المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تغريبة .... حظ



إبراهيم الحارثي
07-05-2010, 02:12 AM
( 1 )
مع بداية اشراقة صباح جديد ... وحيد أقبع بين براثن شكوكي المميته ... أتنفس رائحة دم .... أتمطى على فراشي قليلا وأطقطق كل مفاصل جسمي بحركة سريعة ...
ألاف الأفراد من النمل تسير داخل جسدي... فتنغزني على شكل قرصات متتالية ... أبحث عن نفسي المفقودة فلا أجدها حولي ... صوت انفاسي يبدو كأغنية بليدة باردة ... طعم فمي قطران متعفن ... وجيوش النمل تحاول التربص بي
باردة هي الأوقات بدونها ... رائحة أنابيب الغاز تلهب المكان وتعصف به ... وقفت أمام مرآتي تفحصت وجهي جيدا ... اقتربت أكثر ... وجدت كل شيء في مكانه ... عيناي ... أنفي ... كل شيء ... كل شيء ... إلا منها فقد اختفت ورحلت بعيدا


( 2 )
رائحة عطر تعودت على تنفسه مرارا وتكرارا ... أنفاس متقطعة ورنين هاتفي يدوي في غرفتي الصغيرة
البرد يحول كل شيء حولي إلى تماثيل ... ورائحة الغاز النتنه تجعلني أفقد أعصابي
أتلحف بغطاء سرير عليه قليل من دموع الليلة الماضية ... وأحتضن وسائد كانت قد احتفظت بجزء من همومي الملقاة على قارعة طريقي إلى باب الخروج من غرفتي ...
بندول الساعة يرتجف تماما كقلبي ... ورنات هاتفي تتصاعد بشكل ملفت ... تنزلق يدي بسرعة ... تأخذ الجوال على عجل ترتطم بكأس الماء ... تحاول استدراك الوضع ولكن لا فائدة ..
أرد بسرعة وبأنفاس متقطعه : من المتكلم
يرد كعادته بصوت يقطر حقدا... وحروفه تثير كل مابجانبي ... كلماته تحفزني على قتل كل الجمود ... والبرد من حولي : أنا ... ألم تعرفني ؟؟
جاوبته وأنا أمط شفتاي المتثلجه : أكيد ولكن أستغرب وقت اتصالك
رد لي بسرعة وقاطعني وكأنه مفترس يحاول البحث عن طريده : أريدك أنت دون سواك فهلا تدلني على منزلك الجديد ؟؟
أجبته وكتلة الماء المسكوب تداعب صدري ببرودة لزجة : حسنا اذا وصلت إلى الإشارة المرورية المعتاده اتصل بي فسأكون بإنتظارك ...


( 3 )
بكل معاني التعجب بدأت خيول الذاكرة تزحف بي للخلف ... لأتذكر أشمغة البدو ورائحتهم ... وكل أنعامهم التي تحرك الأرض من حولها ...
صوت أفكاري كقنابل ... وأنفاسي لاتزال تتقطع ولا تعود لسالف عهدها
غطاء سريري المبتل ... ويداي التي تكتسي بالحراشف ... تبحث عن مصدر دفء ... ومكالمة حظي البائس جعلتني أشعر بتفحم لساني
تصلبت كل خلايا الحس لدي ... والماء البارد المسكوب تحول إلى قطعة جليد ... ولم أحسن الاحساس به مطلقا ...
شعيرات ظهري بدأت بالتحرك .... وشلالات العرق بدأت بالانهمار ... تحول الوضع إلى زمهرير صيفي قاسي ... وقارس في نفس الوقت
تضاد للأحاسيس أشعر به في حالتي هذه ... قلقي يجعلني أنكمش وأتقهقر إلى زوايا أقدامي ...
رنة هاتفي أعادت تراتيب وجهي العبوس ... وبسرعة الريح ... هاتفني حظي بأنه ... ينتظرني


( 4 )
بعد كثير من الترحيب والتسهيل وما إلى ذلك من روتين استقبالي ... بدأ يرمقني بنظرات متقطعه ... وبدأت أقدم له فنجان القهوة وحبيبات التمر التي صُعقت من هول البرد ...
بدأ يتكلم عن كل شيء ... وكأنه يعلم كل شيء ... أبادله النظرات ... ويبادلني الاشارات ....
هو أشبه بشسع نعل ملقى على قارعة الطريق .... يلهبه الظمأ ... وتعتريه وعثاء السفر ... وتجوب في أحداقه نوايا غريبة ... على كتفه بقايا من فضلات قطط كانت قد نامت بجوار رأسه عندما بدأ رحلته إلي ... سيارته أشبه بصندوق خشبي به الكثير من ألعاب الأطفال المهترئة ... رأسه أشبه بمنطقة لحقها عذاب الله ... فلا شعر ينمو إلا وكانت الثعلبة توازية وتلتهمة بسرعه ... رائحته أشبه برائحة القار ... وتارة تذكرني برائحة الجرذان الميته ... قدري منصوب على شفتيه ... بدأ بالصياح كعادته ... حاولت اخماد ثورته ولكنه مثل النار تأكل نفسها إن لم تجد ما تأكله
أرويت ظمأه بقليل من الماء ... ولكن سرعان ماتحول إلى إعصار يلتهم كل من حوله ... حتى الخير


