المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز لي أن أدعوا على نفسي بالمـــــوت قبل بلوغ الأجل.....!!!



**عشــق البــدر**
08-10-2009, 10:15 PM
هل يجوز لي أن أدعو على نفسي بالوفاة قبل بلوغ الأجل ؟
السؤال: أدعو ربي أن يتوفني قبل أجلي ، وأنا في شهر رمضان ، وفي سجودي ، فهل يجوز لي أن أدعو بذلك أم لا يجوز ؟ وجزاكم الله خيرا ، وبارك فيكم ، وكثر من أمثالكم .







الجواب :
الحمد لله
من دعا على نفسه بالموت قبل حلول الأجل فقد اعتدى في دعائه من جهتين :


من جهة عدم الإيمان بمضمون قوله تعالى : ( وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ) النحل/61،
عن أبي أمامة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( نفث روح القدس في روعي : أن نفسا لن تخرج من الدنيا حتى تستكمل أجلها ، وتستوعب رزقها ؛ فأجملوا في الطلب ، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعصية الله ؛ فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته ) . رواه الطبراني في "المعجم الكبير"(8/166) ، وصححه الألباني .


فكل شيء عند الله بأجل معلوم محدود ، وإذا دعا أحد على نفسه بالموت قبل الأجل دل على وجود الخلل في إيمانه بالقضاء والقدر وفهمه له .


ومن جهة الوقوع فيما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد نهى أن يدعو المسلم بالموت على نفسه في أحاديث كثيرة ، اتفق على صحتها أهل العلم جميعا .


هذا وإن كان أهل العلم يذكرون لتمني الموت حالات كثيرة ، ولكل حالة حكمها ، إلا أن الغالب في تمني الناس الموت إنما هو في الجانب المحظور الممنوع ، ونحن ننقل هنا كلام أهل العلم في أقسام وحالات تمني الموت .


قال الحافظ ابن رجب رحمه الله :


" خرج الإمام أحمد من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا تَمَنَّوْا الْمَوْتَ فَإِنَّ هَوْلَ الْمَطْلَعِ شَدِيدٌ وَإِنَّ مِنْ السَّعَادَةِ أَنْ يَطُولَ عُمْرُ الْعَبْدِ وَيَرْزُقَهُ اللَّهُ الْإِنَابَةَ ) – " مسند أحمد " (22/426) وحسنه المحققون في طبعة مؤسسة الرسالة -.


فتمني الموت يقع على وجوه :


1- منها : تمنيه لضر دنيوي ينزل بالعبد : فينهى حينئذ عن تمني الموت ، وفي الصحيحين عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ : اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي ، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي ) - رواه البخاري (6351)، ومسلم (2680) - .


ووجه كراهيته في هذا الحال أن المتمني للموت لضر نزل به إنما يتمناه تعجيلا للاستراحة من ضره ، وهو لا يدري إلى ما يصير بعد الموت ، فلعله يصير إلى ضر أعظم من ضره ، فيكون كالمستجير من الرمضاء بالنار ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنما يستريح من غفر له ) – صحيح بطرقه ، انظر " السلسلة الصحيحة " ( 1710 ) - ، فلهذا لا ينبغي له أن يدعو بالموت ، إلا أن يشترط أن يكون خيرا له عند الله عز وجل ، فكذلك كل ما يعلم العبد فيه الخيرة له ، كالغنى والفقر وغيرهما ، كما يشرع له استخارة الله تعالى فيما يريد أن يعمله مما لا يعلم وجه الخيرة فيه ، وإنما يسأل الله عز وجل على وجه الجزم والقطع مما يعلم أنه خير محض ، كالمغفرة والرحمة والعفو والعافية والتقى والهدى ونحو ذلك .


2- ومنها : تمنيه خوفَ الفتنة في الدين : فيجوز حينئذ ، وقد تمناه ودعا به خشية فتنة الدين خلق من الصحابة وأئمة الإسلام ، وفي حديث المنام : ( وإذا أردت بقوم فتنة فاقبضني إليك غير مفتون ).


3- ومنها : تمني الموت عند حضور أسباب الشهادة اغتناما لحضورها : فيجوز ذلك أيضا ، وسؤال الصحابة الشهادة وتعرضهم لها عند حضور الجهاد كثير مشهور ، وكذلك سؤال معاذ لنفسه وأهل بيته الطاعون لما وقع بالشام .


4- ومنها : تمني الموت لمن وثق بعمله شوقا إلى لقاء الله عز وجل : فهذا يجوز أيضا ، وقد فعله كثير من السلف : قال أبو الدرداء : أحب الموت اشتياقا إلى ربي . وقال أبو عنبسة الخولاني : كان مَنْ قَبْلكم لقاء الله أحب إليه من الشهد . و قال بعضهم : طال شوقي إليك فعجِّل قدومي عليك . وقد دل على جواز ذلك قول الله عز وجل : ( قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ ) البقرة/94، وقوله : ( قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ ) الجمعة/6، فدل ذلك على أن أولياء الله لا يكرهون الموت ، بل يتمنونه ، ثم أخبر أنهم : ( لا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ) الجمعة/7 فدل على أنه يكره الموت من له ذنوب يخاف القدوم عليها ، كما قال بعض السلف : ما يكره الموت إلا مُريب . وفي حديث عمار بن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أسألك لذة النظر إلى وجهك ، وشوقا إلى لقائك ، في غير ضراء مضرة ، ولا فتنة مضلة ) فالشوق إلى لقاء الله تعالى إنما يكون بمحبة الموت ، وذلك لا يقع غالبا إلا عند خوف ضراء مضرة في الدنيا ، أو فتنة مضلة في الدين ، فأما إذا خلا عن ذلك كان شوقا إلى لقاء الله عز وجل ، وهو المسؤول في هذا الحديث ، فالمطيع لله مستأنس بربه ، فهو يحب لقاء الله ، والله يحب لقاءه ، والعاصي مستوحش ، بينه وبين مولاه وحشة الذنوب ، فهو يكره لقاء ربه ، ولا بد له منه .


