سليمان الذويخ
14-08-2009, 04:35 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:
:
:
:
بعد صلاةِ العشاء توجهتُ كالعادة إلى مجلسنا في الحي ، إنه ذلك المجلس الذي كنا أنا وصُحبَتي نلعب عند عتباته أيام الطفولة ، وكان ينهرنا آباؤنا من داخله ، فالباب مفتوح وصوتنا يقتحم صَفو حديثهم.
أما الآن وبعد رحيل جيل الآباء، جاء جيل الأبناء ليحل محله ، فبعد أن كُنا نلعب خارج المجلس في ذلك الزمن ، الآن نجلسُ بداخلهِ كلٌّ مكان أبيه ،
فسبحان الله.
وصلتُ للمجلسِ ودخلتُ على رجالاتِ الحي وأخذتُ موضعي بينهم وجلستُ مكان أبي رحمه الله ،
وبدأتُ بالطرائف والجودُ بما يَرسِمُ الابتسامة على وجُوهِهم ، كيف لا وقد قيل: من شابهَ أباهُ فما ظلم.!!
وبينما نحن في غَمْرةِ الحديث ، فُتِحَ الباب ، فإذا بشيخٍ كبيرٍ أخذ من الهيبة كل نصيب ، دخل دون استئذان ، وكأن دخوله محتوم ، شئنا أم أبينا؟! ،
إلا إن وقاره أسر عقولنا عن كل تفكير.
وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
فرددنا عليه السلام ، وقلنا: تفضل يا عَم.
ووقفنا له جميعا احتراما وتقديرا.
وبعد جلوسه ، بدأ في الحديث ، واستطرد في القول
فقال لي: ماشاء الله ، أنت تشبه أباك.!!
فقلت له : أوتعرفُ أبي.؟!!
فقال: وكيف لا أعرفه.!! لقد جئت هنا منذ زمن طويل ورأيته جالسٌ في مكانك هذا.!
ثم قال: لعلكم لا تعرفوني؟! ولكني أعرفكم ، وأعرف آباءكم ، فأنا شيخ كبير ، وعهدي بالزمن قديم ، عملتُ في التجارة ، ولكن هذه الأيام قَلَّ المتاجرون ، فلا أجدهم إلا قليلا.!!
يا أبنائي لم أعد مرغوبا كما كنت ، ذهبت أيام الشباب ، وازدادت آلامي ، واحدودب ظهري ، ولا تقوى على حملي عظامي ، لا زوجة لي ولا ولد ، تقتلني وحدتي ،
زَهِدَ بيَ الناس ، وإن طرقت باب أحدهم فتحه على استحياء ، وأعرف عدم رضاه من بين عيناه ، فأتراجعُ حتى لا أزيده ثِقلا ، يا أبنائي كم عَبرة كاد أن يشق مجراها تجاعيد وجهي طول هذه السنين، ضَعُفت قوتي ، وقلت حيلتي ، لا أنيس ولا جليس ، تروح الناس وتجيء ، ولا سائلٌ يسأل ، مع إني أحب الناس ، ولكنهم لا يحبوني؟!! ، إن أقبلت عليهم عبست وجوههم ، وساءت أفواههم ، وإن رحلت عنهم ، ابتهجوا سرورا وفرحا ، هذه حالي ، والله المستعان ، فلا أوصيكم؟!! ، الله الله ، الله الله......
انتهى كلامه.
ثم نهض على عكازه باذلاً جهداً حتى وقف على ساقيه ،
ثم همَّ بالخروج ،
فرفع أحدنا صوته مُناديا : ياعم ياعم.!! ، ولكنه خرج..!! فقلت لصديقي : اذهب خلفه وأعطه شيئا وسَله عن اسمه.
فخرج صديقنا له ، ولم تمضِ دقائق حتى عاد صديقنا وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، إنا لله وإنا إليه راجعون.
فبادرناه قائلين: على رسلك ، أحدث مكروه؟!!!
فقال: لا.
فقلنا: أأخذ المال؟! ،
فقال: لا ،
قلنا: أعرفت اسمه؟! قال: نعم.
قلنا: وما اسمه؟!
قال:
إنه رمضان
..!!
