المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح عدمنا خيلنا



أبـو نـدى
13-03-2009, 11:45 PM
عدمنا خيلنا
تحليل قصيدة حسان بن ثابت

جو النص :
حياة الشاعر:- هو حسان بن ثابت بن المنذر الأنصاري جاهلي إسلامي متقدم الإسلام إلا أنه لم يشهد مع الرسول مشهداً عاش في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة ومات في خلافة معاوية ،. كان يفد على ملوك الغساسنة بالشام ويمدحهم وكذلك ملوك الروم .
مناسبة القصيدة:-
في السنة السابعة من الهجرة عُقِد صلح بين رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش على أَن يدْخُل المسلمون مكةَ للحج بعد عام. ولكن قريشاً نَقَضَتْ هذا العهد فجهز الرسولُ صلى الله عليه وسلم جيشاً قويًّا لمحاربةِ المشركين وفتح مكة. ولما كان الشعر في العصور القديمة وسيلة الإِعلام العامة. نزل ميدانَ الحرب واستخدمته الأطرافُ المتحاربةُ وأمر الرسُولُ صلى الله عليه وسلم به فقال: " اهجُهُم يا حسانُ فإِن شعرك أَشدُّ عليهم من وقع السيوف " لذلك انْبرى حسان بنُ ثابتٍ رضي اللّه عنه يهْجُو قريشاً ويُشِيدُ ببطولة المسلمين من الأنصار والمهاجرين وبشجاعتهم ويعلن تصميمهم على قتال المشركين وفتح مكة ما لم توافق قريش على دخول المسلمين مكة وأدائهم العمرةَ ، ويرد على أبي سفيان بن الحارث الذي هجا الرسول.



الأفكار الرئيسة:-تهديد الكافرين بحرب ينتصر فيها الحق.
1- عَدِمْنا خيلنا إنْ لم تَرَوْها تُثيرُ النَّقْعَ مَوعِدُها كَدَاءُ
عدمنا خيلنا: أسلوب دعائي الغرض منه التأثير. تثير النقع : كناية عن اشتداد المعركة
لا عاشت خيلنا إنْ لم تهاجمكم، أي دعاء على خيل المسلمين بالموت إنْ لم تهاجم الأعداء المشركين. في معركة شديدة يتصاعد منها الغبار قرب "كداء" في أطراف مكة.

2- يُبارينَ الأَسِنَّةَ مُصْعِداتٍ على أكتافها الأسل الظِّماء
يبارين الأسنة:كناية عن سرعة الخيل و استعدادهم للقتال.
الأسل الظماء :استعارة مكنية شبه الرماح بالإنسان وحذفه وذكر صفة من صفاته وهي العطش.
يصف الخيل بأنَّها مسرعة في الصعود، متحفزة لقتال العدو، على أكتافها رماح المسلمين المتعطشة لدماء الكفار. وهوَّل في وصفها؛ ليخيف العدو.
3- تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ، تُلَطِّمُهثنَّ بالخُمثرِ النساءُ
متمطرات:- تشبيه تمثيلي حيث شبه الجياد بالمطر في تتابعه وتدفقه
تلطمهن بالخمر:- كناية عن انهزام المشركين
تبقى خيولنا في ارض المعركة مستعدة لقتال الأعداء مسرعة كالمطر في مواجهتهم لكنها لا تجد من تردها سوى نساء الأعداء يحاولن ردها بخُمورهن دلالة على هزيمة المشركين وهروبهم من أرض المعركة.
4- فإمَّا تُعْرضُوا عنا اعْتَمَرنا وكان الفتحُ وانكشَف الغِطاءُ
انكشف الغطاء:- استعارة تصريحية عبر عن إزالة الخلاف والعداوة بانكشاف الغطاء
يخاطب الشاعر كفار قريش قائلا إذا لم تعترضوا طريق خيولنا وأخليتم لها الطريق ،سنزور بيت الله الحرام ونفتح مكة ،وسيزول غطاء الكفر الذي حجب النور

5-وإلا فاصبِروا لجلادِ يومٍ ُيعِزُّ الله فيه مَنْ يشاء

يهدد الشاعر كفار قريش قائلا: إذا لم تستسلموا لجيش المسلمين ابشروا بحرب شديدة تتضارب بها السيوف، ويومها سيعز الله المسلمين ويتحقق النصر الذي وعد الله به عباده.

