المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح قصيدة المتنبي يمدح سيف الدولة



أبوعبدالرحمن
02-12-2007, 11:31 PM
في المرفق شرح لأبيات قصيدة المتنبي في مدح سيف الدولة



ورد في شرح أبي البقاء العكبري لديوان المتنبي والمسمى بالتبيان في شرح الديوان أن سيف الدولة سار نحو ثغر الحدث (الحدث: قلعة بناها سيف الدولة وهي في بلاد الروم)، وكان أهلها قد سلموها

بالأمان إلى الدمستق (صاحب جيش الروم)، فنزل بها سيف الدولة في جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة، فبدأ في يومه، فحط الأساس، وحفر أوله بيده ابتغاء ما عند الله تعالى. فلمّا كان يوم الجمعة نازله ابن الفقاس دمستق النصراني في خمسين ألف فارس وراجل من جموع الروم والأرمن والبلغر والصقلب، ووقعت الوقعة يوم الاثنين، سلخ جمادى الآخرة، وأن سيف الدولة حمل بنفسه في نحو خمسمائة من غلمانه، فقصد موكبه، فهزمه وأظفر الله به، وقتل ثلاثة آلاف من مقاتلته، وأسر خلقاً كثيراً، فقتل بعضهم واستبقى بعضهم، وأسر تودس الأعور بطريق سمندو (في أول بلاد الروم)، وهو صهر الدمستق على ابنته، وأسر ابن الدمستق، وأقام على الحدث إلى أن بناها، ووضع بيده آخر شرافة منها يوم الثلاثاء آخر ثالث عشر ليلة خلت من رجب.

وفي هذا اليوم أنشد أبو الطيب هذه القصيدة (على قدر أهل العزم...) لسيف الدولة بالحدث.

وهذه القصيدة تتكون من ستة وأربعين بيتاً. وتعد هذه القصيدة من أعظم قصائد المتنبي التي قالها وهو بحضرة سيف الدولة، حيث تطرق فيها إلى ماهية الرجال القادة، وكيف استطاع سيف الدولة بناء هذه القلعة رغم ما يحيط به من أعداء، ووصف جيش الروم وما كان عليه من عدة وعتاد وهو مقبل نحو الحدث، ثم تطرق إلى ما حدث في المعركة وكيف كان موقف سيف الدولة وهو في وسط المعركة.. والمعروف أن المتنبي كان بجانب سيف الدولة وهو يخوض هذه المعركة.. بدأ أبو الطيب قصيدته هذه بالأبيات الآتية التي تعد من أعظم الأبيات الشعرية التي وردت في أشعار العرب قاطبة، حيث قال:

على قدر أهل العزم تأتي العزائم

وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغارها

وتصغر في عين العظيم العظائم

وهنا في هذين البيتين بيّن أبو الطيب أن عزيمة الرجل على مقداره، وكذلك مكارمه، أي أن الرجال قوالب الأحوال، إذا صغروا صغرت، وإذا كبروا كبرت. يقول نافع (1403هـ-1983م): إذا كان الإنسان المثل في نظره - في نظر المتنبي - بطلاً شجاعاً، وفارساً عظيماً، فهو رجل مجد أيضاً، يصنع مجده بيده لا يرثه عن آبائه وأجداده، بل هو وليد ساعته، وابن وقته.

والعزائم على قدر أهلها، تنبتها سواعد ذويها في أي لحظة، لا يحدها زمان ولا يقيدها مكان. ومن ثم فالرجل العظيم في نظر أبي الطيب من فاقت عزيمته كل المتحديات وصغرت في عينه الملمات. ومن هنا كان إعجابه وعشقه لسيف الدولة وتغنيه بعظمته عندما باشر ثغر الحدث على الرغم من تهديد الروم المستمر له وتوقع سقوطه بين لحظة وأخرى.

وعندما أحاط الرومان بهذا الثغر ونهض سيف الدولة للدفاع عنه، نهضت الكلمة جنباً إلى جنب مع السيف، واختلط صوت الطعنات بإيقاع الكلمات. وبعد هذين البيتين تطرق أبو الطيب إلى وصف سيف الدولة وما هو عليه من همة فقال:

يكلف سيف الدولة الجيش همه

وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم

ويطلب عند الناس ما عند نفسه

وذلك ما لا تدعيه الضراغم

فسيف الدولة في نظر المتنبي صاحب همة وعزم يختص بهما وحده، حتى أن الجيوش الكبيرة تعجز عن أن تدرك همته، ومع هذا فهو يود أن يكون أصحابه مثله في الشجاعة والإقدام وعلو الهمة، وهذا شيء لا تصل إليه الأسود. وتطرق أبو الطيب في قصيدته أيضاً إلى ما حدث وسيف الدولة منشغل في بناء قلعة الحدث فقال:

هل الحدث الحمراء تعرف لونها

وتعلم أي الساقيين الغمائم

سقتها الغمام الغر قبل نزوله

فلما دنا منها سقتها الجماجم

بناها فأعلى والقنا تقرع القنا

وموج المنايا حولها متلاطم

وكان بها مثل الجنون فأصبحت

ومن جثث القتلى عليها تمائم

طريدة دهر ساقها فرددتها

على الدين بالخطيّ والدهر راغم

تساءل أبو الطيب: هل القلعة تعرف من الذي غير لونها إلى الحمرة؟ هل هو الغمام؟ أم هو دماء جماجم الروم؟؛ لأن سيف الدولة وهو يرفع بنيانها كانت القنا أي (الرماح) تقرع القنا وتلاطم موج الموت من حولها، وهي من هول ما يجرى من حولها كأن بها مثل الجنون، ولما علقت جثث قتلى الروم على جدرانها سكنت كأن الذي علق عليها عوذ لها عن جنونها.

وقد كانت هذه القلعة وهي في أيدي الروم طريدة الدهر بأن سلط عليها الروم، فردها سيف الدولة بالقوة إلى الإسلام.. ووصف أبو الطيب حال سيف الدولة وهو يقاتل وهو في وسط المعركة فقال:

وقفت وما في الموت شك لواقف

كأنك في جفن الرَّدى وهو نائم

تمر بك الأبطال كلمى هزيمة

ووجهك وضاح وثغرك باسم

تجاوزت مقدار الشجاعة والنهى

إلى قول قوم أنت بالغيب عالم

وجَّه أبو الطيب خطابه لسيف الدولة وقال: وقفت يا سيف الدولة في حومة الوغى غير متهيب، وأقدمت غير خائف من الموت، كأنك منه في أنكر مواقفه - الردى - وهو معرض عنك، وكان الفرسان تمر بك جرحى منهزمة، وكلمى مستسلمين، ووجهك مشرق، وفمك باسم من الثقة بالنصر، وفي موقعك هذا ما حير العقول. يقول نافع (1403هـ- 1983م):... وما يكاد المتنبي يتصل بسيف الدولة حتى يعلق كل منهما بصاحبه. عشق المتنبي سيف الدولة بصفته بطلاً ومحرراً، وأعجب سيف الدولة بالمتنبي لفروسيته، ولأنه رأى فيه جريدته الحربية التي ستخلد ذكره إلى الأبد، وتنشر مآثره في الخافقين، وكان سيف الدولة مصاباً بهوى الحرب، فعبر أبو الطيب عن حقيقة هواه وظل يهدهد آماله الحربية الجسام في العزة والنصر ومفاخر الفتوح طوال عهده معه، ثم هو بعيد عنه مفارقه. وقصيدة المتنبي هذه تزخر بأوصاف غزيرة للجيش وزحفه وكره وفره.. يقول نافع: فإذا ما تحدث المتنبي عن زحف جيش الأعداء ومسار المعركة جعلنا عن طريق النغم نسمع ونرى معركة حقيقية نشهد فيها المطاردة والكر والفر، ونسمع قعقعة السلاح وجرجرة الحديد وصوت الطعنات وهي تحرق الدروع.. قال أبو الطيب في وصف جيش الروم:

أتوك يجرون الحديد كأنهم

سروا بجياد ما لهن قوائم

إذا برقوا لم تعرف البيض منهم

ثيابهم من مثلها والعمائم

خميس بشرق الأرض والغرب زحفه

وفي أذن الجوزاء منه زمازم

تجمع فيه كل لسن وأمة

فما تُفهِم الحداث إلاّ التراجم

ويقول التونجي (1413هـ-1992م): .... وهو - المتنبي - عندما يصف البطل المقدام لا ينسى الجيش الذي يعده ويقوده، وكأنه صورة عن آمره. فمن قدرته الحربية أنه يتسلق الجبال، وإن تعذر عليه الصعود زحف كالثعابين. وتلوح هنا صورة جميلة هي تنكر فراخ الطير التي تعشعش في الأعالي وصوله إليها؛ لأن ذلك مقتصر على ذوات الأجنحة. قال المتنبي في وصف جيش سيف الدولة:

تدوس بك الخيل الوكور على الذرا

وقد كثرت حول الوكور المطاعم

تظن فراخ الفتك أنك زرتها

بأماتها وهي العتاق الصلادم

إذا زلقت مشيتها ببطونها

كما تتمشى في الصعيد الأراقم

يقول أبو الطيب في أبياته هذه: ظنت فراخ الفتك - إناث العقبان - لما صعدت خيل سيف الدولة إليها أنها أماتها - أمهاتها -؛ لأن خيل سيف الدولة كالعقبان شدة وسرعة وضمراً؛ وإذا زلقت هذه الخيل في صعودها، جعلها سيف الدولة وفرسانه تمشي على بطونها كما تفعل الحيات في الصعيد - وجه الأرض.

****

المراجع:

عبدالفتاح صالح نافع، (1403هـ - 1983م): (لغة الحب في شعر المتنبي)، دار الفكر للنشر والتوزيع - عمان - الأردن.

محمد التونجي (1413هـ - 1992م): (المتنبي، مالئ الدنيا وشاغل الناس) عالم الكتب.

منقول من جريدة الجزيرة للأستاذ / د. عبدالرحمن بن سعود بن ناصر الهواوي




============

شرح قصيدة المتنبي يخاطب سيف الدولة


============


جو القصيدة :
قال المتنبي هذه القصيدة وهو يعاتب سيف الدولة ؛ وأنشدها في محفل من العرب ن وكان سيف الدولة إذا تأخر عنه مدحه شق عليه ، وأحضر من لا خير فيه ، وتقدم إليه بالتعرض له في مجلسه بما لايحب ، وأكثر عليه مرة بعد مرة ، فأنشدها ، يعاتبه وهي من البحر البسيط :
1. واحر قلباه ممن قلبه شبم ومن بجسمي وحالي عنده سقم
الغريب : الشبم : البارد( بكسر الشين) ، والشبم: البرد ( بفتح الشين) ، .
المعنى : يقول واحر قلب واحتراقه ، واستحكام همه ممن قلبه عني بارد لا اعتناء له بي : ولا إقبال له علي ّ ، ومن بجسمي وحالي من إعراضه سقم يوجب ألمهما ، وشكاة تؤذن اختلالهما ، والعرب تكني بحرارة القلب عن الاعتناء ، وببرده عن الإعراض . وتلخيص المعنى : قلبي حار من حبه ، وقلبه بارد من حبي ، وأنا عنده مختل الحال ، معتل الجسم.
2. مالي أكتم حبا قد برى جسدي وتدعي حب سيف الدولة الأمم
الغريب : أكتم : مبالغة من الكتمان . وبرى جسمي : أنحله وأضناه .
المعنى : يقول : لأي شيء أخفي حبه ؟ وغيري يظهرأنه يحبه ، وهو بخلاف ما يضمر ، وأنا مضمر من حبه ، ما يزيد مضمره على ظاهره ، ومكتومه على شاهده ، والأمم تشركني في ادعاء ذلك ، بقلوب غير خالصة ، ونيات غير صادقة ، فينحل جسي بقدمي في صدق وده ، وتأخري فيما يخصني من فضله .
3.إن كان يجمعنا حب لغرته فليت أنّا بقدر الحب نقتسم
الغريب : الغرّة : الطلعة ، والوجه الحسن :الأغر
المعنى : يقول : إن حصلت الشركة في حبه فحظي وافر .
وقيل في معناه : إن كان يجمعنا من آفاق البلاد المتباعدة حب لغرته ، فليت أنا نقتسم بره : كما نقتسم حبه فلايبخس المخلص حقه ولايبذل للمتصنع برّه.
4 قد زرته وسيوف الهند مغمدة وقد نظرت إليه واسيوف دم
المعنى : يقول : قد خدمته في حالتي السلم والحرب ، والسيوف دم ، أي مخضبة بالدم ، يريد : أنه قد شهده في شدائد الحرب ، وقد جربه في الضيق والسعة ، وامتحنه في الأمن والخوف ، فأعجبه كيف تقلب ، وأحمده على أي حال تصرف .
5. فكان أحسن خلق الله كلهم وكان أحسن مافي الأحسن الشيم
الريب : الشيم : جمع شيمة ، وهي الخليقة ، تقول : شيمة زيد الكرم أي خليقته وخلقه .
والمعنى : يقول لما بلوته في حالتيه كان أحسن الخلق وكنات أخلاقه أحسن ما فيه ، فكان في جميع أحواله أحسن خلق الله شاهدا ، وأكرمهم ظاهرا ، وكان أحسن من ذلك شيمه المختبرة وأخلاقه المستحسنة .( كما نقول في العامية فلان أحسن الناس وأحسن ما فيه كلامه أو أخلاقه أو جمال وجهه )
