المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شذرات من العلاقات الثقافية العلمية بين علماء "آزواد" من السوقيين وعلماء شنقيط قديما وحديثا :



أهــل الحـديث
19-06-2014, 03:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


شذرات من العلاقات الثقافية العلمية بين علماء "آزواد" ـ شمال مالي ـ من السوقيين وعلماء شنقيط قديما وحديثا :
إن العلاقة العلمية والثقافية بين علماء شنقيط وعلماء آزواد قديمة قدم القطرين وأصالتها في العلم، وقدم الامتزاج العرقي بينهما، وسأتكلم عن تلك العلاقة هنا عن نبذة من العلاقة العلمية والثقافية بين علماء شنقيط قديما وحديثا وبين علماء آزواد من السوقيين، وهي وحدها لا يسعها مقال مختصر فضلا عن العلاقة بين القطرين إجمالا وتفصيلا ابتداء من رجال القرن الثاني عشر.
أولا : من أقدم ما عثرت عليه قطعة خلدت أسماء أعلامٍ مشهورين من بعض القبائل السوقية من الأشراف والأنصار، وهي لشاعر مفلق من قبيلة إدو علي من رجال القرن الثاني عشر لم تسمه المصادر؛ لذهاب البلى ببعض الأصل الذي نقل منه مؤرخونا، وقد ذكر فيها بعض أعلام السوقيين من أعلام وقته ومشاهير زمنه.
قال في أولها :
ولكنني أراك سافرت مفردا =وهل لغريب مرصد من مصاف
ورافقت قوما لا تعي من خطابهم =سوى ما تعيه من كلام زياف
وجلت على حرف قفارا مهامها=بزورة قوم صالحين عفاف
وجبت بلاد السوقِيِين بحرفد= ترض حصى قيعانها بخفاف
فألفيتهم في الفقه والنحو أبحرا = عقولهم في الفقه غير ضعاف
ثم قال بعد هذه الأبيات التي وصف فيها رحلته ومعاناته فيها وانتهائه بعد ذلك إلى كوكبة من الكرام الأشراف الذين بهره سيلان علمهم, وفيوض كرمهم, فأخذ يعدد أسماء بعض مشاهيرهم ويحليهم بأوصافهم العطرة قال:
فأعملتها بالسير حتى أنختها=بباب كريم صادق القول واف
محمد البشـــير قاض مهذب= كثير رماد البيت ضخم الأثاف
فقيه نبيه محســــن متواضع= تردى بأخلاق حسـان نظاف
توارث من أبيه مجدا و سؤددا =ومجد جدوده الأكــارم كاف
يجود بلا من لمن يبتغي الجـدى= ولا يتحرى للندى من يكــافي
يعني العلامة محمد البشير بن محمد المختار المعروف أمد القاضي بن القاضي الأنصاري من علماء ( إجَدَشْ ) رحمه الله وهو مشهور, ترجمه شيخنا العتيق بن سعد الدين الحسني الإدريسي الجلالي في الجوهر الثمين
ثم قال:
وعرج على البكري واذكر خصاله= شمائله عزت عن الاتصـــاف
وهوب كريم ظاهر الفضل ماجد= وهل ريئ بحر غاض بالاغتراف
والبكري هو: العلامة البكري بن أجاي الحسني الإدريسي ـ رحمه الله ـ من علماء (كل تبُورقْ) ،كان أثره مشهورا في مخطوطات قبيلته وغيرها، تحقيقا وتعليقا.
ثم قال :
مآثرُ أج القاري في الفقـه جمة =وعى فقه مالك بمحـض اقتطاف
وعب فنون العلم عبا وما اكتفى= بمص ولا حسو ولا بارتشـاف
قال الشيخ العلامة محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي الجلالي في إتحاف المودود: "أي ابن القارئ، وهو إما أن يكون محمد اكنن أبو الشيخ أحمد الإمام أو أخوه سيد بو بكر، وكلاهما من أهل الفضل –رحمهما الله- ولم نجد ما يبين المراد منهما"
وأج القاري من علماء (كل تبُورقْ)،ويحتمل أن يريد الشاعر ذكرهما معا،فما ذكره من أوصاف في البيتين يحصل لأخوين من تلك الأسر التي يتحدث عنها، ولربما لقيهما معا، فعبر الشاعر بنسبهما واكتفى به عن ذكر اسميهما أو اسم أحدهما.
