تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التغافل



النااايفة
23-02-2011, 08:14 PM
من الأفضل أن تتغاضي كثيرا لتسعد كثيرا".. هذه النصيحة الذهبية هي مفتاح الحياة الزوجية المستقرة والسعيدة التي تعلو بالحياة الأسرية فوق المشاكل والهفوات وتركب صعاب الحياة الوعرة وتتغلب على موجات الغضب العالية لتسير القافلة بنجاح على بساط المودة والرحمة كما أراد لها الله - عز وجل -.
إن الحياة الأسرية لاسيما بين الزوجين طويلة ممتدة, وطرفيها يعتريه النقص البشري المعتاد, فثمة جوانب إيجابية مشرقة, وهناك نقط سوداء في ذلك الثوب الأبيض الجميل, ومن الذكاء والفطنة المعيشية ألا ينغص الزوج أو الزوجة حياته لإزالة تلك البقع السوداء ساعيا كي يكون شريكه في مستوى الكمال غير المدرك, وهو ما يدعوه إلى التعليق على كل حادثة والوقوف عند كل هفوة, والسعي وراء النصح عند كل بادرة خطأ ربما تكون واقعة على غير مقصود صاحبها, وتجاوز عنها الشرع الحنيف ووقف عندها ذلك العبد الضعيف.
هذا السعي الدءوب لإكمال جوانب القصور عند شريك الحياة من خلال التوجيهات والأوامر والنصائح المتكررة قد تكون السبب الرئيس لانهيار تلك البيوت التي كان يمكن أن تكون حديقة تسمع فيها تغريدا سعيدا وواحة معطرة بالحب والعلاقة الدافئة التي تؤنس الرفيق ولا تؤرقه.
ومن هنا تأتي أهمية التغافل الذي هو تكلف الغفلة مع العلم والإدراك لما يتغافل عنه المرء تكرما وترفعا عن سفاسف الأمور, كسنة تدور على رحاها العلاقات الزوجية, وتستمد جذورها الشرعية من لمحات قرآنية ربانية ونبوية طيبة تريد لسفينة الحياة أن تشق طريقها في بحر الحب والوئام لا الشقاق والعناد والخصام.
نجد أصول هذا الخلق الجميل في قول ربنا عز وجل: {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}(التحريم:2), قال السعدي في تفسيره: أسر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حفصة أم المؤمنين حديثا وأمر أن لا تخبر به أحدا فحدثت به عائشة - رضي الله عنها - فاخبره الله - عز وجل - بذلك الخبر الذي أذاعته فعرفها - صلى الله عليه وسلم - ببعض ما قالت واعرض عن بعضه كرما منه - صلى الله عليه وسلم-.
وفي سنته - صلى الله عليه وسلم - نقف على ما رواه البخاري في صحيحة عن أبي هريرة - رضي الله عنه - "ماعاب النبي - صلى الله عليه وسلم- طعاماقط، إن اشتهاه أكله، وإن كرهه تركه" (البخاري:5409), دون أن يعرض بتأنيب أو توبيخ لطاهيه, ولكن فقط يكف يده عنه.
وفي الآداب الشرعية لابن مفلح, روى البيهقي في مناقب الإمام أحمد - رضي الله عنه-, عن عثمان بن زائدة قال: "العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل, فحدثت به أحمد بن حنبل فقال العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل".
وفيه أيضا: والسرور في التغافل, قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: "شرط الصحبة إقالة العثرة، ومسامحة العشرة، والمواساة في العسرة".
وكثيرا ما وصفت العرب الكرماء والسادة بالتغافل والحياء في بيوتها وأنديتها.
قال الشاعر:



نزر الكلام من الحياء تخاله




صمتا وليس بجسمه سقم



وقال آخر :



