المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الإعتراف



zahya
09-03-2004, 02:17 AM
الإعتراف(قصة قصيرة)بقلم بنت البحر

قصة انسانية مؤلمة فيها الكثير من العبر والمواعظ
سأقدمها في حلقات وأرجو أن تنال إعجابكم 0


الحلقة الأولى 1


سأعترف بجريمتي فهل تسمعون ؟

سأقصُّ عليكم حكايتي مع ذلك الوغد الَََّذَي كان سبب ارتكابي الجريمة0
كانت حياتي هادئة مع زوجي,أحببته بكل نبضةِ قلبٍ حباً لاتستطيع وصفه الكلمات فالحبُّ في اعتقادي شعورٌ آدميٌّ بحتٌ, تعجز الحروفُ عن حملِ معانيه, وتفسير ماهيَّته مهما كان المتكلِّمُ بليغاً,فالكلمةُ باقية ٌ, صامدة ٌ أمَّا الإحساسُ,فهو مرهفٌ رقيق ٌ ,شفَّافٌ ,سهلُ الإختراق, وهو ينتهي بموت ِصاحبه,ويبقى (إن وُجِدَ من يذكره عن صاحبه) أشبهَ بالخيال(ذكرى), لذلك ترانا نتشبَّثُ بهِ, ليغذِّي فينا القدرة َعلى البقاءِ متعانقين حتَّى الموت0
عشت ُمعهَ أجملَ أيَّام ِعمري ,رغم أنني لم أرزقْ منه بطفلٍ يُؤنِس وحد تي ,عندما كان يتركني وحيدة ًفي البيت, ويذهبُ إلى عمله في المدينة كلَّ يوم, ليعود في السَّاعة الثَّانية من بعد الظُّهر0
سامي هو أبنُ خالِ أمي, يكبرني بعشرين عاماً0عاش في المهجر سنينَ طويلة, استطاع خلالها أن يجمع ثروة ضخمة, فقد عمل مقاولا في ترميم البيوت ,والمحلات التجارية, ولمَّا جرى المال بين يديه ,افتتح محطَّة بنزين خصوصية, فأغرقته وأسرتـَه الصَّغيرة بالمال الوفير 0ولمَّا قرَّرَ العودة إلى وطنه الأم, رفضتْ زوجته الأمريكية المجيءَ معه, وطلبتْ منه الطَّلاق, بينما بقي ولداه رامز وحسام هناك مع زوجتيهما ,اللتين تعودان بأصولهما إلى إحدى العائلات المغربية, وراحا يُشرفان على العمل في المحطَّة بعد سفر والدهما0
عاد سامي وحيدا من الغربة, يحمل ستين عاما, ورصيداً هائلاً من الدولارات ,ليبدأ حياة جديدة في وطنه الأم0
خلال فترة وجيزة من الزَّمن ,أنشأ سامي مكتبا كبيراً للبناء ,استخدم فيه عدداً من خيرة المهندسين في البلد, ولم يبخلْ عليهم بالعطاء, والمكافآت, فعُرِفَ مكتبُه واشْتُهِرَ بسرعة مذهلة 0
بعدخمسة أشهر من عودته,تمَّ زواجي منه بوساطة ِخالتي بهيجة ,التي كانت تحبُّني, وتودُّ أن تخرجَني من حظيرة العنوسةِعلى حدِّ زعمها, فقد تجاوَزتُ الأربعينَ عاما بانتظار النَّصيب الذي تأخَّر مجيئُه لأمر أراده الله, و كنت قدأنهيت دراستي الجامعية ,وعملت معلِّمة للـُّغة العربية في إحدى مدارس البنات الإعدادية وبعد الزَّواج تركت الوظيفة نزولاً عند رغبة سامي0
سَعِدْتُ مع هذا الرَّجل في رحلة الزَّواج سعادة سبَّبت لي الألم بعد رحيلها عنِّي, فقد أغدق سامي عليَّ عطفه وحنانه وماله بسخاء , فبادلته تلك المحبَّة بأشد منها حبا, ووفاء0
كانت حياتي معه أشبه بحلم جميل, ولكم تمنيت ألاأصحو منه أبدا,لاأدري من أينَ أبدأ بالحديث عن تلك السَّعادة التي شملت أيَّامي من كلِّ الجهات المادية منها, والمعنوية, فقد بنى لي بيتا فخماً في الضَّاحية, كان بشهادة من رآه أشبهَ بقصرٍ من تلك القصور التي نشاهدها في الأفلام السينمائية,غيرأنَّ الحديقة التي كانت تحيط به راهن الكثيرون على أنها أجمل مافي البيت0 استطاع سامي بخبرته المعمارية الغنية أن يجعل من المنزل قصراً في بستان زيتون, يتوسَّطه مسبح ٌواسع , جعل تصميمَه على شكلِّ أوَّلِ حرفٍ من اسمي (س) وكان عندما يناديني بسناء كان صوته يرتجف من فرط محبَّتِه لي0
ذات مرة دعاني لمرافقته إلى جانب المسبح من الجهة الغربية, ولم نكن في تلك الفترة من الزَّمنِ قد استقدمنا عزَّاما وزوجته للسَّكن معنا في المنزل, والإشراف على شؤونه 0
كان الجوُّ مشرقاً بثت الشَّمسُ فيه دفأها على كلِّ ما حولنا, وتخبأ برد شباط في ركن جانبي بعيدا عن حبنا, فغدونا كعاشقين صغيرين يعبثان بشيب الزَّمن, فيأتلق شبابا وغراما0

لنا لقاء بإذن الله


لاتستغل في أعمال فنية قطعاً دون الرجوع إلى كاتبتها بنت البحر





بنت البحر

يكفيكم فخراً فأحمد منكم0000وكفى به نسباً لعزَّ المؤمن

مجروحة الزمن
09-03-2004, 06:02 AM
الف شكر zahya علي القصه الرائعه والمعبره

وننتظر تكملتها بكل شوق

سلامووووووو

zahya
09-03-2004, 10:20 AM
شكراً لاستقبالك لي غاليتي مجروحة الزمن وأرجو أن تنال القصة إعجاب الجميع

محبتك في الله


بنت البحر

يكفيكم فخراً فأحمد منكم 000وكفى به نسباً لعزِّ المؤمن

zahya
09-03-2004, 10:21 AM
2الحلقة الثانية

0
أمسك بيدي وراح يقترب بي من المسبح ,وهو يسمعني من الكلام مايبكيني سعادة وسرورا , لم أشعر بالزَّمن وأنا استمع إليه بكل جوارحي حتى لامست قدمانا حافة المسبح, فقد كانت جميع حوافه بمستوى سطح الأرض ,إلا المكان الذي ثـُبِّتَ فيه السُّلمُ الحديدي الذي يصل إلى أرض المسبح بعمق أربعة أمتار متساوية من كلِّ الجهات, بخلاف ماهو متعارفٌ عليه في بناء المسابح البيتية, بحيث يكون العمق فيها تدريجيا ,وكان السُّلَّمُ يتحرك صعوداً وهبوطاً بواسطة الكهرباء من رأس العمود الضخم الذي كان المرتفع الوحيد قرب المسبح بحوالي ثلاثة أمتار رغم أن طول المسبح كان قد تجاوز العشرين متراً وعرضه خمسة أمتار,فقد أراد أن يجعل منه بحيرة ًأكثر منه مسبحاً ولكنني لم أكن أعرف السِّر وراء جعل السُّلَّمَ متحرِّكاً بالكهرباء ,وسألت نفسي وأنا أستمع إلى حديثه ( كيف استطاع المهندسون عزل الأسلاك الكربائية بحيث لاتسبب ضرراً إذا ابتلت بالماء ؟) كنت أنوي طرح هذا السُّؤال عليه ولاأدري ماأنسانيه00
شعرت بخوفٍ خفيٍّ يتسرَّب إلى داخلي, وأنا أشاهد هذه الحفرة الواسعةوقد تخيَّلتُها فارغة من الماء, فوضعتُ يديَّ على عينيَّ هروبا من المشهد المخيف, وشعرت بدوخة, فأمسك بيدي, وسألني : هل هناك مايزعجك؟
أجبته: تخيَّلت المسبح فارغاً من الماء فشعرت برهبة0
فقال باسماً: ظننت الأمر مخيفاً ,سأريك المسبح فارغاً بعد أن ينظِّفه العمال خلال الأيام القليلة القادمة,وسألتقط لك بعض الصُّور فيه لتبقى لنا ذكرى 0
فقلت له : لاأريد هذه الصُّور ولاهذه الذِّكريات0
فسألني بشيء من الحزن :حتَّى وإن كانت بقربي؟
أحسست بأنَّني قد أسأت إليه فقلت له في محاولة منِّي لامتصاص ماسبَّبتُه له من أحاسيس قد تكون مؤلمة: كنت أمازحك 0حقيقة قد تكون الصُّورة في جوف المسبح أكثر إثارة وهو فارغٌُ من الماء0
وبعد عدَّة أيَّام دعاني لزيارة المسبح بعد أن أفرغه العمَّال من الماء بأمر من سامي الذي أراد أن يدخل عليه بعض التَّعديلات الهندسية وما كنت لأهتم بالحديث عنها مع سامي0
وعندما وصلنا ألى المسبح عاودتني حالة الرَّهبة وأنا أشاهد المسبح فارغا0لم يتركني سامي طويلاً في بوتقة الرَّهبة فقال لي:
( سأطلعك على سرٍ لايعرفه أحد غيري, ولكن بعد أن ننزل إلى المسبح 0وراحت يده تضغط على القاطعة الكهربائية, فتحرك السُّلَّم ونزل بي إلى المسبح, وأنا أحسُّ بقلقٍ مفاجىءٍ من جَرَّاء ِهذا الطَّلبِ الغريب من قِبَلِ سامي:ترى ماهذا السِّرُّ الذي سيطلعني عليه في حفرة ,أولم تكن غرفتنا أكثر مناسبة للبوح بهذا السِّر ؟!!!
سبقني بالنُّزول على السّلم, فتبعته, وأنا أرتجف خوفا من الحفرة, ومن سره المجهول, وتمنيت لدقائق ألا أكون قد خرجت من حظيرة العنوسة, مقابل تعرُّضي لمثل هذا الموقف المثير حقاً0
شعرت بالإختناق وأنا في جوف المسبح , ظننته قبراً, فحاولت الصُّعود منه, ولكنَّ يد سامي كانت أسرع من خطواتي ,فأمسك بي, وراح يُحدِّق بعينيَّ المذعورتين بنظرات غريبة, للحظات شعرت خلالها بدنو الأجَل,وعجزت بقبضة خوفي من التَّكهن بما يدور برأس هذا الرَّجل في هذه اللحظة المحرجة بل المخيفة وأنا وحيدة معه ,ربما شعر بسقوطي في هوة الرُّعب فانفجَر ضاحكا, ويداه تضمني إليه بحنان فأحسست بشي من الرَّاحة ممزوجة بالقلق, وأنا ألقي برأسي فوق صدره ألتمس فيه الطمأنينة والأمان, فقال بصوت مفعم بالحنان : أكنت حقاً خائفة ؟
أجبته ودمعة تنساب من عيني : نعم ظننت 00 لم يدعني أكمل ,فقال هامسا : من يرميك بوردة أرميه برصاصة ياحبيبتي0
أمسكني من كتفي, وسار بي باتجاه الزَّاوية الغربية من المسبح, وأخرج من جيبه مفتاحاً صغيراَ جداً ثمَّ جلس القرفصاء ,ودعاني للإ قتراب منه, فرأيته يدخل المفتاح في قفل صغير في الحائط ويدير يده بالمفتاح فرأيت العجب0
انفتح باب في الحائط,وكان الباب مموَّهاً من الخارج ولايستطيع أحد مهما كان ذكياً أن يكتشف وجود هذا الباب في المسبح لأنَّه مبلط بالسيراميك كبقية أرجاء المسبح, وكان الباب مصنوعاً من الحديد وربما بلغت سماكته عدَّة سنتمترات وكانت جميع حوافه الدَّاخليةمسيَّجة بعاذل من الكاوتشوك تمنع تسرُّب الماء إلى داخل الغرفة عندما يكون المسبح مملوءاً بالماء, ولكنني لم أتبين ماوراء الباب فقد كان النُّور فيه قليلاً, فقال سامي بابتسامته الجميلة انتظري سأريك شيئا ,ثُمُّ اخرج مفتاحاً آخر من جيبه ووضعه في مكان ما من الحائط الدَّاخلي للغرفة, فرأيت الحائط ينشق عن باب سرعان ماشاهدت ماوراءه عندما دخل منه إلى غرفة واسعه,ولا أدري كيف أضاء فيها النُّور إلا بعد أن رأيت عدة قواطع كهربائية بطرف الحائط الخارجي للغرفة الأولى,و عندمافتح الباب فاحت من خلاله رائحة الرُّطوبة, وكدت أختنق
وهو يمسك بي , ويدخلني اليها


يتبع

لاتستغل في أعمال فنية قطعاً دون الرجوع إلى كاتبتها بنت البحر

مجروحة الزمن
09-03-2004, 06:48 PM
:برافو: :برافو: :برافو: :برافو:

صراحه قصه مشوقه جدا

ننتظر الجزء الثالث

سلاموووووو

zahya
09-03-2004, 08:00 PM
تكرم عيونك غاليتي مجروحة

zahya
09-03-2004, 08:01 PM
الحلقة الثالثة 3

0
كانت الغرفة فارغة كلها ماعدا أحد الجدران, الذي كانت تجثم بالقرب منه خزنة حديدية كبيرة,سرعان مااقترب منها وراح يفتحها بطريقة خاصة لاأفهم عنها شيئاً, ثم نظر إلي قائلاً : اقتربي أكثر وانظري إلى محتوى الخزنة0
كانت مليئة بالنقود وببعض العلب المخملية الملوَّنة بأحجام مختلفة, فأخرج علبة خضراء, وقدَّمها لي قائلاً : هذه لك ياسناء 0
فسألته : ماذا يوجد في داخلها ؟
أجابني : عقد ماسي ثمنه ستُّون ألف دولار0
قلت بدهشة:ستون ألف دولار ؟!!
قال: أجل ولك منه المزيد
فقلت له : ولكن أولادك ما
قال : تركت لهم مايكفيهم وأولادهم لعشرات السِّنين0وكل محتوى الخزنة هو لك بعد موتي0
أحسست بسكين تغرس في صدري وهو يقول لي هذا الكلام, فتركته, وركضت باكية باتجاه السُّلَّم, فناداني ضاحكاً: لاتبكي ياحبيبتي أما ترينني ما زلت قوياً وعمر الشَّقي بقي وراح يضحك بجمال لم أره فيه من قبل0
وعندما عدنا إلى غرفتنا سألته لماذايضع نقوده في المسبح حيث الرُّطوبة والماء, فأخبرني بأنه لايحبُّ التَّعامل مع البنوك وهذا المكان لايمكن لايِّ لصٍ أن يطاله وقال لي بابتسامته المعهودة:
لاأحد يعرف هذا المكان غيرك, فقد استعنت لبنائه ببعض العمال من خارج المدينة 0, ومنذ ذلك اليوم أصبح للمسبح مكانة خاصة في نفسي لم أستطع تحديد هويَّتها رغم مرور ثلاث سنوات على تلك الحادثة 0
تعوَّد سامي أن يتركني في البيت وحيدة مع خادمتي ربا, ولكن بعد زواج ربا استقدم من إحدى القرى المجاورة رجلا, وزوجته ليعيشا معنا في المنزل بحيث يقوم عزَّام بخدمة سامي, وتقوم زوجته بتدبير شؤون البيت, وكان سامي قد خصص جناحا خارج المنزل للخدم, فاستقر فيه عزَّامٌ وهنية وابنهما الرَّضيع رشاد0
كانت أمي تزورني ولكنَّها لم تكن تفضِّل المبيت عندي بحجَّة أن أبي لايحب أن تنام خارج البيت, وكذلك إخوتي وأخواتي كانوا يأتون لزيارتنا نهارا, ويرجعون إلى بيوتهم مساءً ,وكثيراً ماكنت أطلب من خالتي بهيجة أن تعيش معي, فهي أرملة وتسكن مع إبنتها في بيت صهرها, ولكنَّها لم توافقني يوما0
أحيانا كنت أحس بالوحدة, فأقتلها بالقراءة , وخاصَّة قراءة القصص البوليسية, لذلك كنت سريعة الخوف ولكنني تعلمت منها سرعة التَّفكير, وكيفية التَّخلُّص من المواقف الصَّعبة0
بعد دخول عزَّام وزوجته البيت ,أصبح الوضع العام أفضل بشكلِ ملموس, فقد حظي عزَّام بثقة سامي الكبيرة ومحبته , وعامله كابن له وأشركه في الكثير من أسراره العملية والمالية, حتى أنه كان يدخل عليه مكتبه دون استئذان, ولم أخفِ عن سامي شعوري بالضِّيق من عزَّام, ولكنه كان يحاول دائماًامتصاص غضبي, بحسن أخلاق الرَّجل ومروءته, فسكَتُّ مرغمةً مع التزام الحيطة منه, والحذر0
هنيَّة امرأة قروية في الثَّلاثين من العمر, تمتاز بقوة الجسد والنَّشاط, وتمتلك شيئاً من الجمال الملوَّح بالشَّمس, كانت تحب زوجها (عزَّام) وتغار عليه فقد تزوَّجته بعد قصَّة حبِّ أخبرتني بتفاصيلها ذات يوم بعدما ذهب عزَّام برفقة سامي إلى المدينة لأمر هام حدَّثني عنه زوجي بعد أن عادا بحقيبة سوداء مليئة بالنُّقود لم يخبرني سامي من أين جاء بها0 في بعض الأحيان كنت أحسُّ بغيرة هنيَّة مني على زوجها رغم أنني لم أكن أترك له مجالاً ليراني إلا وأنا محتشمة0
لاأدري كيف استطاع هذا الرَّجل أن يدخل بسرعة إلى قلب زوجي ,فأصبح كاتم أسراره الخاص, وربما كان يعرف عنه مالا أعرفه أنا عنه 0بدأت أحسُّ بالضِّيق من هذا الرَّجل, ومن تلك البساطة التي يتعامل بها سامي معه خاصة وانني كنت أحيانا أرى عزَّاماً ينظر إليه بشيء من الغيرة, فلم أحبذ دخوله عليه غرفته متى شاء, وقد أخبرت سامى بقلقي هذا, فسخر من شكوكي, وقال إنَّ (عزَّام) رجل بسيط, وليس هو كما أتصوَّره0
كان (عزَّا م) يظهر محبته لسامي أمام الجميع, ولكنَّني كنت في ريب منه, فرحت أراقبه من بعيد دون أن أترك له ثغرة يضبطني من خلالها وأنا أرصده إلا مرة أو مرتين 0

يتبع
لاتستغل في أعمال فنية قطعاً دون الرجوع إلى كاتبتها بنت البحر

zahya
09-03-2004, 08:03 PM
القصة ليست منقولة هي من تأليفي شخصياً ...