قال:
وأحمد نجل الشيخ حبر معظــم= ولي تقي ذو طباع نظــاف
يعني العلامة أحمد بن الشيخ بن أحماد الحسني الإدريسي الجلالي من (كل تجَلَلْت) وهو مشهور، له ترجمة في الجوهر الثمين للشيخ العتيق بن سعد الدين وغيره .انظر للقصيدة إتحاف المودود للشيخ محمد الحاج ص (60)
ثانيا: الرحلة المشهورة لدينا التي قام بها الشيخان محمد أحمد بن أحمد بن الشيخ الحسني الإدريسي الجلالي والشيخ محَمد إدَّا بن محمد الإمام الحسني الأدرعي الجلالي وهما من علماء (كل تجَلَلْت) فقد سافر الأول إلى(ولاتة) في القرن الثاني عشر، ولما طالت غيبته عن قومه خمس سنين من غير معرفتهم في أية جهة وصوب هو لم يقر قرار أخيه الشيخ محمد إدا بن محمد الإمام حتى أنشأ سفرة لتفقده وطال سفره إلى أن وصل إليه في ولاتة، وقضى معه فترة وعادا بأحمال نوق من الكتب، لازال خطها الشنقيطي المعروف متداولا بيننا وكانت هذه المكتبة من أهم الأثر الثقافي بين القطرين فقد أثرت آزواد بمكتبة علمية توارثها الأخلاف عن الأسلاف وانتشرت بعض كتبها في المنطقة والشيخ محمد أحمد بن أحمد بن الشيخ له ترجمة في فتح الشكور في معرفة أعيان علماء التكرور (ص: 139)
وقد تحدث عن هذه الرحلة الشيخ حمدا بن محمد الحسني الإدريسي الجلالي ـ ونقله عنه الشيخ العتيق في الجوهر الثمين ـ قال رحمه الله "وكان الشيخ محمد أحمد رضي الله عنه لما احتبس في مدينة ولاتة دعته نفسه إلى رأي غير فائل، أنتجه فكر في المعلوات جائل، وهو أن بذل جهده في استكتاب بالكتب فما إن وصل إليه أخوه المقتص لأثره والمختص بالبحث عن خبره إلا وتحت يده وِقر ست نياق من الكتب التي تجددت باستكتابه ، وحين تلاقى هو وأخوه واستبشر كل منهما بلقاء الأخر عزم على الرجوع معه إلى الأهل ومعاهدهم ثم انصرفا ومعهما تلك الأوقار وغيرها مما الله أعلم به فلما وصلا إلى الأهل تسامع بهما كل حي من أحياء السوقيين فكان قدومهما عند الجميع نعمة غير مترقبة فجعلوا يتلقونهما أفواجا وفرادى ثم طفق الشيخ محمد أحمد يتحف كل من تلقاه من أهل العلم ببعض تلك الكتب الجديدة وهي مكتوبة بخط أهل البلد المكتوبة فيه، وكان مخالفا لخط السوقيين فكان ذلك سببا في استصعاب دراستها ولكن ألجأتهم الحاجة مع ما بهم من شدة الحرص على ما تحتوي عليه من أنواع العلوم إلى الرغبة فيها وتلقيها بأكف القبول فاغتنموها فرصة، ما ظفروا بمثلها قط فمازالت تلك النسخ متداولة بين أسلافنا وتنسخ منها نسخ أخرى إلى أن انتشرت النسخ الطابعية في هذه السنين الأواخر فاستغنى بها المتأخرون عن تلك ، ولكن لا تكاد تطلع على خزانة من خزانة من خزائن كتب السوقيين الموروثة عن آبائهم إلا وتقف فيها على نسخة أو أكثر من تلك النسخ الولاتية فلله بقاء أثر هذا الشيخ إلى مثل هذه المدة جزاه الله عن عمله خير الجزاء . إنتهى ما ساقه من القصة ومشهور أنه بعد أن طال غيابه في ولاتة, وقضى فيها خمس سنوات ـ كما ذكره الشيخ حمدا في تاريخه ونقله عنه الشيخ العتيق في جوهره ـ يثافنه الطلاب ـ رحل الشيخ محمد (إدا) بن محمد المعروف بالإمام الحسني الأدرعي ،من علماء (كل تجللت)

