ابتسامة امل
31-03-2009, 06:40 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهمية الامثال الشعبية
قال الشاعر:
ما أنت إلا مثل سائر
يعرفه الجاهل والخابر
والسؤال هو ما سبب انتشار المثل وتداوله المستمر بين كافة طبقات المجتمع بشكل يفوق غيره من الألوان الأدبية؟
والحقيقة أن ذلك راجع لخصائص المثل ذاته ففكرته واقعية ولفظه موجز وتركيبه بسيط ومعبر ونطقه سهل مما يجعله عالقاً بالأذهان منساباً على كل لسان قال إبراهيم النظام: "يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكناية فهو نهاية البلاغة" وقال ابن عبدربه الأندلسي في العقد الفريد: إنه أبقى من الشعر وأشرق من الخطابة.
والأمثال بصفة عامة جزء من حياة الأمم والشعوب تستلهم التاريخ وتتضمن الموروث وتعبر عن الفكر والثقافة، ولذلك نجد أن دراسة الأمثال عنصر مهم في الدراسات الأدبية والدراسات الأنثولوجية. وقد ألف أسلافنا فيها المؤلفات ككتاب الأمثال للمفضل الضبي ومجمع الأمثال للميداني وجمهرة الأمثال للعسكري ثم ظهر بعد ذلك نمط جديد من الأمثال نتيجة لاختلاط العرب بالأمم الأخرى وتلاقح الثقافات أطلق عليها الأمثال المولدة منها ما صنفه الثعالبي والخوارزمي وغيرهم.
وأما في عصور العامية فقد جاءت الأمثال الشعبية ممثلة لصوت الشعب الذي يدل على أحواله ووسيلة تعبيره التي تدل على تفكيره، ولذا فقد كان لها شأن عظيم في الدراسات التي تتناول أحوال الشعوب وثقافتها بخاصة كما أن لها شأنا في الدراسات الاجتماعية والتاريخية واللغوية.
والأمثال الشعبية بصفتها جزءاً من الأدب الشعبي نجدها مؤثرة في غيرها من الأجزاء الأخرى فالشاعر يضمنها في شعره والحكواتي يستخدمها في حكاياته من هنا اهتم بها الباحثون في الأدب الشعبي وألفوا فيها المؤلفات ومن أبرز هؤلاء عندنا الشيخ محمد العبودي والأستاذ عبدالكريم الجهيمان وعاتق البلادي. وفي العراق أنستاس الكرملي والتكريتي وفي مصر أحمد تيمور والباجوري وغيرهم.
وليس بغريب أن يجمع أبناء الشعب أمثاله ولكن ما يلفت النظر هو اهتمام المستشرقين بالأمثال الشعبية في العالم العربي وجمعها في مؤلفات خاصة قبل أن يدرك أبناء العرب أهميتها بسنوات طويلة ومن أبرز هؤلاء المستشرقين:
1- الألماني ألبرت سوسين ( 1844- 1899م) وله كتاب في الأمثال والحكم الدارجة طبع في توبنغن سنة 1878م.
2- السويدي كارلو لاندبرج (ت 1924م) وله كتاب فيه كثير من (أمثال أهل بر الشام) طبع في لايدن سنة 1883م.
3- الهولندي سنوك هورخرونيه ( 1857- 1936م) وله كتاب عن أمثال أهل مكة المكرمة طبع في هاج سنة 1886م والحقيقة أن الكتاب يحتوي على دراسة للأمثال والحكم الحجازية التي قام بجمعها خلال إقامته في الحجاز سنة 1884م وأضاف إليها اضافات عديدة ويعتبر من الدراسات الجيدة للأمثال واللهجات في منطقة الحجاز عامة وفي مكة المكرمة خاصة. وقد طبع الكتاب مرة أخرى في لايدن عام 1925م تحت اسم: (mekkenische sproch worter unf bedensurten).
4- السويسري بوركهارت ( 1784- 1817م) له كتاب بالعربية مطبوع اسمه (أمثال عربية) مع ترجمتها إلى الإنجليزية.
وغير هؤلاء كثير ممن اهتموا بدراسة اللهجات والشعر النبطي أو الأدب الشعبي إجمالاً.
