المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مصطلح الإسلام السياسي والآثار المترتبة عليه في العقيدة والطاعة!



أهــل الحـديث
09-06-2014, 12:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم





الأصل في الإسلام أنه شامل لكل حياة المسلمين، والأصل في المسلمين أن يدعوا غيرهم إلى الإيمان به، مع التدرج بهم في تطبيقه إذا لم يكن الناس قد تربوا عليه، كما هو الحال اليوم، وأساس ذلك الشمول هو الوحي الذي أنزله الله في كتابه على رسوله عليه الصلاة والسلام، وما صح عنه في سنته، ولم يكن في القرون السابقة لعصرنا هذا من يعارض هذا المفهوم من المسلمين، ولكن بعض المسلمين في فترات كثيرة كانوا يخالفونه عمليا فيما لا يوافق أهواءهم.

والذي يقرأ التاريخ الإسلامي سيجد أن هذه المخالفة – من الحكام أو المحكومين - وجدت في وقت مبكر من تاريخ الإسلام وبخاصة فيما يتعلق بسياسة الأمة، وليس قصدنا هنا بيان ذلك بالأمثلة والتفصيل. وإنما المقصود التنبيه على أن الإسلام شامل – كما ذكرنا – لحياة المسلمين كلها كما هو واضح في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الصحيحة.

نعم شامل لحياة الفرد والأسرة و الحكومة والأمة كلها، ويدخل في ذلك ما يسمى بـ"الإسلام السياسي" المصطلح الذي ابتكره غير المسلمين في هذا القرن، واغتالوا به عقول من يسمون أنفسهم بـ"اللبراليين" و"العلمانيين"من أبناء المسلمين، فاتبعوهم في حرب ما أطلقوا عليه الإسلام السياسي، ومقصودهم أنه تحذير علماء الإسلام ودعاته من التدخل في سياسة الحكام، باسم الإسلام: "لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة" اتباعا لما هو حاصل في الدول الغربية التي حاربت تدخل الكنيسة في الشئون السياسية، التي كانت تحكم شعوبهم حكما ظالما باسم الله، وتحظر عليهم أن يستعملوا عقولهم في جلب مصالحهم ودفع ما يضرهم حتى في شئون دنياهم..وهذا أمر معروف،لأن الكنيسة لا توجد فيها شريعة تنظم حياة الناس، وإنما ابتدع رجالها نظما نسبوها إلى الله وحكموا الناس بذلك أوتحالفوا مع الطغاة المستبدين من رجال الحكم عليه، فغيروا وحرفوا وكتموا وخلطوا الحق بالباطل وبدلوا كتب الله، كما قال تعالى عنهم: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)} [البقرة].

وقال عز وجل: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)} [البقرة] وقالجل وعلا: {مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)} [المائدة] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ (159)} [البقرة].

وهذا بخلاف دين الإسلام، فإن مصدره "القرآن" المحفوظ بحفظ الله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر] فلا يغير ولا يبدل، كما غيرت الكتب السماوية التي سبقته في نزولها، وقد طلب أعداء الإسلام في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، تغيير هذا القرآن وتبديله، كما قال عنهم: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ} فكان منزله وحافظه لرسوله: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15)} [الحجر]

فالإسلام هو الإسلام الذي أنزله الله في هذا القرآن، وليس تابعا لأهواء الناس، حتى يغيروه فيه ويبدلوه بحسب أهوائهم، ويأخذوا منه ما شاؤوا ويتركوا ما شاؤو، كما قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم]

كما سخر الله تعالى لسنة نبيه عليه الصلاة والسلام التي فسرت القرآن وأتمته بأحكام أخرى، من سعى علماء الأمة من الصحابة الكرام ومن تبعهم لحفظ السنة الشريفة، فما من أحد من رواة السنة، ابتداء من الصحابي الراوي عن النبي عليه الصلاة والسلام، إلى الراوي الأخير، لمتن الحديث، إلا فصل علماء الحديث سيرته تفصيلا كاملا من يوم ولادته إلى يوم وفاته، مع ذكر أحواله وهل يوثق بما روى، أو فيه علة يسقط صحة حديث، ولهذا جُمِع لكل منهم ملفٌّ كامل يجعل قارئه يطمئن إلى أي الفريقين يُنسب، مع ذكر مشايخه وتلامذته كذلك، وهذا المعنى لم يتوفر لأي كتاب من الكتب السماوية السابقة، ولذلك ضاعت لفظا ومعنى إلا ما ندر.

كما هيأ الله تعالى علماء الأمة لاستنباط الأحكام من نصوص الكتاب والسنة وتفصيلها في تفاسير القرآن الكريم، وشروح الحديث وكتب الفقه، ووضع قواعد يضبط بها ذلك الفقه، فوضعوا أصول الفقه وقواعده التي تدل على ما منحهم الله من عقول حفظوا بها هذا الدين من كل جوانبه، وتصدوا لكل الشبهات التي حاول أعداء الإسلام، أن ينفذوا منها إلى الطعن في دين الله، فأرسلوا شهبهم الْمُحرِقة لكل شبهة وزندقة في أصول الإيمان وأبواب السلوك و العبادات، فلا زيادة في ذلك ولا نقص إلا بينوه بيانا شافيا، وهكذا سائر أحكام المعاملات،حتى بقي هذا الدين صافيا لا تشوبه شائبة: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (82)} [النساء]

ومن هنا لم يبق لأحد من المسلمين ولا لغيرهم عذر في إقامة حجة الله عليه، في أن هذا الدين هو من عند الله، يجب على كل أحد اتباع صراطه المستقيم، بعد التبشير به والإنذار لمن الإعراض عنه بـ"البلاغ المبين" من رسول رب العالمين: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)} [المائدة]. {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (165)} [النساء] {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92)} [المائدة].

وفتح الله تعالى لعلماء هذه الأمة المؤهلين، باب الاجتهاد فيما لا نص فيه مما يستجد من الأحداث، نص على ذلك في كتابه، ونص على ذلك رسوله في سنته، فقال تعالى: {...وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ .. (83)} [النساء] وفي حديث عمرو بن العاص، رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إِذا حكم الحَاكِمُ فاجتهدَ فأصابَ، فلهُ أجران، وإِذا حَكَمَ فاجتهد فأخطأ، فله أَجر). [متفق عليه]. وفصل ذلك العلماء في كتب التفسير وشروح الحديث وأصول الفقه وغيرها من المؤلفات.

وبناء على ذلك، فإن شريعة الله تعالى لا يمكن أن تضيق بأي نازلة تنزل بالمسلمين، فلا تجد لها حلا، لأمرين اثنين:

الأمر الأول سعة باب الإباحة في الإسلام، فكل ما لا نص فيه، يكون الأصل فيه الإباحة، ولا تقيده إلا معرفة: هل في الأخذ به أو تركه مصلحة أو مفسدة، وإذا واجتمعت فيه مصلحة ومفسدة في آن واحد، ينظر في أيهما أرجح، فيقدم أخذا أو تركا.


الأمر الثاني: الأمر الذي لا نص فيه، ولم يتضح فيه الرجحان لعالم أو علماء الشريعة، أو رئيس الدولة – أيا كانت تسميته – إذا حصل فيه خلاف، وجب رده إلى أهل الحل والعقد من الأمة، بما فيهم المتخصصون في الموضوع كالأطباء والسياسيين والاقتصاديين والمهندسين والعسكريين، وغيرهم من ذوي التخصصات المتنوعة، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)} [النساء] وأولو الأمر يشمل الحكام والعلماء وغيرهم من أهل الحل والعقد ممن تثق فيهم الأمة.

قال ابن القيم رحمه الله: "فصل في تغير الفتوى، واختلافها بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والنيات والعوائد هذا فصل عظيم النفع جداً، وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به؛ وصف الشريعة، فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها فكل مسألة خرجت من العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث؛ فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل؛ فالشريعة عدل الله بين عباده، ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه، وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم أتم دلالة وأصدقها..."


وقال في موضع آخر: السياسة العادلة جزء من أجزاء الشريعة ولا نقول إن السياسة العادلة مخالفة للشريعة الكاملة، بل هي جزء من أجزائها وباب من أبوابها، وتسميتها سياسة أمرُ اصطلاحي، وإلا فإذا كانت عَدْلا فهي من الشرع..." [انتهى من كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين]


فالإسلام السياسي الذي يقف ضده بعض أبناء المسلمين، هو هذه الشريعة الربانية التي اشتمل عليها كتاب الله وسنته، واستنبطها منهما المؤهلون للاستنباط، واتفق عليها أهل الحل والعقد المؤمنون بها، فهل يؤمن با الله ورسوله وكتابه ويستحق أن يتصف بأنه مسلم من أنكر شريعة الله ووقف ضد تطبيقها وضد الدعاة إليها مع علمه بما جاء به القرآن في شأنها؟

وهنا أوجه أسئلة إلى علماء الأمة الإسلامية في جميع العالم وليس لعلماء بلد دون بلد، لأنهم هم المكلفون بالإجابة عنها، ليطمئن المسلمون إلى إجاباتهم:

السؤال الأول: هل يجب على المسلمين المكلفين جميعا – أفرادا وأسرا وجماعة وحكومة - تطبيق الشريعة التي نص عليها القرآن والسنة الصحيحة، أولا؟

السؤال الثاني: هل يجب على المسلم – وبخاصة العلماء – الأمر بالمعروف المتروك، والنهي عن المنكر المعمول به في هذه الشريعة بدون عذر في الحالين، من الأفراد والأسر والشعوب
والحكام أولا؟

السؤال الثالث: هل يجب على علماء هذه الأمة أن يبينوا للناس ما اختلفوا فيه من الحق، أولا؟ وإذا لم يبينوا فما منزلتهم عند الله؟

السؤال الرابع: هل يجب على المسلمين الذين يعرفون الحق من الباطل، وبخاصة العلماء نصر أهل الحق على أهل الباطل في حدود قدرتهم - ولو باللسان – أولا؟

السؤال الخامس: هل يجوز أن يقتل بأي نوع من أنواع القتل أو يضرب أو يعتقل أو يسجن من دعا إلى تحكيم الشريعة الإسلامية، وأمر بالمعروف فيها أو نهى عن المنكر، وما حكم من فعل ذلك بمن دعا إلى تحكيم هذه الشريعة.

لقد كان بوسعي أن أنقل أجوبة على هذه الأسئلة من كتب العلماء التي دونوا فيها ما وجب عليهم تدوينه لبيان الحق للأمة، ولكن أجوبتكم أيها العلماء الذين يسمعها اليوم منكم أهل شعوبكم وأتباعكم، الذين يثقون في علمن، ستكون أكثر وقعا في نفوسهم، فأجيبوا ولا تكتموا، فإن ذلك فرض عليكم بنص القرآن والسنة.

لقد ترتب على مصطلح "الإسلام السياسي" سهولة محاربة عقيدة الإسلام في حكومات الشعوب الإسلامية، لأنهم أفهموا الشعوب أن الإسلام إسلامين: إسلام معتدل يحق للمسلمين أن يزاولوه فيما بينهم في حياتهم، وهو الاعتقادات والأقوال والأعمال التي لا تعترض على سياسات أولئك الحكام، وإسلام متطرف متشدد وهو التدخل في الشئون السياسية، ولو خالف كتاب الله وسنة رسوله، كالحكم بغير ما أنزل الله في كل شأن من شئون الحياة.

فكل من يتدخل في السياسة المخالفة للإسلام السياسي!- أي الإسلام الشامل لحياة الناس – يعتبر متطرفا متشددا، بل وصل ببعض الحكومات أن أدخلت من يفعل ذلك ويدعو إلى تطبيق شرع الله بأنه "إرهابي" يستحق العقوبة الزاجرة، ويلفقون لهم شتى التهم التي اعتاد من يسمون بـ"رجال الأمن" أن يلفقوها لمن يخالف تصرفاتهم المخالفة لحقيقة الإسلام.

وهانحن نرى ونشاهد بأم أعيننا كيف يساق دعاة الإسلام من خيرة رجال هذه الأمة ونسائها الذين لم يصدر منهم إلا بذل أنفسهم وأموالهم لنشر معاني الإسلام والأعمال الخيرية للشعوب، وبناء الأجيال في جميع التخصصات الحضارية في المدارس والجامعات والمستشفيات ومراكز البحوث.. كيف يقتلون في الساحات والمساجد، بالرصاص ويحرقون بالنار وتجرف الشاحنان جثثهم بعد موتهم ويساقون إلى السجون والمعتقلات ويسحل رجالهم ونساؤهم الراشدون وغير الراشدين في الشوارع على مرأى من الناس، بمباركة من بعض من يسمون بالعلماء الذين لا ينبض لهم عرق، ولا تهتز لهم شعرة، ليقولوا كلمة الحق، بل قالوا ما يدحضه وأفتوا للحكام بقتل النفس المحرمة ويهددون ان يحكم على بعضهم بالقتل وجماعة الإخوان المسلمين ينتشرون في كل أحاء الأرض في الدول المسلمة وغيرها، عشرات السنين، فهل قد سمعنا دولة من دول العالم – حتى أمريكا ناشرة مصطلح الإرهاب - تتهمهم بأنهم إرهابيون بمعنى الإرهاب العدواني الذي اتبعته بعض الجماعات التي اشتهرت بذلك؟ (1) إن ادعاء الخصم على خصم لا يجوز تصديقه، إلا ببينة وحكم قضائي عادل، وإلا كان ادعء زور وبهتان.

ولقد ابتليت الأمة الإسلامية بثلاثة أمور أفسدت حياتها:


الأمر الأول: جهلها بحقيقة إسلامها، الذي تدعيه وتستسلم لحكامها بالاعتداء عليه.


الأمر الثاني: استبداد أولئك الحكام بكل شئونها، مع ما ينزل بها من مفاسد.


الأمر الثالث: تربية جيوشها ورجال من يسمون بـأمنها تربية تضلل عقولهم بالباطل، فيسمعون ويطيعون لمن يأمرهم بالمنكر وينهاهم عن المعروف، وتُغَير قلوبُهم من الأفئدة البشرية ذات العاطفة الإسلامية والإنسانية، إلى قلوب ذئبية بل صخرية، مما يجعلهم يهينون كرامة إخوانهم وينزلون بهم كل أنواع الأذى، سمعا وطاعة لمن يأمرهم بالمنكر وينهاهم عن المعروف، ويشعرون بالفخر والكبرياء والشجاعة العنترية التي اتصفوا بها سبب امتلاكهم أسلحة الدمار التي لا يسفكون بها دماء العزل و يذوقون طعما شهيا لتلك الدماء!

فهل يجوز للمسلمين السكوت على ذلك أو يجب عليهم – وبخاصةٍ علماءَهم - البيانُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، اتقاءً لعقاب الله على كتمان الحق والولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، ليرحمهم الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)...} [التوبة] بخلاف غيرهم.