المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحاديِث مُحَللة تَحْلِيل بَلاغِي :)



هَذْيَّان
26-11-2008, 05:03 PM
.؛.



السلام عليكم
مممم جئتُ أطلبكم ، أحتاج أحاديث نبوية مُحللة تحليل بلاغِي
قبل يوم السبت أن تكرم الضوء..!


:)


وشُكر يليِق لِعطاء النُوُر

هَذْيَّان
28-11-2008, 02:02 AM
"\؛
.

لم يتبقى سِوى وقت قليِل :)

.

"\؛

إشراقـ أمل ـة
29-11-2008, 12:11 AM
أختي هذيان

تفضلي ..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن حمد الله وأثنى عليه بما هو أهله
( يا معشر الأنصار ما قالة بلغتني عنكم وجدة وجدتموها علي في أنفسكم ألم اتكم ضلالا فهداكم الله وعالة فأغناكم الله وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟ قالوا بلى والله ورسوله أمن والفضل ثم قال ألا تجيبونني يا معشر الأنصار قالوا : بماذا نجيبك يارسول الله , الله ورسوله المن والفضل قال : أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم ولصدقتم أتيتنا قلوبنا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فأويناك وعائلا أسيناك أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم لقاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار , الأنصار شعار والناس دثار اللهم ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار )

وَلِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنُّ وَالْفَضْلُ : تقديم ما حقه التأخير وهو مشعر بالقصر والاختصاص ، فأصل الكلام : المن والفضل لله .
و "أل" في "المن" و "الفضل" : جنسية استغراقية لعموم ما دخلت عليه ، فالفضل كله ، والمن كله لله ورسوله دون من سواهما ، ولو قيل بالقصر الإضافي في هذه الصورة لما بعد ، لأن السياق سياق منة دينية ، فلا منة في الدين إلا لله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المبلغ عن ربه عز وجل ، فصار الفضل والمن مقيدين بدلالة السياق ، مع أنه لا يبعد أيضا أن يقال بأن المنة عامة في الدين والدنيا ، فإن منة الدنيا ثابتة لله ، عز وجل ، فهو المنعم بالإيجاد ابتداء ، وبإعداد الأبدان والأرواح ليقبل كل غذاءه ، فخشاش الأرض للبدن ، ونور الوحي للروح ، وبالإمداد بذلك الغذاء ، وكذلك منة الدنيا ثابتة للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فبدينه ظهر العرب على أمم الدنيا ، وتهاوت إمبراطوريات العالم القديم تحت سنابك خيولهم ، وانثالت الغنائم إلى قصبة الإسلام : مدينة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم زمن الفاروق ، رضي الله عنه ، الذي أطفأ الله ، عز وجل ، به نيران كسرى ، وكسر به صلبان فيصر .
فلا يبعد أن تكون المنة بعمومها لله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وفي التنزيل : (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) .
و : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) ، فهو وعد عاجل في الأولى آجل في الآخرة ، فأي منة أعظم من الفوز بالأولى والآخرة ، فعيش سعيد وموت حميد وبعث إلى الجنة أكيد .


قَالَ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَصُدِّقْتُمْ : جناس بين : (فَلَصَدَقْتُمْ) و (َصُدِّقْتُمْ) . وفي القسم توكيد يؤيده التعقيب بالفاء في "فلصدقتم" ، فحالهم مشعر بالصدق فورا فلا يتردد السامع في تصديق قولهم لأنه أهل لتلك الفضيلة ، وما يأتي من الكلام : أمر قد عرفه القاصي والداني ، فنصرتهم للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر لا ينكره إلا جاحد ، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أولى الناس بحفظ الجميل لأهله ، فصاروا صادقين مصدقين من جهتين :
من جهة كونهم : أهلا لفضيلة الصدق ابتداء .
ومن جهة كون حالهم في تلك القضية : أمرا ذائعا شهدت به مهج الأنصار التي بذلت في ساحات الوغى وأموالهم التي سفحت نصرة للملة وذبا عن النِحلة .