فمؤلفات هؤلاء تعطي انطباعاً عن أهمية المثل في الدراسات الاستشراقية بصفة عامة ويمكن أن نوجز أسباب دراسة المستشرقين للأمثال الشعبية في عدة أمور:
@ التركيب اللغوي البسيط للمثل الشعبي جعله مدخلاً لتعريف المستشرقين باللهجة العامية وفهمهم لها، ففهم لسان الشعب والتحدث به أساس للتعامل مع الشعوب ومعرفتها حق المعرفة، وذلك يفسر اهتمامهم بدراسة اللهجات العامية وربما كان لبعضهم أهداف ترمي إلى التأثير على لغة القرآن كالدعوة إلى الكتابة بالعامية مثلاً.
@ إن الأمثال الشعبية تعكس مزيجاً من العادات والتقاليد والطقوس والمأثورات الشعبية كالملابس والمقتنيات التي تختص بكل بيئة محددة فهي تشكل معيناً للباحثين في دراسات الشعوب والدراسات الأثنولوجية.
@ تضمن الأمثال الشعبية لقيّم أخلاقية معينة عند كل شعب من الشعوب وهذه تكتسب أهمية كبيرة في الدراسات الاجتماعية.
4-إن في الأمثال دلالات على الحالة النفسية التي يعيشها مجتمع من المجتمعات في مرحلة تاريخية معينة.
@ إنها من أكثر الطرق التي يستخدمها الشعب للتعبير عن وجهة نظره نحو أحواله السياسية والاقتصادية فكثير من الأقوال التي ذهبت أمثالاً لا يعرف قائلها رغم ما فيها من السخرية والنقد اللاذع للسلطات أو الحكومات.
@ في الأمثال أيضاً إشارات على كيفية تفكير شعب من الشعوب أو كمية ثقافته أو ميوله واهتماماته.
@ وبالطبع فإن الدراسات الأدبية وكذلك الدراسات اللغوية لا تستغني عن المثل كنموذج معبر يمكن لأي باحث الاستشهاد به ودراسته وتفكيكه بطريقة أو بأخرى. كل هذه الأسباب أرى أنها جعلت المثل الشعبي الذي لا تتعدى كلماته أصابع اليد الواحدة مفتاحاً بيد المستشرقين لفهم الآخرين وسبر أغوار المجتمعات الشرقية ومعرفة مظاهر حياتها فمكنهم هذا الاهتمام بالثقافات الشعبية من دراسة أحوال الشعوب ومعرفة طرق التأثير فيها، وأتمنى أن تتولى مراكز البحث العلمي لدينا جمع ما يمكن جمعه من مؤلفات المستشرقين عن مجتمعاتنا العربية وترجمته لنكتشف ما دونوه في فترة زمنية ليس لها مصادر إلا مؤلفاتهم بل لنعرف على الأقل ما كتبه عنا الآخرون بما في ذلك ما كتبوه في مجال الأدب الشعبي ليعمل الباحثون على الإفادة منه أو الرد على مغالطاته وأخطائه.
أمثال شعبية قديمة .. و فيم تقال ..
وبعضها يقال الى الآن :
1 _ ما تروح لك إلا رجل تودك ..
يضرب في : بيان وفاء من يحبك ..
2 _ مب كل من طب البحر سباح ..
يضرب : لدخول المرء في أمر لا يعرف فيه شيئا ..
3 _ مقابل الجيش و لا مشاهد العيش ..
يضرب في : تأثير الطعام المشاهد على الجائع ..
4 _ لا تبيع خبزك على الخباز ..
يضرب في : أأمن طرائق البيع وضمان تصريف البضاعة ..
5_ كل طير يشبع بمنقاره ..
يضرب في : الاعتماد على النفس ..
لك دوار ..6 _ عينك على حلا
يضرب في : ضرورة مراقبة المال والحلال ..
7 _ زبره على بايق ..
يضرب : للشيء لا يعطى حقيقة أمره ..
8 _ ربع تعاونوا ما ذلوا ..
يضرب للحث على الإتحاد فهو قوه ..
9_ أنا ربيت و لغيري صفيت ..
يضرب لمن يتعب في شيء وتؤول ثمرته لغيره ..
أمثال شعبيه متنوعة :
*اللي ما يعرف الصقر يشويه: يقال هذا المثل للشخص الذي يفعل شيئاً لا يعرفه أو للشخص الذي يقوم بفعل شيء غريب في حرفة أو عمل لا يدري عنه شيئاً.
*الفرس من خيالها ، والحرمة من ريّالها: يقال هذا المثل للرجل الذي ترك الحبل على الغارب لزوجته تفعل ما تشاء ، أو للمرأة المتسلطة المتعجرفة التي يكون زوجها طيباً ووديعاً لا يوقفها عند حدها .
