المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جريرة 000جرير !!



مهنا صالح الدوسري
16-04-2009, 09:22 PM
روى أن رجل سأل جريراً: من أشعر الناس ؟ فأخذه جرير إلى بيته ولما فتحا الباب رأيا شيخاً قد دس رأسه بين رجلي عنز يرضعها 0 فقال جرير للرجل: هذا الشيخ الذى تراه هو أبي, يرضع هكذا مخافة أن يحلبها فيسمع الناس شخب اللبن فيأتوا ليشربوا 0 وأشعر الشعراء هو الذي فاخر بهذا الأب ثمانين شاعراً وغلبهم 0
لو جلدنا الذاكرة جلداً حالماً فلن نخرج الا بتصور ذو مغزى وذو شجون وذو أبعاد متطايرة ومتراقصة ونحن نضع النقاط على الحروف لهذه الرواية الشفافة عن جرير وهو يثبت أنه أشعر الشعراء 0 اعتقد اعتقاداً جازماً ان جريراً كان صادقاً مع الواقع وصادقاً مع الشعر وصادقاً مع الذات فهو يعلمنا أن مهنة الشعر لها أدواتها ولها طقوسها ولها خصوصيتها ومن أجل ذلك فهو يفتح لنا نافذة الحقيقة على مصراعيها ويقدم لنا مثلبة ( الأب البخيل) دون استحياء أو مواربة ويلتف على تلك التناقضات الساخرة ويطمسها بسحر البيان, فلا نجد الا الحيرة أيهما يستمد من الآخر الرفعة والمنعة الأب أو الابن 00انه ( الشعر ) يربطهما برباط سحري فلا تجد بد من الإقرار بالإعجاب الذي يكتنفه الانبهار المليء بالمفاجئات الأخاذة التى معها تسقط وتندرس المثالب 0 ألفاظ جرير سهلة نسبياً, فيها رقة وعذوبة وحلاوة موسيقى, وفيها غزارة وسلاسة جعلت النقاد يقولون: جرير يغرف من بحر والفرز دق ينحت من صخر مشيرين بهذا إلى وعورة ألفاظ الفرز دق وسلاسة ألفاظ جرير مع طول نفسه 0
ان صدق جرير مع الذات ومع مصالحه الشخصية منحاه أبعاداً أكثر تطرفاً مع مفردات الشعر لم يكن الشعراء القدامى يرتضونها لأنفسهم ومنها مجاهرته بطلب العطاء دون تحفظ أو دون استحياء وهاهو في مدحه للخليفة عبد الملك بن مروان يصور ذلك الاتجاه المعاكس:

أغثني يا فداك أبى وأمي
بسيب منك إنك ذو ارتياح
سأشكر أن رددت علي ريشي
وأنبت القوادم من جناحي
ألستم خير من ركب المطايا
وأندى العالمين بطون راح

لعل جرير كان من أولئك المجددين للمفردات والمصطلحات الشعرية التى طالما أشعلت الحفيظة الفكرية وأصبغت عليها هوية جديدة مبتكرة مكنتها من الخروج الى دائرة الضوء بنفس جديد ولكن ( جريرة جرير) رغم كل ذلك أنه لم يستطع أن يهدم أسواراً من الحياء المصطنعة من قفر الصحراء ووحشتها وينتزعها من قلوب الآخرين ؟؟ سؤال اسأله لنفسي كلما مررت على قصيدته في رثاء زوجته ( أم حزرة ) ومنها ذلك البيت النابض بجريرة جرير:
لولا الحياء لهاجني استعبار
ولزرت قبرك والحبيب يزار

لماذا يا جرير هذا الحياء وأنت أشعر الشعراء ؟؟



__________________

سفير الحرف
16-04-2009, 11:04 PM
مشكور اخوي على موضوعك الجذاب

تقبل مروري
سفير الحرفـــــــــــــــــــ

%صموووود%
16-04-2009, 11:05 PM
حياء جريرالذي منعه من أن يزور قبر زوجته المخلصة ويدعو لها بالرحمة والمغفرة ويذرف الدموع لفقدها، بالتأكيد كان بسبب ثقافة القبيلة اللوّامة.. الناهية عن مبدأ ديني شريف من حيث إن زيارة المقابر سنة إسلامية حميدة يؤجر ويثاب فاعلها.