بنت البحر

صدق المشاعر
09-03-2004, 10:28 PM
zahya
بنت البحر
السلام عليكم ورحمة الله
وأسعد الله أوقاتك بكل خير
http://www.spundreams.com/sets/flowers/brrosebar1.gif
قصة رائعة ومشوقة للغاية
تملكين قلماً رائعاً , وقدرة خارقة على نسج الاحداث
أحيي قلمك , وعطائك سيدتي , ولي مزيد الشرف
بمتابعة هذا الانتاج الادبي الراقي .
كل الود .... مع أرق التحايا
أخوك في الله
http://omnieat.********************************************/Z35.gif
صدق المشاعر

ناصر العبدالله
10-03-2004, 07:07 AM
أختي الغاليه / zahya

أسعد الله جميع أ,قاتك بكل خير و مسرة

روعة .. و ماذا أقول سوى انها روعه

لن أكمل .. لأني بنتظار ما يتبع

من مسلسل الابداع القصصي

سلمتِ

و في رعاية الله دمتِ ،،،

لي طب۶ي الخاآاآص
10-03-2004, 08:11 AM
:برافو: :برافو: :برافو: :برافو: انها رائعة حتما وأنتظر المزيد منها سلمت غاليتي

alawiyaali
10-03-2004, 08:12 AM
HI my dear i'm sorry becz my computer do not writ in arabic.The story was very very very nice and i wish 4 u the best.Are u going 2 writ part2 of the story ,if u do that please let me know.Thank u and with all my best.ur sister alawiya

zahya
10-03-2004, 10:19 AM
الحلقة الرَّابعة 4
ذات ليلة كنت في جناحي الخاص , الذي لايدخله أحد سوى سامي, وكنت أنا التي أقوم بتنظيفه والعناية به, ولم أسمح لهنيَّة يوماً بدخوله مطلقاً0
جلست على الأريكة قرب النَّافذة أنظر بين الفينة والأخرى من خلف الزُّجاج إلى تساقط الثُّلوج الرَّائع فوق أشجار الزَّيتون,كان المشهد يوحي بالكآبة رغم روعته ربما لأنني كنت في غرفتي وحيدة , أوربما لسبب آخر لم يكن احساسي به واضحاً في هذه السَّاعة , فرحت أقرأ إحدى القصص, وأنا أحتسي الشَّاي السَّاخن, بينما كان سامي يراجع حساباتِ بعض الدَّ فاتر المهمة, والتي كان عليه أن ينهيها الليلة 0
سمعت دقاتِ السَّاعة في الخارج تعلن تمام َالعاشرة مساءً,فنهضت من مجلسي وأغلقتُ الكتاب, وخرجتُ من الغرفة لأحضر لسامي كأساً من العصير,وفي طريق عودتي من المطبخ باتجاه غرفة سامي سمعتـُه يصرخ بصوت مخنوق : لاتقتلني ياعزَّام ,أرجوك ,خذ ماتشاء من النُّقود ,لن أبلغ عنك البوليس0
فسمعت (عزَّام) يجيبه بصوت مجهدٍ: سأقتلك وآخذ أموالك وزوجتك ,كفاك عمراً أيُّها العجوز مت ,,مت 0
ياإلهي ماذا أفعل ؟إنَّني وحيدة في البيت وسامي بين يدي مجرم ,لم أعد أسمع صوتا , لقد قتله ,رحتُ أرتجف مذعورة ,حاولت اقتحامَ الغرفة ,ولكنَّ الخوفَ كبَّلني ,ربما لو علم بوجودي جاء ليقتلني ,فأنا الشَّاهد الوحيد في الجريمة0
هربت إلى غرفتي 00أغلقتُ البابَ جيدا, واقتربتُ من الهاتف ,رفعتُ السَّمَّاعة بعد أن وضعتُ كأس العصير فوق الطاولة الصَّغيرة قرب الهاتف, ولكنَّني لم أتذكر أي رقم هاتفي ,فأعدتُ السَّماعة إلى الجهاز خشية أن يكون (عزَّام) على الطَّرف الأخر من الخط في غرفة سامي 0
وضعت يديَّ فوق فمي أستجدي الدَّفءَ من أنفاسي والدُّموع قدجمَّدها الخوفُ في عيوني0
ما أصعبَ الوحدة ,أحسستُ بالغربة , بل بالنَّفي خارجَ المجتمع برفقة مجرم خطير, قد تطبق يداه حول عنقي في أية لحظة0
ياالله ماذا أفعل ؟ بمن أستنجد ؟ من سيحضر إلي في مثل هذه السَّاعة من الليل ,لم أعد أتذكر كم أصبحتْ هذه السَّاعة ُ الآن ,ومن سيأتي إليَّ يحتاج بأقل تقديرٍ إلى نصف ساعة للوصول إلى بيتنا0 دون وقت الإستعداد للخروج من البيت 0
يجب أن أفعل شيئا قبل أن يقتلني أنا الأخرى.وبينما أنا في زوبعة الخوف سمعت نقرات على باب غرفتي فارتجفتْ فرائصي رعباً وبرداً , وما لبثت هنيهة حتَّى سمعتُ صوت عزَّام يقول: سيدتي إنني ذاهب إلى المدينة بتكليف من السَّيِّد سامي أتحتاجين شيئاً من هناك؟
استجمعت قوتي , ومابقي لديَّ من أنفاس وأجبته: لا,أشكرك0
لم أعد أسمع صوته, فأسرعت إلى جانب الباب أتنصَّت من خلفه, فسمعتُ دعس خطواته تبتعد فنظرت ُمن خلال ثقب القفل, فرأيته يهبط الدَّرج باتجاه الطَّابق الأرضي, تنفَّستُ الصُّعداء, ومشيتُ باتجاه سريري, وألقيتُ بنفسي فوقه باكية ,وقد خارت قواي, فأنا الأن سجينة ً مع رجل ميت في بيت واحد, وأنا أخاف من الموت, ولم يسبق لي أن رأيت ميتا في حياتي 0 وسط دوامة الخوف هذه, سمعتُ صوت محرِّك السَّيارة فنهضتُ لأرى ماالَّذي يحدث في الخارج, ونظرتُ خلسة من خلف السِّتار فوجدتُ هنيَّة تقف بالقرب من سيارتنا التي كان يقودها عزَّام دائما بتفويض من سامي سابقا , وهاهو الأن يستَّقلُّها دون إذن منه ليهرب من جريمته ويتركني فريسة للشُّكوك البوليسة بعد اكتشاف الجريمة فماذا أفعل؟!!