كريم يغض الطرف دون خبائه




ويدنو وأطراف الرماح دواني



فلهذه الآداب الشرعية الحميدة يتغافل الزوج عن القصور الذي يعترى زوجته.. فهي الكائن الضعيف الذي على الزوج أن يسد خلله ويكمل ما قد يعتريه من ضعف وقصور.. فليس عند كل حادثة تعليقا.. وليس مع كل خطا تصويبا.. ولا عند كل هفوة مؤاخذة وتوبيخا.. فإن هو أصر وذهب يقيم ما اعوج على هواه كسره.. فما يصلح حينها للاستمتاع به.. وإن أراد الاستمتاع به فهو على عوجه يكون كاملا ولا يصلح للمتعة إلا كهذا, كما أخبر الصادق المصدوق في الحديث الذي رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإنأعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء". (البخاري:3331)
والزوجة بما وهبها الله عز وجل من عاطفة جاذبة حانية ورغبة جارفة في تسيير حياتها الزوجية في دفء عاطفي وحياة مشبعة بالمودة والأنس لهي أجدر من يتغافل عن هفوات ذلك الكادح الذي يسعى مع إشراقه الصباح يقوم على خدمة أهله وولده ضاربا في مناكب الأرض بحثا عن رزق الله.. فلا يحتاج إلى قسط من اللوم والتأنيب.. ولا قدرا من العتاب المرير والتوجيه الدائم.. بل يحتاج إلى زوجه إذا عاد من يومه الكادح نظر إليها فسرته وزالت بحنانها عن كاهله هموم يومه المتراكمة.
كلاهما إذن يحتاج أن يعرف يقينا أنه وقد اقترن ببشر فان القصور هو الصفة اللازمة لهذا الخلق, وأن اختلاف الطباع والموروثات والعادات التي نشأ عليها سيترك بصمته على حياته وهو ما سيجد طريقه عمليا إلى خلافات يومية لا سبيل للتعامل معها إلا بهذا الأدب الشرعي "التغافل", فليس من الرشد إذن أن تندلع حربا يومية في أركان البيت على شيء صغير فات أحد شريكي الحياة أو نسيان أو فلته لسان عابرة أو لحظة ضعف وامضة.
والنصيحة التي تدعمها التوجيهات الشرعية الربانية والتي يجب أن يعيها الأزواج هي بضرورة وجود مساحة خالية من اللوم والعتاب والتوجيه ولتترك شاغرة للتغافل يملئها, بحيث يتم التعامل مع الأخطاء الصغيرة التي تصدر عن شريك الحياة بمرونة ودون حساسية, وبدون هذه المساحة تتحول الحياة الزوجية إلى ساحة صراع وشقاء لا ينتهي إلا بتحقيق وعد الشيطان المتربص بكل حياة سعيدة على نهج الله سائرة.
فقد أخرج مسلم في صحيحه, عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن إبليس يضع عرشه على الماء, ثم يبعث سراياه, فأدناهم منه منزلةً أعظمهم فتنةً: يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا, فيقول: ما صنعتَ شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرّقتُ بينه وبين امرأته, قال: فيدنيه منه فيلتزمه ويقول: نِعمَ أنت".(مسلم:2813)
فمستعظم النار من مستصغر الشرر والخلافات الصغيرة التي تحدث بين الزوجين إن لم يتعاملا معها بذكاء يمكن أن تتحول إلى شرارة محرقة لعلاقتهما الزوجية, ولعلنا نلحظ أن الكثير من حالات الطلاق تبدأ بخلاف بسيط يتضخم ليكون الفراق هو المصير المحتوم.
وكسبيل عملي لغرس ثقافة التغافل في حياتنا الزوجية وتقليل هامش الخلافات ينصح علماء النفس بالا يأخذ شريكا الحياة كل الأمور الحياتية خاصة في العلاقة الزوجية بجدية بحيث تتغير حالة الشريك المزاجية وأسلوبه في الكلام ونبرة صوته بل وإشاراته مما يجعله حادَّ الطباع، وقاسيا، وهو بالضرورة سيزيد الفجوة بينه وبين رفيقه.
وهنا يدعو العلماء كذلك إلى التلقائية وعدم التكلف في الحياة الزوجية، فالمرء يعترضه من هموم الحياة ما يجعله يتصرف في بيته ببعض التصرفات غير المناسبة أحيانا، الأمر الذي يتطلب احتواء الطرف الآخر له، بل ومنحه شيء من العلاقة الدافئة التي تعينه على تجاوز تلك الضغوط أو التصرفات.
كما يعين على العمل بهذه السنة الحياتية الغائبة عن كثير من بيوتنا التركيز على الصفات الرائعة والجميلة التي يتحلى بها الطرف الآخر, والايجابيات التي تتسم بها بعض تصرفاته, وتوجيه العدسة الدائمة على المحاسن والخصال الحميدة, ومقارنتها بما يقع منه من هفوات وصغائر لا تستحق أن تعكر صفو حياتهم.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يفركمؤمن مؤمنة, إن كره منها خلقا رضيمنها آخر".(مسلم:1469)

عصام زيدان

غـــربة الــروح
23-02-2011, 09:16 PM
نعم


هنا تكمن السعادة وتستمر الحياة


التغاضي والتغافل


جزاك الله خير نوفتي وكتب اجرك

*الفارس*
23-02-2011, 09:54 PM
بارك الله فيك

وجزاك الله خيرا


ونفع بك

النااايفة
24-02-2011, 12:37 AM
غربة الروح


هلابك


اجزل الله لك الاجر ووفقك

النااايفة
24-02-2011, 12:37 AM
الفارس


اجزل الله لك الاجر ووفقك

جميل الثبيتي
24-02-2011, 01:39 AM
في الحديث الذي رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإنأعوجشيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزلأعوج، فاستوصوا بالنساء". (البخاري:3331)



بارك ربي بكم ولكم موقرتنا النااايفة

وجزاك الله خير الجزاء

الابتسامه المهاجرة
24-02-2011, 06:06 AM
جزاك الله خير الجزااء

همس الرووح
24-02-2011, 08:26 AM
http://www.arabsyscard.com/pic/thanx/4.gif

الهمة القادمة
25-02-2011, 06:25 AM
نفع الله بكم وبماطرحتم هنا اختنا افاضلة ولاحرمك الاجر

أنامل الخير
25-02-2011, 09:30 AM
الحبيبة النايفة


بارك الله فيك


وجزاك الله خيراً



موضوع رائع ومميز



لا حرمني الله منك

اذكر الله
25-02-2011, 12:23 PM
نقل هاااام وراااائع غاليتي النايفة

جزاك الله كل الخير ودفع عنك كل شر

وآثابك الله على جهودك ورفع قدرك

وجمعني بك في جنة الفردوس

الله لايحرمنا روعة تواجدك بيننا

لك كل الود والتقدير

غرام المشاعر
26-02-2011, 11:38 PM
بارك الله فيك

وجزاك الله خيراً

صمتي لغة كلامي
27-02-2011, 05:15 AM
باارك الله فيك


وجزاك الله خير

ونفع بك

النااايفة
27-02-2011, 05:38 PM
بارك ربي بكم ولكم موقرتنا النااايفة

وجزاك الله خير الجزاء


واياكم استاذي الفاضل

لاهنت

النااايفة
27-02-2011, 05:42 PM
جزاك الله خير الجزااء

واياك يالغلا

ربي يسعدك

النااايفة
27-02-2011, 05:43 PM
http://www.arabsyscard.com/pic/thanx/4.gif

بارك الله فيك

واجزل اجرك