( 5 )
رائحة أعقاب سجائرة تؤثر في جهازي التنفسي ... رائحة العطر الذي تعودت على استنشاقه بعيدة جدا عن مخيلتي ... ثيابي المهترئة من عرقي بدأت تتدلى ... وجهي بدأ يغضب ... ورائحة فمي عادت كما هي ... قطران وتمر ...
لاتزال أوعية الاستقبال مكانها ... وهو يأمر كل المخلوقات بالرحيل عني ... بدأ أولا بسحب قطع ملابسي التي أحاول أن أتدفى بها ... ينتزعها بقوة شديدة ... كطفل يحاول الفرار من أيدي والده الذي يغصبه على عل شيء لايحبه ... صراخ أطفال بدأ يدخل إلى الصورة المؤدلجه ... وضحكات غريبة لا مكان لها ... بدأ يطلق خناجرة بشكل سريع بدأ لسانه يلوك كل هيمنة وجودي من حولي ...
أخذت التعابير لا تطاق ... وأخذ يطفق حوله ملابسي ... ويدفعني بعيدا ... ويحفزني على رمي عبارات أجهل أني قلتها
بدأت ثورة غضبي تقفز كالأرانب ... وبدأ هو يحاول جذبي ... ربما لضربي ....


( 6 )
لم أسمح له بالتمادي أكثر... وهبت له مفتاح غرفتي ... بعد أن سلب مني كل شيء كنت أتنفسه ... بعد أن سرق كل معاناتي التي كنت أعانيها... تعابير وجهه أخذت في الغرابه ... وضحكاتها الغير مبررة تلوح في الأفق ... أحاول أن أتحرك .. فلا أستطيع ... لأول مرة أعجز عن الدفاع عن نفسي ... غادرتني فخرجت أبحث عنها ... فلم أجدها
رنين هاتفي يخبرني بأنه ... سلبها مني أثناء محاولتي لإستعادة وعي فارقني دون أشعر ... حشرجات الأشجار تخاطبني ... وزقزقة العصافير تعاتبني ... وأشرعة الشمس المنسدله تلملم كل ماتبقى لي من صمود ...
غريبة هذه الصباحات التي تمر على الفرد ... فتسلبه روحه ... وعزته ... وكرامته ... و ...
أهاتي المتردده لا تنبثق إلا بعد محاولات عديدة في اظهارها ....
بدأت أسعل ... قطرات دم تخرج من فمي بدون شعور ... صوت رنين متقطع ولكنه مستمر يلوك أذني فيحولها إلى فضاء شاسع ... أنوار تسطع في عيني فتفقدني نظري
أحدهم يغمزني من اليمين والآخر يصرخ ... كم ضغطه ... رائحة الدم المتعفن تهشم أنفي الصغير ... جحافل النمل بدأت بمزاولة ألاعيبها الغريبه...نداء وجل ( قل لا إله إلا الله )


( 7 )
كثير هم الذين ترددو علي في هذه الفترة... وكلهم يلامسون صدري بشكل حان ويختفون بسرعه ... صوت صرخات وأهات يصدر من ستائر حولي ... أحد الصرخات لطفل ... أعرفه جيدا ولكن لا أتذكره .... الأخرىلمرأةكانت تجاورني سمعتها تتكلم وتشرح بأن زوجها هو من أقلني بسيارته ... بعد أن نصحته بعدم الاتصال على الاسعاف ...والدي يستمر في كيل كل أنواع الدعوات لحظي اللص ... والدتي تختبئ خجلا من الأشخاص المنتثرين في غرفتي ...
أحدهم يقرأ علي تلاوة لا أميزها جيدا ...أخر يرتفع صوته فيسكتونه رغبة منهم بألا يزعجوني ... حركات رقبتي كحلزون طاعن في السن .... ودمعاتي تنسكب بشكل خجول على وجنتاي ... يمسحها أبي بسرعه ويهمس ... كن رجلا ...
اسمع بكاء أمي ودعائها لي وعليه ...وخزة في ساعدي تدخلني إلى دوامة كبيرة تريني كل أنواع الكرات الصغيرة التي تتدحرج نحوي .... تنزلق قطعات العرق كثلج يتفجر... سألوها ... كيف هو الآن....
أجابت ... سيخرج حالا لكن ... يجب عليه أن يواظب على تناول أدويته ... ومراجعاته
صوت هاتفي يرن... لتقول لي : أحبك فلا تحزن وستجدني قبلك أنتظرك يا حبي الوحيد
صوتها يجعلني استلذ بالغفو على ترانيميه المراكشية لأعتصر هما ... وأذوب كشمع داخل فناء هذا السرير الأبيض المصفر ....


انتهى


إبراهيم الحارثي


http://www.nekaal.com/up//uploads/images/nekaal-73e8e3c801.gif (http://www.nekaal.com/up//uploads/images/nekaal-73e8e3c801.gif)

سـامـيـه
07-05-2010, 03:24 AM
أبو حامد
بوح رائع من كاتب رائع
سلم البوح والقلم
تحيتي لك

إبراهيم الحارثي
07-05-2010, 03:42 PM
سامية ... شكرا لمرورك وتسطير ردك
تحيه بحجم الفلك

دمت سيدتي

aakintab
08-05-2010, 12:37 AM
روعة....تسلم يمناك

عاشق الحزن
08-05-2010, 04:27 AM
لوحة نقشت بحرفة مبدع
استطاع تطويع الحرف ليتجلى بعمق
ليعانق الذات ويعري بعضا منها
لأنه يستحيل على أحد ان يسبر غور
الفكرة ويفك رموزها !!!!!

الحارثي ابراهيم

كنت هنا مبدع ملهم فحرفك بقلم
روائي قاص ولد من رحم الفكرة
ليتقد دوما بجمال الصورة وعمقها

شموع باهتة
09-05-2010, 10:36 AM
كتبت حواسك وأنفاسك لتأتينا برائعة مميزة

صهرت الأبداع وكونته قالبا هنا.

الألق إبراهيم الحارثي:

دام نبض قلمك نابضا بالأبداع والتميز.

لك عطر تحياتي وأطيب أمنياتي.

إبراهيم الحارثي
11-05-2010, 04:58 PM
aakintab (http://www.g111g.com/vb/members/188850.html)

شكرا لتواجدك أيها الألق
دامت مشاعرك تنبض بكل جميل

جريح الوقت
13-05-2010, 04:03 AM
أستاذنا الرائع / إبراهيــم ..

غبت طويلا ..

وكان العود أحمد ..

ليت كل غياب يأتي بمثل هذه ( المُعْذِرَة ) ..

كان ذاكـ حلما جميلا في ليل صاخب بأحداثه الملونة بألوان السواد ؛ يضيئها بارق الأمـل ؛ ويلطف جوها رذاذ سماء الحب العتيق ..!
فنحمد الله على سلامتكـ أولا هنا ..
ولإستياقظكـ بعد هذه الباذخة ..
أمطرتنا بها وبردت المكان كقطع الثلج التي ذابت حولكـ ..!
وداعبتنا كمداعبة من غابوا عنكـ وحضروا في الرمق الأخير وأنسوكـ وأنسونا (( الإرهاق )) ..


شكرا ياصديقي .. وعودا حميدا لكـ .. إلى كل من أحبكـ

جريح الوقت

السلطان
14-05-2010, 02:11 AM
إبراهيم الحارثي

غياب أتمنى ألا نحياه ثانيةً

عزيزي

علاقة حميمة بين ذاتك وقلمك

شعرنا بتدفق الإحساس مع تلك الحروف

شئٌ ما يؤكد عظمة ما بداخلك... وما يحتمله و يجثم على صدرك لا تحتضنه المعاجم

ابق بديعاً

كل المودة

أمـــاسي
14-05-2010, 05:48 PM
/



صور كثيرة تغمرنا بالتساؤلات
متعب هو الحظ حين يختنق ويخنقنا معه

كنت بارعاً عميقاً ..



/

طفلة السماء
14-05-2010, 11:00 PM
الوارف / إبراهيم الحارثي

تمنيت الا أصل الى حرفك الأخير حتى لاأخرج من هذه السلسه بأحداثها المشوقه


والتي عشت جزيئاتها وذراتها بكل متعه واسترسال .

جميل ماقرأته هنا

هنيئاً لنا بك سيدي حبرك يذرف جنون الإبداع

طفلة السماء

إبراهيم الحارثي
16-05-2010, 12:56 AM
لوحة نقشت بحرفة مبدع
استطاع تطويع الحرف ليتجلى بعمق
ليعانق الذات ويعري بعضا منها
لأنه يستحيل على أحد ان يسبر غور
الفكرة ويفك رموزها !!!!!

الحارثي ابراهيم

كنت هنا مبدع ملهم فحرفك بقلم
روائي قاص ولد من رحم الفكرة
ليتقد دوما بجمال الصورة وعمقها

عاشق الحزن ... وامتداد الروعة فيك سهم لايمكن النجدة منه
لك أجنحه تهب الأحرف انتفاضة أمل في باحة ألم متعبه
دمت مشرقا كشمس لاتمل التوهج

لك كل الحب...
وأطواق الياسمين

إبراهيم الحارثي
16-05-2010, 01:08 AM
كتبت حواسك وأنفاسك لتأتينا برائعة مميزة

صهرت الأبداع وكونته قالبا هنا.

الألق إبراهيم الحارثي:

دام نبض قلمك نابضا بالأبداع والتميز.

لك عطر تحياتي وأطيب أمنياتي.

شموع باهته ...
شكرا لردك الرائع
حفظك المولى ... ودمت لكل من حولك
باقات ورد لروحك :)

إبراهيم الحارثي
16-05-2010, 01:11 AM
أستاذنا الرائع / إبراهيــم ..

غبت طويلا ..

وكان العود أحمد ..

ليت كل غياب يأتي بمثل هذه ( المُعْذِرَة ) ..

كان ذاكـ حلما جميلا في ليل صاخب بأحداثه الملونة بألوان السواد ؛ يضيئها بارق الأمـل ؛ ويلطف جوها رذاذ سماء الحب العتيق ..!
فنحمد الله على سلامتكـ أولا هنا ..
ولإستياقظكـ بعد هذه الباذخة ..
أمطرتنا بها وبردت المكان كقطع الثلج التي ذابت حولكـ ..!
وداعبتنا كمداعبة من غابوا عنكـ وحضروا في الرمق الأخير وأنسوكـ وأنسونا (( الإرهاق )) ..


شكرا ياصديقي .. وعودا حميدا لكـ .. إلى كل من أحبكـ

جريح الوقت

:)
بحجم الشوق .. الذي يعتصر هما وحبا ...
أسطر لك كل معاني التقدير ...
دمت وفيا حد الإغراق ...
ودمت هائلا حد النقاء
جميل هو الوقت بك ... وبصحبتك أيها المنفرد
لا حرمنا المولى منك
دمت بجمال روحك أيها الوافي
:)

إبراهيم الحارثي
16-05-2010, 01:14 AM
إبراهيم الحارثي

غياب أتمنى ألا نحياه ثانيةً

عزيزي

علاقة حميمة بين ذاتك وقلمك

شعرنا بتدفق الإحساس مع تلك الحروف

شئٌ ما يؤكد عظمة ما بداخلك... وما يحتمله و يجثم على صدرك لا تحتضنه المعاجم

ابق بديعاً

كل المودة

عزيزي ....
بطعم الحُلم الجميل الذي يرفض الإنتهاء
بلون كل ألوان السماء ...
بحجم السبائك ...
بعدد السنابل ...
دمت مرهف الحس ..
مبدع... حد اللامعقول
دمت لغرابيل
ولكل من يهنأ بحرفك ...
:)

بنت الربيع
17-05-2010, 12:57 AM
ابراهيم الحارثي

في ظل من يرسمون منهج الإبداع سنكون بخير ..

شكرا" لفضاء غرابيل أسعد تنا بحرفك .


لك التقدير

إبراهيم الحارثي
17-05-2010, 02:58 AM
/



صور كثيرة تغمرنا بالتساؤلات
متعب هو الحظ حين يختنق ويخنقنا معه

كنت بارعاً عميقاً ..



/

كثيرة هي التساؤلات التي تتعب أجزاء الاجابات بالركض خلفها

دمت أيتها النقية ..
ودام حرفك أفقا لكل ابداع

إبراهيم الحارثي
17-05-2010, 03:01 AM
الوارف / إبراهيم الحارثي

تمنيت الا أصل الى حرفك الأخير حتى لاأخرج من هذه السلسه بأحداثها المشوقه


والتي عشت جزيئاتها وذراتها بكل متعه واسترسال .

جميل ماقرأته هنا

هنيئاً لنا بك سيدي حبرك يذرف جنون الإبداع

طفلة السماء

طفلة السماء
هنيئا لغرابيل بحرفك الذي ينشر الألق في كل الأجزاء
دمت مترفة بالأبجديه

إبراهيم الحارثي
17-05-2010, 03:04 AM
ابراهيم الحارثي

في ظل من يرسمون منهج الإبداع سنكون بخير ..

شكرا" لفضاء غرابيل أسعد تنا بحرفك .


لك التقدير

ولك كل التقدير سيدتي

دمت معول ابداع

تحياتي

عاشقة الفردوس الأعلى
18-05-2010, 12:02 PM
إبراهيم الحارثي

لو كنت أعلم أن الغياب يعيد الأحبة لأطلت غيابي أكثر

أهلاً بك ، وبحرفك مدداً

حضور للترحيب و إن كان متأخراً و لي عودة

تحيتي