يتبع

لاتستغل في أعمال فنية قطعاً دون الرجوع إلى كاتبتها بنت البحر

zahya
10-03-2004, 11:34 PM
الحلقة الخامسة 5

تعمشقتْ الهواجسُ في ذرَّات فكري, لم أعد قادرة على التَّماسك, فجأة خطرت ببالي هنيَّة ,أجل سأستدعيها لتساعدني في إخراجي من دائرة الخوف تلك0
وعندما تأكدتُ من خروج عزَّام من المزرعةهممتُ بالذَّهاب لاستدعاء هنيَّة, ولكنني أحسستُ فجأة بتماسك داخلي ينتابني ,وعودة الوعي لي بعد ابتعاد عزَّام عن البيت 0
جلست على السَّرير رابطة الجأش, ورحت أفكر بهدوء فيما يجب أن أفعله في تلك الورطة والمصيبة التي رماني بها الوغد عزَّام 0
بدأت بدراسة كلِّ الإحتمالات التي قد أتعرَّض لها عندما يصبح الأمر بيد الشرطة ,كان مصيرُ عزَّام يهمني, فقد يخرج من القضية بريئاً , وقد أتَّهم أنا بقتله وقد وقد وقد0
أخيرا قررتُ عدمَ إخبار الشِّرطة , وعدم اتهام عزَّام بقتل سامي, وسأخبر الجميع بأنَّني وجدت سامي ميتا في غرفته ولن يكذِبني أحد, فالكل يعلم كم أحبه0
لم أخرج من غرفتي بل ظللت أزرعها ذهاباً وإيابا إلى أن سمعت دقات السَّاعة في الصَّالة تعلن الثَّانية عشرة ليلا0
بقيتُ في غرفتي أنتظر هنيَّة, فقد تعوَّدتْ في مثل هذا الوقت من كلِّ ليلة ,عندما يكون سامي في مكتبه, وقبل أن تنام أن تأتي إليه وتسأله إن كان بحاجة لشيء 0
انتظرتها خلفَ باب غرفتي, ورحتُ أنظر من ثقب القفل فرأيتــُها تصعد الدَّرج, وتمشي باتجاه غرفة سامي فأطفأت النور في جناحي, وعدت أراقبها من خلال ثـُقب القفل0
نقرَتْ على الباب عدة نقرات, وانتظرتْ بعض الوقت ,ثُمَّ عادتْ تنقر مرة ثانية ,وثالثة, ثُمَّ مالبثتْ أن فتحتْ الباب ودخلتْ الغرفة, فقد كانتْ تفعل ذلك عندما لا تسمع ردَ سامي عليها, فتعرف أنه خرج من الغرفة, فتدخلها لترتيبها 0
وعندما سمعتُ صراخها , أدرتُ المفتاح في القفل كي تستطيع دخول الغرفة عندما تأتي لإخباري بما رأتْ, وأسرعتُ إلى سريري , واندسستُ بداخله , وتصنـَّعت النُّوم0
سمعتها تفتح الباب بعنف وهي تصرخ خائفة :سيِّدة سناء 00سيِّدة سناء 0
لم أجبها فعادتْ تناديني ويدها تلمس الغطاء فوق كتفي :سيدة سناء 00أرجوك أصحي سيِّدتي 00
تململت في سريري وأنا افتح عينيَّ بتثاقل,وعندما التقت عيناي بعينيها جلستُ في السَّرير ونهرتهاقائلة : كيف دخلت غرفتي ومن أذن لك بهذا ؟
فأجابتني مرتجفة: السَّيِّد سامي 00السَّيِّد سامي 0
فسألتها:أهو الذي أرسلك إليَّ؟
فقالت :إنَّه00إنَّه
أمست بكتفيها أهزُّها بعنف وأنا أقول :مابهِ مابهِ؟
أجابتني :إنه 00إنَّهُ لايتحرَّكُ0
غادرتُ سريري وأنا أدفع بها عنِّي مسرعة باتجاه غرفة زوجي لأرتمي فوق صدره ,وأفرغ دموع قلبي فوق وجهه الحبيب, فقد كنت أعلم أنه فارق الحياة قبل ساعتين ,وما حجبني عنه خلالهما إلا غاية في نفسي

0
وعندما دخلتُ غرفته, وجدته ميتا وهوجالسٌ خلف مكتبه , ولا أثر لوقوع جريمة 0تمَّ دفنُ سامي بهدوء وسط أحزان العائلة, ولم نستدع طبيبا شرعيا لإعطائنا تقريراًطبيا يثبت أن الوفاة طبيعية من أجل التَّصريح بالدَّفن ,فقد طلبت من أخي عامر أن يحضر التقرير الطُّبي من قبل ابن عمِّي أنيس, فهو طبيب صحة, وكُتِبَ في التَّقرير أنَّ الوفاة كانت بسبب أزمة قلبية فشعرت بارتياح يعلو وجه عزَّام رغم الحزن المصطنع الذي كان يبديه لنا عندما كنا نطلب منه بعض مستلزمات العزاء0
اضطرت والدتي وأختي سماح للبقاء عندي في البيت بعدأن رفضتُ الذ َّهاب إلى منزل والدي بحَجَّةِ أنني سأتمُّ أشهر العدة في بيت زوجي ,وكان أخي سعيد يأتي إلينا كلَّ يوم للإطمئنان علينا , وكذلك أ بي الذي كنت أجبره بدموعي على المبيت معنا في بعض الأيَّام,وأثناء هذه المدَّة بقيت هنيَّة وعزَّام يقومان بخدمتنا بجدِّ ونشاط0

لاتستغل في أعمال فنية قطعاً دون الرجوع إلى كاتبتها ومؤلِّفتهابنت البحر

أبوعبدالرحمن
10-03-2004, 11:45 PM
لا زلنا نتابع ونستمتع ..

قوت القلوب
10-03-2004, 11:56 PM
:برافو: :برافو: :برافو: :o :o شوقتنا ازياده
يسلمو ويعطيك العافيه

zahya
11-03-2004, 03:33 AM
الحلقة السادسة6

لم يعد للحياة طعم بعد أن أصبحت أرملة مكلومة بفقد زوج عوَّضني مافاتني من سعادة في عمري المنصرم,لم يكن سامي زوجاً عادياً بل كان رجلاً استثنائيا قلَّما جاد الزَّمانُ بمِثلِه 0
سامي فقيدي الغالي ,سأظلُّ أبكي عليه العمر كلَّه ستبقى كلماته ترنُّ في مسمعي ليلاًّ ونهاراً, سأظلُّ أرى ابتسامته الحنونة بنور الشَّمس وضياء القمر, سأظلُّ أسمع عذب كلامه بهمس الرَّبيع للطُّيور فوق الشَّجر, ستظلُّ عيناه تغمرني بالصَّفاءِ بنقاءِ الزُّرقةِ في السَّماء, سأظلُّ أرقب طيفه مع مولدكلِّ فجر وحلولِ كلِّ مساء, سأظلُ اسمعه يناديني باسمي,ويبتسم الكون عندما تهتف شفتاه (سناء)
كنت أبكي بصمت ,لم أخبر أحداً بمقتل سامي بل دفنت السِّرَ في صدري وكثيراً ماكانت عبارة عزَّام ( سأقتلك وآخذ أموالك وزوجتك ,كفاك عمراً,أنت عجوز مت ,مت ) تتردَّد في سمعي بين الحين والآخر
0
عندما علم وَلَدَا سامي بوفاته اتَّصلا بي هاتفياً وقدَّما لي أحرَّ التَّعازي بوالدهما واعتذرا عن عدم قدومهما للمشاركة بالعزاء بحُجَّة ضغوط العمل والأوضاع العامة في المهجر,وأخبراني بأنّ َوالدَهما قد خصَّني في وصيته بكلِّ أموالِه في وطنه الأم وسألاني إن كنت أريد منهما أيَّة خدمة فيقدِّمانها لي بكلِّ سرور0
شكرتهما وتمنَّيت لهما حياة سعيدة وأخبرتهما أنَّ والدهما مات وهو راضٍ عنهما فشكراني على تلك السَّعادة التي قدَّمتها له ومنذ ذلك اليوم لم يتَّصِلا بي ثانيةً0
في حديث مع والدتي ذات مساء ونحن نتناول عشاءنا بعد أن ذهب والدي للنَّوم كعادته عندما كان يحين موعد الطَّعام فقد تعوَّد منذ سنين المبيت دون عشاء عملاً بتعليمات الطَّبيب بعد تعرُّضِه لأزمة قلبية كادت تودي بحياته فالتزم الحمية0
قالت لي : إنَّ وجود رجل أجنبيِّ في المنزل مدعاة للشُّبهة خاصَّة بعد موت سامي وإنَّه من الأفضل الإستعاضة عنه بامرأة ردعاًلما قد ينجم من تلقاء تواجده الدّاَئم في البيت من مشاكل داخلية وأيضا لكفِّ ألسنة النَّاس عن الكلام بشيء قد يسيء لسمعتي, عدا عن حرمة وجوده من النَّاحية الدينية ,فأفهمتها بأن زوجته هي فقط من يدخل البيت, وهو يقوم بالإشراف على الحديقة وشؤون التَّموين,فسَكَتـَتْ على مضض ,ولكنَّها ظلَّتْ مصِّرة على عودتي للعيش في بيت والدي بعد تمام شهور العدة, وكان قد تبقى لي منها عشرة أيَّام0
خلال تلك الشُّهور الصَّعبة على المرأة كنت أدخل إلى مكتب سامي ,أشم فيها رائحة عطره المُمَيَّزِ التي مازالت عالقة في الأماكن التي كانت يده تلمسها فقد تعوَّد أن يرطِّب يديه بالعطر بين وقت وآخر وهو يعمل في المكتب فبقيت نسائم الطِّيب هفهافة في أجواء المكان تؤنسني , ولكن بكثير من الحرقة والحرمان0
قبل انتهاء أيَّام العدة الأخيرة, كنت قدراجعت حسابات سامي مع المهندسين والعمال وكان أخي سعيد يقوم بالإتصال بهم لمعرفة أخبار العمل, ولم تعد لعزَّام تلك الإهمية التي كانت له في حياة سامي , فبدأت زوجته تشكو من تغيُّر ملحوظ في تعامله معها وإنَّه أصبح عصبياَّ وسريع الغضب حتَّى أنَّه قد هددها بالطَّلاق لسبب تافه , فكنت أدعوها للصَّبر, وأغدق عليها العطايا كي امتصَّ غضبها ,فأنا مازلت بحاجة لوجودهما بقربي0
في يوم الجمعة الأخيرة من أيَّام العدة ذهبت هنيَّة وزوجها إلى القرية لرؤية الأهل فانتهزت فرصة غيابهما عن البيت واستغراق أمي في النَّوم بعد الظُّهر وكانت أختي سماح في المدينة , فخرجتُ إلى الحديقة أتلمَّسُ خطواتِ سامي التي محتها الأمطار ونبتت مكانها الأعشاب الرَّبيعية فضاعتْ معالمها بانقضاء فصل الشِّتاء ,وتوالي الليل والنَّهار

يتبع


لاتستغل في أعمال فنية قطعاً دون الرجوع إلى كاتبتها بنت البحر

zahya
11-03-2004, 11:50 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

اخوتي الكرام

صدق المشاعر

ناصر العبداللهوسن

عازفــــة السطــــــــــــور

alawiyaali


عشق ليل
[§][ أبــــو عبد الرحمـــن ][§][


أشكرلكم متابعتكم لقصَّتي الإعتراف وأرجو أن تصلوا إلى أهدافها الحقيقة في العلم والفائدةان شاء اللة

أختكم في الله


بنت البحر


يكفيكم فخراص فأحمد منكم000وكفى به نسباً لعزِّ المؤمن

zahya
11-03-2004, 11:52 AM
0
الحلقة السابعة 7
قادني شغفي بسامي إلى الجهة الغربية للحديقة حيث المسبح ينتظر القادم بصبرلاهث الأنفاس, تذكرت ماكان بيني وبين سامي عندما نزل بي إلى المسبح المفرغ من الماء فعدت إلى غرفتي وبحثت عن المفتاحين الصَّغيرين في مجموعة المفاتيح المهملة بعد موت صاحبها, فعدت بهما إلى المسبح ودقَّات قلبي تزداد سرعة وقوة0
كان السُّلم الحديدي مرفوعاًمن المسبح , فضغت بإصبعي على القاطع الكهربائي فتحرَّك السلُّم باتجاه أرض المسبح ,لم أتردد في النزول لحظة بل قمت بذلك بسرعة أذهلتني, ولم أدري من أين حلَّت بي تلك القوة الغريبة , وقد عرفت ببطء الحركة
وأنا أسير نحو الباب السِّري في الحائط كدت أسقط فوق الأرض أكثر من مرَّة بسبب اللزوجة التي أصابتها من جراء اهمال المسبح بطريقة محزنة بعد رحيل سامي الذي كان يوليه اهتماما زائدا في كُلِِّ الفصول0
وصلت إلى المكان الذي يوجدفيه قفل الباب, ولما بدأت بتحريك يدي بالمفتاح شعرت بقشعريرة تسري في بدني, و خيال سامي يداهمني على حين غرة, وهو يقوم بنفس الحركات التي أقوم بها الأن ,للحظات فكرتُ بالهرب والعودة إلى البيت ولكن اضطراري للقيام بهذه المهمة في غياب عزَّام أجبرني على الصُّمود في وجه الخوف ,ولما فتح الباب في الحائط , سرى في نفسي حزنٌ شديد ,فانهالت دموعي ساخنة فوق خدَّيَّ وأنا أمشي باتجاه الباب الثَّاني ومخاوفي تزداد افتراساً بأعصابي التي بدأت تنهار, وأنا أقترب من الخزنة الحديدية ورائحة الرُّطوبة تفوح في المكان0
فتحت الخزنة , ورحت أتفقَّد محتوياتها الثَّمينة جداً, والتي لاأستطيع تقدير ها برقم معين, وفجأة سمعت صوت قطَّة تموء في الخارج ,فأصابتني رجفة ,ولم أدر كيف أغلقتُ الخزنة دون أن أحضر منها سوى علبة مخملية حمراء لم أكن قد أطَّلعتُ على محتوياتها بعد , وأسرعت بالخروج من الغرفة قبل أن أصاب بسكتة قلبية0
ولما رجعتُ الى البيت , وجدت أمي تبحث عني في الطابق الأرضي , فأخبرتها بأنني كنت أتمشى في الحديقة مستغلة غياب عزَّام ,لأنني كنت أحس بشيء من الضيق 0
دخلت غرفتي لتغيير ملابسي التي علق بها الكثير من التُّراب, وكنت لاأزال ممسكة بالعلبة المخملية , فوضعتها فوق الطَّاولة قرب سريري, ثمَّ دخلتُ الحمام في غرفتي, وغسلتُ وجهي ويديَّ وقدميَّ وغيرتُ ملابسي, وعدتُ الى العلبة المخملية لرؤية مابداخلها0
فتحتُ العلبة ,فوجئت بل دهشتُ وبكيت وأنا أتلمَّس ماكان يخبِّئه لي سامي بداخلها ليقدِّمه لي هدية عيد زواجنا الخامس الذي مات قبل أن يتمُّه معي 0
رأيت اسم سناء مكتوبا بالخط الكبير بالذَّهب, ومرَصَّعاً بالماس 0رحمك الله ياسامي كم كنت محباً, لقد قتلك الوغد غدرا ,فحرمنا فرحتنا وسعادتنا لأجل حفنة من الدولارات لو أنَّه طلبها منك لأعطيتـَه أكثر منها , ولكن الإنسان يظلُّ جحوداً,خائناً وجباناً 0
أخيراً انتهتْ أيَّام العدة , وصار باستطاعتي أن أتحرك براحة أكثر, فرحتُ أخطِّط لما نويتُ القيام به بعد مقتل سامي 0
أخبرت الجميع بأنني سأنتقل إلى المدينة للعيش هناك, وسأضطر لإغلاق المنزل ريثما أجد من يشتريه0
صُدمتْ هنيَّة عندما سمعتْ بالقرار, أمَّا( عزَّام )فقد أصابه الذُّهول, وبعد اسبوعين كان كلُّ شيء قد تمَّ على أكمل وجه , وأطفئتْ جميع الأنوار في المنزل والحديقة ,وبقيت انتظر على أحرِّ من الجمر متابعة خطَّتي 0
لم يستطع عزَّام أن يسرق من مال زوجي شيئا , فقد كان المال الذي يستخدمه في الحياة اليومية مخبَّأ في خزانة غرفتي , بغضِّ النَّظر عن الأموال التي في المسبح0
بعد عشرة أيَّام من عودتي إلى بيت أبي ,أخبرتني أمي أن (عزَّام) ينتظرني لأمر هام في غرفة الإستقبال , فذهبتُ إليه ورحَّبتُ به ,وسألته عن هنيَّة ورشاد فأخبرني بأنه سيطلِّقها , وهي تقيم الآن في منزل أهلها , فسألته عن السَّبب, تلكأ بالجواب , وفهمت من نظراته لي ماتخبِّئه سريرته من حبٍّ, فابتسم داخلي ابتسامة انتصار ربما فهم منها ماشجَّعه على الإتصال بي هاتفياً بعد ثلاثة أيَّام , وأخبرني بأنَّه يريد مقابلتي , فأجَّلت له تلك المقابلة أسبوعاً 0
بعد أسبوع رنَّ جرس الهاتف في بيتنا, وكنتُ هذه المرَّة بانتظار المتكلم , فسمعتُ صوت عزَّام يهمس عبرالهاتف بصوت رقيق مرتجف : لقد مضى الاسبوع فمتى نلتقي؟