الفكرة الثانية:الإشادة بالدعوة الإسلامية.
6- وجبريلٌ أمينُ الله فينا وروحُ القُدْسِ ليس له كِفاءُ

يشيد الشاعر بالدعوة الإسلامية التي أرسلها الله عن طريق جبريل ويصف جبريل ب(روح القدس) لا مثيل في نقل الدعوة الاسلامية .
ويقول بأنه لانظير له في نقل الدعوة الإسلامية للرسول الكريم.

7- وقالَ اللهُ: قد أَرْسَلْتُ عَبْداً يقولُ الحَقَّ إنْ نَفَعَ البَلاءُ
يبين أن الله سبحانه وتعالى أرسل سيدنا محمد الذي لا يقول إلا الحق على البشرية، ويختبر الناس بالإيمان أو عدمه.

8- شَهِدْتُ بهِ، فقُومُوا صَدِّقوهُ! فَقُلْتُمْ: لا نَقومُ ولا نَشاءُ
يقول الشاعر بأنه امن بالرسول ورسالته ،ويدعوا كفار قريش للإيمان به وتصديق رسالته ،ولكنهم يرفضون دعوته ويكفرون بها ،ويقولون بأنهم لا يريدون تصديق الرسول ورسالته.

الفكرة الثالثة:- الدفاع عن الرسول وهجاء أبا سفيان بن الحارث.
9- هَجَوْتَ مُحَمَّداً، فأَجَبْتُ عنهُ وعندَ اللهِ في ذاكَ الجَزاءُ
يخاطب الشاعر أبا سفيان قائلا بأنك هجوت النبي محمدا عليه الصلاة والسلام ، ولكنني لم اسكت على هذا الهجاء فدافعت عنه منتظرا الثواب والجزاء من عند الله.



10- أَتَهْجوهُ، ولستَ لهُ بِكُفْءٍ فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُما الفِداءُ
أَتَهْجوهُ : استفهام إنكاري للتوبيخ.
يخاطب الشاعر أبا سفيان مستنكرا ما قام به من هجاء النبي قائلا له كيف تهجوه ، ولست من مكانته فأنت تمثل الشر والرسول الكريم يمثل الخير.

11- هَجَوْتَ مُبارَكاً، بَرّاً، حَنيفاً أمينَ اللهِ، شِيمَتُهُ الوَفاءُ
يبين الشاعر صفات النبي فهو مبارك،برَ صالحا ، رسول الله من شيمه الوفاء والإخلاص.

12- فمَن يَهْجو رسولَ اللهِ منكُمْ ويَمْدَحُهُ ويَنْصُرُهُ سَواءُ
يسخر من كفار قريش لأنّه يرى أن لا وزن لهم ولا قيمة، ومدحهم للنبي أو هجاؤهم له لا يغيِّر شيئاً.

13- فإنّ أبي ووالِدَهُ وعِرْضي لِعِرْضِ مُحُمَّدٍ مِنْكُمْ وِقاءُ
ظهر في هذا البيت حب حسان للرسول حيث أبدى رغبته وقدرته على التضحية بوالده وجده وعرضه في سبيل الدفاع عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم.

14- لِساني صارِمٌ لا عيبَ فيهِ وبَحْري لا تُكَدِّرُهُ الدّلاء
لِساني صارِمٌ: تشبيه بليغ حيث شبَّه الشاعر لسانه بالسيف الصارم، ووجه الشبه: الحسم والصرامة
وبَحْري لا تُكَدِّرُهُ الدّلاء:- استعارة تصريحية حيث شبه شاعر يته بالبحر في اتساعه وعمقه.
يبلغ الشاعر قمة فخره في هذا البيت لأنه يصوِّر لسانه لكفار قريش سيفاً صارماً،لا أحد يجاريه في الهجاء وقدرته الشعرية بحراً لا تعكره الدِّلاء بحيث لا يستطيع احد منهم انتقاده.

