المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تذكير المسلمين بمكانة الصبر في الدين



أهــل الحـديث
19-06-2014, 08:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي (وفقه الله)، نفعنا الله وإياكم بها.


تذكير المسلمين بمكانة الصبر في الدين

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد و على آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن من الطرق المعينة على الفلاح،ومن أهم أسباب الفوز والنجاح في الدارين بإذن أرحم الراحمين أن يتصف العبد بكل ما يحبه العزيز المقتدر ومن ذلك أن يتحلى بصفة الصبر .
يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- :" فالصبر حبس النفس عن الجزع، واللسان عن التشكي، والجوارح عن لطم الخدود وشق الثياب ونحوهما ".عدة الصابرين (ص 7)
وللمكانة العالية والمرتبة الرفيعة التي يحتلها هذا الخلق الكريم والأدب القويم في الإسلام أيها الأحبة والإخوان ذكره الرحمن في مواطن عديدة في القرآن،يقول الإمام أحمد –رحمه الله- :" ذكر الله سبحانه الصبر في القرآن في تسعين موضعا ".عدة الصابرين (ص 57)
وأمر به العزيز العلام أنبياءه ورسله الكرام، ومن ذلك نبينا عليهم جميعا أفضل الصلاة والسلام،حيث قال له تعالى:( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ) [ الأحقاف: 35]
يقول الشيخ السعدي –رحمه الله- :" أمر تعالى رسوله أن يصبر على أذية المكذبين المعادين له، وأن لا يزال داعيا لهم إلى الله، وأن يقتدي بصبر أولي العزم من المرسلين، سادات الخلق، أولي العزائم والهمم العالية، الذين عظم صبرهم، وتم يقينهم، فهم أحق الخلق بالأسوة بهم والقفو لآثارهم، والاهتداء بمنارهم". تفسير السعدي ( ص506)
فامتثل خير المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين بما أمره به رب العالمين، فكان من أكمل من تحلى بهذا الخلق الكريم الذي يحبه العزيز الحكيم .
يقول الشيخ السعدي-رحمه الله- :"فامتثل صلى الله عليه وسلم لأمر ربه فصبر صبرا لم يصبره نبي قبله، حتى رماه المعادون له عن قوس واحدة،وقاموا جميعا بصده عن الدعوة إلى الله، وفعلوا ما يمكنهم من المعاداة والمحاربة، وهو صلى الله عليه وسلم لم يزل صادعا بأمر الله مقيما على جهاد أعداء الله، صابرا على ما يناله من الأذى،حتى مكن الله له في الأرض وأظهر دينه على سائر الأديان وأمته على الأمم،فصلى الله عليه وسلم تسليما".تفسير السعدي ( ص506)
وهذا نبي الله جل وعلا أيوب عليه السلام أيضا فرغم ما أصابه من ضر ونزل به من بلاء إلا أنه عليه السلام كان صابرا ومحتسبا للأجر، يقول عنه سبحانه: (إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب )[ص:44].
قال الشوكاني –رحمه الله- :"(إنا وجدناه صابرا)أي:على البلاء الذي ابتليناه به،فإنه ابتلي بالداء العظيم في جسده وذهاب ماله وأهله وولده فصبر (نعم العبد )أي: أيوب (إنه أواب) أي: رجَّاع إلى الله بالاستغفار والتوبة".فتح القدير (4/437)
وكذلك أيها الكرام ضرب لنا جميع الأنبياء عليهم أفضل الصلاة والسلام أروع الأمثلة وأزكى المعاني والعبر في الاتصاف بخلق الصبر ،فمع ما لاقوه من أقوامهم من سوء المعاملة!والتحريض عليهم!بل والتعدي عليهم وضربهم! لم ينتقموا لأنفسهم! بل صبروا على الأذى الذي طالهم منهم! كل ذلك في سبيل نشر دعوتهم، وحرصهم على هدايتهم إلى كل ما يحب خالقهم، فعن عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- قال:كأنِّي أَنْظُرُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نَبِيًّا من الأنبياء ضَرَبَهُ قَوْمُهُ وهو يَمْسَحُ الدَّمَ عن وجهه ويقول: "رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ".رواه البخاري (3290) ومسلم (1792)، واللفظ له.
