المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظرات في أشرطة قصص من التاريخ للدكتور طارق سويدان 1



أهل الحديث
07-05-2004, 06:46 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، ثم أما بعد :-
نزولاً عند رغبة أحد الإخوة الأفاضل و رغبة مني في تبيان الحق ، ومنعاً من قيام جدال عقيم حول شخصية معينة ، أحببت أن أشارك بهذه المقالات ؛ و التي هي بعنوان : ( نظرات في أشرطة قصص من التاريخ الإسلامي للدكتور : طارق سويدان ) ، والتي سأتناول التعليق على هذه الأشرطة مبيناً ما وقع فيه الدكتور من أخطاء أثناء تناوله لموضوع الحديث الذي جرى بين الصحابة ، و ذلك يعلم الله مني أن لا رغبة لي في تتبع العثرات والزلات ، لكن هي أعراض صحابة كرام ، و سيرة سلف عظام ، عز عليّ أن أراها تعرض بهذه الصورة المشوّه الغير مقصودة ، خاصة وأن تلك الأحداث التي جرت ، إنما وقعت في أفضل عصر عرفته البشرية ألا وهو العصر الذهبي كما يسميه أهل الاختصاص ، عصر الخلافة الراشدة ، راجياً من الله أن تكون خالصة لوجهه الكريم ، كما وأنه سأعتمد في بعض الأحيان على التعليقات التي كتبها الأخ خالد الغيث في رسالته : وقفات هادئة مع أشرطة قصص من التاريخ الإسلامي ، والله من وراء القصد .
الشريط الأول : العهد الزاهر .. نشأة ابن الزبير .
قبل أن أبدأ بالتعليق على ما قاله المحاضر ، أود أن أبين منهج أهل السنة في تناول الأحداث التي وقعت بين الصحابة الكرام ، و موقفهم من تلك الأحداث ، وقد تناولت هذا الموضوع بشكل مفصل في مقالة مستقلة ، ولم أحب أن أعيدها هنا حتى لا يطول بنا المقام و نخرج عن صلب الموضع ، لذا سأحيل القارئ الكريم إلى تلك المقالة ، ليقرأها و يعرف منهج أهل السنة في تناول تلك الأحداث ، والمقالة هي :
(عبد الله بن سبأ الحلــ 9 ــقـة )
قال المحاضر وفقه الله : ( و لعل من أوثق المراجع في هذه الفترة ما كتبه الإمام العظيم الطبري رحمه الله ) .
قلت : و هذه المقولة لا يسلم له بها ؛ لماذا ؟ لأن الطبري رحمه الله لم يشترط في تأليفه لكتابه تاريخ الأمم و الملوك الصحة في جميع ما يذكر ، بل جمع الغث و السمين في كتابه كما يقال ، و قد نبه رحمه الله إلى ذلك بقوله ، كما في مقدمة كتابه : و ليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرط أني راسمه فيه ، إنما هو على ما روّيت من الأخبار التي أنا ذاكرها فيه و الآثار التي أنا مسندها إلى رواتها ، فإن كانوا ثقاة فاقبل قولهم ، و إن كانوا ضعافاً فرد قولهم ، و العهدة ليست علّي . مقدمة تاريخ الطبري : (1/ 25 ) .
فهو هنا - أي الطبري - يرجعنا إلى الرواة و أنه أخذها منهم ، و أنه لم يتعهد بنقل الصحيح ، و إنما تعهد لك بنقل اسم من حدثه هذه الرواية ، و أنت انظر فيها ، إن كانت صحيحة فاقبلها ، و إن كانت غير ذلك فردها .
فالنقل من المصادر التاريخية دون نقد أو تمحيص آفة كثير من البحوث ، و سببه عدم مراعاة المنهج العملي في التعامل مع النصوص التاريخية . راجع للأهمية مقدمة ابن خلدون (1/6 ) و ما بعدها ، حيث تحدث عن هذه الآفة وبين النتائج التي تترتب على النقل دون تمحيص .
ذكر المحاضر وفقه الله : ( أن الذين يكتبون في الوقت الحاضر يعتمدون على ما يكتبه جرجي زيدان ، وأن جرجي زيدان هذا قد اعتمد على روايات الواقدي الذي حرف و شوه صورة تاريخنا الإسلامي ) .
قلت : ذكر المحاضر للواقدي لا يعني أنه الوحيد الذي شوه و زيف التاريخ الإسلامي ، بل إن هناك عدد من الإخباريين مما عرفوا بالدس و التزييف ، أمثال : أبي مخنف ( لوط بن يحيى ) و محمد بن السائب الكلبي ، و نصر بن مزاحم ، و غيرهم الكثير .
بل إن الواقدي هذا إذا قسناه بما فعله أبي مخنف من تحريف و كذب في تاريخ أمتنا ، لوجدنا البون شاسعاً ، بل إن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قال عن الواقدي هذا : أما جمهور المصنفين في الأخبار و التواريخ و السير و الفتن من رجال الجرح و التعديل ، منهم من هو في نفسه متهم ، أو غير حافظ كأبي مخنف لوط بن يحيى ، و هشام بن محمد بن السائب الكلبي ، و إسحاق بن بشر ، و أمثالهم من الكذابين ، بل الواقدي خير من ملء الأرض من مثل هؤلاء ، و قد علم ما قيل فيه . الرد على البكري (ص 1/77 ) .
إذاً فمقولة المحاضر لا يسلم له بها على إطلاقها ، فكان الواجب عليه أن يذكر الأخطر ثم الأخف .
ثم ننتقل بعدها إلى الحديث عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ، فقد أفاض المحاضر وفقه الله في الحديث عن نشأة ابن الزبير ، و جمع الغث والسمين مما ذكر في ترجمته ، و بغض النظر عن ذلك ، فإنه - أي المحاضر - قد أغلظ في الحديث عن الخليفة عبد الملك بن مروان بقوله : ( و كان كما يصفه عدو من أعدائه والذي كان بينه و بينه المعارك الطاحنة ، عبد الملك بن مروان ) .
قلت : متى عرف المسلمون الأوائل الحقد والعداوات حتى يقال إن عبد الملك بن مروان كان عدواً لابن الزبير ؟! فكان من الأفضل للمحاضر أن يستخدم كلمة أخرى أفضل من كلمة ( عدو ) للتعبير بها عن العلاقة التي كانت بين ابن الزبير وعبد الملك بن مروان .
ذكر المحاضر وفقه الله في أثناء حديثه عن ولادة ابن الزبير رواية وإن كانت ضعيفة السند و معضلة ، لكن لها شواهد تتقوى بها ، لكن الذي أود التعليق عليه هو أن المحاضر استخدم بعض المصطلحات التي لا تناسب ، كقوله : ( وأخذوا يسيرون في مظاهرة عجيبة !!!!! ) .
قلت : إن دراسة التاريخ الإسلامي لابد له من فقه خاص به ، مع المراعاة في استخدام الألفاظ والكلمات حتى و لو كان ذلك بهدف النقد العلمي والتاريخي ، لأن بعض هذه الألفاظ تخل بالعدالة . فمتى عرف الصحابة الكرام المظاهرات حتى يسيروا بها في شوارع المدينة ؟!

