المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : " وهي أعظم آية في كتاب الله "



أهــل الحـديث
31-05-2014, 01:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



قوله: ( وما وصف به نفسه في أعظم آية في كتاب الله ؛ حيث يقول :
{ اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ }

الشرح :

قوله: " وما وصف به نفسه في أعظم آية في كتاب الله" وهذه الآية تسمى آية الكرسي ، لأن فيها ذكر الكرسي: { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ } [البقرة: 255]، وهي أعظم آية في كتاب الله.

والدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل أبي بن كعب، قال: "أي آية في كتاب الله أعظم؟" فقال له: ( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) فضرب على صدره، وقال: "ليهنك العلم أبا المنذر".
يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره بأن هذه أعظم آية في كتاب الله، وأن هذا دليل على علم أبي في كتاب الله عز وجل.

وفي هذا الحديث دليل على أن القرآن يتفاضل ، كما دل عليه حديث سورة الإخلاص ، وهذا موضع ، وهذا موضع يجب فيه التفصيل، فإننا نقول: أما باعتبار المتكلم به، فإنه لا يتفاضل لأن المتكلم به واحد وهو الله عز وجل، وأما باعتبار مدلولاته وموضوعاته فإنه يتفاضل، فسورة الإخلاص التي فيها الثناء على الله عز وجل بما تضمنته من الأسماء والصفات ليست كسورة المسد التي فيها بيان حال أبي لهب من حيث الموضوع ، كذلك يتفاضل من حيث التأثير والقوة في الأسلوب، فإن من الآيات ما تجدها آية قصيرة لكن فيها ردع قوي للقلب وموعظة، وتجد آية أخرى أطول منها بكثير لكن لا تشتمل على ما تشتمل عليه الأولى، فمثلاً قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ } [البقرة: 282].. إلخ، هذه آية موضوعها سهل، والبحث فيها في معاملات تجري بين الناس وليس فيها ذاك التأثير الذي يؤثره مثل قوله تعالى: { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} (آل عمران:185)،هذه تحمل معاني عظيمة، فيها زجر وموعظة وترغيب وترهيب، ليست كآية الدين مثلاً مع أن آية الدين أطول منها.

قول المؤلف : ( حيث يقول: { الله لا إله إلا هو..} ) :
في هذه الآية يخبر الله بأنه منفرد بالألوهية، وذلك من قوله: { اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ }، لأن هذه جملة تفيد الحصر وطريقة النفي والإثبات هذه من أقوى صيغ الحصر.


وقوله : { الحي القيوم } : { الحي } ؛ أي: ذو الحياة الكاملة ، المتضمنة لجميع صفات الكمال لم تسبق بعدم، ولا يلحقها زوال، ولا يعتريها نقص بوجه من الوجوه.

و{ الحي } من أسماء الله، وقد تطلق على غير الله، قال تعالى: { يخرج الحي من الميت } [الأنعام: 95]، ولكن ليس الحي كالحي، ولا يلزم من الاشتراك في الاسم التماثل في المسمى.

{ الْقَيُّومُ } : على وزن فيعول، وهذه من صيغ المبالغة، وهي مأخوذة من القيام.
ومعنى { الْقَيُّوم } ، أي: أنه القائم بنفسه، فقيامه بنفسه يستلزم استغناءه عن كل شيء، لا يحتاج إلى أكل ولا شرب ولا غيرها، وغيره لا يقوم بنفسه ، بل هو محتاج إلى الله عز وجل في إيجاده وإعداده وإمداده.
ومن معنى {الْقَيُّوم} كذلك أنه قائم على غيره ؛ لقوله تعالى: { أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } [الرعد: 33]، والمقابل محذوف تقديره: كمن ليس كذلك، والقائم على نفس بما كسبت هو الله عز وجل ، ولهذا يقول العلماء : القيوم هو القائم بنفسه القائم على غيره، وإذا كان قائماً على غيره، لزم أن يكون غيره قائماً به، قال الله تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِه } [الروم: 25]، فهو إذاً كامل الصفات وكامل الملك والأفعال.

وهذان الاسمان هما الاسم الأعظم الذي إذا دعي الله به أجاب ، ولهذا ينبغي للإنسان في دعائه أن يتوسل به، فيقول: يا حي! يا قيوم! وقد ذكرا في الكتاب العزيز في ثلاثة مواضع: هذا أحدها، والثاني في سورة آل عمران: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }[آل عمران: 2]، والثالث سورة طه: { وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } [طه: 111].

هذان الاسمان فيهما الكمال الذاتي والكمال السلطاني، فالذاتي في قوله: {الْحَيُّ } والسلطاني في قوله: { الْقَيُّومُ } ، لأنه يقوم على كل شيء ، ويقوم به كل شيء.


المصدر : شرح العقيدة الواسطية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله ( 1 / 163 -167 )




- يتبع إن شاء الله -