سعود
16-02-2008, 08:17 PM
http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperBackOffice/ArticlesPictures/16-2-2008//361675_190004_small.jpg
أصبح امتلاك المراهقين للهواتف المحمولة شيئا عاديا ومألوفا، بل أصبح عدم امتلاك مراهق لهاتف هو الشيء الغريب والشاذ، والأخطر أننا بتنا نشاهد بعض الأطفال يحملون هواتف محمولة في المدارس والأسواق. ومع كل الدراسات التي تؤكد خطورة الهاتف المحمول على الأطفال والمراهقين فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تخضع هذه الهواتف إلى مراقبة الأهل لكي يعرفوا ماذا يوجد فيها؟ هذا التحقيق يبحث عن إجابة لهذا السؤال الصعب: ماذا يوجد في هواتف المراهقين؟
لو سألت أي مراهق هذه الأيام عن أكثر الأشياء التي يراها ضرورية ولا يستطيع الاستغناء عنها في حياته ولو لدقائق معدودات، ستكون الإجابة من دون تفكير:
الهاتف المحمول. لذا لا أندهش عندما أقرأ نتائج الدراسات التي تظهر بين الفينة والأخرى وتتناول علاقة المراهقين بالهاتف المحمول وتأثيره عليهم.
فقد أظهرت دراسة مثيرة قامت بها شركة متخصصة في الهواتف المحمولة في كوريا الجنوبية عن علاقة المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاما بالهاتف المحمول، أن الهاتف المحمول هو أعز مقتنيات المراهقين، وأن اقسى عقاب يمكن أن يتعرض له المراهق هو حرمانه من هاتفه المحمول الذي يمثل مفتاح علاقته بالعالم.
ومن النتائج المثيرة التي توصلت إليها هذه الدراسة أن ما يقرب من 80 في المائة من المراهقين أكدوا أن الهاتف المحمول أكثر الأشياء ضرورية في حياتهم، لكونه يستحيل من دونه الاتصال بأصدقائهم وإرسال واستقبال الرسائل القصيرة والصور والأفلام.
كما قالت دراسة سعودية أن 70 في المائة من المواد التي يتم تناقلها بين المراهقين السعوديين عبر الهاتف المحمول هي مواد إباحية ، وأن أكثر من 8 في المائة من هذه المواد تحتوي على العنف، وقالت88 في المائة من الفتيات المراهقات اللواتي يمتلكن هاتفا محمولا أنهن ضحايا للتحرش بالهاتف المحمول عن طريق تقنية البلوتوث.
هذه الدراسة السعودية بالطبع تنطبق على الكثير من الدول العربية، فلو فتحت هواتف الغالبية العظمى من مراهقينا لوجدت العجب: أفلام إباحية، أغاني فيديو كليب خليعة، نكت جنسية فاضحة، شعارات وصور عنيفة.. وما خفي كان أعظم.
هتلر في هاتف مراهق
لقد قررت أن أقوم بتجربة لأعرف الإجابة عن السؤال: ماذا يوجد في هواتف المراهقين؟
التقيت بمجموعة من المراهقين وعرضت عليهم موضوع هذا التحقيق وسألتهم إن كانوا يسمحون لي بالتعرف على محتويات هواتفهم المحمولة، وأكدت لهم أن شخصياتهم ستظل مجهولة فلا صور ولا أسماء. بالطبع استهجنوا طلبي من الوهلة الأولى، إلى درجة أن أحدهم قال لي: أبي لا يطلع على محتويات هاتفي، فهل تريد أن اسمح لك أنت بذلك؟
لكنني فوجئت من ضمن من التقيت بهم باثنين من المراهقين قررا بجرأة أثارت عجبي الموافقة على طلبي بفتح ذاكرة هاتف كل منهما.
في الهاتف الأول وجدت مواد إباحية وأغاني فيديو كليب ممنوع عرضها في الكثير من الفضائيات، لكن أكثر ما لفت نظري أن هذا المراهق وضع على شاشة هاتفه صورة الزعيم النازي الراحل هتلر وهو يرتدي زيه العسكري بالصليب المعكوف وشعار الحزب النازي. وعندما سألته عن السر وراء اختيار صورة هتلر أكد لي أنه نجمه المفضل .
