تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جهود الدكتور محمد بن سعد آل حسين في خدمة الأدب السعودي



معلم
23-10-2014, 01:10 AM
جهود الدكتور محمد بن سعد آل حسين في خدمة الأدب السعودي للكاتب محمد عباس عرابي مجلة الأدب الإسلامي الإلكترونية العدد40
يعد الأديب الموسوعي والناقد الأكاديمي الدكتور محمد بن سعد آل حسين (1352هـ- 1435هـ) (رحمه الله ) كاتبا متميزا، فمجال التأليف والنشر هَوَاه وعِشْقُه، فلقد أفرد جملة من المصنفات تربو على (50) كتاباً بين نقد وأدب وشعر وتحقيق وتاريخ، ولا تزال جملة من مؤلفاته مراجع معتمدة في بابها، ومن بين إصداراته ديوانان ضخمان، ناهيك عن الدراسات والبحوث المنشورة في عدد من الصحف والدوريات، والحوارات الصحفية التي أجريت معه وتناول فيها جملة من القضايا بتعمق وبرؤية شاملة وثاقبة.(1)
حصل على جوائز محلية ودولية عدة، وكُرِّم في الندوات واللقاءات والمؤسسات الفكرية والثقافية(2)، ولقد اتخذ من داره العامرة منتدى ثقافيا عرف بندوة النخيل يغشاها النخب الثقافية، ويرتادها الأكاديميون، ويؤمها أصحاب الحجى، وتدار فيها قضايا الفكر والنقد والأدب برؤية حديثة وفكر مستنير.(3)
ولقد تميّز الدكتور ابن سعد برمزية تتصل بحضوره في المشهد الأكاديمي لأعوام طويلة، ما منحه فرصة المتابعة والرصد الدقيق للحركة الأدبية في الجامعات السعودية، إذ واكب تحولات الدراسة الأدبية والتخصص في الأدب السعودي، إضافة إلى الإشراف المتنوع والمناقشة لعدد كبير من الرسائل الأكاديمية، وبعض طلابه هم من قادة الدراسات الحديثة للأدب السعودي.
ومما يميزه أنه خرج من بيته الأكاديمي؛ ليكون حاضراً على مستوى ثقافي واجتماعي عام، فهو أستاذ دخل بوابة الإعلام، وقدم برامج استمرت أعواماً طويلة، ورافق إعلاميين مثل الدكتور محمد العوين، والدكتور عبدالله الحيدري وغيرهما، ثم إنه أيضاً دخل المشهد الاجتماعي في صالونه المستمر، والدكتور محمد بن سعد رجل لم ينفصل عن مفردات اليوم المتعددة، فهو حاضر في كثير من المشاهد والصالونات والأندية، ومتابع للحراك الثقافي المعاصر.(4)
ويحاول هذا المقال بيان جهود الدكتور محمد بن سعد آل حسين في خدمة الأدب السعودي من خلال ما يأتي:
ابن حسين الباحث الأول في الأدب السعودي:
يقول الدكتور العوين: «أزعم أن ابن حسين هو الباحث الأول في الأدب السعودي»، مستدركا: «لا يعني هذا التقليل من قيمة جهود أساتذة آخرين فضلاء؛ مثل إبراهيم الفوزان أو عبد الله الحامد أو محمد الشامخ وغيرهم؛ بل لهم جهود كبيرة مقدرة؛ لكن ابن حسين، بدأبه الطويل على تقصي المكتبة السعودية خلال ربع قرن عبر برنامجه، يكاد يكون شمل كل الإصدارات السعودية على اختلاف مناحيها، وهو جهد غير قليل، صدر منه (كتب وآراء) وبقي حسب علمي ما يغطي عشرة مجلدات لو طبعت، وهو أيضا أشرف على مئات الرسائل، وصحح معلوماتها، وأرشد باحثيها. وتتلمذ على يديه مئات الدارسين، وحاضر وانتدى وتحدث لوسائل الإعلام، ونشر المقالات في الصحف والمجلات.(5)
فهو بحق رائد الأدب السعودي، فهو أول من حاضر عن الأدب السعودي ودرسه في الجامعات السعودية منذ عام 1384هـ،، لقد بدأ حياته مهتماً بالأدب السعودي، وعاش ممتلئاً به فلم يلتفت لسواه.. وقد كانت أطروحته للدكتوراه الأدب الحديث في نجد.