وهو يشابه المثل الإنجليزي القائل : الأزواج الأكثر هدوءاً يصنعون زوجات أكثر جلبة.
*سيل ما يبلك ، ما يهمــك :أي أن المطر الذي ينزل على بلد ناس آخرين لا تستفيد أنت منه شيئاً ،،،
أوالمقصود منه أن المواضيع والمشاكل التي يعاني منها غيرك لا تعني لك شيئاً ، ولذلك اهتم بشؤونك فقط ولا تتدخل في شؤون غيرك.
*الحي يحييك ، والميت يزيدك غبن: معنى هذا المثل أن الشخص الفطين الذكي يريحك ويزيل همك وكأنه يعيد الحياة لك ، أما الشخص الكسول الأحمق فيزيدك تعباً وهماً.
*القطو العود ما يتربى: معنى هذا المثل أن الشخص الكبير الفاسد الذي بلغ سن الرشد ، من الصعب أن يعاد تربيته وتعليمه من جديد .
*الشيفه شيفه ، والمعاني ضعيفة:يقال هذا المثل عندما ترى شخص ذو هيئة ومظهر فتراه فتعجب به وبشكله فتأخذ عنه بعد ذلك انطباعاً جيداً ، بينما هو سيء الأخلاق .
*لو كان فيه خير .. ما رماه الطير: يقال هذا المثل للذي يريد أن يأخذ شيئاً قد تركه أحد قبله ، فالشيء المتروك لا خير فيه ولذلك استغنى عنه صاحبه .
*اللي في الجدر يطلعه الملاس: معناه أن الأخبار التي لم تظهر سوف تخرجها الأيام آجلاً أم عاجلاً ، وهذا يذكرنا ببيت الشعر القائل :
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً .. وتأتيك بالأخبار ما لم تزودِ .
الجدر (هي قدر الطعام)و الملاس (هي المعلقة الكبيرة أو المغرفة) .
*حلاة الثوب رقعته منه وفيه :معنى هذا المثل أن الأفضل للإنسان أن يجتمع مع من هو من أصله ، سواء كان ذلك في زواج أو عمل أو غيره .
*الطول طول نخلة ، والعقل عقل اصخلة :هذا مثل توبيخي ، يقال للشخص الطويل الأحمق ، فهو طويل كالنخله وعقله كعقل الشاة .
**وهذا المثل يشابه المثل العربي المشهور (كل طويل هبيل ، وكل قصير نقير
*من طلع من داره قل مقداره:نعم أفضل مكان للإنسان هو بيته ومن يخرج من بيته لا يجد الراحة ولا يلقى إلا التعب والمهانة والشقاء .
*اللي ما يعرفك ما يثمنك: يقال للشخص الذي لم يعاشرك ولم يجرب طباعك لا يعطيك حقك ولا يقدر مكانتك.
*سم الرياييل باسميها عن تاكلك باثاميها :نعم ..يجب عليك أن تخاطب الرجال بأسمائها حتى لا تسمع منهم ما يغضبك .
*لو كل من يا ونجر ، ما تم في الوادي شجر:لو كل من أتى بفأسه وذهب ليحتطب ، لما بقي في الغابة شجرة واحدة ،فإن لكل مهنة إنسان يمتهنها ، ولكل حرفة شخص يؤديها على أكمل وجه .
*البعد بعد القلوب ، موب بعد الدروب: يقال هذا المثل للشخص الذي لا يسأل عن أحبابه ، ولا يهتم بهم بسبب بعد المسافة وتقطع الدروب ، ولذلك فإن البعد الحقيقي هو البعد عن القلب وعن البال ، وليس البعد عن الأرض أو المكان .
*من طول الغيبات جاب الغنايم: يقال هذا المثل للشخص الآتي من غيبه طويلة ، ولذلك يسأله الناس عن الغنائم والأخبار.
*عندك تاكل قال لأ ، عندك تغرم قال هيه : يقال هذا المثل للشخص الذي لا يملك شيئاً ، ومع ذلك يبحث عن شيء يضيع فيه ماله .
*تموت الديايه وعينها على السبوس:وهذا المثل يدل على الطمع ، والمقصود به طمع الإنسان الذي اقترب من الموت ومع ذلك مازال يركض وراء الدنيا ومتاعها .
والدياية هي : الدجاجة ، والسبوس هو العلف .