15- فَنَحْكُمُ بالقَوافي مَن هَجانا، ونَضْرِبُ حينَ تَخْتَلِطُ الدِّماءُ
يفتخر الشاعر بشعراء المسلمين وقدرتهم على الرد على هجاء كفار قريش، وقدرتهم على قتالهم والنيل منهم في ارض المعركة حين يشتد الطعن والقتل.

هبلة وش دخلكم انتوالتانين
20-03-2009, 11:57 AM
Thank you so much sweety

كلـــ دلع ـــي
24-03-2009, 09:45 PM
يسلموووووووووووووووووووو

همسة دافئة
29-03-2009, 05:04 PM
شرح واف لك جزيل الشكر

الشادن2005
08-03-2010, 12:53 AM
بوركت ، وجزيت خيراً
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

البراكية
27-02-2012, 09:25 PM
شكرأأأأأأأأأأأأأأأأأ لكل من خدمني وساااعدني

مفتونه
29-02-2012, 07:45 PM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الى استاذنا ومعلمنا / الفاضل : ابو ندى
الرجاء الشديد والضروري لشرح ( خطبه الوداع)لرسول صلى الله عليه وسلم
ويتم في الشرح الصور البيانيه والبلاغيه و الربط والافكار

وشكرا وجعله الله في موازين اعمالك (ضروري الرد) سوف يتم شرحه يوم السبت لحضور المشرفه
اختك / مفتونه
وشكرا

أبـو نـدى
01-03-2012, 12:10 AM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
الى استاذنا ومعلمنا / الفاضل : ابو ندى
الرجاء الشديد والضروري لشرح ( خطبه الوداع)لرسول صلى الله عليه وسلم
ويتم في الشرح الصور البيانيه والبلاغيه و الربط والافكار

وشكرا وجعله الله في موازين اعمالك (ضروري الرد) سوف يتم شرحه يوم السبت لحضور المشرفه
اختك / مفتونه
وشكرا


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

حياااك وبياك
هلا أختي الفاضلة
هذا ما وجدته من خلا البحث أتمنى أن يفيدك


خطبة الوداع وإكمال الدين ..