يقول الإمام النووي –رحمه الله- :"فيه ما كانوا عليه صلوات الله وسلامه عليهم من الحلم والتصبر والعفو والشفقة على قومهم ودعائهم لهم بالهداية والغفران وعذرهم في جنايتهم على أنفسهم بأنهم لا يعلمون، وهذا النبي المشار إليه من المتقدمين، وقد جرى لنبينا صلى الله عليه وسلم مثل هذا يوم أحد ".الشرح على صحيح مسلم ( 12/150)
لقد عرف أيها الأحبة كل من سلك طريق الأنبياء من عباد الله جل وعلا الأتقياء مكانة الصبر وأنه مفتاح كل خير وطريق الفلاح والنجاح فاتصفوا به ودعوا الناس إلى التحلي به، يقول عمر الفاروق – رضي الله عنه- :" وجدنا خير عيشنا بالصبر ".صحيح البخاري (5/2375)
يقول الشيخ السعدي – رحمه الله- :" فالصبر هو المعونة العظيمة على كل أمر فلا سبيل لغير الصابر أن يدرك مطلوبه خصوصا الطاعات الشاقة المستمرة، فإنها مفتقرة أشد الافتقار إلى تحمل الصبر وتجرع المرارة الشاقة، فإذا لازم صاحبها الصبر فاز بالنجاح، وإن رده المكروه والمشقة عن الصبر والملازمة عليها لم يدرك شيئا، وحصل على الحرمان ". تفسير السعدي ( ص 75)
وأيضا علموا ما يعطيه العزيز الوهاب للمتصف به من أجر بغير حساب، قال تعالى : (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) [الزمر:10].
يقول الشيخ السعدي –رحمه الله- :" هذا عام في جميع أنواع الصبر :
الصبر على أقدار الله المؤلمة، فلا يتسخطها، والصبر عن معاصيه فلا يرتكبها، والصبر على طاعته حتى يؤديها .
فوعد الله الصابرين أجرهم بغير حساب،أي : بغير حد، ولا عد،ولا مقدار، وما ذاك إلا لفضيلة الصبر ومحله عند الله، وأنه معين على كل الأمور ".تفسير السعدي ( ص 721)
وأيقنوا أيضا أن العاقبة للصابرين المتقين بإذن رب العالمين، قال تعالى:(فاصبر إن العاقبة للمتقين )[هود :49].
يقول الإمام الطبري –رحمه الله-:"(فاصبر) على القيام بأمر الله وتبليغ رسالته وما تلقى من مشركي قومك كما صبر نوح (إن العاقبة للمتقين)يقول:إن الخير من عواقب الأمور لمن اتقى الله،فأدى فرائضه واجتنب معاصيه،فهم الفائزون بما يؤملون من النعيم في الآخرة والظفر في الدنيا بالطلبة، كما كانت عاقبة نوح إذ صبر لأمر الله، أن نجاه من الهلكة مع من آمن به وأعطاه في الآخرة ما أعطاه من الكرامة، وغرق المكذبين به، فأهلكهم جميعهم".تفسير الطبري (12/56)
وأن ما يترتب على الصبر من أجر لن يضيع بإذن العزيز المقتدر، يقول تعالى:(إنه من يتق ويصبر فان الله لا يضيع أجر المحسنين ) [يوسف: 90].
يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- :"فالصبر والتقوى دواء كل داء من أدواء الدين، ولا يستغنى أحدهما عن صاحبه".عدة الصابرين (ص 54)
وأن الصبر من أهم أسباب التمكين و بلوغ منزلة الإمامة في الدين،بإذن القوي المتين، يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- : سمعت شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يقول :"بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ثم تلا قوله تعالى: ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) [ السجدة : 24]". مدارج السالكين (2/154)
يقول الإمام ابن كثير –رحمه الله-:" أي: لما كانوا صابرين على أوامر الله وترك نواهيه وزواجره وتصديق رسله وإتباعهم فيما جاؤوهم به،كان منهم أئمة يهدون إلى الحق بأمر الله،ويدعون إلى الخير،ويأمرون بالمعروف،وينهون عن المنكر". تفسير ابن كثير ( 3/464)
ويقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- :" وجمع سبحانه بين الصبر واليقين إذ هما سعادة العبد وفقدهما يفقده سعادته، فإن القلب تطرقه طوارق الشهوات المخالفة لأمر الله، وطوارق الشبهات المخالفة لخبره، فبالصبر يدفع الشهوات، وباليقين يدفع الشبهات، فإن الشهوة والشبهة مضادتان للدين من كل وجه، فلا ينجو من عذاب الله إلا من دفع شهواته بالصبر، وشبهاته باليقين ".رسالة ابن القيم إلى أحد إخوانه ( ص 16)
لهذا ما نال أيها الأفاضل سلفنا الصالح منزلة الإمامة بالراحة والرفاهية! بل بتوفيق رب البرية ثم بالتمسك بالعقيدة الصافية فدعوا الناس إليها، وصبروا وثبتوا على ذلك، ولم يبدلوا ولم يحرفوا رغم مع تعرضوا له من الفتن وما نزل بهم من المحن ، حتى إن منهم من سُجن ومنهم من عُذب بل إن بعضهم قتل! ولم يزدهم ذلك ولله الحمد إلا ثباتا ويقينا بالله جل وعلا.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"أما أهل السنة والحديث فما يُعلم أحدٌ من علمائهم ولا صالح عامتهم رجع قط عن قوله واعتقاده، بل هم أعظم الناس صبراً على ذلك،وإن امتحنوا بأنواع المحن، وفتنوا بأنواع الفتن،وهذه حال الأنبياء وأتباعهم من المتقدمين كأهل الأخدود ونحوهم،وكسلف هذه الأمة والصحابة والتابعين وغيرهم من الأئمة". مجموع الفتاوى (4/50).