*الفضول قتل العيوز :هذا المثل يدعو إلى الابتعاد عن صفة الفضول ، وللمثل قصة ربما نتطرق لذكرها فيما بعد.
*ردت حليمة لعادتها القديمة: يقال هذا المثل للشخص الذي ترك عادة ثم عاد إليها من جديد.
*إذا ما طاعك الزمان طيعه: هذا المثل يدعو الإنسان للتكيف مع الزمان ومستجداته ، والسير مع تطوراته وأحداثه .
*عدوك موب من قال فيك ، عدوك من بلغك: يقال هذا المثل للتنفير من الوشاية ، والسير بين الناس بالقيل والقال ، ويدعو الإنسان لعدم الاستماع إلى أولئك الذين يسيرون بالهمز واللمز والوشاية ، وإظهارهم بأنهم هم الأعداء.
*اللي يبينا عيّت النفس تبغيه ، واللي نباه عيّا البخت لا يجيبه:نعم هكذا هي الدنيا أحيانا.. فالمحبوب الذي نريده ونطلبه تحول بيننا وبينه الظروف وأحداث الليالي ، أما الإنسان الذي يحبنا ويريدنا فالنفس لا تريده ولا تتقبله .
*للبحر له ناس لفيحه .. يعرفون التوح من اليره
موب كل من تاح سريحه .. قال هذا خيط وبيّره
يدل هذا المثل (الشعري) أن لكل مهنة محترفوها ، ولكل صنعة خبراء بها ، فليس كل إنسان يستطيع الذهاب إلى البحر ليصطاد السمك ، وليس كل من أتى بصنارته ورماها أصبح صياداً.
*الضرب في الميت حرام: يدل على أنه لا فائدة ترجى من الضرب والإهانة في الشخص الذي لا يحس ولا يتألم ، فهو أشبه بالميت ولذلك يكون الضرب والكلام فيه بلا فائدة .
*بو طبيع ما يجوز عن طبعه: يدل على أن الإنسان الذي تملكته صفة أو طبيعة واعتاد عليها لا يستطيع الاستغناء عنها أبداً أبداً .
نوم الظالم عباده: يقال هذا المثل للشخص الظالم المستبد ، لأن في نومه راحة وسعادة لغيره ، ولأنه بابتعاده ونومه يكف بلاه وشره عن الناس ، ولذلك يكون نومه كالعبادة التي يجني منها هو وغيره الخير الكبير.
*يموت الزمار وايده تلعب: يدل على أن الإنسان الذي اعتاد على شيء في حياته لا يستطيع الاستغناء عنه أبداً أبداً ، حتى ولو بلغ منه المشيب مبلغاً ولذلك هو أشبه بالزمار (عازف المزمار) الذي سيظل يعزف عليه حتى يموت والمزمار بين أصابعه .
*اللي في قلبه الصلاة ما تفوته: نعم الذي يبحث عن الخير سيجده مهما كانت الظروف ومهما حالت الأسباب ، فهو أشبه بالإنسان الذي يريد الصلاة ولذلك سيفعل أي شيء حتى يقضيها في وقتها ولا يفوتها ، فهو إن وجد ماءاً توضأ وإن لم يجد ماءاً تيمم ، وإن وجد مسجداً صلى ، وإن لم يجد مسجداً صلى على الأرض التي جعلت طهوراً ومسجداً .
*أنا واخويه على ابن عمي ، وأنا وابن عمي على الغريب: وهذا مثل عربي في كثير من البلدان العربية يدل على أن الأقربون أولى بالمساعدة والمعونة من غيرهم ، فالأخ أولى من ابن العم بالمساعدة والنصرة ، وابن العم أولى من الغريب .
*العلم في الصغر مثل نقش في الحجر ، والعلم في الكبر مثل نقش في المدر: وهذا مثل يحث على طلب العلم في الصغر ويشبه العلم في الصغر بالنحت في الصخر ولذلك يبقى ولا يختفي ، أما العلم في الكبر فهو أشبه بالكتابة على المدر وهو الطين الذي لا يبقى إلا بمحافظة عليه ورعاية.
*حاسدين الفقير على موتة الجمعة: هذا مثل ينفر من الحسد ، وخاصة حسد الفقراء الذين لا يملكون شيئاً من متاع الدنيا ، ولذلك يحسدهم الناس حتى على الموت في يوم الجمعة ، لعظم الأجر لمن يموت في هذا اليوم المبارك عند المسلمين.
