المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ثلاثون مثالا على دلالة الإشارة



أهــل الحـديث
08-08-2014, 03:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

فإن لعلم أصول الفقه أهمية بالغة في استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها المعتبرة في الشرع ،و عن طريقه يتمكن الفقيه من الوصول للحكم بسهولة ويسر ،ويتمكن من معرفة الراجح من المرجوح من أقوال الفقهاء و تمييز الأقوال الصحيحة من السقيمة ، وكان أصول الفقه ولازال وسيلة لدفاع عن الدين .

و فائدة أصول الفقه لا تقتصر على استنباط الأحكام الفقهية وحسب بل تتعدي إلى جميع الأحكام الشرعية فلا يستغني عن أصول الفقه فقيه و لا مفسر و لا محدث و لا شارح للعقيدة فهو علم لتفسير النصوص ،والترجيح بين الأقوال ،و به يفهم مراد الله و مراد رسوله - صلى الله عليه وسلم - .

ولذلك التعمق في أصول الفقه ،و تطبيق الأصول على الفروع ينمى الملكة الفقهية و القدرة على الاستنباط ، ومع كثرة التطبيقات على مباحث الأصول تزداد الملكة و كفى بهذه فائدة .

وسوف نتناول في هذا البحث ثلاثين مثالا على دلالة الإشارة ،و دلالة الإشارة أحد مباحث أصول الفقه أملا في تنمية الملكة الفقهية لدى القارئ و لزيادة قدرته على الاستنباط بكثرة الأمثلة و التطبيقات و في مقالات لاحقة بإذن الله سنتناول تطبيقات على مباحث أخرى و الله ولي التوفيق ربيع أحمد

قبل الشروع في ذكر الأمثلة على دلالة الإشارة لابد أن نلقي الضوء قليلا على تعريفها ، و دلالة الإشارة هي دلالة التزامية لمعنى اللفظ لم يكن السياق لأجلها لكنه يعلم بالتأمل في معنى اللفظ إذ يحتاج الوقوف عليها إلى تأمل فهي لازم للمعنى الذي سيق الكلام لأجله ، و الحكم يؤخذ من إشارة اللفظ، لا من اللفظ نفسه .


وسميت هذه الدلالة بالإشارة ؛ لأنها تابعة للكلام وليست هي ذات الكلام كما أن المتكلم قد يفهم من إشارته وحركته في أثناء كلامه ما لا يدل عليه نفس اللفظ فيسمى إشارة، فكذلك قد يتبع اللفظ ما لم يقصد به ويُبنى عليه .



و قولنا أن دلالة الإشارة دلالة التزامية لمعنى اللفظ أي أن اللفظ يدل على معنى لم يوضع له ؛ ولكن لازم للمعنى الذي وضع له اللفظ فسميت دلالة التزامية ؛ لأن المعنى المستفاد لم يدل عليه اللفظ مباشرة أي المعنى المستفاد لم يدل عليه اللفظ بنفس صيغته ، ولكن معناه يلزم منه في العقل ، أو العرف أو الشرع هذا المعنى المستفاد أي أن اللفظ يشير و يومئ إلى هذا المعنى المستفاد بطريق الالتزام لا صيغة اللفظ .


و عندما أقول حدث فيستلزم أن يكون هناك محدِث ، وهذا المعنى المستفاد ( كلمة محدِث ) لم يدل عليه اللفظ نفسه ( كلمة حدث ) لكنه يستلزمه فما من حدث إلا وله محدِث .


وعندما أقول فعل فيستلزم هذا وجود فاعل وهذا المعنى المستفاد ( كلمة فاعل ) لم يدل عليه اللفظ ( كلمة فعل ) بنفس صيغته لكنه يستلزمه فما من فعل إلا وله فاعل.


و عندما أقول كتاب فيستلزم أن يكون هناك كاتب وهذا المعنى المستفاد ( كلمة كاتب ) لم يدل عليه اللفظ ( كلمة كتاب ) بنفس صيغته لكنه يستلزمه فما من كتاب إلا وله كاتب .

ونزول المطر يستلزم ابتلال الأرض وهذا المعنى المستفاد ( ابتلال الأرض ) لم يدل عليه اللفظ ( نزول المطر ) بنفس صيغته لكنه يستلزمه فعندما ينزل المطر على الأرض فلابد أن تبتل .

و إذا قلت مولود فلابد أن يكون هناك من ولده ، و إذا قلت مخلوق فلابد أن يكون هناك من خلقه ، و إذا قلت متعلم فلابد أن يكون له معلِم وهكذا .

وقولنا أن المعنى المستفاد لم يكن السياق لأجله لكنه يعلم بالتأمل في معنى اللفظ أي أن قائل الكلام لم يقصد هذا المعنى المستفاد عندما أورد اللفظ لكن هذا المعنى المستفاد لازم للفظ فعندما يقول شخص أنه حاصل على درجة الدكتوراه في الحديث فهذا يستلزم حصوله على درجة الماجستير و البكالوريوس والثانوية فالكلام سيق لبيان أنه حاصل على درجة الدكتوراه في الحديث أما حصوله على درجة الماجستير و البكالوريوس والثانوية فهذه عرفت بالإشارة لا من اللفظ نفسه .

وعندما يقول شخص بوقوع جريمة قتل في مكان ما فهذا يستلزم وجود مرتكب لها فالكلام سيق لبيان وقوع الجريمة أما وجود مرتكب للجريمة فهذه عرفت بإشارة اللفظ لا من اللفظ نفسه .

و بعد تصورنا لدلالة الإشارة نأتي لذكر الأمثلة عليها من باب تطبيق الأصول على الفروع مع العلم أن ما يشير إليه النص قد يحتاج فهمه إلى دقة نظر ومزيد تفكير، وقد يفهم بأدنى تأمل. فدلالة الإشارة هي دلالة النص عن معنى لازم لما يفهم من عبارته غير مقصود من سياقه ؛ يحتاج فهمه إلى فضل تأمل أو أدناه، حسب ظهور وجه التلازم وخفائه .