شبل الاسلام
13-11-2007, 08:36 AM
أخطاء مفتي الديار المصرية
نشر: 13/11/2007
تعددت أخطاء مفتي الديار المصرية في الآونة الأخيرة، إذ تعاقبت تصريحاته المدهشة، واحداً بعد الآخر مما أصاب الرأي العام المصري، من مثقفين وغير مثقفين على السواء، بصدمة بعد أخرى تنطوي على شيء من الشعور بالإحباط، إذ تصدر مثل هذه الآراء من صاحب واحد من أعلى المناصب الدينية في البلاد،
فلم يمر شهران أو ثلاثة على قوله الشهير عن قيام الصحابة بشرب بول الرسول، صلى الله عليه وسلم، طلباً للبركة، حتى عبر عن رأي آخر مدهش في غرق 184 مصرياً، أثناء عبورهم البحر المتوسط بأمل النجاح في الدخول إلى إيطاليا، بطريق غير قانوني والعثور على عمل مجز بعد يأسهم من الحصول عليه في مصر.
وصف المفتي هؤلاء بـ"الطماعين" إذ يسعون إلى مزيد من المال، ورفض أن يعتبرهم "شهداء"، واعتبر أن دفع كل منهم مبلغ 25 ألف جنيه لمهربي الأنفار ومنظمي هذه الرحلة المشؤومة، دليل على الثراء، وأشار في تبرير رفضه اعتبارهم شهداء،فضلاً عن أنهم"طماعون"، أنهم أرادوا أن يدخلوا إيطاليا بطريقة غير قانونية.
هل هذا هو نوع الآراء التي يتوقع أو يحب المرء أن تصدر من رجل دين، ناهيك عن واحد من أرفع رجال الدين منصباً!.
المفترض في رجل الدين أن يتحلى، فضلاً عن معرفته الواسعة بالدين، بثلاث صفات إنسانية على الأقل: "التعاطف مع البائسين، والتواضع، والانتصار للمظلوم ضد الظالم"، وقد وجدت هذا التصريح الأخير للمفتي خالياً تماماً من أي من الصفات الثلاث.
إن المصريين جميعاً أحسوا بوجع في القلب،عندما سمعوا أو قرأوا عن الحادث، وعندما توالى نشر أخبار انتشال الغرقى والبحث عن المزيد منهم، ثم عن "شحن" جثامينهم بالطائرة، ثم عن وصول هذه الجثامين إلى مطار القاهرة، وعندما رأينا صور الغرقى قبل سفرهم، وكلهم شبان جميلو الصورة كانوا جديرين بزواج سعيد وحياة طويلة فلم يظفروا بأيهما.
ثم رأينا صور أهلهم، وقد جلست كل عائلة على الرصيف في انتظار جثمان ابنهم، وعليهم كل سمات الفقر، مما يؤكد ما سمعناه من أن الخمسة والعشرين ألف جنيه قد تم الحصول عليها بالاقتراض و"قيل بفوائد باهظة".
أو ببيع قيراط أو قيراطين ورثهما الأب، أو ببيع إسورة أو كردان كانت تحتفظ به الأم أو الأخت لكي تبيعه،عندما تحتاج إلى إجراء عملية جراحية لا تملك ثمنها، أو لاتقاء أي مصيبة أخرى.
لم يحرك شيء من هذا قلب المفتي، فيما يبدو، فلم يلفت نظره إلا مبلغ الخمسة والعشرين ألف جنيه، واعتبر حيازة هذا المبلغ دليلاً على الثراء، ومن ثم اعتبر الإصرار على السفر إلي إيطاليا دليلاً على الطمع.
أما فضيلة التواضع فكنا نتمنى أن يتحلى بها فضيلة المفتي عندما يعلن عما إذا كان المتوفى في هذه الحالة شهيداً أو غير شهيد، نحن في الحقيقة لا نملك إجابة قاطعة عن هذا السؤال، فالأمر في النهاية في يد الله تعالى.