جرير وما أدراك ما جريرالشاعر العفيف المبدع الأصيل يقول: (والله ما حللت إزاري في حرام).
جرير هو أشعر أهل عصره وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه و يساجلهم فلم يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل.
إن قلنا عنه شاعر مبدع لهضمناه حقه فهو يستحق أكثر من ذلك حتى أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله كان لا يقبل من الشعراء إلا جريراً.

أخي الفاضل: مهنا

أقدّم لكم خالص شكري و تقديري على اختياركم للشاعر الأكثر من رائع و العودة بنا إلى الماضي الجميل بوركت يمينكم و بارك الله فيكم..
..تقبلوا مروري ولكم احترامي و دمتم بألف خير..

مهنا صالح الدوسري
17-04-2009, 05:23 PM
سفير الحرف

شكرا لمرورك الكريم

تحياتي لك

مهنا صالح الدوسري
17-04-2009, 05:25 PM
صمود

هذا اسهاب ناقد متميز

شكرا على تلك الأضافة الجميلة

تحياتي

غـــربة الــروح
17-04-2009, 06:36 PM
كان جرير عفيفًا في غزله،متعففًا في حياته، معتدلا بعلاقاته وصداقاته..


كما كان أبيًا محافظًا على كرامته، لاينام على ضيم، هجاء من الطراز الأول، يتتبع في هجائه مساوىء خصمه، وإذا لم يجد شيئًا يشفي غلته، اخترع قصصًا شائنة وألصقها بخصمه، ثم عيره بها..

أكثر جرير من المديح ، وكانت نشأته الفقيرة، وطموح نفسه، وموهبته المواتية، وحاجة خلفاء بني أمية إلى شعراء يدعون لهم، ويؤيدون مذهبهم، كان كل ذلك مما دفعه إلى الإكثار من المدح والبراعة فيه. وكان أكثر مدائحه في خلفاء بني أمية وأبنائهم وولاتهم، وكان يفد عليهم من البادية كل سنة لينال جوائزهم وعطاياهم.


وكان مديحه لهم يشيد بمجدهم التليد ويروي مآثرهم ومكارمهم، ويطيل في الحديث عن شجاعتهم، ويعرض بأعدائهم الثائرين عليهم، وبذلك كان يظهر اتجاهه السياسي في ثنايا مدحه لهم، وكان إذا مدح، استقصى صفات الممدوح وأطال فيها، وضرب على الوتر الذي يستثيره ولم يخلط مدائحه وبلغت غايتها من التأثير في النفس.


وفي الحق أنه ما كان لجرير من غاية غير التكسب وجمع المال، فلم يترفع عن مدح أي شخص أفاض عليه نوافله، حتى أنه مدح الموالي..


ذلك أن طمع جرير وجشعه وحبه للمال كانت أقوى من عصبيته القبلية، ولم يكن لرهطه من الشرف والرفعة مثل ما لرهط الفرزدق، لهذا شغل الفرزدق بالفخر بآبائه وعشيرته، وقال أكثر مدائحه في قبيلته، وحتى في مدائحه لبني أمية لم ينس الفخر بآبائه وأجداده.


فهو إذا مدح الحجاج أو الأمويين بالغ في وصفهم بصفات الشرف وعلو المنزلة والسطوة وقوة البطش، ويلح إلحاحا شديدا في وصفهم بالجود والسخاء ليهز أريحيتهم، وقد يسرف في الاستجداء وما يعانيه من الفاقة..


قرأت سيرته فاحببت ان اضيفها هنا

موضوع رائع

جزاك الله خير وبارك فيك