في العام العاشر من الهجرة المحمدية وفي شهر ذي الحجة الحرام كانت حجة الوداع والبلاغ والتمام والكمال،وسميت حجة الوداع؛لأن سيدنا رسول بعدها بأمد قصير التحق بالرفيق الأعلى،ولأن العبارات الواردة في خطبته تفيد بأنها آخر لقاء مع تلك الحشود التيأتت من كل فج عميق لتشهد منافع لها في الصحبة المباشرة لسيد الوجودوالتلقي المباشر منه والتشرب القلبي من معينه.
وسميت حجة البلاغ؛لأن سيدنا رسول كان يذكر في خطبته عبارات التبليغ: (ألاهل بلغت؟) (فليبلغ)... أضف إلى ذلك أنها كانت خاتمة البلاغ إلى البلادالعربية، فعم القاصي والداني العلم بدعوة الإسلام؛ فمنهم من دخل فيالإسلام وأشرب حبه في قلبه وتمكن الإيمان فيه، ومنهم من قدم الطاعة للإسلام ولأحكامه ولما يدخل الإيمان قلبه.
وأسميها كذلك بحجة التمام والكمال، لكمال الدين وإتمام النعمة علىالمسلمين. وهذه الحجة كانت مسك الختام لجهاد خير الأنام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، في هذه الحجة حمَّل فيها النبي مسؤولية الدعوة وتبليغ الرسالة لأمته إلى يوم القيامة.وفيها حقق الله وعده لنبيه الكريم بوراثة الأرض، وإكمال الدين وإتمام النعمة، قال الحق جل ذكره في وعده الذي حققه،وفي سنته في أن النصر للتقوى والعاقبة للمتقين: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً﴾ ( المائدة [3]).
لقد ختم الله رسالته برسالة القرآن والنبي العدنان ، وأكمل الله تبارك وتعالى دينه بالإسلام، وأتم به نعمته على الناس أجمعين، فاستغنوا بدين الإسلام عما سواه، ولم يعودوا بعده بحاجة إلى ملل جديدة أو دين جديد. فقداشتمل الإسلام على كل صغيرة وكبيرة مما يحتاج إليه الناس من تعاليم وتشريعات في مختلف جوانب الحياة كلها، بحيث يكتفي الناس بشريعة الإسلام،ولا يتشوفون إلى شريعة أخرى يلتمسون فيها الهداية، أو يبحثون عن مبادئ ضالة وأفكار مستوردة وقوانين دخيلة بدعوى استكمال نقص في دينهم ومبادئهم،أو استدراك على قانون من قوانينهم أو حكم من أحكامهم، أو نحو ذلك من ترهات وأباطيل لا صلة لها بالدين، ولا تليق بأمة سيد المرسلين، و لا تصدر إلا عن جاهل ومتجاهل بكنه الشريعة أو كافر أو مغرض يخدم مصالح الأعداء، أو خبيث النية والمقصد اتخذ الشيطان وليا من دون الله، أو مسيء لفهم هذه الشريعة الغراء العظيمة.
في حجة الوداع والبلاغ تحقق الوعد الإلهي وسنته بإظهار دين الحق على الدينكله، وإتمام نور الإسلام رغم أنف المعتدين الذين طالما حاولوا إطفاءهوالكيد له.
وانتهت كل العهود التي أبرمت مع المشركين، وحظر عليهم دخول المسجد الحرام،فأصبح أهل الموسم من المؤمنين الموحدين الذين لا يعبدون إلا الله ، وأقبلتوفود الله من كل فج عميق قاصدة البلد الحرام تيمم وجهها شطر الكعبةالمشرفة، وهي مشتاقة إلى ذلك اللقاء مع أمير حجها ومعلمها مناسكه في هذاالعام سيدنا رسول الله .
ونظر سيد الوجود إلى تلك الحشود المؤمنة والألوف المؤلفة الواقفة بفناءالبيت متضرعة خاشعة ملبية لله. فسره ذلك وشرح الله صدره لما رأى ثمرة ذلكالجهاد الطويل في مكة والمدينة؛ وها هي الوفود كلها منقادة للحق، ومهتدية بالإسلام، فانتهز هذه الفرصة الثمينة ليغرس في القلوب لباب الدين؛ فألقى كلماته النورانية ليبدد آخر ما أبقته الجاهلية من مخلفات وآفات في النفوس ويؤكد ما يحرص دين الإسلام على إشاعته من أخلاق وآداب وأحكام..
فأفرغ في آذان تلك الجموع النصائح الغالية والمعاني التي بُعث بها، وملأ قلوبها بنورانية ربانية، وحملها مسؤولية تبليغ رسالة الإسلام بعده.
كان يحس أن تلك الجموع الحاشدة وهذا الركب المبارك سينطلق في بيداء الحياة وقفارها وحده، فهو يصرخ به كما يصرخ الوالد بابنه الذي انطلق به القطار،يوصيه بالرشد ويذكره بما ينفعه أبدا.وها هو يوصي أمته بما ينفعها ويضمن عزها ومجدها ويحفظ لها كرامتها ووحدتها ويرضي عليها ربها ويسر نبيها.
وأكد الوصايا مرارا وهو على ناقته العضباء، واستثار أقصى ما في الأعماق من انتباه،وعاود صيحات الإنذار ليحذر تلك الجماهير المائجة من كيد الشيطان،وبعد ذلك انتزع شهادة من الناس على أنفسهم وعليه أنهم قد سمعوا وأنه قدبلغ؛ ليقطع جميع المعاذير المنتحلة، وليجعل مهمة التبليغ ملقاة على أعناق الجميع، ويخلي ذمته من عهدة البلاغ والتبيان التي نيطت بعنقه صلوات ربيوسلامه عليه.
لقد ظل عقدين وثلاث سنوات يصل الأرض بالسماء ويتلو على القاصي والداني ماأنزل عليه من ربه، ويغسل أدران الجاهلية التي التاث بها المجتمع، ويربي الجيل الذي سيحمل الراية بعده لينشر الإسلام في أرجاء المعمورة..
وها هو –عليه الصلاة والسلام- يقود الحجيج في أول موسم حج تطهر فيه البيتمن دنس الشرك والأوثان، ويتوجه فيه كل الناس للواحد القهار..
وها هي الجموع الكثيرة من الناس أتت من كل فج عميق ومن كل جهات الجزيرةالعربية لتلتقي بالحبيب الأكبر والمصحوب الأعظم في الأيام الأخيرة منحياته، ولتشهد منافع لها في خطبته العظيمة التي وضعت مبادئ ودعائم حقوق العباد، فتجمعت حوله تلك الحشود بعد شوق طويل، فألقى كلماته الربانية ووصاياه الغالية.
والله ما أروعها من كلمات تلك التي خرجت من فيه الحبيب كالنور ملأت الكونبنورها حتى أضاء منه كل شيء.. بعد أن بلغ رسالة ربه إلى الناس كافة، وجاهدفي الله حق جهاده ثلاثة وعشرين عاما لا يكلّ ولا يمل.
ولله ما أروعها من لحظة وأغلاها من فرصة تلك التي اجتمعت فيها الأمة المحمدية بمحبوبها ومعلمها وكاشف الغمة عنها، ومخرجها من ربق العبودية للطاغوت إلى حرية العبودية لله وحده.
آلاف من المؤمنين خاشعين متضرعين مفتقرين ومنكسرين لربهم جل وعلا، ووعد الله تعالى يرفرف في السماء:﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾( غافر [51])، وحبيب الله ينظر إلى أجيال المستقبل، وإلى ثمرة تربيته الذين سيحملون هم الدعوة الإسلامية وراية الجهاد من بعده إلى يوم القيامة،ينبههم ليسمعوا خطابه المودع: ( أَيّهَاالنّاسُ اسْمَعُوا قَوْلِي، فَإِنّي لَا أَدْرِي لَعَلّي لَا أَلْقَاكُمْبَعْدَ عَامِي هَذَا بِهَذَا الْمَوْقِفِ أَبَدًا ).
فكانوا كلهم آذانا صاغية، وقلوبا خاشعة، لهذه الخطبة العظيمة التي وضع فيها دعائم وركائز ما جاهد في سبيله ثلاثة وعشرين عاما.
قال صلى الله عليه مسلم في خطبته العظيمة:« إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلاَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ،وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَرِبا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُ نَّبِأَمَانِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ،وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لاَ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدً اتَكْرَهُونَهُ. فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَمُبَرِّحٍ، وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، وَقَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُإِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ، كِتَابَ اللَّهِ. وَأَنْتُمْ تُسْأَلُونَ عَنِّيفَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ. فَقَالَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَة،ِ يَرْفَعُهَاإِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدِ اللَّهُمَّ اشْهَدْ. ثَلاَثَ مَرَّاتٍ».