الامثال تعبر عن ثقافة الشعوب
مع تحيات اختكم ابتسامة امل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهمية الامثال الشعبية
قال الشاعر:
ما أنت إلا مثل سائر
يعرفه الجاهل والخابر
والسؤال هو ما سبب انتشار المثل وتداوله المستمر بين كافة طبقات المجتمع بشكل يفوق غيره من الألوان الأدبية؟
والحقيقة أن ذلك راجع لخصائص المثل ذاته ففكرته واقعية ولفظه موجز وتركيبه بسيط ومعبر ونطقه سهل مما يجعله عالقاً بالأذهان منساباً على كل لسان قال إبراهيم النظام: "يجتمع في المثل أربعة لا تجتمع في غيره من الكلام إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكناية فهو نهاية البلاغة" وقال ابن عبدربه الأندلسي في العقد الفريد: إنه أبقى من الشعر وأشرق من الخطابة.
والأمثال بصفة عامة جزء من حياة الأمم والشعوب تستلهم التاريخ وتتضمن الموروث وتعبر عن الفكر والثقافة، ولذلك نجد أن دراسة الأمثال عنصر مهم في الدراسات الأدبية والدراسات الأنثولوجية. وقد ألف أسلافنا فيها المؤلفات ككتاب الأمثال للمفضل الضبي ومجمع الأمثال للميداني وجمهرة الأمثال للعسكري ثم ظهر بعد ذلك نمط جديد من الأمثال نتيجة لاختلاط العرب بالأمم الأخرى وتلاقح الثقافات أطلق عليها الأمثال المولدة منها ما صنفه الثعالبي والخوارزمي وغيرهم.
وأما في عصور العامية فقد جاءت الأمثال الشعبية ممثلة لصوت الشعب الذي يدل على أحواله ووسيلة تعبيره التي تدل على تفكيره، ولذا فقد كان لها شأن عظيم في الدراسات التي تتناول أحوال الشعوب وثقافتها بخاصة كما أن لها شأنا في الدراسات الاجتماعية والتاريخية واللغوية.
والأمثال الشعبية بصفتها جزءاً من الأدب الشعبي نجدها مؤثرة في غيرها من الأجزاء الأخرى فالشاعر يضمنها في شعره والحكواتي يستخدمها في حكاياته من هنا اهتم بها الباحثون في الأدب الشعبي وألفوا فيها المؤلفات ومن أبرز هؤلاء عندنا الشيخ محمد العبودي والأستاذ عبدالكريم الجهيمان وعاتق البلادي. وفي العراق أنستاس الكرملي والتكريتي وفي مصر أحمد تيمور والباجوري وغيرهم.
وليس بغريب أن يجمع أبناء الشعب أمثاله ولكن ما يلفت النظر هو اهتمام المستشرقين بالأمثال الشعبية في العالم العربي وجمعها في مؤلفات خاصة قبل أن يدرك أبناء العرب أهميتها بسنوات طويلة ومن أبرز هؤلاء المستشرقين:
1- الألماني ألبرت سوسين ( 1844- 1899م) وله كتاب في الأمثال والحكم الدارجة طبع في توبنغن سنة 1878م.
2- السويدي كارلو لاندبرج (ت 1924م) وله كتاب فيه كثير من (أمثال أهل بر الشام) طبع في لايدن سنة 1883م.
3- الهولندي سنوك هورخرونيه ( 1857- 1936م) وله كتاب عن أمثال أهل مكة المكرمة طبع في هاج سنة 1886م والحقيقة أن الكتاب يحتوي على دراسة للأمثال والحكم الحجازية التي قام بجمعها خلال إقامته في الحجاز سنة 1884م وأضاف إليها اضافات عديدة ويعتبر من الدراسات الجيدة للأمثال واللهجات في منطقة الحجاز عامة وفي مكة المكرمة خاصة. وقد طبع الكتاب مرة أخرى في لايدن عام 1925م تحت اسم: (mekkenische sproch worter unf bedensurten).
4- السويسري بوركهارت ( 1784- 1817م) له كتاب بالعربية مطبوع اسمه (أمثال عربية) مع ترجمتها إلى الإنجليزية.
وغير هؤلاء كثير ممن اهتموا بدراسة اللهجات والشعر النبطي أو الأدب الشعبي إجمالاً.
