المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعليقات على تفسير التسهيل لابن جزي الكلبي للشيخ الفاضل عبدالرحمن بن ناصر البراك



أهــل الحـديث
29-10-2014, 12:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم






التعليق على تفسير التسهيل لابن جزي الكلبي
لفضيلة الشيخ العلامة
عبد الرحمن بن ناصر البراك
حفظه الله تعالى


بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة

الحمد لله وحده وصلى لله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذه تعليقات على تفسير ابن جزي الكلبي رحمه الله الموسوم بـ (التسهيل لعلوم التنزيل)، أملاها عليَّ شيخُنا العلامة المحقق عبد الرحمن بن ناصر البراك، وفيها استدراكات على مواضع من الكتاب المذكور جانب المؤلف فيها الصواب، في العقيدة وفي السلوك، وفي غير ذلك.

وكان الباعث لكتابتها أن أحد الفضلاء شرع في تحقيق الكتاب تحقيقا علميا، فطلب من شيخنا العلامة أن يعلق على تلك المسائل، ويبين القول الحق فيها، فوافق شيخنا على ذلك، زاده الله شرفًا وعلوًا، لما لهذا الكتاب من الانتشار والقبول عند كثيرٍ من العلماء وطلبة العلم.

وكان من طريقة هذا المحقق المذكور أنه يبعث إلى شيخنا تلك المسائل منجَّمة، شيئًا فشيئا، وقد رأيت بعد استشارة شيخنا وأخينا المحقق أن تنشر هذه التعليقات تباعًا؛ استعجالا للفائدة، ورغبة في تعميم النفع بها، ولأن نشر الكتاب قد يطول أمده.

وبعد: فدونك - يا طالب العلم - تعليقات تشد إليها الرحال، وتضرب بها الأمثال،فإنها معقد الآمال، ومتنافس الرجال، وإنها لحلية في جيد (التسهيل) تستوجب الثناء الجزيل والذكر الجميل.

فنسأل الله أن يجزي شيخنا العلامة: عبد الرحمن بن ناصر البراك خير ما يجزي به العلماء الناصحين والأئمة الصادقين، وأن يبارك في مسعاه ويبلغه من الخير منتهاه.

كما أسأله تعالى أن يتغمد العلامة المفسر ابن جزي برضوانه، وأن يحله دار الكرامة بفضله وإحسانه.

ونسأل الله لأخينا محقق الكتاب التوفيق لإخراجه على الصواب، وأن يسدد عمله ويقرب أمله، اللهم فيسر ختامه وسهل إتمامه. إنك على كل شيء قدير.

وكتب

عبد المحسن بن عبد العزيز العسكر

ـــــــــــــــــــــــــ


بسم الله الرحمن الرحيم

سماحة الشيخ/ عبد الرحمن بن ناصر البراك سلمه الله

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وأحسن الله إليكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

شيخنا الجليل، أقوم حاليًا بدراسة وتحقيق كتاب (التسهيل لعلوم التنزيل) للشيخ المفسِّر ابن جزيٍّ الكلبي الغرناطي -رحمه الله-، وقد مرّ بي في أثناء التحقيق للكتاب بعض المواطن التي أشكل عليّ فيها تقرير ابن جزيٍّ لمعتقد السلف، وهل سار فيها على طريقة السلف الصالح أو لا؟
وكذلك بعض المواطن التي تتعلق بعلم السلوك، وهل ما قرّره فيها موافق لما في الكتاب والسنة، ولما كان عليه سلف هذه الأمة رضوان الله عليهم؟
ولعلّي أعرض على سماحتكم هذه المواطن من تفسيره موطنًا موطنًا، وآمل منكم التكرم ببيان معتقد السلف الصالح فيها، أحسن الله إليكم وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.


الإشكال الأول

قال ابن جزي رحمه الله: « ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾[البقرة : 25] دليلٌ على أن الإيمان خلاف العمل؛ لعطفه عليه، خلافًا لمن قال: الإيمان اعتقاد، وقول، وعمل.

وفيه دليل على أن السعادة بالإيمان مع الأعمال، خلافًا للمرجئة».([1] التسهيل: (1/210). )

التعليق

قال الشيخ عبد الرحمن البراك: في كلام المؤلف مسألتان:

المسألةالأولى: قوله:«دليلٌ على أن الإيمان خلاف العمل؛ لعطفه عليه».

أقول: ظاهره أنه يقرر هذا الاستدلال، وهو بهذا يوافق جميع طوائف المرجئة في الاستدلال بهذه الآية على إخراج الأعمال عن مسمَّى الإيمان، وأهل السنة يخالفونهم في أصل المسألة وفي الاستدلال بالآية، فيقولون: العمل من الإيمان، لدلائل كثيرة من الكتاب والسنة، كحديث وفد عبد القيس وحديث شعب الإيمان. ويقولون: العطف لا يقتضي المغايرة دائما، بل منه عطف الخاص على العام، ومن ذلك عطف الأعمال على الإيمان.

المسألة الثانية: قوله: «وفيه دليل على أن السعادة بالإيمان مع الأعمال، خلافًا للمرجئة».

أقول: هذا الاستدلال صحيح، ولكن قوله:«خلافا للمرجئة» لا يصح على الإطلاق؛ لأن مرجئة الفقهاء لا ينازعون في هذا، وإنما ينازع في هذا المرجئةُ الجهمية، القائلين: لا يضر مع الإيمان ذنب.


يتبع