أما صاحب الهاتف الثاني فيبدو أنه من المهووسين بالسيارات، فقد احتوى هاتفه على عدد كبير من لقطات حوادث تصادم بين السيارات، بالإضافة إلى قصص جنسية طويلة مكتوبة بالعربية، وعدد كبير من الملفات تتعلق بفضائح المشاهير، خاصة العرب منهم، حيث وجدت عددا من أسماء النجوم وقبل كل اسم تسبقه كلمة فضيحة.
هوس كويتي يحتاج دراسة
د. خليل عبد الله أستاذ تكنولوجيا المعلومات بجامعة الكويت يقول إن الهاتف المحمول في المجتمع الكويتي، خاصة بين المراهقين، أصبح هوسا يحتاج إلى دراسة معمقة. يقول:
ـ الهوس بالهاتف المحمول وتوابعه (من الحصول على الأرقام المميزة وأحدث الموديلات والإكسسوارات وتغيير الهاتف كل فترة قصيرة) أصبح ظاهرة تستحق الدراسة حقا. وللأسف الشديد لا توجد على حد علمي دراسة واحدة أجريت في الكويت لدراسة تأثير الهاتف على المراهقين.
وأعتقد أن هوس المراهقين بالهاتف يرجع إلى أنه يمثل خصوصية كبرى للمراهق حيث اختزل عالمه الخاص في هذا الجهاز الصغير الذي يمكنه من إنشاء عالمه السري الخاص به من خلال الاتصالات وتبادل الرسائل والملفات المصورة.
وأنا أتخيل انك لو فتحت هاتف أي مراهق ستجد عالما غريبا من الأشياء، ربما رسائل تحتوي على اللغة الجديدة المتبادلة بين الشباب، وربما على أفلام ومواد إباحية ونكت سياسية ومواد عنف، لكني أعتقد أن معظم هذه المواد هي نوع من التمرد، لكنها تتوقف في النهاية على سلوك المراهق.
الأخطر ليس ما يتداول بين المراهقين أو ماذا يوجد في هواتفهم، إنما الأخطر ما يتداوله الكبار الذين يجب أن يمثلوا القدوة لهؤلاء الصغار. فعندما يتداول المراهقون نكتة ساخنة أو مشهدا إباحيا قد نعطيهم العذر ونرجع تصرفهم إلى طيش المرحلة العمرية التي يمرون بها، لكن ماذا عن الكبار الذين يتداولون هذه المواد وتمتلئ هواتفهم بها؟ بل الأخطر أن يتبادل الكبار هذه المواد مع المراهقين كما يحدث في بعض المدارس بين الطلاب والمعلمين.. هذا شيء خطير.
الدولة تتحمل المسؤولية
ويحمل د. عبد الله الدولة مسؤولية سوء استخدام الهاتف المحمول بين المراهقين فيقول:
ـ أعتقد أن الأمر تتحمله الدولة ممثلة في الجهات والمؤسسات المعنية بالشباب، التي لا تقوم بتوعية هؤلاء المراهقين بخطورة استخدام الهاتف بطريقة غير لائقة، ولا تبتكر أفكارا تجعل المراهقين يستخدمون الهاتف بصورة مثالية ونافعة. مثلا في مصر أقيم مهرجان لأفلام الهاتف المحمول عرضت فيه أفلام قصيرة يصورها الشباب بهواتفهم. فلو قدمت الدولة والجهات المعنية مسابقات من هذا النوع لأجمل لقطة أو أجمل فيلم يصوره المراهق بالهاتف المحمول، لفرغنا طاقة هؤلاء المراهقين في أشياء مفيدة، وحرضناهم على استغلال الهاتف في إبداع أشياء جيدة بدلا من الفراغ القاتل الذي جعل الهاتف المحمول الأداة التي يشغل بها المراهقون فراغهم بطريقة عبثية لقتل الوقت.
