د. عبدالله الفوزان
29-08-2010, 08:28 PM
مع أننا مسلمون، ورغم أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالجار حتى كاد أن يورثه، إلا أننا حتى الآن لم نفعل دور الجيرة داخل الحي في خدمة ساكنيه. إذ يمكن للحي أن يقوم بوظائف عديدة لساكنيه تخفف على الدولة بأجهزتها المختلفة عناء توفير الخدمات الأمنية ورعاية الفقراء والمحتاجين وإصلاح ذات البين.
نحن بحاجة إلى تفعيل وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالجار من خلال تحويل الوصية إلى برامج عمل مؤسسية تؤلف بين قلوب سكان الحي وتحقق التواصل والتعارف فيما بينهم وتستثمر امكاناتهم وطاقاتهم وتشركهم في المسؤولية الاجتماعية. فأهل الحي يمكن أن يوفروا الحماية والأمن لحيهم وهم الأقدر على حصر الفقراء والمحتاجين في الحي ومساعدة هؤلاء الفقراء والمحتاجين على تجاوز مذلة الحاجة والحرمان والسؤال واصلاح ذات البين والسعي في توفير الخدمات الضرورية للحي.
ما أكثر القيم الجميلة في الاسلام لكنها للأسف تبقى مجرد أقوال يرددها الناس والخطباء والمعلمون لكنها للأسف لم تتحول بعد إلى مشاريع عمل مؤسساتية تعمل على تطبيق هذه القيم على أرض الواقع وتنظم شؤون حياة الناس ويشعرون بأثرها في حياتهم اليومية ويساهمون في تنفيذها. فالفقير لا يحل مشكلته ترديد الناس للآيات القرآنية والأحاديث النبوية إن لم تتحول تلك الآيات والأحاديث إلى مؤسسات وبرامج ومشروعات منظمة تساعده على تجاوز فقره، وأهل الحي الذي يقطن فيه الفقير هم أولى الناس وأقربهم إليه للقيام بهذه المهمة. كما أن الدولة لن تتمكن مهما أوتيت من الإمكانات أن توفر الأمن لكل منزل إن لم يستشعر أهل الحي مسؤوليتهم الأمنية تجاه حيهم ويساهموا فعليا في حمايته.
في كل حي سوف نجد الطالب والموظف والموظفة والتاجر ورجل الأمن والمهندس والطبيب والطبيبة وغيرهم، وهؤلاء يمكنهم جميعا إدارة شؤون الحي والقيام بخدمات جليلة لأهل الحي عبر أعمال تطوعية مختلفة. كما يمكن لأهل الحي تكوين لجان مختلفة تتواصل مع الدوائر الحكومية المختلفة لتوفير الخدمات الضرورية للحي. كذلك يمكن لأهل الحي تكوين صندوق خيري يساهم فيه كافة أفراد الحي كل حسب استطاعته لدعم الفقراء والمحتاجين.
هذه الفكرة تحتاج إلى هيئة مشرفة تابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية تشرف على مراكز الأحياء وتنظم آلية عملها. ففي ظل النمو السكاني الهائل وارتفاع معدلات التحضر في المدن وزيادة معدلات الفقر في المجتمع والتوسع في نمو المدن وانتشار الفردية وانحسار العلاقات الاجتماعية لا يمكن للدولة وحدها أن تتعامل مع المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، بل لابد أن يدخل الحي شريكا لها في التعامل مع تلك المشكلات عبر أعمال تطوعية يقوم بها أهالي الأحياء أنفسهم لخدمة أحيائهم.
نعم الأحياء تستطيع دعم جهود الدولة في تحقيق رفاهية الوطن والمواطن ... فالتجربة أثبتت نجاحها في أغلب دول العالم، حيث ساهم أهالي الأحياء في المحافظة على الأمن في أحيائهم وتنظيفها من أوكار عصابات الدعارة والمخدرات والجريمة ومساعدة الفقراء والمحتاجين فيها بعد حصرهم.
إننا أمام واقع سوف يشهد المزيد من التمزق في العلاقات الاجتماعية واتساع دائرة الفقر والفقراء ونمو الجريمة، وفي مثل هذه الظروف يصبح لزاما علينا التفكير في تفعيل دور الحي كي يقوم بدوره التنموي والاجتماعي والتربوي والأمني للحد من الآثار السلبية المحتملة لهذا الواقع المستجد.
إن تعميم هذه الفكرة على المدن والقرى سوف تؤتي ثمارها الإيجابية بتنمية المسؤولية الاجتماعية والانتماء الوطني والتكافل الاجتماعي لدى المواطن وتخفف من الأعباء الملقاة على عاتق الدولة في هذا المجال ... فهل من منفذ للفكرة؟ أرجو ذلك ... وللجميع أطيب تحياتي.
