المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (024)الإيمان هو الأساس - المبحث الثاني عموم رسالة نبينا عليه السلام



أهــل الحـديث
27-07-2014, 02:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



1 ـ لا إسلام لمن لم يؤمن برسالة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم.

2 ـ أدلة عموم رسالته صلى الله تعالى عليه وسلم.

3 ـ ما يترتب على الإيمان برسالته صلى الله تعالى عليه وسلم.

1 ـ لا إسلام لمن لم يؤمن برسالة محمد صلى الله تعالى عليه وسلم:

لا يصح إسلام أحد من البشر، ولا يقبل الله منه ديناً - بعد بعثة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم - إلا بالإيمان به، فلا إيمان بالله وكتبه ورسله لمن لم يؤمن بعبد الله ورسوله، نبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، ويشهد له بالرسالة، كما يشهد لله بالوحدانية، ولهذا قرنت شهادة (أن محمداً رسول الله)، بشهادة (أن لا إله إلا الله).

وقد أخذ الله على أنبيائه ورسله الميثاق على تصديق بعضهم بعضاً، قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ(81)}[آل عمران].

قال: "يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه من لدن آدم عليه السلام، إلى عيسى عليه السلام لمهما آتى الله أحدهم من كتاب وحكمة، وبلغ أي مبلغ، ثم جاء رسول من بعده ليؤمن به ولينصرنه، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع من بعث بعده ونصرته... ـ ثم قال: قال علي بن أبي طالب وابن عمه ابن عباس، رضي الله عنهـما: ما بعث الله نبياً من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق، لئن بعث الله محمداً وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه" [تفسير القرآن العظيم (1/377) طبع عيسى البابي الحلبي.].

2 ـ أدلة عموم رسالته صلى الله تعالى عليه وسلم:

وهو يمتاز على سائر الرسل، عليهم الصلاة والسلام، بأن رسالته عامة إلى كل مكلف في هذه الأرض، من الجن والإنس، كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ(107)}[الأنبياء]. وقال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً(1)}[الفرقان]. وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِ وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(158)}[الأعراف].

وقد ذُكرت هذه الآية الكريمة بعد أن ذكر الله في الآيات التي سبقتها ما دار بين الرسل السابقين وأممهم، من لدن نبي الله ورسوله نوح إلى نبيه ورسوله عيسى صلى الله عليهم جميعاً وسلم، وذلك يدل مع عموم النص والتوكيد الواضح في الآية على عموم رسالته صلى الله تعالى عليه وسلم.

وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ(28)}[سبأ].

ومما يدل على عموم رسالته صلى الله تعالى عليه وسلم، دعوته للجن وسماعهم بعض آي القرآن منه، وإيمان من هداه الله منهم به ـ وقد نص الله تعالى في كتابه على أن الجن كالإنس خلقوا لعبادته، وعبادته لا تصح إلا إذا كانت على هدى منه؛ ولا هدى إلا عن طريق رسله ـ قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ(56)}[الذاريات].

وقال تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِي اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(31)}[الأحقاف].

وقد أنزل الله تعالى في الجن سورة سميت باسمهم، قال تعالى في أول السورة: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً(2)}[الجن، وقد ألف شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، كتاباً في عموم رسالة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، سماه: (إيضاح الدلالة في عموم الرسالة). وهو في مجموع الفتاوى (19/9) وما بعدها.].

وفي سنته دليل على عموم رسالته:

وثبت عموم رسالته صلى الله تعالى عليه وسلم في سنته، كما ثبت في كتاب ربه، فقد روى جابر بن عبد الله، رضي الله عنهـما، أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، قال: (... وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة) [البخاري (1/86)، ومسلم (1/370).].

3 ـ ما يترتب على الإيمان بعموم رسالته:

ويترتب على الإيمان بعموم رسالته صلى الله تعالى عليه وسلم، وجوب تبليغها إلى أهل الأرض كلهم، ما أمكن ذلك، بكل السبل المتاحة، في جميع العصور، وهذا ما فعله صلى الله عليه وسلم، فقد دعا أهل الأرض كلهم: عربهم وعجمهم، يهودهم ونصاراهم، ووثنيهم، من استطاع الوصول إليه بلغه بنفسه، ومن لم يستطع الوصول إليه بلغه عن طرق رسله ورسائله، واستعمل الوسائل الممكنة في عصره، اتصل بمن لقيه مباشرة ودعاه، وذهب إلى أماكن تجمع الناس في الأسواق ومناسك الحج، وذهب إلى بعض القرى - كالطائف - وصعد على جبل أبي قبيس ودعا الناس ليجتمعوا حوله حتى يسمعوا ما يقول. وحمل راية الجهاد في سبيل الله لتأديب الطغاة الذين وقفوا ضد الدعوة، فغزا الغزوات، وبعث البعوث، واستمر على ذلك حتى لقي ربه بأبي هو وأمي.

وبعث بعض أصحابه ليدعوا الناس بأنفسهم ويبلغوهم رسالة الله، وبعث بعضهم برسائله التي كتبها إلى الملوك والزعماء وختمها، كزعماء فارس والروم.

وآمن به بعض أهل الكتاب، في حياته وبعد مماته، كما آمنت به أمم الأرض بعد موته، وذلك كله مبسوط في كتب السنة والسيرة والتاريخ.

ونهض بمهمة تبليغ العالم هذا الدين بعد وفاة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، أصحابه الكرام بقيادة خلفائه الراشدين الذين تربوا على يديه وجاهدوا تحت رايته.

وهذا كله يدل على وجوب قيام الأمة الإسلامية في كل عصر بتبليغ هذا الدين الذي يجب على كل أحد اتباعه، وكيف يتبعه من لم يَبْلُغْه ومن ذا الذي يجب عليه تبليغ هذا الدين غير أهله المؤمنين به؟

وبالبلاغ المبين ينتشر هذا الدين، وإذا كثر أتباعه في العالم عمَّ الصلاح وقلَّ الفساد، وهذا يوجب - كذلك - على هذه الأمة أن تكون قدوة حسنة تحقق في حياتها تطبيق شريعة الله التي لا يؤمن بها غيرها، حتى يظهر في سلوكها الصلاح للناس، فيروا في حياتهم الإسلامية حقائق الإسلام وثمرات تطبيقه، وإذا لم يتحقق الصلاح في الأمة الإسلامية التي تزعم بأنها تؤمن بهذا الرسول وتقول لهم: إنه أرسل إلى الناس كافة فكيف يرجى من الأمم الأخرى أن تهتدي بهديه وتحقق به الصلاح في الأرض بدون قدوة حسنة تحمل المبدأ وتطبقه؟

والخلاصة أن عموم رسالة نبينا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم، قد دل عليها القرآن والسنة، وبشر به الرسل قبله وذكرت رسالته الكتب الإلهية السابقة، وأهل الكتاب يعرفون ذلك وإن كتموها وجحدوها عن علم وعمد، وقد آمن به من هداه الله منهم قديماً وحديثاً، فمن أنكر منهم رسالته أو عمومها فهو مكابر جاحد كما قال الله تعالى عنهم: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ(146)}[البقرة].

ولا يوجد رسول غير نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم بعثه الله إلى الأمم كلها إلى يوم القيامة، كما لا يوجد كتاب سماوي محفوظ النص والمعنى يتضمن منهجاً كاملاً شاملاً يصلح لجميع الناس إلى يوم القيامة، إلا هذا القرآن الذي هو حجة الله على عباده، فرسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، عامة لكل الناس، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين.