المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرات في أشرطة قصص من التاريخ للدكتور طارق سويدان2



أهل الحديث
08-05-2004, 07:10 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
أحبتي في الله انتهينا في الحلقة الماضية من الحديث والتعليق على الشريط الأول من أشرطة الدكتور طارق السويدان : قصص من التاريخ الإسلامي .
واليوم إن شاء الله سأكمل ما بدأت به ، لكن أود أن أنبه إلى أمر مهم ، و هو أن الكلام والتعليق والنقد الذي أقوم به ، لا ينصب على المحاضر نفسه ، و لم أقصد تجريحه ، وإنما هو مجرد نقد للأشرطة لا غير ، فلا يظن ظان أنه جاء الدور على الدكتور طارق سويدان كما قاله البعض .
و لو كنت أود تجريح المحاضر وفقه الله ، لكنت قد توقفت على كل كلمة قالها في الشريط الأول ، و لحملتها أكثر مما تحتمل من معنى - كما يفعل البعض - ، بل قد تجاوزت عن الكثير مما ذكر في ترجمة ابن الزبير و أثناء طرحه لموضوع بداية الأحداث التي أدت إلى مقتل عثمان رضي الله عنه ، و لم أتناولها بالنقد ، مكتفياً بالتعليق على بعض الأمور ، حتى نصل إلى أصل الموضوع و هو الذي زل فيه المحاضر و تناوله بصورة غير صحيحة ، ألا و هو أحداث الفتنة بعد مقتل عثمان رضي الله عنه . فقط للعلم والله الموفق .
الشريط الثاني : مقتل عثمان رضي الله عنه ..
تحدث المحاضر وفقه الله في هذا الشريط عن دور ابن سبأ في إذكاء نار الفتنة بين صفوف المسلمين ، و كان جملة ما أورده من روايات ، من طريق سيف بن عمر ، حيث يقول : ( يقول سيف بن عمر الضبي الذي أرّخ لهذه المسألة تأريخاً وثيقاً .. ) .
قلت : وسيف بن عمر هذا الذي يقول عنه المحاضر أنه أرخ للأحداث تأريخاً وثيقاً ، كلام فيه نظر ، و يمكن أن يعرف ذلك من خلال معرفة منهج سيف في تناوله لأحداث الفتنة ، قد فصلت القول فيه و في مروياته في مقال مستقل ، و كان خلاصة ما خرجت به : أن مروياته في الفتنة لا تؤخذ كلها على علاتها ، بل تدقق و تنقح و يؤخذ ما يجد له ما يعضده و يؤيده من روايات أخرى ، فإن لم نجد ما يعضدها ، ينظر فيها ، فإن كانت تسير و تتفق مع سيرة الصحب الكرام ، قبلت استئناساً ، وإن كانت خلاف ذلك ، ردت ، ومعظم مروياته ضعيفة ، انظر : http://www.alkahf.net/html/Forum3/HTML/000094.html .
ذكر المحاضر وفقه الله ضمن حديثه عن مسير أهل الفتنة نحو المدينة ، أنهم - أي أهل الفتنة - عند وصولهم إلى أطراف المدينة : ( أرسلوا أحدهم يستطلع لهم الأمر هل أهل المدينة أيضاً عندهم نقمة على عثمان .. ثم ذكر المحاضر : أن بعض الصحابة عندهم ملاحظات على عثمان مثل ملاحظات هؤلاء ، و لكن ليست في أمر الدين وإنما بعض الملاحظات في طريقة الحكم ، و من الذين كانوا عندهم ملاحظات شديدة على عثمان ، عمار بن ياسر رضي الله عنه ) .
قلت : لم أجد في هذا الموضوع بعد طول بحث في المصادر والمراجع إلا روايات تاريخية تحمل في طياتها غثاً و سميناً ، قد خطم بعضها بأسانيد ، وأخرى لا خطام لها ولا زمام ، ولم أجد من أغنى فيها بحثاً إلا لماماً ، و موضوع كهذا لا يمكن الاعتماد على روايات تسرح في أعراض الصحابة كما تشاء و تمرح ، و عليه فلا مكان في مثل هذا الموضوع إلا للروايات الصحيحة .
بل إن الثابت تاريخياً أن عمار رضي الله عنه كان قد وقف ضد أهل الفتنة في منعهم الماء عن عثمان ، فقد أخرج المحب الطبري في الرياض النضرة ( 3/84) رواية عن أبي الزناد عن أبي هريرة : أن عثمان لما حوصر ومُنع الماء ، قال لهم عمار - أي قال لأهل الفتنة - : سبحان الله قد اشترى بئر رومة ، و تمنعونه ماءها ، خلو سبيل الماء ، ثم جاء إلى علي و سأله إنفاذ الماء إليه ، فأمر براوية الماء . وقال المحب الطبري معلقاً : و هذا يدل على رضائه عنه - أي رضا عمار عن عثمان رضي الله عهما - .
ذكر المحاضر وفقه الله بعد سرده لبعض الأحداث التي جرت من رجوع أهل الفتنة مرة أخرى إلى المدينة و تطويقها ، و طلبهم من عثمان أن يخلع نفسه ، وأن عثمان استشار كبار الصحابة في هذا الأمر فقال المحاضر : ( عندها عثمان رضي الله عنه جمع الصحابة واستشارهم ، ما تقولون إذا كان الرأي عندكم هو أن أترك الخلافة و تخمد الفتنة أتركها ، فجميع الصحابة ، علي و طلحة و ... أجمعوا على عدم تركه للخلافة ، و قال ابن عباس قولته المشهورة : يا أمير المؤمنين لاتنزع قميصاً قمصك الله إياه ، أو كلما غضب قوم على خليفتهم عزلوه .. ) .