فمؤلفات هؤلاء تعطي انطباعاً عن أهمية المثل في الدراسات الاستشراقية بصفة عامة ويمكن أن نوجز أسباب دراسة المستشرقين للأمثال الشعبية في عدة أمور:
@ التركيب اللغوي البسيط للمثل الشعبي جعله مدخلاً لتعريف المستشرقين باللهجة العامية وفهمهم لها، ففهم لسان الشعب والتحدث به أساس للتعامل مع الشعوب ومعرفتها حق المعرفة، وذلك يفسر اهتمامهم بدراسة اللهجات العامية وربما كان لبعضهم أهداف ترمي إلى التأثير على لغة القرآن كالدعوة إلى الكتابة بالعامية مثلاً.
@ إن الأمثال الشعبية تعكس مزيجاً من العادات والتقاليد والطقوس والمأثورات الشعبية كالملابس والمقتنيات التي تختص بكل بيئة محددة فهي تشكل معيناً للباحثين في دراسات الشعوب والدراسات الأثنولوجية.
@ تضمن الأمثال الشعبية لقيّم أخلاقية معينة عند كل شعب من الشعوب وهذه تكتسب أهمية كبيرة في الدراسات الاجتماعية.
4-إن في الأمثال دلالات على الحالة النفسية التي يعيشها مجتمع من المجتمعات في مرحلة تاريخية معينة.
@ إنها من أكثر الطرق التي يستخدمها الشعب للتعبير عن وجهة نظره نحو أحواله السياسية والاقتصادية فكثير من الأقوال التي ذهبت أمثالاً لا يعرف قائلها رغم ما فيها من السخرية والنقد اللاذع للسلطات أو الحكومات.
@ في الأمثال أيضاً إشارات على كيفية تفكير شعب من الشعوب أو كمية ثقافته أو ميوله واهتماماته.
@ وبالطبع فإن الدراسات الأدبية وكذلك الدراسات اللغوية لا تستغني عن المثل كنموذج معبر يمكن لأي باحث الاستشهاد به ودراسته وتفكيكه بطريقة أو بأخرى. كل هذه الأسباب أرى أنها جعلت المثل الشعبي الذي لا تتعدى كلماته أصابع اليد الواحدة مفتاحاً بيد المستشرقين لفهم الآخرين وسبر أغوار المجتمعات الشرقية ومعرفة مظاهر حياتها فمكنهم هذا الاهتمام بالثقافات الشعبية من دراسة أحوال الشعوب ومعرفة طرق التأثير فيها، وأتمنى أن تتولى مراكز البحث العلمي لدينا جمع ما يمكن جمعه من مؤلفات المستشرقين عن مجتمعاتنا العربية وترجمته لنكتشف ما دونوه في فترة زمنية ليس لها مصادر إلا مؤلفاتهم بل لنعرف على الأقل ما كتبه عنا الآخرون بما في ذلك ما كتبوه في مجال الأدب الشعبي ليعمل الباحثون على الإفادة منه أو الرد على مغالطاته وأخطائه.
أمثال شعبية قديمة .. و فيم تقال ..
وبعضها يقال الى الآن :
1 _ ما تروح لك إلا رجل تودك ..
يضرب في : بيان وفاء من يحبك ..
2 _ مب كل من طب البحر سباح ..
يضرب : لدخول المرء في أمر لا يعرف فيه شيئا ..
3 _ مقابل الجيش و لا مشاهد العيش ..
يضرب في : تأثير الطعام المشاهد على الجائع ..
4 _ لا تبيع خبزك على الخباز ..
يضرب في : أأمن طرائق البيع وضمان تصريف البضاعة ..
5_ كل طير يشبع بمنقاره ..
يضرب في : الاعتماد على النفس ..
لك دوار ..6 _ عينك على حلا
يضرب في : ضرورة مراقبة المال والحلال ..
7 _ زبره على بايق ..
يضرب : للشيء لا يعطى حقيقة أمره ..
8 _ ربع تعاونوا ما ذلوا ..
يضرب للحث على الإتحاد فهو قوه ..
9_ أنا ربيت و لغيري صفيت ..
يضرب لمن يتعب في شيء وتؤول ثمرته لغيره ..
أمثال شعبيه متنوعة :
*اللي ما يعرف الصقر يشويه: يقال هذا المثل للشخص الذي يفعل شيئاً لا يعرفه أو للشخص الذي يقوم بفعل شيء غريب في حرفة أو عمل لا يدري عنه شيئاً.
*الفرس من خيالها ، والحرمة من ريّالها: يقال هذا المثل للرجل الذي ترك الحبل على الغارب لزوجته تفعل ما تشاء ، أو للمرأة المتسلطة المتعجرفة التي يكون زوجها طيباً ووديعاً لا يوقفها عند حدها .
