المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ##الجــــــــــــــــدل ##



زنابق الود
20-12-2010, 12:42 PM
الإنسان يعجبه عقله

وَزَّعَ الله - سبحانه وتعالى- على خلقه حظوظًا في كل جانب من جوانب الحياة، ومن الجدير بالملاحظة أنَّ الإنسان عندما ينظر إلى ما أُوتي من متاع الدنيا، وما أُوتي غيره منه فقد يُعْجِبُه حظَّ غيره، وهذا هو المحرك للتنافس، وما يصاحبه من مشاعر وتصرفات، أمَّا فيما يتعلق بالعقل والرأي فالأمر مختلف.

على خلاف النعم الأخرى، فإن أغلب الناس يظن أن حظَّ نفسه من نعمة العقل هو أوفر من حظ غيره، ومن النادر أن تجد في غير الحكماءوالعلماء من يوقن بأن غيره أرجح منه عقلاً ورأيًا وتفكيرًا، ولعل ذلك هو المحرك للتعصب والتشبث بالرأي والجدل والمراء.

تعريف الجدل

المجادِل من يحرص على إعطاء رأيه حجمًا أكبر ووزنًا أثقل من رأي غيره، لكنه لا يكتفي في ذلك بالعناية بتضخيم شأن رأيه، إنه ينال من رأي غيره؛ ليقلل منه حتى يتلاشى أثره أو يكاد، فكأن رأي كل منهما مثل ألياف الحبل، والمجادل يجدلألياف حبله (رأيه) ليصير حبلاً مجدولاً قويًّا سميكًا، كما أنه يواصل تناول حبل الطرف الآخر (رأي غيره) فينقضه حتى يصير أنكاثًا واهية.

وعادة ما تستمرالمجادلة حتى ينتصر أحد الرأيين، فكأنها مصارعة لا تنتهي حتى يُلْقِيَ أحد المتصارعين بغريمه على الأرض صريعًا، والجدل في اللغة هو المصارعة والقتل، ومن هناجاءت كلمات الجدل والجدال والمجادلة.

جدلٌ محمود وجدلٌ مذموم

اقتضت حكمة الله – سبحانه وتعالى- أن يُودِعَ في طبع الإنسان شيئًا من الجدل، هذا الطبع قد يكون هو وقود التنافس ومحرك التدافع بينالناس، وبالرغم من أن المبطل قد يتشبث بباطله مستندًا إلى هذا الطبع، فإن المُحِقَّ ما كان له أن يُصِرَّ على إحقاق الحق إلا إذا كان له من هذا الطبع نصيب، لكن المشكلة هي في شدة ميْل الإنسان حتى يكون أكثر شيء جدلاً، قال عز وجل: ﴿وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً﴾ (الكهف: من الآية 54).

والإصرار على الدفاع عن الحق ونصرته بالحجة جدل محمود، فقد جادل رسول الله نوحٌ -عليه السلام- قومَه من هذا المنطلق، قال تعالى: ﴿قَالُوا يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَافَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ (الآية:32 من سورة هود)، وأحسنُ الجدال اقترانَ إتقان بيان الحجة بالدعاء إلى الله – سبحانه وتعالى- واللجوء إليه (انظري تفسير الآية:46 من سورة العنكبوت/ تفسيرالجلالين)، قال تعالى: ﴿وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنـزلَ إِلَيْنَا وَأُنـزلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ (العنكبوت:46).

أمَّا الجدل المذموم فهو العناد في قبول الحق،وهو يظهر في تشبث الإنسان بالمعارضة مع يقينه بأنه مخطئ، واعتراضه على الحق بالباطل.

وإذا كان المراء هو كل اعتراض على كلام الغير بإظهار خللٍ فيه،فإن المراء يتحول سريعًا إلى جدالٍ مذموم، إذا كان القصد إفحام الغير وتنقيصه وتعجيزه، بالقدح في كلامه ونسبته إلى القصور والجهل (يُراجع: إحياء علوم الدين للغزالي، الجزء الثالث ص 147 وما بعدها، طبعة الحلبي 1967).

بواعث الجدل المذموم وأضراره

شهوتان تبعثان على الجدل المذموم: شهوة إظهار العلم والفضل، ومصدرها الكِبْر والعُجْب، وشهوة إظهار النقص في الغير، ومصدرها الغيظ والعداوة؛ لذلك فإن العلاج الجذري للجدال يكون بكسر الكِبْروالعُجْب في النفس، وكظم الغيظ عند العداوة والغضب.

الجدل علامة من علامات ضلال الأمم، أو هو سبب من أسبابه، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلا أُوتُوا الْجَدَلَ" (أخرجه الترمذي.

والجدل يُنْقِصُ من ثواب عبادةٍ كالحج، قال تعالى: ﴿الحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ (البقرة: 197).