وهو إحدى القامات النقدية والأكاديمية التي كان لها إسهاماتها العلمية والثقافية على مدى أربعة عقود، وهو أول من اقترح تدريس الأدب السعودي، كمقررات مستقلة، كما أنه يعد من الأوائل القلة الذين ألفوا فيه، وحاضروا عنه لعقود خلال مسيرته التعليمية الأكاديمية.
وعلى مدى العقود الأربعة الماضية ارتبط اسم د.محمد بن سعد بن حسين بالدرس الأدبي ارتباطاً وثيقاً، وأضحت له وشائج أمتن، وأصبح علماً بارزاً في هذا الحقل يعود له كل ما رام مسألة في الأدب السعودي، أو أراد البحث في قضاياها، ذلك أن ابن حسين عشق الأدب السعودي، وكلف به، ودعا إلى دراسته في المعاهد والكليات، وزين لطلاب الدراسات العليا الكتابة عن رواده، إلى جانب تأثيره الأدبي والثقافي على طائفة من طلابه في محاضراته بكلية اللغة العربية بالرياض.
إسهاماته في المشهد الثقافي:
ولقد ظل محمد بن حسين، اسما حاضرا بإسهاماته في مشهدنا الثقافي، إذ لم يقف جهوده وتميزه عند مستوى عتبات حدود الجامعة، بل كان أحد الأسماء البارزة في حضورها الثقافي، عبر الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية والأكاديمية محليا وعربيا، مساهما بقلمه وفكره، طيلة السنوات الماضية قبل أن يقعده المرض منذ ما يقرب العامين، فلقد أسهم ابن حسين إلى جانب ذلك في العديد من البرامج التلفزيونية والإذاعية في جوانب نقدية وأدبية وإبداعية مختلفة، التي كان منها أشهرها برنامجه الإذاعي الشهير (من المكتبة السعودية) أكثر من ألف حلقة إذاعية، عرف من خلاله المستمعين بما تحفل به المكتبة السعودية من الإنتاج الفكري والأدبي والثقافي والإبداعي للمثقفين والمؤلفين والمبدعين السعوديين، وكأنه بذلك يقدم (موسوعة إذاعية) لكافة الشرائح المهتمة بالحركة الثقافية الأدبية في المملكة.
اهتمامه بالباحث في الأدب السعودي:
سعى ابن حسين إلى أن يكون للباحث السعودي استقلال في الشخصية واهتمام خاص بالبيئة الثقافية المحلية، ودخل في صراعات مبكرة أومأ إلى بعضها في مواضع مختلفة من سيرته الذاتية؛ لأنه كان يستمع إلى بعض الآراء الناقدة التي تنكر على ابن حسين عنايته بقضايا الدرس العلمي في الأدب السعودي، وأنه لم يصل بعد في كثير من وجوهه إلى أن يخص بالدرس، وأن يُجعل موضع أبحاث طويلة؛ بله أن تفرد له مواد تدرس في الكلية للطلبة!.
أوكل لابن حسين رئاسة قسم الأدب في الكلية عام 1402هـ، فأحدث ثورة في الدراسات المتصلة بالأدب السعودي، وبقضايا الحركة الفكرية والإبداعية في المملكة، ورفض مقترحات كثيرة لقضايا في المحيط العربي؛ متعللاً بأن لكل محيط دارسيه وباحثيه، وبأن أدبنا لا زال في حاجة ماسة إلى جهود علمية كبيرة ودؤوبة لخدمته وإبرازه وإظهار مكنوناته ومواضع القول فيه.(6)
من كتبه حول الأدب السعودي:
من أبرز كتب آل حسين حول الأدب السعودي كتاب: "الأدب الحديث في نجد "، وفي هذا الكتاب حرَص د.محمد بن سعد بن حسين على تحليل ملامح الفنون الأدبية التي حفلت بها منطقة نجد...، وهذه الفنون كان يَجهلها دارسو الأدب ونقاده في العالم العربي.
ويقول د.محمد عبد المنعم خفاجي: "قرأت كتاب "الأدب الحديث في نجد" في نسخته الخطية المعدة للطبع، ولقد أكبرت جهد المؤلف وما بذله فيه من دأب ومثابرة وحرص، على أن يفي تاريخ بلاده الأدبي حقه من البحث والدراسة، والكتاب في كثير من موضوعاته جديد، وبحوثه في أغلبها غير مطروقة، وهو يضيف إلى تاريخنا الأدبي الحديث إضافات غنية توضح صورة الأدب العربي في بيئة من أكبر وأقدم بيئاته، وهي بيئة نجد العربية الخالصة."