فعلينا جميعا أيها الأحباب أن نبذل الأسباب التي تعيننا بإذن العزيز الوهاب على تحقيق الصبر والاحتساب، ومن ذلك مجاهدة النفس على ذلك، فعن أبي سعيد الخدري –رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ الله ". رواه البخاري (1400) واللفظ له ومسلم (1053).
يقول العيني –رحمه الله- :"من يتكلف الصبر (يُصَبِّرْهُ الله) بضم الياء وتشديد الباء المكسورة أي : يرزقه الله الصبر ".عمدة القاري (23 / 68)
ولنعلم أيضا أن الوصول إلى رضا الرحمن والفوز بالجنان لا يُنال إلا بالصبر على طاعة المنان والبعد عن الذنوب والعصيان والرضا بما قدره علينا الديان، يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله- :" الصبر حبس النفس عن التسخط بالمقدور، وحبس اللسان عن الشكوى، وحبس الجوارح عن المعصية كاللطم وشق الثياب ونتف الشعر ونحوه، فمدار الصبر على هذه الأركان الثلاثة،فإذا قام به العبد كما ينبغي انقلبت المحنة في حقه منحة، واستحالت البلية عطية، وصار المكروه محبوبا، فإن الله سبحانه وتعالى لم يبتله ليهلكه، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره وعبوديته ".الوابل الصيب (ص 11)
فسلعة الرحمن أيها الأحبة والإخوان غالية!لذا حُفت بالمكاره!ولا تنال إلا بعد صبر وتعب وتضحية بإذن رب البرية، فعن أبي هريرة – رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم :"حُجِبَتْ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ، وَحُجِبَتْ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ". رواه البخاري ( 6122) واللفظ له، و مسلم (2822)
يقول الإمام النووي –رحمه الله- :" قال العلماء: هذا من بديع الكلام و فصيحه وجوامعه التي أوتيها صلى الله عليه وسلم من التمثيل الحسن، ومعناه: لا يوصل إلى الجنة إلا بارتكاب المكاره والنار بالشهوات وكذلك هما محجوبتان بهما، فمن هتك الحجاب وصل إلى المحجوب، فهتك حجاب الجنة باقتحام المكاره، وهتك حجاب النار بارتكاب الشهوات، فأما المكاره فيدخل فيها الاجتهاد في العبادات والمواظبة عليها، والصبر على مشاقها، وكظم الغيظ، والعفو، والحلم، والصدقة والإحسان إلى المسيء، والصبر عن الشهوات ونحو ذلك، وأما الشهوات التي النار محفوفة بها، فالظاهر أنها الشهوات المحرمة كالخمر والزنا، والنظر إلى الأجنبية،والغيبة، واستعمال الملاهي ونحو ذلك، وأما الشهوات المباحة فلا تدخل في هذه لكن يكره الإكثار منها مخافة أن يجر إلى المحرمة أو يقسي القلب أو يُشغل عن الطاعات،أو يحوج إلى الاعتناء بتحصيل الدنيا ". الشرح على صحيح مسلم (17/165)
فيا من أذويت في الله جل وعلا تذكر منزلة الصبر والأجر المترتب عليه،وتأكد أن بعد العسر اليسر، وأن بعد الشدة الفرج، وبعد الصبر النصر بإذن العزيز المقتدر،فعن عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له :" وَاعْلَمْ أن في الصَّبْرِ على ما تَكْرَهُ خَيْراً كَثِيراً وان النَّصْرَ مع الصَّبْرِ وان الْفَرَجَ مع الْكَرْبِ وان مع الْعُسْرِ يُسْراً ".رواه الإمام أحمد في المسند (1/307) ، وصححه الشيخ الألباني –رحمه الله- في السلسلة الصحيحة ( 2382)
يقول الشيخ السعدي –رحمه الله -:" المؤمن لا يقنط من رحمة الله، ولا ييأس من روح الله،ولا يكون نظره مقصورا على الأسباب الظاهرة،بل يكون متلفتا في قلبه كل وقت إلى مسبب الأسباب الكريم الوهاب،ويكون الفرج بين عينيه،ووعده الذي لا يخلفه بأنه سيجعل له بعد عسر يسرا،وأن الفرج مع الكرب،وأن تفريج الكربات مع شدة الكربات وحلول المفظعات".بهجة قلوب الأبرار ( ص 319)
ويقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- :"ينبغي للإنسان أن يصبر على الأذى، لاسيما إذا أوذي في الله فإنه يصبر ويحتسب وينتظر الفرج". شرح رياض الصالحين (3/605)
واصبر - ثبتك الله- على ما حلَّ بك من المصائب والخطوب واسأل الثبات من علام الغيوب، وأحذر من أن تُبدل أو تُحرف دينك الموصل لك بإذن رب البرية إلى جنات قطوفها دانية، بلذات وشهوات زائلة في هذه الدنيا الفانية، فمهما اشتد بك الحال أيها المبتلى! فاعلم أن لك المآل بإذن الكبير المتعال.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"فإنه لابد من أذى لكل من كان في الدنيا، فإن لم يصبر على الأذى في طاعة الله، بل اختار المعصية، كان ما يحصل له من الشر أعظم مما فر منه بكثير (ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا)[التوبة:49]،ومن احتمل الهوان والأذى في طاعة الله على الكرامة والعز في معصية الله،كما فعل يوسف عليه السلام وغيره من الأنبياء والصالحين،كانت العاقبة له في الدنيا والآخرة، وكان ما حصل له من الأذى قد انقلب نعيما وسرورا،كما أن ما يحصل لأرباب الذنوب من التنعم بالذنوب ينقلب حزنا وثبورا".مجموع الفتاوى (15/ 132)
ويا من نزلت به الأمراض والأدواء أو تأخر عنه الشفاء احتسب ما بك من مشقة عند العزيز المقتدر،وإياك والجزع والسخط وكل ما ينفي الصبر، وتذكر قول نبيك صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مع عِظَمِ الْبَلَاءِ، وَإِنَّ اللَّهَ إذا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ، فَمَنْ رضي فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ ". رواه الترمذي (2396)، من حديث أنس –رضي الله عنه-، وصححه الشيخ الألباني –رحمه الله- .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- :"وينبغي للإنسان أن يرضى مما يقدره الله عليه من المصائب التي ليست ذنوبا، مثل أن يبتليه بفقر أو مرض أو ذُلٍّ وأذى الخلق له، فإن الصبر على المصائب واجب...".مجموع الفتاوى(8 /191)
ويا من رزقه الحكيم القدير الصبر!اعلم أنك قد أعطيت الخير الكثير ونلت بفضل الله جل وعلا الأجر الكبير،فعن أبي سعيد الخدري-رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ما أُعْطِيَ أَحَدٌ من عَطَاءٍ خَيْرٌ وَأَوْسَعُ من الصَّبْرِ". رواه البخاري (1400) ومسلم (1053) واللفظ له.
يقول الشيخ السعدي –رحمه الله- :" وإنما كان الصبر أعظم العطايا،لأنه يتعلق بجميع أمور العبد وكمالاته،وكل حالة من أحواله تحتاج إلى صبر، فإنه يحتاج إلى الصبر على طاعة الله،حتى يقوم بها ويؤديها،وإلى صبر عن معصية الله حتى يتركها لله، وإلى صبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها،بل إلى صبر على نعم الله ومحبوبات النفس،فلا يدع النفس تمرح وتفرح الفرح المذموم،بل يشتغل بشكر الله،فهو في كل أحواله يحتاج إلى الصبر وبالصبر ينال الفلاح".بهجة قلوب الأبرار (ص 127)
وعليك أن تشكر الله جل جلاله بقلبك وقولك وفعلك على هذه المنحة العظيمة والنعمة الجليلة،لأن بالشكر والإيمان تدوم وتكثر النعم،وبالجحود والعصيان تَحل وتزداد النقم، قال تعالى: (وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد)[إبراهيم :7].
يقول الشيخ الشنقيطي-رحمه الله-:"وبهذه المناسبة إن على كل مسلم أفراداً وجماعات،أن يقابلوا نعم الله بالشكر،وأن يشكروها بالطاعة والعبادة للَّه،وأن يحذروا كفران النعم". أضواء البيان (9/112)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يجعلنا وإياكم من عباده الصابرين المحتسبين، وله دائما سبحانه من التوابين والذاكرين والشاكرين، فهو سبحانه ولي ذلك وأرحم الراحمين.


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي