المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقابلات دل بوسكي: لا مجال لالتماس الأعذار



عميد اتحادي
29-10-2014, 03:00 PM
يعيش فيسنتي دل بوسكي فترة ليست بالسهلة. ولكنه يعرف السبيل للحفاظ على رزانته ورباطة جأشه في هذه الأوقات العصيبة تماماً كما عرف كيف يحافظ على تواضعه واحترامه للخصوم في أيام الرخاء ومرحلة الأمجاد. فبعد الفشل الذريع في كأس العالم البرازيل 2014 FIFA، رفع المدرب المقتدر التحدي لتصحيح مسار السفينة الأسبانية، إذ رغم البداية المتعثرة في الطريق إلى نهائيات كأس أوروبا 2016، فإنه لا يزال وفيا لأفكاره ولا يخفي تشبثه بفلسفته حتى أمام أشد النقاد.

خلال مؤتمر FIFA/UEFA للمديرين الفنيين ومدربي المنتخبات الوطنية، الذي عُقد في سانت بطرسبرج (روسيا)، خصص دل بوسكي بعضاً من وقته للجلوس معنا وتحليل بعض المحطات الرئيسية التي عاشها فريقه في الأشهر الأخيرة.

لا شك أنك استحضرت شريط كأس العالم في ذهنك آلاف المرات، ثم عدت للتحليل بعد مرور الوقت ومن منطلق الهدوء الذي يلي العاصفة ... برأيك، ما هي أسباب ضعف الأداء الأسباني في النهائيات؟

فيسنتي دل بوسكي: لا يمكن البحث عن سبب معين. كان الأمر يتوقف بشكل عام على مجموعة من التفاصيل الصغيرة التي أدت إلى تلك النتيجة. كما ليس من المنصف الحديث فقط عن أوجه القصور الشخصية، بل تجدر الإشارة أيضاً إلى قوة منافسينا. فقد كانت هولندا وتشيلي أفضل منا، وعلينا أن نتقبل الهزيمة بروح رياضية. لا مجال هنا لالتماس الأعذار، لأن ذلك لا جدوى منه على الإطلاق.

خلص المؤتمر إلى أن نهائيات البرازيل 2014 تميزت بكرة قدم أكثر هجومية من البطولة التي أقيمت في جنوب أفريقيا قبل أربعة أعوام. هل يمكن القول إن ذلك جاء ثمرة للإرث الذي خلفه الأسلوب الأسباني القائم على عقلية الفوز؟

لقد كانت هذه النهائيات أكثر هجومية من سابقه، حيث ركزت الفرق على أهمية الضغط. لقد أصبح الضغط متقدماً أكثر فأكثر، بل وأصبح يُمارس بشكل مباشر أكثر من ذي قبل، ولاسيما عند فقدان الكرة. صحيح أيضاً أن الانتقال من الدفاع إلى الهجوم بات أسرع من أي وقت مضى. أعتقد أنه من المثالي إيجاد التوازن بين أسلوب حيازة الكرة، الذي تتميز به أسبانيا، وأسلوب الانتقال السريع.

بعد سقوط أسبانيا، كيف تابعت كأس العالم؟ ما الذي فاجأك أكثر؟

أعتقد أن التنوع التكتيكي هو ما فاجأني أكثر. تابعت كأس العالم بارتياح بعد نجاح الفرق الأوروبية، ولا سيما ألمانيا وهولندا، اللتين مثلتا كرة قدم الأوروبية أفضل تمثيل. ولكن، في المقابل، تقدمت كرة القدم اللاتينية بشكل كبير أيضاً، حيث أصبح واضحاً أن أمريكا اللاتينية لم تعد تقتصر فقط على الأرجنتين والبرازيل، بعدما أبلت كولومبيا وكوستاريكا وتشيلي البلاء الحسن. كما لوحظ أن بعض منتخبات آسيا وأفريقيا تقترب من مستوى هذه البلدان.

كيف كانت رحلة العودة من البرازيل؟

كانت لحظات حزينة تميزت بخيبة أمل كبيرة. ولكن كان من الصعب جداً تكرار ما حققناه في كأس العالم السابقة. صحيح أننا كنا نتوقع الذهاب إلى أبعد من ذلك، ولكني أعتقد أننا تقبلنا الهزيمة بشكل جيد لأننا عرفنا كيف نتعامل معها بروح رياضية. والآن، نحن نتطلع إلى المستقبل حيث نواصل استعدادنا ليورو 2016 في فرنسا وكأس العالم 2018.

في البرازيل لاحظنا نجاحاً كبيراً لخطة الدفاع الثلاثي بظهيرين، كما اتضح مثلاً من خلال تكتيك هولندا، التي خلقت لكم متاعب كثيرة. هل تعتقد أنه من الممكن أن ينتشر هذا النظام التكتيكي؟

لم تكن هولندا الوحيدة. فقد لعبت تشيلي بهذا النظام كذلك، معتمدة على ظهيرين متباعدين فيما بينهما من حيث المسافة، مما مكنها من كسب أفضلية عددية في العمق وخلق متاعب كثيرة لفريقنا. لا يمكن تبرير هزيمتنا فقط من هذا النهج، ولكن كان له تأثير على النتيجة بكل تأكيد. لا أعرف ما إذا كان سيُعمَّم هذا النظام في المستقبل. لا أؤمن كثيراً بفلسفة اللعب القائمة على الرسوم التكتيكية على السبورة.

من وجهة نظرك، ما هو مفتاح الفوز الألماني؟

يجب ألا ننظر فقط إلى النهائيات العالمية الأخيرة، بل يجب أن ننظر إلى هذا الإنجاز في إطاره الكامل. يجب الرجوع بالذاكرة إلى الوراء لكي نقف على مدى الصبر الذي تحلى به الألمان. فقد كانوا دائماً في الصفوف الأمامية، حيث لعبوا نهائي يورو 2008، ووصلوا إلى نصف النهائي في 2010 و 2012، قبل أن يُتوجوا أخيراً باللقب العالمي في 2014، علماً أن الفريق لعب تحت إدارة نفس المدرب خلال كل هذه السنوات، التي بنت فيها ألمانيا منتخباً متيناً قائماً على مجموعة قوية من اللاعبين. كان النجاح ثمرة الصبر والعمل الموجه توجيهاً جيداً، انطلاقاً من دكة البدلاء.

إنها لحظة التجديد الحتمي في صفوف الفريق الأسباني. هل ستستمر وفق نفس النموذج؟ أم ستبحث عن اللاعبين المثاليين للمرحلة الجديدة؟ أم أنك ستبني نظام لعب الفريق انطلاقاً من خصائص اللاعبين المتوفرين لديك؟

بغض النظر عن كبوة البرازيل، لا يمكن للمرء أن يبقى مكتوف اليدين في كرة القدم. كان علينا أن نتطلع إلى الأمام، ولذلك بدأنا رحلة البحث عن لاعبين جدد. ولكن أسبانيا ليست بحاجة لتغيير أشياء كثيرة. يجب الحفاظ على الزخم المتراكم وتحسين العمل الجيد الذي قمنا به خلال السنوات الأخيرة التي حققنا فيها الكثير من النجاحات، ولكن دون إغفال الجوانب التي لا يزال من الممكن تصحيحها. هذا ما نحن بصدده الآن، حيث نسعى إلى إيجاد التوازن بين حيازة الكرة والانتقال السريع واللعب في العمق، كما ورد في حديثنا سابقاً.

كما هو الحال دائماً، هناك قضايا مثيرة للجدل في حلقات النقاش ... سواء تعلق الأمر بإيكر كاسياس، أو بالشاب منير الحدادي ... هل يتأثر المدرب بما يقال في وسائل الإعلام؟

إنها سُنة الحياة في المنتخب الوطني. البعض يلعب في الفريق منذ سنوات عديدة، والبعض الآخر انضم للتو ... مازالت ثقتنا كبيرة في إيكر لأنه لم يصل بعد إلى سن يحول دون استمراره في لعب كرة القدم، ولأننا نؤمن بقدراته. ولكننا نثق أيضاً في الأجيال الجديدة، كما هو الحال بالنسبة لمنير، الذي يمثل الجيل الجديد في كرة القدم الاسبانية.

يمثل دييجو كوستا النقطة الساخنة الأخرى في النقاشات المثارة حول لاروخا. لماذا وجد كل هذه الصعوبة في التكيف مع المنتخب؟ ربما لا تتفق طريقة لعبه مع أسلوب الفريق؟

لا أعتقد أن المشكل يكمن في عدم التوافق. أعتقد أن أي لاعب يبلي البلاء الحسن في ناديه، سواء أتلتيكو مدريد في السابق أو تشلسي حالياً، لن يكون بالضرورة عنصراً متطفلاً على منتخبنا. أنا مقتنع بأنه سيتكيف مع الفريق بشكل تام في المباريات القادمة، كما أن رفاقه سيتكيفون معه كذلك.

عندما تأتي لحظة إعداد قائمة اللاعبين الذين ستوجه لهم الدعوة، أي خط من الخطوط يقض مضجعك أكثر؟

هناك العديد من المراكز المحرجة ... حراسة المرمى، مثلاً، على الرغم من وجود العديد من الأسماء اللامعة، إضافة إلى قلب الدفاع، ورأس الحربة... وعلى العموم، فإن أشياء من هذا القبيل تحدث بين حين وآخر. في عام 2010، بعد اعتزال خوان كابديفيلا واجهنا مشاكل في مركز الظهير الأيسر، ولكننا تمكنا من حل هذه القضية، حيث نملك اليوم 6 أو 8 لاعبين بإمكانهم الانضمام إلى المنتخب: مونريال، جوردي ألبا، أزبيليكويتا، بيرنات ... يا إلهي! كل هذا بينما كنا خائفين من عدم إيجاد بديل في الجهة اليسرى! والآن تُطرح قضية قلب الدفاع. فبعد رحيل بويول أصبح هناك نقص في هذا المركز، ولكن سنحلها شيئاً فشيئاً حيث لن ينضم إلى المنتخب إلا أفضل اللاعبين.

بعد النجاح الذي حققتموه في السابق، والانتقادات اللاذعة التي انهالت عقب كبوة البرازيل، أين تجد الحوافز التي تدفعك للاستمرار؟

أهم شيء هو مسؤولية القيام بالعمل على أتم وجه. إنه شيء يأتي من الداخل. فبعد فترة النجاحات، نحن نحمل الآن على عاتقنا التزاماً كبيراً ومسؤولية جسيمة لإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وتعبيد الطريق لكي لا تتوقف كرة القدم الأسبانية عن النمو والتقدم والازدهار.

http://www.m5zn.com/newuploads/2014/10/29/jpg//4ef09cec2c45086.jpg (http://www.m5zn.com/newuploads/2014/10/29/jpg//4ef09cec2c45086.jpg)