أَتَيْتَنَا مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ وَعَائِلًا فَأَغْنَيْنَاكَ : طباقات متتالية : (مُكَذَّبًا فَصَدَّقْنَاكَ) ، (وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ ) ، (وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاكَ) ، (وَعَائِلًا فَأَغْنَيْنَاكَ ) : وهي مما يزيد المعنى وضوحا ، وفيه مزيد إقرار بفضل تلك العصابة المؤمنة ، إذ بضدها تتميز الأشياء ، فبالكذب تعرف فضيلة الصدق ، وبالعيلة تعرف عافية الغنى .......... إلخ .
أَوَجَدْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدُّنْيَا تَأَلَّفْتُ بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا وَوَكَلْتُكُمْ إِلَى إِسْلَامِكُمْ :
استفهام عتاب ، ويقال في غير هذا الموضع بأنه : إنكاري توبيخي ، لأن ما بعده قد حصل فعلا ، فهم كبقية البشر تعتمل في نفوسهم النوازع ، ولكنهم سرعان ما يؤوبون إلى الجادة فهم معدن الفضل والخير ، ولذلك حسن أن يقال من باب التأدب أنه : استفهام عتاب .
يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ : نداء البعيد تعظيما لشأنهم فهم أعظم من أن تلتفت نفوسهم الشريفة إلى عرض من أعراض الدنيا الحقيرة .
لُعَاعَةٍ : تنكير يفيد التحقير فهي لعاعة حقيرة لا يلتفت إليها أمثال الأنصار رضي الله عنهم .

أَفَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِحَالِكُمْ :
عتاب آخر ، يزداد جزالة إذا ما قدرنا جملة تناسب المقام بعد همزة الاستفهام عطف ما بعدها عليها بالفاء : فيقال مثلا : أزهدتم فيما عند الله من الكرامة فلا ترضون .......... ، فيكون في الكلام إيجاز بالحذف ، وهذا اختيار الزمخشري ، رحمه الله ، في مثل هذه المواضع التي تتقدم فيها الهمزة ، لأن لها الصدراة مطلقا حتى على العاطف ، فهو لا يسلم بذلك بل يقدر جملة محذوفة على التفصيل المتقدم .

الأنصار شعار والناس دثار :
تشبيهان بليغان حذف فيهما أداة التشبيه ووجه الشبه ، فتقدير الكلام : الأنصار كالشعار وهو ما يلي البدن من الثياب ، ووجه الشبه : شدة الملابسة ، فمجاورتهم النبيَ صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المنزلة القلبية والدار المكانية كمجاورة الشعار البدنَ ، وفي تسميته شعارا : مجاز علاقته المجاورة إذ هو يجاور شعر البدن فاشتق له اسم منه .

والناس دثار : وهو التالي الشعار ، ويقال فيه ما قيل في التشبيه الأول من جهة التركيب ، فهم كالدثار في تلو منزلتهم منزلة الأنصار .
وفي تتالي التشبيهين : مقابلة بين الأنصار من جهة ، وبقية الناس من جهة أخرى ، ويقال فيه أيضا : بضدها تتميز الأشياء ، فمنزلة الأنصار تتميز بمعرفة منزلة بقية أحياء العرب ممن استجابوا لله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
وفي "شعار" و "دثار" : سجع غير متكلف يضفي على الألفاظ رونقا ، فتميل له أذن السامع .

اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ :
إظهار في موضع الإضمار ، فلو قيل اختصارا : اللهم ارحم الأنصار وأبناءهم وأبناء أبنائهم ، لصح المعنى ، ولكنهم قوم تسعد النفس بجريان ذكرهم على اللسان شأنهم في ذلك شأن : أي حبيب يلتذ بذكر محبوبه .

------------------------------------------------------------

من حديث أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، مرفوعا : (تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً) .

تسحروا : أمر صريح صرفه الإجماع من الوجوب إلى الاستحباب .
فإن في السحور بركة : نص على العلة ، فالسياق قد دل اقتضاء على سؤال مقدر ، فإن الأمر يثير في نفس السامع السؤال عن علته ، فكأنه استفهم عن ذلك بــ : لماذا ؟ ، فجاءه الجواب مؤكدا بـــ :
"إن" ، واسمية الجملة ، وتقديم ما حقه التأخير لعلة نحوية إذ لا يجوز الابتداء بالنكرة "بركة" ، وعلة بلاغية إذ قد اطرد من كلام البلاغيين ان تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والتوكيد .
بركة : نكرة تفيد التعظيم ، ففي السحور بركة أي بركة !!! .

-------------------------------------------------------

ومن حديث ابن عمر ، رضي الله عنهما ، مرفوعا : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتُهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ)
توكيد بـــ : "إن" ، واسمية الجملة ، وتكرار الفاعل في الخبر "يصلون" ، فيكون قد ذكر أولا : الله وملائكته ، فالمبتدأ قبل دخول الناسخ عليه واسم الناسخ بعد دخوله على المبتدأ : فاعل في المعنى ، وثانيا كفاعل حقيقي : واو الجماعة في يصلون ، فضلا عن كون جملة الخبر مضارعة تفيد الحدوث والتجدد ، فكلما أحدث العبد سحورا صلى الله وملائكته عليه وهذا التكرار مما يلهب المخاطب ويحمله على تحري الفعل امتثالا لأمر الشارع ، عز وجل ، وطلبا لهذه المنقبة العظيمة .

------------------------------------------------------------------

وحديث الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ ، رضي الله عنه ، مرفوعا : (عَلَيْكُمْ بِغِذَاءِ السَّحَرِ فَإِنَّهُ هُوَ الْغِذَاءُ الْمُبَارَكُ) .فــ : "عليكم" : مشعرة بملازمة الفعل ، ففيها من التوكيد ما ليس في الأمر الصريح ، فهي تتضمن الأمر وزيادة .
فإنه هو الغذاء المبارك : توكيد بـــ : "إن" ، واسمية الجملة التي تدل على الثبوت والاستمرار ، وضمير الفصل "هو" وتعريف جزأي الجملة : هو الغذاء المبارك ، قبل دخول الناسخ على الضمير "هو" الذي اتصل به في "إنه" .
و "الغذاء" : خبر موطئ لما بعده ، ففيه نوع تشويق بإبهام أزاله البيان الذي تلاه مباشرة ، فإن السامع يدرك أن السحور غذاء ، فليس ذلك محط الفائدة ، وإنما محطها في وصف الخبر : "المبارك" ، كما قيل في قوله تعالى : (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) ، فالخبر "قوم" موطئ لما بعده فوصفهم بالإسراف هو محط الفائدة التي وطئ لها ، فليس المقصود الإخبار عنهم بأنهم قوم فإن هذا يعرفه كل أحد ، وإنما المقصود لفت انتباه السامع إلى الحكم الذي وصفوا به ، فهم قوم موصوفون بالإسراف ، فصار محط الفائدة هو الموطأ له : "مسرفون" .

--------------------------------------------------------------

من حديث : (الصِّيَامُ جُنَّةٌ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي الصِّيَامُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا) .

وفي رواية : (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ) .

الصيام جنة :
"تشبيه بليغ" بحذف أداة التشبيه ووجه الشبه ، فتقدير الكلام : الصيام كالجنة يحمي الصائم من الذنوب والسيئات كما تحمي الجنة المقاتل من الضرب والطعنات .
والتشبيه البليغ يمكن إدراجه في باب : "الإيجاز بالحذف" ، إذ حذفت أداة التشبيه ووجهه ، على التفصيل السابق ، فقلت الألفاظ وازداد المعنى قوة وبهاء .

ومادة : "جن" تدل على الستر والوقاية ، ومنه قيل : لــ : "الجن" : جن ، بالكسر ، لاستتارهم عن أعين البشر ، و "الجنة" : جنة بفتح الجيم ، لأنها مستترة بأشجارها الكثيفة .
فصار للمادة معنى كلي متواطئ هو : "الستر" ، يتفرع عليه حقائق متباينة يجمعها هذا الأصل الكلي تبعا لاختلاف حركة الجيم ، وهذا من أوجه ثراء اللغة العربية ، فالمادة الواحدة تدل على أكثر من حقيقة على التفصيل السابق .

فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَجْهَلْ :
إما أن يقال بأن البخاري ، رحمه الله ، على عادته في اختصار المتون ، أو روايتها بالمعنى ، قد حذف من السياق ما دل المذكور عليه ، فتقدير الكلام : فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل ............... ، أو يقال بأن الرواية هكذا وقعت في سماعه ، فأداها كما تحملها ، فيكون "إيجاز الحذف" قد وقع فيها ابتداء .

والرواية الثانية : (وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ) : تحل الإشكال فما اختصره هناك ذكره كاملا هنا ، واختصار الحديث ، ولو لم يذكره كاملا في موضع آخر ، أمر جائز لمن تمكن من صنعة الحديث بلا إشكال ، فكيف إذا كان مذكورا في موضع آخر كاملا ، فيرد المختصر إلى الكامل ، كما يرد المجمل إلى المبين .


فَلَا يَرْفُثْ :
إما أن يكون المقصود : النهي عن أحاديث الجماع ومقدماته ......... إلخ من أحاديث الرجل مع أهله ، وإما أن يكون المقصود أعم من ذلك ، ومتى صح حمل النص على المعنى الأعم ، فهو أولى ، إثراء للسامع .

وَإِنْ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أَوْ شَاتَمَهُ :
إيجاز بحذف آخر ، إذ حذف العامل بعد "إن" ، إذ لا يليها إلا الفعل ، اكتفاء بالفعل الوارد بعد "امرؤ" : "قاتله" ، فهو من جنس المحذوف ، فلا يجمع بين الشيء وعوضه ، لئلا يصير الكلام معيبا بالتكرار ، وإن صح التقدير من جهة المعنى ، بل إن تقدير معنى العامل المحذوف دون ذكر لفظه ، يزيد المعنى قوة ، إذ التكرار مظنة التوكيد ، فوقع تمام البيان من وجهين :
الأول : وجه حذف ما دل عليه السياق إيجازا ، فالتكرار اللفظي في مثل هذا الموضع معيب للاستغناء بالمذكور عن المحذوف على التفصيل المتقدم .
والثاني : يقدر فيه العامل المحذوف من جنس المذكور ، معنى لا لفظا ، فيكون التكرار المعنوي مظنة التوكيد ، فلا يصير معيبا كالتكرار اللفظي بل إن تقدير المحذوف دون ذكره يحقق الفائدتين : الإيجاز في اللفظ والتوكيد في المعنى .

قاتله :
صيغة مفاعلة تقتضي مشاركة من اثنين لإيجاد الفعل ، والصائم منهي ابتداء عن إنشاء القتال ، والجواب عن ذلك ، كما ذكر الحافظ رحمه الله في الفتخ ، أن صيغة المفاعلة : لا يلزم منها وقوع الفعل ، فلا يلزم من قولك : خادع فلان فلانا أنه قد خدعه بالفعل ، وكذلك الشأن هنا ، أو يقال بأن : "فاعَلَ" تطلق ويراد بها وقوع الفعل من واحد كما تقول : عالج فلان الأمر ، وقد تولى ذلك بمفرده ، ويمكن تخريج زيادة المبنى في "قاتل" و "شاتم" على القاعدة المطردة : الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى ، فيكون لفظ "قاتل" أبلغ في الدلالة على الجناية من "قتل" وكذلك "شاتم" .