قلت : الثابت أن الذي قال تلك المقولة هو ابن عمر حيث كان المغيرة بن الأخنس قد أشار على عثمان بخلع نفسه ، فرد ابن عمر عليه بقولته تلك ، و نصحه بأن لا يخلع نفسه و قال له : فلا أرى لك أن تخلع قميصاً قمصكه الله فتكون سنة كلما كره قوم خليفتهم أو أميرهم قتلوه . طبقات ابن سعد (3/66) بإسناد صحيح و رجاله رجال الشيخين ، و تاريخ خليفة (ص170) بإسناد حسن .
ذكر المحاضر وفقه الله : ( أن عثمان رضي الله عنه لما رأى أن أهل المدينة لا يقدرون على فعل شيء والمدينة بيد أهل الفتنة ، كَتَبَ كُتُباً سرية وأرسلها مع الرسل بالسر إلى الأمصار .. إلى أن قال : فمن قدر على اللحاق بنا فليلحق .. وأول من تحرك معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فبعث جيشاً سريعاً .. ) .
قلت : هذا الخبر لا يصح منه شيء ، لأن منهج عثمان رضي الله عنه كان الصبر و الكف عن القتال امتثالاً لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم له ، لهذا وضع مصلحة الرعية في المقام الأول ، فعندما عرض عليه معاوية أن يبعث إليه بجيش يقيم بين ظهراني أهل المدينة لنائبة إن نابت المدينة أو إياه قال رضي الله عنه : أنا لا أقتر على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم الأرزاق بجند يساكنهم ، و أضيّق على أهل الهجرة و النصرة ، فقال له معاوية : والله يا أمير المؤمنين لتغتالنّ أو لتغزينّ . فقال عثمان : حسبي الله ونعم الوكيل . الطبري (4/345) .
ذكر المحاضر وفقه الله ، بعد أن سرد أحداثاً كثيرة جميعها من طريق سيف بن عمر - وأغلبها ضيف - ذكر محاولة أهل الفتنة قتل عثمان رضي الله عنه ، حيث قال : ( ثم كان آخر من دخل عليه محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، فدخل عليه ، وأول ما رآه عثمان قال : ويلك أعلى الله تغضب ، هل لي إليك جرم أخذت حق الله منك فتغضب ، فلما واجهه عثمان بهذا تراجع محمد بن أبي بكر و خرج .. ) .
قلت : كلام المحاضر هذا فيه الصحيح والسقيم ، فمسألة اشتراك محمد بن أبي بكر في الفتنة ضد عثمان ، و اتهامه بقتله رضي الله عنه . فهذا قد اضطربت الروايات فيه ، ولم يثبت . نعم هناك روايات تقول إنه كان معهم ؛ لكن هذه الروايات ليس لها سند صحيح، و أصح ما قيل في هذه المسألة ما ثبت عن الحسن البصري رحمه الله و هو شاهد عيان كان عمره وقتها أربع عشرة سنة ، عندما سُئل أكان فيمن قتل عثمان أحد من المهاجرين و الأنصار ؟ فقال : لا كانوا أعلاجاً من أهل مصر . تاريخ خليفة (ص 176) بسند صحيح .
و قد فصلت القول في هذه المسألة في مقال مستقل حول براءة محمد بن أبي بكر من دم عثمان رضي الله عنه ، انظر : http://209.39.13.51:81/[email protected]^[email protected] .
ذكر الحاضر بعد أن سرد أحداث مقتل عثمان رضي الله عنه من طريق سيف بن عمر ، أن مروان بن الحكم هو الذي صلى عليه ، فقال : ( فخرج معهم الصبيان والنساء ولم يسمحوا لأهل المدينة أن يخرجوا في دفنه ، فصلى عليه مروان بن الحكم و كان أقربهم إليه نسباً ) .
قلت : إن الثابت تاريخياً أن مروان بن الحكم و غيره من الصحابة أخرجوا من دار عثمان محمولين لما أصابهما من الجراح يوم الدار ، فقد أخرج ابن عبد البر عن كنانة مولى صفية بنت حيي بن أخطب قال : شهدت مقتل عثمان ، فأخرج من الدار أمامي أربعة من شبان قريش ملطخين بالدم محمولين ، كانوا يدرؤون عن عثمان رضي الله عنه : الحسن بن علي ، و عبد الله بن الزبير ، و محمد بن حاطب ، و مروان بن الحكم . الاستيعاب لابن عبد البر (3/1387) ، و التاريخ الكبير للبخاري (7/237) . و هذا يجعل اشتراكه في الصلاة على عثمان أمراً مشكوكاً فيه .
كما وأن المحاضر ذكر أن عُمْر عثمان رضي الله عنه يوم مقتله كان : ( ثلاث و ثمانين سنة ) .
قلت : بل إن الصحيح في هذا الأمر هو ما حكاه الذهبي في تاريخ الإسلام (ص481 ) : أنه قتل و هو ابن اثنتين و ثمانين سنة و هو الصحيح .
و لنا لقاء آخر بإذن الله تعالى مع الشريط الثالث .


اعداد :
أهل الحديث

مجروحة الزمن
08-05-2004, 10:32 AM
جزاك الله خيرا اخي

علي هذي المحاضره القيمه


تحياتي لك

صائد الطرائد
08-05-2004, 10:37 AM
أخي أهل الحديث

مشكور على هذه السلسلة من التصحيح

وجعله في موازين أعمالك





تحياتي لك

المؤمن
08-05-2004, 03:04 PM
جزاك الله كل خير ياخي

الرئيسة
12-05-2004, 08:43 AM
جزاك الله خير الجزاء وجعله في ميزان حسانتك