المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مآخذ على المعجم الوسيط



أهــل الحـديث
03-05-2014, 06:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



الحمد لله الذي أنزل الفرقان على نبيه تبياناً لكل شيء وهدىً للمتقين .

وصلى الله وسلَّم على نبيّنا محمّد الذي نصح الأمّة وكشف الغمّة وجاهد في الله حقّ جهاده حتى آتاه اليقين

وعلى آله وأصحابه أئمّة الهدى ومصابيح الدّجى ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين .


أمّا بعد : فكتاب المعجم الوسيط عظيم القدر فثماره يانعة وسوقه نافق وكنت أعيش في حِقبه أتجوّل في رياضه فأصبح الكتاب صاحب صدق لي حتى صار إياي وصرت إياه كما قال الشّاعر : [ بحر الطّويل ]



وما زِلْتُ إيّاها وإيّاي لم تَزَل * ولا فرْقَ بل ذاتي لذاتي أحَبَّتِ



وموتيْ بها وُجْداً حياةٌ هنيئةٌ * وإن لم أمُتْ في الحبِّ عِشت بِغُصَّةِ


وأنا في مطواف حسن ألتقط ثماره وأشرب نهره رأيت ثمرة تخالف الثمار في الطعم واللون والنّعومة فقلت لعلّ أختها خبيئة في زاية ما ، فكررت النظر في البستان ففجئت بعد عناء مثيلاتها في الشذوذ فتذكرت قول الإمام الشّافعي المطلبيّ : - رحمه الله تعالى - " لقد ألَّفت هذه الكتب ولم آل فيها ولا بد أن يوجد فيها الخطأ لأن الله تعالى يقول"وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا"فما وجدتم في كتبي هذه مما يخالف الكتاب أو السنة فقد رجعت عنه .اهــ

فعزمت أن أنبّه القرّاء على هذه الثمار الشاذّة بياناً للصواب وطلباً للثواب .

واعتمدت على الطبعة الثّانية سنة 1392هــ الموافق 1972م

فأسأل الله أن يهدي قلبي ويُسدّي قلمي فإنّه سميع الدّعاء

كتبه أبو سعيد أحمد بن سعيد بن أحمد الجبرتي .

المأخذ الأوّل : تعريف الإيمان

في "المعجم" ص : 28( الإيمان شرعاً : التصديق بالقلب والإقرار باللّسان )

قلت : هذا تعريف المرجئة بحيث لم يُذكر في التعريف عمل القلب واللسان والجوارح والعمل من الإيمان بدلالة الكتاب والسنّة وإجماع أهل السنّة والجماعة

قال الله تعالى :" وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ "

قد بوّب البخاري في صحيحه :" باب الصَّلاَةُ مِنَ الإِيمَانِ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ) يَعْنِى صَلاَتَكُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ ".اهــ

وبوّب أيضاً "باب مَنْ قَالَ إِنَّ الإِيمَانَ هُوَ الْعَمَلُ . لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِى أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) . وَقَالَ عِدَّةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِى قَوْلِهِ تَعَالَى ( فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) عَنْ قَوْلِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ . وَقَالَ ( لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ ) .

ثمّ استدل على ذلك حديث أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ أَىُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ « إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ » . قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ « الْجِهَادُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ » . قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ « حَجٌّ مَبْرُورٌ »

قال ابن رجب في "فتحه" مقصود البخاري بهذا الباب : أن الإيمان كله عمل ؛ مناقضة لقول من قال : إن الإيمان ليس فيه عمل بالكلية ؛ فإن الإيمان أصله تصديق بالقلب ، وقد سبق ما قرره البخاري أن تصديق القلب كسب له وعمل ، ويتبع هذا التصديق قول اللسان .

و مقصود البخاري هاهنا : أن يسمى عملا - أيضا - ، ، أما أعمال الجوارح فلا ريب في دخولها في اسم العمل ، ولا حاجة إلى تقرير ذلك ؛ فإنه لا يخالف فيه أحد "اهــ

قال الشّافعي – رحمه الله تعالى - وكان الاجماع من الصحابه والتابعين من بعدهم ممن أدركناهم ان الايمان قول وعمل ونيه لا يجزي واحد من الثلاثه بالآخر "اهــ [ أصول اعتقاد أهل السنّة لللألكائي 5/956]

قال شيخ الإسلام في فتاواه (7/194) وَالْمُرْجِئَةُ " الَّذِينَ قَالُوا : الْإِيمَانُ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ وَقَوْلُ اللِّسَانِ وَالْأَعْمَالُ لَيْسَتْ مِنْهُ كَانَ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ وَعُبَّادِهَا ؛ وَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُمْ مِثْلَ قَوْلِ جَهْمٍ ؛ فَعَرَفُوا أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا إنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ بِالْإِيمَانِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ . وَعَرَفُوا أَنَّ إبْلِيسَ وَفِرْعَوْنَ وَغَيْرَهُمَا كُفَّارٌ مَعَ تَصْدِيقِ قُلُوبِهِمْ لَكِنَّهُمْ إذَا لَمْ يُدْخِلُوا أَعْمَالَ الْقُلُوبِ فِي الْإِيمَانِ لَزِمَهُمْ قَوْلُ جَهْمٍ وَإِنْ أَدْخَلُوهَا فِي الْإِيمَانِ لَزِمَهُمْ دُخُولُ أَعْمَالِ الْجَوَارِحِ أَيْضًا فَإِنَّهَا لَازِمَةٌ لَهَا وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ لَهُمْ حُجَجٌ شَرْعِيَّةٌ بِسَبَبِهَا اشْتَبَهَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ ... وَالْمُرْجِئَةُ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ " : الَّذِينَ يَقُولُونَ : الْإِيمَانُ مُجَرَّدُ مَا فِي الْقَلْبِ ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُدْخِلُ فِيهِ أَعْمَالَ الْقُلُوبِ وَهُمْ أَكْثَرُ فِرَقِ الْمُرْجِئَةِ كَمَا قَدْ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ أَقْوَالَهُمْ فِي كِتَابِهِ وَذَكَرَ فِرَقًا كَثِيرَةً يَطُولُ ذِكْرُهُمْ لَكِنْ ذَكَرْنَا جُمَلَ أَقْوَالِهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُدْخِلُهَا فِي الْإِيمَانِ كَجَهْمِ وَمَنْ اتَّبَعَهُ كالصالحي وَهَذَا الَّذِي نَصَرَهُ هُوَ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ .

وَ الْقَوْلُ الثَّانِي : مَنْ يَقُولُ : هُوَ مُجَرَّدُ قَوْلِ اللِّسَانِ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ لِأَحَدِ قَبْلَ الكَرَّامِيَة " وَالثَّالِثُ : تَصْدِيقُ الْقَلْبِ وَقَوْلُ اللِّسَانِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْعِبَادَةِ مِنْهُمْ "اهــ

وخلاصة قول أهل السّنّة في الإيمان ما جمع جمسة الأمور :

الأول : تصديق قلبيّ

الثاني : عمل قلبيّ

الثّالث : قول لساني

الرّابع : عمل لسانيّ

الخامس : عمل الجوارح

قال ابن القيّم في كتاب الصلاة (ص : 45) : وها هنا أصل آخر وهو أن حقيقة الإيمان مركبة من قول وعمل والقول قسمان قول القلب وهو الاعتقاد وقول اللسان وهوالتكلم بكلمة الإسلام والعمل قسمان عمل القلب وهو نيته وإخلاصه وعمل الجوارح فإذا زالت هذه الأربعة زال الإيمان بكماله وإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء فإن تصديق القلب شرط في اعتقادها وكونها نافعة وإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق فهذا موضع المعركة بين المرجئة وأهل السنة "اهــ

وأمّا عمل اللّسان فقد ذكر شيخ الإسلام في واسطيته .

قال الشيخ محمّد بن صالح العثيمين في شرح الواسطية :" وعمل اللسان حركته ومعلوم أنّ القول يتكوّن من حركة اللّسان وحركة اللّحيين والشّفين فحركة هذه الأعضاء تدخل في الإيمان لأنّها عمل "اهــ

ومن معتقد أهل السّنّة أنّ الإيمان يزيد بالطّاعة وينقص بالمعصية. المأخذ الثاني : في معنى : "أخرج الحديث فلان "

في المعجم (ص : 224) "أخرج ...الحديث : نقله بالأسانيد الصحيحة "

قلت : هذا خطأ والصّواب أنّ الإخراج هو رواية الحديث وإظهاره سواء بالأسانيد الصحيحة أو الضعيفة أو المختلقة وهذا هو عرف المحدّثين ومن دخل في غير فنّه أتى بالعجائب .

المأخذ الثّالث : في تعريف السّلفي

في المعجم (ص:444) " السّلفيّ : من يرجع في الأحكام الشّرعية إلى الكتاب والسنّة ويهدر ما سواهما "

قلت : هذا خطأ عظيم لأنّ السلفي نسبة إلى السّلف من أهل القرون المفضّلة فمن تمسّك بهديهم وسار على منهاجهم فهو سلفيّ سواء كان إنسياً أو جنّياً عربيّاً أو أعجمياً.

ومرجع الأحكام الشّرعيّة عند السّلفية فهو إلى الكتاب والسّنّة والإجماع لا سيّما إجماعات أهل القرون الأولى المشهود لهم بالخيرية ، والقياس الصّحيح .

وإن كان مراد أصحاب المعجم إهدار السّلفيّ بالترهات الفلسفية والمقاييس المنطقية فهذا نبأ صحيح لأنّ الأحكام الشّرعية غنيّ عن هذا ولا تثبت بمثل هذه الأمور .

الأخذ الرّابع : في تعريف الخوارج

في المعجم (ص:225) "الخوارج فرقة من فرق الإسلامية خرجوا عن عليّ وخالفوا رأيه "

قلت : الخوارج فرقة خالفت هدي النبيّ r وطريقة أهل الحقِّ أبي بكر وعمر وعثمان وسائر الصحابة ومن تبع هديهم إلى قرب السّاعة لا رأي عليّ واجتهاده فحسب وإلا للزم اطلاق اسم الخوارج على كل من خالف رأي علي سواء كان فقهياً أو سياسياً .

ويفهم من مقالهم هذا أن الخوراج طائفة غبرت وانقرضت في زمن عليّ t وهذا غفلة أو جهل عظيم عن حديث النبيّ rينشأ نشء يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم كلما خرج قرن قطع قال ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول كلما خرج قرن قطع أكثر من عشرين مرة حتى يخرج في عراضهم الدجال "رواه ابن ماجه عن ابن عمر وحسّنه الألباني .

المأخذ الخامس : معنى الذنب

في المعجم (ص:316) " الذّنب ارتكاب أمر غير مشروع "

قلت : تعريفهم هذا يدخل فيه ارتكاب مكروه وخلاف الأولى وليس بذنب والصّواب أن يقال : الذّنب هو ارتكاب محرّم لغير عذر ليُحترز عن المكروه والمرخّص فيه شرعاً

قال الجوهريّ في "الصحاح" : الذنب : الجرم .

وقال الفيروزاباديّ في القاموس : الذنب : الإثم ج ذنوب .

المأخذ السّادس : تعريف الإجارة

في "المعجم" (ص:7) الإجارة ... عقد يَرِد على المنافع بعوض (محدثة)

قلت : يستعملون " محدثة " على اللفظ الّذي استعمل في العصر الحديث وشاع في لغة الحياة العامّة كما ذكروا في المقدمة

وعلى هذا فلفظ الإجارة عندهم بهذا المعنى لم يكن معروفاً من قبل بل هو مما أُحدث في العصر الحاضر وهذا خطأ واضح لأنّ الصّواب شيعوعة عقد الإجارة بهذا التعريف المذكور قبل هذا الزّمان .