نشهديا حبيب الله أنك قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وكشفتالغمة، وجاهدت في الله حق الجهاد حتى انتقلت إلى الرفيق الأعلى.




وهنا نقف مليا مع بنود هذه الخطبة العظيمة نسلط عليها بعض الأضواء لنستضيءبنورها الوضاء، ونستنبط منها سنة الله تعالى في نصر المؤمنين لما لزمواغرزه واعتزوا به، وأحبوا نبيه وتفانوا في حبه، واعتصموا بالقرآن والسنة. ونستنبط كذلك سنته تعالى في تغيير تلك النعم التي حققوها في ماضيهم التليدلما خالفوا أمره، وخذلوا نبيه ، وتركوا تلك الأمانة العظيمة وراء ظهورهم:




البند الأول: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام...): وكرر النبي هذه التوصية، وها نحن اليوم في زمن تزهق فيه الأرواح، وتراقفيه الدماء البريئة، وتنتهب فيه أموال الشعوب، ويعتدى فيه على الناس في كلوقت وحين، والاستدمار الصليبي واليهودي ما زال ينهش في جسم الأمة بالمخلب والناب.




البند الثاني:(ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي...): وها هي الأمة الإسلامية اليوم قد مزقتها الحروب القومية والطائفية والعرقية والمذهبية، وأعداء الإسلام ينبشون التراب عن الجيفة المنتنة، تلك القومية العربية والأمازيغية والوطنية ... كل هذه المصائب كانت نتيجة تلك المخالفة لهذا البند.




