لمياء الديوان
09-01-2008, 09:07 AM
مع بدأ دخولنا القرن الحادي والعشرين فأن أهم شيء يحافظ على تطورنا واستمرارنا هو العلم ويعد من أهم مصادر القوة التي نتمتع بها في هذا القرن ، لذلك فعلى كل دولة أن تجعل في مقدمة أولوياتها موضوع التعليم لنواجه تحديات كثيرة في هذا المجال وأمامنا أشواطا طويلة لابد أن نقطعها حتى يظل لنا وجودنا على صفحات التاريخ خاصة ونحن في عصر أصبحت فيه الأمية تعني الجهل باستخدام التقنيات الحديثة في الاتصالات والكومبيوتر ،فكيف ذلك ونحن لم نزل نعاني من الأمية الأبجدية التي لم نستطيع القضاء عليها على الرغم من الخطط والمحاولات كلها للقضاء عليها وما يزال معدل التسرب من التعليم مثيراً للقلق على الرغم من هذا التطور كله الذي حصل في العالم .(1)
من هذا المنطلق تقع على كاهل الحركة الكشفية مسؤولية ودور مكمل في التنمية الشاملة للفرد وهذا ما نلحظه من خلال الطريقة الكشفية التي يتم فيها تطبيق الاتجاه المتميز في تربية الفتية والشباب في إطار تعليمي غير شكلي .
فالحركة الكشفية تتميز بالتجدد وعدم الشكلية التي تسعى إلى تنشئة جيل مسؤول ومستقل وملتزم .
إذ أن الحركة الكشفية تشجع على التجريب وتعليم المهارات وخير دليل هو نظام الشارات الذي يهدف إلى تعليم الأفراد مهارات جديدة تعمل على تنمية شخصياتهم بشكل فعال وواع من اجل الوصول إلى تحقيق الأهداف التربوية .(2)
الشكل (25)
يوضح التشجيع على التعليم
لذلك تجد الباحثة أن على الحركة الكشفية العمل على توعية الفتية والشباب في دور وأهمية التعليم من خلال مناهجها وبرامجها من خلال حملات التوعية التي تقوم بها إلى الأهالي بضرورة إرسال أطفالهم إلى المدارس وتوعيتهم بخطورة عمالة الأطفال التي بدأت تنتشر بسبب سوء الأحوال المعيشية لما له من ضرر نفسي واجتماعي واقتصادي للبلد ، لذلك تقع مسؤولية كبيرة على الحركة الكشفية في هذا المضمار إذ أنها قادرة على الإسهام الفعال في الحد من هذه الظاهرة وهي الأمية ،في ظل المتغيرات السريعة في المجتمع العراقي إذ كان لظروف الحروب والحصار تأثيراتها السلبية على طبيعة ومهام ومسؤوليات الأسرة العراقية ، إذ اندفعت الكثير من العوائل إلى تغطية حاجاتها الاقتصادية والمادية عن طريق دفع أبنائهم إلى العمل وابعادهم عن الميدان المدرسي والتعليمي مما شكل حالة سلبية في عملية الحرمان لهولاء الأطفال من استحقاقاتهم الطبيعية في التعليم وإزاء ذلك نجد أن تكوينات الفرق الكشفية في المدارس والقطاعات يمكن لها أن تسهم في تنشيط اهتمامات الأطفال الدراسية وتشجيعهم وحثهم على الاستمرار في الدراسة.
إذ نجد أن الوقت الذي يخصص للنشاط الكشفي في المدارس والتشكيلات الكشفية له بعد إيجابي اكثر منه سلبي وانه حافز قوي ومثير لدفع الأطفال إلى معرفة مسؤولياتهم الاجتماعية والخدمية وفي الحفاظ على القيم الوطنية والتربوية وتقديم الخدمات الاجتماعية من خلال الممارسات العديدة التي تنظمها إدارات المدارس أو المديريات للتربية الكشفية في المناطق التي هي بلا شك تضع خططها الكشفية باتجاه استقطاب اكبر عدد من التلاميذ ذكوراً أو إناثا وفي مختلف المراحل الدراسية بما يحقق الغايات والأهداف التي تعزز روح المسؤولية وترسخ الكثير من الممارسات الإيجابية وبناء العلاقات الصحيحة بين الأطفال بعضهم البعض وبين إدارات المدارس وعوائل هؤلاء الأطفال ، وتشير الباحثة إلى إن التربية الكشفية عملية تربوية تعليمية تسعى لتهذيب سلوك الأطفال وتطوير اهتماماتهم العلمية وحثهم على المواصلة والاستمرار في الميدان التعليمي والمدرسي ليكونوا أنموذجاً يحتذى به لبناء الجيل الجديد .
