بـيـبـرس
29-12-2009, 10:15 AM
http://www.al-madina.com/files/imagecache/node_photo/files/rbimages/1262020395231928700.jpg
الثلاثاء, 29 ديسمبر 2009
أحمد عبدالرحمن العرفج
تبدو مسألة تزويج البنات حائرة؛ بين الرَّغبة في الاقتران بذوي النّفوذ والمَال، وبين تَوصيات الدِّين؛ التي تَجعل المَكانة العُليا له؛ مُقدَّمة على الحَسَب والنَّسب، والجَمال والمَال!
وفي صُحف هذه الأيَّام؛ نجد الشَّكاوى كثيرة مِن غَلاء المهور.. وفي المُقابل نَجد مَن يزوّج ابنته بريال أو ريالين، أو حتَّى اخطب واحدة؛ واحصل على الثَّانية مجاناً!
والمُطالع لكُتب التُّراث؛ يَجد أنَّ هذه المَسألة -أعني اختيار «زوج البنت»-، مسألة قديمة، فبَعد الأحاديث الشَّريفة التي تُحدِّد مواصفات «الزّوج»، تأتي كُتب التُّراث، ولعلَّ مِن أبرزها، ما ذكره صَاحب الأغاني عن «بنتي» شَاعرنا «أبي العتاهية»، حيث يروي «أبو الفرج» في أغانيه قائلاً: (أخبرني «حبيب بن نصر» قال: حدَّثنا «عمر بن شبة» قال: كانت لـ «أبي العتاهية» بنتان اسم إحداهما «لله»، والأخرى «بالله»، فخَطب «منصور بن المهدي» البنت «لله»؛ فلم يُزوّجه، وقال: إنَّما طلبها لأنَّها بنت «أبي العتاهية»!، وكأنّي به وقد ملّها، فلم يكن لي إلى الانتصاف منه سبيل، وما كنتُ لأزوّجها لبائع خزف، أو جزَّار، ولكني أختار لها «مُوسراً»)!
ثم يُعلِّق شيخنا الغزَّاوي على هذا النَّص بقوله: («ما أشبه الليلة بالبارحة»، فصاحبنا الزَّاهد لم يشترط علماً ولا فقهاً، ولا وَرعاً ولا تديّناً، ولكنما يختار زوج ابنته «لله» مُوسراً! وقد سمَّاها بما يجعلها مِن القانتات الصَّالحات، وإن كان مِن واجبه أن يَختار لها مَن يستطيع الإنفاق عليها، كمثيلاتها مِن بنات عَصرها وجيلها، إلَّا أن تَكون العلّة مُزمنة مُنذ أكثر مِن ألف عام)!
إنَّ النَّص السَّابق يُعطي مؤشِّرات كثيرة، منها أنَّ أصحاب النّفوذ كانوا يتقرّبون مِن الشُّعراء، بعَكس ما يَحدث في عصرنا الحاضر، حيث يَتسلتح مئات الشُّعراء على «نصف مُتنفِّذ»!
كما أنَّ النَّص يُشير إلى قِدَم اختيار الأسماء الغريبة؛ التي يُقصد بها «المُزايدة» على الدِّين، فمَن مِن المُعاصرين يُسمِّي ابنته «لله» أو «بالله»؟!
وعلى ذمّة شيخنا الغزَّاوي حول هذه الأسماء يَقول:
(وقد ذكَّرتني هذه التَّسمية بما قَرأته في «بومباي» بالهند عام 1343هـ -أي قبل نحو 45 عاماً- في اللافتات التي تُرفع على بعض الفنادق، مثل «هوتيل سُبحان الله»، أو «فندق إن شَاء الله»)!
في النّهاية.. ماذا بقي..؟!
بقي القول : أقول قولي هذا.. وأستغفر الله لي ولكم، وللغزَّاوي ولأبي العتاهية، وللقارئ والقارئة، ومَن نَوى أن يَقرأ، ولم تَسمح له الظُّروف!.