الدكتور/ عبد الله محمد الفوزان
جامعة الملك سعود-كلية الآداب-قسم علم الاجتماع-ص.ب 2456
[email protected] ([email protected])
نحن بحاجة إلى تفعيل وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالجار من خلال تحويل الوصية إلى برامج عمل مؤسسية تؤلف بين قلوب سكان الحي وتحقق التواصل والتعارف فيما بينهم وتستثمر امكاناتهم وطاقاتهم وتشركهم في المسؤولية الاجتماعية. فأهل الحي يمكن أن يوفروا الحماية والأمن لحيهم وهم الأقدر على حصر الفقراء والمحتاجين في الحي ومساعدة هؤلاء الفقراء والمحتاجين على تجاوز مذلة الحاجة والحرمان والسؤال واصلاح ذات البين والسعي في توفير الخدمات الضرورية للحي.
ما أكثر القيم الجميلة في الاسلام لكنها للأسف تبقى مجرد أقوال يرددها الناس والخطباء والمعلمون لكنها للأسف لم تتحول بعد إلى مشاريع عمل مؤسساتية تعمل على تطبيق هذه القيم على أرض الواقع وتنظم شؤون حياة الناس ويشعرون بأثرها في حياتهم اليومية ويساهمون في تنفيذها. فالفقير لا يحل مشكلته ترديد الناس للآيات القرآنية والأحاديث النبوية إن لم تتحول تلك الآيات والأحاديث إلى مؤسسات وبرامج ومشروعات منظمة تساعده على تجاوز فقره، وأهل الحي الذي يقطن فيه الفقير هم أولى الناس وأقربهم إليه للقيام بهذه المهمة. كما أن الدولة لن تتمكن مهما أوتيت من الإمكانات أن توفر الأمن لكل منزل إن لم يستشعر أهل الحي مسؤوليتهم الأمنية تجاه حيهم ويساهموا فعليا في حمايته.
في كل حي سوف نجد الطالب والموظف والموظفة والتاجر ورجل الأمن والمهندس والطبيب والطبيبة وغيرهم، وهؤلاء يمكنهم جميعا إدارة شؤون الحي والقيام بخدمات جليلة لأهل الحي عبر أعمال تطوعية مختلفة. كما يمكن لأهل الحي تكوين لجان مختلفة تتواصل مع الدوائر الحكومية المختلفة لتوفير الخدمات الضرورية للحي. كذلك يمكن لأهل الحي تكوين صندوق خيري يساهم فيه كافة أفراد الحي كل حسب استطاعته لدعم الفقراء والمحتاجين.
هذه الفكرة تحتاج إلى هيئة مشرفة تابعة لوزارة الشؤون البلدية والقروية تشرف على مراكز الأحياء وتنظم آلية عملها. ففي ظل النمو السكاني الهائل وارتفاع معدلات التحضر في المدن وزيادة معدلات الفقر في المجتمع والتوسع في نمو المدن وانتشار الفردية وانحسار العلاقات الاجتماعية لا يمكن للدولة وحدها أن تتعامل مع المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، بل لابد أن يدخل الحي شريكا لها في التعامل مع تلك المشكلات عبر أعمال تطوعية يقوم بها أهالي الأحياء أنفسهم لخدمة أحيائهم.
نعم الأحياء تستطيع دعم جهود الدولة في تحقيق رفاهية الوطن والمواطن ... فالتجربة أثبتت نجاحها في أغلب دول العالم، حيث ساهم أهالي الأحياء في المحافظة على الأمن في أحيائهم وتنظيفها من أوكار عصابات الدعارة والمخدرات والجريمة ومساعدة الفقراء والمحتاجين فيها بعد حصرهم.
إننا أمام واقع سوف يشهد المزيد من التمزق في العلاقات الاجتماعية واتساع دائرة الفقر والفقراء ونمو الجريمة، وفي مثل هذه الظروف يصبح لزاما علينا التفكير في تفعيل دور الحي كي يقوم بدوره التنموي والاجتماعي والتربوي والأمني للحد من الآثار السلبية المحتملة لهذا الواقع المستجد.
إن تعميم هذه الفكرة على المدن والقرى سوف تؤتي ثمارها الإيجابية بتنمية المسؤولية الاجتماعية والانتماء الوطني والتكافل الاجتماعي لدى المواطن وتخفف من الأعباء الملقاة على عاتق الدولة في هذا المجال ... فهل من منفذ للفكرة؟ أرجو ذلك ... وللجميع أطيب تحياتي.
الدكتور/ عبد الله محمد الفوزان
جامعة الملك سعود-كلية الآداب-قسم علم الاجتماع-ص.ب 2456
[email protected] ([email protected])