المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العابد الزاهد .. عامر بن عبد قيس



أهــل الحـديث
21-05-2014, 08:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


عامر بن عبد قيس

القدوة الولي الزاهد المراقب المستحي ، السالم المستضي ., أبو عبد الله

ويقال :أبو عمرو التميمي ، العنبري ، البصري .

روى عن عمر وسلمان . وعنه : الحسن ، ومحمد بن سيرين ، وأبو عبد الرحمن الحبلي وغيرهم ، وقلما روى .

قال العجلي : كان ثقة من عباد التابعين ، رآه كعب الأحبار فقال : هذا راهب هذه الأمة .

وهو أول من عرف بالنسك واشتهر من عباد التابعين بالبصرة

وكان عامر بن عبد قيس ممن تخرج على أبي موسى الأشعري في النسك والتعبد

وقال أبو عبيد في " القراءات " : كان عامر بن عبد الله - الذي يعرف بابن عبد قيس - يقرئ الناس .
وقد تلقن القرآن من أبي موسى وأصحابه حين قدم البصرة وعلم أهلها القرآن

وكان عامر يقول : من أقرئ؟ فيأتيه ناس ، فيقرئهم [ القرآن ] ثم يقوم فيصلي إلى الظهر ، ثم يصلي إلى العصر ، ثم يقرئ الناس إلى المغرب ، ثم يصلي ما بين العشاءين ثم ينصرف إلى منزله ، فيأكل رغيفا ، وينام نومة خفيفة ، ثم يقوم لصلاته ، ثم يتسحر رغيفا ويخرج .

عن علقمة عن مرثد قال : انتهى الزهد إلى ثمانية : عامر بن عبد الله بن عبد قيس ، وأويس القرني ، وهرم بن حيان ، والربيع بن خيثم ، ومسروق بن الأجدع ، والأسود بن يزيد ، وأبو مسلم الخولاني ، والحسن بن أبي الحسن
، فأما عامر بن عبد الله فكان ، يقول :

في الدنيا الغموم والأحزان ، وفي الآخرة النار والحساب ، فأين الراحة والفرح ، إلهي خلقتني ولم تؤامرني في خلقي ، وأسكنتني بلايا الدنيا ثم قلت لي : استمسك ، فكيف أستمسك إن لم تمسكني ؟ إلهي إنك لتعلم أن لو كانت لي الدنيا بحذافيرها ثم سألتنيها لجعلتها لك ، فهب لي نفسي ، وكان يقول : لذات الدنيا أربعة : المال والنساء والنوم والطعام ، فأما المال والنساء فلا حاجة لي فيهما ، وأما النوم والطعام فلا بد لي منهما ، فوالله لأضرن بهما جهدي

ولقد كان يبيت قائما ويظل صائما ، ولقد كان إبليس يلتوي في موضع سجوده ، فإذا ما وجد ريحه نحاه بيده ثم يقول :
لولا نتنك لم أزل عليك ساجدا

وهو يتمثل كهيئة الحية ، ورأيته وهو يصلي فيدخل تحت قميصه حتى يخرج من كمه وثيابه فلا يحيد ، فقيل له : ألا تنحي الحية ، فيقول :

والله إني لأستحي من الله تعالى أن أخاف شيئا غيره ، والله ما أعلم بهذا حين يدخل ولا حين يخرج .

وقيل له : إن الجنة تدرك بدون ما تصنع ، وإن النار تتقى بدون ما تصنع ، فيقول :
لا ، حتى لا ألوم نفسي

قال : ومرض فبكى ، فقيل له : ما يبكيك وقد كنت وقد كنت ؟ فيقول :

ما لي لا أبكي ومن أحق بالبكاء مني ؟ والله ما أبكي حرصا على الدنيا ولا جزعا من الموت ، ولكن لبعد سفري وقلة زادي ، وإني أمسيت في صعود وهبوط ، جنة أو نار ، فلا أدري إلى أيهما أصير .
وقال : لأجتهدن فإن نجوت فبرحمة الله ، وإن دخلت النار فلبعد جهدي ، وكان يقول : ما أبكي على دنياكم رغبة فيها ، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء .

لله درهم كانوا أحرص مايكونون على أوقاتهم؛ لأنهم كانوا أعرف الناس بقيمتها.

قال بلال بن سعد : وشي بعامر بن عبد قيس إلى زياد ، فقالوا : هاهنا رجل قيل له : ما إبراهيم - عليه السلام - خيرا منك فسكت ، وقد ترك النساء . فكتب فيه إلى عثمان ، فكتب إليه : انفه إلى الشام على قتب . فلما جاءه الكتاب ، أرسل إلى عامر ، فقال : أنت قيل لك : ما إبراهيم خيرا منك فسكت؟ ! قال : أما والله ، ما سكوتي إلا تعجب ، ولوددت أني غبار قدميه .

قال : وتركت النساء؟
قال : والله ما تركتهن إلا أني قد علمت أنه يجيء الولد وتشعب في الدنيا ، فأحببت التخلي .
فأجلاه على قتب إلى الشام ، فأنزله معاوية معه في الخضراء وبعث إليه بجارية ، وأمرها أن تعلمه ما حاله . فكان يخرج من السحر ، فلا تراه إلا بعد العتمة فيبعث معاوية إليه بطعام ، فلا يعرض له ، ويجيء معه بكسر ، فيبلها ويأكل ، ثم يقوم إلى أن يسمع النداء فيخرج ، فكتب معاوية إلى عثمان يذكر حاله . فكتب : اجعله أول داخل وآخر خارج ، ومر له بعشرة من الرقيق ، وعشرة من الظهر ، فأحضره وأخبره ، فقال : إن علي شيطانا قد غلبني ; فكيف أجمع علي عشرة . وكانت له بغلة .

فروى بلال بن سعد ، عمن رآه بأرض الروم عليها ، يركبها عقبة ، ويحمل المهاجرين عقبة قال بلال : كان إذا فصل غازيا يتوسم من يرافقه ، فإذا رأى رفقة تعجبه ، اشترط عليهم أن يخدمهم ، وأن يؤذن ، وأن ينفق عليهم طاقته.

عن قتادة ، قال : كان عامر بن عبد قيس يسأل ربه أن ينزع شهوة النساء من قلبه ، فكان لا يبالي أذكرا لقي أم أنثى . وسأل ربه أن يمنع قلبه من الشيطان وهو في الصلاة فلم يقدر عليه . وقيل : إن ذلك ذهب عنه .

وعن أبي الحسين المجاشعي ، قال : قيل لعامر بن عبد قيس : أتحدث نفسك في الصلاة؟ قال : أحدثها بالوقوف بين يدي الله ، ومنصرفي .

وعن كعب ، أنه رأى بالشام عامر بن عبد قيس ، فقال : هذا راهب هذه الأمة .

قال أبو عمران الجوني : قيل لعامر بن عبد قيس : إنك تبيت خارجا ، أما تخاف الأسد !؟ قال : إني لأستحيي من ربي أن أخاف شيئا دونه . وروى همام عن قتادة مثله .

حماد : عن أيوب ، عن أبي قلابة ، لقي رجل عامر بن عبد قيس ، فقال : ما هذا؟ ألم يقل الله : وجعلنا لهم أزواجا وذرية ؟ قال : أفلم يقل الله تعالى : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون .

وقيل : كان من أفضل العابدين ، وفرض على نفسه كل يوم ألف ركعة ، يقوم عند طلوع الشمس فلا يزال قائما إلى العصر ، ثم ينصرف وقد انتفخت ساقاه وقدماه فيقول : يا نفس إنما خلقت للعبادة يا أمارة بالسوء ، فوالله لأعملن بك عملا حتى لا يأخذ الفراش منك نصيبا.

وهبط واديا به عابد حبشي ، فانفرد يصلي في ناحية ، والحبشي في ناحية ، أربعين يوما لا يجتمعان إلا في فريضة .

وفي خبر هذه القصة على التفصيل :

أنه هبط واديا يقال له وادي السباع ، في الوادي عابد حبشي يقال له : حممة ،
فانفرد عامر في ناحية وحممة في ناحية يصليان ، لا هذا ينصرف إلى هذا ولا هذا ينصرف إلى هذا أربعين يوما وأربعين ليلة ، إذا جاء وقت الفريضة صليا ثم أقبلا يتطوعان ، ثم انصرف عامر بعد أربعين يوما فجاء إلى حممة ، فقال : من أنت يرحمك الله ؟

قال دعني وهمي ،

قال : أقسمت عليك ،
قال : أنا حممة ، قال عامر : لئن كنت حممة الذي ذكر لي لأنت أعبد من في الأرض ، أخبرني عن أفضل خصلة ؟
قال : إني لمقصر ولولا مواقيت الصلاة تقطع علي القيام والسجود لأحببت أن أجعل عمري راكعا ووجهي مفترشا حتى ألقاه ، ولكن الفرائض لا تدعني أفعل ذلك ، فمن أنت رحمك الله ؟
قال :أنا عامر بن عبد قيس ، قال : إن كنت عامرا الذي ذكر لي فأنت أعبد الناس ، فأخبرني بأفضل خصلة ؟
قال : إني لمقصر ولكن واحدة ، عظمت هيبة الله في صدري حتى ما أهاب شيئا غيره ، فاكتنفته السباع فأتاه سبع فوثب عليه من خلفه فوضع يديه على منكبه وعامر يتلو هذه الآية : ( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ) فلما رأى السبع أنه لا يكترث به ذهب ،

قال حممة : بالله يا عامر ما هالك ما رأيت ؟ قال : إني لأستحي من الله عز وجل أن أهاب شيئا غيره ،

قال حممة : لولا أن الله عز وجل ابتلانا بالبطن فإذا أكلنا لا بد لنا من الحدث ما رآني ربي إلا راكعا أو ساجدا ، وكان يصلي في اليوم ثمانمائة ركعة ، وكان يقول : إني لمقصر في العبادة ، وكان يعاتب نفسه .

رحمك الله يا عامر ويا حممة , ماذا نقول نحن عن حالنا ونحن نتفنن في تقطيع الأوقات بشتى وسائل الترفيه والتسلية كما يقال ؟

ولقد قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ"
محمد بن واسع : عن يزيد بن الشخير ، أن عامرا كان يأخذ عطاءه ، فيجعله في طرف ثوبه ، فلا يلقى مسكينا إلا أعطاه ، فإذا دخل بيته ، رمى به إليهم ، فيعدونها فيجدونها كما أعطيها .
قال مالك بن دينار : حدثني فلان ، أن عامرا مر في الرحبة ، وإذا رجل يظلم ، فألقى رداءه وقال : لا أرى ذمة الله تخفر وأنا حي ، فاستنقذه .

ويروى أن سبب إبعاده إلى الشام ، كونه أنكر وخلص هذا الذمي .
وقال صخر بن أبي صخر قال عامر بن عبد قيس : أنا من أهل الجنة ؟ أوأنا من أهل الجنة ؟ أومثلي يدخل الجنة ؟ .
وبعث معاوية إلى عبد الله بن عامر أن انظر عامر بن عبد قيس فأحسن إذنه وأكرمه ومره أن يخطب إلى من شاء وأمهر عنه من بيت المال ، فأرسل إليه : إن أمير المؤمنين قد كتب إلي أن أحسن إذنك وأكرمك ، قال : يقول عامر : ف
لان أحوج إلى ذلك مني ، يعني رجلا كان أطال الاختلاف إليهم لا يؤذن له .
وأمرني أن آمرك أن تخطب إلى من شئت وأمهر عنك من بيت المال ، قال :
أنا في الخطبة دائب ، قال : إلى من ؟ قال :إلى من يقبل مني الفلقة والتمرة ،
قال : ثم أقبل على جلسائه ، فقال : إني سائلكم فأخبروني ، هل منكم من أحد إلا لأهله من قلبه - شعبة ؟ قالوا : اللهم لا ؛ أي بلى ، قال : فهل منكم من أحد إلا لولده من قلبه - شعبة ؟ قالوا : اللهم لا ؛ أي بلى ، قال : والذي نفسي بيده لأن تختلف الأسنة في جوانحي أحب إلي من أن أكون هكذا ، أما والله لأجعلن الهم هما واحدا ، قال الحسن : وفعل .
ويروى عنه قوله : قال : وجدت أمر الدنيا تصير إلى أربع : المال والنساء والنوم والأكل ، فلا حاجة لي في المال والنساء ، فأما النوم والأكل فايم الله لئن استطعت لأضرن بهما .
رحمه الله وغفر له وإن اعتذرنا له بأن سبب تركه للزواج هو انشغاله بالعبادة وعظيم إيثاره لها إلا أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم



قال الحسن البصري : بعث بعامر بن عبد قيس إلى الشام ، فقال : الحمد لله الذي حشرني راكبا .
وقد روي في سبب تسييره للشام أنه مر برجل من أعوان السلطان وهو يجر ذميا والذمي يستغيث به ، قال : فأقبل على الذمي فقال : أديت جزيتك ؟ قال : نعم ، فأقبل عليه ، فقال : ما تريد منه ؟ قال : أذهب به يكسح دار الأمير ، قال : فأقبل على الذمي ، فقال : تطيب نفسك له بهذا ، قال : يشغلني عن ضيعتي ، قال : دعه ، قال : لا أدعه ، قال : دعه ، قال : لا أدعه ، قال : فوضع كساءه ثم قال : لا تخفر ذمة محمد صلى الله عليه وسلم وأنا حي ، ثم خلصه منه ، قال : فتراقى ذلك حتى كان سبب تسييره .
وقيل : لما سيرعامر بن عبد الله شيعه إخوانه وكان بظهر المربد ، فقال : إني داع فأمنوا ، قالوا : هات فقد كنا نشتهي هذا منك ، قال : اللهم من وشى بي وكذب علي وأخرجني من مصري ، وفرق بيني وبين إخواني ، اللهم أكثر ماله وولده ، وأصح جسمه وأطل عمره .
عن قتادة ، قال : سأل عامر بن عبد قيس ربه أن يهون عليه الطهور في الشتاء ، وكان يؤتى بالماء وله بخار .
وعن مالك بن دينار ، قال : مر عامر بن عبد قيس فإذا قافلة قد احتبست فقال لهم : ما لكم لا تمرون ؟ فقالوا : الأسد حال بيننا وبين الطريق ، قال : هذا كلب من الكلاب ، فمر به حتى أصاب ثوبه فم الأسد .

عن أبي سليمان الداراني ، قال : قيل لعامر بن عبد قيس : النار قد وقعت قريبا من دارك ، فقال : دعوها فإنها مأمورة ، وأقبل على صلاته ، فأخذت النار فلما بلغت داره عدلت عنها .
وعن مالك بن دينار : رأى رجل في المنام كأن مناديا ينادي : أخبروا الناس أن عامر بن عبد الله يلقى الله تعالى يوم يلقاه ووجهه مثل القمر ليلة البدر .
وعن الحسن ، قال : سمعهم عامر بن عبد قيس وما يذكرونه من أمر الضيعة في الصلاة ، قال : أتجدونه ؟ قالوا : نعم ، قال : والله لأن تختلف الأسنة في جوفي أحب إلي من أن يكون هذا مني في صلاتي .
و قال رجل لعامر بن عبد الله : استغفر لي ، فقال : إنك تسأل من قد عجز عن نفسه ، ولكن أطع الله ثم ادعه يستجب لك .
وكانت له ابنة عم يقال لها عبيدة ترى ما يصنع بنفسه ، فتعالج له الثريد فتأتيه به ، فيخرج إلى أيتام الحي فيدعوهم فتقول : إنما عملتها لك بيدي لتأكلها ، فيقول : أليس إنما أردت أن تنفعيني ؟ قال : وكان يقول لها :
يا عبيدة تعزَّي عن الدنيا بالقرآن ، فإنه من لم يتعز بالقرآن عن الدنيا تقطعت نفسه على الدنيا حسرات .


قال قتادة : لما احتضر عامر بكى ، فقيل : ما يبكيك؟ قال : ما أبكي جزعا من الموت ، ولا حرصا على الدنيا ، ولكن أبكي على ظمأ الهواجر ، وقيام الليل .

وروى عثمان بن عطاء الخراساني ، عن أبيه ، أن قبر عامر بن عبد قيس ببيت المقدس .

وقيل : توفي في زمن معاوية .