتين ، ثم يرفع أقدامه الامامية عاليا : نعم ... نبطش به اليوم ... ونظر الحمار الى اسنان الدب ومخالبه ، والى اقدام الحصان وحوافره ، فأعجب بها أيما اعجاب ، ثم ثم نظر الى أجنحة النسر ، فسر بها وأخذ ينهق نهيقا عاليا وهو يرفس بأقدامه رفسات قوية عنيفة . ولكنة توقف فجأة وتسمر في مكانه ... وأخذت أذناه تتحركان في عصبية ثم حك رأسه وقال لقد فكرت ... وأنا الحمار المفكر ... فكرت يا أصدقائي أن قرارنا سليم وأن علينا فعلا ان نقضي على الخنزير ، ولكنني أرى وأقترح أن نذهب الى الاسد أولا نخبره بعزمنا وقرارنا ، فلعل عنده الرأي الافضل .
قال الكلب وقد سره كلام الحمار .. نعم الرأي رأيك يا صديقي ... نعم نذهب الى الاسد حالا ... وبين اعتراض الدب وامتعاض الحصان، وتحت تأثير الحاح الحمار ، وأنطلق الجميع مع النسر الى عرين الاسد نظر الاسد مليا في وجوه الحضور ثم قال : أنا أحلها ... أرسلوا الى الخنزير ، وأخبروه أنني أريد في اجتماع هام وعلى الفور...
وأنطلق النسر يخبر الخنزير بموعد الاجتماع ومكانه وفرضت الحراسة على المكان ، وانتظرت الحيوانات بباب العرين ، ساعة ثم أخرى ، ثم أخرى ... كان الاجتماع على انفرادا .. ولم يسمح لأحد بدخول العرين اللهم الا الكلب .. فوقف الجميع ينتظرون بفارغ الصبر .
بعد مدة خرج الاسد وكبير الخنازير ... كان الارتياح باديا على وجهيهما ... حيا الاسد قطيع الحيوانات وقال : أبشروا أبناء هذه الغابة ، فلقد كان اجتماعي مثمرا ومفيدا لكم جميعا ... وها أنا أرعى مصالحكم وأحقن دماءكم جميعا ... لقد اتفقت مع كبير الخنازير على عدم التعرض لكم اطلاقا ... وسيمنع كلابه الصغيرة هذه من التجول بينكم ، ولن تروها بعد اليوم أبدا ، فهي فقط لحماية نسائه وأطفاله ... انه ضعيف ، أحس بقوتكم فأراد الدفاع عن نفسه ... أنتم تخيفونه وترعبونه!
ونظر الاسد الى الدب نظرة قوية عميقة ... ونظر الى أسنانه ومخالبه وقال : أنتم على حق بالتخوف من كلابه ، وهو سيحصرها في مكانها قرب بيته وأطفاله ، ولكنكم أنتم السبب في ذلك ، أنتم الذين أخفتموه ...
تابعوا معى أطفالى الأحباء بقية القصة