المبحث الثالث :- الحركة الكشفية وتنشئة الجيل الجديد:-
إن من المسلمات المعروفة لاهداف الحركة الكشفية هي تحقيق الذات والتعرف عليها من خلال الوسط الاجتماعي الذي يعيش الفرد فيه إذ إن لكل ذات فردية داخلية قد تكون لها مكوناتها الأساسية التي تختلف عن غيرها إلا أن تحقيق الذات لايتم إلا في وسط اجتماعي تتطابق فيه أفكار وآراء الفرد وسلوكه وأهدافه مع أهداف الجماعة التي يعيش فيها والوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه بما يتمتع به من عادات وتقاليد واعراف وتراث اجتماعي وديني وتشكل في الغالب علاقة الفرد وذاتيته الداخلية بالمجتمع وآراؤه وأهدافه . (1)
وحينما نبحث في مضامين النشاطات والفعاليات الكشفية وممارستها نجدها تعمل بشكل مباشر وغير مباشر على تكوين الاتجاهات الصحيحة في تفكير وسلوك النشء لتعميق القيم التي ترتبط بالعمل والنظام والخدمة الاجتماعية وبكل الوسائل والأساليب التي تعمق روح الارتباط بينهم وبين مجتمعهم الصغير والكبير بما يعزز دورهم الفاعل والإيجابي في خدمة وطنهم ويؤكد قوة انتمائهم في تكويناتهم الاجتماعية ومؤسساتهم التربوية والتعليمية من خلال ممارستهم الكشفية المتعددة البناءة والتي يمارسونها ذاتياً وبشكل يخلق السعادة ويجدد الحالة النفسية لهم لان هذه النشاطات تمثل فرصة نوعية ومهمة بنمو الشخصية لما تحتويه من مهارات عديدة تمثل تعبيراً عاطفياً وانفعالياً وليس فقط نشاطات عابرة بل هي مقترنة ببناء الشخصية في جوانبها الأخلاقية والنفسية جميعها كما أنها أداة مهمة تجعل الفرد اكثر حيوية وإنتاجا فالتربية الكشفية أصبحت ضرورة من ضرورات العصر .. كما كانت ضرورة من ضرورات الزمن الذي شهد ظهورها منذ ما يقارب من قرن من الزمن واحتلت مكانة مهمة في خدمة المجتمع وبناء النشء بما يمكنهم من التكيف مع البيئة والمجتمع عن طريق مختلف النشاطات والفعاليات التي توفرها والتي يمكن من خلالها استثمار طاقاتهم وجعلها طاقات فعالة ومنتجة لخدمة المجتمع فمن خلال الوعد والقانون تتجسد القيم الكبيرة نحو الله والوطن والناس والعمل ويتعمق لديهم مفهوم الانتماء للمجتمع الذي يعيشون فيه والاهم للوطن الذي ينتمون إليه بعيد عن كل أنواع التعصب والتطرف بكل أشكاله وأنواعه التي تعصف بالمجتمعات العربية والتي تعد عوامل معرقلة تصيب حركة النهوض الحضاري بمقتل وتخل بإمكانيات التطور الحضاري كلها وتشكل عامل هدم للتماسك الاجتماعي في المجتمعات العربية ، بالإضافة إلى إنها تنمي القابلية البدنية والعاطفية للأفراد وتزيد من مهاراتهم المتنوعة في مجالات الخدمة والعمل وبناء الشخصية المتزنة والإبداع والتربية الخلقية وتحسين العلاقات الاجتماعية والاستقرار العاطفي والنظرة المتفائلة للحياة . (1)
