المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رفع الغباش مما احدثه الاحباش:أبو عبد الرحمن الظاهري



أهــل الحـديث
03-05-2014, 03:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


رفع الغباش مما احدثه الاحباش
نشأة الاحباش
سبب تسميتهم بالأحباش :
وترجع النسبة في التسمية بهذا المسمى إلى البلد التي قدم منها شيخ الجماعة عبدالله بن محمد الشيبي الهرري الحبشي ، فالهرري نسبة إلى بلاد ( هرر ) في الحبشة ، والحبشي نسبة إلى بلاد الحبشة ، أي سُميّ تلاميذ الحبشي نسبة إلى بلد معلمهم عبدالله الحبشي ، وهذا ما اشتهروا به .
ولهم مسميات أخرى مثل: الهرريون أو المشاريعيون، ولكن أشهرها الأحباش.
نشأت الأحباش في لبنان :
ظهرت جماعة الأحباش متمثلة بجمعيتهم ( جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية ) التي يقول الأحباش إنها نشأت في بيروت سنة ( 1930م ) ، وفي سنة ( 1983م ) ، تسلم رياسة الجمعية الشيخ نزار حلبي - أحد تلاميذ الحبشي ، وقبل تسلم رياسة الجمعية من قبل الشيخ الحلبي كان يرأسها الشيخ أحمد العجوز حيث تنازل عنها للشيخ الحبشي والحلبي ؛ وهناك من يقول أن الشيخ أحمد العجوز أجبر على التنازل عن الجمعية .
وأما عن بداية ظهور الحبشي فكانت في بلاد الشام عندما جاء إليها سنة ( 1370هـ / 1950م ) ، حيث بدأ في نشر عقيدته المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة في سوريا ، ووجد بعض القبول عند بعض مشايخ الطرق الصوفية ، وفي الوقت نفسه تصدى لأفكاره بعض المشايخ ؛ وعندما وجد الحبشي الخصومة له في سوريا ، وبالتالي لم يجد الأرض الخصبة لترويج عقيدته ، بحث عن مكان آخر لينشر فيه عقيدته ، فانتقل إلى لبنان حيث اتخذ من بيروت مستقراً له في منطقة ( برج أبي حيدر ) .
وبعد مجيء الحبشي إلى لبنان تعرف إلى بعض المشايخ أمثال الشيخ القاضي محيي الدين العجوز ، والشيخ عبد الوهاب البوتاري إمام جامع البسطة الفوقا ، والشيخ أحمد اسكندراني إمام ومؤذن جامع برج أبي حيدر . ثم تعرف إلى الشيخ نزار حلبي .
وعمل الأحباش في ميادين متعددة في لبنان لجذب الناس إليهم ، سواء في الميدان الاجتماعي من خلال تقديم الخدمات الاجتماعية المختلفة لعوام الناس وخاصة الفقراء والمحتاجين ، أو الميدان التعليمي من خلال افتتاح مؤسسات تعليمية مختلفة من روضات ومدارس ، أو الميدان الرياضي حيث عملت الجمعية على استقطاب فئات الشباب المختلفة لهذا الجانب من خلال إنشائها الأندية الرياضية ، بل دخلوا في الميدان السياسي والحياة النيابية ، ففي الانتخابات النيابية في صيف ( 1992م ) ، دخل الأحباش بمرشحين في الشمال ، وفي بيروت ، وفاز الدكتور عدنان طرابلسي ( مرشحها في بيروت ) .
أبرز دعاة جماعة الأحباش :
- عبدالله الهرري ( الحبشي ) :
هو عبدالله بن محمد بن يوسف بن عبدالله بن جامع الهرري ، الشيبي ، العبدري ، الشافعي ، الرفاعي ، القادري ، النقشبندي ( أبو عبد الرحمن ) ، ولد في مدينة هرر ، حوالي سنة ( 1339هـ / 1920م ) ، وقد نشأ في بيت متواضع محباً للعلم ولأهله ، فحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين ، ودرس الفقه الشافعي ، ودرس علوم العربية ، وعلم التفسير ، وعلم الحديث .
في ترجمته : أنه تلقى العلوم المختلفة على أيدي علماء كُثر ، حيث تلقى الفقه الشافعي وأصوله عن الشيخ محمد عبد السلام الهرري ، والشيخ محمد عمر جامع الهرري ، والشيخ محمد رشاد الحبشي ، والشيخ إبراهيم أبي الغيث الهرري وغيرهم ؛ وقرأ فقه المذاهب الثلاثة وأصولها على الشيخ محمد العربي الفاسي ، والشيخ عبد الرحمن الفاسي ؛ وأخذ علوم العربية عن الشيخ أحمد البصير ، والشيخ أحمد بن محمد الحبشي وغيرهما ؛ ودرس علم التفسير عن الشيخ شريف الحبشي ؛ وأخذ الحديث وعلومه عن الشيخ أبو بكر محمد سراج الجبرتي مفتي الحبشة ، والشيخ عبد الرحمن عبدالله الحبشي وغيرهما ؛ وأخذ الإجازة بالطريقة الرفاعية من الشيخ عبد الرحمن السبسبي ، والشيخ طاهر الكيالي الحمصي ، والإجازة بالطريقة القادرية من الشيخ أحمد العربيني ، والشيخ الطيب الدمشقي ، والإجازة بالطريقة النقشبندية عن الشيخ عبد الغفور الأفغاني النقشبندي .
ثم بعد ذلك أمَّ مكة ، وتعرف إلى علمائها ، ورحل إلى المدينة المنورة ، ثم إلى بيت المقدس في أواخر العقد الخامس من هذا القرن ، ومنه توجه إلى دمشق ، ثم استقر به الحال في بيروت .
ومن أهم تصانيفه :
- الصراط المستقيم في التوحيد ( مطبوع ) .
- الدليل القويم على الصراط المستقيم في التوحيد ( مطبوع ) .
- مختصر عبدالله الهرري الكافل بعلم الدين الضروري ( مطبوع ) .
- بغية الطالب لمعرفة علم الدين الواجب ( مطبوع ) .
- المطالب الوفية شرح العقيدة النسفية ( مطبوع ) .
- إظهار العقيدة السنية بشرح العقيدة الطحاوية ( مطبوع ) .
- شرح الصراط المستقيم ( مطبوع ) .
- صريح البيان في الرد على من خالف القرآن ( مطبوع ) .
- المقالات السنية في كشف ضلالات أحمد بن تيمية ( مطبوع ) .
- شرح الصفات الثلاث عشرة الواجبة لله ( مطبوع ) .
- العقيدة المنجية -وهي رسالة صغيرة أملاها في مجلس واحد ( مطبوع ) .
- نزار حلبي :
يعتبر الشيخ نزار حلبي الرجل الثاني في جماعة الأحباش بعد الشيخ عبدالله الحبشي ، والرجل الأول في إدارة شئون جماعة الأحباش .
وأما عن حياة هذا الرجل فلم يعرف عنها الكثير سوى أنه تسلم رياسة الجمعية ( جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية ) عام ( 1983م ) وقد تخرج في كلية الشريعة في جامعة الأزهر سنة ( 1975م ) ، وكان إماماً لمسجد عبد الغني باشا بيضون في منطقة برج أبي حيدر في بيروت ، وعندما اشتد الصراع على الساحة اللبنانية بين الأحباش وغيرهم ، تم اغتيال الشيخ حلبي في ( 31 آب ( أغسطس ) من العام 1996م ) ؛ واتهم بهذه العملية مجموعة ناشطين من الجماعة الإسلامية ، وأعدم بعض من اتهم بهذه العملية في أواسط ( 1997م ) ، وبقي المتهم الرئيس في هذه القضية أحمد عبد الكريم السعدي ( أبو محجن ) يتوارى في مخيم عين الحلوة ، ويتزعم مجموعة يطلق عليها ( عصبة الأنصار ) تضم حوالي خمسين عنصراً تُؤمّن له الحماية الأمنية .
- الشيخ حسام قراقيرة :
تولى رياسة جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية بعد مقتل سلفه الشيخ حلبي ، وقد تدرج الشيخ قراقيرة في العمل داخل مؤسسات الأحباش ، حيث تولى في عام ( 1983م ) ، رياسة مكتب شئون الدعوة ، حيث أوفد من قبل الشيخ حلبي عدة مرات إلى بعض البلدان العربية ، والأوربية ليتابع سير عمل الجمعية ، وشئون الدعوة .
وأيضاً تولى منصب نائب رئيس الجمعية في ( 12 آذار 1989م ) ، ثم تولى منصب المدير العام إضافة إلى نائب الرئيس ، فعمل إلى جانب حلبي معيناً له في إدارة عمل الجمعية ، وشئون الناس .
وقد تلقى الشيخ حسام قراقيرة علومه الشرعية عند شيخه عبدالله الهرري الحبشي ، حيث تلقى عنه عدداً من المتون ، والكتب الشرعية وقد أجازه شيخه الحبشي إجازة بما تجوز له روايته من الكتب الحديثية ، والفقهية ؛ وحمل الشيخ قراقيرة شهادة وإجازة في العلوم الشرعية .
- الدكتور عدنان طرابلسي :
ولد النائب الدكتور عدنان طرابلسي في بيروت المدينة عام ( 1954م ) ، وفيها نشأ وترعرع ، ويعتبر أحد أركان الجمعية المشاريعية ، فقد تتلمذ على يد الشيخ الحبشي في شبابه ، وعمل إلى جانب كل من الشيخ نزار حلبي ، والشيخ حسام قراقيرة .
