المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (05) مفتاح باب الريان:



أهــل الحـديث
01-07-2014, 07:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



تابع للمجال الثالث: مصاحبة القرآن في شهر القرآن

وسائل الاهتداء بالقرآن

وللاهتداء بكتاب الله وسائل، لا بد أن يتخذها المؤمن عند تلاوته:

الوسيلة الأولى: تلاوته بتدبر لفهم معانيه

هذه الوسيلة هي مفتاح تزكية المسلم نفسه، بطاعة الله وترك معاصيه، على أساس تلاوة القرآن الكريم، لأن فهم مراد الله تعالى من عبده المؤمن يعين القارئ على تطبيق ما فهمه.

فقد بين سبحانه أنه أنزل هذا القرآن، ليتدبره العقلاء، ويتذكروا ما فيه من الحق الذي يبينه لهم، ويدعوهم إلى العمل به، والباطل الذي يكشفه لهم ويحذرهم منه، وما يجب عليهم من طاعة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام، فقال تعالى: {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب} [ص (29)]

وأنكر سبحانه على من عصاه، وأهمل تدبر كتابه، كما قال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا}[النساء (82)]

وقال: {أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين} [المؤمنون(68)]

وقال تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} [محمد (24)]
فينبغي للمؤمن، وهو يتلو كتاب الله، أن يحقق ما أراده الله من إنزال القرآن من التدبر والتذكر، وألا يكون كأهل الكفر والنفاق الذين لا يعيرون كتاب الله اهتماما، ولا يلقون له بالا.

الوسيلة الثانية: أن يبحث القارئ لكتاب الله عما يحبه الله تعالى، من القول والعمل و لاعتقاد، ومن الأخلاق والصفات، وما يكرهه الله من ذلك، ويبحث كذلك عمن يحبهم الله ومن يبغضهم.

فسيجد في كتاب الله ذكر المؤمنين والمؤمنات والثناء عليهم وصفاتهم وثوابهم، وما تفرع عن أهل الإيمان، كالصالحين، والشهداء، والمتقين، والصديقين...

ويجد ذكر الكفار وذمهم وصفاتهم وعقابهم، ويجد ذكر المنافقين وتقبيحهم وصفاتهم وجزائهم، ومثل ذلك الظالمون، والفاسقون، والمجرمون....

وسيجد تالي القرآن أقوالا وأعمالا أمر الله بإتيانها، وأخرى نهى الله عنها، وسيجد ما يهيئ للمسافر إلى الجنة ما يؤهله للسفر إلى لجنة، وللمسافر إلى النار ما يهيئه للسفر إلى النار.... وهكذا

إن معرفة تالي القرآن لذلك كله، يعينه على طاعة ربه وترك معصيته.

ولنضرب لذلك بعض الأمثلة:

فالله تعالى يحب الإحسان والمحسنين: {وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} [البقرة (195)]

وهو يحب التقوى والمتقين: {بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين} [آل عمران (76)]

ويحب الصبر والصابرين: {وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين} [آل عمران (146)]

ويحب التوكل والمتوكلين: {فإذا عزمت فتوكل على الله إن الله يحب المتوكلين} [آل عمران (159)]

ويحب الطهر والمتطهرين: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} [التوبة (108)]


ويحب العدل وأهله: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} [الحجرات (9)]

ويحب الجهاد والمجاهدين: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص} [الصف (4)]

ولا يحب العدوان والمعتدين: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} البقرة (190)

ولا يحب الفساد والمفسدين: {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} [البقرة (205)]

ولا يحب الكفر والكافرين: {قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين} [آل عمران (32)]

ولا يحب الظلم والظالمين: {والله لا يحب الظالمين} [آل عمران (57)]

ولا يحب الخيانة والخائنين: {ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما} [النساء (107)]

ولا يحب الإسراف والمسرفين: {وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين} [الأنعام (141)]

الوسيلة الثالثة عرض القارئ نفسه على ما يحبه الله وما يكرهه وما يأمر به، وما ينهى عنه، ويعرض صفاته على صفات المؤمنين، وصفات الكافرين وصفات المنافقين، ليعرف موضعه الذي وضع نفسه فيه، و من هم قرناؤه، فإن وجد خيرا فليحرص عليه، وإن وجد غير ذلك فليعلم أن المرء مع من أحب، وليداو نفسه بالقرآن الكريم {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أحسن}

وسيجد قارئ القرآن كثيرا من علاقات أصناف البشر بعضهم ببعض، كالأسرة من أب وأم وابن وبنت، وزوج وزوجة، وأخ وأخت، وكل ذي رحم مع رحمه، وجار مع جاره، ودائن ومدين، وولي أمر ورعية، ولكل من تلك الأصناف حقوق، وعليه واجبات، لصاحب الحق أن ينال حقه بدون زيادة، وعلى من عليه واجب أن يؤدي واجبه بدون نقص، والقارئ لا بد أن يكون واحدا من هؤلاء، له حقوق وعليه واجبات، وهو في حاجة إلى معرفة حقوقه، حتى لا يأخذ ما ليس فيه حق، ومعرفة واجباته، حتى يؤديها إلى أهلها.

إن القرآن مرآة المؤمن يرى فيه محاسن نفسه، فيحرص على بقائها و الازدياد منها، ويرى مساويها فيحرص على التخلص منها والبعد عن مثيلاتها، وهذه المرآة تظهر للإنسان طهارة قلبه أو قذارته، ولا توجد مرآة تحقق هذا الغرض غير كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام... ولهذا يحرص عباد الله الصالحون على المداومة على النظر فيهما، رغبة في تعاهد قلوبهم وطهارتها.

{إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا} ل[الإسراء (9)]

ولهذا قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وغيره من السلف: "إذا سمعت الله تعالى يقول في القرآن {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك فإنها خير يأمر به أو شر ينهى عنه" [تفسير القرآن العظيم، لابن كثير (1/61)]

ومعنى قوله: "فارعها سمعك" يعني أصغ لما بعد نداء الله بـ{يا أيها الذين آمنوا} واهتم به، لأن ما يتلو ذلك النداء، لا يخلو من أمر بخير، لا يليق بالمؤمن تفويته، أو نهي عن شر، لا يليق بالمؤمن ارتكابه.

وما أعظم خسارة من حرم نفسه من تلاوة القرآن وتدبره والعمل به، وكأنه المعني بشكوى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إلى ربه منه: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30)} [الفرقان]