المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ارتفاع أسعار مواد البناء بعد الاتفاق على السعر في عقد الاستصناع، مالحل ؟



أهــل الحـديث
07-05-2014, 12:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بداية أنا أقل من طويلب علم فاعذروني إن أخطأت.

هناك مشكلة تؤرق كثير من المهندسين والمقاولين، ويرون فيها ظلما وبخسا لهم وهي كالتالي:

يتفق الطرفان على سعر البناء بعد حساب تكلفة المبنى باﻹضافة إلى أجرة المهندس(مكسبه في المشروع)، ثم يحدث أثناء البناء قفزة غير متوقعة في أسعار البناء تجعل أسعار العقد لا تغطي تكلفة المبنى. أي أن المهندس يجب أن يدفع من جيبه الخاص على المشروع كي يتم، وينتهي المشروع وهو لم يأخذ مقابل لعمله وجهده وإنما دفع من جيبه ! في علاقة غير متوازنة.

أعلم مهندسين كثيرين يتغلبون على هذه النقطة بعدم اشتراط شروط جزائية عليهم في العقد، بحيث أنه إذا حدثت قفزة في اﻷسعار ورفض المالك تحمل الفرق، فحينئذ يرفض المهندس أيضا تحمل الفرق ويترك البناء غير مكتمل. وحجتهم في ذلك(لماذا أتحمل أنا هذا غلو أسعار مواد بناء المبنى خاصتك والذي تريده أنت!)


حقيقة بعد كثير من التأمل ورؤية مشاكل حقيقة من هذا القبيل، أسجل هذه الملاحظات:
-اشتراط أن يضمن المهندس غلو اﻷسعار شرط غير عادل(سواء أكان شرعا ملزم أم لا)، لماذا يتحملها هو دونا عن باقي الناس، مالذي فعله المهندس حتى يتحملها هو ولا يتحملها فلان الذي لا علاقة له بالموضوع مثلا؟ كل الفرق أن المهندس هو من يقوم بخدمة البناء للمالك، فهل جزاء أنه يخدمه أن يضمن هو غلو اﻷسعار ؟ أليس العدل أن يتحمل المالك غلاء اﻷسعار كاملا ﻷنه هو من يريد المبنى لا المهندس، فليتحمل هو إذا المخاطرة الناتجة عن طلبه.

-قد حرم الرسول بيع الغرر لما فيه من المخاطرة التي تفضي إلى نزاع، وأظن أن الناظر الدقيق يرى أنه في ضوء تقلبات اﻷسعار في هذه اﻷزمنة بشكل قوي جدا بخلاف الماضي-على ما أظن- يجعل هذا البيع فيه غرر الذي يفضي إلى عين المخاطرة التي نهى عنها الرسول لما تفضي إليه من نزاعات.

حرم الرسول بيع الثمار قبل بدو صلاحها ﻷن الكمية وقت التسليم تكون غير معروفة مما يفضي إلى النزاع. إذا ما يحدد على أساسه السعر وهو كمية الفاكهة يكون غير معلوما، مما يفضي إلى المخاطرة.
أليس هذا المعنى بعينه متحقق في المقاولات؟ ما يحدد على أساسه السعر وهو تكلفة المبنى تكون غير معلومة -فقط حسبة تقديرية بناء على أسعار اليوم- مما يفضي إلى المخاطرة.
أرى صراحة تشابها شديدا بين الحالتين.

في المضاربة يشترط أن يتحمل صاحب رأس المال الخسارة كاملة، ﻷن المضارب لا ذنب له في الخسارة الناتجة مالم يقصر.
أليس هذا المعنى قريب أيضا هنا ؟ طرف عنده رأس مال وهو المالك، وطرف عنده الخبرة وهو المهندس، وصاحب رأس المال يريد من صاحب الخبرة أن يعمل بجهده كي يبني له مبنى. فالمعنى قريب في إحساس المهندس بالظلم في حال تحمله خسارة.

إني أرى أن المخرج العادل هو اعتبار غلو اﻷسعار في حال ما أدى إلى تحمل المهندس خسارة هو من الجوائح التي يجب أن يتم وضعها، ولم أر من قال بهذا الرأي سوى الدكتور سامي بن إبراهيم هنا
http://www.onislam.net/arabic/ask-th...017-37-04.html (http://www.onislam.net/arabic/ask-the-scholar/8281/54366-2004-08-01%2017-37-04.html)

أما المجمع الفقهي اﻹسلامي فإنه قال بوضع الجوائح في حالة إذا كان غلو اﻷسعار فاحشا بسبب ظرف شديد الاستثنائية كالحروب مثلا مما يجعل المهندس يتحمل خسارة غير عادية، فقال أنه حينها يشارك الطرفان في تحمل الخسارة، أما دون ذلك فلا حرج في تحمل المهندس الخسارة.

وهنا أرى أن المجمع قد وقع في التناقض، ﻷن الرسول قد أمر بوضع الجوائح صغرت كانت أو كبرت، فقد علل الرسول اﻷمر:"بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟" فإما أن يكون غلاء اﻷسعار مطلقا جائحة أو لا يكون.

وأرى أن وضع الجوائح هنا له وجهه، ﻷن الحكمة من وضع الجوائح أنه ظرف قاهر حدث جعل تنفيذ الاتفاق غير عادل ولو كان الطرفان يعلمان بوقوعه قبل الاتفاق لتغير الاتفاق حينئذ، وهذا منطبق تماما على موضوعنا.

إنه على اﻷقل، فإن شرط أن يكون المهندس هو الضامن لغلو اﻷسعار وليس المالك الذي يريد المبنى
هو شرط غير عادل وأرى أن المسلم المنصف الرحيم يأبى أن يشترطه، وفيه من القسوة ما فيه أن تحمل المهندس هذه الخسارة.

وإن قيل: ولكن قد لا يكون في سعة المالك أن يتحمل أكثر من السعر المتفق عليه، ولو كان يعلم بغلو اﻷسعار وأنه يجب تحمله ما طلب البناء أصلا. والجواب هو:

في المضاربة قد يحدث عين المشكلة أيضا، وهي حدوث خسارة وتعلل رب المال بنفس العلة ومطالبته المضارب أن يتحمل معه الخسارة ﻷنه لو كان يعلم بحدوث الخسارة ما بدأ في المضاربة، ولا يخفى أن هذا شرط باطل بالاتفاق.

بخلاف أن العدل واﻹنصاف هو أنه من يريد الشيء يتحمل هو المخاطرة، ولا يلزم غيره بتحملها.

هذا ما جال بخاطري وأرجو أن تفيدوني، ألهمنا الله الصواب والعدل.