قال ذو النون: كل مطيع مستأنس ، وكل عاص مستوحش.


قال أبو بكر الصديق لعمر رضي الله عنهما في وصيته له عند الموت : إن حفظت وصيتي لم يكن غائب أحب إليك من الموت ولا بد لك منه ، وإن ضيَّعتها لم يكن غائب أكره إليك من الموت ولن تعجزه .


قال أبو حازم : كل عمل تكره الموت من أجله فاتركه ، ثم لا يضرك متى مت .


5- ومنها : تمني الموت على غير الوجوه المتقدمة : فقد اختلف العلماء في كراهيته واستحبابه ، وقد رخص فيه جماعة من السلف ، وكرهه آخرون .


وقد علل النهي عن تمني الموت في حديث جابر بعلتين :


إحداهما : أن هول المطلع شديد ، وهول المطلع : هو ما يكشف للميت عند حضور الموت من الأهوال التي لا عهد له بشيء منها في الدنيا ، من رؤية الملائكة ، ورؤية أعماله من خير أو شر ، وما يبشر به عند ذلك من الجنة والنار ، هذا مع ما يلقاه من شدة الموت وكربه وغصصه .


قال الحسن : لو أعلم ابن آدم أن له في الموت راحة وفرحا لشق عليه أن يأتيه الموت ، لما يعلم من فظاعته وشدته وهوله ، فكيف وهو لا يعلم ما له في الموت : نعيم دائم ، أو عذب مقيم . فالمتمني للموت كأنه يستعجل حلول البلاء ، وإنما أمرنا بسؤال العافية .


وسمع ابن عمر رجلا يتمنى الموت فقال: لا تتمنى الموت فإنك ميت ولكن سل الله العافية .


قال إبراهيم بن أدهم : إن للموت كأسا ، لا يقوى عليها إلا خائف وجل مطيع لله ، كان يتوقعها .


حتى قال عمر عند موته : لو أن لي ما في الأرض لافتديت به من هول المُطَّلع .


والعلة الثانية : أن المؤمن لا يزيده عمره إلا خيرا ، فمن سعادته أن يطول عمره ويرزقه الله الإنابة إليه ، والتوبة من ذنوبه السالفة ، والاجتهاد في العمل الصالح ، فإذا تمنى الموت فقد تمنى انقطاع عمله الصالح ، فلا ينبغي له ذلك .


وفي المعنى أحاديث كثيرة ، وكلها تدل على النهي عن تمني الموت بكل حال ، وأن طول عمر المؤمن خير له ، فإنه يزداد فيه خيرا .


" انتهى باختصار.
" لطائف المعارف " (295-305) ، وينظر : "شرح حديث عمار بن ياسر" ، للحافظ ابن رجب الحنبلي ، رحمه الله .


وقد سبق التوسع في الجواب على هذا السؤال تحت الرقم : (46592) (file://islamqa1/IslamQA/QA%201430/9/ar/ref/46592)
والله أعلم .




الإسلام سؤال وجواب
م/ن

اشتقت لأيامك
09-10-2009, 01:38 PM
اثابك الله وجزاك عن هذا الموضوع كل خير

احترامي ,,

*الفارس*
09-10-2009, 01:57 PM
بارك الله فيك

وجزاك الله خيرا

وبارك في الشيخ المنجد ونفع به

جميل الثبيتي
09-10-2009, 03:06 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا ورفع قدركم

وبارك لنا في شيخنا محمد ونفعنا به وبعلمه

وفقكم الله

وليد بن محمد
09-10-2009, 11:06 PM
بـاركـ الله فيكـ أختي وفيما نقلتي
وحفظ الله مشايخنا وجزاهم الله عنا خير الجزاء

فخر أهلها
10-10-2009, 01:39 AM
جزاك الله خير الجزاء

الله يحيينا مادامت الحياة خيرا لنا ويتوفانا اذا كانت الوفاه خيرا لنا

تحياتي لك

**عشــق البــدر**
10-10-2009, 02:19 AM
حياكم الله اخواني واخواتي
الله يجازيكم كل الخير
ودمتم بحفظ ورعاية الرحمن......

ينابيع الأمل
11-10-2009, 10:46 PM
جزاكي الله خير الجزاء
على هذا الطرح القيم
في منضمونه
وجعله في ميزان حسناتكي
بارك الله فيكي
وسدد خطاكي

سمووره
11-10-2009, 10:49 PM
الله يجزاك كل خير ويبارك فيك على هالتوضيح المهم والمفيد
في موازين حسناتك يارب

**عشــق البــدر**
13-10-2009, 01:09 AM
ينابيع الأمل....
حياك الله اختي الغالية اسعدني تواجدك...

سمووره...
منوره يالذوق حياك الله
لاتحرمينا طلتك...

دمتم بحفظ وعاية ارحمن..........