م ك ن ه ق ض ا ي ا ...
الثلاثاء, 29 ديسمبر 2009
أحمد عبدالرحمن العرفج
تبدو مسألة تزويج البنات حائرة؛ بين الرَّغبة في الاقتران بذوي النّفوذ والمَال، وبين تَوصيات الدِّين؛ التي تَجعل المَكانة العُليا له؛ مُقدَّمة على الحَسَب والنَّسب، والجَمال والمَال!
وفي صُحف هذه الأيَّام؛ نجد الشَّكاوى كثيرة مِن غَلاء المهور.. وفي المُقابل نَجد مَن يزوّج ابنته بريال أو ريالين، أو حتَّى اخطب واحدة؛ واحصل على الثَّانية مجاناً!
والمُطالع لكُتب التُّراث؛ يَجد أنَّ هذه المَسألة -أعني اختيار «زوج البنت»-، مسألة قديمة، فبَعد الأحاديث الشَّريفة التي تُحدِّد مواصفات «الزّوج»، تأتي كُتب التُّراث، ولعلَّ مِن أبرزها، ما ذكره صَاحب الأغاني عن «بنتي» شَاعرنا «أبي العتاهية»، حيث يروي «أبو الفرج» في أغانيه قائلاً: (أخبرني «حبيب بن نصر» قال: حدَّثنا «عمر بن شبة» قال: كانت لـ «أبي العتاهية» بنتان اسم إحداهما «لله»، والأخرى «بالله»، فخَطب «منصور بن المهدي» البنت «لله»؛ فلم يُزوّجه، وقال: إنَّما طلبها لأنَّها بنت «أبي العتاهية»!، وكأنّي به وقد ملّها، فلم يكن لي إلى الانتصاف منه سبيل، وما كنتُ لأزوّجها لبائع خزف، أو جزَّار، ولكني أختار لها «مُوسراً»)!
ثم يُعلِّق شيخنا الغزَّاوي على هذا النَّص بقوله: («ما أشبه الليلة بالبارحة»، فصاحبنا الزَّاهد لم يشترط علماً ولا فقهاً، ولا وَرعاً ولا تديّناً، ولكنما يختار زوج ابنته «لله» مُوسراً! وقد سمَّاها بما يجعلها مِن القانتات الصَّالحات، وإن كان مِن واجبه أن يَختار لها مَن يستطيع الإنفاق عليها، كمثيلاتها مِن بنات عَصرها وجيلها، إلَّا أن تَكون العلّة مُزمنة مُنذ أكثر مِن ألف عام)!
إنَّ النَّص السَّابق يُعطي مؤشِّرات كثيرة، منها أنَّ أصحاب النّفوذ كانوا يتقرّبون مِن الشُّعراء، بعَكس ما يَحدث في عصرنا الحاضر، حيث يَتسلتح مئات الشُّعراء على «نصف مُتنفِّذ»!
كما أنَّ النَّص يُشير إلى قِدَم اختيار الأسماء الغريبة؛ التي يُقصد بها «المُزايدة» على الدِّين، فمَن مِن المُعاصرين يُسمِّي ابنته «لله» أو «بالله»؟!
وعلى ذمّة شيخنا الغزَّاوي حول هذه الأسماء يَقول:
(وقد ذكَّرتني هذه التَّسمية بما قَرأته في «بومباي» بالهند عام 1343هـ -أي قبل نحو 45 عاماً- في اللافتات التي تُرفع على بعض الفنادق، مثل «هوتيل سُبحان الله»، أو «فندق إن شَاء الله»)!
في النّهاية.. ماذا بقي..؟!
بقي القول : أقول قولي هذا.. وأستغفر الله لي ولكم، وللغزَّاوي ولأبي العتاهية، وللقارئ والقارئة، ومَن نَوى أن يَقرأ، ولم تَسمح له الظُّروف!.
م ك ن ه ق ض ا ي ا ...