يتبع

لايستفاد منها فنياً دون الرجوع إلى كاتبتها بنت البحر

zahya
11-03-2004, 11:54 AM
أهلا بك أختي قوت القلوب

zahya
11-03-2004, 09:52 PM
الحلقة الثامنة 8

عزَّام رجل في الأربعين من العمر ,طويل القامة أسمر اللون أسود العينين ربما كانت هنيَّة معذورة يوم علقت بحبِّه,إنَّه رجل تتمنى أية امرأة أن يكون زوجاً لها0
سألته :لماذا تريد أن تراني ؟
أجابني :أنت تعرفين لقد لاحظت ذلك في عينيك عندما كنا نعيش معا في البيت الكبير0
ياله من كاذب ,لم يحدث أبداً أن نظرت إليه كما يدَّعي ولكن شيطانه صورله ذلك ,كان يجب عليَّ ألا أسمح له بدخول بيتنا مهما كانت الأسباب ولكن مانفع النَّدم وقد سبق السَّيف العزل0
قلت له : حسنا ولكن بشرط ألا يعلم أحد بأننا سنلتقي ريثما نتَّفق على الخطوات التَّالية للقاء 0
كاد قلبه يخرج من سماعة الهاتف وهو يقول : سأخفي الخبر عن أنفاسي ولكن أين سنلتقي ومتى؟
أجبته: في البيت الكبير غدا في التَّاسعة صباحاً0
لم يغمض لي جفن في تلك الليلة , وأنا أفكر بكلِّ مامرَّ بي من أحداث منذ أن تزوَّجت سامي حتَّى تلك اللحظة التي أنا فيها الآن وسألت نفسي : ترى هل آن الاوان لقلبي أن يرتاح من أحزانه الجسام؟
خرجت من المنزل في الثّاَمنة والنِّصف صباحا بعد أن أخبرت أمي بأنني ذاهبة إلى السُّوق لشراء حذاء جديد 0
استقليت سيَّارة اجرة أوصلتني إلى قرب بيتي في الضَّاحية , فوجدت (عزَّام) ينتظرني بجانب البوَّابة التي تودي إلى حديقة المزرعة ,كان الطَّريق خالياً من البشر ففتحت البوَّابة الكبيرة , ودخلت منها برفقة عزَّام إلى الحديقة ,كان عزَّام يرقص فرحاً , وسعادة وحبورا وأنا أسير بالقرب منه باتجاه المسبح , وهو يفضي إليَّ بمكنونات قلبه العاشق , وأنا أصغي إليه باهتمام , حتى وصلنا إلى المكان الذي وقفتُ فيه ذات يوم مع سامي قرب سلُّم المسبح , نظرت في عينيِّ عزَّام وهي المرة الأولى التي اتقصَّد فيها النَّظر إليه, فقرأت فيها غير ماكانت تبوح به لعينيَّ ,فابتسمت له قائلة :كم هو جميل هذا المسبح وأنا أشير بيدي إلى الجهة المقابلة لنا في الجانب الآخرألقيت بخاتمي في المسبح فراح يتدحرج فوق أرضه حتَّى استقر قرب باب الغرفة السِّرية فقلت لعزَّام:دعني أخرج الخاتم من المسبح إنه غالي الثَّمن0
فقال لي : لاعليك ياسيِّدتي ومليكتي سأخرجه بنفسي 0
لم يترك لي فرصة للكلام بل سرعان ما ضغط عل القاطع الكهربائي فنزل السُّلم إلى داخل المسبح ولحق به عزام واتجه نحو الخاتم بينما كان أصبعي يضغط فوق القاطع الكهربائي ويرتفع السُّلم من المسبح وعندما التفت عزََّام إلي وفي يده الخاتم لم يلفت انتباهه صعود السُّلم بل دفع بالخاتم نحوي فسقط فوق تراب الحديقة فالتقطه وأنا أضحك بسعادة لم تزرني منذ مقتل سامي فقلت لعزَّام :شكراً لك أيها السَّيِّد لقد أعدتَ لي حقي 0
فضحك بسعادة من لايدري مايخبِّئّ له القدر وقال: وسأقدِّم لك منه المزيد في المستقبل, أعدك بسعادة حقيقية ياحبيبتي0

يتبع


لاتستغل في أعمال فنية قطعاً دون الرجوع إلى كاتبتها بنت البحر

ula
12-03-2004, 02:43 PM
بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله عليه وسلم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته كل عام وانت بخير صلى الله عليه وسلم ان شاء اللة ألف مبروك .. لقد سعدت بهذا الخبر الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين شكراً لك اخي الكريم على هذا كيف حالك أخي الكريم ؟

zahya
13-03-2004, 06:16 AM
الحلقة التاسعة 9

فقلتُ له: يكفيني ماقدَّمته لي الآن0لم يعد أمامك متّسع من الوقت لتقديم أي شيء لأحد ,لأنَّك ستموتُ عمَّا قريب

سألني قبل أن ينظر إلى السُّلُّم :ماذا تقصدين بهذا الكلام ؟
قلت له ؟ بشــِّرِ القاتلَ بالقتلِ ولو بعدَ حين0والآن جاء دورك لتلقى مصيرك
فسألني متغابياً: أي قاتل هذا الذي تتكلمين عنه وأي مصير؟
أجبته ببرود: أنت القاتل ومصير القاتل القتل
فقال باسماً: لابد أنَّك تمزحين وإن كان مزاحاً ثقيلاً فإنَّه منك جميل
فقلت له: ومنذ متى كان بيني وبينك مزاحٌ أيُّها الوغد
فقال مذهولاً كمن تلقى صفعة بكف قوية: الوغد؟!!
فقلت له: الوغد قليلة عليك بل أنت تافه وجحود
فقال:أنا؟!!!
فقلت له: ومن غيرك أيها المجرم , لقد قتلت زوجي بمسمع مني, ولم يكن بمقدوري آنذاك أن أفعل شيئا,كنت وحيدة أيها السافل0
فقال : لم أفعل شيئاً إنني بريء, صدقيني أنا بريء
فقلت: أجل أنت بريء وأنا أصدقك ولكن َّبراءتك من الإنسانية والرحمة والمروءة.,أنت بريء من الوفاء والإخلاص0 لقد قتلتني بقتل سامي,وحان الآن وقت الإنتقام0
نظر حوله في المسبح واتَّجه نحو مكان السُّلُّم يريد الصُّعود , ربما لقتلي ولكنَّه سرعان ما صرخ هائجاً: أنزلي السُّلُم أريد الخروج من المسبح0
فقلت له :هذا المسبح الواسع هو قبرك أيُّها المجرم .ستموت فيه وحيداُ ,جائعاُ وخائفاً0 أصرخ بأعلى صوتك ليلاً ونهاراً فلن يسمعك أحد 0
فقال مرتجفا بالخوف والغضب :أخرجيني من هنا أرجوك ياسيِّدتي 0
فقلت له: لم ترحم سامي , وهو يتوسَّل إليك كي تبقيه على قيد الحياة ,فهل أرحمك أنا؟!
فقال لي : أنت السَّبب ,كنت أحبك وأنت تعلمين ذلك جيداً0
فقلت له: خسئت وكذبت أيُّها الحقير0
فقال: فلمَ إذن كنتِ تنظرين إلي باهتمام عندما كنتِ ترينني من وقت لآخر؟
أجبته : كنت أراقبك خوفاً منك على زوجي ,فقد ساورتني الشكوك بنياتك السَّيئة تجاهه0
فقال بغضب: كذبت ِ, بل كنت تنظرين إليَّ بإعجاب نظرات أشعلت النار بداخلي وكادت تحرقني
فقلت:وهل مثلي تنظر إلى مثلك أيها ال
فقال مقاطعاً : ومايدري الرَّجل بنية من تنظر إليه من النِّساء كانت من تكون؟
فقلت له: كان عليك أن تعرف مقامك بيننا ولا تتخطى حدودك
فقال غاضباً: الحب لا يفرق بين المقامات ,ولايعترف بالفوارق الطبقية ,كلنا بشر0
فقلت له: ولكننا لسنا جميعاً مجرمين 0
فقال بعنف :وأنت أيضاًمجرمة , لقد ارتكبتُ الجريمة بسببك ,يجب أن تفهمي هذا جيداً , نحن شركاء ,كان عليك ألا تدعينني أراك مع زوجك العجوز 00هو على حافة قبره وأنت تضجين بالحياة ,لقد غرربي صِغَرُ سنك ورقة ُ معاملتك لنا ,ألا تعتبرين هذا هو قمة الإغراء0
فقلت له: يالك من معقَّد تافه ,لاتستحق الشفقة0
فقال لي :في مثل حالتي القلقة لابد أن تتحول الشفقة إلى حب ,فالظروف حولنا تسمح بذلك 0 بل تشجِّع عليه 0
فقلت له : فقط لمن هودون الرجال أمثالك
فقال غاضباً : ياسيِّدتي في الصدر قلب من لحم ودم يدق , وليس قطعة حديد , لماذا أدخلتمونا أنتم إلى حياتكم حيث الدفء , وزرعتم في قلوبنا الحسرة ,وفي نفوسنا الألم , إنَّ نفسي تفتتْ بينكم وتناثرت بشعور الحب والغيرة, لم أعد أحب الرجوعَ إليها بل رحت أهرب منها لأدخل في نفوسكم أنتم حيث عالمكم البراق المغلف بالحريروالمرشرش بأرقى العطور الفرنسية الباهظة الثمن , والمفروش بالسجاد العجمي , والمتخم باللحوم والفاكهة والرفاهية قتلت نفسي على عتباتكم0