والله تعالى يعرف بلا شك عن المتوفين غرقاً كل ما يلزم للحكم بما إذا كانوا يستحقون أو لا يستحقون معاملة الشهداء، والمفتي بلا شك لا يعرف كل ما يلزم لإصدار هذا الحكم، بدليل خطئه باعتبارهم ميسورين وطماعين وهم ليسوا كذلك،فمن أين أتى المفتي بهذه الثقة المدهشة في أن هؤلاء ليسوا بشهداء؟ لماذا لا يعبر عن رأيه، بعبارة أكثر تواضعاً ويترك الأمر كله لله؟
خاصة أن رأياً كهذا لابد أن يصيب أهالي المتوفين بألم مضاعف، ليس فقط لاستخدام المفتي لفظ "الطماعين" في وصف أبنائهم، بل لأنه في نهاية الأمر "مفتي الديار المصرية"، والشائع أنه يعرف الحقيقة كلها في مثل هذه الأمور بما في ذلك ما إذا كان الله تعالى سوف يعامل أحداً كشهيد أو كمجرد شخص طماع.
أما عن الانتصار للمظلوم ضد الظالم،فلماذا يلقي المفتي بكل ثقله إلى جانب السلطة، التي حرمت هؤلاء البؤساء من فرص العمل، واضطرتهم إلى المغامرة بحياتهم للعثور على ما فقدوه في مصر؟، ولماذا هذا التأكيد على أن محاولة دخول إيطاليا عمل غير قانوني أو شرعي؟ هل هو مفتي الديار المصرية أم مفتي السلطة أم مفتي الديار الإيطالية؟
هذه فتوى لابد أن تفرح بها الحكومة، فهي لا تتضمن كلمة واحدة عن المسؤولين عن بؤس هؤلاء الشباب، وتوجه اللوم كله لهؤلاء الشبان أنفسهم، فتخرج الحكومة من الأمر كله، خروج الشعرة من العجين، بل ربما فرحت السلطات الإيطالية أيضاً بهذه الفتوى، إذ إنها تنتصر للقانون الإيطالي ضد الشباب المصري، فلماذا يصر المفتي علي إصدار فتاوى من هذا النوع، مما قد يكون مفهوماً إذا صدر من وزير الداخلية المصري أو الإيطالي، ولكنه لا يمكن قبوله من مفتي الديار المصرية؟
منقووول من الأخ
جلال أمين- المصري
نشر: 13/11/2007
تعددت أخطاء مفتي الديار المصرية في الآونة الأخيرة، إذ تعاقبت تصريحاته المدهشة، واحداً بعد الآخر مما أصاب الرأي العام المصري، من مثقفين وغير مثقفين على السواء، بصدمة بعد أخرى تنطوي على شيء من الشعور بالإحباط، إذ تصدر مثل هذه الآراء من صاحب واحد من أعلى المناصب الدينية في البلاد،
فلم يمر شهران أو ثلاثة على قوله الشهير عن قيام الصحابة بشرب بول الرسول، صلى الله عليه وسلم، طلباً للبركة، حتى عبر عن رأي آخر مدهش في غرق 184 مصرياً، أثناء عبورهم البحر المتوسط بأمل النجاح في الدخول إلى إيطاليا، بطريق غير قانوني والعثور على عمل مجز بعد يأسهم من الحصول عليه في مصر.
وصف المفتي هؤلاء بـ"الطماعين" إذ يسعون إلى مزيد من المال، ورفض أن يعتبرهم "شهداء"، واعتبر أن دفع كل منهم مبلغ 25 ألف جنيه لمهربي الأنفار ومنظمي هذه الرحلة المشؤومة، دليل على الثراء، وأشار في تبرير رفضه اعتبارهم شهداء،فضلاً عن أنهم"طماعون"، أنهم أرادوا أن يدخلوا إيطاليا بطريقة غير قانونية.
هل هذا هو نوع الآراء التي يتوقع أو يحب المرء أن تصدر من رجل دين، ناهيك عن واحد من أرفع رجال الدين منصباً!.
المفترض في رجل الدين أن يتحلى، فضلاً عن معرفته الواسعة بالدين، بثلاث صفات إنسانية على الأقل: "التعاطف مع البائسين، والتواضع، والانتصار للمظلوم ضد الظالم"، وقد وجدت هذا التصريح الأخير للمفتي خالياً تماماً من أي من الصفات الثلاث.