البند الثالث:في باب المعاملات: فكل ربا موضوع وأن للناس أموالهم لا يَظلمون ولا يُظلمون. وما الأزمة الاقتصادية التي حلت بعالمنا اليوم وبدأت تنخر في كيان الدول العظمى والصغرى وتنذربانتكاس راياتها إلا بسبب المعاملات الربوية المحرمة.




البند الرابع:حدد فيه النبي زمن الحجبعدما كان المشركون يتلاعبون بالأشهر، فلا حج إلا في شهر اسمه ذو الحجة. وهو الشهر الذي حج فيه سيدنا رسول الله حجته الأخيرة.




البند الخامس:وضع فيه النبي أسس حقوق المرأة في الإسلام؛ فأوصى بالنساء خيراً، وهي وصية جامعة شاملة تهدف إلى القضاء على الظلم ضد المرأة.




البند السادس:أوصى النبي بالاعتصام بالكتاب والسنة وهُمَا المخرج من كل ضيق والدواء لكل داء والأمان من كلتيه وشقاء وضلال وزيغ. وما الشقاء والذل والهوان الذي أصاب الأمةالإسلامية إلا ببعدها عن هذين المنبعين، مصدر كل عزة وكرامة ونصر وتمكين.




وخلاصة المرام في تحقيق المقام:




بذلك المنهاج النبوي الجامع، بين الرحمة والقوة، والجهاد والتربية، والعدلوالإحسان أخذت جذوة الباطل تخمد رويدا رويدا، حتى أفل نجم الجاهلية، وظهرفجر الإسلام وثبتت دعائمه. وخضع العرب بعدما لان قيادهم للحق- بعدما انكمش الباطل واندثر- في حجة الوداع.



وانتهت مناسك الحج وسمع الناس كلهم صوت الحق المبين، فحث سيد الوجودالركاب إلى مدينته المنورة لا ليأخذ حظا من الراحة في منتزهاتها، بل يستأنف حياة الجهاد ويستقبل الوفود الوافدة على الإسلام لترجع إلى قومها مبلغة للرسالة الخالدة، ويعبئ جيشا ليكسر به أنفة الروم وكبرياءهم.



إنها أمانة عجزت السموات والأرض عن حملها، وراحة أصحاب الرسالات عندما يرون بواكير نجاح الدعوة دانية القطاف، وثمرتها طيبة مباركة.



وتحققت الوعود الإلهية وسننه الثابتة:




﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾( طه [132]).




﴿وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ ( الصف [8]).




﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾ ( الإسراء [81]).




وقوله{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} ( المائدة [3] ) هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم, فلا يحتاجون إلى دين غيره, ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه, ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء وبعثه إلى الإنس والجن, فلا حلال إلاما أحله, ولا حرام إلا ما حرمه, ولا دين إلا ما شرعه, وكل شيء أخبر به فهوحق وصدق لا كذب فيه ولا خلف كما قال تعالى: {وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً}أي صدقاً في الأخبار, وعدلاً في الأوامر والنواهي, فلما أكمل لهم الدين, تمت عليهم النعمة, ولهذا قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً}أي فارضوه أنتم لأنفسكم, فإنه الدين الذي أحبه الله ورضيه, وبعث به أفضل الرسل الكرام, وأنزل به أشرف كتبه.



وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله {اليوم أكملت لكم دينكم} وهوالإسلام, أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان, فلا يحتاجون إلى زيادة أبداً, وقد أتمه الله فلا ينقصه أبداً, وقد رضيه الله فلا يسخطه أبداً. وقال أسباط عن السدي: نزلت هذه الاَية يومعرفة, ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام, ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمات قالت أسماء بنت عميس: حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الحجة فبينما نحن نسير إذ تجلى له جبريل, فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم على الراحلة, فلم تطق الراحلة من ثقل ما عليها من القرآن, فبركت, فأتيته فسجيت عليه برداً كان علي. وقال ابن جرير : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يوم عرفة بأحد وثمانين يوماً, رواهما ابن جرير, ثم قال: حدثنا ابن فضيل عن هارون بن عنترة, عن أبيه, قال: لما نزلت {اليوم أكملت لكم دينكم}وذلك يوم الحج الأكبر, بكى عمر, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «ما يبكيك ؟» قال: أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا, فأما إذا أكمل فإنه لم يكمل شيء إلا نقص, فقال «صدقت» ويشهد لهذا المعنى الحديث الثابت «إن الإسلام بدأ غريباً, وسيعود غريباً, فطوبى للغرباء».