والجدل يجعل قلب الإنسان قاسيًا، ويفسد العلاقة بين الناس، قال الإمام مالك - رحمه الله-: "المراء يقسي القلوب، ويورث الضغائن"، وأوصى لقمان الحكيم ابنه فقال: "يا بُني، لا تجادل العلماء فيمقتوك".

هَدْي المصطفى - صلى الله عليه وسلم- وصحابته في ترك الجدل
نلحظ إعراض رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن التورط في الجدال من خلال قصته مع علي بن أبي طالب – رضي الله عنه-، الذي يرويها قائلاً: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- لَيْلَةً (الطروق: القدوم ليلاً)، فَقَالَ: "أَلا تصَلِّيَانِ؟"، فَقُلْتُ: يَارَسُولَ اللَّهِ، أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاء أَنْ يَبْعَثَنَابَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا،ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ، وَهُوَ يَقُول: ﴿وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً﴾ (من الآية: 54 من سورة الكهف) (أخرجه البخاري).

وتأمل هدي الصحابة – رضي الله عنهم- في ترك الجدل والمراء، فيمارواه أَنَسُ بنُ مَالِكٍ – رضي الله عنه- قَالَ: "كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ وَلا المُفْطِرُعَلَى الصَّائِمِ" (أخرجه البخاري).

التطبيق العملي وثوابترك الجدل

من أراد أن يكون مِن الذين يعملون بما يعلمون في مقام ترك الجدال والمراء، فلا يُصِرُّ على رأيه الشخصيِّ، وعلامةُ ذلك أن يحرص على إتقان عرض حجته وبيان وجهة نظره مرة واحدة لا تتكرر، فإذا شَقَّ عليه ذلك في كل المواقف وفيكل الأيام، فليتدرج مع نفسه بأن يشترط عليها ذلك في أيام قليلة يزيدها تدريجيًّا.

ومن ترك الجدل بنى الله له بيتًا في وسط الجنة، هذا الثواب يبدو كبيرًا،وقد يكون ذلك لصعوبة ترك الجدل والمراء، فعَنْ أَنَسِ بن مَالِكٍ – رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ ترَكَ الْكَذِبَ - وَهُوَ بَاطِلٌ- بُنِيَ لَهُ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ (المراد به أدناها وأسفلها، أوما حولها خارجًا عنها) وَمَنْ تَرَكَ الْمِرَاء وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ فِي وَسَطِهَا، وَمَنْ حَسَّنَ خُلُقَهُ بُنِيَ لَهُ فِي أَعْلاهَا". (أخرجه الترمذي).

ومِن تَرْك الجدل: أن لا تتعصب لحكم شرعي فيه خلاف، والنجاح في ذلك قد يكون بحرصك على أن تعرض في أي مسألة فقهية الرأي المخالف لِما تأخذ به، مقرونًا بالرأي الذي تعمل به، إنك إن تكلفت هذا الأمر مرة أو مرتين ربَّيْت نفسك على ترك الجدل.

وبالإضافة إلى ما ذُكِرَ تستطيع المرء تربية نفسه على ترك الجدل والمراء،بتعمد الانقياد دون مراجعة، طالما أنه لا يؤدي إلى معصية.البعض يجد هذا الأمر عسيرًا على نفسه؛ لأنه تعوَّدن غير ذلك، لكنَّ التدرج يجعل العسير يسيرًا، فليبدأ المرء ولو بموقف واحد أسبوعيًّا ثم يزيد

منقوووووووووول بتصرف بسيط

*الفارس*
20-12-2010, 01:02 PM
بارك الله فيك

وجزاك الله خيرا

نقل موفق لموضوع رائع

نفع الله به

زنابق الود
21-12-2010, 03:42 AM
الفارس
جزاك الله خيرا وجعله في موازين حسناتك

كاسب العز
21-12-2010, 02:13 PM
بارك الله فيك

لك مني أجمل تحية

تقبل مرورى

كاسب العز

جميل الثبيتي
21-12-2010, 10:18 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا ونفع بما نقلتم وجعلنا وإياكم ممن يقتدون

بالنبي العظيم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

الابتسامه المهاجرة
21-12-2010, 10:34 PM
http://www.w6w.net/album/35/w6w_w6w_200504290110112772f3b3f50.gif

ينابيع الأمل
09-01-2011, 08:11 AM
بارك الله فيك وجزاك المولى عنا خير الجزاء
الف شكر
في موازين حسناتك يارب

غرام المشاعر
11-01-2011, 12:55 AM
بارك الله فيك

وجزاك الله خيراً

أنامل الخير
12-01-2011, 05:03 PM
بارك الله فيك

وجزاك الله خيراً