المصدر (http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperPublic/ArticlePage.aspx?ArticleID=361675)
تحية عطرة
أصبح امتلاك المراهقين للهواتف المحمولة شيئا عاديا ومألوفا، بل أصبح عدم امتلاك مراهق لهاتف هو الشيء الغريب والشاذ، والأخطر أننا بتنا نشاهد بعض الأطفال يحملون هواتف محمولة في المدارس والأسواق. ومع كل الدراسات التي تؤكد خطورة الهاتف المحمول على الأطفال والمراهقين فإن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تخضع هذه الهواتف إلى مراقبة الأهل لكي يعرفوا ماذا يوجد فيها؟ هذا التحقيق يبحث عن إجابة لهذا السؤال الصعب: ماذا يوجد في هواتف المراهقين؟
لو سألت أي مراهق هذه الأيام عن أكثر الأشياء التي يراها ضرورية ولا يستطيع الاستغناء عنها في حياته ولو لدقائق معدودات، ستكون الإجابة من دون تفكير:
الهاتف المحمول. لذا لا أندهش عندما أقرأ نتائج الدراسات التي تظهر بين الفينة والأخرى وتتناول علاقة المراهقين بالهاتف المحمول وتأثيره عليهم.
فقد أظهرت دراسة مثيرة قامت بها شركة متخصصة في الهواتف المحمولة في كوريا الجنوبية عن علاقة المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و17 عاما بالهاتف المحمول، أن الهاتف المحمول هو أعز مقتنيات المراهقين، وأن اقسى عقاب يمكن أن يتعرض له المراهق هو حرمانه من هاتفه المحمول الذي يمثل مفتاح علاقته بالعالم.
ومن النتائج المثيرة التي توصلت إليها هذه الدراسة أن ما يقرب من 80 في المائة من المراهقين أكدوا أن الهاتف المحمول أكثر الأشياء ضرورية في حياتهم، لكونه يستحيل من دونه الاتصال بأصدقائهم وإرسال واستقبال الرسائل القصيرة والصور والأفلام.
كما قالت دراسة سعودية أن 70 في المائة من المواد التي يتم تناقلها بين المراهقين السعوديين عبر الهاتف المحمول هي مواد إباحية ، وأن أكثر من 8 في المائة من هذه المواد تحتوي على العنف، وقالت88 في المائة من الفتيات المراهقات اللواتي يمتلكن هاتفا محمولا أنهن ضحايا للتحرش بالهاتف المحمول عن طريق تقنية البلوتوث.
هذه الدراسة السعودية بالطبع تنطبق على الكثير من الدول العربية، فلو فتحت هواتف الغالبية العظمى من مراهقينا لوجدت العجب: أفلام إباحية، أغاني فيديو كليب خليعة، نكت جنسية فاضحة، شعارات وصور عنيفة.. وما خفي كان أعظم.
هتلر في هاتف مراهق
لقد قررت أن أقوم بتجربة لأعرف الإجابة عن السؤال: ماذا يوجد في هواتف المراهقين؟
التقيت بمجموعة من المراهقين وعرضت عليهم موضوع هذا التحقيق وسألتهم إن كانوا يسمحون لي بالتعرف على محتويات هواتفهم المحمولة، وأكدت لهم أن شخصياتهم ستظل مجهولة فلا صور ولا أسماء. بالطبع استهجنوا طلبي من الوهلة الأولى، إلى درجة أن أحدهم قال لي: أبي لا يطلع على محتويات هاتفي، فهل تريد أن اسمح لك أنت بذلك؟
لكنني فوجئت من ضمن من التقيت بهم باثنين من المراهقين قررا بجرأة أثارت عجبي الموافقة على طلبي بفتح ذاكرة هاتف كل منهما.
في الهاتف الأول وجدت مواد إباحية وأغاني فيديو كليب ممنوع عرضها في الكثير من الفضائيات، لكن أكثر ما لفت نظري أن هذا المراهق وضع على شاشة هاتفه صورة الزعيم النازي الراحل هتلر وهو يرتدي زيه العسكري بالصليب المعكوف وشعار الحزب النازي. وعندما سألته عن السر وراء اختيار صورة هتلر أكد لي أنه نجمه المفضل .