وهو يشابه المثل الإنجليزي القائل : الأزواج الأكثر هدوءاً يصنعون زوجات أكثر جلبة.
*سيل ما يبلك ، ما يهمــك :أي أن المطر الذي ينزل على بلد ناس آخرين لا تستفيد أنت منه شيئاً ،،،
أوالمقصود منه أن المواضيع والمشاكل التي يعاني منها غيرك لا تعني لك شيئاً ، ولذلك اهتم بشؤونك فقط ولا تتدخل في شؤون غيرك.
*الحي يحييك ، والميت يزيدك غبن: معنى هذا المثل أن الشخص الفطين الذكي يريحك ويزيل همك وكأنه يعيد الحياة لك ، أما الشخص الكسول الأحمق فيزيدك تعباً وهماً.
*القطو العود ما يتربى: معنى هذا المثل أن الشخص الكبير الفاسد الذي بلغ سن الرشد ، من الصعب أن يعاد تربيته وتعليمه من جديد .
*الشيفه شيفه ، والمعاني ضعيفة:يقال هذا المثل عندما ترى شخص ذو هيئة ومظهر فتراه فتعجب به وبشكله فتأخذ عنه بعد ذلك انطباعاً جيداً ، بينما هو سيء الأخلاق .
*لو كان فيه خير .. ما رماه الطير: يقال هذا المثل للذي يريد أن يأخذ شيئاً قد تركه أحد قبله ، فالشيء المتروك لا خير فيه ولذلك استغنى عنه صاحبه .
*اللي في الجدر يطلعه الملاس: معناه أن الأخبار التي لم تظهر سوف تخرجها الأيام آجلاً أم عاجلاً ، وهذا يذكرنا ببيت الشعر القائل :
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً .. وتأتيك بالأخبار ما لم تزودِ .
الجدر (هي قدر الطعام)و الملاس (هي المعلقة الكبيرة أو المغرفة) .
*حلاة الثوب رقعته منه وفيه :معنى هذا المثل أن الأفضل للإنسان أن يجتمع مع من هو من أصله ، سواء كان ذلك في زواج أو عمل أو غيره .
*الطول طول نخلة ، والعقل عقل اصخلة :هذا مثل توبيخي ، يقال للشخص الطويل الأحمق ، فهو طويل كالنخله وعقله كعقل الشاة .
**وهذا المثل يشابه المثل العربي المشهور (كل طويل هبيل ، وكل قصير نقير
*من طلع من داره قل مقداره:نعم أفضل مكان للإنسان هو بيته ومن يخرج من بيته لا يجد الراحة ولا يلقى إلا التعب والمهانة والشقاء .
*اللي ما يعرفك ما يثمنك: يقال للشخص الذي لم يعاشرك ولم يجرب طباعك لا يعطيك حقك ولا يقدر مكانتك.
*سم الرياييل باسميها عن تاكلك باثاميها :نعم ..يجب عليك أن تخاطب الرجال بأسمائها حتى لا تسمع منهم ما يغضبك .
*لو كل من يا ونجر ، ما تم في الوادي شجر:لو كل من أتى بفأسه وذهب ليحتطب ، لما بقي في الغابة شجرة واحدة ،فإن لكل مهنة إنسان يمتهنها ، ولكل حرفة شخص يؤديها على أكمل وجه .
*البعد بعد القلوب ، موب بعد الدروب: يقال هذا المثل للشخص الذي لا يسأل عن أحبابه ، ولا يهتم بهم بسبب بعد المسافة وتقطع الدروب ، ولذلك فإن البعد الحقيقي هو البعد عن القلب وعن البال ، وليس البعد عن الأرض أو المكان .
*من طول الغيبات جاب الغنايم: يقال هذا المثل للشخص الآتي من غيبه طويلة ، ولذلك يسأله الناس عن الغنائم والأخبار.
*عندك تاكل قال لأ ، عندك تغرم قال هيه : يقال هذا المثل للشخص الذي لا يملك شيئاً ، ومع ذلك يبحث عن شيء يضيع فيه ماله .
*تموت الديايه وعينها على السبوس:وهذا المثل يدل على الطمع ، والمقصود به طمع الإنسان الذي اقترب من الموت ومع ذلك مازال يركض وراء الدنيا ومتاعها .
والدياية هي : الدجاجة ، والسبوس هو العلف .