شرح آخر
المناسبة والظروف
في السنة العاشرة للهجرة حج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس للمرّة الأخيرة في حياته، في يوم التاسع من ذي الحجة من صعيد جبل عرفة حيث خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبته المشهورة. وسمّيت حجة الوداع لأن قوله فيها ( لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) كان مشعرا بالوداع، وكذلك كان، إذ لم يعش بعدها إلا بضعة أشهر وتوفّاه الله عز وجلّ، وتسمى أيضا حجة البلاغ وحجة الإسلام.
شرح الكلمات:
كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا: شبّهها في الحرمة بهذه الأشياء لأنّهم كانوا لا يرون استباحة تلك الأشياء وانتهاك حرمتها.
موضوع: مردود وباطل العمد قَوَدٌ: القتل العمد فيه القصاص
مآثر الجاهلية: مفاخرها النسيء: تأخير حرمة المحرم إلى صفر أيام الجاهلية
السدانة: خدمة الكعبة ليواطئوا: ليوافقوا
السقاية: سقي الماء للحجاج إذا وردوا مكة. رجب مضر: نسبة إلى قبيلة مُضر لأنّهم كانوا متمسكين بتعظيمه بخلاف غيرهم.
لا يوطئن فرشكم غيركم: لا يأذنّ لأحد ممن تكرهون دخوله عليهنّ: يحافظن على حرمة البيت، ويقدّرن أمانة الزوجية.
غير مبرِّح : غير شديد العاهر الحَجَر: الزاني له الخيبة والخسران ولا نسب له.
عوانٍ: أسيرات مفردها عانية. لا يقبل منه صرف ولا عدل: لا يقبل منه فريضة ولا نافلة، وقيل غير ذلك.




شرح مضمون الخطبة



قرّر النبي صلى الله عليه وسلّم في خطبته هذه قواعد الإسلام، وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية، فقرّر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت المِلل على تحريمها، وهي الدماء والأموال والأعراض، وأحاطها بسياج من الحرمة والوقاية إلى يوم الحساب، وأمر بأداء الأمانات على أهلها، ووضع فيها كل شيء من أمر الجاهلية من الضلال والانحراف من تعاطي الربا والأخذ بالثأر وبدأ بذوي قرباه أوّلا لكي يعطي الإشارة بالأسوة فهو المعلم والمربي، وقرّر تحريم التفاخر والتباهي بأعمال الجاهلية إلاّ ما كان من أعمال الخير أقرها الإسلام كسقاية الحجاج وخدمة الكعبة. وبيّن بعض أحكام الاعتداء على الأنفس وما يتصل بها من الديات، كما أشار إلى أنّ الله قد حفظ دينه وأَحْكَمَه لدرجة أنه لا سبيل أمام الشيطان إلى إفساد الدين إلا أنه سيدفع المسلمين إلى ارتكاب المعاصي كالقتال فيما بينهم والكذب والخيانة وغيرها من المعاصي فعليهم أن يحذروه، وبيّن أن التلاعب بالأشهر تقديما وتأخيرا قد انتهى وبذلك أعاد نظام الحج إلى تاريخه الإبراهيمي الأصلي أي ذي الحجة، وأوصى بالنساء خيرا، وذكر الحق الذي لهنّ والذي عليهن ومنع الرجال من أن يظلموهن استغلالا لضعفهن، وأعلن أن المؤمنين إخوة مؤكدا من جديد حرمة مال المسلم ودمه، وشدّد عليهم ألا يتقاتلوا فيما بينهم، وأوصى الأمّة بالاعتصام بكتاب الله وسنة رسوله، وأخبر أنّهم لن يضلوا ما داموا معتصمين بهما, وأعلن المساواة بين البشر، فلا تفاضل بينهم إلا على أساس التقوى والعمل الصالح، ثمّ بيّن أن الله قسم المواريث في كتابه وأعطى كل إنسان نصيبه من الميراث فلا وصيّة لوارث، وبيّن السبب الشرعي للنسب وهو قيام العلاقة الزوجية، وأنّ الزاني له الخيبة والخسران ولا نسب له، وحذر من أن ينتسب الرجل إلى غير أبيه لما في ذلك من الكذب وتحويل النسب.