أما صاحب الهاتف الثاني فيبدو أنه من المهووسين بالسيارات، فقد احتوى هاتفه على عدد كبير من لقطات حوادث تصادم بين السيارات، بالإضافة إلى قصص جنسية طويلة مكتوبة بالعربية، وعدد كبير من الملفات تتعلق بفضائح المشاهير، خاصة العرب منهم، حيث وجدت عددا من أسماء النجوم وقبل كل اسم تسبقه كلمة فضيحة.
هوس كويتي يحتاج دراسة
د. خليل عبد الله أستاذ تكنولوجيا المعلومات بجامعة الكويت يقول إن الهاتف المحمول في المجتمع الكويتي، خاصة بين المراهقين، أصبح هوسا يحتاج إلى دراسة معمقة. يقول:
ـ الهوس بالهاتف المحمول وتوابعه (من الحصول على الأرقام المميزة وأحدث الموديلات والإكسسوارات وتغيير الهاتف كل فترة قصيرة) أصبح ظاهرة تستحق الدراسة حقا. وللأسف الشديد لا توجد على حد علمي دراسة واحدة أجريت في الكويت لدراسة تأثير الهاتف على المراهقين.
وأعتقد أن هوس المراهقين بالهاتف يرجع إلى أنه يمثل خصوصية كبرى للمراهق حيث اختزل عالمه الخاص في هذا الجهاز الصغير الذي يمكنه من إنشاء عالمه السري الخاص به من خلال الاتصالات وتبادل الرسائل والملفات المصورة.
وأنا أتخيل انك لو فتحت هاتف أي مراهق ستجد عالما غريبا من الأشياء، ربما رسائل تحتوي على اللغة الجديدة المتبادلة بين الشباب، وربما على أفلام ومواد إباحية ونكت سياسية ومواد عنف، لكني أعتقد أن معظم هذه المواد هي نوع من التمرد، لكنها تتوقف في النهاية على سلوك المراهق.
الأخطر ليس ما يتداول بين المراهقين أو ماذا يوجد في هواتفهم، إنما الأخطر ما يتداوله الكبار الذين يجب أن يمثلوا القدوة لهؤلاء الصغار. فعندما يتداول المراهقون نكتة ساخنة أو مشهدا إباحيا قد نعطيهم العذر ونرجع تصرفهم إلى طيش المرحلة العمرية التي يمرون بها، لكن ماذا عن الكبار الذين يتداولون هذه المواد وتمتلئ هواتفهم بها؟ بل الأخطر أن يتبادل الكبار هذه المواد مع المراهقين كما يحدث في بعض المدارس بين الطلاب والمعلمين.. هذا شيء خطير.
الدولة تتحمل المسؤولية
ويحمل د. عبد الله الدولة مسؤولية سوء استخدام الهاتف المحمول بين المراهقين فيقول:
ـ أعتقد أن الأمر تتحمله الدولة ممثلة في الجهات والمؤسسات المعنية بالشباب، التي لا تقوم بتوعية هؤلاء المراهقين بخطورة استخدام الهاتف بطريقة غير لائقة، ولا تبتكر أفكارا تجعل المراهقين يستخدمون الهاتف بصورة مثالية ونافعة. مثلا في مصر أقيم مهرجان لأفلام الهاتف المحمول عرضت فيه أفلام قصيرة يصورها الشباب بهواتفهم. فلو قدمت الدولة والجهات المعنية مسابقات من هذا النوع لأجمل لقطة أو أجمل فيلم يصوره المراهق بالهاتف المحمول، لفرغنا طاقة هؤلاء المراهقين في أشياء مفيدة، وحرضناهم على استغلال الهاتف في إبداع أشياء جيدة بدلا من الفراغ القاتل الذي جعل الهاتف المحمول الأداة التي يشغل بها المراهقون فراغهم بطريقة عبثية لقتل الوقت.
المصدر (http://www.alqabas.com.kw/Final/NewspaperWebsite/NewspaperPublic/ArticlePage.aspx?ArticleID=361675)
تحية عطرة