يتبع

لاتستغل في أعمال فنية قطعاً دون الرجوع إلى كاتبتها بنت البحر

عبدالمحسن
13-03-2004, 06:35 AM
وما زلنا نستمتع سيدتي



تحياتي

zahya
14-03-2004, 02:46 AM
الحلقة العاشرة

0
فقلت له كلاماً لاأدري كيف خرج من فمي
الحديث عن النّفس يفتح بابا ان ولجناه رأينا العجب 0هناك سراديب وقلاع وبحور ومغارات وجبال ,عالم غريب عجيب ,فيه أسرار جغرافية حياة الانسان بكل ماتحتويه من نجاح أوفشل ,من فرح وحزن ,من تمرّد وانكسار0
فقال بغضب: وما شأني أنا بالجغرافية والجبال والمغر؟
فقلت له: من استطاع فهم عالم نفسه هذا أمسك بلجامها وقادها إلى حيث السّعادة ,وعندما يحتل حصونها ويرفع فوق قلاعها راية الوعي والادراك لكل تطلعاتها يحكمها بقوة , ويسلك من خلال تضاريسهاالوعرة إلى بر الأمان ,ومن يحكم نفسه يدرأعنه مغبات الظّروف المحيطة به ,فيعطي التفسيرات المقنعة لكل مايواجهه من صعوبات في درب الحياة , ويتغلب على ألم المواجهة بوعي يُحْسَد عليه 0
فقال : ماذا تقولين ؟! أسألك لماذا أدخلتمونا ألى حياتكم لاإلى القلاع والتضاريس
فقلت له: أنتما طلبتما العمل عندنا وقبلنا بكما بسبب حالتكما المادية السيِّئة رغبة منَّا في مساعدتكما لتحسين حياتكما المعيشية
فقال متحسِّراً: لقد حطمتمونا بنية المساعدة تلك ,ليتكم لم تقبلوا بنا عمالاً في عالم الترف الذي تعيشونه
فقلت له: لكل قاعدة شواذ وكنت أنت الشواذ فيها, لم يكن الكثيرون مثلك ممن نعرف ونسمع عنهم0
فقال مسترحماً: أرجوك يا سيِّداتي أنزلي السلم , وأعدك بل أقسم لك بالله العظيم أن أكون لك خادماً مخلصاً مدى الحياة0
فقلت له: بل ستموت بلا رحمة ولا شفقة , القاتل لاعهد له وإن أقسم مئات المرات
مت هنا فإنَّك لاتستحق الحياة
فقال برجاء: ارحميني من أجل هنية وابني رشاد
فقلت له: لم ترحم سامي من أجل الله فلن أرحمك من أجل انسان0
واستدرتُ باتجاه بوابة حديقةالبيت وأنا أشعر بالإنتصار, والدموع تنساب من عينيَّ فوق خديَّ ,وإحساس بتأنيب الضمير ينتابني فأتجاهله رغماً عني, بينما كان صوت عويله يبتعد عن مسمعي حتَّى تلاشى وأنا أغلق بوابة الحديقة بالمفتاح0
لم أكن أعلم أن المجرم يظل يحوم حول جريمته إلى أن عدت بعد أربعة أيام أتفقد وضع عزام فاقتربت من حافة المسبح قرب السلم فرأيته هادئاً بلاحراك فضغطت باصبعي فوق القاطع الكهربائي فنزل السلم إلى مستوى عمق مترين ثم قمت بمسح بصماتي من على القاطع ونثرت بعض التراب الجاف فوقه وعدت إلى منزل والدي دون أن يعلم أحد شيئاً مما قمت به0
وبعد أسبوع أكتشفت الجثَّة عندما ذهبتُ مع أبي وأخي سعيد وأحد سماسرة البيوت إلى الفيلا, فقد طلب أحد الأثرياء الصِّناعيين مشاهدتها لأنَّه يرغب بشرائها0
ونحن نتجول في الحديقة وصلنا إلى المسبح وكان المشهد مرعباً هذه المرة بحق,وخانقاً ومقزِّزا, فركضت أصرخ من هول ما شاهدتْ عيناي, وأبي وأخي يركضان خلفي 0
وجرى التحقيق حول ملابسات القضية ولكن المحقِّقون لم يتوصلوا لدليل يدان به أحد , فسُجِّلت القضية قضاء وقدراً 0 حاولت أن أطمرَ السِّر في بؤرة عذابي بعد أن أخذت بثأر سامي ذلك الرَّجل الوديع الذي لم تستطع الغربة إ تنزاع طيبته, كما عجزالمال من سلبه انسانيته, فجاء رجل حقود شرس بأحط خلق, وأقذر طبع, وأوقح عين يقتله خيانة وغدرا0
لم اتمكن من لجم صوت الحقّ ِفي داخلي زمناً طويلاً , وذات ليلة دخلتُ غرفة أمي,بعد أن نام جميع من في البيت, وكانت في هذا الوقت تستعد للنَّوم بعد مشاهدة إحدى التمثيليات التلفزيونية ,وانتهزت فرصة انفرادها في غرفتها فقد أدرك النومُ والدي وهو يشاهد المسلسل التلفزيوني معها فنام في غرفة الجلوس بعد أن غطَّته أمي بملاءة سريره , وكان يفضل البقاء في المكان الذي أدركه فيه النومُ حتَّى موعد آذان الفجر حيث توقظه أمي للصلاة وهذه عادة درج عليها ولم يخالفها مرَّة خشية القلق إذا ما نـُبِّهَ من نومه قبل الآوان , فصارحتها بكل شيء

يتبع
0

لاتستغل في أعمال فنية قطعاً دون الرجوع إلى كاتبتها بنت البحر

zahya
02-04-2004, 08:58 AM
الحلقة الحاديةالعاشرة


ظلت أمي تسمعني باهتمام حتى النِّهاية, وأنا أروي لها حكايتي مع المجرم بالتَّفصيل وعندما أنتهيت من الكلام , رأيتُ الدُّموع تنهمر من عينيها بكرم ملفت, وما لبثت أن ضمَّتني إلى صدرها , فأحسستُ بدقات قلبها تعلو وتهبط متسارعة , ويداها ترتعشان ,فابتعدتُ عنها فوجدتُ في وجهها اصفراراً لم أعهده فيه من قبل, فأشارت إليَّ أن أحضر لها الهاتف ,ففعلتُ ذلك دون أن أفكر بمرادها ,وعيناي معلقتان بعينيها ذهولاً,رفعتْ السَّمَّاعة , وأدارتْ أرقاماً لم أتبينها ثمَّ قالت بصوت متهدِّج :
آلو000أنا السَّيِّدة جيهان سليم, أسكن في حي المواني,كورنيش ,رقم المنزل 48أرجو أن تحضروا اليَّ السَّاعة , أرجوكم ,أرجوكم لاتتأخَّروا, في بيتي قاتلة0
وقعت السَّماعة من يد أمي وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة0
ياإلهي ها أنا الآن أجد نفسي في ورطة جديدة ,ولكن بموت أمي هذه المرة 0الآن أتاك الموت ياتارك الصلاة0قد يصل رجال الشرطة خلال دقائق ليأخذوني إلى السجن متهمة بقتل أمي, رحماك ربي الآن لن أجد من ينقذني من حبل المشنقة لأنَّ أمي هي التي أخبرت الشرطة عني أجل هي 00ولكنها على ما أظن لم تخبرهم بمن تكون تلك الجرمة 00نعم أنا متأكدة من ذلك علي الآن أن أتصرف بسرعة قبل أن يقرعوا جرس الباب
تركت أمي فوق سريرها شاخصة العينين دون أن ألمسها وخرجت من الغرفة بعد أن أطفأت النور فيها وأسرعت إلى غرفتي واستلقيت في سريري والخوف يفتك بأعصابي بينما كانت أختي سماح تغطُّ في نوم عميق وصوت شخيرها يملاْ أرجاء الغرفة 0
لاأدري كيف مرَّ الوقت بسرعة تحت وطأة الخوف وأنا أصغي باهتمام إلى صوت محركات السيَّارات وهي تمرُّ من قرب بيتنا إلى أن قطع حبل استرسالي بالإتصات صوت جرس الباب 0تصنعت النوم خشية أن يراني أحد من الأهل فيشار إلي باتهام ما0
عاد صوت جرس الباب يرنُّ باستمرار مع قرع باليد على الباب الخشبي وما هي إلا لحظات حتى سمعت صوت أبي وأخي يتكلمان في الخارج بعد أن فتحا الباب للقادمين 0
بقيت هادئة في سريري بينما نهضت سماح وخرجت من الغرفة على عجل ثمَّ عادت من جديد تهزني بعنف وتدعوني كي اصحو من نومي الثقيل هذا لانَّ مصيبة قد وقعت في البيت0
نهضت من سريري وخرجت أستطلع الأمر الذي جعلنا في دوامة ظلَّت تدور بنا أيَّاماً كثيرة وكان السؤال الملح الذي حيَّر الجميع :من هي تلك القاتلة التي بلَّغت عنها والدتي قبل موتها بقليل 0
تعرضت واختي لأسئلة المحققين عدة مرات على الرغم من ظروف العزاء التي ألمَّت بنا0
انتشر في الحارة خبر مقتل أمي على يد مجرمة مجهولة لكن محضر التحقيق أغلق عندما قال أبي للنَّائب العام إنَّ أمي كانت تشكو في الآونة الآخيرة من مرض عصبي ألمَّ بها إثر سقوطها ذات مساء على رأسها عندما قطع التيار الكهربائي ومنذ ذلك اليوم وهي تتخيل أشياء غير حقيقية وأنه كان ينوي أن يستشير طبيباً بهذا الشأن ولكنَّ الظروف التي مرت بأسرتنا بعد موت سامي أخرت الأمر إلى أن حدث ماكان 0
لم يعارض أحد من أفراد الأسرة تصريح والدي رغم أننا جميعاً كنا نعلم أن كلامه لاأساس له من الصحة وإنَّما قاله للتخلص من ملاحقة النيابة العامة لهذه القضيةالغامضة بالنسبة لأفراد عائلتي,وأقفل المحضر كما قيل لنا وبدأت بعد ذلك مشاكل من نوع جديد تغزو عالمي الذي كان يوماً ما هادئاً وجميلاً0