وقد فاز عن مدينة بيروت في الانتخابات البرلمانية ، وذلك في عام ( 1992م ) ، ويشغل الدكتور طرابلسي عدة مناصب منها : نائب رئيس جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية ، ورياسة الاتحاد الكشفي للبرلمانيين العرب ، ورياسة نادي المشاريع الرياضي ، ورياسة جمعية كشافة المشاريع ، وهو حائز على شهادة الدكتوراه في التربية البدنية .
أهم المؤسسات والأنشطة التابعة للأحباش :
للأحباش عدد كبير من المؤسسات والأنشطة ، وذلك للاستفادة منها في بث أفكارهم ونشر معتقداتهم :
- الجمعية :
للأحباش جمعية خاصة بهم تسمى ( جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية ) استلموا رئاستها عام ( 1983م ) ، ومركزها بيروت ، ولها فروع في المحافظات اللبنانية كافة ، وكذلك لها فروع في عدد من دول العالم : كالأردن تعمل تحت عنوان ( جمعية الثقافة العربية الإسلامية ) ، واستراليا ، والسويد ، وفرنسا ، وأمريكيا ، وبريطانيا ، وبلجيكا ، وألمانيا ، وروسيا ، وتايوان ، ولهم نشاط محدود في قطاع غزة في فلسطين ، وغيرها من الدول .
ويبلغ عدد هذه الفروع ثلاثة وثلاثين فرعاً ، وظاهر نشاط الجمعية المعلن التعليم الديني ، وبناء المساجد ، والمدارس ، ومساعدة الفقراء ، والأيتام ، وغير ذلك من أعمال البر .
- المدارس :
قام الأحباش ببناء مدارس خاصة لجميع المراحل الدراسية ، ويقيمون في هذه المدارس دورات صيفية دينية ، بالإضافة إلى التعليم الشتوي ، وذلك لكي ينشروا عقيدتهم بين أبناء المسلمين .
ويوجد في هذه المدارس مئات الطلاب والطالبات في شتى المراحل ، ومن أمثلة هذه المدارس ( مدارس الثقافة ) في كلٍ من : بيروت ، وطرابلس ، وبعلبك .
- الإعلام :
للأحباش إذاعة محلية خاصة بهم تسمى ( نداء الإيمان ) ، تبث من بيروت ، وينشرون من خلالها أفكارهم ؛ ولهم أيضاً مجلة شهرية باسم ( منار الهدى ) تقوم بنشر مذهبهم ، والطعن في أئمة المسلمين وعلمائهم ، كما تقوم بعض المجلات ، والجرائد المحلية ، والدولية بلقاءات ومقابلات ، وتحقيقات مطولة مع أقطابهم ، الهدف منها الدعاية لهم ، والترويج لهم ، والثناء عليهم ، كما فعلت جرائد السفير ، والنهار ، والأنوار ، والمسيرة الإيمانية ، وكذلك مجلة الوطن العربي ، ومجلة الأسبوع العربي وغيرها من المجلات والجرائد .
وأيضاً للأحباش نشاط كبير في التلفزيون اللبناني ، وغيره من القنوات اللبنانية الخاصة ، حيث تعرض اللقاءات والدروس ؛ ويعمل الأحباش الآن على تشغيل محطة تلفزيونية خاصة بهم .
وللكتب والأشرطة والنشرات نشاط بارز في ترويج مبادئ هذا المذهب الذي يعتقدونه ، وذلك من خلال مؤسستهم المسماة ( مركز الأبحاث والخدمات الثقافية ) بيروت ، أو ( قسم الأبحاث والدراسات الإسلامية ) عمان .
كما تصدر جمعيتهم تقويماً خاصاً بهم ، يحوى كثيراً من السموم المختلفة في العقيدة والسلوك والفقه وغيرها ، وهذا كله يتم طبعه في مطابعهم التي تعمل تحت اسم : ( دار المشاريع للطباعة والنشر والتوزيع ) بيروت / لبنان .
- الغناء والطرب والأندية :
لدى الأحباش عشرون فرقة للغناء والأناشيد الدينية في لبنان ، وتقوم أناشيدهم الدينية على ترسيخ عقائدهم المخالفة لما عليه السلف ، مثل : نفي العلو لله تعالى ، حيث ينشدون ( الله ليس في السماء ، وليس له مكان) .
ويهتم الأحباش كثيراً بالأندية الرياضية المختلفة من كرة قدم وسلة ، وألعاب قوى ، وغير ذلك من الألعاب ، لجذب الشباب والشابات ، والتودد إليهم ، وتعليمهم عقيدتهم ، بل وتحذيرهم من معتقدات السلف وذلك من خلال وصمهم بمسميات منفرة : كتسميتهم بالمشبهة ، والمجسمة ، والحشوية ، ومبتدعة إلى غير ذلك من الأسماء المنفرة من مذهب السلف .
