المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (013)أثر فقه عظمة الله في الخشوع له - عظمته في قدرته



أهــل الحـديث
04-08-2014, 01:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




القدرة الإلهية لا تحدها حدود، ويكفي في معرفة عظمته في هذه الصفة: الإشارة إلى أنه إذا أراد شيئاً معدوماً أوجده بكلمة: "كن" كما قال تعالى: {بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117)}.[البقرة] وقد امتلأ كتاباه سبحانه المقروء منهما والمفتوح بالدلائل على كمال قدرته الباهرة، وشمولها لكل أكوانه الظاهرة لنا والخفية عنَّا، مثل قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(20)}. [البقرة] الكثير جداً في القرآن.

قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لآية البقرة المذكورة: "وقوله تعالى: {وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} يبين بذلك تعالى كمال قدرته وعظيم سلطانه, وأنه إذا قدَّر أمراً وأراد كونه, فإنما يقول له: {كن} أي: مرة واحدة فيكون, أي: فيوجد, على وفق ما أراد كما قال تعالى: { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }. يس] قال تعالى: { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)}.[النحل] وقال تعالى: { وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ}.[القمر 50]

فما وجد شيء في الكون كله سماواته وأرضه، من يوم فطر الله الخلق، ولا يوجد من شيء من ذلك حالاً ومستقبلاً، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، من صغير وكبير إلا هو داخل تحت قدرته سبحانه، ووجد بقوله له: (كن)

قال تعالى: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)}.[الرحمن] وليس المراد باليوم هنا ما نعرفه من طلوع الشمس إلى غروبها، بل المراد به كل وقت فيشمل الساعات والدقائق والثواني وأجزاءها المتناهية في الصغر، فكم يخلق في أصغر جزء من الثانية في العالم العلوي والسفلي كله، وكم يميت وكم من حاجة يقضيها، وكم ينبت من الزرع، وكم ييبس منه، وكم يشبع وكم يجيع، وكم يكسي، وكم يعري، وكم يعز وكم يذل، وكم يغني وكم يفقر، وكم من قوي يضعفه، وكم من ضعيف يقويه، وكم من مريض يشفيه، وكم من صحيح يمرضه ويسقمه، وكم من كربة ينفسها، وكم من مصيبة ينزلها بخلقه، وكم ...وكم... وكم وكم؟ كل ذلك وغيره مما لم يمكن أن يحصيه ويحيط به إلا العليم القدير، إنما يقول له: { كُنْ فَيَكُونُ } لا إله إلا هو.

قال سيد قطب رحمه الله: "وهو- سبحانه - كل يوم هو في شأن. وهذا الوجود الذي لا تُعرف له حدود، كله منوط بقدره، متعلق بمشيئته، وهو قائم بتدبيره. هذا التدبير الذي يتناول الوجود كله جملة، ويتناول كل فرد فيه على حدة؛ ويتناول كل عضو وكل خلية وكل ذرة. ويعطي كل شيء خلقه، كما يعطيه وظيفته، ثم يلحظه وهو يؤدي وظيفته. هذا التدبير الذي يتبع ما ينبت وما يسقط من ورقة، وما يكمن من حبة في ظلمات الأرض، وكل رطب وكل يابس. يتبع الأسماك في بحارها، والديدان في مساربها، والحشرات في مخابئها. والوحوش في أوكارها، والطيور في أعشاشها. وكل بيضة وكل فرخ. وكل جناح. وكل ريشة. وكل خلية في جسم حي. وصاحب التدبير لا يشغله شأن عن شأن، ولا يند عن علمه ظاهر ولا خاف..". انتهى.

ألا ترى أيها العاقل، أن التأمل في آثار اسمه القدير وصفته القدرة، كافيان لنا في الرهبة والخشية والإخبات والخشوع لهذا الرب القدير على كل شيء؟!