المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تعريف بأمهات كتب المالكية (1).



أهــل الحـديث
28-05-2014, 12:00 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


«المدوّنة الكبرى» برواية أبي سعيد عبد السلام بن سعيد بن حبيب التّنوخيّ، الملقب بسحنون، المتوفى سنة240هـ، عن عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العُتَقي، المتوفى سنة 192هـ.
===
إذا أطلقت المدوَّنة على كتاب انصرفت إلى ما لخصه ورتبه واستدل له بالآثار والفتاوى الإمام سحنون عبد السلام بن سعيد التنوخي من مسائل الأسدية التي استند أسد بن الفرات في تقريرها بعد رجوعه من العراق إلى شيخه عبد الرحمن بن القاسم العُتَقي، عن الإمام مالك بن أنس رحم الله جميعهم ورضي عنهم.
وبعد أن كثُرَت مختصرات المدونة، وشاع – من باب إطلاق الأصل على الفرع - العزو إلى تلك المختصرات أو بعضها باعتبارها "المدونة"؛ لزِم تمييز مدونة سحنون عن غيرها؛ فوقع – بحسب ما اتفق- وصفُها بـ "الأمّ"ِ أو "الكبرى"؛ فإذا قيل: "المدونة الكبرى" انصرف المعنى إلى مدونة سحنون، دون غيرها.
وفي سنة 1323هـ ظهرت في مصر الطبعة الأولى للمدونة عن أصلٍ مخطوطٍ قال عنه فقيه المالكيَّة في مصر إذ ذاك الشيخ سليم البشري: « هي مظنة الصحة والضبط، جديرةٌ بالاعتماد عليها، والركون - في إجراء الطبع والتصحيح إليها - دون سواها؛ لقدم عهد كتابتها، وكثرة تداولها بأيدي علماء المالكية المتقدمين، ولما على هوامشها من التقارير والفوائد لبعض أكابر المالكية، كالقاضي عياض، وابن رشد، وغيرهما من الأئمة الأعلام المتقدمين، وهي مكتوبة في رَقِّ غزالٍ ... وتاريخ كتابتها سنة 476هـ».
ثم تلتها طبعة المكتبة الخيرية بالقاهرة سنة 1324هـ في أربعة مجلدات بهوامشها كتاب «المقدمات الممهدات»، للقاضي أبي الوليد ابن رشد :.
وفي نفس الحجم - أيضاً - نَشَرَت المدونةَ دارُ الكتب العلمية في بيروت، سنة 1415هـ في طبعةٍ قيل إنها محققة، ونسب تحقيقها إلى زكريا عميرات.
ثم ظهرت طبعة المكتبة العصرية في صيدا بلبنان سنة 1419هـ، في تسعة مجلدات محققة تحقيقاً لم يعتقها من أخطاء النسخ والضبط.
إلى أن ظهرت - في دولة الإمارات العربية المتحدة- طبعةُ المدونة الأشهر في اثني عشر مجلداً ، سنة 1422هـ، بتحقيق ومراجعة وتقديم المستشار السيد علي بن عبد الرحمن الهاشم، وكم كنتُ متطلعاً إلى الوقوف عليها؛ لشيوع صيتها- حتى حصلت على نسخة منها في مطلع عام 1435هـ- فإذا فيها خللٌ منهجيٌّ في التحقيق، إذ ليس فيها شيءٌ مما بلغني؛ مستوجباً ثنائي السابق- بادي الرأيَ- عليها، بل غاية ما عُمل بين دفتيها هو انتحالٌ لطبعة دار السعادة - بصفٍّ جديدٍ- وتعليقُ هوامشٍ، تخلو تماماً من الفوارق بين النسخ الخطية – وهي أبرز معالم التحقيق العلمي بشكلٍ عام- كما تنعدم فيها الإشارة إلى الاختلاف بين روايات المدونة – وهي أخصٌّ متطلبات تحقيق المدونة- وأكثر ما في الهوامش - بالإضافة إلى تراجم بعض الأعلام وتخريج كثير من الأحاديث- إحالاتٌ إلى كتب المتأخرين، ومنها شروح مختصر خليل؛ كمواهب الجليل للحطاب، والشرح الكبير للخرشي، ومثله للدردير، وحاشية الدسوقي عليه، والتاج والإكليل للموَّاق.
وإننا – أمام هذا الإهمال والتقصير في حق أمِّ أمَّهات المذهب- قد عقدنا العزم الأكيد على إخراج المدونة بتحقيق جديد، شرعنا – مؤخراً- في الاستعداد له بجمع مخطوطاتها؛ شريطةَ أن لا يتخطى تاريخ نَسْخ أيٍّ منها عَتَبَةَ القرن السابع الهجري، وعسى الله أن يهيئ لنا أسباب نجاح هذا المشروع لنتوِّجَ به ما شرَّفنا الله به من خدمة مذهب إمام دار الهجرة.