المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المذهبية طاغوت العصر .. غفرانك !



أهــل الحـديث
11-06-2014, 10:21 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد ،

ما زلت وأنا عضو في هذا الملتقى العلمي المبارك منذ عشر سنين أناقش فضلاء كثيرين في المسائل الفقهية وأفيد منهم، وأرد على من يذم التمذهب ويطعن في المذاهب الفقهية، حتى طلع علينا أحد الأحداث قبل عشرة أيام تقريبا بموضوع غريب ينم عن سماجة وقلة حياء، كيف لا وصاحبه يقول : المذهبية طاغوت العصر !
فلم أجد إلا كلاما للإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى يرد على شبيه لهذا الطاعن في النوع والجنس، أورده هنا من رسالته القيمة (الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة)، ولا أظن الطاعن قرأها ولا سمع بها.

يقول رحمه الله تعالى:

( فإن أنت قبلت هذه النصيحة وسلكت الطريقة الصحيحة، فلتكن همتك: حفظ ألفاظ الكتاب والسنة، ثم الوقوف على معانيها بما قال سلف الأمة وأئمتها، ثم حفظ كلام الصحابة والتابعين وفتاويهم، وكلام أئمة الأمصار، واعرف كلام الإمام أحمد وضبطه بحروفه ومعانيه والاجتهاد على فهمه ومعرفته. وأنت إذا بلغت من هذه الغاية فلا تظن في نفسك أنك بلغت النهاية، وإنما أنت طالب متعلم من جملة الطلبة المتعلمين. ولو كنت بعد معرفتك ما عرفت موجودا في زمن الإمام أحمد، ما كنت حينئذ معدوداً من جملة الطالبين فإن حدثت نفسك بعد ذلك أنك قد انتهيت أو وصلت إلى ما وصل إليه السلف فبئس ما رأيت. وإياك ثم إياك أن تترك حفظ هذه العلوم المشار إليها وضبط النصوص والآثار المعول عليها، ثم تشتغل بكثير الخصام والجدال وكثرة القيل والقال وترجيح بعض الأقوال على بعض الأقوال مما استحسنه عقلك، ولا تعرف في الحقيقة من القائل لتلك الأقوال، وهل هو من السلف المعتبر بأقوالهم أو من غير أهل الاعتدال. وإياك أن تتكلم في كتاب الله أو في حديث رسول الله بغير ما قاله السلف كما أشار إليه إمامك، فيفوتك العلم النافع وتضيع أيامك. فإن العلم النافع إنما هو ما ضبط في الصدور، وهو عن الرسول أو عن السلف الصالح مأثور. وليس العلم النافع: أرأيت وأريت؛ نهى عن ذلك الصحابة ومن بعدهم ممن إذا اقتديت بهم فقد اهتديت. وكيف يصح لك دعوى الانتساب إلى الإمام، وأنت على مخالفته مصر ومن علومه وأعماله وطريقته تفر. واعلم وفقك الله: أنك كلما اشتغلت بتلك الطريقة، وسلكت السبل الموصلة إلى الله على الحقيقة، واستعملت الخشية ونفسها المراقبة، ونظرت في أحوال من سلف من الأئمة بإدمان النظر في أحوالهم بحسن العاقبة، ازددت بالله وبأمره علماً وازددت لنفسك احتقاراً وهظماً، وكان لك من نفسك شغل شاغل عن أن تتفرغ لمخالفة المسلمين. ولا تكن حاكماً على جميع فرق المؤمنين، كأنك قد أوتيت علماً لم يؤتوه أو صلت إلى مقام لم يصلوه. فرحم الله من أساء الظن بنفسه علماً وعملاً وحالاً وأحسن الظن بمن سلف، وعرف من نفسه نقصاً ومن السلف كمالاً، ولم يهجم على أئمة الدين ولا سيما مثل الإمام أحمد وخصوصاً إن كان إليه من المنتسبين. وإن أنت أبيت النصيحة وسلكت طريقة الجدال والخصام، وارتكبت ما نهيت عنه من التشدق والتفيهق وشقشقة الكلام، وصار شغلك الرد على أئمة المسلمين والتفتيش عن عيوب أئمة الدين فإنك، لا تزداد لنفسك إلا عجباً ولا لطلب العلو في الأرض إلا حبا ومن الحق إلا بعداً وعن الباطل إلا قرباً، وحينئذ فتقول: ولم لا أقول وأنا أولى من غيري بالقول والاختبار، ومن اعلم مني ومن أفقه مني؛ كما ورد في الحديث. هذا يقوله من هذه الأمة من هو وقود النار. وأعاذنا الله وإياكم من هذه الفضائح، ووفقنا وإياكم لقبول النصائح بمنه وكرمه إنه أرحم الرحمين وأكرم الأكرمين).