قال الحافظ ابن حجر ( المتوفّى 852 ه) في فتح الباري (4/439) الإجارة بكسر أوله على المشهور وحكى ضمها وهي لغة الإثابة يقال آجرته بالمد وغير المد إذا أثبته واصطلاحا تمليك منفعة رقبة بعوض "اهــ

وقال جلال الدّين المحلّي : الْإِجَارَةُ هِيَ تُمْلِيك مَنْفَعَةٍ بَعُوضٍ ، بِشُرُوطٍ تَأْتِي فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ عَاقِدَيْنِ وَصِيغَةٍ "اهــ

[الحاشيتان 3/68]

وقال الجرجاني في التعريفات (ص:23) الإجارة عبارة عن العقد على المنافع بعوض هو مال و تمليك المنافع بعوض إجارة و بغير عوض إعارة "اهــ

وقال الشيخان عادل بن محمّد بن عبد الموجود وعليّ بن محمّد بن معوّض : عرّفها الفقهاء بأنّها عقد معاوضة على تمليك منفعة " [التعليقات على كتاب إخلاص النّاوي 2/183]

وهل يحقّ أحد بعد هذا أن يقول عقد الإجارة محدث بالحدِّ المتقدّم !!

المأخذ السّابع : في تعريف البغي .

في المعجم (ص : 65) البغي : الخروج على القانون .

وجه الانتقاد أنّ هذا الحدّ ليس معروفاً في اللغة ولا في الشّرع ولا في العرف ومع هذا فليس لفظ القانون منضبطاً في كيفيّته وونوعيته وهل هو صحيح في حدّ ذاته أم لا ؟ والتعارف يصان عن التفشّي والإبهام .

والصّواب أن يقال : البغي لغة : الظلم ومجاوزة الحدّ

وشرعاً : الجروج عن طاعة الإمام بتأويل سائغ مع الشوكة .

قال ابن الأثير في نهايته :" وفي حديث عمّار " تقتله الفئة " هي الظّالمة الخارجة عن طاعة الإمام وأصل البغي مجاوزة الحدّ .اهــ

وقال الفيروزأباديّ في "قاموسه" وفئة باغية : خارجة عن طاعة الإمام العادل .اهــ

ومما يُتنبّه على أنّ كل خارج عن طاعة وليّ الأمر المسلم فليس بباغ .

قال ابن قدامة في المغني (10/46) الخارجون عن قبضة الامام أصناف أربعة : أحدها قوم امتنعوا من طاعته وخرجوا عن قبضته بغير تأويل فهؤلاء قطاع طريق ساعون في الارض بالفساد ياتي حكمهم في باب مفرد

الثاني : قوم لهم تأويل إلا أنهم نفر يسير لا منعة لهم كالواحد والاثنين والعشرة ونحوهم فهؤلاء قطاع طريق في قول أكثر أصحابنا وهو مذهب الشافعي لأن ابن ملجم لما جرح عليا قال للحسن أن برئت رأيت رأيي وان مت فلا تمثلوا به فلم يثبت بفعله حكم البغاة ولأننا لو أثبتنا للعدد اليسير حكم البغاة في سقوط ضمان ما أتلفوه أفضى إلى إتلاف أموال الناس وقال أبو بكر : لا فرق بين الكثير والقليل وحكمهم حكم البغاة إذا خرجوا عن حكم الامام

الثالث : الخوارج الذين يكفرون بالذنب ويكفرون عثمان وعليا وطلحا والزبير وكثيرا من الصحابة ويستحلون دماء المسلمين وأموالهم إلا من خرج معهم فظاهر قول الفقهاء من أصحابنا المتأخرين أنهم بغاة حكمهم حكمهم وهذا قول أبي حنيفة و الشافعي وجمهور الفقهاء وكثير من أهل الحديث ومالك يرى استتابتهم فان تابوا وإلا قتلوا على إفسادهم لا على كفرهم وذهبت طائفة من أهل الحديث إلى أنهم كفار مرتدون حكمهم حكم المرتدين وتباح دماؤهم وأموالهم فان تحيزوا في مكان وكانت لهم منعة وشوكة صاروا أهل حرب كسائر الكفار وان كانوا في قبضة الامام استتابهم كاستتابة المرتدين فان تابوا وإلا ضربت أعناقهم وكانت أموالهم فيئا لا يرثهم ورثتهم المسلمون لما روى أبو سعيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " يخرج قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وأعمالكم مع أعمالهم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ينظر في النصل فلا يرى شيئا وينظر في القدح فلا يرى شيئا وينظر في الريش فلا يرى شيئا ويتمارى في الفوق " رواه مالك في موطئه و البخاري في صحيحه وهو حديث صحيح ثابت الإسناد ... وتورع كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم عن قتالهم ولا بدعة فيهم

الصنف الرابع : قوم من أهل الحق يخرجون عن قبضة الامام ويرومون خلعه لتأويل سائغ وفيهم منعة يحتاج في كفهم إلى جمع الجيش فهؤلاء البغاة الذين نذكر في هذا الباب حكمهم وواجب على الناس معونة إمامهم في قتال البغاة لما ذكرنا في أول الباب- يعني باب قتال أهل البغي- .اهــ

والخروج على وليّ الأمر المسلم محرّم عند أهل السنّة والجماعة سواء كان الإمام عادلاً أو جائراً .

المأخذ الثّامن : تعريف الزّكاة

في المعجم (ص: 396) "الزكاة ... في الشرع حصّة من المال ونحوه يوجب الشّرع بذلها للفقراء ونحوهم بشروط خاصّة "

قلت : يفهم من قولهم " ونحوه " أن الزّكاة قد يؤخذ ما ليس بمال وهذا لا يُعرف له في الشّرع مثال ولا عَمِل به المسلمون من البعثة النّبويّة إلى يومنا هذا فأيّ شرع يوجب حصّة من نحو المال وما ضابط هذا النّحو !!!

المأخذ التّاسع : تسمية المدينة بيثرب

في المعجم (ص : 62) بُعاث : موضع قرب يثرب .