بلغنا الله وإياكم هذا الشهر الفضيل وأعاننا على صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيه عنا وجعلنا فيه من المقبولين ومن عتقائه من النار ووالدينا ووالديكم والمسلمين اجمعين
منقول ببعض التصرف
:
:
:
:
بعد صلاةِ العشاء توجهتُ كالعادة إلى مجلسنا في الحي ، إنه ذلك المجلس الذي كنا أنا وصُحبَتي نلعب عند عتباته أيام الطفولة ، وكان ينهرنا آباؤنا من داخله ، فالباب مفتوح وصوتنا يقتحم صَفو حديثهم.
أما الآن وبعد رحيل جيل الآباء، جاء جيل الأبناء ليحل محله ، فبعد أن كُنا نلعب خارج المجلس في ذلك الزمن ، الآن نجلسُ بداخلهِ كلٌّ مكان أبيه ،
فسبحان الله.
وصلتُ للمجلسِ ودخلتُ على رجالاتِ الحي وأخذتُ موضعي بينهم وجلستُ مكان أبي رحمه الله ،
وبدأتُ بالطرائف والجودُ بما يَرسِمُ الابتسامة على وجُوهِهم ، كيف لا وقد قيل: من شابهَ أباهُ فما ظلم.!!
وبينما نحن في غَمْرةِ الحديث ، فُتِحَ الباب ، فإذا بشيخٍ كبيرٍ أخذ من الهيبة كل نصيب ، دخل دون استئذان ، وكأن دخوله محتوم ، شئنا أم أبينا؟! ،
إلا إن وقاره أسر عقولنا عن كل تفكير.
وقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،
فرددنا عليه السلام ، وقلنا: تفضل يا عَم.
ووقفنا له جميعا احتراما وتقديرا.
وبعد جلوسه ، بدأ في الحديث ، واستطرد في القول
فقال لي: ماشاء الله ، أنت تشبه أباك.!!
فقلت له : أوتعرفُ أبي.؟!!
فقال: وكيف لا أعرفه.!! لقد جئت هنا منذ زمن طويل ورأيته جالسٌ في مكانك هذا.!
ثم قال: لعلكم لا تعرفوني؟! ولكني أعرفكم ، وأعرف آباءكم ، فأنا شيخ كبير ، وعهدي بالزمن قديم ، عملتُ في التجارة ، ولكن هذه الأيام قَلَّ المتاجرون ، فلا أجدهم إلا قليلا.!!
يا أبنائي لم أعد مرغوبا كما كنت ، ذهبت أيام الشباب ، وازدادت آلامي ، واحدودب ظهري ، ولا تقوى على حملي عظامي ، لا زوجة لي ولا ولد ، تقتلني وحدتي ،
زَهِدَ بيَ الناس ، وإن طرقت باب أحدهم فتحه على استحياء ، وأعرف عدم رضاه من بين عيناه ، فأتراجعُ حتى لا أزيده ثِقلا ، يا أبنائي كم عَبرة كاد أن يشق مجراها تجاعيد وجهي طول هذه السنين، ضَعُفت قوتي ، وقلت حيلتي ، لا أنيس ولا جليس ، تروح الناس وتجيء ، ولا سائلٌ يسأل ، مع إني أحب الناس ، ولكنهم لا يحبوني؟!! ، إن أقبلت عليهم عبست وجوههم ، وساءت أفواههم ، وإن رحلت عنهم ، ابتهجوا سرورا وفرحا ، هذه حالي ، والله المستعان ، فلا أوصيكم؟!! ، الله الله ، الله الله......
انتهى كلامه.
ثم نهض على عكازه باذلاً جهداً حتى وقف على ساقيه ،
ثم همَّ بالخروج ،
فرفع أحدنا صوته مُناديا : ياعم ياعم.!! ، ولكنه خرج..!! فقلت لصديقي : اذهب خلفه وأعطه شيئا وسَله عن اسمه.
فخرج صديقنا له ، ولم تمضِ دقائق حتى عاد صديقنا وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، إنا لله وإنا إليه راجعون.
فبادرناه قائلين: على رسلك ، أحدث مكروه؟!!!
فقال: لا.
فقلنا: أأخذ المال؟! ،
فقال: لا ،
قلنا: أعرفت اسمه؟! قال: نعم.
قلنا: وما اسمه؟!
قال:
إنه رمضان
..!!
بلغنا الله وإياكم هذا الشهر الفضيل وأعاننا على صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيه عنا وجعلنا فيه من المقبولين ومن عتقائه من النار ووالدينا ووالديكم والمسلمين اجمعين
منقول ببعض التصرف