المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (023)الإيمان هو الأساس - الفصل الرابع الإيمان بجميع الرسل



أهــل الحـديث
19-07-2014, 03:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



وفيه ستة مباحث:

ـ المبحث الأول: الكفر برسول واحد كفر بجميع الرسل.

ـ المبحث الثاني: عموم رسالة نبينا صلى الله تعالى عليه وسلم.

ـ المبحث الثالث: ختم رسالته لكل الرسالات الإلهية.

ـ المبحث الرابع: كمال شريعته ودوام صلاحيتها للتطبيق.

ـ المبحث الخامس: وجوب اتباعه.

ـ المبحث السادس: أثر اتباعه في صلاح الأمة.

المبحث الأول: الكفر برسول واحد كفر بجميع الرسل

وكما يجب الإيمان بجميع الكتب السماوية التي أنزلها الله تعالى على رسله - إجمالاً وتفصيلاً - فإنه يجب الإيمان بالرسل جميعاً كذلك إجمالاً وتفصيلاً ومن زعم الإيمان ببعضهم دون بعض فهو غير مؤمن بجميعهم، بل لم يؤمن بالغيب جملة، ومنه الإيمان بالله، ذلك أن الله أمر بالإيمان بهم جميعاً، ولم يقبل من أحد فَرَّق بينهم إيماناً، كما لم يقبل إيمان من فرق بين كتبه.

هذا الإيمان الذي لا يقبل الله من أحد سواه هو الذي وصف الله به رسوله وأمته كما قال تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ(285)}[البقرة] [البقرة].

وأكد تعالى على المؤمنين أمرهم بهذا الإيمان، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً(136)}[النساء].

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً (151) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً(152)}[النساء].

وهذه هي الميزة التي حباها الله هذه الأمة التي آمنت بالغيب كله، فسارت في قافلة عباده الصالحين من لدن آدم عليه السلام إلى أن ختم الله أنبياءه ورسله بنبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فاستحقت بذلك أن تكون أمةً وسطاً - عدلاً خياراً - وأن تكون شاهدةً على غيرها من الأمم، لما عندها من الحق، وأن تكون خير أمة أخرجت للناس كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً(143)}[البقرة].

وقال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ الْفَاسِقُونَ(110)}[آل عمران].

ومن هنا كان المرجع الوحيد في دين الله لكل البشر، هي هذه الأمة - ما كانت سائرة على صراط الله المستقيم - التي جعلها شاهدة على سواها من الأمم وخصها بآخر كتبه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وجعل رسولها خاتم جميع الرسل الذين أخذ عليهم الميثاق على الإيمان به ونصره، لو أدركوه.

قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(182)}[البقرة].

دعوة أبي الأنبياء إبراهيم، وبشارة نبي الله عيسى عليهم السلام:

وقد دعا نبي الله ورسوله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام، ربهما، وهما يبنيان بيته الحرام، أن يبعث رسولنا محمداً صلى الله تعالى عليه وسلم، في هذه الأمة، كما قال تعالى:{وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.[البقرة: 127-129].

وبشر به آخر رسول بعثه الله إلى بني إسرائيل، وهو عيسى صلى الله تعالى عليه وسلم، كما قال الله تعالى عنه: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف].

وقد روى العرباض بن سارية، قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: (إني عبد الله لخاتم النبيين، وإن آدم عليه السلام لمنجدل في طينته، وسأنبئكم بأول ذلك، دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين ترين) [مسند الإمام أحمد: (4/127 ـ 128).].

وعن أبي أمامة، رضي الله تعالى عنه، قال: قلت: يا نبي الله ما كان أول بدء أمرك؟ قال: (دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور، أضاءت منها قصور الشام) [نفس المصدر (5/262)، وراجع تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/186)، (4/360).].