المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (028)الإسلام وضرورات الحياة - العمل في وظائف الدولة:



أهــل الحـديث
18-07-2014, 02:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



ويدخل في كسب الرجل بيده، قيامه بعمل يسنده إليه ولي الأمر، كالإمارة والإدارة والقضاء والكتابة، وولاية الحرب أو التدريب أو التدرب على القتال، ويأخذ على ذلك أجراً معيناً يجرى عليه من بيت مال المسلمين.

كما في حديث المسور بن شداد، رضي الله تعالى عنه، قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام، يقول: (من كان لنا عاملاً، فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادماً، فإن لم يكن له سكن فليكتسب سكناً).

قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه، أُخبرت أن النبي عليه الصلاة والسلام، قال: (من اتخذ غير ذلك فهو غالٌّ أو سارق) [أبو داود (3/354) قال المحشي على جامع الأصول (10/574) وإسناده صحيح. و الحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/563) وقال: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه".].

وفي هذا الحديث دليل على أن من حق العامل في الدولة الإسلامية أن يجد ما يحتاج إليه من المرافق التي لا غنى له عنها، وهي السكن والخادم والزوجة والنفقة المناسبة، وكذلك ما هو في معناها كالمركب، وأن أخذه من المال العام أكثر من حقه يحقق وصفه بما قال أبو بكر: "غالٌّ أو سارق"

العمل بالأجر في زمن معين:

ويدخل في كسبه بيده، عمله بأجرة في بناء أو صناعة أو رعي دواب، أو حراسة مال، أو زرع أو غيرها، كما قال تعالى عن ابنة الرجل الصالح الذي لجأ إليه موسى عليه الصلاة والسلام، فاراً بنفسه من فرعون: { قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنْ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ (26) قَالَ إِنِّي أُريدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُريدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ(28)﴾[القصص].

وقد باشر الأنبياء كلهم، عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام رعي الغنم، كما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه، عن النبي عليه الصلاة والسلام، قال: (ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم)، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: (نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة) [البخاري (3/48).].

وكان كبار أصحاب رسول الله ‘ وأفضلهم يحترفون بأيديهم، وعلى رأسهم الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه. قالت عائشة، رضي الله تعـالى عنها: "لما استخلف أبو بكر الصديق، قال: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤونة أهلي، وشغلت بأمر المسلمين، فسيأكل آل أبي بكر من هذا المال، ويحترف للمسلمين فيه" [البخاري (3/8-7) وراجع فتح الباري (4/303-306).]. وقالت رضي الله عنهـا:" كان أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام عمال أنفسهم، وكان يكون لهم أرواح، فقيل لهم: (لو اغتسلتم) [البخاري (3/70).].

إحياء الموات:

ومما يدخل في كسب الإنسان بيده إحياء الموات، أي عمارة الأرض المهجورة التي ليست ملكاً لأحد معين، إما بالبناء وإما بالحرث والزراعة، أو غير ذلك مما ينفع محييها أو غيره.

إن الله تعالى خلق الأرض، وخلق فيها الخلق لعمارتها، والأصل أن يتساوى الناس في حيازة الأرض الموات قبل إحيائها.

فإذا ما سبق أحدٌ أحداً إلى أرض بيضاء لم يملكها أحد قبله، فهو أحق بها من غيره، يبني عليها داراً للسكنى أو التأجير أو يزرعها، وقد جعلها الشارع وسيلة من وسائل تملك المال المشروع.

قال البخاري رحمه الله: باب من أحيا أرضاً مواتاً [صحيح البخاري (2/823).].

ثم ساق حديث عائشة رضي الله عنهـا، عن النبي عليه الصلاة والسلام، قال: (من أعمر أرضاً ليست لأحد فهو أحق بها) وذكر - أي البخاري - أن ذلك رأي علي، رضي الله تعالى عنه، في أرض الخراب، وأن عمر رضي الله تعالى عنه قضى به في خلافته.

