المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : [ تاريخ كأس العالم مُنذ إنطلاقها ]



االزعيم الهلالي
11-06-2014, 09:50 PM
http://www.elwtanews.com/wp-content/uploads/large7.jpg

بداية فكرة البطولة

تعود فكرة إقامة كأس العالم لكرة القدم إلى أول إجتماع للإتحاد الدولي لكرة القدم في عام 1904 في فرنسا وبالتحديد في باريس وكانت هُناك 7 دول حاضرة وهي : سويسرا - بلجيكا - الدنمارك - فرنسا - هولندا - إسبانيا - السويد. من خلالها تبنى الإتحاد الدولي فكرة إقامة بطولة عالمية لكرة القدم , بعد أن أستغرق القرار وقتاً طويلاً للإتفاق عليه بسبب عدة صعوبات وكانت أبرزها هو فرض اللجنة الأولمبية الدولية للفكرة خوفاً من تأثيرها على الدورات الأولمبية وكذلك خوفاً من سيطرة الإتحاد الدولي على اللعبة الأشهر في العالم.

الفكرة عادت مرة أخرى في عام 1921 على يد المحامي الفرنسي جول ريميه والذي أصبح بوقت لاحق رئيس للإتحاد الدولي لكرة القدم والذي كان يعمل جاهداً من أجل إنشاء أول بطولة عالمية لكرة القدم , فعلاً بعد 7 سنوات من تعيينه في منصب الرئاسة وافق الإتحاد الدولي في إجتماع تاريخي تم في 25 مايو 1928 على إنشاء بطولة كأس العالم والتي كانت تُسمى آنذاك بكأس النصر.

قامت الأوروغواي بالمبادرة إلى تنظيم البطولة وتمت الموافقة لأنها كانت رائدة المنتخبات في ذلك الوقت وبطلة آخر دورتين أولمبية وأستطاعت تقديم تسهيلات للمنتخبات المشاركة , تكفل الإتحاد الدولي بدفع مصاريف الفرق وتنقلاتها كانت صعبة في ذلك الوقت , قبل عامين من إنطلاق أول بطولة كأس العالم , أشترطت التعليمات على وجود جائزة قيمة تقدم للمنتخب الفائز بالبطولة , مما دفعهم إلى إنشاء بطولة كأس العالم وإنطلقت البطولة لأول مرة في عام 1930 ولا زالت مُستمرة كل 4 سنوات حتى هذا اليوم.

كأس العالم 1930 .. الأوروغواي بطلة النسخة الأولى

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/52/31/19/523119_FULL-LND.jpg

لم يلق قرار الاتحاد الدولي FIFA إقامة النهائيات في أوروجواي استحسان بعض الدول، وتحديدا الأوروبية منها، حيث كانت القارة العجوز تتخبط آنذاك في أزمة مالية خانقة. كما أن المشاركة في كأس عالمية تقام خارج الحدود الأوروبية كانت تحتم على المنتخبات المشاركة تكبد مشقة السفر لفترة طويلة قبل الوصول إلى مونتيفيديو، حيث كان ذلك يعني أن الأندية الأوروبية ستحرم من خدمات أبرز لاعبيها لفترة طويلة، وهي قضية مازالت تثير الكثير من الجدل إلى يومنا هذا.

وكان تنظيم كأس العالم مختلفا عما هو عليه الآن، إذ لم يكن يجرى آنذاك من خلال نظام التصفيات, وقد حضرت كل المنتخبات الثلاثة عشر عن طريق الدعوة، ولم يتم سحب قرعة النهائيات إلا بعد وصول جميع الفرق المشاركة إلى أوروجواي.

وجمعت المباراة الافتتاحية منتخب فرنسا بنظيره المكسيكي، حيث انتهت بفوز مستحق للأول بنتيجة 4-1، فيما أوقعت المباراة النهائية أصحاب الأرض أمام جيرانهم من الأرجنتينيين. وبعد تخلف منتخب أوروجواي 1-2 مع انتهاء الشوط الأول، نجح الفريق المضيف في العودة من بعيد ليحول تأخره في النتيجة إلى فوز 4-2 ويحرز بالتالي لقب الكأس التي صممها النحات الفرنسي "أبيل لافلور".

أول كأس عالم، أول أساطير الكرة

إذا كانت كرة القدم قد أبصرت النور رسميا بإنشاء الاتحاد الدولي FIFA عام 1904، فإنها لم تمارس بطريقة رسمية في بطولة كبرى إلا اعتبارا من عام 1924 خلال دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في العاصمة الفرنسية باريس. ففي هذه التظاهرة الرياضية الكبرى، التي تقام مرة كل أربع سنوات، شاركت وللمرة الأولى منتخبات من مختلف القارات للتنافس على اللقب.

وحققت الدورة الأولمبية نجاحا منقطع النظير خصوصا في المباراة النهائية التي جمعت أوروجواي وسويسرا وانتهت لمصلحة ممثل أميركا الجنوبية بحضور 50 ألف متفرج.

لكن في النسخة التالية التي أقيمت في أمستردام عام 1928، أعلنت عدة دول عزوفها عن المشاركة، فبدا لزاما استحداث بطولة خاصة بكرة القدم خصوصا في ظل نمو الكرة الاحترافية.

وفي 26 آيار/مايو عام 1928، أقر مؤتمر الاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA المنعقد بأمستردام إقامة أول دورة عالمية عام 1930، حيث تم على الاتفاق على فتح باب المشاركة أمام جميع الاتحادات المنضوية تحت لواء FIFA. وفي 18 آيار/مايو عام 1929، أقر مؤتمر FIFA في مدينة برشلونة الأسبانية منح شرف استضافة النسخة الأولى من بطولة كأس العالم إلى دولة أوروجواي.

الرحلة إلى المونديال

كان من الطبيعي اختيار أوروجواي لتنظيم أول نسخة من كأس العالم، لكونها توجت بطلة أولمبية قبل عامين وصودف احتفالها أيضا بذكرى مرور 100 عام على استقلالها.

وقوبل قرار مؤتمر FIFA بحماس منقطع النظير في معظم الاتحادات المنضوية تحت لواء أكبر سلطة كروية في العالم، بيد أن الدول الأوروبية أثارت بعض التحفظات على مكان إقامة البطولة، خصوصا أنه كان يتوجب على منتخباتها عبور الأطلسي في رحلة طويلة وشاقة ومكلفة إن أرادت المشاركة في الدورة.

فقبل موعد انطلاق البطولة بشهرين لم تؤكد أي دولة أوروبية مشاركتها . لكن التدخل الشخصي لرئيس الاتحاد الدولي "جول ريميه" كان حاسما في إقناع أربع دول في المشاركة، وهي فرنسا وبلجيكا ويوغوسلافيا ورومانيا. وأبحرت هذه الدول من "فيلفرانش سور مير" على متن السفينة "كونتي فيردي" في 21 حزيران/يونيو عام 1930 لتصل إلى ريو دي جانيرو في 29 من الشهر نفسه، حيث سافر على متن السفينة ذاتها أعضاء منتخب البرازيل، لترسو أخيرا في ميناء مونتيفيدو في 4 تموز/يوليو.

نجاح منقطع النظير

شارك في النسخة الأولى من بطولة كأس العالم 13 منتخبا منها أربعة منتخبات أوروبية وثمانية من أميركا الجنوبية بالإضافة إلى الولايات المتحدة.

وقدمت المنتخبات المشاركة عروضا فنية لافتة، وبينما توقع الجمهور المحلي سيطرة منتخبات أميركا الجنوبية، فإن نظيراتها الأوروبية وقفت ندا عنيدا، وتحديدا المنتخب الفرنسي الذي تغلب على نظيره المكسيكي 4-1 في المباراة الافتتاحية، قبل أن يخسر بصعوبة أمام الأرجنتين بهدف يتيم في موقعة بطولية.

وشهد اللقاء حادثة طريفة عندما أطلق الحكم صافرته النهائية قبل ست دقائق من نهاية الوقت الأصلي. وبعد احتجاجات قوية عاد الحكم ليطالب اللاعبين بالعودة إلى أرض الملعب، علما أن بعضهم كان ساعتها تحت مرشة الحمام.

أول نهائي، أول أسطورة

كانت الأجواء مثيرة في مدرجات ملعب "سنتيناريو"، الذي غص بمئة ألف متفرج لمتابعة أول نهائي في كأس العالم، وزاد من سخونة الأجواء أن جمعت المباراة الفاصلة بين الجارين اللدودين أوروجواي والأرجنتين.

وتخلف أصحاب الأرض بنتيجة 1-2 في نهاية الشوط الأول، قبل أن يتعملق نجوم "لاسيليستي" في الجولة الثانية ويقلبوا النتيجة في مصلحتهم 4-2 وسط اندهاش لاعبي الأرجنتين.

وتسلم قائد منتخب أوروجواي "خوسيه ناسازي" لقب الكأس من رئيس الاتحاد الدولي FIFA "جول ريميه". وكانت الكأس تدعى آنذاك "فيكتوار أوزيل دور"، وهي عبارة عن تمثال صغير مصنوع من الذهب الخالص، ويبلغ وزنه أربعة كيلوغرامات وطوله 30 سنتمترا.

ولم تتوقف الاحتفالات في مونتيفيدو لأيام عدة، لدرجة أعلنت معها سلطات البلاد اليوم التالي من المباراة، الموافق ليوم 31 تموز/يوليو، عيدا وطنيا.

لقد كان فوز أوروجواي بلقب الدورة الأولى بمثابة انطلاقة حقيقية لأسطورة كأس العالم، إذ أعلن رسميا عن بداية الطابع الكوني لرياضة كرة القدم وانتشارها الواسع في مختلف أرجاء العالم.

كأس العالم 1934 .. إيطاليا وعودة تاريخية

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/52/29/16/522916_FULL-LND.jpg

أصبح المنتخب الإيطالي أول فريق أوروبي يتوج بلقب بطولة كأس العالم FIFA، عندما استضاف على أرضه النسخة الثانية من المسابقة سنة 1934. ولقيت الدورة الثانية نجاحا أكبر من سابقتها، كونها أقيمت في ثماني مدن وأذيعت على الهواء مباشرة، فتمكن عشاق كرة القدم من متابعة المنافسات عبر الأثير في 12 دولة مشاركة.

وكما حصل مع أوروجواي قبل أربع سنوات، استغلت إيطاليا عاملي الأرض والجمهور لتهزم تشيكوسلوفاكيا 2-1 بفضل هدفين من توقيع "رايموندو أروسي" و"أنجلو سكيافيو"، ليحرز منتخب المدرب الشهير "فيتوريو بوتزو" لقبه العالمي الأول.

وبعد نجاح النسخة الأولى، اعتمد الاتحاد الدولي نظام التصفيات بمشاركة 32 منتخبا، على أن يتأهل منها 16 إلى النهائيات. وحجزت إيطاليا بطاقة التأهل على حساب اليونان، كما تأهلت المكسيك بدورها إلى النهائيات بعد أن تفوقت على كوبا، لكنها لم تلعب أي مباراة في إيطاليا، حيث اضطرت إلى خوض مباراة فاصلة مع الولايات المتحدة التي تقدمت بطلب مشاركتها في وقت متأخر. وانتهت المواجهة بفوز الأخيرة 4-2 لتحل محل المكسيك في العرس الكروي.

نسخة ثانية في غياب حامل اللقب

كان منتخب أوروجواي الغائب الأكبر عن الدورة الثانية، ذلك أنه رفض الحضور ردا على عدم مشاركة إيطاليا عندما استضاف النسخة الأولى، ليدخل حامل اللقب سجل الأرقام القياسية بصفته الفريق الوحيد الذي لم يدافع عن لقبه طوال تاريخ البطولة.

وخلت الدورة في مراحلها المتقدمة من المنتخبات الأميركية الجنوبية، بعدما خرجت كل من البرازيل والأرجنتين من الدور الأول، عقب هزيمتهما أمام أسبانيا والسويد على التوالي.

ولم يضم المنتخب الأرجنتيني أي لاعب من الفريق الذي شارك في المباراة النهائية للدورة الأولى، حيث خسر العديد من عناصره لمصلحة المنتخب الإيطالي، كان أبرزهم لاعب الوسط المتألق "لويزيتو مونتي"، الذي نجح في قيادة المنتخب الإيطالي إلى اللقب بمعية أربعة من زملائه في المنتخب الأرجنتيني سابقا نظرا لجذورهم الإيطالية، ويتعلق الأمر بكل من "أتيليو دي ماريا" و"إنريكو غوايتا" و"أورسي".

وسجل "سكيافو" ثلاثية و"أورسي" هدفين ليساهما في فوز ساحق لفريقهم على حساب الولايات المتحدة 7-1 في روما. وكان ذلك أكبر فوز في البطولة، لكنه لم يكن الحدث الوحيد الذي سرق الأضواء في هذه النهائيات، إذ نجح المنتخب المصري - أول سفير للكرة الأفريقية في العرس العالمي-في إحراج نظيره المجري عندما نجح في قلب تخلفه بهدفين نظيفين إلى تعادل 2-2 قبل أن يسقط بنتيجة 2-4. وفي المقابل وقف المنتخب الفرنسي ندا عنيدا أمام نظيره النمساوي قبل أن يسقط 2-3 في الوقت الإضافي.

النمسا تكشر عن أنيابها

دخلت النمسا البطولة مرشحة إلى جانب إيطاليا لأحراز اللقب، حيث نجح مدربها "هوغو ميسل" في إدخال تحسينات على أسلوب التمريرات القصيرة التي كان قد جلبها إلى أوروبا الوسطى الإنجليزي "جيمي هوغان". وتمكن المنتخب النمساوي، بقيادة المهاجم الرائع "ماتياس سينديلار"، من التفوق على نظيره الإيطالي 4-2 في مباراة ودية أقيمت في فلورنسا قبل أربعة أشهر على انطلاق كأس العالم. بيد أن الفريق لم يتمكن من فرض أسلوبه السلس في مباراته ضد المجر برسم ربع النهائي، والتي كانت مليئة بالخشونة والعصبية، حيث بدت أشبه "بمعركة شوارع"، لتنتهي في الأخير بفوز صعب للنمسا بنتيجة 2-1.

وفي المقابل، لم تسمح الظروف المناخية بأن يقدم المنتخب النمساوي عرضا جيدا في مواجهة إيطاليا في نصف النهائي، خصوصا وأن نجمه "سينديلار" خضع لرقابة لصيقة من قبل "مونتي" أفشلت حركته وأبعدته عن اللقاء بشكل كامل. ونجح المنتخب الإيطالي في الخروج فائزا في مباراة أقيمت على أرضية مبللة وثقيلة بفضل هدف وحيد سجله "غوايتا". وكانت تلك ثالث مباراة لمنتخب "الأزوري" في أربعة أيام، بعد فوز شاق على أسبانيا في ربع النهائي.

والتقى المنتخبان الإيطالي والأسباني للمرة الأولى في 31 أيار/مايو، حيث أسفرت المباراة عن تعادلهما 1-1، ليلتقي الفريقان مرة أخرى بعد 24 ساعة، حيث لعبت أسبانيا من دون حارسها الأساسي الشهير "زامورا"، لينجح "جوسيبي مياتزا" في تسجيل هدف المباراة الوحيد. ونظرا لشهرة "مياتزا" وتألقه، أطلق اسمه على ملعب "سان سيرو" في مدينة ميلانو.

واحتج الأسبان على عدم احتساب أكثر من هدف لمصلحتهم في المواجهتين ضد إيطاليا، لكن الجماهير الإيطالية لم تكترث لاعتراضهم، مفضلة التركيز على الاحتفال بنشوة فوز فريقها.

جمهور متميز

قدر عدد المتفرجين الذين تابعوا النهائيات بحوالي 367 ألف متفرج، أكثر من نصفهم من الإيطاليين الذين حضروا المباريات الخمس لمنتخب بلادهم.

وكانت إيطاليا خاضعة للنظام الفاشي بقيادة الزعيم "بينيتو موسوليني" الذي استغل تنظيم البطولة لاستعراض قوة بلاده، حتى أنه صمم كأسا مرادفة للبطولة أطلق عليها اسم "كأس دل دوتشي"، حيث تفوقت في حجمها على الكأس الأصلية.

وجمعت المباراة النهائية، التي أقيمت في روما يوم 10 حزيران/يونيو، بين منتخبي إيطاليا وتشيكوسلوفاكيا. وكما كان حال المنتخب النمساوي، فإن نظيره التشيكوسلوفاكي كان ينتمي إلى مدرسة "دول الدانوب" التي تتميز بالتمريرات القصيرة السريعة.

وضم المنتخب التشيكوسلوفاكي حارسا رائعا هو "فرانتيسيك بلانيكا"، بالإضافة إلى المهاجم المتألق "أولدريخ نييدلي"، الذي توج هدافا للبطولة برصيد 5 أهداف.

وبعد فوز صعب على رومانيا في مستهل مشواره في البطولة، نجح المنتخب التشيكوسلوفاكي في قلب تخلفه أمام سويسرا إلى فوز 3-2 في ربع النهائي بفضل هدف حاسم من توقيع "نييدلي"، الذي عاد ليضيف ثلاثية رائعة أمام ألمانيا في نصف النهائي ويضمن فوز فريقه بنتيجة 3-1. وكان عزاء ألمانيا في الميدالية البروزنية بعد فوزها على النمسا في مباراة المركزين الثالث والرابع.

ولم يتمكن "نييدلي" من التسجيل في المباراة النهائية، لكن الجناح التشيكوسلوفاكي "بوك" نجح في افتتاح حصة الأهداف لمنتخب بلاده، بعد مرور 14 دقيقة بتسديدة زاحفة وسط صمت تام في المدرجات التي غصت بحوالي 50 ألف متفرج. وكاد مرمى المنتخب الإيطالي أن يتلقى هدفا ثانيا لكن العارضة تصدت لتسديدة "سفوبودا".

ورمى أصحاب الأرض بكل ثقلهم في الشوط الثاني فأثمر الضغط هدف التعادل بواسطة "أورسي" الذي سدد كرة داخل شباك الحارس "بلانيكا" في الدقيقة 81. واستمر التعادل الإيجابي سيد الموقف في نهاية الوقت الأصلي، فخاض المنتخبان وقتا إضافيا نجح خلاله المنتخب الإيطالي في تسجيل هدف الفوز بواسطة "سكيافينو".

وكان المدرب الإيطالي القدير "فيتوريو بوتزو" أعطى تعليماته لكل من "سكيافينو" و"غوايتا" بتبادل المراكز فيما بينهما، وقد أعطت هذه الخطة ثمارها، عندما مرر "ميازا" كرة متقنة ترجمها "سكيافينو" إلى هدف الفوز، مانحا بذلك بلاده أول لقب عالمي.

كأس العالم 1938 .. إيطاليا تتمسك باللقب

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/52/29/12/522912_FULL-LND.jpg

لم تكن الظروف المحيطة بالمونديال الفرنسي عادية على الإطلاق، حيث أقيمت البطولة الثالثة لكأس العالم FIFA وسط أجواء الحرب والصراعات. ولم يعكر هذا الواقع على الجمهور الفرنسي استمتاعه بهذا العرس الكروي على مدى 15 يوماً، ألهب خلالها المنتخب البرازيلي المشاعر بقدرات لاعبيه، قبل أن يذهب اللقب في النهاية إلى إيطاليا عن جدارة واستحقاق.

ولم تضم تشكيلة "بوتزو" في دورة فرنسا سوى ثلاث لاعبين من الفريق المتوج بلقب 1934، حيث عول المدرب كثيراً على خدمات لاعبي الوسط "جيوزيبي مياتزا" و"جيوفاني فيراري" بالإضافة إلى المهاجم النجم "بيولا"، الذي سجل هدفين من أصل أربعة في النهائي أمام المجر، لتصبح إيطاليا بذلك أول فريق يحافظ على لقبه في بطولة كأس العالم.

وكانت نهائيات 1938 آخر حدث رياضي دولي قبل انطلاق شرارة الحرب العالمية الثانية، إذ لم تشارك أسبانيا بسبب تخبطها في حرب أهلية، كما انسحبت النمسا بعدما أصبحت تابعة للحكم الألماني، إلا أنها كانت ممثلة ببعض اللاعبين ضمن منتخب ألمانيا. كما اتفقت أوروجواي والأرجنتين على عدم المشاركة بعد إخفاقهما في استضافة الحدث على أرضهما، بينما اختارت البرازيل السفر إلى فرنسا، حيث قدمت مباراة غاية في الروعة أمام بولندا ضمن الدور الأول.

سباعية لونيداس

بقيت مباراة البرازيل وبولندا راسخة في ذاكرة بطولة كأس العالم، حيث فاز منتخب "السامبا" بنتيجة 6-5 بعد التمديد لإنتهاء الوقت الأصلي بالتعادل 4-4. وتعملق "ليونيداس" في هذا المهرجان التهديفي بتسجيله ثلاثية كانت كفيلة بمنح البرازيل بطاقة التأهل إلى الدور ربع النهائي، إلا أنه لم يكن الوحيد الذي تألق في هذه الموقعة حيث سجل البولندي "إرنست فيليموفسكي" رباعية سمح من خلالها لمنتخب بلاده بقلب تخلفه من 1-3 إلى تعادل 3-3 ثم 4-4، لكنه استسلم بعدها لتفوق رفاق "ليونيداس" الذي فاز بلقب هداف البطولة بسبع أهداف.

وودع "فيليموفسكي" فرنسا بجائزة ترضية، حيث أصبح أول لاعب يسجل رباعية في كأس العالم، فيما واصل "ليونيداس" مشواره مع منتخب بلاده في طريقه للتتويج بلقب هداف البطولة برصيد 7 أهداف، متقدما على المجري "غيولا زينغيلر" صاحب 6 أهداف، والتي سجل منها هدفين في الدور الأول أمام جزر الهند الهولندية الشرقية التي ظهرت للمرة الأولى والأخيرة في هذا الحدث، قبل أن تودعه إلى الأبد بهزيمة ثقيلة على يد المجر بسداسية نظيفة.

كما كانت كوبا ضمن الوافدين الجدد على البطولة، لكن مشاركتها كانت بطعم آخر، إذ حققت مفاجأة من العيار الثقيل عندما أطاحت برومانيا بنتيجة 2-1 في مباراة معادة، بعد انتهاء المواجهة الأولى بالتعادل 3-3. ويرجع الفضل في ذلك إلى المهاجم "سوكورو"، الذي هز الشباك الرومانية في المباراتين. لكن حلم رفاق "سوكورو" - الذي يعني اسمه بالأسبانية "النجدة" - انتهى عند الدور ربع النهائي بهزيمة قاسية جداً على يد السويديين قوامها ثمانية أهداف نظيفة.