ثالثا: من تلك العلاقة العلمية :مشيخة "إسنادية "سوقية شنقيطية ،فإنه قد أخذ العلامة الشيخ عيسى القاضي بن تحمد الحسني الإدريسي التبورقي ت 1406هـ من علماء (كل تبورَق ) إجازة الكتب المتداولة عن الشيخ العلامة الشريف مولاي عبد الرحمن,وأسانيده لدينا وأتصل بها عن غير ما طريق وتنتهي إلى أسانيد الهلالي المعروفة المشهورة.
رابعا : المراسلات العلمية:
أما المراسلات فمما أعلم منها ما جرى بين شيخنا العتيق بن الشيخ سعد الدين الحسني الإدريسي الجلالي من علماء (كل تجللت )وبين محمد بن أبي مدين العلامة الموريتاني الشهير صاحب "الصوارم والأسنة في الذب عن السنة"فقد كاتبه في موضوعات تتعلق بالتاريخ, وقد نقل الشيخ العلامة المحمود بن حماد الحسني الإدريسي التبورقي ـ رحمه الله ـ شيئا منها في التبر التالد ،وكما كاتبه، كاتبه الشيخ العلامة والدي محمد الحاج بن محمد أحمد الحسني الأدرعي الجلالي رحمه الله (من علماء كل تجللت ) في موضوعات مشابهة, وقرظ كل منهما كتابه السابق.

وكما كانت للشيخ محمد الحاج بن محمد أحمد مراسلات علمية ودية مع كل من شيخنا العلامة محمد سالم بن محمد عال بن عبد الودود المعروف ب( ولد عدود) رحمه الله ومع الشيخ العلامة المختار بن حامد الديماني رحمه الله فقد كانت بينه وبينهما مخاطبة علمية فقهية شعرية، ومراسلاته مع شيخنا ولد عدود أوسع نطاقا .
كما كانت له مراسلة مع شيخنا العلامة أباه ولد محمد عالي ولد النعمة المجلسي شيخ محضرة لفريوة،ومبادلة إهداءات مؤلفات.

ومن هذا القسم تذكر تقاريظ الكتب:
ومنها تقريظ الشيخ العتيق لمحمد بن أبي مدين في كتابه الصوارم والأسنة ومطلعه:
عش حميدا تنفي الضلال وتابى=تنصر الحق لا تخاف العتابا
ومن تقريظ الشيخ محمد الحاج بن محمد أحمد لابن أبي مدين أيضا قوله:

بارز، فحسبك ما سللت صوارم ا=فاجمع جموع معانديك وصارما
وادفع عن البيضآ، وذد عن حوضها=من خاض يحسب خوضه لك هازما
واصدم، فإنك إذ هززت أسنة=من سنة صحت، هزمت مصادما
واربع عليك، فما لهم من حجة=إلا دعاوى يحسبون دعائما
أو هيتها وقلعتها مستأصلا=ياصولها، لاهائما بل هادما
ونصبتها لأسنة مسنونة=فحذفنها، وكفى بهن جوازما
ورفعت بالضم الدلائل، جامعا=ما صح بالإسناد جمعا سالما
وفصلت موصولاتهم بأكفهم =وكففتهم وقصمتهم بقواصما
ما ذاعليك وأنت قد جددت من= سنن الثقات المهتدين معالما
فاجهد وجاهد واجتهد، لاتخش في=دين الإله مؤنبا لك لائما
لك أسوة فيمن مضى من أهله=إذ كافحوا بأسنة وصوارما
آليت ما الخطي في كراته= من دون خطي القناة هزائم ا
لا لا ولا كمجرح بحدوده=مجروح هندي يقط جماجما
هذي تثير عجاجة من آفك=وتغل ذي بمجاجها متعاظما
ياهؤلا يأيأتكم مستفهما= منكم فتى للوذعية زاعما
ما صح مرفوعا إلى المرفوع هل=نلقيه مدفوعا برأي جازما؟
لا نسخ يوجد لا وليس معارض=أقوى فيحسب ذا لذاك مزاحما
أم مرسل من مرسل بعواضد=مما يعادل نصه بمفاهم ا
حاشا فمن أصغى لمن ألغى له=حجية الأصلين يوسم آثما
إلى آخر القصيدة.


ومن تلك المراسلات والعلاقات الثقافية تقريظ شيخنا الشيخ العتيق بن الشيخ سعد الدين في بعض رسائله العلمية ومطلعها:
شكرا جزيلا لما أسدى وأبداه=شيخ الشيوخ بأنواكشوط بُداه
ولشيخنا العتيق مراسلات أيضا مع الشيخ أحمد ولد المرابط مفتي موريتانيا .

أما المساجلة الفقهية الشعرية في بحوث شعرية متقنة فقد جرت بين الشيخ والدنا محمد الحاج بن محمد أحمد وبين كل من العلامة محمد سالم بن محمد عال (ولد عدود) والعلامة المختار بن حامد الديماني المؤرخ الشهير,وغيرهما حول حكم زكاة الأوراق النقدية.
يقول الشيخ محمد الحاج في مطلع قصيدته التي يسائل فيها أهل العلم عن حكم الأوراق النقدية والتعامل مع البنوك:
ياسادتي هل من لبيب منصف= أو منقذ من صوب جهل مقصف
هل من مجيب عن عجيب رابني= أومن نجيب بالرغائب متحف
هل من فتى دراكة خريت أق= يسة بنص أو بقيس مسعف
هل من فتى تقف النصوص ببابه= وبطبه علل الجهالة تشتف
فنقول ما حكم البنوك زكاتها= إن تم حول هل تصر لمصرف
والقصيدة طويلة عرض فيها الشاعر المسألة بجوانبها, ثم خاطب العلماء قائلا:
فبحقكم إلا سمعتم قصتي= وفصلتم موصولها بالمشرفي
وبحقها ياقائما بحقوقها=لا تلقها بتكلف وتعسف
فإذا أجبت فإن نظم الدر في= أسماطه عندي من المستظرف
والتبرإن أبت العوارض نظمه= أحبب به إن كان غير مزيف
فكان ممن أجابه شيخنا (ولد عدود) رحمه الله قائلا :
هذي مسائل سائل متعرف= طبن بتوجيه الكلام مصرف
متلطف بسؤاله متعطش= لجوابه متحيز متحرف
إن لا نجبه نلته حق سؤاله= ومتى نجب نهرف بما لم نعرف
لا نص في موضوعه بخصوصه= من آية أوسنة للمقتفي
والجانب الزكوي موقوف على= نص على حكم الحكيم موقف
والقيس في النصب الأيمة لم تسغ= للناظرين فمن يقس يستهدف
فلنعتصم ببراءة أصلية= فدليلنا العقلي حسب المكتفي
والقصيدة طويلة ويقول(ولد عدود) في خاتمتها:
هذا جواب مذاكر لا ناظر= متقبل للحق لامستنكف
إن كان عندك صالحا فتلقه= بقبول لا جاف ولا متطرف
أو كان عندك صالحا فاصدع به= بين الجموع وقل بعلم أو قف
وقال المختار بن حامد الديماني في جوابه :
يا أيها العلم الذي نتشوف=للقائه وبمثله نتشرف
نهدي بعاطفة إليك تحية=وسلامنا عطرا عليها يعطف
لله درك من خليل لم تزل=فيه تصرف مالك تتصرف
إلى أن قال:
لا نص فيما عنه تسأل يعرف=فعن الجواب تورعا أتوقف
وعرفت للمتأخرين مقايسا=أنتم بها لا شك مني أعرف
إلى أن قال بعد أبيات كثيرة :
وعليكم منا تعود تحية=يا أيها العلم المنيف المشرف
وممن أجابه من الشناقطة الشيخ القاضي أحمد فال التندغي, وليست قصيدته بيدي حالا.