قلت : هذا الإسم كان يُطلق على المدينة في الجاهلية وقد أبدل الله بها أسماء حسنة شرعية مثل المدينة وطابة وطيبة والدّار وثبت هُجران هذا الإسم لقوله r:"أُمِرْتُ بِقَرْيَةٍ تَأْكُلُ الْقُرَى يَقُولُونَ يَثْرِبُ . وَهْىَ الْمَدِينَةُ ، تَنْفِى النَّاسَ كَمَا يَنْفِى الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ"رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه .

قال ابن الأثير في نهايته " يَثْرِبَ " وهي اسمُ مَدِينَة النبي صلى اللَّه عليه وسلم قَدِيمةٌ فَغَيَّرها وَسَمَّاها : طَيْبَة وطَابَةَ كَراهِيَةً للتَّثْرِيب وهو اللَّوم والتَّعْيِير . وقيل هو اسم أرْضِها وقيل : سُمِّيت باسْمِ رَجُل من العَمَالِقَة " اهــ

قال الإمام الحافظ النّوويّ في شرح مسلم (9/155) : قوله صلى الله عليه و سلم ( أمرت بقرية تأكل القرى ) معناه أمرت بالهجرة اليها واستيطانها وذكروا في معنى أكلها القرى وجهين أحدهما أنها مركز جيوش الاسلام في أول الأمر فمنها فتحت القرى وغنمت أموالها وسباياها والثاني معناه أن أكلها وميرتها تكون من القرى المفتتحة وإليها تساق غنائمها قوله صلى الله عليه و سلم ( يقولون يثرب وهي المدينة ) يعنى أن بعض الناس من المنافقين وغيرهم يسمونها يثرب وإنما اسمها المدينة وطابة وطيبة ففي هذا كراهة تسميتها يثرب وقد جاء في مسند أحمد بن حنبل حديث عن النبي صلى الله عليه و سلم في كراهة تسميتها يثرب وحكى عن عيسي بن دينار أنه قال من سماها يثرب كتبت عليه خطيئة قالوا وسبب كراهة تسميتها يثرب لفظ التثريب الذي هو التوبيخ والملامة وسميت طيبة وطابة لحسن لفظهما كان صلى الله عليه و سلم يحب الاسم الحسن ويكره الاسم القبيح وأما تسميتها في القرآن يثرب فإنما هو حكاية عن قول المنافقين والذين في قلوبهم مرض قال العلماء ولمدينة النبي صلى الله عليه و سلم أسماء المدينة قال الله تعالى ما كان لأهل المدينة وقال تعالى ومن أهل المدينة وطابة وطيبة والدار فأما الدار فلأمنها والاستقرار بها وأما طابة وطيبة فمن الطيب وهو الرائحة الحسنة والطاب والطيب لغتان وقيل من الطيب بفتح الطاء وتشديد الياء وهو الطاهر لخلوصها من الشرك وطهارتها وقيل من طيب العيش بها وأما المدينة ففيها قولان لأهل العربية أحدهما وبه جزم قطرب وبن فارس وغيرهما أنها مشتقة من دان إذا أطاع والدين الطاعة والثاني أنها مشتقة من مدن بالمكان إذا أقام به وجمع المدينة مدن ومدن بإسكان الدال وضمها ومدائن بالهمز وتركه والهمز أفصح وبه جاء القرآن العزيز والله أعلم "اهــ

وقال العلامة ابن عثيمين في شرح القصيدة النّونية (4/352) ولا ينبغي أن تُسمَّى يثرب كما يفعله بعض الكُتَّاب المعاصرين تبعاً للنّصارى المـُنَصِّرين ..."اهــ

وقال في شرح البخاري :" نرى أولئك الكُتَّاب المساكين الذين يكتبون التاريخ أو يتكلمون عن هذا يقولون يثرب كأنهم يفتخرون بهذا الاسم ، كما يفتخر بعضهم باللغة الإنجليزية إذا نطق بها يرى أنه متقدم ، يكون هذا من ضعف الشخصية من وجه ومن الجهل ".اهــ

وبهذ القدر كفاية وإنّما أكثرت النقل ليُعلم أقوال العلماء في هذه المسألة .

المأخذ العاشر : في تعريف الحدّ

في المعجم (ص : 160) الحدّ ... في اصطلاح الشّرع : عقوبة وجبت على الجاني .

قلت : الجاني في عرف الفقهاء إنّما هو القاتل أو القاطع أو الجارح .

قال الفيومي في المصباح (ص : 154) و( جَنَى ) على قومه (جِنَايَةً ) أي أذنب ذنبا يؤاخذ به وغلبت ( الجِنَايَةُ ) في ألسنة الفقهاء على الجرح و القطع والجمع ( جِنَايَاتٌ ) و( جَنَايَا ) مثل عطايا قليل فيه .اهــ

وممّا ينبغي أن لا يُتورّط فيه إضافة الاصطلاح إلى الشّرع لأنّ الشّرع وحيٌ منزّل من عند الله العزيز العليم لا اصطلاحات البشر .

والحقائق عند الأصوليين ثلاثة

الأولى : الحقيقة الشّرعية وهِيَ مَا تُلَقَّى مَعْنَاهَا مِنْ الشَّارِعِ .

الثانية : الحقيقة اللغوية وهي ما ثبت في اللسان العربي.

الثّالثة : الحقيقة العرفية أو الاصطلاحية وهي اتِّفَاقُ طَائِفَةٍ عَلَى أَمْرٍ مَعْهُودٍ بَيْنَهُمْ .

المأخذ الحادي عشر : جعل حديث نبويٍّ في كلام العرب

في المعجم (ص: 759) :وفي كلامهم :"ويل لأقماع القول "

قلت بل هو حديث نبويّ رواه أحمد في مسنده (2/865) وصححه الألبانيّ .

قال أبو منصور الأزهريّ في التهذيب (1/192) وروي عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : ( ويلٌ لأقماع القَول ، ويلٌ للمصرِّين )اهــ

ومقصودي في إيراد قول الأزهري هو الإعلام أنّ أئمة اللغة يعزون هذه الكلمة إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم والله أعلم

المأخذ الثّاني عشر : في معنى الكفر .