يتبع

لاتستغل في أعمال فنية دون الرُّجوع إلى مؤلِّفتها بنت البحر

zahya
07-04-2004, 09:31 AM
الحلقة الثانية عشرة

عندما كنت أختلي بنفسي بعيداً عن نظرات والدي التي كانت تلاحقني بتساؤلات غريبة لم أعتدها منه سابقاً , وكأنَّها كانت تريد النفوذ من خلال عينيِّ المتعبتين إلى أعماق نفسي المتداعية التي باتت مجهولة بالنسبة له بعد موت أمي المفاجىء, والبلاغ العجيب الذي أدلتْ به للشرطة, كنت ألقي بنفسي المتعبة في نوبة بكاء عاصفة أغسل بها من خلال دموعي شيئاً من الحزن الذي بات هوالحقيقة الوحيدة في حياتي بعدكلِّ الذي مرَّبي من أحداث ووقائع هزَّت أعماقي بعنف مفترس كاد أن يشلُّ قدرتي على الصمود 0
شعرت بتغيرات كثيرة في أحاسيسي وأفكاري وحتَّى في شكلي الخارجي , فقد أدى إحجامي عن الطعام في غالب الأحيان إلى إصابتي بالنحول,ورعشة في اليدين وفقد الثقة بكلِّ من حولي , مما جعل أختي سماح تطلب مني الذهاب إلى الطبيب فرفضت الفكرة من أساسها,وبدأت حالتي الصحية تتدهور يوماً بعد يوم نحو الأسوء0
إنني أحترق ولاأدري كيف سأطفيء هذا الحريق الذي راح يلتهم داخلي بقسوة وشراهة0
مضى على وفاة أمي أسبوعان ونفسي تزداد انغلاقاً وكآبة , ولم تستطع خالتي بهيجة رغم حنكتها الفائقة , ومحبتي الكبيرة لها أن تخرجني من دوامة عذابي هذه , وقرأتُ في وجوه جميع من حولي القلق الكبير تجاهي0
في إحدى الأمسيات وبعد العاشرة دخلت المطبخ لشعوري بالجوع يقرص معدتي الخاوية,فتحت الثَّلاجة , وتناولتُ تفاحة , ورحتُ أقشرها , وقبل أن أضع أول قطعة منها في فمي سمعتُ أبي يقول لي: هل ستأكلين التفاح وحيدة أيَّتها المليونيرة الكبيرة؟
همست في داخلي: مليونيرة؟!! نعم ولكنني لن ألمس هذا الميراث الخيالي قبل أن تعود الطمأنينة إلى نفسي 0
نظرت إليه وهو يدخل المطبخ وأجبته: ظننتك نائماً ,خذ هذه وسأحضر لي واحدة غيرها0
تناول أبي التفاحة من يدي وهو يقول :سأنتظرك في غرفتي لنأكل التفاح معاً ونحن نتحدث في موضوع هام0
سقط قلبي من مكانه واضطربت أعصابي ولكنَّ أبي ترك لي فرصة الهروب من نظراته عندما غادر المطبخ ألى غرفته بعد أن ألقى إليَّ أمراً ولا أدري ماوراءه من مفاجآت 0
عندما دخلت عليه مجلسه قال لي وهو يشير بيده اليمنى نحو باب الغرفة:أغلقي الباب وراءك وتعالي اجلسي هنا بالقرب مني ياابنتي0
كلمة ابنتي جعلتني أرشف من كأس الطمأنينة رشفة أثلجت صدري بعد احتدام الحريق فيه ,و بعد أن فتك الخوف بي , وأنا أحسبه قد علم شيئاً عن موت أمي الغامض0
جلست بالقرب منه على حافة سريره فابتسم لي ابتسامة حزينة وهو ينظر إلى سرير والدتي المهجور ,وسبحتها الخضراء معلَّقة فوق عنق السرير, فقد كان قديماً منذ زواجها قبل خمسين عاماً, فالتاع صدري بالألم , وانهمرت دموعي وانا ألوذ بالصمت , فقال لي وهو يمسح الدموع عن وجهي بمنديل ورقي تناوله من جيبه: كلنا سنموت وهوالباقي00سبحان الحي القيوم 0
نظرت إلى وجهه فرأيته قد ثبت عينيه في وجهي وكأنَّه يأمرني بقول الحقيقة ,شعرت بالخوف منه واستعدت لحظات مرَّت بي من أيام طفولتي عندما كنت أقترف ذنباً ما كيف كان ينظر إلي هكذا دون أن يتكلم , فأجْبَرُ على الإعتراف له بكل شيء بطريقة لاإرادية,والآن تعاودني هذه المشاعر وأحس بأنني قد عدتُ طفلة صغيرة وأنا بأمس الحاجة لمن يحتويني ويزيح عن كاهلي تلك التراكمات التي أضنتني ,وسرقت أمني وعافيتي0


لاتستغل في أعمال فنية قطعاً دون الرجوع إلى كاتبتها ومؤلِّفتها

zahya
09-04-2004, 01:03 PM
الحلقة الثالثة عشرة


لاأدري كيف همست من خلال دموعي : أنا لم أقتل أمي يا أبي 00أنَّني أحبها وأنت تعلم ذلك000 وهي أيضاً كانت تعلم ذلك 0
قال ويده تمسح فوق شعري وكأنَّني في الخامسة من العمر:أعلم ذلك يابنيَّتي, ولكن أصدقيني القول , لماذا أخبرَتْ المرحومة ُ الشرطة َ بأنَّه في البيت قاتلة 00أمُّك لاتكذب ياسناء ولاتهذي0
فقلت له : صدقتَ وهي الصادقة 0
فقال لي: من قتلتِ ياسناء؟
قلت له :تسمعني حتى النهاية ,ولك بعد ذلك حريَّة التصرف
فقال لي: تكلمي ياابنتي ,وليكن الله في عونك0
قصصتُ عليه ماحدث بالتفصيل , وكانت دموعي ترافقني في كثير من المحطات, ويده الحنونة بحرارة الأبوة والمحبة راحت تمسح عن عيوني حرَّ الدموع ووجع الصمت الطويل0
وعندما وصلتُ إلى الوقت الذي نحن فيه قلتُ له وأنا أشعر بقوة غريبة تتملّكني: أحس باحتراق داخلي , أه ياأبي ماأصعب الإحتراق , و ماأشد حرارته على النفس0
قال بحنان: الكلُّ يحترق , ولكن بشكل يختلفُ بتفاوتِ الذَّواتِ المحترقة,وما شبَّ حريقٌ وتأجَّجَ ثُمَّ خمد,إلا وتركَ بقايا من رماد, فلننظر في تلك البقايا النَّاعمةِ الملمس,الخفيفةِ الوزن
ماهي ؟
فقلت له وقد أحسست بنفحة أمل تهب صوبي من همسات والدي :
إنها بقايا المحروقات ,رمادية اللون ,لاقيمة لها, تذروها الرِّياح , بل حتَّى النسيمات قد تجعلها هباء منثوراً ,لاياأبي لن أكون أضعف من نُسيمة, أنا أقوى من الرِّيح,أصدُّها بجرأتي وإيماني,
أنا أجلُّ قدراً من الرَّماد ,لاشيء يستطيع إحراقي , وما هواجسي إلا همساتٌ خفية , سأسخر منها قبل أن تحيل شموخ َصمودي إلى رمادٍ لاقيمة له , بل سأحدِّق في ذاك الرَّماد وأشكر الله
إذ خلَّصني مما كان يعذِّبني, كنت مخطئة حتَّى الثمالة0
قال والدي بفرح: لقد تخلَّصت من الخوف ونجحت بالإعتراف
فقلت له:نعم ولك يعود الفضل ياأبتاه0
ضمَّني إلى صدره بعطف وحنان, فأحسست بدموعه ترطب وجهي , فقال لي وصوته يختنق بالأسى: غداً نذهب إلى النيابة العامة لتعترفي ولتأخذالعدالة مجراها,و معك ابن عمك الدكتور أنيس الذي خان الأمانة والقسم بإعطائه التقريرالطبِّيِّ الكاذب للتَّصريح بدفن المغدور سامي دون الكشف على الجثة , وهذا عمل يمقته الله و يعاقب عليه القانون 0
صدقيني ياابنتي لوأن ( أنيس) قام بما يمليه عليه واجبه المهني ,والديني لما كنا بما فيه نحن الآن 0
فقلت له : كان أنيس مشغولاً في المستشفى , فأرسل إلينا التقرير الطبي بإلحاح مني , وأنا تقصَّدَت ذلك كي أنتقم لزوجي من قاتله0
فقال والدي : إنَّه مخطىء , يجب أن لايسمح لأحدِّ بمخالفة الشرع والقانون مهما كانت الظروف, غداً سأبلغ عن ابن عمك الدكتور انيس ولن أتخلى أبداً عن اتهامه بالمساعدة في ارتكاب الجريمة بطريق الإهمال ,إضافة إلى طمس معالم الجريمة بدفن سامي دون كشف الطب الشرعي على الجثة ,ولكن ربما يستطيع المحامون الذي سيتولُّون الدفاع عنك إيجاد طريقة لمعرفة الحقيقة 0
قلت له : كما تريد ياأبي ولكنَّني سأذهب قبل ذلك لمقابلة هنية زوجة عزام فإنَّني أريد أن أعطيها من المال مايساعدها في تربية ابنها رشاد 0
فقال لي: خيراً تفعلين 0
وافقته بابتسامة رضا ثم خرجت من غرفته, بعد أن طبعت على خده قبلة شكر وامتنان, وأنا أحس بأنَّني بدأت أولد من جديد0