بـيـبـرس
26-04-2008, 01:50 AM
أ.د. سالم بن أحمد سحاب?ما الذي يخلد التاريخ من سير العظماء؟ وما الذي يميز الحكام بعضهم عن بعض؟ هل هي الأموال والأرصدة، أم هي مواقف الشدة والغلظة؟ أم تراها مواقف الحكمة والعدل والفضل؟ ?التاريخ لا يسجل بإعجاب، ولا يذكر بخير إلا مواقف الحكمة والفضل وحقن الدماء والترفع عن مواضع الانتقام والثأر وسفك الدماء. وهذه حادثة وعاها تراثنا العاطر، تُحسب للخليفة الأموي الصحابي معاوية بن أبي سفيان، وهو الذي كان في عز وقوة ومنعة، لكنه كان كذلك في حكمة وعقل وسعة بال قلما تكون في السلاطين، ولا حتى في المحيطين المستقوين بهم.?يُروى أنه كان لعبدالله بن الزبير رضي الله عنهما مزرعة في المدينة مجاورة لمزرعة يملكها معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما. وفي ذات يوم دخل عمّال مزرعة معاوية إلى مزرعة ابن الزبير، فغضب ابن الزبير وكتب لمعاوية في دمشق، وقد كان بينهما عداوة: من عبدالله بن الزبير إلى معاوية (ابن هند آكلة الأكباد) أما بعد: فإن عمالك دخلوا إلى مزرعتي فمرهم بالخروج منها، أو فو الذي لا إله إلا هو ليكوننّ لي معك شأن! ?فوصلت الرسالة لمعاوية، فقرأها، ثم قال لابنه يزيد ما رأيك في ابن الزبير أرسل لي يهددني؟ فأجاب يزيد: أرسل له جيشاً أوله عنده وآخره عندك يأتيك برأسه، فقال معاوية: بل خيرٌ من ذلك زكاة وأقرب رحما، فكتب إلى ابن الزبير يقول: من معاوية بن أبي سفيان إلى عبدالله بن الزبير (ابن أسماء ذات النطاقين): أما بعد فو الله لو كانت الدنيا بيني وبينك لسلمتها إليك، ولو كانت مزرعتي من المدينة إلى دمشق لدفعتها إليك، فإذا وصلك كتابي هذا فخذ مزرعتي إلى مزرعتك وعمالي إلى عمالك، فإن جنّة الله عرضها السموات والأرض، فلما قرأ ابن الزبير الرسالة بكى حتى بلها بالدموع وسافر إلى معاوية في دمشق، وقبّل رأسه، وقال له: لا أعدمك الله حلماً أحلّك في قريش هذا المحل. ?هذه أخلاق الكبار الذين لا يكبرون إلا بها، لا بالمناصب!!?
المـصـدر صـحـيـفـة المـديـنـة المـنـورة الـسـعـوديـة
المـصـدر صـحـيـفـة المـديـنـة المـنـورة الـسـعـوديـة