المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وأطرق الكون



أهــل الحـديث
22-06-2014, 07:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




إنا لله وإنا إليه راجعون

توفي شيخنا العلامة الكبير الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز في صباح يوم الخميس السابع والعشرين من شهر محرم لعام: 1420هـ عن عمره البالغ التاسعة والثمانين والحافل بالخير ، رحمه الله رحمة واسعة وقد صلت عليه جموع المسلمين في البيت الحرام بعد صلاة الجمعة من اليوم الثامن والعشرين من نفس الشهر ودفن في مقبرة العدل بمكة المكرمة.

وقد تكلم عن الشيخ ومآثره كثير من العلماء والمفكرين، كما تحدث عنه أولاده وغيرهم في الصحف والإذاعة والتلفاز.

وقد كان لي شرف التتلمذ عليه في المسجد النبوي الشريف، وشرف تلقي توجيهاته لي وأنا طالب بالجامعة الإسلامية، فمدرس، فقائم بشئون الطلاب في الجامعة.

واستمرت صلتي الوثيقة به أربعة عشر عاما، غمرني فيها الشيخ بعطفه وحنانه، ومد لي يد العون المادي والمعنوي، وواساني في أوقات شدة مرت بي.

كما شاهدت جوده وكرمه وعطفه على كثير من البشر: طلابا وأساتذة وموظفين، في داخل الجامعة وخارجها، بل داخل المملكة وخارجها.

واطلعت على كثير من الأمور التي قام فيها بواجب النصح لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم.

ورأيت تفقده لمناهج التعليم وبرامج الإعلام وغيرها، مما كان يبادر بالتأييد لما يراه حقا فيهما، والتنبيه لما يراه باطلا كذلك…

ولست هنا في مقام تعداد آثار الشيخ ومآثره، فتلك وهذه تحتاج إلى تنقيب واستقصاء في الملفات الرسمية في الجامعة الإسلامية، وإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ومن أبنائه وأسرته كلهم، وفي الملفات الخاصة في مكتبه الخاص، ومن كتَّابه وموظفيه من أعلاهم رتبة إلى أدناهم، ومن الرجال الذين كان الشيخ يأتمنهم في مدن المملكة لمساعدة المحتاجين، ومن القضاة والعلماء والطلاب الذين كانت لهم به صلة، ومن ملفات هيئة كبار العلماء التي كان يرأسها، ومن المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بتاريخه الطويل، ومن بعض المكاتب الرسمية في كثير من المؤسسات و الوزارات بالمملكة، من زعماء المؤسسات الإسلامية في العالم، ومن أئمة المساجد في البلدان الإسلامية وغير الإسلامية، ومن الدعاة الذين قدم لهم العون عندما كان مسئولا عن الدعوة رسميا، وبعد ذلك.

إن ترجمة الشيخ ابن باز قد يتصورها بعض الناس سهلة، وهي في الحقيقة ليست كذلك.
وعسى أن نسمع بتكوين فريق ينقب عن آثاره في داخل المملكة، وفريق آخر ينقب عن تلك الآثار في خارجها، ليُوَفىَّ بعضَ حقه على الأمة الإسلامية كلها، وبخاصة بلاد الحرمين الشريفين، ولعلي أحاول تذكر بعض ما علمته عنه من مآثر، لأسجلها مع من سجل.

وإن خسارتنا وخسارة الأمة الإسلامية لفقده لعظيمة، ولكن عزاءنا في تلك الخسارة ثلاثة أمور:

الأمر الأول: أن الموت حق ولا راد لما قضاه الله.

الأمر الثاني: ما يغلب على ظننا أن الشيخ فارق الحياة، والله راض عنه وهو راض عن ربه، وأنه كان شديد الطمع في لقائه تعالى، وأن ملائكة الرحمة قد زفته إلى ذلك اللقاء في حرم الله إلى مثواه.

الأمر الثالث: ظننا في الله خيرا بأنه-بتمام قدرته ورحمته-سيبدل الأمة الإسلامية خيرا.

هذا وقد نظمت غالب أبيات القصيدة الآتية التي رثيت بها الشيخ في أحدفنادق مكة المكرمة ليلة الجمعة الثامن والعشرين من شهر المحرم الذي اجتمع فيه كثير من أبناء المسلمين للصلاة عليه في المسجد الحرام.

وإن قلمي ليخجل من أن يرثي هذا العالم الكبير الذي سبق أن قلت: إن ترجمته لتنوء بالعصبة أولي القوة من الرجال.

ولكن حق شيخي علي عظيم، وهذا هو جهد المقل، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

الكون أطرق!

الخميس السابع والعشرين من شهر محرم لعام: 1420هـ


الكون أطرق في حزن وفي ألم،،،،،،،والأرض قد حُجِبَت في حالك الظلم

وحوقل العلم والقرآن في أسف،،،،،،،والجن والإنس من عرب ومن عجم

وأمهات حديث المصطفى سَكَبَتْ،،،دمعا غزيرا على حامي الهدَى العَلَمِ

والبيت في حرم الرحمن آلمه،،،،،،،،،،،،،،فراقُ حَبرٍ عظيمِ راسخِ القدم

ومسجد المصطفى حَنَّتْ جوانبه،،،،،واستعبرت طيبة للخطب حين نمي

والخرج حين درت عن موته ذكرت،،،،،،،عدلا وزهدا وفصلَ الحاكم الفَهِم

ومعقل العلم في وادي العقيق نعى،،،،،،بحرَ العلوم إلى الأقطار والأمم

ومجمع العلم والإفتاء في شجنِ،،،،،،،،،،،،،،وللمساج د زًفْرات من الألم

وتشتكي في الدُّنَا لله رابطةٌ،،،،،،،،،،،،،قد قاد مجلسَها بالعلم والحِكَمِ

ونائحات بحوث الشرع قد فزعت،،،،،،،،،،،،مما أذاع خميسُ ثالثِ الْحُرُمِ

ودعوة الله في الآفاق أرَّقها،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،فقدُ النصير لها بالمال والقلم

وموسم الحج قد باتت مشاعره،،،،،،،،،عطشى لمورده الصافي فلم تنم

يا باز يا شيخيَ المحبوب لست هنا،،،،،،،،،أروم حصرا لما أوتيتَ من نعم

فقد صحبتك أعواما مُبَوَّبةً،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،في كل باب ثراءٌ معجزٌ كَلِمي

كانت مجالسك الغراء حافلةً،،،،،،،،،،،،،،،،،با لعلم والذكر لا باللمز واللَّمم

وكان منزلك المعمور مُعْتَبرَاً،،،،،،،،،،،،،، ،،،للضيف بيتا من الترحاب والكرم

وللأرامل والأيتام كنت أبا،،،،،،،،،،،،،،،،،،،تُع نىَ بحاجاتهم كالواصلِ الرحمِ

وكل ذي حاجة يغشاك تُنْجِدُه،،،،،،،،،،،،،،،، فيما استطعت بلا مَنٍّ ولا بَرَم

وكم من الناس قد فرجت كربته،،،،،،،،،،،،،،،،،،وك م تَخَلَّصَ مأزوم من الإِزَمِ

وكنت يا باز في الطلاب ذا أثر،،،،،،،،،،،،،،،،وخير من قاد للعالي من الهمم

وكنت في الزهد والإخلاص أسوتهم،،،،،،،،،وفي العبادة والتقوى على قمم

وكنت تأمر بالمعروف ملتزما،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،آدابه دونما بُطْءٍ ولا سأم

جاهدت في الله لا تخشى ملامة من،،،يلوم في الأرض من عرب ومن عجم

خدمت يا باز أرض الوحي محتسبا،،،،،،،،،،،وذدت عنها شرور الفكر والنقم

لقد رأيتك تبني ركن منهجها،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،مع البناة لصرح غير منهدم

وقد رأيتك تسقي غرس ناشئها،،،،،،،،،،،،،،،فأَث ْمر الغرسُ جيلا ثابت القدم

فهل سيعقبكم يا شيخنا خلفٌ،،،،،،،،يمضي على دربكم في سالف القِيَم؟

يا أسرة الباز إن الناس قد حزنوا،،،،،،،،،،،،،كما حزنتم وحزني مُبْحِرٌ بدَمي

والباز فوق سرير الحور مغتبط،،،،،،،،،،،،،،،،تزفه سادة الأملاك في الحرم