6. فوت العدو الذي يمّمته ظفر في طيه أسف في طيه نعم
الإعراب : الضمير في " طيه " الأول عائد على الظفر ، وفي الثاني عائد على الأسف .
الغريب : يممته : قصدته ،والأسف : الحزن . والظفر: الفتح والظهور على العدو . والنعم جمع نعمة ونعم وأنعم ونعمات .
المعنى : يريد : أنه اتبع بعض ملوك الروم ففاته ، يقول : فوت العدو الذي قصدته ، ففرّ عنك لاستحكام جزعه ، ظفر ظاهر ، واستعلاء بيّن ، وإن كان ذلك الظفر في طيّه منك أسف على ما حرمته من إدراكه ، وفي طيّ ذلك الأسف نعم بها صرف الله عنك مؤنة الحرب ،وشدة معاناة اللقاء وحفظ عسكرك من جراح أو قتل ، ففي هذا نعم من الله كثيرة
7- قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت لك المهابة مالاتصنع البهم
الغريب : المهابة : شدة الفزع ، والبهم : الأبطال ، الواحدة : بهمة ، وهم الذين تناهت شجاعتهم ، ويقال للجيش : بهمة ، ومنه قولهم فلان فارس بهمة .
المعنى : يقول : قد ناب عنك خوف العدو لك ، فذعره ، وهزمه ، وصنعت لك فيه مهابتك ، بلغت لك مخافتك مالا تصنعه الشجعان .
8- ألزمت نفسك شيئا ليس يلزمها أن لا يواريهم أرض ولا علم
المعنى : يقول : قد ألزمت نفسك مالم يكن يلزمها ، وكلفتها مالا يحق عليها ، من أن عدوك لايواريهم أرض تشتمل عليهم ، ولا يسترهم عنك جبل يحول بينك وبينهم ، وهذا غاية التكلف .
9- أكلما رمت جيشا فانثنى هربا تصرفت بك في آثاره الهمم
المعنى : يريد أنه متى ما هزم جيشا حملته همته العالية ، على اقتفاء آثارهم ، وهذا استفهام إنكار ، يريد : كلما فر جيش من جيوش الروم ، وولى عنك هاربا ،تصرفت بك همتك في أُثره ، فلم يرضك انهزامهم دون أن ينالهم القتل ، ويستحكم فيهم السيف .
10- عليك هزمهم في كل معترك وما عليك بهم عار إذا انهزموا
المعنى : يقول : عليك أن تهزمهم إذا التقوا معك في حرب ، ولا عار عليك إذا انهزموا ، فتحصنوا بالهرب ولم تظفر بهم ،والمعنى : لا عار عليك أن يغلبهم خوفك ، فيهزموا دون قتال ، ويفرقون دون لقاء ، إشفاقا منك .
11- يا أعدل الناس إلا في معاملتي فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
الغريب : الخصام : المخاصمة ،والخصم يقع على الواحد والجماعة ، قال تعالى : ( وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب)
المعنى : يقول : لسيف الدولة يا أعدل الناس في أحكامه ، أكرمهم في افعاله ، إلا في معالمتي ، فإنه يخرجني عن عدله ، ويضيق عليّ ما قد بسط من فضله ، فيك خصامي وتعبي ،وأنت خصمي وحكمي ، فأنا أخاصمك إلى نفسك ، أستدعي عليك حكمك .
وقيل في نقد هذا البيت : هذه شكوى مفرطة ... فإذا كان عدلا في الناس كلهم إلا في معاملته ، فقد وصفه بأقبح الجور ، وقد وصفه بثلاثة أوصاف مختلفة ، بقوله : " فيك الخصام " أي أنت الذي تختصم فيه ،وأنت الخصم ،وهو غير مختصم فيه ، وأنت الحكم ، وليس الحكم أحد الخصمين ، و لا بالشيء الذي يقع فيه الخصام . والمعنى : أنت الحكم ، لأنك ملك لا أخاصمك إلى غيرك ،والخصام وقع فيك .
12- أعيذها نظرات منك صادقة أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
الغريب : الورم : الانتفاخ في العضو من ألم يصيبه .
المعنى : يريد : أن نظراتك صادقة إذا نظرت إلى شيء عرفته على ماهو عليه ، فلا تغلط فيما تراه ، ولا تحسب الورم شحما ، وهذا مثل ، يريد : لا تظنّ المتشاعر شاعرا ، كما يحسب السقم صحة ،والورم سمنا .
13- وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا استوت عنده الأنوار والظلم
المعنى : يقول : وما ينتفع أخو الدنيا بنظره ، ولا يعود عليه فائدة بصدقه ، إذا استوت عنده الصحة والسقم ، والأنوار والظلم . والمعنى : يجب أن تميز بيني وبين غيري ممن لم يبلغ درجتي ، كما تميز بين النور والظلمة ،
14- أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صمم
المعنى : يريد أن شعره سار في آفاق البلاد ،واشتهر حتى تحقق عند الأعمى والأصم ، فكأن الأعمى رآه لتحققه عنده ، وكأن الأصم سمعه : أي أنا الذي شاع أدبي ، واستبان موضعي ، فثبت ذلك في العقول ،وتمكن في القلوب ، ورآه من لا يبصره ،وأسمعت كلماتي من لا يسمع ،وكان (المعرّي) إذا أنشد هذا البيت قال : أنا الأعمى .
15- أنام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جرّاها ويختصم
الغريب : الشوارد : النوافر ، من قولهم : شرد البعير : إذا نفر ،ويقال : فعلت ذلك من جراك ، أي من أجلك، والمعنى : يقول : أنام ساكن القلب ، متمكن النوم لا أعجب بشوارد ما أبدع ، ولا أحفل ،بنوادر ماأنظم ، ويسهر الخلق في تحفظ ذلك وتعلمه ، ويختصمون في تعرّفه وتفهمه .
16- وجاهل مدّه في جهله ضحكي حتى أتته يد فرّاسة وفم
المعنى : يقول : رب جاهل خدعه تركي له في جهله ، وضحكي منه ، حتى افترسته بعد زمان فأهلكته ، فأنا أغضي على جهله ، حتى سطوت به ففرسته ، وغضبت عليه فأهلكته .
17- إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث مبتسم
الغريب : النيوب : حمع ناب ،والليث : الأسد
المعنى : يقول: إذا كشر الأسد عن نابه ، فليس ذلك تبسما ، وإنما هو قصد للافتراس وهذا مثل ضربه ، يعني أنه وإن أبدى بشره للجاهل ، فليس هو رضا عنه ، فإن الليث إذا كشر لا تظنه متبسما ، وإن ذلك أقرب لبطشه ، وأدل على ما يحذر من فعله ، فكذلك ضحكي للجاهل قاده إلى صرعته ،وأداه إلى هلكته.
18- ومهجة مهجتي من هم صاحبها أدركتها بجواد ظهره حرم
المعنى : رب إنسان طلب نفسي ، كما طلبت نفسه ، أدركتها على جواد ظهره حرم، لأمن راكبه ، لأنه لا يقدر عليه ، فكأنه في حرم ، يقول : أدركت منه ماأراد أن يدرك مني من قتلي ، فقتلته وظفرت به ، ووصف جواده ( البيت بعده ) 19- رجلاه في الركض رجل واليدان يد وفعله ما تريد الكف والقدم
المعنى : هو صحيح الجري ، يصف استواء وقع قوائمه ،وصحة جريه ، فكأن رجليه رجل واحدة ، لأنه يرفعهما معا ، ويضعهما معا ، وكذلك اليدان ، وهذا الجري يسمى النقال والمناقلة ، وفعله ما تريد الكف بالسوط ،والرجل بالاستحثاث ( أي رجلا الفارس ) فهو بجريه يغنيك عنهما .
20-ومرهف سرت بني الجحفلين به حتى ضربت وموج الموت يلتطم
الغريب : المرهف : السيف الرقيق الشفرتين ، والجحفلان : الجيشان العظيمان، المعنى : يقول : رب سيف رقيق الحدّين سرت به بين الجيشين العظيمين ، حتى قاتلت به والموت غالب ، تلتطم أمواجه ،ويضطرب بحره ،واستعار الموج لكتائب الحرب .
21- فالخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم
الغريب : البيداء : الفلاة البعيدة عن الماء ، والقرطاس : الكتاب فيه الكتابة وجمعه قراطيس ،