إِنِّي صَائِمٌ مَرَّتَيْنِ :
تكرار يفيد التوكيد .
وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ :
توكيد بالقسم ولام الابتداء عناية بالمقسم عليه .
يَتْرُكُ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي : بيان لعلة المقسم عليه ، وكأن السامع قد تبادر إلى ذهنه سؤال عن : علة ذلك ؟ ، فجاء الجواب : لأنه يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ، فيكون في الكلام إيجاز بالحذف دل عليه السياق اقتضاء ، ودلالة الاقتضاء أصل يفزع إليه في تقدير ما يستقيم به السياق .
طعامه وشرابه وشهوته :إما أن يقال بأن عطف الشهوة على الطعام والشراب من باب : عطف العام على الخاص ، فقدم الخاص : الطعام والشراب لأنهما آكد الشهوات التي يمتنع الصائم عنها ، ثم عطف عليهما العام ، فيكون ذكرها قد تكرر مرتين : مرة بالنص على أعيانها ، ومرة ضمن عام يشملها ، وفي ذلك من العناية بشأنها ما فيه ، فإفرادها بالذكر يدل عليها : مطابقة ، وإدراجها في عام يشملها يدل عليها : تضمنا ، فاجتمع في حقها الدلالتان .

وإما أن يقال بأن الشهوة هنا قد أريد بها شهوة الفرج ، فيكون الكلام من قبيل : التأسيس لا التوكيد ، فأسس اللفظ المذكور معنى جديدا لم يرد في السياق ، ويرجح ذلك ما اطرد من قول أهل العلم بأنه إذا دار الكلام بين التوكيد والتأسيس فحمله على التأسيس أولى لأن فيه إنشاء معنى جديد ، بخلاف التوكيد فهو تنبيه على معنى مذكور ، والأصل في النصوص ، كما تقدم ، دلالتها على أكبر قدر من المعاني إثراء لذهن السامع .

الصِّيَامُ لِي : يمكن النظر إلى هذه الجملة من وجهين :
من وجه : التوكيد المستفاد من الحصر بتعريف الجزأين ، إن قلنا بأن الخبر هو نفس الجار والمجرور فهو معرف بالإضافة ، فيكون تقدير الكلام : الصوم لي وحدي لا لأحد غيري .
ومن وجه إفراد الصيام بالإضافة إلى الباري ، عز وجل ، مع أنه مفعول العبد لا الرب ، فيكون في ذلك من التعظيم ما فيه ، تماما كما قيل في : بيت الله ، وناقة الله ، فإضافة هذه الأعيان إلى الله ، عز وجل ، إضافة تشريف .
وَأَنَا أَجْزِي بِهِ : توكيد بالفاعل المستتر في : أجزي ، فيكون قد ذكر مرتين بارزا كـــ :
مبتدأ : فالمبتدأ فاعل في المعنى ، ومستترا في عامله .
ومجيء العامل بصيغة المضارع يدل على تجدد الجزاء بتجدد الصيام ، فليس أمرا ماضيا قد انتهى ، وإنما هو أمر متجدد باستمرار ، فكلما صمت وأطعت ، وجدت جزاء ذلك عند الرب ، جل وعلا ، وفي هذا من استنهاض الهمم ما فيه .

وفي الرواية الثانية :
لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا : إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ : تفصيل بعد إجمال يسمية البلاغيون : "التوشيح" ، إذ ذكر الفرحة أولا مجملةً استرعاء لسمع المخاطب ، ثم فصل نوعيها : (إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ) .

وتقديم ما حقه التأخير في : "للصائم فرحتان" يفيد القصر والتوكيد .

منقول ( جزى الله خيرا من قام بالعمل )

لمياء الديوان
10-12-2008, 08:34 AM
اشراقة ردت عليك وينك هذيان

تحياتي لكما وعيدا سعيدا

هَذْيَّان
17-12-2008, 05:29 AM
"\؛
.

إشراقة..!

تتقاطريِن شهدًا يأنايّ وشُكر فاض


لميائِي

يافداك كُلّي وعيِدك أسعد يارُوُح






"\؛

إشراقـ أمل ـة
17-12-2008, 02:47 PM
هذيان

عذب مرورك ..

أرق تحياتى لكِ

طيبه عجام
27-03-2009, 10:44 PM
اشراقة

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

كاسب العز
04-06-2010, 05:43 PM
بارك الله فيك

لك مني أجمل تحية

تقبل مرورى

كاسب العز