وعند هذا الدور انتهى المشوار الألماني أيضاً وكان ذلك على يد السويسريين الذين فازوا 4-2 في مباراة معادة، بعد تعادل الطرفان 1-1 في اللقاء الأول. وكان مدرب المنتخب الألماني حينها "سيب هيربيرغ" الذي قاد الفريق إلى اللقب العالمي بعد 16 عاماً في سويسرا بالضبط. لكن من لفت الأنظار في مواجهة 1938 كان على مقعد الاحتياط في الجهة المقابلة، حيث طبق النمساوي "كارل رابان" مع المنتخب السويسري خطة دفاع محكمة عرفت لاحقا مع الإيطاليين باسم "كاتيناتشيو".

ولم يلق الوجود الألماني والإيطالي على الأراضي الفرنسية ترحيباً كبيراً، حيث نظم الجمهور المحلي مظاهرات حاشدة ضد النظام الفاشي، إلا أن ذلك لم يؤثر على "بوتزو" ومنتخبه الذي أظهر مستوى تصاعدي من مباراة إلى أخرى، بينما ودع الألمان البطولة مبكراً.

إيطاليا تقصي أصحاب الأرض

بدأ منتخب "الأزوري" مشواره بالفوز على النرويج 2-1 بعد التمديد بفضل هدف من "بيولا"، ثم تخطى صاحب ذهبية أولمبياد 1936 نظيره الفرنسي في ربع النهائي 3-1 بعد هدفين آخرين من توقيع "بيولا" أمام 59 ألف متفرج احتشدوا في ملعب "كولومب" في ضواحي باريس، ليؤكد أن فوزه بلقب 1934 لم يكن فقط بسبب لعبه على أرضه وبين جمهوره.

ولم يكن "موسوليني" بعيداً عن أجواء مواجهة ربع النهائي أمام فرنسا، حيث ارتدى لاعبو المنتخب الإيطالي قمصاناً سوداء بناء على أوامر الديكتاتور الفاشي.

ولم يكن التوتر والتعصب محصوراً فقط بمباراة فرنسا وإيطاليا، حيث كانت المواجهة الأخرى في ربع النهائي بين البرازيل وتشيكوسلوفاكيا ضارية بكل ما للكلمة من معنى، بعدما شهدت ثلاث بطاقات حمراء، فضلا عن إصابات وكسور متعددة قبل أن تنتهي بالتعادل 1-1 بعد التمديد.

وتعرض الحارس التشيكوسلوفاكي "فرانتيزك بلانيكا" لكسر في يده وزميله المهاجم "أولدريخ نييدلي"، هداف نسخة 1934، لكسر في ساقه لحظة تسجيله هدف التعادل لبلاده، بعد أن افتتح "ليونيداس" التسجيل لمصلحة البرازيل.

واحتكم الفريقان إلى مباراة معادة شهدت مشاركة لاعبَين فقط من المباراة الأولى مع المنتخب البرازيلي، كان أحدهما المهاجم "ليونيداس"، والذي وجد طريقه مجددا إلى الشباك في لقاء حسمه منتخب بلاده 2-1 ليخطف بطاقة التأهل إلى المربع الذهبي لأول مرة في تاريخه.

وقرر مدرب البرازيل "أديمار بيمينتا" أن يبقي "ليونيداس" خارج التشكيلة التي واجهت إيطاليا في مباراة نصف النهائي في مارسيليا، فدفع ثمن خياره هذا غالياً، حيث ودع الفريق المنافسات على يد المنتخب الإيطالي لخسارته بنتيجة 2-1 في مباراة لم يقدم خلالها المنتخبان أي شيء يذكر.

وأكد "ليونيداس"، الذي أطلق عليه الجمهور الأوروبي لقب "الجوهرة السوداء"، فداحة الخطأ الذي ارتكبه مدربه عندما عاد إلى التشكيلة في مباراة تحديد المركز الثالث ليسجل هدفين وليقود البرازيل للفوز على السويد 4-2.

وكانت السويد قد خسرت المواجهة الثانية ضمن دور نصف النهائي أمام المجر 1-5 في مباراة تألق خلالها "زينغيلر" بتسجيله ثلاثية حرمت السويديين من منح ملكهم "غوستاف الخامس" هدية التأهل إلى النهائي في الذكرى الثمانين لولادته.

وكان المنتخب المجري بقيادة مدربه "ألفرد شافر" و"زينغيلر" الأوفر حظا للفوز باللقب، عندما دخل لمواجهة إيطاليا في باريس. ولكن منتخب "بوتزو" خالف كل التوقعات وخرج فائزاً من المواجهة عن جدارة واستحقاق، بفضل الثنائي "فيراري" و"مياتزا"، أو "مهندسي النصر" بحسب صحيفة "لوتو" حينها.

واستهل المنتخب الإيطالي المباراة بطريقة مثالية فافتتح التسجيل منذ الدقيقة السادسة بواسطة "كولاوزي" ولكن الرد المجري جاء بعد دقيقتين فقط عندما أدرك "بال تيتكوس" التعادل. إلا أن التفوق الإيطالي كان واضحاً، حيث أنهى رجال "بوتزو" الشوط الأول متقدمين بنتيجة 3-1، بعدما أضاف "بيولا" و"كولاوزي" هدفين في الدقيقتين 16 و35.

إلا أن المجريين رفضوا الاستسلام وعادوا مجدداً إلى أجواء اللقاء بعدما قلص "غريغوري ساروزي" الفارق في الدقيقة السبعين قبل أن يطلق "بيولا" رصاصة الرحمة في الدقيقة 82 بتسجيله هدفه الشخصي الثاني في المباراة والخامس في البطولة، مؤكدا جدارة تتويج منتخب بلاده باللقب للمرة الثانية على التوالي.

كأس العالم 1950 .. يوم أسود للبرازيل في الماراكانا

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/51/23/07/512307_FULL-LND.jpg

شيدت البرازيل أكبر ملعب في العالم ليكون مسرحا رائعا لنهائيات عام 1950، بيد أن حلمها بالتتويح باللقب العالمي للمرة الأولى في هذه المعلمة الرياضية اندثر في واحدة من أكبر مفاجآت البطولة على الإطلاق.

واختتمت هذه النسخة من كأس العالم على شكل بطولة مصغرة تضم أربعة منتخبات، على أن يحرز اللقب الفريق الذي يحقق أعلى رصيد من النقاط. والتقت البرازيل مع أوروجواي في المباراة الحاسمة لتحديد هوية البطل، حيث كان التعادل كافيا لتتويج أصحاب الأرض. ونجح منتخب السامبا في افتتاح حصة التسجيل عبر "فرياكا" قبل أن تقلب أوروجواي النتيجة في مصلحتها بواسطة هدفين حملا توقيع كل من "خوان شيافينو" و"السيديس غيغيا".

ونزل الهدفان كقطعة ثلج بارد على الجماهير المحلية، حيث أطبق صمت رهيب على مدرجات ملعب "ماراكانا"، في الوقت الذي كانت الجارة الجنوبية الصغيرة تحتفل بلقبها الثاني.

وكانت أوروجواي، التي توجت بطلة أيضا عام 1930، قد خاضت مباراة واحدة قبل بلوغ الدور النهائي من البطولة، حيث سحقت بوليفيا بثمانية أهداف نظيفة، لكنها نجحت بعد ذلك في قلب تخلفها في مبارياتها الثالث الموالية، ليؤكد رجال المدرب "إيفان لوبيز" مدى تماسكهم وقوتهم المعنوية في هذه البطولة، ما أدى إلى خلق كلمة جديدة في اللغة الأسبانية "ماراكانوزو"، وهي ما زالت سارية حتى أيامنا هذه للإشارة إلى خسارة البرازيل أمام فريق منافس في الملعب الشهير.

وكانت بطولة كأس العالم FIFA في البرازيل أول دورة تقام بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث بقيت الكأس المرموقة خلال سنوات الصراع مخبأة في علبة أحذية تحت سرير نائب رئيس الاتحاد الدولي FIFA الدكتور "أوتورينو باراسي". وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، أصبحت البطولة تحمل اسم "كأس جول ريميه" للاحتفال باستمرارية هذا الحدث العالمي الكبير.

13 منتخباً في النهائيات

لم يشارك في النهائيات سوى 13 منتخبا، وذلك بسبب غياب بعض دول أوروبا الشرقية وسلسلة انسحابات من منتخبات عريقة مثل الأرجنتين وفرنسا، حيث اعترضت هذه الأخيرة احتجاجا على برنامج البطولة الذي كان يتطلب رحلة مسافتها 3.500 كلم بين المباراة والأخرى.

وشاركت إنجلترا للمرة الأولى بعد إحرازها بطولة الدول البريطانية، بينما اعتذرت اسكتلندا رغم احتلالها المركز الثاني في البطولة ذاتها، وهي نتيجة كانت تخول لها المشاركة في نهائيات كأس العالم. ومن جهة أخرى، شهدت البطولة تخلف منتخب تركيا الذي اعتذر عن المشاركة كذلك. وفي المقابل، رفضت الهند المشاركة احتجاجا على قرار الاتحاد الدولي FIFA بعدم السماح للاعبي منتخبها باللعب حفاة الأقدام. أما أوروجواي فقد كانت ضمن خمس دول من أميركا الجنوبية التي لم تخض أي مباراة في التصفيات.

وجرى الدور الأول بنظام غير مألوف، حيث وزعت المنتخبات المشاركة على مجموعتين مؤلفتين من أربعة فرق، ومجموعة أخرى من ثلاثة، ورابعة مشكلة فقط من منتخبي أوروجواي وبوليفيا. وإذا كان ملعب "ماراكانا" صرحا لطموحات البرازيليين، فإن الآمال كانت معلقة على رجال المدرب "فلافيو كوستا" ليقارعوا عظمة هذا المعلمة العمرانية الكبيرة. وبالفعل استهل نجوم السامبا مشوارهم في البطولة بفوز رائع على المكسيك برباعية نظيفة.

وبعد أن تعادل المنتخب البرازيلي مع نظيره السويسري 2-2 في مباراته الثانية، كان الفريق في حاجة إلى الفوز في مباراته الأخيرة ضد يوغوسلافيا لبلوغ الدور النهائي. وحالف الحظ أصحاب الأرض في تلك المواجهة، حيث كان مهاجم يوغوسلافيا "رايكو ميتيتش" يخضع للعلاج لإصابة في رأسه، عندما نجح المنتخب البرازيلي في افتتاح حصة التسجيل بواسطة "اديمير" قبل أن يضيف الثاني عبر "زيزينيو".

وفي الوقت الذي حجز المنتخب البرازيلي بطاقته إلى الدور النهائي، ودع المنتخب الإيطالي حامل اللقب البطولة بخسارته أمام السويد 2-3. وكان المنتخب الاسكندينافي الهاوي خسر ثلاثيه المتألق "غونار غرين" و"غونار نوردال" و"نيلز ليدهولم" لمصلحة الدوري الإيطالي الممتاز بعد فوز السويد بذهبية دورة الألعاب الأولمبية عام 1948. لكن ذلك لم يمنع رجال المدرب الإنجليزي "جورج راينور" من التغلب على المنتخب الإيطالي الذي فقد أبرز أعمدته بسبب تحطم طائرة كانت تقل لاعبي تورينو، موديا بحياة 19 منهم، في ما عرف بكارثة "سوبرغا" قبل عام من انطلاق بطولة العالم.

الولايات المتحدة تباغت إنجلترا

كان "راينور"، الذي نجح في قيادة منتخب السويد إلى المركز الثالث في هذه البطولة، الإنجليزي الوحيد الذي ظل مبتسما طوال أيام المنافسات، ذلك أن منتخب بلاده تعرض لخسارة مذلة في أول مشاركة له في النهائيات. ووصل الإنجليز، الذين يعتبرون مؤسسي كرة القدم الحديثة، إلى نهائيات البرازيل دون أن يسبق ذلك أي استعداد أو تحضير جدي، فدفعوا الثمن غاليا في مدينة "بيلو هوريزونتي" عندما خسروا أمام الولايات المتحدة صفر-1. وكان المنتخب الأميركي، بقيادة الأسكتلندي "بيل جيفري"، قد تقدم على إسبانيا 1-صفر في معظم فترات مباراته الأولى قبل أن يسقط بنتيجة 1-3، لكنه نجح أمام إنجلترا في الحفاظ على هدف السبق الذي سجله في الشوط الأول اللاعب "جو غايتينز" المولود في "هايتي" .

واعتقدت الصحف الإنجليزية للوهلة الأولى بوجود خطأ مطبعي، فصححته معتبرة بأن المباراة انتهت في مصلحة منتخب بلادهم بواقع 10-1. لكن الحقيقة أن المنتخب الإنجليزي، الذي ضم في صفوفه "ألف رامسي" مهندس فوز منتخب بلاده بالكأس لاحقا عام 1966، كان في طريقه إلى خروج مذل من الدور الأول، حيث سقط في مباراته الثانية أمام أسبانيا بالنتيجة ذاتها، بعدما تلقت شباكه هدفا مباغثا من توقيع "زارا".

واستهل المنتخب البرازيلي الدور النهائي بشكل رائع مسجلا فوزا ساحقا على السويد 7-1، حيث أحرز مهاجمه "أديمير" رباعية، ساهمت لاحقا في تتويجه هدافا للبطولة برصيد 8 أهداف. وواصل أصحاب الأرض تألقهم عندما حققوا فوزا عريضا على أسبانيا 6-1 ليضعوا يدا واحدة على الكأس قبل خوض المباراة الأخيرة والحاسمة ضد أوروجواي، والتي كانت قد قلبت تخلفها في مباراتها أمام السويد إلى تعادل 2-2، قبل أن تتخطى أسبانيا بصعوبة 3-2.

ورغم أن منتخب "لاسيليستي" فاز في واحدة من ثلاث مباريات ودية ضد البرازيل قبل انطلاق البطولة بشهرين، فإن الثقة العالية في صفوف أصحاب الأرض جعلت صحيفة "غازيتا اسبورتيفا" الصادرة في ساو باولو تعلن تحت عنوان عريض "غدا سنهزم أوروجواي! وأعلن عمدة ريو دي جانيرو البرازيل بطلة للعالم قبل انطلاق المباراة النهائية. ولم يكن أحد يتوقع حدوث العكس، لكن خابت تنبؤات الجمهور الذي قدر رسميا بحوالي 174 ألف متفرج- لكن العدد ناهز 200 ألف على الأرجح.

وكما كان منتظرا، تمكن المنتخب البرازيلي من افتتاح باب التسجيل بعد عملية مشتركة بين "زيزينيو" و"أديمير" أثمرت تسجيل "فرياكا" لهدف السبق. لكن أوروجواي، بقيادة "أوبدوليو فاريلا"، أدركت التعادل في الدقيقة 66 عندما تفوق "غيغيا" في الجهة اليمنى على "بيغودي" وأرسل كرة عرضية باتجاه "شيافينو" فأودعها الأخير في الشباك. ثم حدث ما لم يكن في الحسبان في الربع ساعة الأخير، حيث نجح "غيغيا" في التفوق مجددا على "بيغودي"، ليودع الكرة بسهولة داخل شباك الحارس البرازيلي "باربوسا" ويرسل أوروجواي إلى النعيم والبرازيل إلى الجحيم.

كأس العالم 1954 .. نهاية العصر الذهبي للمجر

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/51/51/51/515151_FULL-PRT.jpg

نجح المنتخب الألماني في تحقيق مفاجأة أكبر من مفاجأة أوروجواي قبل أربع سنوات حين فاز باللقب في سويسرا منهياً السجل الكبير للمجر بدون أي خسارة في 31 مباراة في نهائي أصبح يعرف باسم معجزة بيرن. حيث قلب المنتخب الألماني تخلفه بهدفين ليحقق الفوز بنتيجة 3-2 على نفس الخصم الذي خسر أمامه بنتيجة 8-3 قبل أسبوعين ليقدم جول ريميه، رئيس الإتحاد الدولي FIFA في ذلك الوقت الكأس إلى فريتز فالتر ليتعلم الجميع درساً مهماً وهو: "لا تستبعدوا الألمان أبدا من حساباتكم".

بوشكاش "الرائد القوي"

دخل منتخب المجر إلى نهائيات 1954 وهو يحمل اللقب غير الرسمي كأفضل فريق في العالم بعدما توجوا بذهبية أولمبياد 1952 وسطروا 23 فوزاً و4 تعادلات على التوالي قبل وصولهم إلى سويسرا، بما في ذلك الانتصار التاريخي على إنجلترا 6-3 في تشرين الثاني/نوفمبر 1953 ليصبح المجر أول منتخب من خارج بريطانيا يسقط الإنجليز في "ويمبلي".
وكان نجم المنتخب المجري في ذلك الوقت هو "فيرينك بوشكاش" الذي كان يحمل لقب "الرائد القوي"، حيث كان يلعب حينها مع فريق الجيش "هونفيد" وكان يتميز بتسديداته القوية بقدمه اليسرى.

وضم فريق المدرب غوستاف شيبيش أيضاً ترسانة من اللاعبين الكبار مثل زميلي بوشكاش في خط الهجوم "ساندور كوتشيش" و"ناندور هيديكوتي" ولاعب الوسط "جوزف بوتشيك"، مما جعل الفريق يتميز بأسلوبه الهجومي الخاص معتمداً في معظم الأحيان على تشكيلة 4-2-4 التي شهدت لعب "بوشكاش" و"كوتشيش" كرأسي الحربة ومن خلفهما "هيديكوتي". واستعد المنتخب المجري للبطولة بسحقه للمنتخب الإنجليزي بنتيجة 7-1 في "بودابيست" قبل أن يسجل الفريق 17 هدفاً في أول انتصارين في الدور الأول من البطولة حيث فاز بنتيجة 9-0 على كوريا الشمالية و8-3 على ألمانيا الغربية. إلا أن النتيجة الأخيرة لم تكن مهمة كما بدا.

وكان نظام البطولة يقضي بأن يلعب المنتخبين المصنفين في كل مجموعة مع الفريقين غير المصنفين والعكس. لذلك دخل مدرب المنتخب الألماني "سيب هيربرغر" مباراة المجر وهو يعلم بأن فريقه سيخسر المباراة ولكنه سيتأهل على الرغم من ذلك في المركز الثاني بفوزه في مباراة التصفية أمام الفريق الآخر في التصنيف منتخب تركيا والذي كان قد فاز عليه مسبقاً بنتيجة 4-1. لذلك أجرى هيربرغر سبع تغييرات على تشكيلة الفريق وهو ما أسقط فريقه بنتيجة قاسية قبل أن يشرك تشكيلة قوية فاز بها بنتيجة 7-2 على تركيا في مباراة فاصلة ضمنت للفريق التأهل إلى ربع النهائي.

فيضان من الأهداف

لم يكن مفاجئاً أن نهائيات سويسرا هي أكثر نهائيات كأس العالم FIFA تهديفاً خصوصاً مع تسجيل 41 هدفاً في هذه المجموعة فقط حيث شهدت النهائيات تسجيل 140 هدفاً في 26 مباراة بمعدل خمس أهداف في المباراة الواحدة. وكانت موقعة ربع النهائي بين النمسا وسويسرا المضيفة الأكثر تهديفاً حيث شهدت اثني عشر هدفاً بعدما تقدم أصحاب الأرض بنتيجة 3-0 في أول 19 دقيقة قبل أن يتلقى المنتخب السويسري خمسة أهداف في عشر دقائق قبل الاستراحة ليخسر المباراة بنتيجة 7-5.

وعلى الرغم من غزارة الأهداف، إلا أن الوافدين الجديدين كوريا الجنوبية واسكتلندا فشلا في إيجاد طريقهما إلى الشباك ليودعا البطولة في ذيل ترتيب مجموعتيهما.
وكان منتخب اسكتلندا قد خسر بنتيجة 7-0 أمام منتخب أوروجواي حامل اللقب والذي حقق الثنائية بفوزه على فريق بريطاني آخر هو منتخب انجلترا في دور الثمانية في مباراة شهدت مشاركة لاعبان في التاسعة والثلاثين من العمر حيث شارك "أوبدوليو فاريلا" مع أوروجواي و"ستانلي ماثيوز" مع منتخب إنجلترا. وعلى الرغم من محاولات الأخير، إلا أن منتخب أوروجواي حسم المباراة بنتيجة 4-2 بعدما سجل فاريلا والمهاجم النجم "خوان شيافينو"، الذي سجل هدفاً في نهائي البطولة السابقة، هدفين من الأهداف الأربعة.

وكان الخصم التالي لأوروجواي الفريق الفائز من مواجهة ربع النهائي الأخرى بين المجر والبرازيل في المباراة التي ارتدى فيها لاعبو البرازيل قمصاناً صفراء للمرة الأولى كانت من تصميم أحد الفائزين بمسابقة أطلقتها إحدى الصحف المحلية. إلا أن آمال المنتخب البرازيلي انتهت في المباراة القوية التي عرفت فيما بعد باسم "معركة بيرن". وسجل الفائز بالحذاء الذهبي كوتشيش هدفين من أهدافه الإحدى عشر في البطولة ليقود المجر إلى الفوز بنتيجة 4-2 ولكن المباراة شهدت طرد "بوتشيك" من المجر و"نيلتون سانتوس" و"هومبرتو" من البرازيل قبل أن تمتد المواجهة إلى غرف الملابس بعد نهاية المباراة.

وكرر المنتخب المجري نتيجة هذه المباراة في مواجهة نصف النهائي أمام أوروجواي حيث نجح منتخب أوروجواي في قلب تخلفه في المباراة بنتيجة 2-0 بفضل ثنائية "خوان هولبرغ" قبل أن يتعرض لخسارته الأولى في نهائيات كأس العالم. وبينما واجه المنتخب المجري اختبارين قويين، تأهل منتخب ألمانيا الغربية إلى النهائي بكل سهولة بعد فوزه على يوغوسلافيا بنتيجة 2-0 قبل أن يقصي جاره المنتخب النمساوي بنتيجة 6-1 في المباراة التي شهدت تسجيل الشقيقين "فريتز" و "أوتمار فالتر" هدفين في المباراة.

المناخ المثالي لفريتز فالتر

أقيم النهائي في 4 تموز/يوليو على ملعب "وانكدورف" في بيرن في جو ممطر كان إيجابياً للمنتخب الألماني الذي كان معروف أن قائده "فريتز فالتر" يعاني في الطقس الحار بسبب ذكرياته الأليمة مع مرض الملاريا الذي ألم به خلال سنوات الحرب. وكانت هذه الأجواء مثالية حيث أصبحت تعرف لدى الجماهير الألمانية بأنها كانت "المناخ المثالي لفريتز فالتر".

في المقابل كان هناك بعض المخاوف حول إمكانية مشاركة بوشكاش الذي غاب عن آخر مباراتين بعد ضربة على كاحله من "فيرنر ليبريخ" في المباراة الأولى بين المنتخبين.