المعنى : يصف شجاعته وجلادته ،وأن هذه الأشياء لا تنكره وهي تعرفه لأنه من أهلها ، يقول : الليل : يعرفني لكثرة سيري فيه ، وطول قطعي له ،والخيل تعرفني لتقدمي في فروسيتها ،والبيداء تعرفني لداومتي قطعها ، والحرب والرمح يشهدان بحذقي والقراطيس تشهد لي لإحاطتي بما فيها ،والقلم عالم بإبداعي فيما يقيده ،
22- صحبت في الفلوات الوحش منفردا حتى تعجب مني القو والأكم
الغريب : القور : جمع قارة ، وهي الأكمة أي الرابيةالمرتفعة قليلا ، والمعنى : يقول : قد سافرت وحدي ، فلو كانت الجبال تتعجب من أحد ، لتعجبت مني لكثرة ما تلقاني وحدي ، فصحبت الوحش في الفلوات ، منفردا بقطعها ، مستأنسا بصحبة حيوانتها ، حتى تعجب مني سهلها وجبلها وروابيها .
23- يا من يعز علينا أن نفارقهم وجداننا كل شيء بعدكم عدم
المعنى : يريد : يا من يعز علينا مفارقته بما أسلف إلينا من فضله ، واستوفرناه من الحظ بقربه ، وجداننا كل شيء طائل بعدكم عدم لا نسرّ به ومحتقر لانبتهج له ، يريد : لا يخلفكم أحد في مكانتكم عندنا .
24- ما كان أخلقنا منكم بتكرمة لو أن أمركم من أمرنا أمم
الغريب : ماأخلقه بكذا وأقمنه ، وأجدره : أولاه ، والأمم : القصد ،وهو أمر بين أمرين ، لا قريب ولا بعيد .
المعنى : يقول : ما أخلقنا ببركم وتكرمتكم ،وإيثاركم ، لو أن أمركم في الاعتقاد لنا على نحو أمرنا في الاعتقاد لكم ، وما نحن عليه من الثقة بكم.
25- إن كان سركم ما قال حاسدنا فما لجرح إذا أرضاكم ألم
المعنى : يقول : إن كان مافعله الحاسد لنا ، واختلقه الواشي بيننا ، مرضيا لكم ،مستحسنا عندكم ، فما أشتكي من الجرح إذا أرضاكم مع شدة وجعه ولا يكره ألمه ،حرصا على موافقتكم ،وإسراعا إلى إرادتكم ،
26-كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم ويكره الله ماتأتون والكرم ؟
المعنى : يقول : أنتم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم وجوده ، وهذا تعنيف لسيف الدولة على إصغائه إلى الطاعنين عليه ، فما ينقلون إليه عن المتنبي ،ويقول : يكره الله ماتأتون من ذلك ويسخطه ويكرهه ، كما يكره ذلك الكرم الذي يلزمكم الإنصاف والعدل ويوجب عليكم المحافظة والعقل .
27- ما أبعد العيب والنقصان عن شرفي أنا الثريا وذان الشيب والهرم
الغريب: الثريا : معروفة وهي أنجم مجتمعه ، والهرم : الكبر والعجز.
المعنى : أنا بعيد عن العيب والنقيصة ، كبعد الثريا من الشيب والكبر ، فكما لا يلحقها الشيب والهرم ، فأنا كذلك لا يلحقني العيب والنقصان ، فما أبعد العيب والنقصان عن شرفي ورفعته ،وعرضي وسلامته .
28- بأي لفظ تقول الشعر زعنفة تجوز عندك لا عرب ولا عجم
الغريب : زعنفة : بكسر الزاي ، وجمعه : زعانف وهم اللئام السّقّاط من الناس ، وهو مأخوذ من زعنفة الأديم ، وهو ما سقط عن زوائده .
المعنى : يقول : لسيف الدولة: بأي لفظ تقول الشعر أراذل الناس ، لا عرب ولا عجم ؟ ، يريد : ليست لهم فصاحة العرب ، ولا تسليم العجم ، فليسوا شيئا .
29- هذا عتابك إلا أنه مقة قد ضمن الدر إلا أنه كلم
الغريب : المقة : المحبة والود ، والكلم : لا يكون أقل من ثلاث كلمات والكلام قد يقع على الكلمة الواحدة ، والمعنى : يقول : هذا الذي أتاك من الشعر عتاب مني إليك، وهو محبة ، لأن العتاب يجري بن المحبين ، وهو درّ حسن نظمه ولفظه ، إلا أنه كلمات ، والمعنى هذا عتابك ، وهو وإن أمضّك وأزعجك، محبة خالصة ، ومودة صادقة ، فباطنه غير ظاهره ، كما أنه قد ضمن الدرّ لحسنه وإن كان كلاما معهودا في ظاهر لفظه

انتهت القصيدة

ماجد
02-12-2007, 11:38 PM
هلا وغلا ابو عبدالرحمن


بحث كامل ومستوفي عن علم كبير من اعلام الشعر العربي


سلمت يمينك والله ولا هنت ياغالي


لاخلا ولا عدم

نبضـ الشمالــ

أبـو نـدى
03-12-2007, 11:50 PM
أخي الفاضل أبو عبدالرحمن
بارك الله فيك
جهد مميز جدا
http://www.Q8Boy.com/uploads/eaedc1a5b1.gif (http://www.Q8Boy.com)
http://www.Q8Boy.com/uploads/74943bd42c.gif (http://www.Q8Boy.com)

أ- منصور
04-12-2007, 12:00 AM
ابو عبدالرحمن

تسلم يمينك ويعطيك العافية

وجعل ماقدمته في موازين حسناتك

دنيا المشاعر
20-12-2009, 01:53 AM
شكرا بس موراضيه تفتح الصفحة

همس الإخاء
22-12-2009, 12:41 AM
جزاك الله خير

سوالف جروح
26-12-2009, 09:40 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

روان الحلوة
14-01-2010, 05:09 PM
رائع ونتمنى المزيد

alamooora
21-01-2010, 12:36 PM
تسلم ايدك يا ابو عبد الرحمن

بشوري
05-04-2010, 08:20 PM
مشكور بس المرفقات ماتفتح

وانا ابهم ضروري

كاسب العز
06-04-2010, 11:48 AM
بارك الله فيك

لك مني أجمل تحية

تقبل مرورى

كاسب العز

سليمان الذويخ
06-04-2010, 12:02 PM
يعطيـــــــــــ1000 عافية ـــــــــــــك

body25799
10-04-2010, 04:54 PM
بسم الله الرحمن الرحيم بارك الله فيك ابا عبد الرحمن
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
falseالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فاطمة الرفاعي
24-04-2010, 03:02 AM
مو راضي يتحمل معايا ليش بليييييييييييييز
ساعدوني

سفاري نار
24-05-2010, 08:42 PM
اتمنى تحديث الرابط من جديد

ghram
30-09-2010, 05:00 PM
ربي يسعدك

ملاك قلبك
02-11-2010, 02:14 PM
فرحت كثير لما حصلت الشرح,,

ليش مايتحمل,,

ياليت تسوون له تحديث

أم أولادها
14-01-2013, 05:41 AM
الله يجزاك كل خير

km200512
22-02-2013, 12:44 AM
كلام جميل والف شكررررررررررررررررررررررر رر:lopez4a4a:

أنامل الخير
20-03-2013, 09:36 PM
أبو عبدالرحمن



بارك الله فيك


وجزاك الله خيراً

w19a91a
13-04-2013, 04:41 PM
مشكورررررررررررررررر

شمس المودة
30-10-2013, 11:28 AM
جزاك الله خيرا

نجوله00
03-11-2013, 11:34 PM
,,,,,,

علامة استفهام ؟
19-11-2013, 10:34 PM
جزاكـ الله خير

زينة الكون
30-09-2014, 08:48 PM
جزاك الله خيرا

أم
08-11-2014, 09:01 AM
جزاك الله خيراً