وأشهر أنديتهم ( نادي الفوز الرياضي ) بطرابلس ، وكذلك ( مجمع ناجي الرياضي ) بطرابلس .
ويركز الأحباش على النساء في دعوتهم ، وذلك لأهمية النساء ومدى تأثيرهن في المجتمع ، وهذا الأمر ظاهر للعيان من خلال نشاطاتهم المختلفة .
الانتشار ومواقع النفوذ :
ينتشر الأحباش في لبنان بصورة تثير الريبة ، حيث انتشرت مدارسهم الضخمة وصارت حافلاتهم تملأ المدن وأبنية مدارسهم تفوق سعة المدارس الحكومية ، علاوة على الرواتب المغرية لمن ينضم إليهم ويعمل معهم وأصبح لهم إذاعة في لبنان تبث أفكارهم وتدعو إلى مذهبهم ، كما ينتشر أتباع الحبشي في أوروبا وأمريكا وقد أثاروا القلاقل في كندا واستراليا والسويد والدانمارك . كما أثاروا الفتن في لبنان بسبب فتوى شيخهم بتحويل اتجاه القبلة إلى جهة الشمال .
وقد بدأ انتشار أتباع هذا المذهب الضال في مناطق عدة من العالم حيثما وجد لبنانيون في البداية ، ثم بعض المضللين ممن يعجب بدعوة الحبشي .
التوحيد عند الأحباش :
تجويز الأحباش الاستغاثة بغير الله تعالى :
يجوز الأحباش الاستغاثة بغير الله تعالى كالاستغاثة بالأنبياء والأولياء . ومن المعلوم أن الاستغاثة معناها طلب الغوث والنصرة وقصدهم بقضاء الحوائج وطلب المدد منهم . والأحباش يبينون ذلك بأن النافع والضار هو الله تعالى وحده وهؤلاء المستغاثون يفعلون ذلك بإذن الله تعالى ، وأن المستغاثون يسمعون من يستغيث بهم وهم أحياء في قبورهم ويقولون لا مانع عقلاً وشرعاً من أن يخرج الولي من قبره ويغيث من دعاه .
قال الحبشي : ( وليس مجرد الاستغاثة بغير الله ولا الاستعاذة بغير الله يعتبر شركاً كما زعم بعض الناس - أي كما قال علماء الحق - ، لو قال قائل يا رسول الله المدد فهو عندهم صار كافراً ) .
وقال أيضاً : ( وإني لأعجب من هؤلاء الذين يكفرون المسلمين لمجرد التمسح بقبر ولي أو قولهم : يا رسول الله المدد ) .
وقال : ( أن الأموات يخرجون من قبورهم ليقضوا حوائج الناس ) .
وهذا ما لم يقل به أحد من أئمة أهل السنة والجماعة ولكنه من أقوال أهل الزيغ والضلال .
وزعم أيضاً : ( بأن خادم مقام النجاشي آذاه بعض النصارى فانفك من السقف لوح من أسقف المقام انفصل منه لوح من التوتياء وقطع رأس النصراني ثم رجع إلى مكانه في السقف . بعد ذلك كفّ النصارى عن مضايقة الخادم وصار للمقام هيبة ) .
وسئل الحبشي عن حكم من يستغيث بالأموات ويدعوهم كأن يقول : ( يا سيدي بدوي أغثني ، يا سيدي دسوقي المدد ) فقال : ( يجوز ذلك فإنه يجوز أن يقول : أغثني يا بدوي ساعدني يا بدوي ) ، قيل له لماذا يقول : ( يا عبد القادر يا سيدي بدوي ) ولا يقول : ( يا محمد ) ( أي يا محمد - قد أجازها بعض العلماء ولكن الصحيح هو المنع وهذا هو مذهب أهل السنة والجماعة فقد منع أهل السنة التلفظ بذلك أي أنه لا يطلب المدد ولا العون إلا من الله وحده ) . فاقتصر الحبشي الجواب بكلمة : ( ولو ) ، أي ومع ذلك فهو مسموح .
ثم قيل له : إن الأرواح تكون في برزخ معين فكيف يُستغاث بهم وهم بعيدون ؟ أجاب : ( الله تعالى يكرمهم بأن يُسمعهم كلاماً بعيداً وهم في قبورهم فيدعون لهذا الإنسان فينقذوه وأحياناً يخرجون من قبورهم فيقضون حوائج المستغيثين بهم ثم يعودون إلى قبورهم ) .
وأما أدلة الأحباش على مذهبهم في الاستغاثة فعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله )) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد : يا عباد الله احبسوا , فإن لله عز وجل في الأرض حاضراً سيحبسه )) .
قالوا : وهذا الحديث حسنه الحافظ ابن حجر .
قالوا : وفي الحديثين دلالة واضحة على جواز الاستغاثة بغير الله تعالى لأن فيه أن النبي علمنا أن نقول إذا أصاب أحدنا مشكلة في فلاة من الأرض أي برية : ( يا عباد الله احبسوا ، أو : يا عباد الله أعينوا ) .
الرد : هذا الكلام لا شك أنه من الشرك الذي يهلك صاحبه ، وقد نهى جمهور أهل السنة والجماعة عن الدعاء والاستغاثة بالأموات من الأنبياء والصالحين وغيرهم .
التبرك عند الاحباش:
الحث على التبرك بالأحجار :
لقد حث الحبشي الناس على التبرك بالأحجار .
والحبشي لا يدعو إلى لمس وتقبيل الحجر الأسود فحسب ، وإنما يدعو إلى التبرّك بأحجار وجدر أخرى فقد قال : ( ليس عبادة لغير الله مجرد النداء لحي أو ميت ، ولا مجرد الاستغاثة بغير الله ولا مجرد قصد قبر ولي للتبرك ، ولا مجرد طلب ما لم تجر به العادة بين الناس ) .
وقال : ( بأن قبر معروف الكرخي الترياق المجرب ) .
ومن أدلتهم على جواز التبرك ما نص به الإمام أحمد بن حنبل في كتابه جامع العلل ومعرفة الرجال : ( ويجوز مس قبر النبي ومس منبره وتقبيلهما إن كان هذا تقرباً إلى الله بالتبرك ) . ..
قلت الظاهري:ما أكذبكم وأجراكم على الكذب كأسلافكم اليهود..
فهذا نص احمد في المغني لابن قدامة 3/479 قال/
[فصل التمسح بحائط قبر النبي وتقبيله]
(2749) فصل: ولا يستحب التمسح بحائط قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا تقبيله، قال أحمد: ما أعرف هذا. قال الأثرم: رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - يقومون من ناحية فيسلمون. قال أبو عبد الله: وهكذا كان ابن عمر يفعل..
قلت الظاهري : وكيف يكون ذلك من عقيدة أهل السنة وقد أخبر غير واحد من العلماء كالغزالي أن مسح القبر باليد من عادة النصارى .
وحكى النووي : ( الإجماع على أن هذا من عمل الجهال ومن سوء الأدب مع النبي ) .
وهذا شرك لا يختلف عن شرك النصارى الذين يستعيذون بالمسيح وأمه ويتبركون بقبور قساوستهم وينادون الموتى من دون الحي الذي لا يموت . وهذا ليس من دين الإسلام في شيء . وهو قول مخالف لعقيدة أهل السنة .
العقائد عند الأحباش :
القرآن عبارة عن كلام الله تعالى عند الحبشي :
يعتقد الأحباش أن القرآن الذي بين أيدينا ليس بكلام الله ، بل هو معبراً عن كلام الله ، أي هو كلام جبريل معبراً به عن كلام الله النفسي ، فقد قال الحبشي : بأنه يطلق عليه كلام الله مجازاً لا حقيقة .
قال الحبشي : ( فهو عبارة عن كلام الله بمعنى أنه يحكي كلام الله ، ليس هو بنفسه كلام اللـه ) .
وقال في موضع آخر : ( فكلام الله النفسي الذي ليس هو حرفاً ولا لغة هو كلام الله الحقيقي ، أما القرآن المتضمن للألفاظ فهو مخلوق ، لكن يمكن إطلاق لفظ القرآن عليه من باب المجاز ) .
وقد أكد الحبشي بأن القرآن هو كلام جبريل فقال : ( هو عبارة عن كلام الله الذاتي ) وقال أيضاً في نفس المصدر : ( فلو كان القرآن يراد به حيث ذكر كلام الله الذاتي لم يضفه الله تبارك وتعالى إلى جبريل ) .
بل استهزأ الحبشي بالذين يعتقدون أن القرآن هو كلام الله تعالى فقال : ( بل اعتقادهم أن الله تبارك وتعالى يتكلم بكلام يبدأ به ثم ينتهي وينقضي وهكذا على ما هو المعهود بين العباد ) .
فألفاظ القرآن العربي اللغة : فقد زعموا أن جبريل هو الذي عبرها بعد أن علم ما في نفس الله .
الرد : ومذهب أهل السنة والجماعة مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم ، مذهب السلف والخلف كلهم متفقون على أن القرآن كلام الله غير مخلوق . كما أنهم متفقون على أن الله لم يزل متكلماً إذا شاء .
قال الإمام الطحاوي - ومعلوم أن عقيدة الإمام الطحاوي هي عقيدة أهل السنة والجماعة - قال : ( أنه تعالى لم يزل متكلماً إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء وهو يتكلم به بصوت يسمع وأن نوع الكلام قديم وإن لم يكن الصوت المعين قديماً وهذا المأثور عن أئمة الحديث والسنة ) .
وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : ( وهو - أي القرآن - كلام الله محفوظ في الصدور مقروء بالألسنة مكتوب في المصاحف ) .
وأما قولهم أن جبريل هو الذي عبرها بعد أن علم ما في نفس الله . فيقال فيه أن عيسى عليه السلام يقول لله : ( تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ) وجبريل بزعمهم كأنه يقول لله ( تعلم ما في نفسي وأعلم ما في نفسك ) .
القدر عند الأحباش :
يقول الحبشي في قوله تعالى : (( إن الله على كل شيئ قدير )) : ( أنه لا يقال إنه تعالى قادر على ذاته متصرف في نفسه ) ، ثم قال : ( إن كلمة ( كل ) لا تعني العموم لأن الكل كما يراد به التعميم يراد به أيضا الأكثر مجازاً فيقال كل العلماء أتقياء ، مع أن بعضهم غير تقي ، فمن هنا يعلم أنه لا يقال إن الله متصف بالقدرة على الظلم والسفه والكذب ) .
وهكذا يرى الأحباش أن الله لا يستطيع أن يظلم وأن من اعتقد أن الله قادر على الظلم ولكنه لا يفعل : فهذا كافر عندهم .
وهذا مناقض للحديث القدسي الذي رواه مسلم (( إني حرمت الظلم على نفسي )) . فالله تعالى هو الذي حرم الظلم على نفسه ، وتحريم الظلم على نفسه سبحانه دليل قدرته عليه ، ولو كان غير قادر عليه لما كان هناك معنى للتحريم .
وزعم الحبشي أن الله هو الذي يعين الكافر على الكفر .
وأثنى على قول الرازي أن ( الإنسان مجبور في صورة مختار ) واعتبره من أنصف الأقوال .
وقال الحبشي : ( بيان أن الله هو معين المؤمن على إيمانه والكافر على كفره ) . وقال : ( ولولا أنه - أي الله - أعطى الكافر القدرة على الكفر لم يكفر ) . وقال : ( جميع ما يتوقف عليه أفعال الجوارح من الحركات والسكنات ، كل ذلك بخلق الله لا تأثير لقدرة العبد فيه ) . وقال : ( يجب على المكلف أن يرضى عن الله في تقدير الخير والشر ، فالمعاصي من جملة مقدورات الله ومقتضياته ) .
ولا يخفى أن مثل هذا القول يفتح باب الهوى ، فيحتج العاصي على الله بقضائه وقدره ، وسلب التأثير عنه في القدرة والمشيئة .
وكذلك يرى الأحباش أن الله هو الذي اضطر الكافر على الكفر لأن الله هو الذي أمكنه من ذلك وهو لا يستطيع ردّه ، فقد قال شيخهم : ( لولا إعانة الله الكافر على الكفر ما استطاع أن يكفر ) .
وهذا مذهب الجهمية كما ذكر ذلك البغدادي ( أن جهم بن صفوان كان ينكر الاستطاعات كلها) .
ويتبين من ذلك أن الأحباش على مذهب الجبرية ، لأن الجبرية يجعلون العبد مضطراً ومُكرها في أفعاله..
.
الأحباش والصحابة :
موقف الأحباش من معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه :
القارئ لكتابات الأحباش يتبين له أن موقفهم من هذا الصحابي الجليل موقف عداء وبغض ، بحيث يصفه الأحباش بالباغي ، فيظهر ذلك من خلال قول الحبشي في كتبه :
( بيان حكم القتال الذي حصل بين علي ومعاوية، وأن معاوية ومن معه بغوا ) .
ومما قاله الحبشي تحت هذا العنوان : ( قتال معاوية لعلي هو خروج عن طاعة الإمام ... فيكون بذلك مرتكباً للكبيرة ) .
وقد اعتبر الحبشي معاوية رضي الله عنه من البغاة الذين بغوا على الإمام علي رضي الله عنه واتهامه رضي الله عنه بأنه من الذين عششت الدنيا في قلوبهم وتربعت عليها ، من حيث وصفه بأنه تمرد على الخليفة علي رضي الله عنه بسبب الطمع في الملك ، وفرط الغرام بالرئاسة .
وأيضاً يقول : ( ثم إن وصف النبي لمعاوية وفئته الذين قاتلوا علياً بالبغي صريح في أنهم آثمون ) .
ويعلل الحبشي هذا الهجوم على الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان بأن : ( معاوية كان قصده من هذا القتال الدنيا ، فلقد كان به الطمع في الملك ، وفرط الغرام في الرئاسة ، فلما وصل إلى الخلافة كف عن المطالبة بدم عثمان ، وهو ما أتخذه حجة للخروج على عليّ وقتاله ) .
بل إن الحبشي يرى إنه لم يصح في فضائل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه شيء ، فيقول : ( وما يروى في معاوية من الفضائل فإنه لم يصح منه شيء ) .
بل يصل تحامل الحبشي على معاوية بن أبي سفيان أنه يرفض التماس الأعذار له من قِبل علماء السلف فيقول معلقاً على مثل أولئك العلماء ( وهذا تحسين ظنّ في غير محله ) .
كما اتهم معاوية بأنه كان يبيع الأصنام لترويج أديان الوثنية في الهند .
الرد : إن معاوية رضي الله عنه أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذين اصطفاهم الله سبحانه وتعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال جلا جلاله مخبراً عن أولئك السابقين إلى الإسلام من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين : ((وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )) التوبة - 100 . وقال تعالى : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74)
)) الأنفال - 74 . وقال تعالى : (( لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ )) التوبة - 117 .
وأيضاً من فضائل معاوية بن أبي سفيان الظاهرة أنه شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة حنين ودخل تحت قوله تعالى : (( ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ )) التوبة - 26 . وكذلك كان من الذين حضروا غزوة الطائف ، ومن الذين شهدوا النصارى بالشام ، وأنزل الله فيها سورة براءة ، وهي غزوة العسرة ، وهذه الآيات القرآنية بمجموعها تبين دون أي شك فضل الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ، لعدم استثناءها أي صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وهذا ما يوضحه علماء السلف حيث أجمعوا على تعديل الصحابة الكرام دون استثناء ، فيقول ابن الصلاح رحمه الله في ذلك : ( للصحابة بأسرهم خصيصة ، وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحدٍ منهم ، بل ذلك أمرٌ مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدّلين بنصوص الكتاب والسنة وإجماع من يُعتد به في الإجماع من الأمة ) .
يقول الإمام القرطبي رحمه الله في حق الصحابة : ( فالصحابة كلهم عدول ، أولياء الله تعالى وأصفياؤه وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله . هذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة ) .
ويقول الإمام الصنعاني رحمه الله : ( الصحابة رضي الله تعالى عنهم كلهم عدول ، سواء في ذلك من لابس الفتن ومن لم يلابسها ، وذلك مما لا يشتبه فيه أحد من علماء المسلمين الذين انتهت إليهم زعامة العلم وعنهم تصدر الآراء والحجج .
ومن الأحاديث النبوية الصحيحة التي تبين بعض فضائل معاوية رضي الله عنه :
ما ذكره الإمام البخاري في صحيحه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نام في بيت أم حرام بنت ملحان ثم استيقظ صلى الله عليه وسلم وهو يضحك ، قالت أم حرام : ما يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : (( ناس من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكاً على الأسرة ، ومثل الملوك على الأسرة ... )) قالت : فقلت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وضع رأسه ثم استيقظ وهو يضحك فقلت : وما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : (( ناسٌ من أمتي عرضوا عليّ غزاة في سبيل الله )) كما قال في الأول ، قالت : فقلت : يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال : (( أنت من الأوّلين )) ، فركبت أم حرام البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان؛ . ويعلق ابن كثير رحمه الله على هذا الحديث بقوله : ( يعني جيش معاوية حين غزا قبرص ففتحها سنة ( 27 هـ ) أيام عثمان بن عفان .
وذلك بقيادة معاوية رضي الله عنه عقب إنشاء الأسطول في العهد الإسلامي الأول .
وأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له فقال : (( اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به )) .
ومن الأحاديث النبوية الصحيحة التي تبين فضل معاوية رضي الله عنه ، ما جاء من أقوال أهل العلم والفضل من الصحابة والتابعين وأئمة السلف ، أن الإمام البخاري رحمه الله أورد في كتاب فضائل الصحابة ضمن الصحيح ، اسم الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه حيث يذكر من الآثار ما يمدح به معاوية رضي الله عنه ، فعن ابن أبي مليكة قال : ( أوتر معاوية بعد العشاء بركعةٍ وعنده مولى لابن عباس ، فأتى ابن عباس ، فقال : دعه فإنه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) .
وأيضاً مما يبين فضله رضي الله عنه أن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه استعمله في ولايته ، ومعلوم أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أعظم الناس فراسة وأخبرهم بالرجال ، وأقومهم بالحق ، وأعلمهم به ، حتى قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : كنا نتحدث أن السكينة تنطق على لسان عمر ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الله ضرب الحق على لسان عمر وقلبه )) .
ثم بعد هذا العرض لفضائل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه يأتي الحبشي ويقول : أنه لم يصح في فضائل معاوية رضي الله عنه شيء ، وهذا الادعاء من قِبل الحبشي مردود بما سبق بيانه ، ويظهر بطلانه وفساده .
وأما ادعاء الحبشي أن معاوية رضي الله عنه قاتل من أجل الملك فمردود عليه بما عليه أئمة أهل السنة والجماعة ، حيث يبين ابن حجر ذلك بأن الذين طلبوا الدنيا هم الذين جاءوا من بعد ، وأن الصحابة كانوا متأولين فيما حصل بينهم فيقول : ( ومن ثم كان الذين توقفوا عن القتال في الجمل وصفين أقل عدداً من الذين قاتلوا ، وكلهم متأول مأجور إن شاء الله بخلاف من جاء بعدهم ممن قاتل على طلب الدنيا ) .
وبهذا يبطل ادعاء الحبشي المغلوط في حق الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه
موقف الأحباش من عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها :
الصق الحبشي وصف المعصية في حق زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بسبب وقوفها في صف الذين طالبوا بدم عثمان رضي الله عنه فيعلق الحبشي على خروج عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ضمن الذين خرجوا في المطالبة بدم عثمان رضي الله عنه ، وأنها رضي الله عنها أرادت الرجوع فأصَرّ القوم على الذهاب معهم ، فذهبت للإصلاح ولم تذهب للقتال .
ثم يتجرأ الحبشي بالقول على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ووصمها بارتكاب المعصية فيقول : ( وكان معصيتها وقوفها في معسكر الذين تمردوا على عليّ الخليفة الراشد ، ويؤكد الحبشي هذا المعنى الذي قال به عندما يتحدث عن ندم عائشة رضي الله عنها فيقول : ( وثبت أيضاً ندم عائشة رضي الله عنها على ما فعلت ، وهو أنها مكثت في المعسكر الذي كان ضد عليّ مع كونها لم تخرج بنية قتاله ولم تقاتله ) ، ومن المعلوم أن الندم في حق المؤمنين يكون بعد ارتكاب ما لا يرضي الله سبحانه وتعالى ، والتعدي على الآخرين .
والذي يظهر من كلام الحبشي تجرؤه على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وهذا كله لأن عائشة رضي الله عنها وقفت في صف الذين طالبوا بدم عثمان رضي الله عنه والذين اعتبرهم الحبشي بأنهم تمردوا على الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
ويلزم من هذا التعبير اعتبار أم المؤمنين السيدة الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها باغية !!! حاشاها من ذلك . ويلزم كذلك سب طلحة والزبير وأبي موسى وعمرو بن العاص وغيرهم من كبار الصحابة . وكذلك يلزم سبّ أمهات المؤمنين ممن خرجن مع عائشة رضي الله عنهن .
وفي هذا تجني على عائشة رضي الله عنها ، فلماذا لا يعتبر الحبشي أن هذا اجتهادٌ منها رضي الله عنها ؟ فإن أصابت فلها أجران ، أجر الاجتهاد وأجر الإصابة ، وإن أخطأت فلها أجرٌ واحد ، وهو أجر الاجتهاد ؛ فكان الأولى بالحبشي أن ينحى في هذه المسألة هذا المنحى .
ولا يقصد مما سبق أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها معصومة من الخطأ ، فكل ابن آدم خطّاء ، ولكن المقصود وجوب التأدب عند عرض هذه المسألة الحرجة ، وعدم إيذاء الرسول صلى الله عليه وسلم في زوجه عائشة رضي الله عنها .
وقد ورد في فضل عائشة رضي الله عنها الكثير من الأحاديث ، والتي منها :
ما قاله أبو سلمة إن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً : (( يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلام )) ، فقلت : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته .
ومدحها الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : (( كمل من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام )) .
ولمكانة عائشة عنده صلى الله عليه وسلم يرفض أن تؤذيه إحدى زوجاته في الكلام عنها رضي الله عنها فيقول صلى الله عليه وسلم لأم سلمة : (( يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علىّ الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها )) .
كيف بالذي يتجرأ على الكلام في حقها ووصفها بفعل المعاصي ، من غير دليل صحيح على صلى الله عليه وسلم ! وبهذا يظهر فضل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وتنكشف عنها الشبهات التي قال بها الحبشي .
. صريح البيان للحبشي ( ص 197 – 198 ) .
. صحيح البخاري ، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب فضل عائشة رضي الله عنها ، ( ح 3768 ، 4 : 264 ) .
. صحيح البخاري ، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب فضل عائشة رضي الله عنها ، ( ح 3769 ، 4 : 264 ) .
. صحيح البخاري ، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، باب فضل عائشة رضي الله عنها ، ( ح 3775 ، 4 : 265 – 266 ) .
.