ننتقل بعد هذا إلى الحديث عن بداية فتنة مقتل عثمان ، حيث ذكر المحاضر وفقه الله في نفس الشريط ، أن الفتنة بدأها عبد الله بن سبأ ، و كان معظم الروايات التي استدل بها و ما سيأتي بعدها عن طريق سيف بن عمر التميمي ، و لا غبار على فعله هذا ، إذ أن أغلب الذين كتبوا عن ابن سبأ حصروا أخباره من طريق سيف بن عمر ، لكن الصحيح أن لابن سبأ هذا ذكر في غيرها من المصادر المتقدمة من أمثال كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر ، و تاريخ الإسلام للذهبي ، و غيرها . راجع للأهمية المقالة التالية :
(عبد الله بن سبأ الحلــ 5 ــقة )
والذي أنتقده على المحاضر أنه لو أشار إلى الروايات التي ذكرت ابن سبأ من غير طريق سيف ، لكان أفضل . فكان هذا الصنيع من المحاضر قصور منه في البحث عن الروايات الأخرى التي ذكرت ابن سبأ .
ثم إن المحاضر وفقه الله أكمل أحداث الفتنة عن طريق نفس الإخباري سيف ، و ذكر ما حدث من أمور في البصرة و ما جرى بين الثائرين و بين عثمان رضي الله عنه وانتهى الشريط الأول عند رحيل الوفد .
و قد تناول الأخ خالد الغيث هذه الأحداث بالنقد في كتابه : استشهاد عثمان و وقعة الجمل ( ص 61-69 ) حيث اتضح عدم صحة معظم ما أورده المحاضر عن تلك الأحداث ؛ لاعتماده على مجرد النقل من روايات ضعيفة .
و لنا لقاء آخر في حلقة أخرى مع الشريط الثاني بإذن الله تعالى .


اعداد :
أهل الحديث

خــــالـــــد
07-05-2004, 12:56 PM
جزاك الله خير أهل الحديث .. وجزا شيخنا السويدان خيرا الجزاء





تحياتي

صائد الطرائد
07-05-2004, 01:09 PM
بارك الله فيك على مجهودك أخي أهل الحديث

صدى الآهات
07-05-2004, 01:52 PM
أخي أهل الحديث

جزاك الله خير الجزاء

ziko
08-05-2004, 12:54 AM
جزاك الله خير

المؤمن
08-05-2004, 03:11 PM
جزاك الله خير

بحار الخليج
08-05-2004, 11:55 PM
جزاك الله خير