في المعجم (ص : 792) " الكفر : الجحود "

قلت : هذا مذهب المرجئة الّذين لا يرون الكفر إلا التكذيب والجحود

قال النسفيّ الماتريديّ في التّمهيد (ص : 100) : الكفر هو التكذيب والجحود وهما يكونان بالقلبيّ

والصّواب أنّ الكفر يكون اعتقادياً وعملياً وقولياً كما يكون جحوداً وإنكاراً وعناداً ونفاقاً وإعراضاً وشكاً وهذا قول أهل السنّة والجماعة خلافاً للمرجئة .

قال شمر : قال بعضُ أهلِ العلم : الكفر على أربعة أنحاء : كفر إنكارٍ ، وكفرُ جُحودٍ ، وكفر مُعاندةٍ . وكفر نفاقٍ . ومن لِقي رَبَّهُ بشيء من ذلك لم يغفر له ويغفرُ ما دونَ ذلك لمن يَشَاء ، فأَما كُفرُ الإنكارِ فهو أن يَكفُرَ بقلْبه ولسانِه ولا يَعْرفُ ما يُذكَر له من التوحيد .

وكذلك رُوي في تفسير قوله جل وعز : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ ) ( البقرة : 6 ) ، أي الذين كفروا بتوحيد الله .

وأما كُفرُ الجُحُودِ فأَنْ يعرِفَ بقلبه ولا يُقِرَّ بلسانه ، فهذا كافرٌ جاحِدٌ ككُفر إبليسَ ، وكفر أُمَيَّةَ ابن أَبي الصَّلْت .

ومنه قوله سبحانه : ( فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ ) ( البقرة : 89 ) يعني كُفر الجُحود .

وأما كُفْرُ المعاندة فهو أَنْ يَعرف بقلبه ويَقِرَّ بلسانه ، ويأْبَى أَنْ يَقبَل ككفْر أَبي طالب حيثُ يقول :

ولقد عَلِمْتُ بأَنَّ ديِنَ محمدٍ *** مِن خيرِ أَدْيان البَرِيَّة دينَا

لوْلا المَلامةُ أو حِذارُ مَسَبَّةٍ *** لوَجَدْتَنِي سمْحاً بذاكَ مُبينَا

وأما كُفر النِّفاق فأَن يَكفر بقلبه ويقِرَّ بلسانه" .اهــ

[راجع : تهذيب الأزهري 10/110]

قال الجوهريّ في "صحاحه" الكفر ضدّ الإيمان .اهــ

هؤلاء أئمّة اللغة ودواوين العربيّة فأين أتى هذا الخطأ الشنيع !!!

المأخذ الثّالث عشر : اثبات اسم الماجد لله سبحانه وتعالى .

في المعجم (ص : 1013)" الواجد من أسماء الله تعالى "

قلت هذا الإسم لم يرد إلا في خبر ضعيف عند أهل الحديث وأسماء الله الحسنى وصفاته العليا لا يثبت إلا بالكتاب والسنّة الثّابتة مع كون الاسم وارد بصفة الإسمية وشموله معنىً بلغ في الحُسن غايته .

وقد وقع في الكتاب أيضاً أسماء على منوال الواجد مثل الباقي والجليل والجامع والرّشيد فيقال على ما قيل في الماجد .

المأخذ الرّابع عشر : في تعريف الصّدق

في المعجم (ص : 511) " الصدق مطابقة الكلام للواقع بحسب اعتقاد المتكلّم "

قلت : إنّ هذا خطأ حيث عرّفوا الصّدق مطابقة الواقع كما يحسب المتكلّم ويوافق اعتقاده ولو كان خطأً في نفس الأمر وهو قول النّظام المعتزليّ وأتباعه .

قال التفتازاني في المطوّل (ص 173) : - شارحاً كلام القزويني – (وقيل) قائله النّظام ومن تابعه : صدق الخبر (مطابقته لاعتقاد المخبر ولو ) كان ذلك الاعتقاد (خطأً) غير مطابق للواقع (و) كذب الخبر (عدمها) أي : عدم مطابقته لاعتقاد المخبِر ولو كان خطأً فقول القائل : السّماء تحتنا معتقداً ذلك صدق وقوله : السّماء فوقنا غير معتقد كذب "اهـــ

والصواب أن يقال : الصدق هو مطابقة الواقع سواء كان موافقاً باعتقاد المتكلم أم لا ؟ والكذب بخلافه .

فإن لم يقصد المرء الكذب فلا ملامة عليه شرعاً .

وقال علاء الدين أبي الحسن علي بن سليمان المرداوي الحنبلي في "التحبير شرح التحرير في أصول الفقه" (4/1727) قوله : " فصل " " الأكثر الخبر صدق وكذب " أعني : أنه محصور في هذين القسمين لا يخرج شيء عنهما ، ولا واسطة بينهما ، وهذا هو الصحيح ، وعليه الأكثر ؛ لأن الحكم الذي هو مدلول الخبر إما مطابق للخارج الواقع ، أو غير مطابق ، فإن كان مطابقاً فهو الصدق ، وسواء كان مع اعتقاد مطابقة أو لا ، وإن لم يكن مطابقاً فهو كذب .اهــــ

المأخذ الخامس عشر : في تعريف البدنة

في المعجم (ص : 44) "البدنة : ناقة أو بقرة يُنحر بمكّة قرباناً "

قلت : هذا التعريف منتقد من وجهين

الأوّل ادخال البقرة في البُدن ليس بصوابٍ عند التحقيق لأحاديث المفرِّقة بينهما وهو قول بعض الأئمّة منها حديث أبي هريرة عند الشيخين "من اغْتَسَلَ يوم الجمعة غُسْلَ الجنابة ، ثم راح فكأنَّما قَرَّب بَدَنَة ، ومن راح في الساعة الثانية ، فكأنَّما قرَّبَ بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة ، فكأنَّما قرَّبَ كَبْشا أقْرَنَ ، ومن راح في الساعة الرابعة ، فكأنَّما قَرَّبَ دَجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة ، فكأنَّما قرَّب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرتِ الملائكةُ يستمعون الذِّكر"

وحديث جابر بن عبد الله قال : نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عام الحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة" رواه مسلم

وفي رواية "اشْتَرَكْنَا مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فِى الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كُلُّ سَبْعَةٍ فِى بَدَنَةٍ فَقَالَ رَجُلٌ لِجَابِرٍ أَيُشْتَرَكُ فِى الْبَدَنَةِ مَا يُشْتَرَكُ فِى الْجَزُورِ قَالَ مَا هِىَ إِلاَّ مِنَ الْبُدْنِ. وَحَضَرَ جَابِرٌ الْحُدَيْبِيَةَ قَالَ نَحَرْنَا يَوْمَئِذٍ سَبْعِينَ بَدَنَةً اشْتَرَكْنَا كُلُّ سَبْعَةٍ فِى بَدَنَةٍ "

قال الطّحاويّ في "شرح مشكل الآثار" – بعد ذكر أحاديث – : فَكَانَ فِيمَا رَوَيْنَا فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا قَدْ دَلَّنَا عَلَى أَنَّ الْبُدْنَ خِلَافُ الْبَقَرِ لِتَمْيِيزِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهَا فِي الْأَسْمَاءِ ، وَفِي الثَّوَابِ عَلَيْهَا ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا يُجْزِئُ مِمَّا يُجْزِئُ مِنْ الصِّنْفِ الْآخَرِ لَا لِأَنَّهَا كُلَّهَا بُدْنٌ وَلَكِنْ لِأَنَّ الْبُدْنَ هِيَ الْبُدْنُ الْمَعْقُولَةُ مِنْ الْإِبِلِ ، وَالْبَقَرَ يُجْزِئُ مِمَّا يُجْزِئُ مِنْهَا لَا لِأَنَّهَا بُدْنٌ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ ". اهـــ

وقال الفيومي في "المصباح" : ففرق الحديث بينهما بالعطف إذ لو كانت البدنة في الوضع تطلق على البقرة لما ساغ عطفها لأن المعطوف غير المعطوف عليه وفي الحديث ما يدل عليه قال اشتركنا مع رسول الله r- في الحج والعمرة سبعة منا في بدنة فقال رجل لجابر أنشترك في البقرة ما نشترك في الجزور فقال ما هي إلا من البدن والمعنى في الحكم إذ لو كانت البقرة من جنس البدن لما جهلها أهل اللسان ولفهمت عند الإطلاق أيضا "اهـــ

الوجه الثّاني : أنّ قيدهم بالتي يُنحر بمكّة قرباناً فليس بذاك لأنّ البدنة وصف من أجل عظم بدنها ومن ثَمّ فتعمّ بالّتي يُنحر قرباناً وغيرها فتأمّل .

المأخذ السّادس عشر : في معنى البُكرة

في المعجم (ص :76) "البكرة : أوّل النّهار إلى طلوع الشمس "

ووجه الانتقاد هو تقييدهم زمن البكرة إلى طلوع الشمس والمعروف في كتب اللغة عدم تقييدها إلى الطلوع .

قال الفيروزأبادي في "القاموس" :البُكرة بالضمّ : الغُدوة "اهــ

وقال : الغدوة بالضّمّ : البُكرة أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس "اهـــ

ويستفاد من كلامي الفيروزأبادي أنّ الغدوة والبكرة مترادفين إذا كانتا غير مقيّدتين بطلوع الشمس فتأمّل .

وقال بدر الدّين العيني في "عمدة القاري" : فالبكرة أول النهار من طلوع الشمس إلى نصف النهار والعشية آخره "اهـــ

المأخذ السّابع عشر : تعريف المدرج

في المعجم (ص: 278) " المدرج في مصطلح الحديث : أن تُزاد لفظة في متن الحديث من كلام الرّاوي فيحسبها من يسمعها مرفوعاً في الحديث فيرويها كذلك "

قلت : أهملوا الإدراج في السند وهو قسيم المذكور عند المحدّثين فقال السيّوطيّ في أرجوزته :

وَمُدْرَجُ الْمَتْنِ بِأَنْ يُلْحَقَ فِي *** أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطٍ أَوْ طَرَفِ

كَلامُ رَاوٍ مَّا بِلا فَصْلٍ ، وَذَا *** يُعْرَفُ بِالتَّفْصِيلِ فِي أُخْرَى،كَذَا

بِنَصِّ رَاوٍ أَوْ إِمَامٍ ، وَوَهَى *** عِرْفَانُهُ فِي وَسْطٍ اْوْ أَوَّلِهَا

وَمُدْرَجُ الإِسْنَادِ مَتْنَيْنِ رَوَى *** بِسَنَدٍ لِوَاحِدٍ ، أَوْ ذَا سِوَى

طَرْفٍ بِإِسْنَادٍ فَيَرْوِي الْكُلَّ بِهْ *** أَوْ بَعْضَ مَتْنٍ فِي سِوَاهُ يَشْتَبِهْ

أَوْ قَالَهُ جَمَاعَةٌ مُخْتَلِفَا *** فِي سَنَدٍ ، فَقَالَ هُمْ مُؤْتَلِفَا

وَكُلُّ ذَا مُحَرَّمٌ وَقَادِحُ *** وَعِنْدَيَ التَّفْسِيرُ قَدْ يُسَامَحُ

المأخذ الثّامن عشر : في تعريف الدّين

في المعجم (ص:307)" الدّين : الاعتقاد بالجنان والإقرار باللسان وعمل الجوارح بالأركان"

قلت : أهملوا عمل القلب واللسان وكلاهما من الدّين وأمّا الاعتقاد بالقلب فمن باب قول القلب .

