المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (016)الإيمان هو الأساس - المبحث الرابع القرآن خاتم الكتب السماوية والمهيمن عليها



أهــل الحـديث
03-07-2014, 07:10 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




1 ـ القرآن الكريم هو الحجة على الناس ولا حجة في غيره من الكتب السابقة بعد نزوله.

2 ـ يستفاد من الكتب السابقة إقامة الحجة على أهلها بما بقي فيها من الحق.

3 ـ نص القرآن الكريم على تحريف أهل الكتاب لكتبهم وكتمان ما فيها من الحق.

4 ـ بيان المراد بإقامة التوراة والإنجيل.

1 ـ القرآن الكريم هو الحجة على الناس ولا حجة في غيره بعد نزوله:

القرآن الكريم هو خاتم الكتب السماوية وآخرها نزولاً، والمهيمن عليها، فما أثبته القرآن مما ورد فيها فهو الثابت، لثبوته في القرآن، وما نفاه القرآن مما ورد فيها فلا عبرة به لنفيه في القرآن، فهو الحجة ولا حجة في سواه بعد نزوله؛ لأن كل الكتب السابقة، قد حرفت وبدلت، وما بقي فيها ثابتاً فهو خاضع لحكم القرآن الذي نسخ ما سبقه من الكتب.

وقد يكون فيها شيء من الحق، ولكن أهل الكتاب كتموه، حسداً منهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذه الأمة التي تمنى أهل الكتاب في جمبع القرون، أن يردوها عن دينها، كما قال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)}[البقرة]

قال الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنْ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنْ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنْ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(50)}[المائدة].

2 ـ يستفاد من الكتب السابقة إقامة الحجة على أهلها بما بقي فيها من الحق:

ونحن لسنا في حاجة إلى ما فيها من حق إلا لإقامة الحجة على أهلها إذ نقول لهم كما قال الله لرسوله صلى الله تعالى عليه وسلم: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ(93)}[آل عمران].

3 ـ نص القرآن الكريم على تحريف أهل الكتاب لكتبهم وكتمان ما بقي فيها من الحق:
وقد نص القرآن الكريم على تحريف أهل الكتاب وكتمانهم للحق ولبسه بالباطل، كما قال تعالى: {مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ(46)}[النساء].

وقال تعالى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ(13)}[المائدة].

وقال تعالى: {فوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ(79)}[البقرة].

وقال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ
مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ(75)}[البقرة].

وقال تعالى: {وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(131)}[البقرة].

وقد رد الله تعالى على اليهود والنصارى في قولهم هذا بأنهم كلهم ليسوا على شيء، لعدم إقامتهم ما جاءهم من عنده في التوراة والإنجيل، فقال تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ(68)}[المائدة].

بيان المراد بإقامة التوراة والإنجيل:

والمراد بإقامة التوراة والإنجيل ـ هنا ـ الإقرار بما كانوا يعلمونه ويكتمونه، من نعت محمد صلى الله عليه وسلم، الدال على رسالته، وليس المراد العمل بما يخالف القرآن مما فيهما، فلا يقبل منهم، بعد نزول القرآن إلا ما جاء فيه.

قال قاضي القضاة أبو السعود الحنفي رحمه الله: "فلو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل - أي بمراعاة ما فيهما من الأحكام -ـ التي من جملتها شواهد نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ومبشرات بعثته إنما تكون بذلك، لا بمراعاة جميع ما فيهما من الأحكام، لانتساخ بعضها بنزول القرآن، فليست مراعاة الكل من إقامتهما في شيء"[ تفسير أبي السعود: (2/90).].

المبحث الخامس: القرآن الكريم هو المصدر الأول للتشريع

إذا كان الإيمان بالكتب المنزلة قبل القرآن، أصلاً من أصول الدين، فإن الإيمان بالقرآن الكريم هو أساس الإيمان بالكتب السابقة كلها، بل هو أساس الإيمان بالرسل وبدين الله من حين أوجد الله سبحانه آدم إلى اليوم؛ لأنه لم يبق كتاب سماوي صحيح يدلنا على إنزال الله تلك
الكتب، وإرسال أولئك الرسل إلا هذا القرآن، ومن هنا تأتي أهمية الإيمان بهذا الكتاب خاصة، كما أنه لا يوجد دين رباني حق يجب على البشرية كلها اتباعه إلا ما جاء به هذا الكتاب، ولا منهج تشريع يضمن للعالم الهداية والصلاح إلا منهج هذا القرآن، فهو المصدر الأول للشريعة الإسلامية، وتليه سنة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، الذي ما عرفت رسالته إلا بالقرآن، فيه أمر الله ونهيه لرسوله ولهذه الأمة التي يجب عليها أن تطبقه في حياتها لتنال سعادة الدارين.

ولهذا أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، أن يتلو هذا القرآن على الناس، وأن يبينه لهم، وأن يحكم به بينهم، ووصف من لم يحكم به بالكفر - الأكبر - إذا اعتقد جواز الحكم بغير ما أنزل الله، أو زعم أن الحكم بما أنزل الله غير صالح، وأن الذي يدعى إلى التحاكم إلى كتاب الله فلم يستجب لذلك ليس بمؤمن، قال تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ(106)}[الأنعام].

وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (108) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ(109)}[يونس].

وقال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ ـ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ ـ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ(44، 45 ، 47}[المائدة].

وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ
صُدُوداً(61)}[النساء].

وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً(65)}[النساء].

فالإيمان بهذا القرآن يترتب عليه التسليم المطلق لأمر الله ونهيه الواردين فيه أو في ما صح من سنة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم، إذ التسليم المطلق لأمر الله ونهيه، والحكم بما أنزل، والعمل بذلك هو المقصود من إنزاله، وهو فرض على كل الناس، وبه يكون صلاح العالم: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً(9)}[الإسراء].

فالقرآن الكريم هو المهيمن على كل ما عداه من الكتب السماوية السابقة.