*الفضول قتل العيوز :هذا المثل يدعو إلى الابتعاد عن صفة الفضول ، وللمثل قصة ربما نتطرق لذكرها فيما بعد.
*ردت حليمة لعادتها القديمة: يقال هذا المثل للشخص الذي ترك عادة ثم عاد إليها من جديد.
*إذا ما طاعك الزمان طيعه: هذا المثل يدعو الإنسان للتكيف مع الزمان ومستجداته ، والسير مع تطوراته وأحداثه .
*عدوك موب من قال فيك ، عدوك من بلغك: يقال هذا المثل للتنفير من الوشاية ، والسير بين الناس بالقيل والقال ، ويدعو الإنسان لعدم الاستماع إلى أولئك الذين يسيرون بالهمز واللمز والوشاية ، وإظهارهم بأنهم هم الأعداء.
*اللي يبينا عيّت النفس تبغيه ، واللي نباه عيّا البخت لا يجيبه:نعم هكذا هي الدنيا أحيانا.. فالمحبوب الذي نريده ونطلبه تحول بيننا وبينه الظروف وأحداث الليالي ، أما الإنسان الذي يحبنا ويريدنا فالنفس لا تريده ولا تتقبله .
*للبحر له ناس لفيحه .. يعرفون التوح من اليره
موب كل من تاح سريحه .. قال هذا خيط وبيّره
يدل هذا المثل (الشعري) أن لكل مهنة محترفوها ، ولكل صنعة خبراء بها ، فليس كل إنسان يستطيع الذهاب إلى البحر ليصطاد السمك ، وليس كل من أتى بصنارته ورماها أصبح صياداً.
*الضرب في الميت حرام: يدل على أنه لا فائدة ترجى من الضرب والإهانة في الشخص الذي لا يحس ولا يتألم ، فهو أشبه بالميت ولذلك يكون الضرب والكلام فيه بلا فائدة .
*بو طبيع ما يجوز عن طبعه: يدل على أن الإنسان الذي تملكته صفة أو طبيعة واعتاد عليها لا يستطيع الاستغناء عنها أبداً أبداً .
نوم الظالم عباده: يقال هذا المثل للشخص الظالم المستبد ، لأن في نومه راحة وسعادة لغيره ، ولأنه بابتعاده ونومه يكف بلاه وشره عن الناس ، ولذلك يكون نومه كالعبادة التي يجني منها هو وغيره الخير الكبير.
*يموت الزمار وايده تلعب: يدل على أن الإنسان الذي اعتاد على شيء في حياته لا يستطيع الاستغناء عنه أبداً أبداً ، حتى ولو بلغ منه المشيب مبلغاً ولذلك هو أشبه بالزمار (عازف المزمار) الذي سيظل يعزف عليه حتى يموت والمزمار بين أصابعه .
*اللي في قلبه الصلاة ما تفوته: نعم الذي يبحث عن الخير سيجده مهما كانت الظروف ومهما حالت الأسباب ، فهو أشبه بالإنسان الذي يريد الصلاة ولذلك سيفعل أي شيء حتى يقضيها في وقتها ولا يفوتها ، فهو إن وجد ماءاً توضأ وإن لم يجد ماءاً تيمم ، وإن وجد مسجداً صلى ، وإن لم يجد مسجداً صلى على الأرض التي جعلت طهوراً ومسجداً .
*أنا واخويه على ابن عمي ، وأنا وابن عمي على الغريب: وهذا مثل عربي في كثير من البلدان العربية يدل على أن الأقربون أولى بالمساعدة والمعونة من غيرهم ، فالأخ أولى من ابن العم بالمساعدة والنصرة ، وابن العم أولى من الغريب .
*العلم في الصغر مثل نقش في الحجر ، والعلم في الكبر مثل نقش في المدر: وهذا مثل يحث على طلب العلم في الصغر ويشبه العلم في الصغر بالنحت في الصخر ولذلك يبقى ولا يختفي ، أما العلم في الكبر فهو أشبه بالكتابة على المدر وهو الطين الذي لا يبقى إلا بمحافظة عليه ورعاية.
*حاسدين الفقير على موتة الجمعة: هذا مثل ينفر من الحسد ، وخاصة حسد الفقراء الذين لا يملكون شيئاً من متاع الدنيا ، ولذلك يحسدهم الناس حتى على الموت في يوم الجمعة ، لعظم الأجر لمن يموت في هذا اليوم المبارك عند المسلمين.
الامثال تعبر عن ثقافة الشعوب
مع تحيات اختكم ابتسامة امل