إذاً لابد أن نبث في عقول أطفالنا وشبابنا أن الولاء للخالق وللوطن يكون في التفاني في أداء الواجب وليس في التقاعس والإهمال لان تطور وتقدم الشعوب لم يأتي جزافاً وانما بالعمل الدوؤب المدروس . واهتمت الدول المختلفة بالحركة الكشفية لغرض إتاحة الفرص الصحيحة للأفراد في أعمار مبكرة للمشاركة في نشاطات متعددة الأشكال تكشف عن ميولهم واتجاهاتهم بما يحقق الثقة بالنفس وبالمستقبل ليكونوا أعضاء وعناصر مفيدة في المجتمع إذ إن المدرسة كمؤسسة تربوية اجتماعية لم تعد قاصرة على تلقين المعلومات المرتبطة بالمواد الدراسية والعلمية بل توسعت لتشمل النشاطات الرياضية والفنية والكشفية والمهنية ولاشك أن طبيعة التشكيلات للتربية الكشفية في المدارس الابتدائية حظيت بأهمية متميزة لكونها الخطوة الصحيحة أمام بناء جيل مؤمن بالله ومدرك لمسؤولياته الوطنية والاجتماعية وحريص على تأدية واجباته في خدمة المجتمع عن طريق التطوع للعمل والخدمة العامة ، لذا تصاعدت فرص الانضمام للفرق الكشفية وتطورت في المراحل المتوسطة والثانوية والجامعية وتشكلت الفرق العديدة فأقيمت المخيمات الكشفية وغيرها من الممارسات التي تساعد على أعداد المواطن الصالح .(2)
وساعد التطور الحاصل في المجتمع العراقي عبر مختلف الحقب الزمنية على توفير الفرص الكثيرة أمام الشباب لتحمل مسؤولياتهم الوطنية والاجتماعية والمشاركة في خدمات الإسعاف والمرور والتمريض وازدادت أعداد الفرق الكشفية على مختلف تكويناتها ومر احلها بشكل متنامِ ليعبر عن الاهتمام الحريص من قبل المؤسسات التربوية بهذه الحركة التي تمنح الأفراد فرص التعلم لأنواع الأنشطة الاجتماعية والثقافية والخلوية وتأكيد برامج الخدمة العامة التي تؤهلهم للإسهام في العمل الجماعي واعدادهم أعدادا يتناسب والتطور الحاصل في الميادين المختلفة للحياة واستثمار طاقاتهم استثماراً إيجابيا وزيادة معارفهم الفكرية وتطور مواهبهم بما يحقق البناء المتكامل لشخصيتهم ويوفر لهم فرص الإسهام في التطور الحضاري والاجتماعي لمجتمعهم كما يدفع إلى النمو الاجتماعي والخلقي لهم ومساعدتهم على الشعور بالثقة والقدرة على التعاون والتكامل الاجتماعي وتحسين الحالات الفكرية والبدنية والنفسية من خلال إتاحة فرص التعبير عن الرغبة في النشاطات الكشفية ومن خلال مساعدتهم على أحداث التغير في الإحساس والتصرف بما يخدم التطور الاجتماعي الذي يحمل خصوصية ومضامين التنشئة الاجتماعية الصحيحة والمساعدة على تحويل الفرد من الشخصية الأنانية الفردية إلى الشخصية الاجتماعية بما يعزز البنيان الاجتماعي ويطوره ويسهم في التنمية الذاتية .
وترى الباحثة أن البرامج الكشفية تعمل على توفير الفرص للأفراد في اكتشاف القدرات الذاتية وتنميتها وإيجاد الفرص المناسبة للكشف عن قابليتهم ومواهبهم والمساعدة على خلق إنسان متفاعل ومتفائل مؤمن بقدراته وقابليته في خدمة الوطن ويعتمد التعاون والترابط الاجتماعي أساسا لتقدم الفرد والمجتمع والإيمان بالله وبالعقيدة الاجتماعية التي تشكل بجوانبها الإيجابية النظرة الشمولية للحياة .
لقد ظهرت حركة الكشف وارتبطت بالبرنامج التربوي لكي تعد النشء وتهيئه بوسائل جذابة ليكون مواطناً مستنيراً قادراً على الاعتماد على نفسه ويكون اكثر نفعاً لغيره ومتأهباً لوطنه " أن جدَ الجْد" ولقد كانت هذه الحركة ولاتزال في مضمونها التربوي ولاجتماعي تمثل طريقة نافعة تعتمد على مجموعة من الناس اختاروا لانفسهم أن يقوموا بدور معين في الحياة إلا وهو الخدمة العامة في مختلف مجالاتها وصورها بدءً بخدمة المواطنين والعناية بالنفس وانتهاء بالرقي الحضاري الخاص بالبيئة والمجتمع على المستوى القومي والإنساني كما أنها حركة تربوية تعد النشء لحياة افضل مستمداً ذلك من الوعد والقانون وتهدف إلى المساعدة على نموه الطبيعي وتمكنه من خدمة وطنه ومجتمعه خدمه مبنية على التجربة والمعرفة والإيمان وتدعيم خلقه وشخصيته وقدرته على التحمل وزيادة الثقة في قدراته والاعتماد على النفس وتنمية الرغبة والاستعداد لخدمة الغير بإلاضافة إلى الحصول على المعلومات عن طريق تجاربه الذاتية والإفادة من الخلاء الذي في ظله تنفذ برامج المراحل الكشفية جميعها والذي يعد المحيط الأفضل لتطبيق الأسلوب الكشفي (1)
إن طبيعة الحركة الكشفية كحركة ذات طابع تربوي مفتوحة للشباب جميعهم دون تفرقة في الجنس وهدفها تنمية الشباب لتحقيق أقصى قدراتهم البدنية والعقلية والاجتماعية والثقافية لها ممارساتها الكثيرة في تآلف الصبي بالمجتمع الذي يعيش فيه واندماجه تدريجياً في هذا المجتمع . (2)
إن ما جاءت به هذه الحركة هي مبادئ مستلهمة من العادات والتقاليد ومن تعاليم الأديان السماوية وأنها اقتباسات من الكتب المقدسة وسير الأنبياء والمرسلين ومبدأ التضامن الاجتماعي والعمل ومساعدة الغير وهي الأسس التي كانت ترتكز عليها المجتمعات في غابر التاريخ سواء أكانت أفريقية أو عربية أو غيرها .(1)
وأصبحت النشاطات والبرامج الكشفية أداة في تكوين الشخصية الاجتماعية المتفهمة لمسؤولياتها الإنسانية والوطنية بصفتها طريقة للحياة المنظمة والفاعلة التي تدعم القيم والنظام وروح العمل في حياة النشء الجديد وجعله اكثر حيوية والتزاماً في تأدية الواجبات المطلوبة بما يجعلهم اكثر مسؤولية واعمق شعوراً بحب العمل والطبيعة والتجديد الذي يأخذ أبعاده النفسية والاجتماعية والتربوية والعقلية ، إذ يرى بعض الرواد للحركة الكشفية أنها نشاط يسعى إلى اكتشاف الفتيان لموجودات الطبيعة والبيئة واستطلاع العلوم والفنون والآداب والريادة بالإضافة إلى تربية النشء ليكون قادراً على الاعتماد على ذاته في المعايشة مع آية بيئة خلوية وتحت أي ظرف لذلك جاء شعار الكشاف ( كن مستعداً ) وهما كلمتان صغيرتان لكنهما ترمزان ألي أن الكشاف مستعد وجاهز في كل لحظة لأن يبذل جهده في مساعدة الآخرين. (2)
إن دور التربية الكشفية في عملية التنشئة الاجتماعية والبناء النفسي للأفراد على مختلف فئاتهم العمرية ومن خلال الكثير من الممارسات والبرامج والنشاطات تجعلهم طاقة متجددة في مجتمعاتهم وتحقق ما ذهب إليه العديد من المفكرين الذين يجدون أن الشباب ليس زمنا من الأزمنة إنما هو شعور بالنفس وتصميم في العزيمة وتوقد في الخيال ونشاط في العواطف وغلبة الشجاعة على الخوف والتهيب .. ولاشك أن ما ذهب إليه الشاعرالامريكي " صاموئيل اولمان " بهذا الاتجاه وما أكده في قوله انه مامن أحد يهرم لأنه عاش عدداً من السنين إنما يهرم الناس حينما يهجرون مثلهم العليا جانباً .(3)
إن دور التربية الكشفية يهدف إلى جعل النشئ الجديد قوياً مثابراً معطاءً حريصاً لأنه يهدف إلى تزويدهم بالمهارات الاجتماعية اللازمة للحياة في المجتمع ويستمدون قيمهم الذاتية وعاداتهم وسلوكهم وممارستهم من طبيعة أهدافها ومبادئها وبذلك تحتل هذه الحركة دورها وأهميتها في عملية التنشئة الاجتماعية الصحيحة والإيجابية لمختلف الفئات العمرية للشباب .
من هذا المنطلق تقع على كاهل الحركة الكشفية مسؤولية ودور مكمل في التنمية الشاملة للفرد وهذا ما نلحظه من خلال الطريقة الكشفية التي يتم فيها تطبيق الاتجاه المتميز في تربية الفتية والشباب في إطار تعليمي غير شكلي .
فالحركة الكشفية تتميز بالتجدد وعدم الشكلية التي تسعى إلى تنشئة جيل مسؤول ومستقل وملتزم .
إذ أن الحركة الكشفية تشجع على التجريب وتعليم المهارات وخير دليل هو نظام الشارات الذي يهدف إلى تعليم الأفراد مهارات جديدة تعمل على تنمية شخصياتهم بشكل فعال وواع من اجل الوصول إلى تحقيق الأهداف التربوية .(2)
الشكل (25)
يوضح التشجيع على التعليم
لذلك تجد الباحثة أن على الحركة الكشفية العمل على توعية الفتية والشباب في دور وأهمية التعليم من خلال مناهجها وبرامجها من خلال حملات التوعية التي تقوم بها إلى الأهالي بضرورة إرسال أطفالهم إلى المدارس وتوعيتهم بخطورة عمالة الأطفال التي بدأت تنتشر بسبب سوء الأحوال المعيشية لما له من ضرر نفسي واجتماعي واقتصادي للبلد ، لذلك تقع مسؤولية كبيرة على الحركة الكشفية في هذا المضمار إذ أنها قادرة على الإسهام الفعال في الحد من هذه الظاهرة وهي الأمية ،في ظل المتغيرات السريعة في المجتمع العراقي إذ كان لظروف الحروب والحصار تأثيراتها السلبية على طبيعة ومهام ومسؤوليات الأسرة العراقية ، إذ اندفعت الكثير من العوائل إلى تغطية حاجاتها الاقتصادية والمادية عن طريق دفع أبنائهم إلى العمل وابعادهم عن الميدان المدرسي والتعليمي مما شكل حالة سلبية في عملية الحرمان لهولاء الأطفال من استحقاقاتهم الطبيعية في التعليم وإزاء ذلك نجد أن تكوينات الفرق الكشفية في المدارس والقطاعات يمكن لها أن تسهم في تنشيط اهتمامات الأطفال الدراسية وتشجيعهم وحثهم على الاستمرار في الدراسة.
إذ نجد أن الوقت الذي يخصص للنشاط الكشفي في المدارس والتشكيلات الكشفية له بعد إيجابي اكثر منه سلبي وانه حافز قوي ومثير لدفع الأطفال إلى معرفة مسؤولياتهم الاجتماعية والخدمية وفي الحفاظ على القيم الوطنية والتربوية وتقديم الخدمات الاجتماعية من خلال الممارسات العديدة التي تنظمها إدارات المدارس أو المديريات للتربية الكشفية في المناطق التي هي بلا شك تضع خططها الكشفية باتجاه استقطاب اكبر عدد من التلاميذ ذكوراً أو إناثا وفي مختلف المراحل الدراسية بما يحقق الغايات والأهداف التي تعزز روح المسؤولية وترسخ الكثير من الممارسات الإيجابية وبناء العلاقات الصحيحة بين الأطفال بعضهم البعض وبين إدارات المدارس وعوائل هؤلاء الأطفال ، وتشير الباحثة إلى إن التربية الكشفية عملية تربوية تعليمية تسعى لتهذيب سلوك الأطفال وتطوير اهتماماتهم العلمية وحثهم على المواصلة والاستمرار في الميدان التعليمي والمدرسي ليكونوا أنموذجاً يحتذى به لبناء الجيل الجديد .