وساق أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله عدة أحاديث وآثار في هذا الباب، ومن ذلك ما قضى به عمر، رضي الله تعالى عنه، من أن من لم يقدر على عمارة الأرض الموات التي في حيازته أو أقطعها من قبل الوالي، أن يرد منها ما لم يقدر على عمارته منها ليعمرها غيره.

كما روى بلال بن الحارث المزني: أن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أقطعه العقيق أجمع، قال: فلما كان في زمان عمر قال لبلال: إن رسول الله عليه الصلاة والسلام، لم يقطعك لتحتجزه عن الناس، إنما أقطعك لتعمل، فخذ منها ما قدرت على عمارته ورد الباقي[الأموال لأبي عبيد ص408 بتحقيق خليل هراس.].

تأمل قول عمر: "لم يقطعك لتحتجزه عن الناس". وقوله: "إنما أقطعك لتعمل". وقوله: "فخذ ما قدرت على عمارته ورد الباقي".

فإن ذلك يدل على أن المال وبخاصة ما ليست ملكيته خاصة في الأصل، لا يجوز لأحد أن يحتجزه، دون أن يعمل فيه وينميه ليستفيد منه هو وغيره.

وهو دليل على ضرورة حفظ المال وأن حفظه ليس مجرد حيازته وتجميده، ولو أن الناس قاموا بإحياء الموات من الأرض وأُعطوا فُرصاً بالعدل في ذلك، فقاموا بعمارتها وبخاصة زراعتها لعادت بفائدة عظيمة على كل من أحياها وعلى الأمة كلها. ولا شك أن إحياء الأمة الأرض يدل على نشاطها وحيوتيها، وأن موات أرضها يدل على موتها.

الزراعة:

ومن كسب اليد المشروع الزراعة، وقد امتن الله تعالى بالزرع على عباده. فقال: {أَفَرأَيْتُمْ مَا تَحْرثُونَ (63) ءَأَنْتُمْ تَزْرعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارعُونَ (64) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ(65)}[الواقعة].

ولحرص الرسول عليه الصلاة والسلام، على حراثة الأرض وزرعها، رغَّب في ذلك مبيناً ثواب من زرع أرضاً فاستفاد من زرعه إنسان أو طير أو دابة. كما في حديث أنس رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان، أو بهيمة، إلا كان له به صدقة) [البخاري (3/66).].

الفرع الثاني: ما يصيبه المرء من غير كسبه من الوسائل المشروعة: وهو أقسام:



القسم الأول: حظه من بيت مال المسلمين من الزكاة المفروضة أو الفيء:

وهو ما يحصل عليه المسلمون من أموال الكافرين بدون قتال وما أشبه ذلك. قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا والمؤلفة قُلُوبُهُمْ وَفِي الرقَابِ وَالْغَارمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَريضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(60)}[التوبة].

وقال تعالى: { مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرسُولِ وَلِذِي الْقُربَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا ءَاتَاكُمُ الرسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(7)}[الحشر].

القسم الثاني: نصيب الإنسان من الإرث:

كما فصلتها آيات الميراث. من قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَر مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَركَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ولأبويه لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَركَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرثَهُ أَبَوَاهُ فلامِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فلامِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ ءَابَاؤكُمْ وَأَبْنَاؤكُمْ لا تَدْرونَ أَيُّهُمْ أَقْربُ لَكُمْ نَفْعًا فَريضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَركَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الربُعُ مِمَّا تَركْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الربُعُ مِمَّا تَركْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَركْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رجُلٌ يُورثُ كلالَةً أَوِ امْرأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَر مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُركَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْر مُضَار وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ(12)}[النساء]. وقال في أثناء ذلك: ﴿فَريضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾.

وقال تعالى في آخر السورة: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكلالَةِ إِنِ امْرؤ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَركَ وَهُوَ يَرثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَركَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَر مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

القسم الثالث: الوقف لمن يستحقه:

وكتب الفقه قد تضمنت تفصيلات الأوقاف وأحكامها وشروطها. [راجع على سبيل المثال: المغني لابن قدامة (7/3) فما بعدها.].