والفنون الأدبية التي رصد الكاتب أهم معالمها في سياق الحقبة التي ظهرت فيها، وفي سياق الثقافة السائدة، والتقاليد والأعراف.. والمؤثرات الاجتماعية والسياسية والدينية التي لم يغفلها المؤلف..، هذه الفنون تتمثل في الشعر، وفن الخطابة، وفن الكتابة، وفن القصة، وفن المقال، وقد عُني المؤلف بفن الشعر.. وفن الخطابة، ورصد مظاهر تطور هذين الفنين، وكذلك احتفى بفن الكتابة، وحرص على رصد مظاهر الارتقاء والانحدار في الفن الكتابي.. ومنه "فن المقال".
وأهم سمات الأسلوب التي اصطبغ بها منهج د.محمد بن سعد بن حسين في هذا الرَّصد لمعالم الأدب الحديث في نجد بفنونه المتعددة شعراً ونثراً:
أنه غلب على أسلوب الكتاب طابع المحاضرات، حيث يصوغ د.محمد بن حسين عباراته صياغة أدبية جيدة، تجمع بين الحقيقة العلمية والحس الجمالي الفني، وهذا المسلك يقترب من نهْج د.طه حسين في كتابه " حديث الأربعاء" ولذلك يخلو الكتاب من الحواشي والهوامش والنقول الكثيرة؛ لأن المؤلف يتعامل مع النصوص.. تعاملا قائما على التقويم والتحليل والموازنة والاستنباط، وقد قدم المراجع والمصادر مجملة في آخر الكتاب.
ولم يقسم المؤلف الكتاب إلى أبواب أو فصول، وإنما قسمه إلى أربع محاضرات، والقسم الأخير من الكتاب: ألقى فيه المؤلف الضوء على دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب وأثرها في أدبنا الحديث، ومهد لهذه القضية بتاريخ موجز للأمير محمد بن سعود؛ وهذا المهاد التاريخي قُدِّم في صورة مقالة. وأشار المؤلف أنها نشرت في مجلة راية الإسلام بالرياض 1379هـ، ولكن الجزء الخاص بأثر دعوة محمد بن عبد الوهاب في أدبنا الحديث؛ تركه المؤلف بلا تحديد: هل هو محاضرة أم مقالة، أم تتمة للكتاب؟.(7)
ـــــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
([1]) فيصل العواضي: محمد بن سعد بن حسين: 85 عاماً من الأدب الحديث في نجد إلى المكتبة السعودية، صحيفة الجزيرة، الاثنين 21/06/1435 هـ،21/4/ 2014 م،العدد: 15180
(2) عبد الله وافية: أدباء ينعون ابن حسين: أديب وناقد تميّز بالحسم وانفتح على الجديد، صحيفة الحياة، الجمعة، 25 /4/ 2014م.
(3) محمد باوزير: الأدباء: الدكتور ابن حسين علامة بارزة في الأدب الحديث، صحيفة الرياض، الخميس 22 /8/ 1433هـ - 12/7/ 2012م - العدد 16089.
(4) عبد الله وافية، أدباء ينعون ابن حسين: أديب وناقد تميّز بالحسم وانفتح على الجديد، صحيفة الحياة، الجمعة 25/4/ 2014م، 24 /6/1435هـ.
(5) بدر الخريف:ابن حسين.. كفيف نافس المبصرين وتحول إلى عالم موسوعي، جريدة الشرق الأوسط الأحد 11 /6/ 1434 هـ، 21/4/ 2013م، العدد 12563
(6) مجلة الجزيرة الثقافية، الاثنين 9 رجب 1428هـ، العدد 208.
(7) صابر عبد الدايم، قراءة في معالم الخطاب النقدي للدكتور محمد بن سعد بن حسين ) الأدب الحديث في نجد أنموذجا)، بحث مقدم إلى ملتقى النقد الأدبي في المملكة العربية السعودية، الدورة الأولى "الخطاب النقدي في مراحله المبكرة" 25-27/3/1427هـ، 23-25/4/2006م، (النادي الأدبي بالرياض)