تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : معنى التقاييد في اصطلاح المغاربة



أهــل الحـديث
02-05-2014, 09:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



معنى التقاييد في اصطلاح المغاربة (1)
انتهى استقراؤنا لمعنى "التقييد" في اصطلاح المغاربة إلى أنه قد يرادف معنى "التأليف"، تماماً كما في قول ابن عيشون في خطبة كتابه" الروض العطر" ما نصه: " قد تحرك مني العزم الساكن لجمع تقييد أذكر فيه من وقفت على تعريفه من الأولياء الكائنين بقاعدة المغرب مدينة فاس أمنها الله من كل باس" (2)، وقول السملالي في ترجمة العربي بن إبراهيم الأدوزي: " سمَّى من مؤلفاته في تقييده نحو الثلاثين" (3)، فقد جاءت -هنا- كلمة "التقييد" بمعنى "التأليف" لا غير، وهذا كثير في كتب المتأخرين.
وقد يطلق "التقييد"على معانٍ أُخَر؛ منها:

أولاً: ما يكتبه الفقهاء في ملازم صغيرة الحجم، أو أوراق قليلة العدد؛ كالفتاوى المفردة، وإجابات السائلين، ومن ذلك تقييد ابن الخياط الزكاري في حكم ذكر السيادة عند ذكر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (4)، والنكت والفوائد، ومن ذلك قولُ المختار السوسي: وجدت في عَقدٍ مؤرخٍ بانتصاف ذي الحجة عام 1208ه****، منسوبٍ لسيدي محمد بن عبد الله ... ما نصُّه: هذا تقييد لبعض أولاد سيدي عبد الرحمن بن موسى المدفون بـ (وجان) وعَقِبِه بـ(تومانار)، و(أكلو)، و(دِرعة)، و(هشتوكة) بالاستيطان (5)، وقول العباس بن إبراهيم في ترجمة أبي بكر ابن العربي بن محمد بناني: هو صاحب التقييد المشتمِل على اثنتي عشرة ورقة من القالب الرباعي في تراجم الرجال السبعة بمراكش، وجدت بخطه ما نصه: الحمد لله وحده، هذا التقييد المبارك استعمله كاتبه عفا الله عنه في سبعة رجال نفعنا الله بهم ... جعله الله خالصاً لوجهه الكريم بمنه وفضله والسلام (6) .
ثانياً: كتب من شأنها جمع المتفرق، أو ترتيب المختلط، من ذلك مخطوط نمتلك في خزانتنا الخاصة (مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث) نسخةً أصليةً منه جاء في مطلعها ما نصُّه:" يقول العبد الضعيف المفتقر لرحمة مولاه اللطيف ... محمد بن أحمد بن مسعود البرجي الرسموكي: هذا تقييدُ نبذة من أجوبة جماعة من المتأخرين من فقهاء سوس من مغربنا الأقصى رضي الله عنهم، حسبما وجدتها مرقومة بخط الفقيه القاضي سيدي علي بن محمد بن أبي بكر الرسموكي؛ مختلطة غير مبوبة ...".

ثالثاً: كتب الشروح أو ما اختُصِر منها ؛ فمن الأول ما ذكره التنبكتي في "النيل" عن الخطيب ابن مرزوق الجد أنه قال: من شيوخي إبراهيم الصفاقسي نزيل القاهرة وأحج أئمتها... قرأت عليه أكثر تقييده على ابن الحاجب الفرعي، وتركته لم يكمله.اهـ (7)، ومنه –أيضاً- شرح إبراهيم بن سعيد الرجراجي، الملقب بالخرَّاص، المتوفى سنة 1190هـ على "تحفة الحكام في نُكَت العقود والأحكام"، لأبي بكر ابن عاصم الغرناطي، المتوفى سنة 829هـ، وفي خزانتنا الخاصة (مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث) نسخةٌ أصليةٌ -منه - جاء في مطلعها ما نصُّه:" هذا تقييد مختصر كالشرح للتحفة العاصمية، لخصت فيه ما وقع عليه الاختيار مما تضمنه شراحها، وربما أزيد من غيرها مما تتم به الفائدة ..."؛ ومن الثاني: اختصار الخراص – المتقدم الذكر- لشرح أبي عبد الله محمد بن أحمد الفاسي، المعروف بميارة، المتوفى سنة 1072 هـ على منظومة "تحفة الحكام في مسائل التداعي والأحكام"، لأبي الحسن علي بن قاسم التجيبي، المعروف بالزقاق، المتوفى سنة 912هـ، وفي خزانتنا الخاصة ( مركز نجيبويه للمخطوطات وخدمة التراث) نسخةٌ أصليةٌ -منه - جاء في مطلعها ما نصُّه: "الحمد لله ... والصلاة والسلام على سيد المرسلين ... فهذا تقييد قصدت فيه الاختصار لما وقع عليه الاختيار مما تضمنه شرح الإمام العلامة أبي عبد الله محمد بن أحمد ميارة على منظومة الإمام العلامة أبي الحسن علي بن قاسم الزقاق في أحكام القضاء؛ ليسهل تناوله على المبتدئ ..."(8).
رابعاً: ما يكتبه التلميذ (أو التلاميذ) عن الشيخ (أو الشيوخ) في مجلس (أو مجالس) الإقراء والتدريس، ومن ذلك ما جاء في قول القاضي عياض في ترجمة شيخه سفيان بن العاصي الأسدي: " سمع أبا الوليد الكناني، وبه كان اختصاصه، وعليه تقييده، ومنه استفادته" (9)، وقول أبي عبد الله محمد بن خليفة الأُبِّيّ، المتوفى سنة 828هـ : لقد كنت أقيد من زوائد إلقاء شيخ الإسلام ابن عرفة، وفوائد إبدائه الخمس التي تقرأ في مجلسه من تفسير وحديث، وثلاثة في التهذيب، نحو الورقتين كل يوم مما ليس في الكتب (10).
وبهذا المعنى جاءت تسمية كتاب "التقييد" عن أبي الحسن الزرويلي رحمه الله الذي هو موضوع دراستنا وتحقيقنا –اليوم- وقد نقل الحجوي الفاسي قولَ ابن مرزوق عنه: " ... يقال: إن الطلبة الذين كانوا يحضرون مجلسه، هم الذين كانوا يقيدون عنه ما يقوله في كل مجلس، فكلٌّ له تقييد ... فالشيخ لم يكتب شيئاً بيده'' (11).
وسيأتي الكلام عنه بتفصيل أكثر إن شاء الله.
__________
(1) هذا المبحث مستلٌ من المقدمة التحقيقية لتقييد أبي الحسن الزرويلي على تهذيب البراذعي لمسائل المدونة المختلطة.
(2) الروض العطر، لابن عيشون، ص:47.
(3) الإعلام، السملالي: 9/27.
(4) انظر: فهرسة ابن خياط الزكاري، ص: 178.
(5) المعسول، لمحمد المختار السوسي: 13/403.
(6) الإعلام، للسملالي: 1/223.
(7) نيل الابتهاج، للتنبكتي: 1/26.
(8) من فضل الله علينا أن وفقنا لتحقيق هذا الاختصار القيِّم؛ تحقيقاً نُشِر ثلثاه الأولان في العدد الثاني عشر من أعداد مجلة قطر الندى العلميّة المحكَّمة، الصادر في رمضان 1434هـ، والعدد الذي يليه الصادر في شهر الله المحرم 1435هـ.
(9) الغنية، للقاضي عياض، ص: 152.
(10) نيل الابتاج، للتنبكتي: 2/130، وأزهار الرياض، للمقري: 3/34.
(11) الفكر السامي، للحجوي الفاسي: 4/237.