المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يحكى أن



مروان قدري
06-07-2009, 07:51 PM
يحكى أن



يحكى أن أحد الولاة طلب من أحد عماله في بلدٍ ما أن يفد إليه لمدارسة أحوال رعيته ولمشاورته في الأمور التي تهم الخاصة والعامة وترقى بالبلاد والعباد .

ولما وصل الخطاب إلى العامل ، قبله و رفعه إلى رأسه وهمَّ مسرعاً ملبياً النداء فحزم أمتعته وأوكل مهام إمارته إلى أحد خلصائه ، ويمم وجهه نحو مركز الخلافة ليشرف بمكرمة الامتثال .

وصل صاحبنا إلى العاصمة فلم يجد أحداً في استقباله إلا رسالة كتب فيها : إذا وصلت بأمان الله وسلامته ، فتوجه إلى قصر الضيافة ، وهناك تجد ما يسرك ، فلقد أعددنا لك كل متطلبات الراحة وانتظر في الصباح رسولنا إليك ليصطحبك إلينا .

اضطرب الرجل بادئ ذي بدء ، فهو لا يعرف العاصمة ولم يسبق له أن وطئت قدماه ثراها ، وخشي أن يتوه في زخمها وزحمتها وشوارعها وجسورها لكنه قال في نفسه : مادمت من ناطقي الضاد فعلام الخوف والوجل ؟ ثم تقدم إلى أحد الصارخين الذين يستقبلون القادمين بأصواتهم النشاز ، و سأله : هل تعرف يا أخا العرب قصر الضيافة ؟

أجاب الصارخ بتعالٍ وكبرياء : أعرف كل شبرٍ في العاصمة ، ثم تناول الأمتعة وقذفها في مؤخرة العربة دون اكتراث أو اهتمام ، وفال بصوته الأجش : هيا اصعد ماذا تنتظر ؟

صعد صاحبناً مرتبكاً ، فإذ بالرجل يضرب عربته فتنطلق كالسهم المنفلت من القوس ، وكلما ارتقى مرتفعاً أو هبط منخفضاً قرأ الرجل عل روحه فاتحة الكتاب والمعوذات ، ولم يمض من الساعة إلا ربعها حتى أوقف السائق عربته أمام قصر منيف وقال له : تفضل فهذا هو مبتغاك

نظر الرجل إلى القصر فوجد لوحة كبيرة تحمل اسمه ، فاطمأن ونزل ، ثم دفع للكاري خمسين درهماً وانتظر أن يرد إليه الباقي ، فلم يجد منه سوى بسمة لئيمة وانطلاقة سريعة مع تمتمة أحسَّ أنها ساخرة ( الحمد لله على سلامتك ) .

وما إن لمست قدماه ردهات القصر حتى ابتدره أحد الخدم مسلماً و مرحباً وحمل عنه أمتعته وأوصله إلى كبير المستقبلين ،عرَّفه بنفسه فعرفه ثم أشار إلى الخادم أن سرْ به إلى الحجرة ( 211 ) وما هي إلا لحظات حتى وجد الرجل نفسه بين أحضان غرفة في غاية الجمال والكمال ، ألقى بجسده المنهك على سريرها ولم يشعر إلا وأذان الفجر المنبعث من المسجد القريب للقصر يوقظه ، قام إلى صلاة الفجر متفائلاً ، ثم غاب في أحلام اليقظة بتصور استقبال الوالي له والموضوعات التي سيطرحها معه ، ولم تدم الأحلام طويلاً حتى جاءه الرسول وحمله إلى الوالي .

لن تتصور مدى فرحه و غبطته بهذا الشرف العظيم ، لقد كان اللقاء حميماً عطوفاً مثمراً ناجحاً وانتهى كومض البرق ، وهمَّ صاحبنا بالاستئذان ليعود إلى ولايته ، فقيل له : لا بد من عودتك إلى قصر الضيافة أولاً فتنال فيه واجب القِرى والضيافة ، ثم تنطلق على بركة الله .

كان الغداء فاخراً يليق بمقام السلطان مع ضيوفه .

وعاد صاحبنا إلى مرابط قومه وبدأ يقص على خلصائه ما رآه وما عاشه وما بهره من جمال العاصمة وكرم ضيافتها ..

ولم تمض بضعة أيام حتى جاءته رسالة من الوالي : لقد أسعدتنا بزيارتك ، وخصصنا لك مكافأة ألف دينار .

فرج الرجل بالمكافأة ، وفضَّ خاتم الظرف فلم يجد سوى نصف المبلغ ، سأل نفسه وهو يقرأ الرسالة مراراً و تكراراً ويبحث داخل الظرف لعله يجد الباقي ، فلم يجد بقيته ، لكنه وجد قصاصة صغيرة في زاوية الظرف المهملة كتب فيها :

لا تبحث عن شطر الألف الآخر

لأنه تكاليف قِراك .

مروان قدري مكانسي

يتم
13-07-2009, 08:49 AM
؛



حُييت يا ابتي ..قصة في غاية الجمال


احترامي



.

مروان قدري
13-07-2009, 10:27 AM
شكراً لك مرورك الكريم
لا أذاقك الله يتم الأحاسيس والمشاعر .

عاشقة الفردوس الأعلى
18-08-2009, 03:57 AM
جميلة جداً يا أبي

كنت قد اشتقت لكتاباتك الأسطورية

دمت لي ذخراً

لاعدمنا نبضك بيننا

ابنتك

مروان قدري
19-08-2009, 02:18 AM
[quote=عاشقة الفردوس الأعلى;2331855]
جميلة جداً يا أبي

كنت قد اشتقت لكتاباتك الأسطورية
لا عدمنا نبضك بيننا
دمت لي ذخراً
ابنتك
غاليتي عاشقة الفردوس الأعلى

سلام الله عليك وإليك
هذه القصة ليست أسطورة ماضية أو حصلت في زمن السلاطين
وإنما ( واسمحي لي أن أكشف سرها ) وقعت مع أبيك أثناء سفركِ
وأحببت أن أخلع عليها رداء الماضي حتى أخرج من المقلب الذي أكلته وأنا في غاية الدهشة .
شكراً لك مرورك الطيب .