وعلى الرغم من عدم تعافيه بشكل كامل، إلا أن بوشكاش افتتح التسجيل في المباراة بعد مرور ست دقائق وبعد دقيقتين فقط عزز المنتخب المجري تقدمه بنتيجة 2-0 بعدما أوقع الحارس الألماني "توني توريك" الكرة أمام "زولتان تشيبور" الذي سجل الهدف الثاني.

إلا أن المنتخب الألماني نجح في تعديل النتيجة بحلول الدقيقة الثامنة عشر حيث سجل "مورلوك" هدف تقليص الفارق بتسديدة في الزاوية البعيدة قبل أن يسجل ران هدف التعادل بعد ركنية من "فريتز فالتر".

ومع ازدياد هطول الأمطار، ارتفعت حدة المباراة وحرمت العارضة "هيديكوتي" من التسجيل. ولكن قبل نهاية المباراة بست دقائق، حصل "ران" على الكرة على حافة منطقة الجزاء قبل أن يسدد كرة قوية بيسراه في الزاوية البعيدة لمرمى المنتخب المجري. وبقي بعض الوقت لبوشكاش ليسجل هدف التعادل ولكن الهدف ألغي بداعي التسلل قبل أن تنطلق صافرة النهاية معلنةً حقيقة لا بد منها: خسر منتخب المجر، وولدت قوة عظمى جديدة.

كأس العالم 1958 .. السامبا تُحقق الأحلام وولادة الجوهرة السمراء

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/51/51/42/515142_FULL-LND.jpg

شكلت أيام السويد الصيفية الطويلة والمشرقة خلفية ذهبية لمشهد إسدال الستار الرائع للمنتخب البرازيلي الفائز بكأس العالم FIFA سنة 1958، إذ شهدت البطولة ولادة نجم عالمي كبير في السابعة عشرة من عمره هو البرازيلي "أدسون أرانتس دوناسيمنتو" المعروف بلقب "بيليه".

وبفضل تنظيم تكتيكي جديد وامتلاك موهبتين رائعتين في الهجوم ("بيليه" و"غارينشا")، فاز المنتخب البرازيلي على نظيره السويدي بنتيجة 5-2 في النهائي الذي أقيم على ملعب "رازوندا" ليصبح أول منتخب يحرز اللقب خارج قارته. ولم يكن البرازيليون الأبطال الوحيدين في البطولة، حيث سجل "جوست فونتين" رقماً قياسياً من الأهداف في دورة واحدة لا يزال صامداً حتى الآن حيث سجل 13 هدفاً في ست مباريات ليقود منتخب بلاده إلى المركز الثالث بجدارة واستحقاق وهو الإنجاز المميز للاعب الذي شارك مع فريقه كبديل لـ"رينيه بليار" الذي تعرض للإصابة.

واستعد المنتخب البرازيلي بقيادة مدربه "فينسنتي فيولا" جيداً لهذه البطولة، حيث قرر مواجهة التحدي الكبير المتمثل بالفوز بكأس العالم. فبعد ثلاثة أشهر من التدريبات المكثفة، قام المنتخب البرازيلي بجولة في مختلف أنحاء أوروبا في الفترة التي سبقت انطلاق النهائيات، قبل أن يحط الرحال في السويد بوفد كبير ضم من بين أعضائه طبيباً نفسياً. واعتمد المنتخب البرازيلي طريقة 4-2-4، حيث لم يشرك المدرب "بيليه" أو "غارينشا" إلا في المباراة الأخيرة من الدور الأول ضد الإتحاد السوفيتي. وشكل "بيليه" إلى جانب "فافا" ثنائي خط الهجوم، في حين لعب "غارينشا" على الجهة اليمنى، ففاز المنتخب البرازيلي بنتيجة 2-0 ليضمن المركز الأول في المجموعة. وارتفعت معنويات البرازيل عندما جاء هدف "بيليه" الأول في النهائيات ضد ويلز في الدور ربع النهائي والذي منح الفوز لمنتخب السامبا حاملاً معه بطاقة التأهل إلى نصف النهائي.

وخاض أصحاب الأرض السويد النهائيات بمعنويات عالية، حيث سُمح لها بتعزيز صفوفها خلال البطولة بلاعبيها المحترفين ليعود اللاعبين المحترفين في الدوري الإيطالي وخصوصاً "غونار غرين" و"نيلز ليدهولم"، نجمي المنتخب الذي توج بالذهبية الأولمبية سنة 1948، بالإضافة إلى وجود الهداف الجناح "كورت هامرين". إلا أن استعداداتهم لم تكن في المستوى المطلوب، لدرجة أن "بنغت غوستافسون" المحترف في إيطاليا لم ينضم إلى صفوف المنتخب إلا قبل ثلاثة أيام فقط من المباراة الافتتاحية.

ابتهاج سويدي

كانت المعنويات عالية داخل صفوف المنتخب السويدي بقيادة مدربه الإنجليزي "جورج راينور" ولكن التطلعات لم تكن كبيرة. فبعد تصدر أصحاب الأرض مجموعتهم في الدور الأول، حزم بعض اللاعبين حقائبهم قبيل المواجهة مع الإتحاد السوفيتي في ربع النهائي، ظنا منهم بأنهم سيخرجون من البطولة. إلا أن المنتخب السويدي فاز على المنتخب السوفيتي قبل أن يتخطى ألمانيا الغربية بنتيجة 3-1 في نصف النهائي في غوتنبرغ، ليحجز مقعده في المباراة النهائية. وكان المنتخب الألماني بقيادة مدربه "سيب هيربيرغر" يضم في صفوفه المهاجم "أوفي ران" الذي سجل ست أهداف وزميله في خط الهجوم "أوفي زيلر" الذي خاض خمس مباريات من المباريات الإحدى والعشرين في نهائيات كأس العالم FIFA على التوالي. ولم يكن الألمان سعداء بالخسارة واستاءوا من فرقة التشجيع السويدية التي لم تتوقف عن تشجيع منتخب بلادها بالقرب من الملعب طوال اللقاء.

وللمرة الأولى حظيت بطولة كأس العالم FIFA بتغطية تلفزيونية عالمية في تاريخها، إلا إن دول أوروبا الشرقية لم تتمكن من المشاهدة بسبب إنها لم تكن مجهزة بأنظمة ملائمة لاستقبال البث المباشر، وكان ذلك أمر مؤسفً بالنسبة للاتحاد السوفيتي، الذي كان أحد المنتخبات المشاركة للمرة الأولى في العرس الكروي إلى جانب ويلز ومنتخب أيرلندا الشمالية الذي تأهل إلى النهائيات على حساب إيطاليا. وبمشاركة ويلز وأيرلندا الشمالية ووجود إنجلترا واسكتلندا، فإن جميع ممثلي الكرة البريطانية تواجدوا في النهائيات للمرة الأولى والوحيدة حتى الآن.

وتضاءلت آمال الإنجليز بإحراز اللقب بفقدان عدد من اللاعبين الأساسيين في حادثة طائرة ميونيخ في فبراير من ذلك العام وعلى الرغم من تعادلهم السلبي مع البرازيل، التعادل السلبي الأول في تاريخ النهائيات، فإن المنتخب الإنجليزي خسر المباراة الفاصلة أمام الإتحاد السوفيتي لتحديد هوية المتأهل منهما إلى ربع النهائي، بعدما تعادل المنتخبان بنفس الرصيد من النقاط.

وفازت كل من ويلز وأيرلندا الشمالية في مباراتهما الفاصلة في الدور الأول على المجر وتشيكوسلوفاكيا. وكانت ويلز قد تأهلت إلى النهائيات في السويد عن طريق الصدفة بحلولها ثانية في مجموعتها، لكنها كانت مدعوة إلى مباراة فاصلة أمام إسرائيل والتي انسحب جميع خصومها لأسباب سياسية. واستغلت ويلز هذه الفرصة برغم غياب نجمها الشهير "جون تشارلز"، ليتأهل الفريق إلى دور الثمانية قبل أن يخسر بصعوبة أمام البرازيل بهدف يتيم من توقيع "بيليه".

أهداف فرنسية بالجملة

بعد تخطي المنتخب المجري الذي غاب عنه أبرز نجومه أمثال "فيرينك بوشكاش" و"ساندور كوتشيش"، سقط المنتخب الأيرلندي الشمالي أمام فرنسا في ربع النهائي. ونجح المنتخب الفرنسي في التفوق على نظيره البرازيلي من حيث عدد الأهداف المسجلة، إذ تمكن من هز شباك خصومه 23 مرة، بفضل الرؤية الثاقبة لنجمه "ريمون كوبا" الذي كان قد توج لتوه بطلاً لأوروبا مع العملاق الأسباني "ريال مدريد"، ليتم اختياره في ما بعد أفضل لاعب في أوروبا. لكن أبرز ما ميز الأداء الهجومي للفريق الأزرق هو الحس التهديفي لمهاجمه "جوست فونتين"، الذي أمطر شباك الفرق المنافسة بسيل من الأهداف.

وكانت المواجهة بين البرازيل وفرنسا في نصف النهائي هي أفضل مباراة في البطولة. وعلى الرغم من تسجيل "فونتين" هدف التعادل لفرنسا بعدما تقدم المنتخب البرازيلي عن طريق "فافا"، إلا أن هدف البرازيل الثاني عن طريق "ديدي" ضمن للمنتخب الجنوب أمريكي التقدم مع نهاية الشوط الأول. وبعد الاستراحة، استلم "بيليه" زمام المبادرة حيث سجل ثلاثية ليقود بلاده للفوز بنتيجة 5-2 على المنتخب الفرنسي الذي أنهى المباراة بعشر لاعبين بسبب إصابة المدافع "بوب جونكيه".

وفي المباراة النهائية، ارتدى لاعبو البرازيل قمصاناً زرقاء نظرا لتشابه زيهم الأصفر المعتاد مع الزي الرسمي للمنتخب السويدي. ونجح المنتخب البرازيلي في تسجيل خمسة أهداف بعدما تخلف مبكراً بهدف من "ليدهولم" الذي أعطى التقدم للمنتخب السويدي. وسجل كل من "فافا" و"بيليه" هدفين قبل أن يضيف "ماريو زاجاللو"، الذي فاز بعد ذلك بكأس العالم مع البرازيلي كمدرب، الهدف الخامس. وكان الهدف البرازيلي الثالث الذي حمل توقيع "بيليه" واحداً من أجمل أهداف البطولة، حيث قام بإسقاط الكرة من فوق أحد المدافعين السويديين بمهارة كبيرة قبل أن يطلق قذيفة داخل شباك الحارس "كارل سفنسون". وكان المنتخب البرازيلي قد نجح في كسب تعاطف الجماهير السويدية نظراً للروح الرياضية العالية التي تمتع بها اللاعبون خارج الملعب قبل أن يحتفل نجوم السامبا بالفوز رافعين علم البلد المضيف وطائفين به حول الملعب. كما تلقى أعضاء المنتخب البرازيلي أيضاً تهنئة الملك السويدي "غوستاف الرابع"، وهو التنويه الملكي للفوز الذي اختتمته دموع المراهق الذي أطلق عليه لاحقا لقب "الملك".

كأس العالم 1962 .. البرازيل تحلق في سماء تشيلي وتحتفظ باللقب

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/51/21/59/512159_FULL-PRT.jpg

كان "غارينشا" مصدر الإلهام الذي قاد المنتخب البرازيلي للاحتفاظ بكأس "جول ريميه" في تشيلي 1962 بعد فوزه على تشيكوسلوفاكيا في النهائي بثلاثة أهداف تناوب على تسجيلها "أماريلدو" و"زيتو" و"فافا" ولكن لم يكن هناك أي تساؤلات حول اللاعب الذي هندس فوز البرازيل بكأس العالم FIFA للمرة الثانية. هو "أروع جناح أيمن في تاريخ كرة القدم"، بهذه الكلمات وصفت صحيفة "ليكيب" الفرنسية النجم البرازيلي "غارينشا" أو "الطائر الصغير" الذي كان في أوج عطائه عن عمر لا يتجاوز خمسة وعشرين ربيعاً.

وضم المنتخب البرازيلي تسعة من اللاعبين الذين توجوا بلقب 1958 ولكنه كان بقيادة مدرب جديد هو" إيمور موريرا"، شقيق المدرب "زيزي" الذي كان قد أشرف على المنتخب البرازيلي في سويسرا 1954. واستلم "ايمور موريرا" تدريب الفريق بعدما استقال "فيسنتي فيولا" لتراجع وضعه الصحي. واعتمد المدرب الجديد على إستراتيجية جديدة متمثلة باللعب بطريقة 4-3-3 وافتتح حامل اللقب مشواره بالفوز على المكسيك بنتيجة 2-0 بفضل هدفي كل من "ماريو زاغالو" و"بيليه".

إلا أن هذا الهدف كان الأخير لـ"بيليه" حيث أصيب المهاجم ذو الحادية والعشرين من العمر في فخذه في الدقائق الأولى للمباراة الثانية أمام تشيكوسلوفاكيا. وبينما انتهت البطولة لـ"بيليه" فإنها كانت قد بدأت للمنتخب البرازيلي بفضل المهارات الفردية المميزة لـ"غارينشا" والمساهمة الفعالة لـ"زاغالو"، الذي فاز باللقب كمدرب في 1970، بالإضافة إلى "أماريلدو" بديل "بيليه".

"معركة سانتياغو"

نالت تشيلي شرف استضافة كأس العالم FIFA على حساب جارتها الأرجنتين على الرغم من الزلزال الأضخم في القرن العشرين والذي تعرضت له قبل عامين من انطلاق البطولة، والتي انطلقت في 30 أيار/مايو 1962 على أربعة ملاعب في سانتياغو وفينا دل مار ورانكاغوا وأريكا. وبدا ملعب العاصمة "إستاديو ناسيونال" رائعاً بحلته الجديدة وبموقعه المطل على جبل الأنديز ذو القمم المكسوة بالثلوج، إلا أنه احتضن إحدى "أبشع" المباريات في تاريخ البطولة في الدور الأول عندما واجه أصحاب الأرض منتخب إيطاليا في الدور الأول.

فقد طرد الثنائي الإيطالي "جورجيو فيريني" و"ماريو ديفيد" الذي تم إقصائه بعدما قام بركل "ليونيل سانشيز" على رقبته رداً للكمة وجهها إليه اللاعب التشيلي والذي كان قد كسر في وقت سابق أنف "أومبرتو ماتشيو" أحد اللاعبين الإيطاليين المنحدرين من أمريكا الجنوبية. ونجح المنتخب التشيلي في الفوز بنتيجة 2-0 في المباراة التي وصفتها شبكة "بي بي سي" البريطانية بكونها "أغبى وأقبح وأبشع لقاء في كرة القدم على الإطلاق".

وودعت كل من إيطاليا وأسبانيا البطولة مبكراً. ودخل المنتخب الأسباني المنافسات بقيادة المدرب الأرجنتيني "هيلينيو هيريرا"، الذي غزا أوروبا لاحقا مع "إنتر ميلان" الإيطالي، وبوجود كوكبة من نجوم "ريال مدريد" من ضمنهم "فيرينك بوشكاش"، الذي دافع عن ألوان أسبانيا هذه المرة بدلا من منتخب بلاده المجر. ودخل منتخب "لاروخا" مباراته الأخيرة مع البرازيل وهو يحتاج إلى نتيجة إيجابية من أجل العبور إلى دور الثمانية.

أماريلدو يقود البرازيل

كانت مواجهة أسبانيا والبرازيل هي الأبرز في هذا الدور (على الرغم من أنها كانت أقل إثارة من المباراة التي قلب فيها منتخب كولومبيا تخلفه بثلاث أهداف ليتعادل مع الإتحاد السوفيتي بنتيجة 4-4). تقدم المنتخب الأسباني عندما مرر "بوشكاش" الكرة إلى "أديلاردو رودريغيز" الذي سجل هدف التقدم، ومع معاناة المنتخب البرازيلي من تكتيك "كاتيناتشو" الدفاعي الذي فرضه المدرب "هيريرا"، تزايدت آمال المنتخب الأسباني في المباراة. إلا أن هدفي "أماريلدو" في الدقائق الأخيرة والذي جاء الثاني منها قبل أربع دقائق على نهاية المباراة، أسقطا المنتخب الأسباني ولتبرز التساؤلات حول عدم إشراك "ألفريدو دي ستيفانو"، الذي كان مصاب وعلى خلاف مع مدربه، في مباريات الدور الأول الثلاث.

وكانت بطولة كأس العالم تشيلي 1962 FIFA هي النسخة الأولى التي لا يطبق فيها نظام المباريات الفاصلة لتحديد المتأهل إلى ربع النهائي في حال تعادل صاحبي المركزين الثاني والثالث بعدد النقاط، فاستفاد المنتخب الإنجليزي من النظام الجديد ليتأهل بفارق الأهداف أمام المنتخب الأرجنتيني، حيث فاز المنتخب الإنجليزي على نظيره الأرجنتيني بنتيجة 3-1 ولكنه خسر بنفس النتيجة أمام البرازيل في ربع النهائي. وبينما أوقف المهاجم الإنجليزي "جيمي غريفز" كلباً شارداً دخل ملعب المباراة، إلا أنه ورفاقه لم يستطيعوا إيقاف "غارينشا" الذي سجل هدف التقدم برأسه قبل أن يسدد ركلة حرة تابعها "فافا" مسجلاً الهدف الثاني ومن ثم حسم الأمور بعد ذلك مسجلاً الهدف الثالث بتسديدة قوية من مسافة بعيدة.

بعد ذلك فاز المنتخب البرازيلي على أصحاب الأرض بنتيجة 4-2 في نصف النهائي حيث سجل كل من "غارينشا" و"فافا"، هدفين في المباراة التي حضرها 80 ألف متفرج. وتخطى المنتخب التشيلي، الذي فاز بالمركز الثالث، منتخب الإتحاد السوفيتي في إحدى مفاجئات ربع النهائي والتي شهدت خروج المجر على يد تشيكوسلوفاكيا في مباراة تألق خلالها الحارس "فيليم شرويف" الذي حرم إلى جانب خشبات مرماه المنتخب المجري من التسجيل. كما شهد هذا الدور فوز يوغوسلافيا على منتخب ألمانيا الغربية الذي فاز في المواجهتين السابقتين بين الفريقين في عامي 1954 و1958. وكانت ردة الفعل الألمانية على هذه الخسارة هي إطلاق دوري المحترفين "البوندسليغا" في العام التالي.

مازوبوست يفتتح التسجيل

إلا أن حظ يوغوسلافيا انتهى في نصف النهائي أمام تشيكوسلوفاكيا في المباراة التي شهدت تألق "شرويف" و"أدولف شيرر" الذي سجل هدفين في آخر عشر دقائق لينتهي اللقاء بفوز فريقه بنتيجة 3-1 ليتأهل إلى النهائي لمواجهة البرازيل.

وكان فريق المدرب "رودولف فيتالسيل" قد تعادل مع البرازيل في الدور الأول في البطولة ولكن في النهائي كانت الأمور مختلفة حيث لم يكن فريقه مرشحاً خصوصاً مع مشاركة "غارينشا" في المباراة النهائية بالرغم من طرده في نصف النهائي أمام تشيلي.

إلا أن منتخب تشيكوسلوفاكيا، الذي شارك في المباراة النهائية بعد غياب 24 سنة، افتتح التسجيل في الدقيقة الخامسة عشر عن طريق لاعب الوسط المميز "جوزف مازوبوست" والذي أنهى العام بحصوله على جائزة الكرة الذهبية حيث أعطى التقدم لفريقه بعد تمريرة من "شيرر" تابعها في المرمى.

ولكن التقدم لم يدم طويلاً حيث نجح "أماريلدو" في التسجيل في مرمى "شرويف" قبل أن يصنع "أماريلدو" الهدف الثاني في الدقيقة السبعين عندما مرر كرة عرضية إلى "زيتو" الذي تابعها برأسه في المرمى معطياً التقدم للبرازيل. بعد ذلك ارتكب "شرويف" خطأً فادحاً ليعطي المهاجم "فافا" فرصة لتسجيل الهدف الثالث ولينضم إلى زميله ""غارينشا"" والتشيلي "ليونيل سانشيز" والمجري "فلوريان ألبيرت" والسوفيتي "فالنتين إيفانوف" واليوغوسلافي "درازان يركوفيتش" كهدافي البطولة حيث سجل كل منهم أربعة أهداف ليحصلوا على جائزة الحذاء الذهبي. إلا أن الجائزة الأهم على الإطلاق كانت إستحواذ البرازيل على اللقب.

كأس العالم 1966 .. إنجلترا تتربع على العرش العالمي

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/51/95/02/519502_FULL-LND.jpg

تربعت انجلترا مهد كرة القدم على العرش العالمي لأول مرة في تاريخها. وأضفى تتويج المنتخب الإنجليزي على أرضه وأمام جماهيره نكهة مميزة على الإحتفالات، بعدما كان ملعب "ويمبلي" الشهير مسرحاً لمباراة نهائية تاريخية أمام الألمان كان بطلها المهاجم "هيرست" والحكم المساعد السوفياتي "توفيق باخراموف" الذي اعتبر أن قذيفة النجم الإنجليزي في الشوط الإضافي الأول تجاوزت خط المرمى قبل أن ترتد من القائم بينما اعترض الألمان على هذا القرار الذي مازال موضع نقاش حتى اليوم.

وتميزت هذه البطولة بإخفاق منتخبات أمريكا الجنوبية حيث ودعت البرازيل حاملة اللقب من الدور الأول بعد خسارتها أمام المجر والبرتغال بالنتيجة ذاتها 3-1 مقابل فوز وحيد على بلغاريا 2-0 بينما لقيت كل من أوروجواي والأرجنتين المصير ذاته بعد خروجهما من الدور الثاني إثر الخسارة أمام ألمانيا الغربية 4-0 وإنجلترا 1-0 على التوالي.

رامسي صاحب الرؤية الثاقبة

دخل الإنجليز بطولة كأس العالم 1966 وهم يأملون بمحو الخيبات السابقة حيث أوكلوا مهمة الإشراف على المنتخب عام 1963 إلى المدرب "رامسي" الذي كان أحد مدافعي المنتخب عام 1950 عندما خرج الأخير على يد الولايات المتحدة الأمريكية في مفاجأة من العيار الثقيل. ووضع "رامسي" أمامه هدف حمل منتخب بلاده إلى العصر الجديد، وتمثلت أول مهمة تولاها في الإشراف شخصياً على عملية اختيار اللاعبين بعد أن كانت محصورة بلجنة اتحادية وضم "رامسي" لاعبين مكافحين يميلون أكثر إلى الأسلوب الدفاعي رافضاً الإعتماد على تشكيلة 4-2-4 الرائجة حينها واحتكم إلى اللعب بطريقة 4-4-2 ما جعل منتخبه يستحق لقب "العجائب دون أجنحة" في إشارة إلى غياب مركز الجناحين في تشكيلة الفريق.

وكان مفتاح تألق الإنجليز الثنائي المكون من المدافع "بوبي مور" ولاعب الوسط الهداف "بوبي تشارلتون" إلا أن بداية المنتخب المضيف لم تترك انطباعاً جيداً بعدما اكتفى بالتعادل السلبي مع أوروجواي قبل أن يجد لاعبوه طريقهم إلى الشباك أمام المكسيك (2-0) ثم فرنسا بالنتيجة ذاتها في اللقاء الذي شهد خطأ قاسيا للغاية من "نوبي ستايلز" على الفرنسي "جاك سيمون" ما دفع بعض الإتحادات للتقدم بطلب رسمي إلى المدرب "رامسي" لاستبعاد اللاعب من التشكيلة ولكن المدرب الإنجليزي لم يكترث لذلك.

ولم تكن البداية الصعبة للإنجليز محصورة بالنتيجة فقط، بل أن البلد المنظم تلقى ضربة موجعة عندما سرقت كأس "جول ريميه" من المعرض قبل أن يعثر عليها الكلب البوليسي "بيكلز" مطمورة في إحدى حدائق جنوب-شرق لندن.

ولم يكن "بيكلز" البطل الوحيد في هذه البطولة حيث اتجهت الأنظار أيضاً إلى الأسد "ويلي" الذي أصبح أول تميمة في تاريخ نهائيات كأس العالم FIFA.

وكان الإهتمام في الدور الأول منصباً على شمال إنجلترا وبالتحديد مدينة ليفربول حيث بدأ المنتخب البرازيلي حملة الدفاع عن لقبه بالفوز على بلغاريا بهدفين من "بيليه" و"جارينشا" اللذين أصبحا أول لاعبين يسجلان في ثلاث بطولات متتالية.

وكان هذا الإنجاز هو العزاء الوحيد للمنتخب البرازيلي في هذه البطولة حيث انقلبت الأمور رأساً على عقب في ما بعد حيث خسر في الجولة الثانية أمام المجر بنتيجة 3-1 في المباراة التي غاب عنها "بيليه" بسبب الإصابة ليتلقى المنتخب البرازيلي هزيمته الأولى في كأس العالم منذ 1954.

ولم يتغير الوضع في الجولة الثالثة رغم عودة "بيليه" فسقط منتخب البرازيل مجدداً بنفس النتيجة أمام البرتغال بعدما حد المدافع "مورايس" من تحركات "بيليه" وهو ما سهل مهمة رجال المدرب "أوتو جلوريا" لحسم اللقاء الثالث لمصلحتهم بفضل ثنائية من "أوزيبيو" الذي كان قد توج في ذلك العام بلقب أفضل لاعب في أوروبا.

الكوريون يحققون المفاجأة

لم يكن خروج حامل اللقب المفاجأة الوحيدة في الدور الأول حيث سرق منتخب كوريا الشمالية كل الأضواء عندما أطاح بإيطاليا بهدف دون رد سجله "باك دو إيك" في الجولة الأخيرة من منافسات المجموعة الرابعة ليتأهل إلى الدور الثاني كوصيف المجموعة خلف الإتحاد السوفياتي. وكان منتخب كوريا الشمالية قد تأهل إلى العرس الكروي بفوزه على أستراليا بعد انسحاب المنتخبات الآسيوية الأخرى والأفريقية أيضاً اعتراضاً على قرار منح القارتين الصفراء والسمراء مقعداً واحداً فقط في النهائيات.

وبدا أن المنتخب الكوري في طريقهم لتحقيق مفاجأة مدوية أخرى عندما تقدم في ربع النهائي على العملاق البرتغالي 3-0 في 25 دقيقة فقط على ملعب "جوديسون بارك" في ليفربول. إلا أن "أوزيبيو" حمل منتخب بلاده على كتفيه وضرب بقوة بتسجيله 4 أهداف قبل أن يضيف "جوزيه أجوستو" هدفاً خامساً ليقودا منتخب بلادهما إلى نصف النهائي حيث توقف مشواره على يد الإنجليز بخسارته بنتيجة 2-1 بعد هدفين من "بوبي تشارلتون" مقابل هدف متأخر جاء من ركلة جزاء نفذها "أوزيبيو" الذي عانى الأمرين أمام المدافع "ستايلز".

وكان منتخب إنجلترا قد تخلص في طريقه إلى نصف النهائي من الأرجنتين بصعوبة بفضل هدف سجله "هيرست" قبل 12 دقيقة من النهاية مستفيداً من تفوقه العددي طرد قائد المنتخب الأرجنتيني "أنطونيو راتين".

ولم يبق بين الإنجليز واللقب إلا منتخب واحد هو ألمانيا الغربية بقيادة مدربه "هيلموت شون" وبوجود "فرانس بكنباور" الذي كان في العشرين من عمره حينها والذي سجل أربعة أهداف ليساهم في قيادة المنتخب الألماني إلى نهائي "ويمبلي".

وكان منتخب ألمانيا قد بدأ مشواره في البطولة بفوزه على سويسرا 5-0 في المجموعة الثانية جاء منها هدفان من توقيع "بكنباور" قبل أن يتعادل سلباً مع منتخب الأرجنتين ومن ثم حسم صدارة المجموعة بفوزه على أسبانيا بنتيجة 2-1 بهدف متأخر "أوفي سيلر". وفي الدور التالي، تخطى منتخب ألمانيا كلا من أوروجواي والإتحاد السوفيياتي الذي سقط حارسه الأسطوري "ليف ياشين" بهدفي "هالر" و"بكنباور".

وعلى الرغم من افتتاح "هالر" التسجيل للمنتخب الألماني في المباراة النهائية، إلا أن 30 تموز/يوليو 1966 كان أسعد يوم في تاريخ الكرة الإنجليزية حيث عادل "هيرست" النتيجة قبل أن يسجل "مارتن بيترز" هدف التقدم لأصحاب الأرض. واعتقد الجميع أن منتخب انجلترا قد حسم المواجهة إلا أن "فولفجانج فيبر" أسكت جماهير "ويمبلي" مرة أخرى عندما خطف هدف التعادل للألمان في الدقيقة 89 ولكن رجال "رامسي" ضربوا بقوة مجدداً عبر نجمهم الكبير "هيرست" الذي سجل هدفين في الوقت الإضافي ليقود منتخب إنجلترا إلى منصة التتويج.

كأس العالم 1970 .. البرازيل تتزعم العالم

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/51/49/52/514952_FULL-PRT.jpg

للمرة الأولى نقلت مباريات نهائيات كأس العالم FIFA على الهواء بالألوان ولكن لم يطغى أي شي على نضارة ألوان قميص منتخب البرازيل الصفراء. فبفضل عودة "بيليه" القوية وتسجيل "جيرزينيو" في كل مباراة، لم يتمكن أحد من إيقاف رجال المدرب "ماريو زاجاللو" حيث فاز الفريق على إيطاليا في المباراة النهائية ليحرزوا اللقب للمرة الثالثة ويحتفظوا بكأس "جول ريميه" إلى الأبد. وإذا ما كان اللقب قد دون بإسم البرازيل، فإن آخرين قدموا الكثير أيضاً في هذا العرس الكروي وكان أبرزهم "المدفعجي" الألماني "غيرد مولر" الذي سجل عشرة أهداف في البطولة.

نقلت مباريات نهائيات كأس العالم FIFA للمرة الأولى بالألوان، حيث شاهد عشرات الملايين تألق وروعة المنتخب البرازيلي، الذي قدم كرة هجومية استعراضية منحته اللقب الثالث في تاريخه عن جدارة واستحقاق. ومنح الفوز على إيطاليا في النهائي بنتيجة 4-1 منتخب البرازيل الحق في الاحتفاظ بكأس "جول ريميه" إلى الأبد، كما شكل أفضل وداع للنجم الكبير "بيليه" في مشاركته الأخيرة في نهائيات كأس العالم.

وكان "بيليه" هدد بعدم المشاركة بعد التجربة المريرة التي خاضها في إنجلترا قبل أربع سنوات، حيث تعرض لشتى أنواع الركل والخشونة ولكنه عاد وأخذ مكانه في الفريق الذي كان غنياً بالمهاجمين حيث شكل خماسي المقدمة المكون من "جيرزينيو" و"بيليه" و"جيرسون" و"توستاو" و"ريفيلينو" خطاً هجومياً مرعباً يهابه الجميع. ولم يجسد أي شيء جمال الكرة التي قدمها هؤلاء أكثر من الهدف الرابع في النهائي ضد إيطاليا على ملعب "أزتيكا ستاديوم"، بعد أن مرر بيليه كرة رائعة باتجاه قائده "كارلوس ألبرتو" لينهي الأخير مسلسل سبع تمريرات بكرة من لمسة أولى استقرت في الزاوية البعيدة لمرمى الحارس "إنريكو ألبرتوزي".

وقبل انطلاق النهائيات، تخوف كثيرون من الظروف المناخية التي يواجهها اللاعبون خصوصاً في أجواء حارة ومرتفعة جداً عن سطح البحر وازدادت هذه المخاوف أيضاً بعد قرار إقامة المباريات وقت الظهيرة لكي يتناسب توقيتها مع البث التلفزيوني في الدول الأوروبية. ولم تكن تلك الإشارة الوحيدة للتغيرات التي بدأت حيث تم أيضاً السماح بإجراء تبديلين لكل منتخب للمرة الأولى في تاريخ البطولة كما منح الحكام حق رفع البطاقتين الصفراء والحمراء واستعملت كرة "أديداس" ذات اللونين الأسود والأبيض والتي أطلق عليها اسم "تيلستار".

صدة "بانكس" العجيبة

جمعت أبرز مباراة في الدور الأول بين حامل اللقب منتخب إنجلترا والبرازيل. وشهدت المواجهة أشهر صدَة في تاريخ نهائيات كأس العالم FIFA حيث نجح حارس إنجلترا "غوردون بانكس" في التصدي ببراعة لكرة رأسية سددها "بيليه" عندما أبعدها من الزاوية السفلى إلى فوق العارضة. وأسفرت المباراة التي كانت الإختبار الأصعب للبرازيل عن فوز المنتخب البرازيلي بهدف لـ"جيرزينيو" الذي دخل التاريخ بعدما سجل في كل مباراة في هذه البطولة. في المقابل، نجح قائد إنجلترا "بوبي مور" في تقديم أداء رفيع المستوى متخطياً الصعوبات التي واجهته قبل انطلاق البطولة، عندما ألقت السلطات الكولومبية القبض عليه بعد أن اتهم زوراً بسرقة سوار.

ومن جهتها كانت إسرائيل عاقدة آمال كبيرة على مشاركتها في النهائيات للمرة الأولى بعد رفض كوريا الشمالية مواجهتها في التصفيات. وقدم الوافد الجديد عروضاً واعدة بعد تعادله السلبي مع إيطاليا في مباراتهما الإفتتاحية. ونجح المنتخب المغربي أيضاً في ترك صورة جيدة، بعد أن تقدم على منتخب ألمانيا الغربية قبل أن يخسر بهدف متأخر سجله "غيرد مولر" وهو الهدف الأول له من بين أهدافه العشرة في البطولة والتي منحته الحذاء الذهبي.

وأضاف "مولر" ثلاثيتين في مرمى بلغاريا ثم بيرو، قبل أن يسجل هدف الترجيح في الوقت الإضافي في مباراة درامية أمام إنجلترا في ربع النهائي. وتخلف الألمان في تلك المباراة في مدينة ليون المكسيكية بهدفين نظيفين قبل 23 دقيقة على نهاية المباراة ولكن "فرانز بكنباور" و"أوفي زيلر" نجحا في إدراك التعادل لألمانيا. ولسخرية القدر، ألغي هدف "جيف هيرست"، الذي سجل هدفاً مثيراً للجدل قبل أربع سنوات أمام ألمانيا الغربية، قبل أن يسجل "غيرد مولر" هدف الحسم بتسديدة هوائية. وتحسر الإنجليز على غياب "بانكس" عن المباراة ضد ألمانيا لمرضه، ولكن الفوز الذي حققه فريق المدرب "هيلموت شيون" على الإنجليز كان الثأر المناسب للخسارة في النهائي عام 1966.

نصف نهائي مثير

وساعدت الروح القتالية للمنتخب الألماني في تقديمه لملحمة كبيرة في نصف النهائي أمام المنتخب الإيطالي في المباراة التي شهدت تسجيل أعلى نسبة من الأهداف في الوقت الإضافي في تاريخ النهائيات. حيث أدى هدف التعادل الذي سجله "كارل هاينتس شنيلينغر" في الدقيقة التسعين إلى خوض الفريقان لوقت إضافي شهد تسجيل خمسة أهداف بما في ذلك هدفين لـ"مولر"، قبل أن يفوز المنتخب الإيطالي بنتيجة 4-3 بعدما سجل أفضل لاعب في أوروبا في ذلك العام "جياني ريفيرا" هدف الفوز على المنتخب الألماني الذي شارك معه قائده "فرانز بكنباور" بكتف مخلوعة.

وبينما اكتفى منتخب ألمانيا الغربية بالمركز الثالث، نجح بطل أوروبا منتخب إيطاليا، الذي كان قد أقصى مستضيف البطولة المكسيكً، في الوصول إلى النهائي للمرة الأولى منذ سنة 1938. ولكن على الرغم من صلابة المنتخب الإيطالي الدفاعية بقيادة "جاسينتو فاكيتي" والقدرات التهديفية لـ"جيجي ريفا"، فإنه دخل النهائي وهو غير مرشح للفوز باللقب.

وقدم المنتخب البرازيلي عروضاً رائعة في طريقه إلى النهائي. وقد يكون "ماريو زاجاللو" إستلم تدريب المنتخب البرازيلي خلفا لـ"جواو سالدانيا" قبل ثلاثة أشهر فقط من إنطلاق البطولة، ولكن فريقه استعد بشكل مكثف للنهائيات خلال هذه المدة. فبعد فوزه على تشيكوسلوفاكيا وإنجلترا ورومانيا، وصل منتخب السامبا إلى نصف النهائي بفوزه على منتخب بيرو الذي كان يقوده مدرب برازيلي آخر هو "ديدي"، زميل "زاجاللو" في المنتخب البرازيلي في 1958 و1962. وكان منتخب بيرو قد تأهل إلى النهائيات على حساب الأرجنتين وضم في صفوفه المهاجم الشاب الواعد "تيوفيلو كوبياس" ولكنه فشل في احتواء خطورة المنتخب البرازيلي حيث خسر في المباراة بنتيجة 4-2.

خدعة بيليه

تمكن المنتخب البرازيل من محو خيبته الكبرى المتمثلة بالخسارة في نهائي البطولة في 1950 بفوزه في نصف النهائي على أوروجواي. وعلى الرغم من تخلفه بنتيجة 1-0، إلا أن المنتخب البرازيلي عاد بفضل أهداف "كلودوالدو" و"جيرزينيو" و"ريفيلينو". ولكن الحادثة الأبرز في المباراة كانت خدعة "بيليه" التي أكدت عبقريته الفريدة حيث تلقى تمريرة من "جيرزينيو" وعندما خرج حارس أوروجواي "لاديسلاو مازوركيفيتش" لملاقاته، موه "بيليه" بجسمه دون لمس الكرة التي تخطت الحارس ليركض "بيليه" لاستقبالها من ورائه ولكنه سدد الكرة بعيداً عن المرمى.

إلا أن "بيليه"، الذي كان يسعى للفوز بلقبه الثالث في البطولة، كان من افتتح التسجيل نفسه في النهائي. وعلى الرغم من تعديل "روبرتو بوننسينيا" النتيجة، إلا أن النتيجة النهائية كانت تسجيل كل من "جيرسون" و"جيرزينيو" و"كارلوس ألبرتو" ثلاث أهداف في الشوط الثاني ليفوز المنتخب البرازيلي باللقب بكل جدارة واستحقاق. هذه الجدارة أكدتها صحيفة "إل ميساجيرو" الصادرة في مدينة روما الإيطالية والتي اعترفت بأن "الأزوري" "هُزم على يد أفضل لاعبي كرة القدم في العالم".


كأس العالم 1974 .. هولندا البطل الغير متوج

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/51/84/93/518493_FULL-PRT.jpg

شكلت دورة 1974 دورة كرة القدم الشاملة بامتياز، حيث كانت مسرحا لعرض مهارات وإبداعات "يوهان كرويف" و"فرانز بيكنباور"، إذ ملأ النجمان الهولندي والألماني الفراغ الذي تركه "بيليه" على الساحة الكروية العالمية، ليتمكن الإثنان من قيادة فريقيهما إلى المبارة النهائية على ملعب ميونخ في السابع من يوليو/تموز 1974. وكما كان الحال أمام المنتخب المجري بقيادة المخضرم "فيرينك بوشكاس" قبل عشرين عاما، تعين على ألمانيا الغربية العودة في نتيجة المباراة لتخرج منتصرة على أفضل منتخب مشارك في النهائيات، وتتوج بثاني لقب عالمي في تاريخها.

وكانت انطلاقة المباراة النهائية مثيرة للغاية، حيث أحرز الهولنديون هدف التقدم قبل أن يتمكن لاعبو المنتخب الألماني من لمس الكرة. ففي الثواني الأولى من اللقاء، انطلق الساحر "كرويف" بالكرة من وسط الملعب باتجاه المرمى مخترقا خط الدفاع، إذ لم يقوى على إيقافه سوى خطأ "يولي هونس" في منطقة العمليات، ليعلن الحكم بذلك عن أول ضربة جزاء في تاريخ المباريات النهائية لكأس العالم FIFA. وحول "يوهان نيسكنس" على إثرها نتيجة المباراة إلى 1- 0 لمصلحة المنتخب الهولندي، والذي كان قد سجل 14 هدفا في البطولة بينما تلقت شباكه هدفا وحيدا.

وقد تلاعب المنتخب الهولندي بخصمه خلال معظم فترات الشوط الأول كما تتلاعب القطط بالفئران، لكن الأمور تغيرت بعد الدقيقة 25 عندما انتفض الألمان، بعد إحساسهم بالإهانة على أرضهم وأمام جماهيرهم، ليحققوا التعادل من ضربة جزاء أخرى جاءت نتيجة إعاقة "ويم يانسن" للمهاجم "بيرند هلزنبين"، ليتمكن على إثرها "بول بريتنر" من تحويل الكرة داخل الشباك. ومع تمكن "بيرتي فوغتس" من احتواء خطر "كرويف"، استطاع "جيرد ميلر"، صاحب الحذاء الذهبي في الدورة السابقة، أن يضمن الفوز لألمانيا الغربية بكأس الدورة، بعد أن توصل بعرضية من "رينير بونهوف" سددها منخفضة لتستقر في شباك "يان يونغبلود".

وكانت دورة دورة ألمانيا 1974 دورة التغيير بامتياز. فقد حمل قائد منتخب ألمانيا الغربية "فرانس بيكنباور" كأسا ذهبية في شكل تمثال صغير عوضا عن الصيغة القديمة لكأس "جول ريمي" التي احتفظ به المنتخب البرازيلي بعد الفوز ببطولة 1970. كما تزامنت الدورة مع تعيين رئيس جديد للاتحاد الدولي لكرة القدم FIFA، حيث ترك الإنجليزي "ستانلي روس" مكانه للبرازيلي "جواو هافلانج". وشهدت البطولة كذلك تغييرا كبيرا في نظام المنافسات، إذ أصبح الدور الثاني يلعب على شكل مجموعتين تضم كل واحدة منهما أربعة منتخبات، عوض الطريقة التقليدية المبنية على نظام خروج الخاسر في دور الثمانية ودور الأربعة.

ألمانيا الشرقية تقض مضجع الجيران

سجلت نهائيات 1974 غياب كل من المنتخب الإنجليزي والروسي، بعد أن فشل الأول في التأهل إلى النهائيات لأول مرة في تاريخه، بينما رفض الثاني الرحيل إلى شيلي لإجراء مباراة فاصلة لأسباب سياسية. ومن بين الوافدين الجدد على البطولة، فجرت ألمانيا الشرقية مفاجأة من العيار الثقيل بفوزها في هامبورغ على الجارة الغربية بهدف دون رد في الدور الأول. ووقع الهدف "يورغن سبرافاسير" في الدقيقة 77، ليعلن من خلاله تصدر منتخب ألمانيا الشرقية للمجموعة، متقدما على أصحاب الأرض.

وتميزت الدورة بمشاركة منتخب الزائير، الذي أصبح أول فريق من منطقة أفريقيا جنوب الصحراء يتأهل إلى نهائيات كأس العالم FIFA. وجاءت أكثر اللحظات طرافة في البطولة عندما أقدم المدافع الزائيري "إلونغا ميوبي" على ترك حائط الصد والتوجه لإبعاد الكرة قبل أن يلمسها لاعب الفريق المنافس، في المباراة التي جمعت ممثل القارة الأفريقية بالمنتخب البرازيلي. وعلى صعيد آخر، استفاد منتخب هايتي من استضافة الدورة النهائية التأهيلية لمنطقة أمريكا الشمالية والوسطى والكاريبي لحجز بطاقة التأهل إلى النهائيات. وفاجأت هايتي منتخب إيطاليا بافتتاح حصة التسجيل في مباراتهما الافتتاحية، لتنهزم بعد ذلك بنتيجة 3-1، وهي أول الهزائم الثلاث التي لحقت بالفريق الذي افتقد خدمات نجمه "إرنست جان جوزيف" بسبب ثبوت تعاطيه للمنشطات.

وللإشارة، فقد كانت بداية منتخب ألمانيا الغربية في البطولة متعثرة، حيث تسببت الخلافات الداخلية بشأن المكافآت المالية في تدني أداء الفريق خلال مباريات الدور الأول، إذ خرج أصحاب الأرض تحت صافرات الاستهجان بعد مواجهة المنتخب الأسترالي رغم فوزهم بثلاثية نظيفة. لكن الألمان انطبق عليهم المثل القائل "رب ضارة نافعة". فقد تبين أن هزيمة أبطال أوروبا على يد ألمانيا الشرقية كانت لصالحهم، حيث تفادى من خلالها البلد المضيف مواجهة المنتخب الهولندي والأرجنتيني والبرازيلي في الدور الثاني، ليتمكن بالتالي من تجاوز المنتخبين اليوغوسلافي والسويدي قبل أن يحجز بطاقة التأهل إلى المباراة النهائية على حساب المنتخب البولندي. وقد أنقذ "سيب ماير" مرماه من أهداف محققة ليحافظ بذلك على تقدم فريقه من خلال الهدف الوحيد الذي وقعه "مولير" على ملعب فرانكفورت في مباراة فاصلة غمرتها الأمطار.

لاتو يفوز بالحذاء الذهبي

صحيح أن تأهل بولندا إلى النهائيات على حساب المنتخب الانجليزي بدا مفاجئا للعديد من المتتبعين، لكن أداء الفريق كان يتحسن مباراة بعد أخرى. وبفضل وجود "كازميرز ديينا" في خط الوسط، فضلا عن "غريغورز لاتو" و"أندري زارماك" في قلب الهجوم، استطاع المنتخب البولندي التغلب على الأرجنتين وإيطاليا في الدور الأول قبل الفوز على يوغوسلافيا والسويد، ليتمكن بعد ذلك من إحراز المرتبة الثالثة على حساب المنتخب البرازيلي بجدارة واستحقاق. كما اعتبرت بولندا قوة هجومية ضاربة في هذه الدورة، إذ فاز نجمها "لاتو" بجائزة الحذاء الذهبي بتسجيله سبعة أهداف في البطولة، بينما تمكن زميله "زارماك" من هز الشباك في خمس مناسبات.

وكان منتخب "السامبا" بعيدا كل البعد عن المستوى الذي ظهر به في المكسيك عندما تمكن من الظفر بالكأس. فقد تأهلت البرازيل هذه المرة بشق الأنفس على حساب المنتخب الاسكتلندي (الفريق الوحيد الذي لم يذق طعم الهزيمة في دورة ألمانيا 1974) بفارق الأهداف. فرغم فوزه على المنتخب الأرجنتيني، في أول لقاء من نوعه بين عملاقي أمريكا الجنوبية في تاريخ كأس العالم، فشل المنتخب البرازيلي في الوصول إلى المباراة النهائية بعد انهزامه أمام نظيره الهولندي بهدفين نظيفين، حملا توقيع كل من "نيسكنس" و"كرويف".

وشهدت نهائيات كأس العالم FIFA بألمانيا أول مشاركة لهولندا منذ دورة 1938، ورغم ذلك فقد اعتبر المنتخب البرتقالي أفضل المرشحين للظفر بالكأس، خاصة بعد فوزه الكاسح على الأرجنتين برباعية نظيفة. وكان الهولنديون يستحقون الفوز في هذه البطولة، في ظل وجود مدرب مقتدر من حجم "رينيس ميشالز" وقائد كبير من طينة "كرويف"، بعدما قاد الثنائي نادي "أجاكس" إلى التحليق عاليا في سماء كرة القدم قبل توجههما إلى نادي برشلونة. لكن كان لمنتخب ألمانيا الغربية رأي آخر في المباراة النهائية، عندما حسم أمر اللقب لصالحه بقيادة القيصر "بيكنباور"، الذي أحدث ثورة في مركز الليبرو، فضلا عن قدرة زملائه على استغلال كل الفرص المتاحة.

كأس العالم 1978 .. الأرجنتين تبدد أحلام هولندا

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/51/96/36/519636_FULL-LND.jpg

وفي غمرة احتفالات بلد "التانغو" بنشوة الفوز، كان الهولنديون يتحسرون على فشلهم للمرة الثانية على التوالي في الظفر بالكأس، بعد هزيمتهم في المباراة النهائية على أرضية "استاديو مونيمونتال" بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد. فبعد عودته إلى المباراة من خلال رأسية "ديرك نانبنغا" التي رد بها على هدف "كيمبيس" في الشوط الأول، كان المنختب البرتقالي قاب قوسين أو أدنى من تحقيق النصر عندما صد القائم كرة من تسديدة"روب رينسنبريك" في الوقت الميت من المباراة، إلا أن الأقدار شاءت أن تنتصر الأرجنتين في الأشواط الإضافية بفضل هدفي "كيمبيس" و"دانييل بيرتوني".

وكان "كيمبيس" اللاعب الأرجنتيني الوحيد الذي يمارس اللعبة خارج بلاده، إذ عاد من "فالنسيا" بلقب هداف بطولة الدوري الإسباني، ليضيف إلى رصيده ستة أهداف في نهائيات كأس العالم، رغم أنه لم يجد طريقه إلى الشباك في كل مباريات الدور الأول. ولكن "كيمبيس" لم يكن وحيدا تحت ضغط البداية المتعثرة، حيث وجد فريق "سيزار لويس مينوتي" متاعب كبيرة في طريقه إلى النهائي. فبعد الفوز على المنتخب المجري في المباراة الأولى، وقف الحظ إلى جانب منتخب الأرجنتين عندما انتزع فوزا صعبا أمام نظيره الفرنسي بهدفين مقابل هدف واحد، ليتجرع بعد ذلك أصحاب الأرض طعم الهزيمة بهدف دون مقابل على يد المنتخب الإيطالي. وقد جنى "مينوتي"، الذي استثنى من تشكيلة فريقه ابن 17 ربيعا "دييغو ماردونا"، أفضل ثمار فلسفة كروية تعتمد المهارة والهجوم، جسدها لاعب وسط الميدان المتألق "أوسفالدو أرديلس".

أول انتصار لأفريقيا وأداء متذبذب لاسكوتلندا

سجلت المرحلة الافتتاحية أول فوز لمنتخب أفريقي في تاريخ نهائيات كأس العالم، حيث تغلب المنتخب التونسي على نظيره المكسيكي بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، في حين تعادل القادم الجديد إلى المونديال المنتخب الإيراني مع نظيره الاسكوتلندي. واستعاد الممثل الوحيد للكرة البريطانية في البطولة توازنه في آخر مباراة عن دور المجموعات في قرطبة، حيث فاز على المنتخب الهولندي بثلاثة أهداف مقابل اثنين، حمل إحداها توقيع "أرشي دجميل" الذي توغل بانسيابية وسط ثلاثة مدافعين مسجلا هدفا غاية في الروعة. ورغم الفوز فقد ودع المنتخب الاسكوتلندي النهائيات باكرا، بعد تأهل هولندا بفارق الأهداف.

صحيح أن المشوار الاسكوتلندي قد تأثر سلبا بثبوت تعاطي لاعبه "ويلي جونستن" للمنشطات، لكن هذه النهائيات أثارت جدلا أكبر كونها نظمت على خلفية النظام العسكري القمعي الذي كان يقوده الجنرال الأرجنتيني "خورخي فيديلا"، بالإضافة إلى استياء لاعبي المنتخب البرازيلي بعد أن أطلق الحكم الويلزي "كلايف توماس" صافرة النهاية قبل لحظة فقط من عبور رأسية "زيكو" خط المرمى في اللقاء الذي انتهى بالتعادل 1-1 بين منتخب "السامبا" ونظيره السويدي في الدور الأول. كما كان المهاجم الأرجنتيني "ليوبولدو لوكي" قد قرر مواصلة مشاركته في البطولة بغض النظر عن وفاة شقيقه في حادثة سير.

وربما كان المنتخب الفرنسي أفضل فريق يودع النهائيات باكرا، وهو المنتخب الذي سرق الأضواء بفضل أدائه الرائع في مباراته أمام نظيره المجري. وعلى غير عادتها، خاضت فرنسا هذه المباراة بزي مخطط بالأخضر والأبيض، اقترضته من الفريق المحلي "كيمبيرلي" لتجنب أي لبس قد ينتج عن تشابه أقمصة الفريقين. كما استعرض "ميشال بلاتيني" مهاراته الخارقة مع منتخب بلاده، حيث تمكن ابن الواحد وعشرين ربيعا من تسجيل أول هدف له في المنافسات العالمية في مرمى المنتخب الأرجنتيني.

وعلى غرار نهائيات 1974، انقسمت الفرق الثمانية المؤهلة إلى الدور الثاني إلى مجموعتين. فعن المجموعة الأولى، تأهل المنتخب الهولندي بقيادة المدرب النمساوي "ارنيست هابل"، الذي سبق أن توج على الصعيد الأوربي مع نادي "فيونورد" الهولندي. وجاء إنجاز المنتخب البرتقالي بالرغم من غياب مصدر إلهامه "يوهان كرويف"، الذي اختار عدم المشاركة في النهائيات، إضافة إلى انسحاب "ويم فان هاناجم" في آخر لحظة. لكن الهولنديين استفادوا من تواجد المهاجم "رينسينبرينك"، الذي احتل المرتبة الثانية في ترتيب هدافي البطولة بعد الأرجنتيني "كيمبيس". وقد استطاعت هولندا الانتصار على النمسا ثم على حامل اللقب منتخب ألمانيا الغربية، قبل تحقيق فوز صعب على المنتخب الإيطالي في المباراة الأخيرة والحاسمة عن دور المجموعات، والتي سجل خلالها الهولندي "إرني برانت" هدفين، كان أحدهما في مرمى الخصم والآخر في شباك فريقه، قبل أن يمنح مواطنه "أري هان" بطاقة التأهل للمنتخب الهولندي بتسديدة محكمة من خارج منطقة العمليات. وفي ذات اليوم، قاد "هانس كرانكل" منتخب النمسا لتسجيل أول انتصار له منذ 47 عاما على ألمانيا الغربية التي كانت قد أقصيت من المنافسة.

الأهداف تخون نجوم البرازيل

اكتسب المنتخب الإيطالي على الأراضي الأرجنتينية خبرة كبيرة في المنافسات استفاد منها بشكل إيجابي في دورة إسبانيا بعد أربع سنوات، حيث كانت الأهداف الثلاثة التي وقعها "باولو روسي" كافية لإعلان ميلاد مهاجم كبير. لكن "الأزوري" أخفقوا في الفوز بالميدالية البرونزية، بعدما عجزوا عن تجاوز المنتخب البرازيلي، الذي كان يفتخر بوجود مهاجم يدعى "روبيرتو ديناميت"، فضلا عن قلب الدفاع "نيلينيو" المعروف بقدرته الخارقة على قيادة المرتدات الهجومية. وجدير بالذكر أن منتخب "السامبا" هو الوحيد من بين فرق البطولة الذي لم ينهزم في هذه الدورة، إلا أنه اضطر إلى المنافسة على المرتبة الثالثة بعد إخفاقه في تجاوز غريمه التقليدي المنتخب الأرجنتيني في إجمالي مباريات المجموعة الثانية، ليتأهل أصحاب الأرض إلى المباراة النهائية بفارق الأهداف.

وبعدما انتهت الموقعة التي جمعت الفريقين بلا غالب ولامغلوب، توجه منتخبا أمريكا الجنوبية إلى المباراة الأخيرة وفي حوزة كل منهما ثلاث نقاط. ونتيجة لفوز منتخب "السامبا" على بولندا بثلاثة أهداف لواحد، توجب على أصحاب الأرض التغلب على منتخب البيرو بفارق أربعة أهداف لحجز بطاقة التأهل إلى المبارة النهائية. وللإشارة فقد كان البيروفيون، بقيادة نجمهم "تيوفيلو كوبيياس"، قد ألحقوا الهزيمة بالمنتخب الاسكوتلندي قبل كبح جماح المنتخب الهولندي في الدور الأول، لكنهم لم يستطيعوا الوقوف في وجه الآلة الأرجنتينية. فقد ودع المنتخب البيروفي البطولة بخسارة ثقيلة أمام البلد المضيف بسداسية نظيفة، ساهم في صنعها كل من "لوكي" و"كيمبيس" بمعدل هدفين لكل منهما، حيث بدا وكأن "كيمبيس" قد استعاد شهية التهديف بعدما انتقل الفريق إلى مسقط رأسه، روزاريو، لخوض مباريات الدور الثاني. وبعد الأحداث التي شهدتها تلك الليلة تقرر مستقبلا انطلاق المباريات الختامية ضمن دور المجموعات في نفس الوقت.

وتقابل المنتخب الأرجنتيني ونظيره الهولندي في المباراة النهائية في 25 حزيران/يونيو 1978. وعشية المباراة الحاسمة أشارت صحيفة "ليكيب" الفرنسية إلى قدرة الفريق البرتقالي على انتزاع الكأس من قلب "بوينوس آيرس". لكن الأمور سارت في الاتجاه المعاكس، حيث كان للهولنديين موعد آخر مع الدموع بعد أن أصبح قائد فريق البلد المضيف "دانييل باساريلا" أول أرجنتيني يحمل عاليا أغلى لقب في عالم كرة القدم.

كأس العالم 1982 .. روسي يقود إيطاليا لتزعم العالم مع البرازيل

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/52/09/07/520907_FULL-LND.jpg

وأصبحت إيطاليا بطلة للعالم للمرة الثالثة في بطولة عام 1982، إذ تميز إنجاز الأزوري على التراب الإسباني بتسجيل المهاجم باولو روسي ستة أهداف كاملة، فضلاً عن طريقة احتفال ماركو تارديللي التي ستبقى راسخة في أذهان الجماهير. وربما يكون المتعاطفون مع المنتخبين الفرنسي والبرازيلي قد ذرفوا الدموع على سوء الطالع الذي حرم الفريقين من بلوغ النهائي، حيث خانهما الحظ في اثنتين من أجمل مباريات كأس العالم على الإطلاق. ولكن كان هناك القليل ممن استاءوا من تغلب أبناء إينزو بيرزوت على صلابة المنتخب الألماني بنتيجة 3-1 في المباراة النهائية، والتي ضمن من خلالها روسي لقب الحذاء الذهبي، ليكمل أجزاء قصة درامية شخصية كانت أكثر إثارة حتى من الطريقة التي عاد بها المنتخب الإيطالي بعد بداية متعثرة.

وكان روسي قد عاد للتو من مدة إيقاف دامت سنتين، بسبب ضلوعه في فضيحة تلاعب بنتائج إحدى المباريات. وقد تعذر عليه إيجاد طريقه نحو الشباك في المباريات الثلاث الأولى التي تعادل المنتخب الإيطالي في المجموعة التي تأهل منها المنتخب الإيطالي إلى الدور الثاني بفارق هدف وحيد عن المنتخب الكاميروني. ولكن المنتخب الإيطالي تقدم بشكل بارز في المراحل التالية حيث أقصى المنتخب البرازيلي المرشح للفوز باللقب في الدور الثاني بفضل ثلاثية روسي الذي سجل هدفان في نصف النهائي أمام بولندا.

وضم المنتخب الإيطالي نجوما آخرين غير روسي بما فيهم قائد الفريق وحارس المرمى دينو زوف ذو الأربعين عاماً بالإضافة إلى قلب الدفاع جيوسيبي بيرغومي ذو الثامنة عشر من العمر. وبينما أصبح بيرغومي أصغر لاعب إيطالي يشارك في نهائيات كأس العالم فإن لاعب أيرلندا الشمالية نورمان وايتسايد كسر الرقم القياسي الذي كان بحوزة الأسطورة البرازيلية بيليه حيث أصبح أصغر لاعب في تاريخ البطولة عن عمر سبعة عشر سنة وإحدى وأربعين يوماً. وحقق منتخب بلاده أيضاً إحدى أكبر مفاجآت البطولة بفوزه على أسبانيا بنتيجة 1-0 ليصل إلى الدور الثاني.

وكانت النسخة الثانية عشر من نهائيات كأس العالم FIFA آخر بطولة تجرى فيها المباريات بكرة مصنوعة من الجلد بشكل كامل، ولكنها كانت البطولة الأولى التي تضم أربع وعشرين منتخباً عوضاً عن ستة عشر. كما شهدت البطولة نظاماً جديداً يشمل ثلاث مراحل مختلفة: دور أول يضم ست مجموعات مكونة من أربعة منتخبات ويتأهل فريقان عن كل مجموعة، دور ثان من أربع مجموعات تضم ثلاث منتخبات يتأهل منها المتصدر إلى نصف النهائي وبعد ذلك المباراة النهائية.

الجزائر تحبط ألمانيا

كان المنتخب الهولندي، وصيف بطل العالم عامي 1974 و1978، أهم ضحايا التصفيات والتي شهدت تأهل ست منتخبات للمرة الأولى هي الجزائر والكاميرون والسلفادور وهندوراس والكويت ونيوزيلندا. وحقق منتخبان من هذه المنتخبات نتائج مميزة في الدور الأول والذي انطلق بهزيمة مفاجئة لحامل اللقب المنتخب الأرجنتيني أمام نظيره البلجيكي بهدف دون رد في برشلونة.

بعد ذلك حققت الجزائر أكبر مفاجآت الدورة بفوزها على بطل أوروبا المنتخب الألماني بنتيجة 2-1 في مباراتها الأولى بفضل هدفين من رابح مادجر وأفضل لاعب في أفريقيا في ذلك العام لخضر بلومي. وعلى الرغم من فوزه على تشيلي أيضاً، إلا أن المنتخب الجزائري خرج من البطولة الأهداف نظراً للأهداف التي تلقتها شباكه بعد فوز ألمانيا المريح على النمسا والذي سمح لكلا المنتخبين الأوروبيين بالتأهل معاً. وقد أدت هذه النتيجة المثيرة إلى حدوث تطور في البطولات التالية وهو اختتام مباريات الدور الأول بمباريات تقام في نفس التوقيت.

كما ندب منتخب الكاميرون حظه بعد خروجه من البطولة بدون تلقي أي خسارة حيث تعادل مع كل من إيطاليا وبولندا ليحتل المركز الثالث في المجموعة. وتعادل منتخب هندوراس مع مستضيف البطولة المنتخب الأسباني الذي لم يقدم المستوى المطلوب ولكن كانت نتائج الوجه الجديد الآخر منتخب السلفادور أكثر من محرجة. حيث أصبح أول منتخب تتلقى شباكه عشرة أهداف في مباراة في نهائيات كأس العالم FIFA حيث خسر بنتيجة 10-1 أمام المجر في مباراة سجل فيها البديل لازلو كيس ثلاث أهداف في زمن قياسي (بين الدقيقة التاسعة والستين والدقيقة السادسة والسبعين).

البرازيل تتألق

كان أبناء مدرب المنتخب البرازيلي تيلي سانتانا أبطال الدور الأول بدون منازع. وكانت البرازيل في نظر العديد من المراقبين أفضل فريق في أمريكا الجنوبية منذ عام 1970، وتمثلت قوة الفريق في خط وسطه المتميز الذي كان يضم كلا من زيكو وفالكاو بالإضافة إلى الثنائي سقراط وإيدر الذي سجل كل منهما هدفاً رائعاً في المباراة الأولى للمنتخب البرازيلي والتي قلب فيها تخلفه بهدف ليفوز بنتيجة 2-1 على روسيا.

وأقصى المنتخب البرازيلي غريمه التقليدي المنتخب الأرجنتيني في الدور الثاني بفوزه بنتيجة 3-1 في المباراة التي شهدت استياء كبير من دييغو مارادونا والذي ضرب باتيستا ليتلقى البطاقة الحمراء. ودخل المنتخب البرازيلي بهذا الفوز مباراته التالية أمام إيطاليا وهو بحاجة إلى تعادل فقط لضمان التأهل إلى نصف النهائي. ولكن على الرغم من هدفي كل من سقراط وفالكاو، إلا أن ثلاثية روسي أقصت المنتخب البرازيلي من البطولة. ولم يواجه المنتخب الإيطالي أي مقاومة من المنتخب البولندي الذي افتقد لخدمات زبينيو بونييك الموقوف في نصف النهائي الذي شهد أيضاً ملحمة كبيرة بين فرنسا وألمانيا في مدينة أشبيلية.

وتأثرت هذه المباراة سلباً بالتصرف العنيف للحارس الألماني هارالد شوماخر والذي لم ينل على إثره أي عقوبة حيث اعتدى على البديل الفرنسي باتريك باتيستون الذي فقد وعيه. وكانت المباراة هي الأولى في تاريخ نهائيات كأس العالم FIFA والتي تحسم نتيجتها بالضربات الترجيحية بعدما قلب المنتخب الألماني تخلفه بنتيجة 3-1 في الشوط الإضافي. وبعد أن تصدى شوماخر للركلة الترجيحية التي سددها ماكسيم بوسيس، سجل هورست روبيخ الركلة الحاسمة لينهي آمال المنتخب الفرنسي الذي وصل إلى نصف النهائي للمرة الأولى منذ عام 1958 بقيادة نجوم خط الوسط ميشيل بلاتيني وجون تيغانا وألان جيريس.

وبعد المباراة المتعبة في نصف النهائي، فشل فريق المدرب يوب ديروال في مجاراة المنتخب الإيطالي في المباراة النهائية التي أقيمت على ملعب سانتياغو بيرنابيو. ولم يتأثر المنتخب الإيطالي بركلة الجزاء التي أهدرها أنطونيو كابريني في الشوط الأول ليمطر كل من روسي وماركو تارديللي وأليساندرو ألتوبيلي المرمى الألماني في الشوط الأول. وسجل برايتنر هدف الشرف الوحيد للمنتخب الألماني ولكن قبل ذلك، كان تارديللي قد رسم الفرحة الإيطالية حيث احتفل منطلقاً بسرعة وفاتحاً ذراعيه وصرخ بأعلى صوته مظهراً فرحته وفرحة المنتخب الإيطالي للعالم.

كأس العالم 1986 .. مارادونا يسرق الأضواء

http://ar.fifa.com/mm//Photo/Classic/Players/51/52/22/515222_FULL-LND.jpg

أصبحت المكسيك آنذاك أول دولة تنظم نهائيات كأس العالم FIFA مرتين، بعدما كانت قد استضافت دورة 1970 التي شهدت تتويج منتخب البرازيل. غير أن الكأس هذه المرة كانت من نصيب نجوم الأرجنتين، بعدما تحملوا حرارة الجو والارتفاع الشاهق عن سطح البحر في سبيل تحقيق نصر مؤزّر، مستمدين الإلهام والروح القتالية من قائدهم "دييجو مارادونا"، الذي سيطر على البطولة بطريقة لم تشهدها النهائيات من قبل، اللهم إذا استثنينا الدورات التي شهدت تألق الجوهرة السوداء "بيليه".

وتقول الإحصائيات أن النجم الأرجنتيني "مارادونا" سجل خمسة أهداف كاملة في هذه الدورة، بينما ساهم في صنع خمسة أخرى من إجمالي أهداف منتخب بلاده، والتي بلغت 14 هدفا في مشواره إلى الفوز في المباراة النهائية بنتيحة 3-2 على ألمانيا الغربية التي اكتفت بالمركز الثاني. غير أن كل ذلك لا يعدو أن يكون نصف القصة، إذ أن السحر والبراعة الذي اتصف بهما أحد أهداف مارادونا، إضافة إلى الخبث والخديعة الذي اتسم بهما الهدف الآخر جعلا جريدة "ليكيب" الفرنسية تنعته بـ"نصف ملاك ونصف شيطان".

وقد سُجِل الهدفان في مباراة الدور ربع النهائي أمام إنجلترا، والتي انتهت بفوز الأرجنتين بنتيجة 2-1 في إستاد "أزتيكا" الذي أصبح بعد ذلك تحفة فنية في عالم كرة القدم. وكان الهدف الأول، كما ورد على لسان "مارادونا" نفسه، بمثابة هدية من "يد الله"، حيث ارتقى اللاعب عاليا رغم قصر قامته، ثم رفع ذراعه ونقر الكرة بيده لتتجاوز الحارس "بيتر شيلتون"، الذي كان قد تقدم عن خط المرمى بغية إبعاد الخطر. و لم تمر إلا ثلاث دقائق حتى جاء الهدف الثاني من قدم العبقري "مارادونا"، إذ بدأ كل شيء عندما التقط صانع الألعاب الأرجنتيني الكرة في نصف ملعب فريقه، ليتقدم باتجاه مرمى الخصم في سلسلة من المراوغات السريعة خلفت وراءها خمسة من لاعبي إنجلترا، ومن بينهم حارس المرمى "شيلتون"، قبل أن يودع الكرة في الشباك.

ولقد تمكنت المكسيك من الحصول على حق استضافة بطولة كأس العالم 1986، بعد اعتذار كولومبيا نتيجة لأسباب مالية. وكانت العاصمة مكسيكو سيتي قد تعرضت إلى هزة أرضية عنيفة في سبتمبر\أيلول عام 1985 كانت بمثابة مقدمة مأساوية - حيث خلفت وراءها حوالي 20 ألف قتيل. إلا أن الزلزال لم يؤثر على الملاعب، إذ سرعان ما استعادت البلاد قوتها لتنظيم بطولة ستبقى راسخة في الأذهان.

لينيكر، ماكينة الأهداف الإنجليزية

إذا كان "مارادونا" هو النجم الذي انجذبت إليه الأضواء، فقد كان هناك غيره من الأبطال في هذه الدورة، حيث كان المهاجم الإنجليزي "جاري لينيكر" ماكينة الأهداف في البطولة دون منازع. وفاز "لينيكر" بجائزة الحذاء الذهبي، بعدما نجح في تسجيل ستة أهداف - ثلاثة منها كانت حاسمة في مباراة فريقه أمام بولندا ضمن دور المجموعات، حيث ساعدت المنتخب الإنجليزي العريق على التعافي من البداية الهزيلة وغياب قائد الفريق "برايان روبسون" بداعي الإصابة. ومع خسارة إنجلترا بنتيجة 2-0 أمام الأرجنتين، نجح "لينيكر" في تضييق الفارق بينما كان قاب قوسين من إدراك التعادل في الأنفاس الأخيرة من المباراة.

ومن جانب آخر، فقد برزت الدنمارك، الوافدة الجديدة إلى جانب كل من كندا والعراق، في منافسات الدور الأول بأسلوبها الجذاب الذي مكّنها من تحقيق ثلاثة انتصارات متتالية، كان أحدها على حساب ألمانيا الغربية، لتنال بذلك لقب "القنبلة الدانمركية". وكان خط هجوم الفريق يضم كلا من "مايكل لاودروب" و"بريبين إلكيار"، حيث نجح هذا الأخير في تسجيل ثلاثية في المباراة التي سحق فيها الدنماركيون منتخب الأوروجواي بستة أهداف مقابل هدف واحد.

وقام الاتحاد السوفييتي بتحقيق أكبر انتصار في الدور الأول على المجر بنتيجة 6-0. ورغم أن مدرب الفريق "فاليري لوبانوفسكي" قام بتجميع لاعبيه في وقت وجيز، إلا أن المنتخب قدم عروضا رائعة البطولة، إذ كان يتشكل من مجموعة من لاعبي نادي "دينامو كييف" الفائز بلقب كأس UEFA للأندية أبطال الكأس - ومن أبرزهم "إيجور بيلانوف"، الذي رُشح فيما بعد للفوز بجائزة أحسن لاعب في أوروبا لعام 1986.

وعلى غرار الدنمارك، فإن السوفييت تصدروا مجموعتهم في الدور الأول، غير أن الفشل لازمهم في الدور الثاني عندما خسروا أمام بلجيكا 4-3. وبتسجيله ثلاثية في تلك المباراة على ملعب ليون، كان "بيلانوف" ثالث لاعب في تاريخ كأس العالم FIFA يتمكن من إحراز ثلاثة أهداف في مواجهة تنتهي بهزيمة فريقه. وقد كانت نهاية الدنمارك أكثر مأساوية، حيث هُزمت أمام أسبانيا بنتيجة 6-1 في المباراة التي نجح فيها "إيميليو بوتراجوينو" في هز الشباك أربع مرات.

المغرب يصنع التاريخ

شهدت بطولة كأس العالم FIFA تغيّرًا كبيرًا من حيث الشكل، حيث تم تعويض نظام المجموعات في الدور الثاني بنظام دور الستة عشر الذي ينتهي بخروج المهزوم وصعود الفائز إلى الدور الموالي. وكان هذا يعني تأهل أفضل أربع فرق حققت المركز الثالث في مجموعاتها. ولكن المغرب لم يكن في حاجة إلى تلك 'الفرصة الثانية‘، حيث أصبح أول فريق أفريقي يصعد من الدور الأول كمتصدر لمجموعته، وذلك بفضل فوزه على البرتغال بنتيجة 3-1، قبل أن يستسلم أمام ألمانيا الغربية.

واحتاج الألمان بعد ذلك إلى ضربات الجزاء الترجيحية للتغلب على الفريق المضيف، الذي سجّل له "مانويل نيجريتي" قبل ذلك أحد أروع أهداف النهائيات، بضربة مقص هوائية في المباراة التي جمهت المكسيك بمنتخب بلغاريا. وقد انتهت ثلاثة من مباريات الدور ربع النهائي على هذا النحو. وبينما تغلبت بلجيكا على أسبانيا بفضل تألق حارسها "جين ماري بفاف"، قامت فرنسا بالقضاء على أحلام البرازيل في مباراة وصفها بيليه بـ"التاريخية".

وكانت فرنسا قد تمكنت من إخراج حامل اللقب المنتخب الإيطالي، إلا أن أبطال أوروبا واجهوا بعد ذلك منافسًا أكثر ضراوة تمثل في منتخب "السامبا". وضيعت البرازيل فرصة ثمينة للفوز بالمباراة، عندما كان الطرفان متعادلان بهدف لكل منهما، إذ نجح حارس المرمى "جويل باتس" في التصدي لركلة جزاء سددها "زيكو". ورغم إخفاق "ميشال بلاتيني" في التسجيل خلال سلسلة ضربات الجزاء الترجيحية، فقد ناب عنه زميله " لويس فيرنانديز" ليقود فرنسا إلى دور الأربعة. لكن الحظ خان الفريق الأزرق في مباراة الدور قبل النهائي، بعد سقوطه مرة أخرى أمام المنتخب الألماني، ليكتفي بالتنافس على المركز الثالث.

وقد قام "مارادونا" بإضافة هدف آخر إلى رصيد أهدافه الخرافية عندما فاز منتخب الأرجنتين على نظيره البلجيكي في مباراة نصف النهائي. غير أن قائد الأرجنتين وجد الأمر أقل سهولة في المباراة النهائية، حيث لازمه " لوثر ماتيوس" كظله في كل فترات اللقاء. لكن فريق المدرب "كارلوس بيلاردو" تمكن من افتتاح حصة التسجيل بواسطة "خوسي لويس براون"، لاعب الوسط الدفاعي الذي لم يكن يلعب لأي ناد آنذاك. وقام "خورخي فالدانو" بمضاعفة النتيجة، إلا أن الألمان لم يستسلموا وعادوا إلى أجواء المباراة عندما نجح كل من" كارل هاينز رومينيجي" و"رودي فولر" في تسجيل هدفين في ست دقائق.

ولم يفلح "ماتيوس" في كبح جماح "مارادونا" طوال الدقائق التسعين، إذ لم تدم فرحة الألمان بهدف التعادل سوى ثلاث دقائق، حيث أرسل "مارادونا" كرة بينية انفرد على إثرها "خورخي بوروشاجا" بالمرمى ليحرز ثالث أهداف الأرجنتين في الدقيقة 83، وهو الهدف الذي كان كافيا لتحقيق ثاني تتويج عالمي لنجوم "التانغو".

كأس العالم 1990 .. ألمانيا تتزعم مع إيطاليا والبرازيل

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/52/23/10/522310_FULL-LND.jpg

نجحت ألمانيا الغربية في حمل كأس العالم FIFA للمرة الثالثة عام 1990، حينما انتقمت لهزيمتها أمام الأرجنتين في المباراة النهائية قبل أربع سنوات، وذلك بالفوز على أصحاب اللقب في روما بهدف دون رد. ولقد كان فوزهم هذا بمثابة نصر مؤزر للقيصر "فرانس بيكنباور"، وهو ثاني من توّج بكأس العالم كلاعب ومدرب.

وقد سجلت نهائيات 1990 أرقاما غير مشجعة، حيث شهدت الدورة أفقر بطولة من حيث عدد الأهداف، بمعدل تهديفي بلغ 2.21 هدف في المباراة الواحدة، إلا أنها لم تخل من الإثارة والتشويق. فالمباراة الافتتاحية وحدها كانت كفيلة بأن تكون إحدى أكبر الانقلابات الكروية المحفورة في ذاكرة بطولات كأس FIFA، وذلك حينما فازت الكاميرون على الأرجنتين بملعب "سان سيرو" الذي أعيد تجهيزه خصيصا لاستضافة أكبر حدث كروي في العالم. وبينما كان "روجير ميلا" يعيش أفضل موسم في مسيرته الرياضية، كانت الأسود الكاميرونية على استعداد لمواصلة التقدم وصنع التاريخ.

وكانت هذه هي المرة الثانية التي تستضيف فيها إيطاليا بطولة كأس العالم FIFA. فبعد مضي 56 سنة على تتوجيهم على أرضهم وأمام جماهيرهم في دورة 1934، لم يدخر الإيطاليون أي جهد لإنجاح البطولة، إذ أعيد تجهيز عشرة ملاعب منتشرة في مختلف أرجاء شبه الجزيرة الإيطالية، في حين تم بناء ملعبين جديدين في مدينتي تورينو وباري. وسرعان ما فقد "تشاو"، الرجل الخشبي الذي شكل تميمة البطولة، شهرته في أوساط الجماهير الإيطالية، إذ تحولت كل أنظار المتتبعين المحليين إلى "سالفاتوري 'توتو‘ سكيلاتشي"، ذلك المهاجم الذي كان سجله خاليا من أي هدف دولي قبل يونيو\حزيران 1990.

الأسود تسرق الأضواء

مضى الدور الأول في طريقه وفق التوقعات بشكل عام، باستثناء إنجاز الوافد الجديد منتخب كوستاريكا، الذي أفلح في هزم كل من اسكوتلندا والسويد ليتمكن من الوصول إلى دور الستة عشر. كما نجح منتخب جمهورية أيرلندا، بقيادة المدافع الإنجليزي السابق "جاك شارلتون"، في إضافة لمسة جمالية لتلك الدورة، تمثلت في وصول الفريق إلى دور الثمانية في أول ظهور له في تاريخ المسابقة. لكن أكبر إنجاز في الدورة تجسد في المسيرة الناجحة للمنتخب الكاميروني، والذي سار بثبات نحو بلوغ الدور ربع النهائي. وكانت "الأسود التي لا تقهر" الفريق المفضل للجماهير المحايدة خلال البطولة، حيث كان "ميلا" نجمًا متألقًا حقيقيًا استطاع قيادة منتخب بلاده بكل عبقرية عن عمر يناهز 38 عامًا.

وكان من الضروري إقناع المهاجم المخضرم بالعدول عن قرار الاعتزال، بعدما اختار حط الرحال في جزيرة لاريونيون، ليرافق زملاءه في الرحلة إلى الديار الإيطالية. وما إن غادر دكة الاحتياط في مباراة الكاميرون أمام رومانيا، حتى نجح في تسجيل هدفين تمكن بفضلهما ممثل الكرة الأفريقية من بلوغ الدور الثاني. وبعدما تكرر الإنجاز أمام كولومبيا أدى "ميلا" رقصته الشهيرة عند علم الزاوية، محتفلا بوصول أول فريق أفريقي إلى الدور ربع النهائي في تاريخ النهائيات.

وقد كانت الأسود قاب قوسين من الصعود إلى الدور قبل النهائي، إلا أن "جاري لينكر" كان له رأي آخر، إذ أحرز المهاجم الإنجليزي هدفين من نقطة الجزاء، لينعش آمال منتخب بلاده في المنافسة على البطولة بعدما كانت الكاميرون متقدمة بنتيجة 2-1، على بعد عشر دقائق من نهاية المباراة. وكان لإنجاز أسود الكاميرون في أبرز حدث كروي في العالم فضل كبير في حصول القارة الأفريقية على حق المشاركة بفريق ثالث ابتداء من النهائيات الموالية عام 1994.

أما إنجلترا، فقد صعدت إلى الدور قبل النهائي لأول مرة منذ عام 1966، مستفيدة بشكل كبير من مهارات وحماسة "بول جاسكوين". غير أن الحظ لم يحالف الإنجليز أمام ألمانيا الغربية في مباراة رائعة انتهت بضربات الجزاء الترجيحية، إذ لا يزال الجميع يتذكر دموع "جاسكوين" عقب المواجهة. وقد شكلت تلك المباراة أصعب اختبار للألمان في طريقهم للفوز بالبطولة. وكان تواجد ثلاثة من نجوم نادي "إنتر ميلان" في تشكيلة منتخب ألمانيا الغربية (قائد الفريق "لوثر ماتيوس" و"يورجن كلينسمان" و"أندريا بريهم") سببا في نيل تعاطف جماهير ملعب "سان سيرو"، كما لو كان الفريق يلعب على أرضه، لاسيما في اللقاءات الخمس الأولى، والتي انتهى أحدها بفوز ساحق 4-1 على يوغسلافيا، فضلا عن الفوز في الدور الثاني على المنتخب الهولندي الذي كان أداؤه مخيبا للآمال.

توتو مفاجأة الدورة

لم يكن الإيطايون يدركون أن ميزة الأرض ليست وحدها كافية لإحراز لقب البطولة. ومن أبرز ما مميز مشوار أصحاب الأرض نحو الدور قبل النهائي ذلك الهدف الرائع الذي سجله "روبيرتو باجيو" أمام تشيكوسلوفاكيا، بالإضافة إلى الرقم العالمي الجديد في بطولات كأس العالم FIFA الذي سجله حارس المرمى "والتر زينجا"، حيث حافظ على نظافة شباكه لمدة 517 دقيقة في خمس مباريات. وبالرغم من ذلك، فقد كان "سكيلاتشي" بحماسته وروحه القتالية بطلا قوميا بدون منازع، إذ لم يكن أحد يتوقع له الظهور بهذا المستوى، خاصة وأنه لم يسبق له المشاركة مع منتخب "الأزوري" إلا في مباراة واحدة قبل تلك البطولة. وسجل "سكيلاتشي" ستة أهداف كاملة في الدورة، ليحرز لقب هداف البطولة ويفوز بجائزة أديداس للحذاء الذهبي. لكن أحلام منتخب "الأزوري" ومدربه "أزيليو فيتشيني" بإحراز اللقب على أرضهم وبين جماهيرهم تحطمت على صخرة الأرجنتين في مدينة نابولي.

وكانت تشكيلة الأرجنتين مختلفة عن تلك التي أحرزت اللقب عام 1986، إلا أن "دييجو مارادونا" كان مايزال حاضرا، إذ أحدث وجوده انقساما كبيرا في صفوف مشجعي نابولي الذين يعشقونه إلى درجة العبادة، لما قدمه من خدمات لفريق المدينة، حيث قاد النادي إلى الفوز بلقب الدوري الإيطالي في ذلك الموسم. وقد برزت أيضًا مواهب زميله المهاجم "كلاوديو كانيجيا"، ذلك القناص الذي أحرز هدف الفوز الرائع على البرازيل في الدور الثاني. كما شهدت البطولة تألقا لافتا لحارس المرمى الأرجنتيني "سيرخيو غويكوشيا"، الذي حل بديلاً للحارس المصاب "نيري بومبيدو"، بعدما تعرض هذا الأخير لكسر في الساق في ثاني مباريات منتخب "التانغو" في البطولة. ودافع "غويكوشيا" عن عرينه بكل قتالية، إذ أنقذ مرمى الأرجنتين من أهداف محققة أمام البرازيل، قبل أن يتألق خلال ضربات الجزاء الترجيحية أمام الفريق اليوغسلافي العنيد في الدور ربع النهائي. كما لعب دورا حاسما في تغلب منتخب بلاده على إيطاليا، حيث ساهم إنقاذه لضربتي جزاء في صعود الأرجنتين للمباراة النهائية بعد انتهاء الموقعة بالتعادل 1-1.

ولم ينجح "غويكوشيا" في تكرار أدائه البطولي في روما، عندما فشل في صد ضربة جزاء من رجل "أندرياس بريهم" في الدقيقة 85 من عمر المباراة النهائية، والتي شهدت أداءً فنيًا ضعيفًا من الجانبين. وافتقدت الأرجنتين خدمات مهاجمها "كانيجيا" بسبب الإيقاف، لتصبح أول فريق يعجز عن التهديف في النهائي ويكمل المباراة منقوص العدد، بعد طرد كل من "جوستافو ديزوتي" و"بيدرو مونسون". وفي المقابل، عاد الفوز في النهاية للفريق الأفضل، إذ أحرزت ألمانيا اللقب للمرة الثالثة في تاريخها، لتنضم إلى كل من إيطاليا والبرازيل كأكثر الدول تتويجا بكأس العالم FIFA. فبعد مرور 16 عامًا من قيادة فريق ألمانيا الغربية لإحراز اللقب كلاعب، عاد القيصر "بيكنباور" ليتوج بالبطولة كمدرب.

كأس العالم 1994 .. البرازيل تتزعم لوحدها

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/52/24/45/522445_FULL-PRT.jpg

كانت الولايات المتحدة مسرحا لأنجح بطولة في تاريخ كأس العالم FIFA من حيث الحضور الجماهيري، حيث انتهت الدورة الخامسة عشرة بصعود البرازيل إلى منصة التتويج وإحراز أول لقب عالمي لها منذ عام 1970. ولا يتجادل اثنان في أن المباراة النهائية كانت مخيبة لآمال عشاق الساحرة المستديرة، حيث فازت البرازيل على إيطاليا بضربات الجزاء الترجيحية عقب انتهاء المواجهة بالتعادل السلبي. إلا أن الجميع يتفق أيضًا على أن الجماهير استمتعت بعروض كروية شيقة طوال البطولة.

فقد شهدت البطولة سيلاً من الأهداف - إذ اهتزت الشباك 141 مرة في مختلف المباريات، وهو أكبر إجمالي لعدد الأهداف شهدته بطولات كأس العالم FIFA منذ عام 1982. كما لم تخل البطولة من الإثارة والتشويق، فقد فجر منتخب بلغاريا قنبلة من العيار الثقيل بتغلبه على حامل اللقب منتخب ألمانيا، قبل بلوغ الدور نصف النهائي، علما أن الفريق لم يسبق له الفوز بأي مباراة من مباريات كأس العالم على مدار 16 مشاركة في النهائيات. كما شهدت البطولة إبعاد الأسطورة الأرجنتيني "دييجو مارادونا"، الذي قاد منتخب بلاده إلى الفوز باللقب عام 1986، حيث أثبتت الاختبارات تعاطيه للمخدرات. وسرعان ما لحق نجوم "التانجو" بنجمهم الأول، بعد انهزام الأرجنتين أمام منتخب رومانيا، بقيادة النجم المتألق "جورجي هاجي"، في مباراة مثيرة شهدت تسجيل خمسة أهداف.

كما عاشت الدورة حدثًا مأساويًا، إذ تم اغتيال المدافع الكولومبي "أندريس إسكوبار" لدى عودته إلى أرض الوطن، وذلك بعدما سجل هدفًا في مرماه بطريق الخطأ أدى إلى خروج المنتخب الكولومبي بشكل مبكر بعد الهزيمة أمام الولايات المتحدة في مرحلة المجموعات. وكان الإقصاء غير المتوقع للكولومبيين سببا في تأهل منتخب الولايات المتحدة إلى الدور الثاني ليخسر بصعوبة كبيرة في ثمن النهائي بهدف وحيد أمام البرازيل التي واصلت طريقها بثبات نحو اللقب.

حضور جماهيري غفير

لم تحظ كرة القدم في الولايات المتحدة مطلقًا بما حظيت به كرة السلة أو البيسبول أو كرة القدم الأمريكية من شعبية على نطاق واسع، حيث استغرب العديد من المتتبعين لمنح الولايات المتحدة شرف استضافة بطولة كأس العالم FIFA. ومع اختيار الولايات المتحدة الأمريكية، كان رئيس FIFA "جواو هافيلانج" يراهن على اجتياز آخر الحواجز التي تقف أمام انتشار رياضة كرة القدم في أمريكا الشمالية، وقد أثبتت الأحداث والوقائع أن القرار كان صائبا، حيث نجحت الدورة في تسجيل إجمالي عدد حضور جماهيري بلغ 3,587,538 مشجعًا.

وكان من بين الأرقام القياسية التي ارتبطت بهذه البطولة مشاركة 147 دولة في التصفيات التأهيلية، إلا أن بعض المنتخبات الأوروبية الكبرى لم تفلح في حجز بطاقة التأهل، كما كان الحال بالنسبة للدنمارك، بطلة أوروبا، وإنجلترا وفرنسا، التي أقصيت من التصفيات بسبب هدف بلغاريا في الثانية الأخيرة من عمر آخر مباراة تأهيلية. وشهدت البطولة العديد من المفاجآت، خاصة في الدور الأول الذي أصبح الفوز فيه يساوي ثلاث نقاط. فقد منيت إيطاليا بالهزيمة 0-1 أمام أيرلندا في المباراة الافتتاحية للفريقين، لتتأهل بعد ذلك إلى دور الستة عشر كواحدة من أفضل الفرق التي أحرزت المركز الثالث.

وإذا كان إخفاق كولومبيا أمرا غير متوقع، فلم يكن أحد يتصور أن تصمد المملكة العربية السعودية في مجموعتها، إلا أنها حققت فوزين من أصل ثلاث مباريات. كما قام المهاجم السعودي سعيد العويران بإحراز أفضل وأجمل أهداف البطولة، عندما انطلق من منتصف الملعب متخطيًا كل اللاعبين في مهارة فائقة، لتعانق كرته الشباك البلجيكية، ويقود الأخضر إلى الفوز على الشياطين الحمر. ودخل الروسي "أوليج سالينكو" سجل هدافي كأس العالم من بابه الواسع، وذلك بتسجيله رقمًا قياسيًا جديدًا بعدما نجحت تسديداته في معانقة الشباك خمس مرات في مباراة انتهت بفوز منتخب روسيا على الكاميرون 6-1. أما الهدف الكاميروني في تلك المباراة، فقد أحرزه المخضرم "روجيه ميلا"، والذي حطم به رقمه القياسي ليصبح أكبر الهدّافين سنًا في تاريخ بطولات كأس العالم FIFA- عن عمر بلغ 42 عامًا وثمانية وثلاثين يومًا.

تسريحة ذيل الحصان

أما العملاق الأفريقي الآخر، منتخب نيجيريا، فلم يكن يفصله عن تحقيق فوز تاريخي على إيطاليا سوى 90 ثانية في دور الستة عشر حتى جاء "روبيرتو باجيو" لينقذ فريق "الأزوري" من هزيمة محققة، بعدما كان الفريق يلعب بعشرة لاعبين. وقد تمكن أبطال أفريقيا من التربع على قمة مجموعتهم، وأوشكوا على إحداث صدمة كبيرة في الأوساط الكروية، قبل أن يتمكن "باجيو" من إحراز هدف التعادل ثم الفوز في الوقت الإضافي. وبدا واضحا أن صاحب تسريحة "ذيل الحصان" كان في قمة عطائه، حيث أخرج أسبانيا من البطولة في دور الثمانية بهدف في اللحظات الأخيرة، قبل أن يسجل هدفين في المرمى البلغاري في مباراة نصف النهائي، كانا كافيين لقيادة المنتخب الإيطالي إلى المباراة النهائية. وفي المقابل، كان النجم البلغاري "خريستو ستويشكوف" قد ساهم بشكل كبير في إنجاز منتخب بلاده المتمثل في إخراج المنتخب الألماني حامل اللقب.

وفي نهاية الأمر تقاسم كل من "ستويشكوف" و"سالينكو" جائزة الحذاء الذهبي التي تقدمها adidas لهدّاف البطولة. أما بالنسبة للمهاجم البرازيلي المتألق "روماريو"، الذي كان واحدًا من أبرز نجوم البطولة، فقد كانت تنتظره جائزة أكبر من ذلك، حيث تمكن هو وزميله "بيبيتو" من الوصول إلى الشباك ثلاث مرات أمام هولندا في مباراة ربع النهائي التي فازت بها البرازيل بنتيجة 3-2. وشهدت تلك المباراة طريقة جديدة في التعبير عن الفرحة بتسجيل الأهداف، حيث احتقل "بيبيتو" على شرف ولادة ابنه الجديد بعدما وقع الهدف في المرمى الهولندي . ثم قام روماريرو بعد ذلك بتسجيل هدف الفوز الوحيد في مباراة نصف النهائي أمام المنتخب السويدي، الذي قدم هو الآخر أفضل أداء له منذ عام 1958، وذلك بحصوله على المركز الثالث.

والآن إلى المباراة النهائية في ملعب باسادينا بولاية كاليفورنيا، حيث كان اللقاء نسخة مكررة من نهائي عام1970، كما جمع بين منتخبين أحرز كل واحد منهما اللقب ثلاث مرات. ومن الناحية النظرية، فقد كان النهائي بمثابة الحلم الذي كان يراود معظم المتتبعين، إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك. فبعد انتهاء المباراة بالتعادل السلبي، تحدد مصير الكأس لأول مرة من خلال ضربات الجزاء الترجيحية، تلك الضربات التي قست بشدة على النجم الإيطالي "روبرتو باجيو". فبعدما بذل الغالي والنفيس لوصول إيطاليا إلى المباراة النهائية، لم يستطع ساحر "الأزوري" تحقيق حلم أبناء بلده. فقد أضاع "باجيو" ضربة الجزاء الحاسمة، عندما قام بإرسال الكرة عاليًا لتعانق سماء كاليفورنيا وتفوز البرازيل باللقب بعد مرور 24 عامًا عن آخر تتويج لأبناء "السامبا".

ومع وجود القائد "دونجا"، ذلك المدافع الصلب المعروف بالأداء القتالي والالتحام القوي، افتقدت البرازيل للمهارات التي ميزت العهود السابقة. إلا أن المدير الفني "كارلوس ألبرتو بيريرا" كان قد أعد تشكيلة متميزة، حيث كان الفريق يزخر بثنائي هجومي رائع تمثل في النجمين "روماريو" و"بيبيتو". وفي ظل وجود قوة هجومية ضاربة، فضل "بارييرا" الإبقاء على "رونالدو" في دكة الاحتياط، إذ لم يكن عمره آنذاك يتجاوز 17 ربيعا. إلا أن النجم الصاعد كان يحمل في جعبته العديد من المفاجآت، إذ شكلت الدورات الموالية فرصة كبيرة لاكتشاف مهاراته وعروضه الفنية.

ومع وجود القائد "دونجا"، ذلك المدافع الصلب المعروف بالأداء القتالي والالتحام القوي، افتقدت البرازيل للمهارات التي ميزت العهود السابقة. إلا أن المدير الفني "كارلوس ألبرتو بيريرا" كان قد أعد تشكيلة متميزة، حيث كان الفريق يزخر بثنائي هجومي رائع تمثل في النجمين "روماريو" و"بيبيتو". وفي ظل وجود قوة هجومية ضاربة، فضل "بارييرا" الإبقاء على "رونالدو" في دكة الاحتياط، إذ لم يكن عمره آنذاك يتجاوز 17 ربيعا. إلا أن النجم الصاعد كان يحمل في جعبته العديد من المفاجآت، إذ شكلت الدورات الموالية فرصة كبيرة لاكتشاف مهاراته وعروضه الفنية.

كأس العالم 1998 .. زيدان يقود فرنسا للتربع على العرش العالمي

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/52/28/36/522836_FULL-LND.jpg

شهد موطن "جول ريميه"، مؤسس وصاحب فكرة بطولة كأس العالم FIFA، صيفاً سيبقى راسخا في ذاكرة كرة القدم. فقد أوجدت فرنسا لنفسها أخيراً موطئ قدم على العرش العالمي. وبينما ستبقى دورة 1998 عالقة في أذهان حاملي اللقب الجدد، ستبقى محفورة في سجل البطولة العجوز، حيث أصبح عدد الفرق المشاركة فيها هو الأكبر في تاريخ المسابقة.

ضمّت النسخة السادسة عشرة من كأس العالم لكرة القدم FIFA 32 فريقاً للمرة الأولى في تاريخ البطولة. وشكلت زيادة عدد المشاركين فرصة لإقحام المزيد من المنتخبات من اتحادات أفريقيا وآسيا ومنطقة CONCACAF، مما أتاح الفرصة لتأهل كل من جنوب أفريقيا واليابان وجامايكا للمرة الأولى في تاريخ المنافسة. وتوزعت مباريات المجموعات الثمان على مختلف ملاعب المدن الفرنسية الكبرى، لكن مباراتيّ الافتتاح والختام جرت على أرضية ملعب فرنسا الدولي "ستاد دو فرانس" شمالي العاصمة باريس. وفي هذا الملعب بالذات افتتح حامل اللقب المنتخب البرازيلي البطولة بفوزه على اسكتلندا بنتيجة 2-1، بفضل هدف سجله اللاعب الاسكتلندي "توم بويد" في شباك فريقه.

وتمثلت أكبر مفاجآت مرحلة المجموعات في إخفاق أسبانيا في بلوغ الدور الثاني، حيث دفع منتخب "لاروخا" ثمن بدايته المتعثرة ضمن المجموعة الرابعة. فبعد خسارة أمام نيجيريا بثلاثة أهداف مقابل هدفين وتعادل سلبي مع باراجواي، حقق الأسبان ستة أهداف في شباك بلغاريا، لكن هذه النتيجة المبهرة في ختام المرحلة الأولى لم تعد بأي نفع على أبناء المدرب "خافيير كليمنتي"، بعدما تغلّبت باراجواي على نيجيريا في الليلة ذاتها. وتأهلت بذلك باراجواي على حساب أسبانيا، فيما أنهى أبطال أفريقيا الدور الأول على رأس المجموعة.

ومن جهة أخرى، أنهت رومانيا الدور الأول بتصدرها المجموعة السابعة، متقدمة على إنجلترا وكولومبيا. وكانت احتفالات الرومانيين سابقة لأوانها، حيث خرج الفريق بعد ذلك في أول مباراة عن الدور الثاني. وفي المجموعة الأولى، ضمنت النرويج تأهلها إلى ثمن النهائي بعد فوزها في الأنفاس الأخيرة على منتخب البرازيل بفضل ضربة جزاء نجح في تنفيذها "كيتيل ريكدال. وكان ذلك الهدف حاسما لمرور المنتخب النرويجي على حساب نظيره المغربي. أما الفريق الإيراني، فقد جمع حقائبه باكراً، حاملاً معه جائزة ترضية بفوزه على الولايات المتحدة. وبالنسبة لمشجعي كل من اسكتلندا وجامايكا، فقد حملوا معهم ذكريات سعيدة عن مشاركتهم في نهائيات كأس العالم رغم خروجهم المبكر من البطولة.

سانت إيتيان تعيش على أعصابها

استضاف ملعب سانت إتيان موقعة حاسمة بين إنجلترا والأرجنتين ضمن مباريات الدور ثمن النهائي. وكان شوط المباراة الأول من الطراز الرفيع، فبعد هدف حققه كل من الفريقين من ضربتي جزاء في الدقائق العشر الأولى من المباراة، سدد النجم الصاعد "مايكل أوين" أفضل هدف في البطولة، مانحا التقدم لمنتخب بلاده، إلا أن "خافيير زانيتي" عادل الكفة لصالح الأرجنتين قبل فترة الاستراحة من ضربة حرة محكمة.

وجاء الشوط الثاني خاليا من الأهداف، حيث شهدت المباراة إثارة من نوع آخر. فقد تم طرد "ديفيد بيكام" بعدما اعتدى على الأرجنتيني "دييغو سيميوني"، ورفض الحكم بعد ذلك احتساب هدف "سول كامبل" الذي كان من شأنه أن يضمن الفوز للإنجليز، بدعوى خطأ في حق حارس المرمى. وانتهت المباراة بالتعادل بعد الوقتين الأصلي والإضافي، ليحتكم الفريقان إلى الضربات الترجيحية، التي صد فيها حارس الأرجنتين "كارلوس روا" الركلة الأخيرة من رجل "ديفيد باتي"، مانحا بذلك منتخب الأرجنتين بطاقة التأهل إلى الدور ربع النهائي.

وبدورها، عاشت فرنسا على أعصابها طوال مراحل البطولة حتى يصل فريقها إلى المباراة النهائية ويجابه قدره. ففي مباراة ثمن النهائي أمام باراجواي لم يتأهل أصحاب الأرض إلا بفضل هدف من رجل المدافع "لوران بلان" في الدقيقة 113 بعد انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل، حيث أظهر دفاع باراجواي استماتة كبيرة بقيادة حارسه العملاق "خوسيه لويس تشيلافيرت". وفي ربع النهائي، تقابل المنتخب الفرنسي مع جاره الإيطالي، حيث وقف الحظ إلى جانب أصحاب الأرض هذه المرة، بعدما أفلتوا من هزيمة محققة بفضل العارضة الأفقية. فقد تنفس الفرنسيون الصعداء عندما مرت رأسية "روبيرتو باجيو" محادية للمرمى على بعد ثوان قليلة من انتهاء الوقت الإضافي. وفي سلسلة الضربات الترجيحية، أخفق "لويجي دي بياجيو" في هزّ الشباك عندما ارتطمت تسديدته القوية بالعارضة في آخر ركلة حاسمة، لتكون تلك المرة الثالثة على التوالي التي يسقط فيها منتخب "الأزوري" في فخ ضربات الترجيح بعد دورتي إيطاليا والولايات المتحدة.

سوكر يظفر بالحذاء الذهبي

في نصف النهائي، كان للدولة المضيفة لقاء مع مفاجأة البطولة المتمثلة في منتخب كرواتيا، الذي كان يخوض أول مشاركة له في نهائيات كأس العالم FIFA منذ استقلال البلاد عن جمهورية يوغوسلافيا السابقة. وكان المدرب "ميروسلاف بلازيفيتش" قد قاد الفريق إلى تحقيق أكبر مفاجأة في ربع النهائي بتحقيق فوز كاسح بثلاثة أهداف نظيفة على بطل أوروبا المنتخب الألماني. وحبس ملعب فرنسا الدولي أنفاسه عندما حقق "دافور سوكر" هدفاً في الشباك الفرنسية بعد فترة قصيرة من بداية الشوط الثاني، مؤكدا بذلك أحقيته في الفوز بجائزة "الحذاء الذهبي". لكن الشخص المناسب أتى في الوقت المناسب عندما اختار الظهير الأيمن الفرنسي "ليليان تورام" اللحظة الصحيحة لمساندة الهجوم، حيث سجّل المدافع الفرنسي هدفه الأول في مباراة دولية، قبل أن يعود لهز الشباك مرة ثانية ويضمن مكاناً لفرنسا في المباراة النهائية.

أما مدينة مارسيليا، فقد عاشت على إيقاع مباراة نصف النهائي الأخرى بين البرازيل وهولندا، حيث كانت معنويات المنتخب البرتقالي عالية بعدما أقصى الفريق الأرجنتيني بفضل تسديدة متقنة للمهاجم "دينيس بيركامب". وبعدما أحرز "رونالدو" التقدم لنجوم السامبا، تمكنت هولندا " من تعديل النتيجة عن طريق "باتريك كلايفرت". لكن البرازيل فازت في النهاية بركلات الترجيح، ليخرج الهولنديون مرة أخرى قُبيل الوصول إلى المباراة النهائية.

وكان يوم الثاني عشر من يوليو/تموز "يوم مجد" بالنسبة للفرنسيين. فقد بدأت المباراة النهائية بلغز محير، حيث تأخّر مسؤولو الفريق البرازيلي في إدراج اسم "رونالدو" في قائمة اللاعبين بدل "إدموندو"، حيث أشارت بعض التقارير إلى أن عارضاً صحياً ألمّ بنجم منتخب السامبا قُبيل النهائي. وكان أداء رونالدو باهتاً في المباراة الحاسمة، حيث ظهر اللاعب بمستوى بعيد كل البعد عما عرف عنه. أما المنتخب الفرنسي، فرغم غياب "بلان" بسبب الإيقاف، إلا أنه سيطر على زمام الأمور بعد فترة قصيرة من انطلاق المباراة. وبفضل رأسيّتين اثنتين للنجم "زيدان" من ضربتين ركنيتين، انتهى الشوط الأول بتقدّم أصحاب الأرض على نجوم السامبا بهدفين نظيفين. ورغم طرد الفرنسي "مارسيل ديساييه" في الشوط الثاني، إلا أن فريق المدرب الفرنسي "إيمي جاكيه" نجح في إحراز هدف ثالث من هجمة مرتدة أنهاها "إيمانويل بيتي" في شباك البرازيليين، على بعد دقيقة واحدة من انتهاء الوقت الأصلي للمباراة.

وانطلقت الاحتفالات في كل أرجاء فرنسا مباشرة بعد صافرة النهاية التي أطلقها الحكم المغربي "سعيد بلقولة"، والذي دخل التاريخ بكونه أول أفريقي يقود مباراة نهائية في كأس العالم FIFA. وقد استقطبت جادة الإليزيه وحدها أكثر من مليون شخص احتفلوا بصخب ورقصوا حتى ساعات الفجر الأولى، حيث نجح المنتخب الفرنسي، الذي يُمثل خليطا متنوع الأعراق، في توحيد صفوف الأمة، ليصبح بذلك رمزا كبيرا من رموز فرنسا المعاصرة.

كأس العالم 2002 .. رونالدو يُكفر عن الماضي ويقود السامبا لتحقيق الخامسة

http://ar.fifa.com/mm//Photo/ArchivedTournament/Summaries/52/31/28/523128_FULL-PRT.jpg

عَكست دورة 2002 لبطولة كأس العالم FIFA الطابع المتغير لعالم كرة القدم. فمع إجراء البطولة في قارة جديدة، تهاوت سريعاً المنتخبات المتمرسة والمعروفة. وبعد سلسلة من المفاجئات في المراحل الأولى، ضمّ دور ربع النهائي فرقاً من خمسة اتحادات كروية مختلفة للمرة الأولى في تاريخ النهائيات. لكن طرفي مباراة النهائي كانا وجهين معروفين على نطاق واسع، حيث تقابل منتخب ألمانيا مع نظيره البرازيلي، لتنتهي المواجهة بفوز الأخير وتحقيقه إنجازا غير مسبوق بتتويجه للمرة الخامسة على عرش الكرة العالمية.

أما "رونالدو"، الذي لم يكن في أوج عطائه خلال هزيمة منتخب بلاده على يد فرنسا في نهائي البطولة قبل أربع سنوات، فقد كان بمثابة البطل في أعين مدرب نجوم السامبا "لويس فيليبي سكولاري"، حيث سجل الهدفين اللذين جلبا لفريقه النصرفي مدينة "يوكوهاما" اليابانية. وكانت حصيلة "رونالدو" في ختام البطولة ثمانية أهداف بالتمام والكمال، وهو أفضل إنجاز في النهائيات منذ أن حقق الألماني "جيرد مولر" عشرة أهداف في البطولة التي استضافتها المكسيك عام 1970.

أسود السنغال تخلط الأوراق

تحدّد الطابع الذي ستكون عليه البطولة منذ المباراة الافتتاحية في سيؤول، وذلك عندما حقق الوافد الجديد منتخب السنغال انتصارا مفاجئا أمام حامل اللقب المنتخب الفرنسي بهدف نظيف حمل توقيع "بوبا ديوب". لكن الفرنسيين لم يتعافوا طوال المرحلة الأولى من صدمة اللقاء الافتتاحي، وأنهوا دور المجموعات في الصف الأخير دون إحراز أي هدف في المباريات الثلاث التي خاضوها. وبالمقابل، لم تكن تلك المباراة سوى بداية المشوار بالنسبة لأسود السنغال، إذ تمكنوا بعد ذلك من التأهل إلى المرحلة الثانية، حيث هزموا المنتخب السويدي بفضل هدف ذهبي في الوقت الإضافي، قبل أن يسقطوا في ربع النهائي أمام منتخب تركيا بهدف ذهبي أيضاً هزّ شباكهم هذه المرة.

أما المنتخب الأمريكي فقد ألحق بدوره هزيمة غير متوقعة بمنتخب كانت تُعلّق عليه آمال عريضة للذهاب بعيدا في البطولة، حيث تغلب على البرتغال بثلاثة أهداف مقابل اثنين. لكن البرتغاليين عادوا بقوة إلى الساحة عندما هزموا بولندا في المباراة الثانية، لكنهم سرعان ما سقطوا مجدداً أمام المفاجئة الأخرى في المجموعة الرابعة والمتمثلة في منتخب جمهورية كوريا. وبذلك يكون المنتخب البرتغالي ثاني عملاق أوروبي يحزم حقائبه باكراً، بعدما كانت منتخب فرنسا أول مودعي البطولة.


لكن إقصاء الأرجنتين ونيجيريا من الدور الأول شكل مفاجأة من العيار الثقيل. فقد استهل فريق التانغو بقيادة "مارسيلو بيلسا" منافسات المجموعة السادسة بفوز صعب بهدف وحيد على نظيره النيجيري، لكنه خسر بالنتيجة ذاتها أمام خصمه اللدود الفريق الإنجليزي في مباراة جرت في مدينة "سابورو" اليابانية. وكانت تلك المباراة أكثر مباريات الدور الأول إثارة وحماسا، حيث سجل قائد الفريق الإنجليزي "ديفيد بيكهام" الهدف الوحيد في اللقاء من نقطة الجزاء، ليتمكن من طرد شبح الدورة السابقة، عندما تلقى البطاقة الحمراء في اللقاء الذي جمع الفريقين في فرنسا عام 1998. وكان تعادل الأرجنتين مع السويد في مباراتها الثالثة والأخيرة كفيلاً بانضمام نجوم التانغو إلى قائمة المنتخبات الكبيرة التي عادت أدراجها.

أصحاب الأرض يمضون قدما

رغم أن الدور الثاني سار في نهج متوقع أكثر من سابقه، إلا أن جمهورية كوريا، التي استضافت البطولة مناصفة مع اليابان، استمرت في تحدّي كل التوقعات. فقد فاجأ الشياطين الحمر تحت إدارة "جوس هيدينك" كل المتتبعين بإيقاع الهزيمة بالمنتخب الإيطالي في الدور ثمن النهائي بفضل الهدف الذهبي الذي حققه "آهن جونغ هوان"، قبل أن يحالفهم الحظ في ضربات الترجيح مع أسبانيا في مباراة ربع النهائي.

وكانت تلك المرة الأولى التي تستضيف فيها قارة آسيا بطولة كأس العالم FIFA. ولم تكن خسارة كوريا بهدف مقابل لا شيء أمام ألمانيا في مباراة النصف كفيلة بإخماد الحماسة الاستثنائية لأصحاب الأرض، والذين طافت شوارع بلادهم ببحر من الأعلام الحمراء في كل مباراة كان منتخب الدولة المستضيفة طرفاً فيها. وفي اليابان كانت الجماهير منشغلة بالاحتفال هي الأخرى. فمع الدعم الصاخب الذي لاقاه الفريق الوطني من مشجعيه الحماسيين، أنهت اليابان الدور الأول على رأس المجموعة الثامنة، حيث تمكن المدرب "فيليب تروسييه" من قيادة المنتخب إلى إحراز أول انتصار له في تاريخ مشاركاته في نهائيات كأس العالم FIFA، وكان ذلك في مباراته أمام روسيا قبل أن يعود لإحراز الفوز أمام المنتخب التونسي.

لكن مسيرة اليابان الحافلة في كأس العالم توقفت في دور الثمن أمام الفريق التركي الذي أظهر أداءاً ملفتا في أول مشاركة له في النهائيات منذ عام 1954. ولم يتأهل الأتراك إلى الدور الثاني إلا بفارق الأهداف، متقدمين على كوستاريكا. وبعد هزم اليابان، صعدت تركيا إلى الدور نصف النهائي بفضل الهدف الذهبي الذي حمل توقيع "إلهان مانسيز" في شباك السنغاليين، قبل أن تسقط بهدف وحيد في مباراة متكافئة المستوى أمام البرازيل، والتي كانت قد أزاحت إنجلترا في ربع النهائي.

الألمان يشقون طريقهم بثبات إلى النهائي

لم تكن ألمانيا في قائمة أبرز المرشحين قبل انطلاق البطولة، كونها خسرت بخمسة أهداف مقابل هدف وحيد أمام إنجلترا في التصفيات التأهيلية، حيث احتاجت "المانشافت" إلى بطاقة الملحق الأوروبي لدخول البطولة. إلا أن انتصار الفريق في ثلاث مباريات متتالية بنتيجة هدف مقابل لا شيء في مباريات الدور الثاني ضَمِنَ وصول الماكينة الألمانية إلى المباراة النهائية. وتألق الألمان في مبارتي ربع النهائي ونصف النهائي أمام الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على التوالي، إذ يرجع الفضل في ذلك لكل من "مايكل بالاك"، الذي سجل هدف الحسم في كلتا المبارتين، والحارس "أوليفر كان"، الذي كان بارعا في الحفاظ على نظافة شباكه. لكن البطاقة الصفراء التي رُفعت في وجه "بالاك" في مباراة النصف أمام كوريا حرمته من المشاركة في النهائي يوم الثلاثين من يونيو/حزيران في يوكوهاما اليابانية.

ومن سخرية الأقدار أن كان "أوليفر كان"، الفائز بجائزة الكرة الذهبية، هو من منح "رونالدو" شرف افتتاح حصة التسجيل لمصلحة البرازيل في منتصف الشوط الثاني، بعدما كان سجل الحارس الألماني خاليا من الأخطاء طوال مراحل البطولة. وعاد "رونالدو" لهز الشباك الألمانية بعد تمريرة مخادِعة من المتألق "ريفالدو"، ليؤكد عودة البرازيل إلى منصة التتويج. وبالنسبة لـ"رونالدو" فقد كان ذلك الفوز بمثابة تكفير عن أدائه الباهت في نهائي عام 1998، كما شكل مناسبة لرد الاعتبار لنفسه بعد الإصابة التي عانى منها لفترة طويلة عقب ذلك.

وبعد شهر من بزوغ نجوم بشكل مفاجئ وخروج فرق بشكل غير متوقع، اختُتمت النهائيات في الشرق الأقصى بمشهد جد مألوف تمثل في اعتلاء أبطال "السامبا" منصة التتويج ليحملوا عالياً خامس لقب لهم في تاريخ البطولة. وبذلك يكون البرازيليون قد حافظوا على سجلهم الاستثنائي بالتربّع على عرش كرة القدم في جميع القارات التي استضافت البطولة حتى الآن.

كأس العالم 2006 .. كأس العالم تعود للأراضي الإيطالية

http://us.news1.yimg.com/us.yimg.com/i/fifa/gen/xp/20060705/i/1841235351.jpg

عاد لقب كأس العالم FIFA 2006 للمنتخب الإيطالي بفضل تضامن عناصره وتعاون لاعبيه، ولعل البطاقة الحمراء التي تلقاها زين الدين زيدان لاعتدائه على ماتيرازي تُعتبر أهم صورة ميزت نهائي برلين، لكن الجماهير ستتذكر الإنجاز الإيطالي لسنوات طويلة نظراً لروح الفريق التي أظهرها أعضاء منتخب الأزوري والتضامن الكبير بين اللاعبين طوال مراحل البطولة، ليُتوجوا بعد ذلك بلقبهم الرابع في تاريخ النهائيات.

دخل الإيطاليون غمار البطولة بعدما عاشوا موسماً على إيقاع فضيحة أخرى من فضائح التلاعب بنتائج المباريات، ولعل ذلك كان عاملاً محفزاً لعناصر الأزوري لمحو السمعة السلبية التي التصقت بكرة القدم الإيطالية آنذاك، فظهروا عازمين أكثر من أي وقت مضى على تحقيق إنجاز تاريخي جديد، بقيادة المدرب المقتدر مارتشيلو ليبي، الذي أمضى مواسم طويلة على رأس الإدارة الفنية لنادي يوفنتوس، حيث أحرز معه العديد من الألقاب على المستوى المحلي، وقد أكد الإيطاليون بالفعل أنهم قادمون للمنافسة على اللقب العالمي، حيث شارك 22 لاعباً من أصل 23 في مختلف مباريات البطولة، تناوب عشرة منهم على هز شباك الخصوم.

ولا يتجادل اثنان في كون دفاع المنتخب الإيطالي، بقيادة الحارس "جيانلويجي بوفون" والكابتن "فابيو كانافارو"، الأفضل في تاريخ المسابقة، إذ لم يدخل شباكه سوى هدفان -سُجل أحدهما عن طريق الخطأ بينما جاء الثاني من ضربة جزاء، كما اتجهت أنظار المتتبعين إلى نجوم خط الوسط المتماسك (أندريا بيرلو وجينارو جاتوزو) والجناحين جانلوكا زامبروتا وفابيو جروسو.

إيطاليا تطرد النحس

كان جروسو حاسما في المراحل الأخيرة من البطولة، حيث سجل هدفاً ثميناً في نصف النهائي أمام ألمانيا قبل أن يحرز ضربة الجزاء الحاسمة في سلسلة ركلات الترجيح خلال مباراة النهائي التي انتهت بالتعادل 1-1 بعد الوقتين الأصلي والإضافي. وبذلك تكون إيطاليا قد طردت نحس الضربات الترجيحية، التي كانت تشكل كابوس مزعج للإيطاليين على مدى تاريخ مشاركاتهم الدولية، حيث سقطوا بسببها في ثلاث مناسبات في المونديال، كانت أبرزها المباراة النهائية لدورة 1994 أمام البرازيل.

لكن نجاح بطولة 2006 لم يتوقف عند إنجاز منتخب الأزوري، حيث أبهر المنتخب الألماني كل المتتبعين بأدائه الرفيع وحسه الهجومي المتميز، بقيادة مدربه الشاب يورجن كلينسمان، فقد نال أصحاب الأرض لقب أفضل هجوم في الدورة بهزهم شباك الخصوم 14 مرة، سجل منها ميروسلاف كلوزه خمسة أهداف ليحرز جائزة الحذاء الذهبي التي تخصصها شركة "أديداس" لأفضل هداف في البطولة، في حين وقع زميله لوكاس بودولسكي ثلاثة أهداف نال من خلالها جائزة "جيليت" لأفضل لاعب شاب.

وقد تمكن كلينسمان من جعل فريقه الشاب في مركز الاهتمام خلال كل مراحل البطولة، حيث نجح في إحداث تغيير جذري على طريقة لعب المنتخب الألماني، الذي بات يميل أكثر إلى الهجوم واللعب المباشر، وفي المقابل، كان سلوك الجماهير الألمانية مثالياً جسد معه شعار البطولة "حان الوقت لكسب أصدقاء جدد"، حيث احتشد مئات الآلاف من الألمانيين في مختلف الساحات والحدائق عبر البلاد ليتقاسموا لحظات الفرح والاستمتاع مع ضيوفهم من مختلف بقاع العالم.

فعلى مدى شهر كامل، استقطبت ألمانيا 3,359,439 متفرجاً حضروا لمتابعة مباريات البطولة الموزعة على 12 ملعب من ملاعب المونديال الفاخرة، كما حظي هذا العرس الكروي الكبير باهتمام حوالي 30 مليار مشاهد حول العالم، تابعوا بشغف وأمل وترقب 32 فريقاً منافساً (من أنجولا إلى الولايات المتحدة) خلال 64 مباراة سُجل فيها 147 هدفاً.

زيدان يسترجع إيقاع التألق

عاشت الجماهير لحظات ممتعة طوال أيام البطولة، ولعلها كانت سعيدة لرؤية زيدان يرقص على إيقاع التألق من جديد، عندما قاد النجم الفرنسي منتخب بلاده إلى فوز ثمين على أسبانيا والبرازيل في الطريق إلى نهائي برلين، ليستحق بذلك جائزة كرة "أديداس" الذهبية، إلا أن النهاية كانت حزينة هذه المرة، رغم بدايته الموفقة أمام إيطاليا في موقعة الملعب الأوليمبي بافتتاحه حصة التسجيل بضربة جزاء متقنة، بعد مرور ثمان سنوات من إحرازه ثنائية حاسمة في نهائي باريس.

كما شهدت الدورة تألق الجناح البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي قاد منتخب بلاده إلى نصف النهائي لأول مرة منذ عام 1966، لكن الهزيمة أمام فرنسا في المربع الذهبي جعلت مدرب البرتغال لويس فيليبي سكولاري يفشل في بلوغ ثاني نهائي له على التوالي، بعدما قاد البرازيل إلى إحراز اللقب في دورة 2002.

ورغم أن المربع الذهبي كان مؤلفاً بشكل كامل من منتخبات أوروبية، إلا أن فرقاً أخرى أبلت بلاء حسناً في هذه النهائيات، فبغض النظر عن هزيمته أمام ألمانيا بركلات الترجيح، إلا أن منتخب الأرجنتين قدم عرضاً رائعاً خلال الدور الأول، حيث سجل نجوم التانجو أفضل هدف جماعي في البطولة، عندما اختتم إستيبان كامبياسو هجمة منسقة شارك فيها معظم لاعبي الفريق الأرجنتيني وتخللتها 24 لمسة بالتمام والكمال قبل أن يودع نجم إنتر ميلان الكرة داخل الشباك الصربية، مؤكداً فوز منتخب بلاده بسداسية نظيفة، كما اعتبر أغلب المراقبين أن هدف ماكسي رودريجيز بتسديدة هوائية أمام المكسيك كان أفضل هدف فردي في الدورة.

مفخرة أفريقيا

لم يخيب الوافدون الجدد من القارة السمراء آمال الجماهير الأفريقية، حيث زرع نجوم كوت ديفوار الرعب في نفوس الأرجنتينيين والهولنديين على حد سواء، رغم هزيمتهم في المباراتين معاً، فيما نجحت أنجولا في إدراك التعادل أمام كل من المكسيك وإيران، بينما قدم المنتخب الغاني عروضاً هجومية ممتعة، بقيادة نجميه ستيفان أبياه ومايكل إيسيان، حيث تمكنت النجوم السوداء من هزم جمهورية التشيك والولايات المتحدة، قبل السقوط أمام العملاق البرازيلي في دور ال16.

وعلى صعيد آخر، تمكن منتخب ترينيداد وتوباجو المتواضع من فرض تعادل أبيض أمام نجوم السويد في أول مشاركة لهم ضمن نهائيات كأس العالم FIFA، في حين نجحت إكوادور في التغلب على بولندا وكوستاريكا لتتقدم إلى الدور الثاني لأول مرة في تاريخها، أما المنتخب الأسترالي فقد استفاد من حماسة نجومه وعزيمتهم القوية ليقلب تخلفه أمام اليابان إلى انتصار بتسجيله ثلاثة أهداف في الدقائق العشر الأخيرة ليتأهل بذلك إلى مرحلة ثمن النهائي، كما استحق منتخب سويسرا كل التنويه بحفاظه على نظافة شباكه خلال مبارياته الأربع.

وكالعادة، كانت خيبة الأمل حاضرة في هذه البطولة كذلك، فرغم أن رونالدو دخل سجل الأرقام القياسية في تاريخ المونديال بإضافة الهدف الخامس عشر إلى رصيده في النهائيات، إلا أن نجوم البرازيل فشلوا في الذهاب بعيداً في البطولة، حيث سقط منتخب السامبا في دور الثمانية على يد زيدان ورفاقه، والأمر نفسه ينطبق على المنتخب الإنجليزي، الذي عاد إلى دياره بخفي حنين، كما فشلت المنتخبات الآسيوية في تأكيد تألقها الذي شهدته دورة 2002، فودعت المنافسات بشكل مبكر.

وكلما اقتربت المنافسات من مراحلها الأخيرة كلما تراجع عدد الأهداف (شهدت دورة ألمانيا تسجيل أقل معدل أهداف منذ نهائيات 1990) وتضاءلت إمكانيات وقوع المفاجآت، حيث اعتبر المتتبعون أن المفاجأة الوحيدة بعد انتهاء مرحلة المجموعات تمثلت في تأهل المنتخب الأوكراني إلى دور الثمانية، وهي المحطة التي شهدت خروجاً مشرفاً لرفاق شيفشينكو على يد منتخب إيطاليا، الذي واصل طريقه بثبات لإحراز اللقب عن جدارة واستحقاق.

كأس العالم 2010 .. إسبانيا تُعانق اللقب لأول مرة

http://ar.fifa.com/mm//Photo/Tournament/Competition/01/27/31/84/1273184_FULL-LND.jpg

كم هي قصيرة المسافة بين أسبانيا وأفريقيا عبر المضيق، وكم زاد قربهما في احتفالات الجميع بنهاية النسخة التاسعة عشرة من كأس العالم FIFA، التي عمت الفرحة فيها لتمتد بطول الطريق من بلومفونتين إلى برشلونة.

إن هذه هي أول مرة تحط فيها كأس العالم FIFA الرحال في القارة السمراء، وسوف تبقى طويلاً في الذاكرة بروح وابتسامات سكان جنوب أفريقيا وكذلك بانتصار الفريق الأسباني الذي توج بطلاً للمرة الأولى في تاريخه بفضل هدف الفوز على هولندا الذي سجله أندريس إنييستا في الدقيقة 116، ليصبح بلده ثامن بلد يفوز بأكبر جائزة في عالم كرة القدم.

لقد أسدل انتصار أسبانيا الستار في "إناء" سوكر سيتي الجميل على 31 يوماً من كرة القدم: 64 مباراة في تسع مدن شارك فيها 599 لاعباً من 32 منتخباً سجلوا 145 هدفاً. وفي النهاية احتفل كل رجال فيسنتي ديل بوسكي بالجائزة، ولكن نجاح جنوب أفريقيا كان قصة جميلة أخرى، إذ بعثت أمة قوس قزح برسالة أمل لكل القارة من خلال عرض يحمل الكثير من المعاني ويبعث على الفخر، ولم يفتر الحماس ولم يهدأ طنين الفوفوزيلا المتواصل حتى بعد أن أصبح منتخب جنوب أفريقيا هو أول منتخب يخرج من الدور الأول وهو يلعب على أرضه.

ولم تخل جنوب أفريقيا 2010 من المفاجآت، ولكن الأسبان تغلبوا على المفاجأة التي صدمتهم في البداية – بخسارتهم في المباراة الأولى أمام سويسرا – وفازوا بمبارياتهم الست الباقية، بنتيجة واحدة في الأربع الأخيرة منها هي 1 - 0. لقد أصبح منتخبهم هو المنتخب الذي فاز بكأس العالم FIFA بأقل عدد من الأهداف – 8 أهداف – ولكنهم مع ذلك لفتوا الانتباه بأدائهم، فمن إسهامات أستاذي التمرير تشابي وإنييستا، إلى هدافهم دافيد فيا، وحتى إيكر كاسياس، الذي كان إنقاذه لمرماه من آريين روبن الذي انفرد به مرتين في النهائي سبباً كافياً ليصدق الجميع أنه يستحق عن جدارة قفاز adidas الذهبي.

أما الهولنديون، فسوف يعودون من جنوب أفريقيا بذكريات بعضها حلو وبعضها مر، بعد أن انكسر فؤادهم في المباراة النهائية للمرة الثالثة، بعد أن كانوا قد خسروا فيها في سنتي 1974 و1978. لقد فاز رجال بيرت فان مارفيك في كل المباريات التي خاضوها حتى بلغوا الموقعة النهائية، وبما أن هذا الجيل الهولندي أكثر واقعية من الأجيال التي سبقته، فإن لاعبيه التزموا بطريقة 4-2-3-1 التي سادت في هذه النهائيات، واستطاع ويسلي شنايدر أن يحرز وحده خمسة أهداف طوال هذه المسيرة.

إنجازات فردية

قدم يواكيم لوف مدرب ألمانيا قصة نجاح أخرى، أمتع خلالها الجمهور بأسلوب ملتهب في تنفيذ الهجمات المرتدة وهو يتقدم على إنجلترا والأرجنتين بأربعة أهداف في مرمى كل منهما، قبل أن يصطدم مرة أخرى بأسبانيا التي هزمته بنفس النتيجة التي فازت عليه بها في نهائي كأس الأمم الأوروبية 2008 UEFA. وأنهى أصحاب الميداليات البرونزية في 2006 بطولة هذا العام بأكبر رصيد من الأهداف – 16 هدفاً – وعاد مهاجمهم توماس مولر للديار وهو يحمل جائزة أفضل لاعب شاب المقدمة من Hyundai وجائزة حذاء adidas الذهبي، ونال هذه الأخيرة نظير تسجيله خمسة أهداف وصناعته ثلاثة أهداف أخرى. وقد أحرز كل من فيا وشنايدر ودييجو فورلان خمسة أهداف أيضاً، ولكن مولر – الذي سدد في البطولة خمس تسديدات أسفرت عن خمسة أهداف – تفوق عليهم بفضل مساعدته لزملائه في تسجيل الأهداف أكثر منهم.

وكانت الجائزة الفردية الكبرى الأخرى من نصيب فورلان، الذي فاز بحذاء adidas الذهبي مكافأة له على عروضه الأكثر من رائعة ضمن صفوف منتخب أوروجواي، الذي كان المفاجأة الكبرى في البطولة. فقد عاد فريق أوسكار تاباريز إلى المربع الذهبي لأول مرة بعد 40 عاماً، بفضل عناد لاعبي أوروجواي المعهود وخبرة فورلان، الذي يمكن القول بأنه أفضل من نجح في ترويض الجابولاني، وتألق مع زميله المهاجم لويس سواريز بمهارتهما في هز الشباك.

وقبل الوصول إلى دور الثمانية كانت صفوة منتخبات أمريكا الجنوبية قد بعثت برسالة تهديد قوية لباقي المنتخبات. فلأول مرة تأهلت فرق القارة اللاتينية الخمسة كلها إلى الدور الثاني، واحتلت أربعة منها المركز الأول في مجموعتها. ونجحت تشيلي بأسلوب لعبها المفتوح وأدائها الجميل الجذاب في أن تنهي 48 عاماً من انتظار تحقيق الفوز بإحدى مباريات النهائيات، لتظفر في نهاية دور المجموعات بالمركز الثاني وتتأهل لدور الستة عشر مع أسبانيا المتصدرة. ثم واصلت الأرجنتين والبرازيل وباراجواي وأوروجواي طريقها إلى دور الثمانية – الذي وصلت إليه باراجواي هذا العام لأول مرة في تاريخها. وكان يبدو أن مهاجمي الأرجنتين قوة ضاربة لا تُقهر، ولكن أحلام دييجو مارادونا في الحصول على لقب العالم مرة أخرى تحطمت على يد الألمان. وانهارت آمال البرازيل في شوط ثانٍ أشبه بالكابوس أمام هولندا التي جعلت الفريق الذي يستعد لاستضافة بطولة 2014 يخرج من دور الثمانية للمرة الثانية على التوالي.

ولا يختلف اثنان على أن اليوم الذي حول فيه المنتخب البرتقالي خسارته إلى فوز على فريق دونجا كان هو أكثر أيام البطولة إثارة، فكل من يتذكر مباراة أوروجواي وغانا التي جرت في ملعب سوكر سيتي يعرف ماذا نقصد بهذا. فقد كاد منتخب النجوم السوداء أن يصبح أول فريق أفريقي يصل إلى المربع الذهبي، ولكن كرة أسامواه جيان التي سددها من نقطة الجزاء في الدقيقة الأخيرة من الوقت الإضافي ارتطمت بالعارضة الأفقية وطارت بعيداً وراء المرمى. وقد نجح جيان بعد ذلك في التسجيل عندما احتكم الفريقان لركلات الجزاء الترجيحية، ولكن الغلبة في النهاية كانت لأوروجواي.

خيبة أمل الأفارقة

كانت مسيرة غانا – التي هزمت فيها صربيا والولايات المتحدة الأمريكية – هي أعظم إنجازات الأفارقة في هذه البطولة. فقد ساد الحزن عندما ودع فريق كارلوس ألبرتو باريرا صاحب الأرض المنافسات رغم فوزه على فرنسا، وكان ذلك بسبب فارق الأهداف الذي رجح كفة المكسيك. ولكن مع ذلك خرج لاعبو البافانا بافانا مرفوعي الرؤوس وسجلوا أول أهداف البطولة بكرة سيفيوي تشابالالا التي استقرت في شباك المكسيك. وأقصيت كوت ديفوار أيضاً بعد أن جمعت أربع نقاط، ولكن باقي المنتخبات الأفريقية – الجزائر والكاميرون ونيجيريا – لم تتمكن من تحقيق الكثير وجاء كل منها في مؤخرة ترتيب مجموعته.

وكانت البطولة حافلة بالإثارة حقاً، وساهم في ذلك منتخب الولايات المتحدة الأمريكية الذي حول خسارته بهدفين أمام سلوفينيا إلى تعادل ثم حجز مكانه في دور الستة عشر بعد أن اعتلى قمة مجموعته بهدف لاندون دونوفان الذي فازوا به على الجزائر في آخر أنفاس المباراة. وكان فوز سلوفاكيا 3 – 2 على إيطاليا مفاجأة أخرى في ختام مرحلة المجموعات، حيث ساعد هدفا روبرت فيتيك على إخراج حاملي اللقب من البطولة وإيصال فريق فلاديمير فايس إلى دور الستة عشر في أول ظهور له بعد استقلال البلاد.

ومن الواجب أن نشيد بفرق أخرى أيضاً. حيث كشفت المكسيك عن بعض المواهب الرائعة لدى لاعبيها الشباب الذين نجحوا في الوصول بها إلى دور الستة عشر للمرة الخامسة على التوالي. وتأهلت اليابان وكوريا الجنوبية إلى الدور الثاني للمرة الأولى خارج أرضيهما. وكان منتخب نيوزيلندا المغمور، في أول مشاركة له منذ عام 1982، هو المنتخب الوحيد الذي غادر جنوب أفريقيا دون أن يخسر أي مباراة. وسجلت كل من اليونان وسلوفينيا أول فوز لها في كأس العالم FIFA. كما أذهل الأخطبوط بول الجميع بتنبؤاته الصحيحة. أما أكثر من خاب أملهم في البداية فقد كانوا من الأوروبيين. حيث خرجت إيطاليا وفرنسا، طرفا نهائي 2006، بخفي حنين من دور المجموعات دون أن تحرز أي منهما فوزاً واحداً. وتعرضت إنجلترا لأثقل هزيمة لها في كأس العالم FIFA عندما خسرت أمام ألمانيا 4 – 1 وخرجت من البطولة.

ولكن أوروبا في النهاية كانت هي التي قدمت لنا الفائز – لأول مرة على أرض قارة أخرى – وإن كانت أفريقيا تستطيع أن تحتفل هي الأخرى. ولعل أسعد الناس بهذه البطولة هو نيلسون مانديلا، الذي أسعد جماهير ملعب سوكر سيتي بظهوره قبل المباراة النهائية. وكما قال رئيس FIFA جوزيف سيب بلاتر عن الرجل الذي لعب دوراً جوهرياً في إنشاء جنوب أفريقيا الحديثة: "لقد استفادت بطولة كأس العالم هذه من قوة دفع خاصة، ترتبط بتاريخ من الحرية وتاريخ رجل واحد".


FIFA.com

:rose: