المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترجمة العلامة محمد الشيخ بن موسى الحسني الأدرعي الجلالي



أهــل الحـديث
12-07-2014, 08:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


ترجمة العلامة/ محمد الشيخ بن موسى الحسني الأدرعي الجلالي
اسمه ونسبه : هو الشيخ محمد الشيخ بن موسى بن عبد القادر بن محَمد بلى بن مَحمد إدَّا بن محمد الإمام
ميلاده: لم أقف عليه تحديدا، ولكنه كان في أوائل القرن الرابع عشر الهجري.

قبيلته: "كل تَجَلَلتْ "وهي من أهم القبائل في منطقة "آزواد" ـ شمال مالي ـ والتي احتفظت بالعلم درسا وتدريسا وتوجيها وإرشادا طيلة خمسة قرون.
وكلمة "كلْ كذا " تعني في لغة الطوارق "أهل كذا"و"تجَلَلْتْ" اسم مكان نزلته قبيلته في القرن الثاني عشر الهجري، وكانت القبائل في صحراء الطوارق"آزواد" تنسب في الغالب إلى الأمكنة التي تقيم بها، والنسبة إليها عند أهل العلم في بلد المترجم "الجلالي"وقد بينت هذا في غير ما ترجمة.


مكانة أسرته العلمية:
نشأ - رحمه الله - في بيت علم من كلا طرفيه وعراقة أهل بيته وقبيلته علمياً أشهر عند أهل العلم في الصحراء منطقة آزواد من أن تذكر, حيث يمتد إشعاعها العلمي من القرن التاسع ولما ينقطع فيهم العلم – بحمدالله- .
قال شيخنا العلامة المؤرخ العتيق بن الشيخ سعدالدين الحسني الجلالي متحدثاً عن مكانتهم العلمية: «..فلم يزل العلم والفضل والمكارم فيهم، ذلك ما بلغنا عمن قبلنا، وشاهدناه فيمن عاصرناهم، ولم تخل جماعة منهم من علماء أجلاء، وأولياء كبار، ومهرة في حفظ القرآن وتحفيظه وتفسيره، من القرن التاسع الهجري إلى الآن، ومكاتبهم مملوءة بمخطوطات لأسلافهم، وكانوا من أجود الناس خطا، ومن أكثرهم نقلا للعلوم في سائر الفنون، يقتنون بعض مخطوطاتهم، وينفقون بعضها على من شاء الله من قرابتهم ومن المتعلمين من غير قرابتهم انظر: الجوهر الثمين ص(417).
وقال الشيخ العلامة المحمود بن الشيخ حماد الحسني التبورقي ـ رحمه الله ـ متحدثاً عن سبط المترجم منهم: « ...ولسبط ربيعة خصوصية أخرى, وهي: أن الله يسر لهم من حفظ القرآن، ومن كثرة قراءته, وإقرائه ما كل عنه كثير من الناس، فلما اشتهروا بالمهارة فيه، ازدادت أقدارهم عظماً, وفخامة عند الناس, حتى ضربوا بهم الأمثال، وأرجو لهم من ثناء الملإ الأعلى ما هو أعلى من ثناء أهل الأرض كلهم ... ». التبر التالد ج/2 ص (331).
وقال الشيخ الوالد محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي - رحمه الله - في كلام له عن مكانتهم العلمية: «....على أنه من المحقق أنه لم ينقطع فيهم العلم من القرن التاسع, إلى يومنا هذا، وذلك في العام المتمم عشرين وأربعمائة بعد الألف, والحمد لله... ».الأسرة الثمانيون الأدرعيون ص(2)


شيوخه: لم أقف على تفاصيل أسمائهم، لكنه إجمالا أخذ العلم عن كبار العلماء من عمومته وغيرهم من علماء كل تبُورَق وكل تجَللت وكل تكِرتنْ ، ومن لم يأخذ عنه من هؤلاء درساً أخذ عنه إفادةً، ولا رحلةَ له في الطلب خارج محيطهم.

تلامذته: لم أقف على مسردهم ، ومنهم بالتأكيد والتعيين:
الشيخ الوالد/ محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي الجلالي ت(1423)هـ
الشيخ / البشير بن أحمدُ بن موسى الأنصاري الأيوبي الجلالي ت(1434)هـ
الشيخ/حمدي بن إبراهيم الحسني الأدرعي الجلالي ت(1433)هـ
وغيرهم من طبقتهم.

إنكاره الشديد لتسرب الثقافة الفرنسية إلى النَّشإ عبر بوابة المدارس الفرنسية في عهد الاستعمار الفرنسي:
قبل أن نتحدث عن دوره نذكر أنه لما جاء المستعمر إلى بلاد "آزواد" كان من أسلحته الفتاكة أن أقبل على فتح المدارس الفرنسية وإرغام الناس على الانضمام إليها، وكان مشائخ المنطقة ممن استنكر ذلك استنكار شديدا وابتهلوا إلى الله أن يحفظ أبناءهم وأخذوا يتخيرون المنازل البدوية التي تنئيهم عن العدو وثقافته وعاداته، ليس إلا خوفا على أبنائهم من تعلم الثقافة الفرنسية أن لا يتثقفوا بها فيمس ذلك دينهم في مستقبلهم العاجل والآجل ، وكان هذا الشيخ ـ رحمه الله ـ ممن قام ضد فكرة تسرب الثقافة الفرنسية إلى مجتمعه من خلال تسجيل الصغار في مدارس المستعمر، فكان له موقف شريفٌ في الصدد ذاته مع أحد كبار الأمراء من الكانتواتِ الذين كانوا من أهل السيادة قبل الاستعمار،فجاء الاستعمار فتم ترسيمهم من جهة المستعمر، فلم يقبل له أن ينضم أحد أبناء قومه إلى تلك المدارس،ولم يرضخ لأية ضغوطات في الصدد ذاته، الأمر الذي انتهى إلى موقف سياسي يتضح في الفقرة التالية
موقف له سياسي :
بحكم استنكاره لانضمام أبناء قومه إلى المدارس الفرنسية فترة الاستعمار، اشتد الخلاف جداً بينه وبين أمير الشرفاء" أشَّريفن"، وكان الأمير الشريف من الكانتوات الكبار الذين يتقدمون لفيفا من القبائل إداريّاً، ومن ضمنها قبيلة الشيخ المترجم له، ويجدر بالذكر أن بين القبيلتين علاقة ماسةٌ وودُّ صادق، وعهود قديمة ومودة طريفة وتليدة ، وكان قوم المترجم هم المرجعية الدينية لقوم الشريف الأمير منذ فترات قديمةٍ، وإليهم يرجعون في أمور دينهم، إلا أنه اختلف الموقفان بين الشيخ والأمير في تلك الحقبة اختلافاً لم يفسد للود قضية بعد، ولكنه لم يحصل فيه تراجعٌ من أي طرف، إذ لم يوافق الأمير الشيخ على موقفه في الحيلولة دون تمدرس الأبناء في المدارس الفرنسية، كما لم ينقَدِ الشيخ لإرادته، لأنه يرى الأمر أمر دينٍ وليس مجال محاباة ولا محل خشية لومةِ من لائم، فانجرَّ الخلاف إلى أن أصرَّ الأمير لضم قبيلة الجلاليين "كل تََجَللْت" ـ قبيلة الشيخ ـ لنفس قبيلته "أشَّرِيفَن" قبيلته في سجل واحد، زيادة على دخولها في النسق العام للقبائل التابعة للأمارة التي هو أميرها ،عسى أن يتمكن بالكلية في التصرف في بنيهم وتوجيهم إلى ما تميل إليه نفسُه، وقد أبدى حرصا شديدا على ذلك وبذل فيه ما تيسر له من أسباب ، ولما تصاعد الخلاف ولم يبق إلا فضُّ النزاع انتهى الأمر إلى الحاكم الفرنسي فاضطر إلى التدخل في الأمر، والاعتماد على الشهادة في الحكم بينهما في أمر القبيلتين هل هما اسمٌ لمسمّى واحد أم الأمر ليس كذلك، وذلك في أقرب إحصائيةٍ سكانية بعد الاختلاف، فأحضر الحاكم مجموعةٌ من كبار المسنين، ليُستشهدوا هل فلان من آل فلان "الأمير" أم من آل فلان "الشيخ" بواقع كونهم ذاكرة اجتماعية قديمة وسجلا تاريخيا ناطقا بما يحويه من مشاهدات وما شاع من مسموعات ٍ،ومن الشهود شيخٌ فان - هو أسنهم وهو المأذون له من الفرنسي بالتصريح بما لديه عند طلبه .
فلما جاء وقت الإحصاء الفرنسي لأهل البلد ـ وكانت العادة أن يقام إحصاء بعد كل فترة للسكان والمواشي للاطلاع على الازدياد السكاني والحيواني ومن أهداف ذلك أخذ الضرائب ـ واجتمع الناس للإحصاء وهم مستشرفون لنتيجة الصراع وأخذ كل مجلسه: الحاكم الفرنسيُّ والأميرُ والشيخُ والكاتب الإحصائي لأعداد أفراد القبائل ـ وكان موقفا مهيبا ـ وفي تلك الإحصائية ـ والظن أنها الأولى من إحصائيات المستعمر لسكان تلك المنطقة ـ أصرَّ الأمير على موقفه أن يضم قبيلة الشيخ إلى قبيلته، وبالتالي تنضمُّ أبناؤهم إلى المدارس الفرنسية بكل سهولةٍ فانطلقت فعاليات الإحصاءِ وأخذ المعدِّد يعدد ، فإن كان صاحب الاسم من قوم الأمير" أشَّريفن" أو من أتباعه تم تسجيله في قائمة القبيلة الخاصة.
وإن كان من الجلاليين قوم الشيخ انتهر الشيخ المترجم له الكاتب عن تسجيله فيسأل الفرنسي الأمير هل فلانٌ من أشَّريفن، فينفي الشيخ ذلك بشدة ـ فيستشهد الحاكم كبارَ السن هل فلان من الفلانيين آل الأمير أو من الفلانيين آل الشيخ، فيسود الصمت الحضور خوفا من المدلي بشهادته على نفسه من مصير مجهول تلحقه غائلة ضرره، ولا أحد يتجرَّأ أن يبدي شيئا إلا ذلك المسن الذي أحضره الحاكم الفرنسي وأذن له، وقد يؤيد شهادته غيره ممن استطاع بعد ما رأوا أن الأمر متقدم لصالح موقف الشيخ فيأمر الفرنسي كاتبه بتسجيل الشخص باسم قبيلة الشيخ،وهكذا حتى انتهى الإحصاء الحكومي الفرنسي بهذه الصورة والشيخ ثابت الجأش مقداما في موقفه الذي انتهى إلى مراده، فكان له في ذلك هو ومن معه من قومه فضلٌ في قطع الطمع الفرنسي عن دراسة أبنائهم للثقافة الفرنسية، كما كان له الفضل ومن معه في استقلاله بقبيلته في ذلك الموقف الصعب بعد ما همَّ الأمير الشريف بضمها إليه ضمًّا خاصا، وتفيد بعض الروايات أنه حصل الضم إليه في إحصائيةٍ سابقة وتم الانفصال في الإحصائية التي تحدثنا عنها بسعيه ومجهوده وإقدامه فكان له ما أراد بتوفيق الله من ابتعاد ذويه عن المدارس الفرنسية وإلى ذلك الوقت ـ رحم الله الجميع .
ثناء العلماء عنه:
قال الشيخ العتيق بن الشيخ سعد الدين الحسني الإدريسي الجلالي في كتابه الجوهر الثمين في تاريخ صحراء الملثمين في ترجمته ( وهو من العلماء الكاملين، نحويٌّ لغويُّ ، صرفيٌّ ، فقيهٌ ، فهامةٌ ، يجيد التعبير في إقرائه حتى لا ينغلق شيء عن الطالب بعد تعبيره، وليس له نظمٌ ولا نثرٌ يفوق كثيرا من أهل النظم والنثر.
آثاره: له بعض الفتاوى لم تجمع وقد ذكر لي بعض الإخوة الباحثين في التاريخ العلمي للمنطقة أنه عثر على فتوى له قيمة ولم أطلع عليها، لكن أعرف أنه تنتهي إليه كثير من المسائل في زمنه فيفتي فيها بالمذهب المالكي.
وفاته: توفي عام (1383)هـ .




كتب الترجمة / أحمد محمد بن محمد الحاج الحسني الأدرعي الجلالي