القسم الرابع: ما اضطر المرء إليه من طعام أو لباس أو مسكن:

مما لا غنى له عنه إذا عجز عن الحصول إلى سد حاجته من الوسائل السابقة، فإن الواجب على المجتمع سد حاجته. ويتولى ذلك الحاكم، بحيث إذا لم يجد في بيت المال شيئاً أمر الأغنياء بسد الحاجة من أموالهم - غير الزكاة - وقد كان رسول الله عليه الصلاة والسلام، يغضب إذا رأي ذوي الفاقة، ويدعو أصحابه للاجتماع ويحضهم على بذل شيء من أموالهم ويُسَر عندما يرى الاستجابة لذلك.

يتضح ذلك من قصة رجال مضر الذين قدموا عليه والفاقة بادية عليهم، كما رواها جرير رضي الله تعالى عنه، قال كنا عند رسول الله عليه الصلاة والسلام، في صدر النهار، قال فجاءه قوم حفاة عراة، مجتابي النمار أو العباء، متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر، فتمعَّر وجه رسول الله عليه الصلاة والسلام، لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج، فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى.

ثم خطب فقال: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا ربَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رقِيباً(1)}[النساء].
والآية التي في الحشر: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُر نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِير بِمَا تَعْمَلُونَ(18)}.

(تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة). قال: فجاء رجل من الأنصار بِصُرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله عليه الصلاة والسلام يتهلل كأنه مُذْهَبَة.

فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: {من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها وأجر من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء. ومن سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء}[ صحيح مسلم (2/704 _ 705)، وشرح النووي على صحيح مسلم ج7/ص102.].

وفي فعل الرسول عليه الصلاة والسلام هذا، قدوة لولاة أمور المسلمين في الاهتمام بذوي الحاجات، وجمع الرعية أو حثهم لقضائها.

قال النووي رحمه الله: "وأما سبب سروره عليه الصلاة والسلام، ففرحاً بمبادرة المسلمين إلى طاعة الله تعالى، وبذل أموالهم لله، وامتثال أمر رسول الله ‘، ولدفع حاجة هؤلاء المحتاجين، وشفقة المسلمين بعضهم على بعض، وتعاونهم على البر والتقوى، وينبغي للإنسان إذا رأى شيئاً من هذا القبيل، أن يفرح ويظهر سروره ويكون فرحه لما ذكرناه" [شرح النووي على صحيح مسلم (7/103).].

وهذه الأقسام الماضية تعتبر حقاً مفروضاً للمحتاج، يجب أن تؤدى إليه..

القسم الخامس: ما يعطاه الإنسان بدون استشراف:

وهو يشمل الهدايا إذا كان ممن له حق قبولها من غير الأمراء والولاة، و مثل الصدقات غير المفروضة، فإنه إذا جاء الإنسانَ شيء من ذلك بدون استشراف ولا سؤال، فله قبولها إن شاء. ويدل على ذلك حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، قال: "قد كان رسول الله عليه الصلاة والسلام، يعطيني العطاء فأقول: أعطه أفقر إليه مني، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (خذه وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا فلا تتبعه نفسك) [صحيح البخاري (2/536) وصحيح مسلم (2/723).].

وضابطه هذا القسم: كل ما أذن الشارع للمرء في تملكه وليس من كسب يده، ولا هو حق مفروض له.
هذا، وإن المتأمل لما ورد في كتب التفسير والحديث والفقه والتاريخ وغيرها من الكتب الإسلامية، ليجد أن هذه الشريعة قد عُنِيت بتنظيم وسائل كسب المال المشروع وإنفاقه وحفظه، عناية فائقة، تنظيماً مفصلاً دقيقاً لا يوجد في غيرها، مع ما في ذلك من مراعاة الحقوق، والعدل، والنفع العام بدءاً من الزكاة والبيوع بأنواعها، والإجارات، والمزارعة، والصناعات، والكفارات، والأوقاف، والشركات والصيد وغيرها، مما لا يمكن استيعابه في هذا البحث، وفي كتب الفقه ما يغني من التفصيل.

وفي هذا دليل واضح على اهتمام الشريعة الإسلامية بحفظ المال وأنه إحدى الضرورات التي لا غنى للبشر عنها.