المبحث الثالث :- الحركة الكشفية وتنشئة الجيل الجديد:-
إن من المسلمات المعروفة لاهداف الحركة الكشفية هي تحقيق الذات والتعرف عليها من خلال الوسط الاجتماعي الذي يعيش الفرد فيه إذ إن لكل ذات فردية داخلية قد تكون لها مكوناتها الأساسية التي تختلف عن غيرها إلا أن تحقيق الذات لايتم إلا في وسط اجتماعي تتطابق فيه أفكار وآراء الفرد وسلوكه وأهدافه مع أهداف الجماعة التي يعيش فيها والوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه بما يتمتع به من عادات وتقاليد واعراف وتراث اجتماعي وديني وتشكل في الغالب علاقة الفرد وذاتيته الداخلية بالمجتمع وآراؤه وأهدافه . (1)
وحينما نبحث في مضامين النشاطات والفعاليات الكشفية وممارستها نجدها تعمل بشكل مباشر وغير مباشر على تكوين الاتجاهات الصحيحة في تفكير وسلوك النشء لتعميق القيم التي ترتبط بالعمل والنظام والخدمة الاجتماعية وبكل الوسائل والأساليب التي تعمق روح الارتباط بينهم وبين مجتمعهم الصغير والكبير بما يعزز دورهم الفاعل والإيجابي في خدمة وطنهم ويؤكد قوة انتمائهم في تكويناتهم الاجتماعية ومؤسساتهم التربوية والتعليمية من خلال ممارستهم الكشفية المتعددة البناءة والتي يمارسونها ذاتياً وبشكل يخلق السعادة ويجدد الحالة النفسية لهم لان هذه النشاطات تمثل فرصة نوعية ومهمة بنمو الشخصية لما تحتويه من مهارات عديدة تمثل تعبيراً عاطفياً وانفعالياً وليس فقط نشاطات عابرة بل هي مقترنة ببناء الشخصية في جوانبها الأخلاقية والنفسية جميعها كما أنها أداة مهمة تجعل الفرد اكثر حيوية وإنتاجا فالتربية الكشفية أصبحت ضرورة من ضرورات العصر .. كما كانت ضرورة من ضرورات الزمن الذي شهد ظهورها منذ ما يقارب من قرن من الزمن واحتلت مكانة مهمة في خدمة المجتمع وبناء النشء بما يمكنهم من التكيف مع البيئة والمجتمع عن طريق مختلف النشاطات والفعاليات التي توفرها والتي يمكن من خلالها استثمار طاقاتهم وجعلها طاقات فعالة ومنتجة لخدمة المجتمع فمن خلال الوعد والقانون تتجسد القيم الكبيرة نحو الله والوطن والناس والعمل ويتعمق لديهم مفهوم الانتماء للمجتمع الذي يعيشون فيه والاهم للوطن الذي ينتمون إليه بعيد عن كل أنواع التعصب والتطرف بكل أشكاله وأنواعه التي تعصف بالمجتمعات العربية والتي تعد عوامل معرقلة تصيب حركة النهوض الحضاري بمقتل وتخل بإمكانيات التطور الحضاري كلها وتشكل عامل هدم للتماسك الاجتماعي في المجتمعات العربية ، بالإضافة إلى إنها تنمي القابلية البدنية والعاطفية للأفراد وتزيد من مهاراتهم المتنوعة في مجالات الخدمة والعمل وبناء الشخصية المتزنة والإبداع والتربية الخلقية وتحسين العلاقات الاجتماعية والاستقرار العاطفي والنظرة المتفائلة للحياة . (1)
إذاً لابد أن نبث في عقول أطفالنا وشبابنا أن الولاء للخالق وللوطن يكون في التفاني في أداء الواجب وليس في التقاعس والإهمال لان تطور وتقدم الشعوب لم يأتي جزافاً وانما بالعمل الدوؤب المدروس . واهتمت الدول المختلفة بالحركة الكشفية لغرض إتاحة الفرص الصحيحة للأفراد في أعمار مبكرة للمشاركة في نشاطات متعددة الأشكال تكشف عن ميولهم واتجاهاتهم بما يحقق الثقة بالنفس وبالمستقبل ليكونوا أعضاء وعناصر مفيدة في المجتمع إذ إن المدرسة كمؤسسة تربوية اجتماعية لم تعد قاصرة على تلقين المعلومات المرتبطة بالمواد الدراسية والعلمية بل توسعت لتشمل النشاطات الرياضية والفنية والكشفية والمهنية ولاشك أن طبيعة التشكيلات للتربية الكشفية في المدارس الابتدائية حظيت بأهمية متميزة لكونها الخطوة الصحيحة أمام بناء جيل مؤمن بالله ومدرك لمسؤولياته الوطنية والاجتماعية وحريص على تأدية واجباته في خدمة المجتمع عن طريق التطوع للعمل والخدمة العامة ، لذا تصاعدت فرص الانضمام للفرق الكشفية وتطورت في المراحل المتوسطة والثانوية والجامعية وتشكلت الفرق العديدة فأقيمت المخيمات الكشفية وغيرها من الممارسات التي تساعد على أعداد المواطن الصالح .(2)
وساعد التطور الحاصل في المجتمع العراقي عبر مختلف الحقب الزمنية على توفير الفرص الكثيرة أمام الشباب لتحمل مسؤولياتهم الوطنية والاجتماعية والمشاركة في خدمات الإسعاف والمرور والتمريض وازدادت أعداد الفرق الكشفية على مختلف تكويناتها ومر احلها بشكل متنامِ ليعبر عن الاهتمام الحريص من قبل المؤسسات التربوية بهذه الحركة التي تمنح الأفراد فرص التعلم لأنواع الأنشطة الاجتماعية والثقافية والخلوية وتأكيد برامج الخدمة العامة التي تؤهلهم للإسهام في العمل الجماعي واعدادهم أعدادا يتناسب والتطور الحاصل في الميادين المختلفة للحياة واستثمار طاقاتهم استثماراً إيجابيا وزيادة معارفهم الفكرية وتطور مواهبهم بما يحقق البناء المتكامل لشخصيتهم ويوفر لهم فرص الإسهام في التطور الحضاري والاجتماعي لمجتمعهم كما يدفع إلى النمو الاجتماعي والخلقي لهم ومساعدتهم على الشعور بالثقة والقدرة على التعاون والتكامل الاجتماعي وتحسين الحالات الفكرية والبدنية والنفسية من خلال إتاحة فرص التعبير عن الرغبة في النشاطات الكشفية ومن خلال مساعدتهم على أحداث التغير في الإحساس والتصرف بما يخدم التطور الاجتماعي الذي يحمل خصوصية ومضامين التنشئة الاجتماعية الصحيحة والمساعدة على تحويل الفرد من الشخصية الأنانية الفردية إلى الشخصية الاجتماعية بما يعزز البنيان الاجتماعي ويطوره ويسهم في التنمية الذاتية .
وترى الباحثة أن البرامج الكشفية تعمل على توفير الفرص للأفراد في اكتشاف القدرات الذاتية وتنميتها وإيجاد الفرص المناسبة للكشف عن قابليتهم ومواهبهم والمساعدة على خلق إنسان متفاعل ومتفائل مؤمن بقدراته وقابليته في خدمة الوطن ويعتمد التعاون والترابط الاجتماعي أساسا لتقدم الفرد والمجتمع والإيمان بالله وبالعقيدة الاجتماعية التي تشكل بجوانبها الإيجابية النظرة الشمولية للحياة .
لقد ظهرت حركة الكشف وارتبطت بالبرنامج التربوي لكي تعد النشء وتهيئه بوسائل جذابة ليكون مواطناً مستنيراً قادراً على الاعتماد على نفسه ويكون اكثر نفعاً لغيره ومتأهباً لوطنه " أن جدَ الجْد" ولقد كانت هذه الحركة ولاتزال في مضمونها التربوي ولاجتماعي تمثل طريقة نافعة تعتمد على مجموعة من الناس اختاروا لانفسهم أن يقوموا بدور معين في الحياة إلا وهو الخدمة العامة في مختلف مجالاتها وصورها بدءً بخدمة المواطنين والعناية بالنفس وانتهاء بالرقي الحضاري الخاص بالبيئة والمجتمع على المستوى القومي والإنساني كما أنها حركة تربوية تعد النشء لحياة افضل مستمداً ذلك من الوعد والقانون وتهدف إلى المساعدة على نموه الطبيعي وتمكنه من خدمة وطنه ومجتمعه خدمه مبنية على التجربة والمعرفة والإيمان وتدعيم خلقه وشخصيته وقدرته على التحمل وزيادة الثقة في قدراته والاعتماد على النفس وتنمية الرغبة والاستعداد لخدمة الغير بإلاضافة إلى الحصول على المعلومات عن طريق تجاربه الذاتية والإفادة من الخلاء الذي في ظله تنفذ برامج المراحل الكشفية جميعها والذي يعد المحيط الأفضل لتطبيق الأسلوب الكشفي (1)
إن طبيعة الحركة الكشفية كحركة ذات طابع تربوي مفتوحة للشباب جميعهم دون تفرقة في الجنس وهدفها تنمية الشباب لتحقيق أقصى قدراتهم البدنية والعقلية والاجتماعية والثقافية لها ممارساتها الكثيرة في تآلف الصبي بالمجتمع الذي يعيش فيه واندماجه تدريجياً في هذا المجتمع . (2)
إن ما جاءت به هذه الحركة هي مبادئ مستلهمة من العادات والتقاليد ومن تعاليم الأديان السماوية وأنها اقتباسات من الكتب المقدسة وسير الأنبياء والمرسلين ومبدأ التضامن الاجتماعي والعمل ومساعدة الغير وهي الأسس التي كانت ترتكز عليها المجتمعات في غابر التاريخ سواء أكانت أفريقية أو عربية أو غيرها .(1)
وأصبحت النشاطات والبرامج الكشفية أداة في تكوين الشخصية الاجتماعية المتفهمة لمسؤولياتها الإنسانية والوطنية بصفتها طريقة للحياة المنظمة والفاعلة التي تدعم القيم والنظام وروح العمل في حياة النشء الجديد وجعله اكثر حيوية والتزاماً في تأدية الواجبات المطلوبة بما يجعلهم اكثر مسؤولية واعمق شعوراً بحب العمل والطبيعة والتجديد الذي يأخذ أبعاده النفسية والاجتماعية والتربوية والعقلية ، إذ يرى بعض الرواد للحركة الكشفية أنها نشاط يسعى إلى اكتشاف الفتيان لموجودات الطبيعة والبيئة واستطلاع العلوم والفنون والآداب والريادة بالإضافة إلى تربية النشء ليكون قادراً على الاعتماد على ذاته في المعايشة مع آية بيئة خلوية وتحت أي ظرف لذلك جاء شعار الكشاف ( كن مستعداً ) وهما كلمتان صغيرتان لكنهما ترمزان ألي أن الكشاف مستعد وجاهز في كل لحظة لأن يبذل جهده في مساعدة الآخرين. (2)
إن دور التربية الكشفية في عملية التنشئة الاجتماعية والبناء النفسي للأفراد على مختلف فئاتهم العمرية ومن خلال الكثير من الممارسات والبرامج والنشاطات تجعلهم طاقة متجددة في مجتمعاتهم وتحقق ما ذهب إليه العديد من المفكرين الذين يجدون أن الشباب ليس زمنا من الأزمنة إنما هو شعور بالنفس وتصميم في العزيمة وتوقد في الخيال ونشاط في العواطف وغلبة الشجاعة على الخوف والتهيب .. ولاشك أن ما ذهب إليه الشاعرالامريكي " صاموئيل اولمان " بهذا الاتجاه وما أكده في قوله انه مامن أحد يهرم لأنه عاش عدداً من السنين إنما يهرم الناس حينما يهجرون مثلهم العليا جانباً .(3)
إن دور التربية الكشفية يهدف إلى جعل النشئ الجديد قوياً مثابراً معطاءً حريصاً لأنه يهدف إلى تزويدهم بالمهارات الاجتماعية اللازمة للحياة في المجتمع ويستمدون قيمهم الذاتية وعاداتهم وسلوكهم وممارستهم من طبيعة أهدافها ومبادئها وبذلك تحتل هذه الحركة دورها وأهميتها في عملية التنشئة الاجتماعية الصحيحة والإيجابية لمختلف الفئات العمرية للشباب .