إن المصريين جميعاً أحسوا بوجع في القلب،عندما سمعوا أو قرأوا عن الحادث، وعندما توالى نشر أخبار انتشال الغرقى والبحث عن المزيد منهم، ثم عن "شحن" جثامينهم بالطائرة، ثم عن وصول هذه الجثامين إلى مطار القاهرة، وعندما رأينا صور الغرقى قبل سفرهم، وكلهم شبان جميلو الصورة كانوا جديرين بزواج سعيد وحياة طويلة فلم يظفروا بأيهما.
ثم رأينا صور أهلهم، وقد جلست كل عائلة على الرصيف في انتظار جثمان ابنهم، وعليهم كل سمات الفقر، مما يؤكد ما سمعناه من أن الخمسة والعشرين ألف جنيه قد تم الحصول عليها بالاقتراض و"قيل بفوائد باهظة".
أو ببيع قيراط أو قيراطين ورثهما الأب، أو ببيع إسورة أو كردان كانت تحتفظ به الأم أو الأخت لكي تبيعه،عندما تحتاج إلى إجراء عملية جراحية لا تملك ثمنها، أو لاتقاء أي مصيبة أخرى.
لم يحرك شيء من هذا قلب المفتي، فيما يبدو، فلم يلفت نظره إلا مبلغ الخمسة والعشرين ألف جنيه، واعتبر حيازة هذا المبلغ دليلاً على الثراء، ومن ثم اعتبر الإصرار على السفر إلي إيطاليا دليلاً على الطمع.
أما فضيلة التواضع فكنا نتمنى أن يتحلى بها فضيلة المفتي عندما يعلن عما إذا كان المتوفى في هذه الحالة شهيداً أو غير شهيد، نحن في الحقيقة لا نملك إجابة قاطعة عن هذا السؤال، فالأمر في النهاية في يد الله تعالى.
والله تعالى يعرف بلا شك عن المتوفين غرقاً كل ما يلزم للحكم بما إذا كانوا يستحقون أو لا يستحقون معاملة الشهداء، والمفتي بلا شك لا يعرف كل ما يلزم لإصدار هذا الحكم، بدليل خطئه باعتبارهم ميسورين وطماعين وهم ليسوا كذلك،فمن أين أتى المفتي بهذه الثقة المدهشة في أن هؤلاء ليسوا بشهداء؟ لماذا لا يعبر عن رأيه، بعبارة أكثر تواضعاً ويترك الأمر كله لله؟
خاصة أن رأياً كهذا لابد أن يصيب أهالي المتوفين بألم مضاعف، ليس فقط لاستخدام المفتي لفظ "الطماعين" في وصف أبنائهم، بل لأنه في نهاية الأمر "مفتي الديار المصرية"، والشائع أنه يعرف الحقيقة كلها في مثل هذه الأمور بما في ذلك ما إذا كان الله تعالى سوف يعامل أحداً كشهيد أو كمجرد شخص طماع.
أما عن الانتصار للمظلوم ضد الظالم،فلماذا يلقي المفتي بكل ثقله إلى جانب السلطة، التي حرمت هؤلاء البؤساء من فرص العمل، واضطرتهم إلى المغامرة بحياتهم للعثور على ما فقدوه في مصر؟، ولماذا هذا التأكيد على أن محاولة دخول إيطاليا عمل غير قانوني أو شرعي؟ هل هو مفتي الديار المصرية أم مفتي السلطة أم مفتي الديار الإيطالية؟
هذه فتوى لابد أن تفرح بها الحكومة، فهي لا تتضمن كلمة واحدة عن المسؤولين عن بؤس هؤلاء الشباب، وتوجه اللوم كله لهؤلاء الشبان أنفسهم، فتخرج الحكومة من الأمر كله، خروج الشعرة من العجين، بل ربما فرحت السلطات الإيطالية أيضاً بهذه الفتوى، إذ إنها تنتصر للقانون الإيطالي ضد الشباب المصري، فلماذا يصر المفتي علي إصدار فتاوى من هذا النوع، مما قد يكون مفهوماً إذا صدر من وزير الداخلية المصري أو الإيطالي، ولكنه لا يمكن قبوله من مفتي الديار المصرية؟
منقووول من الأخ
جلال أمين- المصري