وقد أجابهم بقوله :
أشاقتك أم الخشف أم شاقك الخشف= أم ارتعت حتى ما تمكنك الكشف؟
أم اظعنت بالقلب منك ظعائن= أممن ربى نجد وخلفت من خلف؟
أم اهتاج ما أضمرت إذأضرم الحشا= ترنم ساق ساق أن جاوب الإلف؟
يذكرك الأيام أيام صبوة= فتندب والهفا وهل ينفع اللهف؟
جننت بصدحه ولم تدر أنه= من العجم مايبين من لفظه حرف
وهذي بنات العرب يرقصن حولنا= يغنينا عٌرفا يضوع به عَرف
وأسفرن كي يبدين للعين زينة= ولولا الشذى غارت على الحدق الأنف
وشنفن أسماعا بسجع مفوف= فأيقنت أن السمع يحسده الشنف
فبادرن: هل كفء يكافئ خردا= بكف وهل بالعدل يجتمع الصرف؟
فأومأن إيماء خفيا: أن اسمعوا= لذيذ خطاب مونق رصه الرصف
وقلنا: أقسيات أية هذه= أم اوسية أم من سراتكم عوف؟
فقدمن في الميدان ثنتين جلتا= وقد فاح من فحواهما النحو والصرف
يحليهما -إما نشرن- ذوائب= من الغيد, ما حلاهما النشر واللف
فكلتاهما قد ورتا وأشارتا= إلى حيث ترعف المراقم والسيف
إلى حيث كانت للمحابر حبرة= إذاهي من وسط المحارب تصطف
أما تعرفون يا أولاء معارفا= مشاهر حيث السيف والصيف والضيف؟
جحاجح تدني من فنون يوانعا= ثمارا, وهذا من جنى ينعها قطف
سمادع تحيي من دروس مدارس= دروسا بها أسرى المشاكل تحتف
فإن حديث المجد عنهم معنعن= فما شابه وهن ولا شانه ضعف
روى البحر عن فيض عن ابن غمامة= ويرويه عن ماء السما الكف والوكف
إلى سالم ذوسالمت منه فكرة= معاوص تستعصي ومن دونها الفيف
وسقه إلى المختار, من آل حامد= فقد نال خوفا, منه لان له الخوف
ثنائي عليهما -وإن كنت نائيا= يسح ويهمي مثل ما همت الوطف
تحايا ألذ ما تحايا به امرؤ= وودانه, يعيا عن احصائها وصف
يعززها أبهى سلام مرونق= تقاصر عن تمثيله الكم والكيف
سطور وما مسطورها غير ساحة= تضمهما, والفضل عن غيرها وقف
يليكهما عني صبا وصبابة= لذين ومن بالنعت لاق به العطف
يفوحان عن أهل المودة شاملا= أريجهما من ضمه إلف أو حلف
يضيفان للسباق من كان لاحقا= فأنى يرى أو يستباح له الحذف؟
ألا أيها البنتان هل من مذيعة=تذيع, وهل واش بسري ولا يجفو؟
ويا أيها الشيخان هل لي إليكما= رسول وهل به إذن يحسن الوقف؟
أهاتي علالتي فإن عليلكم= بتعليل بعض القوم حالفه الضعف
ولا تسأما أن تكتبا وتبينا= فللفقه عين لا يكدرها الغرف
وإذ ثار نقع البحث من كل جانب= وأرهف للتفتيش في عصرنا سيف
ومال إلى تمحيصه كل مصقع= وصفي للظمآن من صفوه رشف
وأنصفتما -لازلتما- حل عضلة= متى در للأخلاف من خلفهم خلف
ولازلتما مرقى إلى مرتقى العلى= وأسا مباني العز من فوقه سقف
فمن شكر ما أسديتما هتك ستر ما=خلست من انظار الذين هم أقفو
وتكلم في المسألة طويلا مناقشا لهم فيما لم يسلمه من أنظارهم, ثم قال:
وأما سوى هذي فأدلت ثمارها= مزابركم, فحق مثلي لها القطف
وما تركت من حجة لمناظر=ولا شبهة من ناظر همه الصرف
ولا غادرت من النقول مزيفا=ولاواهيا إلا وموقفه خلف
سوى أن بعض البحث لولا اختصاره=لما قيل إلا أنه قرط أو شنف
كما أنه لو ضم ما كان مثبتا=ببعض أدلة لساغ له رشف
إلى أن خاطبهم قائلا:
أود لو انني تلقيت منكما=جوابا جليا إذ بصبحكما الكشف
وإياكما أن تحسبا أن عارضي=يعارض يما زاخرا قطره الذرف
ولا أن ما أسستما قد هدمته=ولا أن ماعرفتما ما له عرف
ولا أنني مجادل متجاهل=ينازع بل في هذه جاهل صرف
وأطنبت إذ شعشعتماها سلافة=وتهت بها سكرا كما يسكر الرأف
زففت إليكم هذه ولعلها=إذا اعتذرت تلقى لديكم فتى يعفو
على أن ما تأخرت فلعائق=ولو عيق لم تلمم بساحتنا سوف
أليكا إليكما ومن في حماكما=ألذ سلام, فرد آحاده ألف
تثنيه من أبهى التحايا سنية=وللسيد القاضي عن أضعافها ضعف
هدايا تحايا ما تحايا أحبة= بها لا ولا بمثلها أطرف الطرف
يتوج منهما بتاج مرصع=فتى صيته المجد التليد له سقف
محمد ذو ينمى إذا ماانتمى إلى=أبي مدين من ليس يشأى له طرف
من الشيخ إلياس الرضى خضر الهدى=أبي المكرمات من له السؤدد الوصف
ومثلهما يهدي المنير لساحكم=وشيخي العتيق ضمه نسقا عطف
وآخر ما أهدي تحية عاشق= فياليته يفي بمضمره حرف
وإن سيم بالتنكير وسمي ونسبتي=ولايرتضى تنكير كل ولا حذف
فوسمي محمد وإن زيد أحمد=فذاك اسم والدي تغمده اللطف
على لب لب الكون من آل هاشم= صلاة بتسليم السلام لها رف
تضم جموع الآل والصحب ما انتهى=إلى باب أهل المجد حافر أوخف
وآخر ما جرى بينه وبينهم-حسب علمي- أن أهدى إليه (ولد عدود) هذه الأبيات على غلاف كتاب في علم الرجال أهداه إليه لما علمه من حبه للفن وتخصصه فيه, قال:
أهدي إلى محمد ذي الوصف= بالحج شكري وودادي أصفي
أسقى زلال رصف بالرصف=قرضا فكيف لي برد النصف
أجزي لباب بره بعصف=دخن فما هذا إذن بالنصف
****

إلى غير ذلك قديما وحديثا، ولم أذكر جانبا من العلاقات العلمية والثقافية بين علماء آزواد من السوقيين وعلماء شنقيط الذين استوطنوا في آزواد ،ولعل هذا سيجد فيه الباحث نواة للكلام عن علاقات القطرين التاريخية، وهذه شذرات قليلة يمكن لمن بحث في منطقة تنبكت أن يجد غيرها .


كتبه / أحمد محمد بن محمد الحاج الحسني الأدرعي الجلالي