قال شيخ الإسلام في " الواسطية" ومن أصول أهل السنّة والجماعة أنّ الدّين والإيمان قول وعمل قول القلب واللسان وعمل القلب واللسان والجوارح " اهـــ

المأخذ التّاسع عشر : في تعريف الرّبا

في المعجم (ص:326) " الرّبا ... في الشّرع : فضل خال عن عوض شرط لأحد المتعاقدين "

قلت : أهلموا في التعريف ربا النّسيئة – وهي البيع إلى أجل معلوم وإن كان بغير زيادة كما في نهاية ابن الأثير – وربا اليد وهي تأخير القبض .

وأحسن تعريف للرّبا – بحسب علمي – هو تعريف شيخ الإسلام زكريا الأنصاري قائلاً : "الرّبا لغة : الزيادة وشرعاً : عقد على عوض مخصوص غير معلوم التّماثل في معيار الشرَّع حالة أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما " اهــ

قال الشرقاوي : قوله " أو مع تأخير ..." والتأخير صادق بتأخير القبض وتأخير الاستحقاق فالأوّل في ربا اليد والثّاني في ربا النّسأ "اهـــ [حاشية الشرقاوي على تحفة الطلاب 2/31]

المأخذ العشرون : في تعريف الرّجم

في المعجم (ص:333) "الرجم شرعاً : قتل الزّاني رمياً بالحجارة"

قلت : ينبغي أن يُقيّد في التعريف بالمحصن وأمّا غير المحصن فلا يُقتل بالرّجم بل يُجلد ويغرّب عامّاً .

المأخذ الحادي والعشرون : في تعريف السّحر

في المعجم (ص:419) " السّحر : كلّ أمر يَخفى ويتخيّل على غير حقيقته ويجري مجرى التّمويه "

قلت : ليس كل السحر تخييل وتمويه بل ينقسم إلى قسمين عند أهل السّنّة والجماعة : تحقيقيّ وتخييلي خلافاً للقدريّة

قال أبو العبّاس القرافيّ في الفروق (4/194) : السحر له حقيقة وقد يموت المسحور أو يتغير طبعه وعادته وإن لم يباشره وقال به الشافعي وابن حنبل وقالت الحنفية إن وصل إلى بدنه كالدخان ونحوه جاز أن يؤثر وإلا فلا وقالت القدرية لا حقيقة للسحر لنا الكتاب والسنة والإجماع . اهــــ

وقال الشنقيطي في تفسيره (4/437) وَالتَّحْقِيقُ الَّذِي عَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ : أَنَّ السِّحْرَ مِنْهُ مَا هُوَ أَمْرٌ لَهُ حَقِيقَةٌ لَا مُطْلَقَ تَخْيِيلٍ لَا حَقِيقَةَ لَهُ ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْهُ مَا لَهُ حَقِيقَةٌ قَوْلُهُ تَعَالَى : "فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ" فَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شَيْءٌ مَوْجُودٌ لَهُ حَقِيقَةٌ تَكُونُ سَبَبًا لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ وَقَدْ عَبَّرَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَا الْمَوْصُولَةِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ شَيْءٌ لَهُ وُجُودٌ حَقِيقِيٌّ . وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى : "وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ" يَعْنِي السَّوَاحِرَ اللَّاتِي يَعْقِدْنَ فِي سِحْرِهِنَّ وَيَنْفُثْنَ فِي عُقَدِهِنَّ . فَلَوْلَا أَنَّ السِّحْرَ حَقِيقَةٌ لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْهُ . وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ السِّحْرَ أَنْوَاعٌ : مِنْهَا مَا هُوَ أَمْرٌ لَهُ حَقِيقَةٌ ، وَمِنْهَا مَا هُوَ تَخْيِيلٌ لَا حَقِيقَةَ لَهُ . وَبِذَلِكَ يَتَّضِحُ عَدَمُ التَّعَارُضِ بَيْنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ لَهُ حَقِيقَةً ، وَالْآيَاتُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّهُ خَيَالٌ .اهـــ

المأخذ الثّاني والعشرون : في تعريف أهل السنّة

في المعجم (ص:456) "أهل السنّة هم القائلون بخلافة أبي بكر وعمر عن استحقاق وقابلهم الشيعة"

قلت : هذا التّعريف مخالف لإطلاقي الكلمة الطيّبة عند العلماء .

قال شيخ الإسلام في " المنهاج " (2/132) : "فلفظ أهل السنة يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلا الرافضة وقد يُراد به أهل الحديث والسنة المحضة فلا يدخل فيه إلا من يثبت الصفات لله تعالى ويقول إن القرآن غير مخلوق وإن الله يرى في الآخرة ويثبت القدر وغير ذلك من الأصول المعروفة عند أهل الحديث والسنة " اهــ

المأخذ الثّالث والعشرون :استعمال كلمة "كافّة" فاعلاً مضافاً

في المعجم (ص:498) :"... اتّفق كافة النّاس"

قلت : هذا الاستعمال خطأ عند أهل العربيّة لأنّها لا تأتي في كلام العرب إلا حالاً .

قال الفيروزأبادي في القاموس(ص799) : ولا يقال جاءت الكافّة لأن لا يدخلها "أل" ووهم الجوهريّ ولا تضاف "اهــ

وقال الفيوميّ في "المصباح" (ص:736) :"وجاء الناس ( كَافَّةً ) قيل منصوب على الحال نصبا لازما لا يستعمل إلا كذلك وعليه قوله تعالى ( وما أرسلناك إلا كَافَّةً للناس ) أي إلا للناس جميعا وقال الفراء في كتاب معاني القرآن نصبت لأنها في مذهب المصدر ولذلك لم تدخل العرب فيها الألف واللام لأنها آخر لكلام مع معنى المصدر وهي في مذهب قولك قاموا معا و قاموا جميعا فلا يدخلون الألف واللام على ( معا ) و( جميعا ) إذا كانت بمعناها أيضا وقال الأزهري أيضا ( كَافّةً ) منصوب على الحال وهو مصدر على فاعلة كالعافية و العاقبة ولا يجمع"اهــ

المأخذ الرّابع والعشرون : في تعريف الصحيح

في المعجم (ص:107) "الصحيح من أحاديث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) الحديث المرفوع المتصل بنقل عدل ضابط في التحري والأداء سالما من شذوذ وعلة "

قلت : كلمة " التحرّي " زائدة في التعريف وكأنّ مراد أصحاب المعجم على "التحمّل" فسبق القلم إلى هذه الكلمة سهواً ويدلّ على ذلك كلمة الأداء وهي مقابل التّحمّل فتأمّل .

المأخذ الخامس والعشرون : في معنى الصّغيرة .

في المعجم (ص:515) "الصّغيرة : الذّنب القليل "

قلت : يقتضي تعريفهم على أنّ الصغيرة هو الذنب القليل من حيث الكميّة لأنّ القليل هو ضدّ الكثير وهذا غلط واضح والصّواب أنّ الكبيرة والصغيرة يختلفان بحسب العقوبة المرتبة عليها فكلّ ذنب لم يترتّب عليه حدّ أو لم يرد وعيد بالعذاب أو اللعنة أو الغضب أو لم ينف الإيمان لصاحبه فهو صغيرة والكبيرة عكس ذلك .

المأخذ السّادس والعشرون : في تعريف الإفراد

في المعجم (ص:679) "الإفراد ... في الفقه ألّا يجمع بين الحجّ والعمرة في الإحرام"

قلت : يدخل في التّعريف التمتّع لأنّ نُسُكَيه لا يُجمع في الإحرام .

والصّواب أنّ الإفراد هو تقديم الحجّ على العمرة فإن عكس فهو التمتّع فإن جمع النّسكين في الإحرام فهو القران .

المأخذ السّابع والعشرون : في تعريف العبادلة .

في المعجم (ص:580) " العبادلة : عبد الله بن عمر وعبد الله بن عبّاس وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن الزبير "

قلت : ذكر ابن مسعود في العبادلة ليس بصواب من حيث العرف .

قال السّيوطيّ في "شرح التقريب" (ومن الصحابة العبادلة وهم ) أربعة عبد الله ( بن عمر ) بن الخطاب ( و ) عبد الله ( بن عباس و ) عبد الله ( بن الزبير و ) عبد الله ( بن عمرو بن العاص وليس ابن مسعود منهم ) قاله أحمد بن حنبل قال البيهقي لأنه تقدم موته وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم فإذا اجتمعوا على شيء قيل هذا قول

وكذا سائر من يسمي عبد الله وهم نحو مائتين وعشرين قال أبو زرعة الرازي قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم عن مائة ألف وأربعة عشر ألفا من الصحابة ممن روى عنه وسمع منه العبادلة وقيل هم ثلاثة بإسقاط ابن الزبير وعليه اقتصر الجوهري في الصحاح وأما ما حكاه المصنف في تهذيبه عنه أنه ذكر ابن مسعود وأسقط ابن العاص فَوَهْمٌ نعم وقع للرافعي في الديات وللزمخشري في المفصل أن العبادلة ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وغلطَا في ذلك من حيث الاصطلاح"اهــ

المأخذ التّاسع والعشرون : في المسيحيّ

في المعجم (ص:868) " المسيحيّ : المنسوب إلى دين المسيح"

قلت " نسبة محدثة مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ والصّواب أن يقال فيهم "نصاري" كما هو ثابت لهم في القرآن والسنّة المطّهرة .

قال الشيخ بكر أبو زيد في "معجم المناهي اللفظية ومعه فوائد في الألفاظ" : لا يجوز إبدال اسم ( النصارى) بالمسيحيين نسبة إلى أتباع المسيح ، عليه السلام ، وهي تسمية حادثة لا وجود لها في التاريخ ، ولا استعمالات العلماء ؛ لأن النصارى بدَّلُوا دين المسيح وحرَّفوه"اهـــ

المأخذ الثّلاثون : في تعريف علم التّوحيد

في المعجم(ص:1016) "علم التّوحيد : علم الكلام"

قلت : بين العِلمَين بون شاسع فالأوّل هو العلم المنزّل من العليّ العظيم ذي الحُكم والإحكام ويتحدّث هذا العلم عن توحيد الرّبوبية والألوهية والأسماء والصّفات وتوحيد المتابعة وبعض الغيبيات .

والثّاني : هو ترّهات تولّدت من زبالة أذهان المبتدعة المقتبسة من رجز الفلاسفة رجماً بالغيب ويصدق عليه قول ابن القيّم في نونيته .

لا يَفْزَعنّك فقاقعٌ وفراقِعٌ وجعاجعٌ عَرِيت عن البرهان

الحادي والثّلاثون : الذهاب إلى معنى الجبر .

في المعجم(ص:1016) "الوحدانية ... صفة من صفات الله تعالى معناها أن يمتنع أن يشاركه شيء في ماهيته وصفات كماله وأنه منفرد بالإيجاد والتدبير العام بلا واسطة ولا معالجة ولا مؤثر سواه في أثر ما عموما"

قلت : يفهم من قولهم " ... بلا واسطة ولا معالجة ولا مؤثر سواه في أثر ما عموما" مذهب الجبر

المأخذ الثّاني والثّلاثون : في "وبعد"


في المعجم (ص:63) "وبعد : هي بمعنى أمّا بعد ، وأمّا بعد أدلّ على الفصل"



قلت : كلمة " وبعد " لم ترد في السنّة النبويّة الثابتة وليس استعمالها محلّ اتّفاق بين العلماء بل ولا يعرفها أهل اللغة الّذين عاشوا في العصور الذهبيّة والقرون المفضَّلة ومِن ثَمّ فالصَّواب سنّة ولغة هو الإتيان بــ "أمّا بعد ".


وهذا آخر القول وكان بدأ الجمع من عصر يوم العيد من شهر شوّال عام 1431 وكان الانتهاء من ليلة الثّانية من هذا الشهر ثمّ قمت في التحرير بحذف بعض المآخذ وزيادة بعض وتغيير بعض السياق إلى أحسن في

وصلى الله على نبيّنا محمّد وآله وسلّم تسليماً كثيراً مزيداً مديداً إلى يوم الدّين وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .