المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ما أغفلنا عن الحقيقة!!



هـمس المـشاعر
10-03-2003, 10:05 PM
أخواني:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد:

فهذه قصة متخيلة، لواقع معاشٍ، وألمٍ متجددٍ، تنبش أوجاعه رفقة السوء، والتأثر بكل ما هو جديد، حتى لو كان يمس الدين، وكرامة الأفراد،

لعلي أسرد لكم القصة على لسان صاحبها، الذي يتنفس بعمق، ويستجدي الكلمات، تسبقها التأوهات والحسرات.


(( أنا شابٌ كغيري من الشباب، ممن افتقدوا القدوة، لا والله إنها موجودة،

لكنها تتلاشى أمام ناظري، كلما سقاني أصحابي سم المعصية، والنفور من كل

توجيه سليم.

كانت أسرتي مكونةً من أبٍ ناصحٍ ، يعمل جهده لإرضائنا وتوفير كل متطلبات الحياة لنا، عشت أنا وأمي وأبي وأختي، في جوٍّ من التصافي والمودة والاحترام، وتقدير الغير، مع الكثير من التضحية.

استمرت حياتي هكذا غير بعيد، حتى قيَّض الشيطان لي قرناء سوءٍ، زينوا لي طريق المعصية، وعلقوني بهم، في تمشياتهم ورحلاتهم خارج المدينة، حتى عشقت توجههم، فأثر ذلك على صلاتي، ولاحظ والداي تقصيري تجاههما، وتغير نبرة الحديث عن ذي قبل، كان والدي لا يبخل علي بنصيحة، ودائماً يحذرني من صديق السوء، وأنه مجلبة لكل منقصة، وسبب في تدني الشعور بالمروءة والرجولة، بل حتى تدني مستوى الدين في القلوب.

كنت أهز رأسي خلال حديثه، وأنا أضمر الضحك على نصائحه، وفي قرارة نفسي أنني قد كبرت على هذه النصائح، خصوصاً إذا قارنت نفسي بغيري من طلاب الثانوية ممن يملكون السيارات الفارهة.

بعد أن ينتهي من كلامه أصعد إلى غرفتي لأبدل ملابسي، ثم أتخطف الأرض سريعاً كي ألحق بصحبي، وهو يتابعني بنظراته مع هز رأسه، قبل أن أخرج، كان يسألني إن كنت في حاجة إلى بعض النقود، كنت وقتها أنظر له وكلي غيظ؛ لأني أعلم أنه لن يعطيني ما يكفي لبكت الدخان، كنت كل مرة أرفض عرضه، وحينها لن أعدم المال؛ حيث رزقني الله بأصحاب ميسورين، ويصرفون ببذخ.

كنا نجتمع كل يومٍ على أحد الأرصفة، نفتح أبواب السيارة، ونرفع صوت المسجل إلى أعلى درجاته، تنبعث من مجلسنا روائح الدخان، وسحب المعاصي.

لم نكن نشعر وقت اجتماعنا بسرعة مرور الوقت، كنا نستغل كل دقيقة في اللهو المحرم، إما بغزل، أو شرب الدخان، أو استماع الموسيقى الصاخبة.

قد تستغربون من ضآلة عملنا، أرجوكم لا تستغربوا فالغناء جرنا إلى الزنا(( الغناء بريد الزنا)) وشرب الدخان جرنا إلى شرب المسكر والحشيش.

كل الحوادث مبداها من الصغرِ**** ومعظم النار من مستصغر الشررِ




لعلي استبقت الأحداث عندما ذكرت شرب الحشيش والوقوع في فاحشة الزنا، لعلكم كذلك تستغربون من حديثي عن تلك المعاصي وكأنها منثورة بين أيدينا ننتقي منها ما نريد، وهذا هو الواقع، فالمال يسّر لنا الاستراحات والشقق المفروشة، وعدم وجود الأب الحازم، سهل لنا الغياب وقتما نشاء، دون محاسبة شديدة، أو تتبع للخطوات، لا ألوم أبي بقدر ما ألوم نفسي، على غلظة أسلوبي معه، وعدم تكسر جفائي وليونته أمام سيل دموع أمي الحنون، التي كانت تسح الدمع مدراراً، ترمي بنفسها أمامي، تطلب مني بكل استجداء أن أبقى لديهم وأن أبتعد عن تلك الصحبة السيئة، والله إنني لم أكن آبه بتوسلاتها، وكأن قلبي قد علته غشاوة من سواد حالك، كنت أنفض عن جسدي يداها بكل عنف، وأنا أسمع نشيجها وتأوهاتها المحرقة، لكنني كنت أعمى البصر والبصيرة.

نظر أبي إليّ وعيناه مغرورقتان بالدموع، وهو يقول: (( الله يستر عليك ياولدي، والله إني أخشى عليك ألا تعود)) أعقب كلماته بسيل من الدموع، قد انهمر على وجهه.
أتُرى تلك الدموع قد أثرت فيّ؟!
والله إنها لم تحرك أي ساكن، ضربت بتوسلاتهم عرض الحائط، خرجت لا ألوي على شيء، سوى أن في مخيلتي السفر مع أصحابي إلى البحرين، ولماذا الوداع، واجترار الأحزان عند أهلي، لن أخبرهم- هكذا حدثتني نفسي-، وكالعادة فقد زودني أصحابي بالمال.

انطلقنا في سرعة مبهرة، وكأننا نستحث الموت للإسراع باقتلاع أرواحنا من أجسادنا، دون سابق إنذار انفجر أحد الإطارات، لم يستطع السائق السيطرة على السيارة، أحسست وقتها بربكة وصياح، ثم لم أشعر بنفسي إلا وأنا على هذا السرير، أخبرني الطبيب أنني استمريت في غيبوبة لمدة شهرين، أفقت على مالم أتوقعه في لحظات الطيش، أفقت على شلل كامل لجسدي.
سألت عن أصحابي وما جرى لهم! فأخبرني الطبيب بأنهم توفوا ساعة الحادث، ولم يبقَ سواي، يآآآآه كيف لو باغتني الموت معهم في تلك اللحظة، ونحن على أسوأ حال، يذكر رجال أمن الطرق، أن السيارة قد احترقت، وحتى وهي تحترق تسمع صوت الموسيقى يزعج كل سكون، ويؤذي كل سمع.
كيف لو متُّ معهم في تلك اللحظة!
كيف سيكون مصيري؟! وأنا قد أسرفت على نفسي بالذنوب!
يآآآآه كيف ستكون حياة البرزخ! وهل أستطيع الإجابة على أسئلة الملكين!
أم تلجمني الهاه وعدم العلم.
مع ما أعانيه من شلل كاملٍ الآن إلا أنني أحمد الله في كل لحظة على أن روحي لم تخرج في تلك اللحظة! وهأنذا في هذه اللحظة أعلنها توبة صادقة نصوح لله تعالى، راجياً منه المغفرة وحسن الجزاء.

أخواني يامن تقرؤون قصتي هل أنتم بحاجة إلى مثل ما أصابني من بلاء حتى ترجعوا إلى بارئكم؟!
أخواني اغتنموا فرصة صحتكم قبل مرضكم، وشبابكم قبل هرمكم، وفراغكم قبل شغلكم.
فقط هي أمنية الآن أن يعيدني الله إلى زمن التلاحم الجميل في عائلتنا.

اللهم اغفر زلاتي، وتجاوز عن أخطائي، ومد في عمري كي أعمل الخير عله يطغى على بقعة السواد المتسعة في صحيفتي.

أخواني:

لا تفوتوا فرصة الرجوع والتوبة، مادمتم على قيد الحياة، فإن الموت يأتي بغتة، يتخطف العباد وهم عنه غافلون.

ما أحوجنا إلى توبة نصوح نعاهد الله على فعل الخير، واجتناب كل ما من شأنه، أن يسود وجوهنا يوم القيامة.))


انتهت قصة خالد، أسوقها لكم، لعل فيها العظة والعبرة، وتقبلوا فائق محبتي، وخالص أخوتي.


أخوكم/ فهد.

المفكر
10-03-2003, 11:58 PM
اثابك الله اخى فهد

قصه فيه من العبر اشى الكثير وهل من معتبر

همس البدر
11-03-2003, 01:04 AM
الف شكر اخوي على هذي القصة الرائعة

( فذكر إن الذكرا تنفع المؤمنين )

اخوك
همس البدر

أمل عبدالعزيز
11-03-2003, 01:06 AM
إنَّ في ذلك لعبرة لمن كان له قلب’’ أو ألقى السمع وهو شهيد00

تتناثر الأشلاء’ من حولنا ولا أعتبار000

تنهارُ القيم والمبادىء وليس لها فى قلوبنا أى أثار000

فنسأل الله أن يرزقنا توبة نصوحاً قبل يوم الفرار 00

ومن رحمة الله بهذا العبد أن أبقى له روحاً لتؤوب إلى رشدها00

ونتمنى أن يعيدنا الله إليه دونما مصيبةٍ أو خطبٍ جللٍ , فاللهمَّ ردنا إليك رداً جميلاً00

كل التقدير لك أخي فى الله فهد على هذه العبرة 00

أختك الرهيبة :)

هـمس المـشاعر
11-03-2003, 03:20 PM
أخي/ المفكر:

أشكر لك حضورك وإطراءك على القصة، أتمنى أن تجد قلوباً تحتضن الموعظة.

أشكرك أخي كل حين.

أخوك/ فهد.





أخي/ همس البدر:

(( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)) الذاريات/ 55.

جعل الله هذه الآية منطبقة على تلك القصة، وعل تلك القصة تهطل على قلوب مشتاقة للوعظ.

أشكر لك أخي مرورك الكريم.

أخوك/ فهد.





أختي/ الرهيبة:

هي دعوة صادقة لكل قلب سليم خالٍ من شائبة الشك، دعوة للرجوع إلى الباري سبحانه، دعوة لتطهير النفس من أدران المعاصي، دعوة لتليين جفوة القلوب، دعوة للسمو الروحي حتى تصل النفس إلى درجة عالية من درجات الإيمان الصادق.

لكن أين القلوب التي تتأثر بالوعظ، لقد ران عليها الهجر والتبعية الحمقاء لنعيق الشياطين، أستغرب كل الاستغراب من أنفسنا، لا تفكر بالتوبة حتى ترى الموت ماثلاً أمام عينيها، أو يصيب المرض الجسد، فتنهكه، فيحس في تلك اللحظة بالضعف والحاجة إلى الله،(( فلما نجاكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً)) الإسراء/ 67.

ترقى النفس وقت الأحزان والأمراض وتذكر الموت، فإذا أمنّا الموت التهينا بدنيانا مع اغتراف الذنوب واقترافها، وصبها في قِدر الأعمال.

أشكر لكِ إضاءاتك النيرة.

أخوك/ فهد.

الرئيسة
12-03-2003, 07:40 AM
قصــــــــــــة رائـــــــــعة

لا والله ياأخي لا نحتاج لمثل ما حصل لخالد لكي نعود

وياليت كل أنسان فكر في مثل هذا هل ينتظر الإنسان مصيبة تقع عليه حتى يعو د

ولكن نسأل الله أن يهدينا ويغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا

وشكر الله لك ياأخي سرد هذه القصة حتى نصحوا من الغفلة ونتمنى منك المزيد ياأخ فهد .......................