الأحكام والإرشادات

1 ـ الوصية بتقوى الله تعالى.
2 ـ الإسلام دعوة للعالمين.
3 ـ حرمة الاعتداء على دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم ( وهي من حقوق الإنسان الضرورية)
4 ـ بيان أن الناس سيرجعون إلى ربهم، ويسألون عن أعمالهم.
5 ـ وجوب أداء الأمانة إلى أهلها.
6 ـ تحريم الظلم والربا وكل عادات الجاهلية القبيحة كالأخذ بالثأر والعصبية والتفاخر بالأنساب.
7 ـ مشروعية القصاص والدية.
8 ـ تقديم القدوة والنموذج من قبل الحاكم لرعيته حتى تكمل طاعتهم له.
9 ـ التحذير من طاعة الشيطان بارتكاب المعاصي، ومحقرات الذنوب.
10ـ الأشهر الحرم لها حرمة في الإسلام.
11ـ الوصية بحقوق النساء والحث على الإحسان إليهنّ وأن ذلك من تقوى الله.
12ـ وجوب نفقة الزوجة وكسوتها.
13ـ مشروعية تأديب الزوج زوجته الناشز.
14ـ وجوب الأخوة بين المسلمين.
15ـ النهي عن الاختلاف والافتراق الذي ينشأ عنه التقاتل.
16ـ الوصية بكتاب الله وسنة نبيّه ولزوم التمسك بهما.
17ـ تقرير المساواة بين الناس وأن أساس التفاضل بينهم تقوى الله والعمل الصالح.
18ـ تحريم الوصية للوارث.
19ـ لا يجوز الوصية بأكثر من الثلث.
20ـ حرمة التبنّي وانتساب الإنسان إلى غير أبيه.
21ـ الولد ينسب إلى من ولد له في إطار الزوجية ، وأن الزاني لا حقّ له في النسب.
22 ـ مسؤولية الأمة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغه الرسالة وأداء الأمانة.
مجموعة أسئلة
ثانيا : من خطبة الوداع
المناسبة:
س1- لماذا سميت خطبة الوداع بهذا الاسم ؟
احتشد في موسم الحج مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم –جمع كبير من المسلمين أكثر من مئة ألف ,وفي يوم الحج الأكبر وقف رسول الله عليه السلام يخطب الناس بلهجة المودع الموقن بقرب الأجل 0
س- لماذا كان يسأل رسول الله عقب كل مقطع بقوله ألا هل بلغت ؟
لأنه كان يبلغ الناس دين الله ويريد أن يقيم الحجة عليهم
التعليق على الخطبة:
1- حرمة الأموال والدماء- وجوب أداء الأمانات لأهلها
3- إلغاء الربا وثارات الجاهلية وتراثها 0
4- تحديد عقوبة القتل 0 5- ترك الكبائر كلها دليل الإيمان.
6- حقوق الزوجين 7 - الحث على الوحدة والتحذير من الفرقة
8-وجوب التمسك بكتاب الله مهما فشا الضلال
9- تأكيد معنى الأخوة والمساواة بين الناس

خصائص الخطبة :
1- الإيجاز البليغ 2 - لهجة المودع .
3- البساطة في الألفاظ 0 4- حلاوة النغمة وجمال التقسيم.
- الاستفادة الظاهرة من ألفاظ القرآن الكريم ومعانيه ومقاصده


منقول من عدة مواقع
ربي يوفقك ويسعدك
وأي شي ما هو واضح نحن في الخدمة
دعواتكِ

أ- منصور
11-05-2012, 06:17 PM
بارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية